حصاد زراعة ديمقراطية جورش بوش شوز والقرد الاسود بر اك حسين اوباما في العراق هلهولة لحكومة مجرمي سلطة الاحتلال وبرلمان خرسان وطرشان وعميان الاحتلال ياخونة حرامية مصيركم سوف يكون مثل مصير اي عميل اميركي وانكليزي وايراني ومصير اي نظام دكتاتوري جاء بقطار اسيادهم الامبريالين الامريكان

IRAQI REVOLUTIONARY MAOIST ORGANIZATION - IRMO المنظمة الماوية الثورية العراقية - جبهة نجوم الحمراء




الكفاح المسلح الطريق الوحيد للتحرير

الكفاح المسلح الطريق الوحيد للتحرير







2013-05-06

الامبريالية هي الراسمالية في اعلى مراحلها٤

الرفيق حسقيل قوجمان
الامبريالية هي الراسمالية في اعلى مراحلها٤


تصبح الراسمالية في مرحلتها الامبريالية عدوا لتطور قوى الانتاج ومدمرا للمجتمع كله. ويتضح هذا الدور المدمر باجلى صوره في تحويل الانتاج الراسمالي الى انتاج الاسلحة والمعدات الحربية.

عملية انتاج الاسلحة والمعدات الحربية هي عملية انتاجية شانها في ذلك شان كل السلع الاخرى المنتجة في المجتمع لانها بعمل الانسان على الطبيعة تحول جزءا منها الى مادة صالحة لاستعمال الانسان. فالسلعة المنتجة تغني الثروات الاجتماعية كما انتاج المواد الغذائية والسكنية والكسائية. ولكن السلعة الحربية تختلف في استعمالها لان استعمالها في كل الحالات هو القتل والتدمير.

قد تكون الاسلحة اداة مفيدة للبشرية او مضرة للبشرية وفقا لطبيعة الحرب الجارية في حينه. فمن المعروف ان الحرب قد تكون حربا عادلة وعندئذ يكون استعمال السلاح مفيدا للبشرية وقد تكون حربا عدوانية وحينئذ يكون استعمال الاسلحة مضرا للبشرية. ولكن صفة الاسلحة لا تختلف في الحالتين لانها في الحرب العادلة وفي الحرب العدوانية هي اداة قتل وتدمير وليست لها صفة اخرى.

تستهلك صناعة الاسلحة جزءا كبيرا من عمل الكادحين عمالا وفلاحين وفي مرحلة الراسمالية الامبريالية تستهلك صناعة الاسلحة الجزء الاكبر من عمل الكادحين. فصناعة الاسلحة في هذه المرحلة هي الصناعة الاكثر رواجا. ولكن عمل الكادحين في صناعة الاسلحة هو عمل يؤدي الى قتلهم وتدميرهم. فكانهم ينتجون ما يقتلون ويدمرون به.

ينتج الراسماليون سلعة السلاح كما ينتجون كل السلع الاخرى لغرض الحصول على الارباح، اي فائض القيمة. الراسمالي لا يميز انتاج اية سلعة الا من حيث مقدار الارباح التي يجنيها من انتاجها وبيعها. الا ان انتاج سلعة السلاح لها خواص عديدة تختلف عن سائر السلع تجعل الراسماليين يميلون الى انتاجها بدلا من انتاج السلع المدنية ان صح التعبير.

سلعة السلاح تنتج في اغلب الاحيان للحكومات سواء حكومات البلدان المنتجة للسلاح او حكومات اخرى غير الحكومات المنتجة للسلاح. فالراسمالية الامبريالية الاميركية مثلا تنتج الاسلحة لبيعها للحكومة الاميركية وللحكومات في ارجاء العالم. وسواء اانتجت الشركة الاميركية السلاح لبيعه للحكومة الاميركية ام لحكومات العالم اجمع فهدف انتاجها هو هدف واحد هو الحصول على الارباح من بيعها.

كون مشتري الاسلحة هي الحكومات المحلية او الاجنبية له صفات مفيدة للراسماليين المنتجين لها. فالحكومات اقدر من الافراد على الحصول على الاموال اللازمة لشراء الاسلحة. فمشتري السلع المدنية قد يجابهون صعوبات في الحصول على الاموال اللازمة لشراء السلع التي يحتاجونها خصوصا في الازمات الاقتصادية الدورية التي تعاني منها الدول الراسمالية. وهذه ظاهرة لا تعاني منها الحكومات عند شراء الاسلحة. فللحكومات دائما وسائلها للحصول على الاموال اللازمة لشراء الاسلحة.

الشركات المنتجة للسلع الاستهلاكية عليها ان تنفق اجزاء كبيرة من ارباحها من اجل ايصالها من مصانعها الى المستهلك الشخصي للسلعة. فعليها ان تبيع سلعها الى تجار الجملة الذين يبيعونها بدورهم لتجار المفرق حيث يستطيع المستهلك الحصول على السلعة التي يريد استعمالها. تضاف الى ذلك نفقات نقلها وتامينها والدعاية لها التي تستهلك مبالغ كبيرة تقتطع من ارباح الشركة المنتجة. في انتاج سلعة السلاح تتخلص الشركات المنتجة من معظم هذه النفقات لانها تبيع انتاجها الى الحكومات مباشرة.

في انتاج المواد الاستهلاكية لا يستطيع المنتج ان يعرف مقدار الطلب على سلعته الا حين تعرض السلعة في السوق للمستهلك. لذا يضطر المنتج ان يخطط لانتاجه على اساس الطلب على مقدار الطلب على سلعه القديمة المعروضة للبيع الى المستهلك وليس على مقدار الطلب على السلع اثناء التخطيط لانتاجها. وحين يكون الطلب كبيرا على سلعته يسرع ويزيد من انتاجه. واذا قل الطلب على سلعته او توقف اثناء الانتاج لا يستطيع المنتج تصريف وبيع سلعه نتيجة لذلك كما يحصل عادة في الازمات الاقتصادية. فالفترة الزمنية بين الانتاج والبيع يؤدي احيانا الى الخطأ في تقدير الطلب الذي سيجري على الانتاج وخصوصا في الازمات.

في الازمات الاقتصادية تتراكم السلع الاستهلاكية في المخازن ويتدهور الطلب على السلع من مصدر صناعتها. وفي هذه الحالة تتراكم السلع في مخازن الشركة المنتجة لكي تصبح قديمة او فاسدة ينبغي التخلص منها مما يكلف الشركة المنتجة خسائر كبيرة للتخلص منها.

يجري بيع الاسلحة للحكومات عادة بموجب صفقات تعقد قبل الانتاج وفي هذه الحال يعرف المنتج مقدار الطلب على سلعه قبل انتاجها. وفي حالة انخفاض الطلب على نوع من السلاح لاي سبب من الاسباب فهو لا يتراكم في مخازن الشركة المنتجة له بل يتراكم في مخازن الحكومة التي اشترته.

ثم ان صفقات شراء الاسلحة تعقد بين الحكومة التي ينتج السلاح فيها مع الحكومة التي تريد شراء السلاح. وفي جميع هذه الصفقات تفرض الحكومات البائعة شروطا قاسية ومذلة على الحكومات المشترية للسلاح. واكبر نموذج على ذلك هو الشروط التي تفرض على بلدان الخليح التي تشتري سلاحها بعشرات مليارات الدولارات من الدول الامبريالية الكبرى. فاهم شرط يفرض عليها هو شرط عدم استخدام طلقة واحدة منه ضد اسرائيل. ويشترط في بيع الاسلحة لهذه البلدان ان لا يؤدي تسليحها الى الاخلال بتفوق اسرائيل في هذا المضمار على جميع بلدان الخليج مجتمعة. وغير ذلك من شروط علنية وسرية.

وشركات انتاج الاسلحة تطور انواع اسلحتها على الدوام. والحكومات تتنافس فيما بينها على التفوق في امتلاك الاسلحة الجديدة لان كل حكومة تريد ان تكون متفوقة في التوازن العسكري مع جيرانها.والوضع في العالم اليوم يشهد انتاج طائرات حربية ودبابات وصواريخ وانواع المتفجرات جديدة في فترات قصيرة بحيث ان الاسلحة التي تشتريها الحكومات وفق صفقة ما تصبح قديمة قبل استلامها ويترتب عليها ان تشتري الانواع الجديدة في صفقات جديدة.

انتهى دور الراسمالية الايجابي بالنسبة لتطور قوى الانتاج في المرحلة الامبريالية نهائيا واصبحت معيقا وعدوا لدودا لتطور قوى الانتاج والمجتخع كله. والمجال الاوضح لهذا العداء هو ليس انتاج الاسلحة التي يقصد استخدامها في الحروب التي تشنها الدول الامبريالية باستمرار وانما في انتاج الاسلحة التي تنتج لتخزينها ومضاعفة تكديسها وتخزينها. واكبر مثل على ذلك هو انتاج القنابل الذرية والهيدروجينية. فلم تستعمل القنابل الذرية منذ تحقيق انتاجها حتى اليوم الا مرة واحدة في هيروشيما وناكازاكي لغرض البدء بما سمي الحرب الباردة. فقد استمر انتاج هذه القنابل طوال العقود المنصرمة لا لاستخدامها في ابادة البشر وتدمير المنشات التي انتجتها قوى الانتاج خلال الدهور وانما من اجل اختزان ما يكفي منها للقضاء على الحياة على الكرة الارضية مئات المرات. يستمر انتاج هذه القنابل لغرض ضمان ارباح الشركات الامبريالية المنتجة لها ومحاولة انقاذها من الازمات الدورية التي تصيب النظام الراسمالي. ان عداء الراسمالية الامبريالية لتطور قوى الانتاج يظهر باجلى صوره في اجبار ملايين قوى الانتاج على انتاج ما يعد لابادتها وابادة البشرية وحرمان البشرية من انتاج هذه القوى لما يخدم البشرية وينقذها من الموت جوعا.

لا يمكن ختام هذا الموضوع بدون الاشارة الى التطور الهائل في العلوم البشرية بحيث اصبح بمستطاع البشرية ان تغزو الفضاء. ان هذا الانجاز العلمي الهائل خلق للبشرية امكانية اكتشاف اسرار الكون الذي بقي سرا بالنسبة للمجتمع طوال مليارات السنين من وجوده على الكرة الارضية.

ولكن هذا التطور العلمي الهائل خلق لاساطين الراسمالية الامبريالية مجالا جديدا لجني الارباح الهائلة من صنع وانتاج المواد الباهظة الثمن اللازمة لتحقيق هذا الانجاز العلمي الهائل. فالشعوب تبذل الاموال اللازمة لتحقيق هذا المشروع العلمي الكبير والشركات الامبريالية هي الوحيدة التي تجني مئات المليارات من انتاجها.

اضافة الى هذه الارباج الاسطورية التي يجنيها قوارين المال الامبرياليون من انتاج معدات غزو الفضاء استغلوا هذا الانجاز العلمي لتسليح الفضاء الخارجي مما يجعل بامكان الدول الامبريالية الكبرى وخصوصا القطب الواحد الولايات المتحدة افناء الحياة على الكرة الارضية في دقائق. وواضح ان الغرض من تسليح الفضاء ليس من اجل استخدامه لغرض ابادة الحياة لان ذلك هو انتحار الراسمالية الامبريالية ضمن العملية بل الهدف الحقيقي من تسليح الفضاء هو نفس الغرض من انتاج وتكديس الاسلحة الذرية جني مئات المليارات من ارباح انتاج اسلحة الفضاء.

الامبريالية هي الراسمالية في اعلى مراحلها٣

الرفيق حسقيل قوجمان



الامبريالية هي الراسمالية في اعلى مراحلها٣

راينا في الحلقة السابقة ان احد اهم مظاهر تحول الراسمالية الى راسمالية امبريالية هو تصدير رؤوس الاموال بدلا من تصدير البضائع المصنعة في بلدانها الى اسواق العالم. وان نتائج تصدير رؤوس الاموال كتحول الدول الامبريالية الكبرى الى مستورد للبضائع الاستهلاكية ليس دليلا على ضعف الدول الامبريالية بل هو دليل على زيادة استغلالها واستعبادها للدول المستعمرة والتابعة ومضاعفة ارباحها وسيطرتها على اقتصاد هذه الدول.

والسؤال الذي يتبادر الى الذهن هو هل يعني اعتماد الدول الامبريالية على استيراد البضائع الاستهلاكية من الدول الضعيفة يدل على عجز الدول الامبريالية عن انتاج البضائع الاستهلاكية في بلدانها بحيث تضطر الى استيرادها من مستعمراتها والاقطار التابعة لها؟ على العكس من ذلك كانت هذه السياسة، سياسة تصدير الاموال وصناعة المواد الاستهلاكية في هذه البلدان سياسة مقصودة اتخذتها الدول الامبريالية من اجل زيادة ارباحها وزيادة استغلالها لهذه البلدان. وهل تدل هذه السياسة على ضعف الدول الامبريالية صناعيا؟ كلا طبعا. الحقيقة هي على العكس اصبحت الدول الامبريالية اشد تركيزا على الصناعات الثقيلة.

احدى نتائج تحول الراسمالية الى المرحلة الامبريالية هي انتهاء الانتاج الراسمالي من كل صفاته الايجابية تجاه تطور قوى الانتاج. اصبح الانتاج الراسمالي الامبريالي في المرحلة الامبيرالية عدوا وعائقا في سبيل تطور قوى الانتاج. وهذا هو ما يفسر اتجاهات الانتاج الراسمالي في هذه المرحلة.

اولا ان تصدير رؤوس الاموال لم يشمل كل ميادين الصناعة. فقد اقتصر تصدير رؤوس الاموال على صناعات انتاج المواد الاستهلاكية. فاذا تفحصنا الصناعات القائمة في البلدان المستعمرة والتابعة نجد انها لا تتضمن صناعات ثقيلة بل تقتصر على صناعات مواد استهلاكية كالملابس ومواد مثل الكاميرات والكومبيوترات والموبايلات والطابعات وغيرها مما لا يحتاج الى صناعات ثقيلة بالمعنى الحقيقي للصناعة الثقيلة. وهذه سياسة اتبعتها جميع الدول الامبريالة الكبرى بدون استثناء. هذه السياسة الاقتصادية ليست صدفة بل هي سياسة مقصودة وبالغة الاهمية بالنسبة للدول الامبريالية من اجل الابقاء على خضوع واعتماد الدول المستعمرة والتابعة صناعيا للدول الامبريالية.

ان استقلال اية دولة مستعمرة وتابعة يتطلب استقلالها صناعيا اذ ما دامت الدولة ضعيفة من ناحية الصناعة الثقيلة لا يمكنها ان تستقل اقتصاديا عن الدول الامبريالية. لذلك اقتصر تصدير رؤوس الاموال على الصناعات الخفيفة او على برامج تنجزها الدول الامبريالية في هذه الدول ولا تفسح لها مجال الاستقلال. فان الشركات الامبريالية تبني في مستعمراتها الغنية بالنفط مثلا اعظم العمارات والشوارع التي تضاهي احسن مدن الدول الامبريالية الكبرى وحتى تتفوق عليها. واعظم مثل على ذلك ما نراه في دول الخليج النفطية من اعمار يفوق ما نجده في الولايات المتحدة التي تقوم بتخطيط وبناء هذه العمارات والمنشات والطرق في هذه البلدان. ان تصدير رؤوس الاموال مقصور على الصناعات الاستهلاكية والبناء ولن تصدر الاموال في انشاء صناعات ثقيلة في هذه البلدان ولو انها قد تكون اكثر ربحا للدول الامبريالية لو فعلت.

تحتفظ الدول الامبريالية بالصناعات الثقيلة في بلدانها ولا تصدرها. ولكن دور الصناعات الثقيلة من حيث الابقاء على النظام الانتاجي الراسمالي وصيانته في الازمات الاقتصادية يختلف باختلاف الصناعات. يختلف دور هذه الصناعات خصوصا في الازمات الاقتصادية حسب مستهلكي منتجاتها.

اتخذ صناعة السيارات نموذجا لمثل هذه الصناعات. ان تسويق السيارات يجري بالطريقة التجارية العادية حيث يجب ايصال السيارة في اخر المطاف الى الشخص الذي يشتري السيارة لاستعماله الخاص او الشركة التي تريد استعمالها لاغراضها الخاصة. ان تصريف السيارات يعتمد على الطلب وهذا الطلب يصاب بالجمود او ما يقرب من الجمود اثناء الازمات الاقتصادية. ولذلك تتعرض صناعة السيارات في هذا المثال للافلاس خلال الازمات الاقتصادية. ومثل السيارات يكون دور كافة الصناعات التي ينبغي تصريفها وبيعها بعد انتاجها ويجب ايصالها الى مستهلكها الشخصي.

يختلف وضع انتاج السيارات ومثلها جميع السلع التي ينبغي قبل بيعها للمستهلك تصديرها وبيعها بدرجات متعددة كبيعها لتجار الجملة ثم لتجار المفرق في ارجاء العالم الى ان تصل الى المستهلك الاخير في حالة الازمات الاقتصادية. فالشركة الصناعية للسيارات في مثلنا تخطط انتاجها للسيارات حسب الطلب، فتزيد الانتاج عند زيادة الطلب وتخفضه عند انخفاض الطلب وهذا يصح على انتاج كافة السلع. ولكن في صناعة السيارات التي هي مثلنا في هذا الموضوع يكون ثمة فترة زمنية طويلة او قصيرة بين موعد الانتاج وموعد تلبية الطلب عليه. في هذه الحال يكون تقدير الطلب على السيارات وفقا لموعد ايصالها الى المستهلكين وهذا الموعد هو الذي يجعل بالامكان تحطيط الانتاج. وهذا التفاوت بين عملية الانتاج وموعد تحقيق البيع يؤدي الى الخطأ في تحديد الطلب. قد يكون الطلب على السيارات في مثلنا واسعا فيتطلب من الشركة زيادة انتاج السيارات لتلبية الطلب الواسع. ولكن خلال الفترة بين انتاج السيارة وبين ايصالها الى المستهلك قد يهبط الطلب وخصوصا عند بداية الازمات الاقتصادية حين يهبط الطلب هبوطا سريعا. وفي هذه الحال تبقى السيارات المنتجة في مخازن الشركة ولا تجد من يشتريها.

يختلف وضع الصناعات التي تنتج ليس للاستهلاك الشخصي بل تنتج من اجل استهلاك مؤسسات عامة. اتخذ صناعة طائرات الركاب كنموذج على مثل هذه الصناعات. ان مستهلكي طائرات الركاب ليسوا اشخاصا. انها تنتج اما للحكومات او لشركات الطيران المختصة في نقل المسافرين بالطائرات. وهذه المؤسسات تحصل على اموالها من ارباحها من عمليات السفر بحيث تكون لديها الاموال اللازمة لشراء الطائرات التي تحتاجها.

هذه البضائع التي تشتريها مؤسسات يجري فيها البيع والشراء مباشرة بين شركات انتاجها والمؤسسات التي تشتريها وتنتفي الحاجة الى مؤسسات مساعدة كما هو الحال في السلع المنتجة من اجل الاستهلاك الشخصي كتجار الجملة وتجار المفرق ونفقات ايصال البضائع الى هذه الشركات من اجل ايصالها الى المستهلك. اضف الى ذلك يجري شراء مثل هذه البضائع مقدما حسب الطلب. فشركة الطيران التي تحتاج الى عدد من الطائرات تتصل مباشرة بالشركة المنتجة من اجل شراء الطائرات التي تريد شراءها والاتفاق على موعد استلامها وهذا يعني ان الشراء يجري قبل البيع. ان مثل هذه السلع اقل من السلع المنتجة للاستعمال الشخصي تاثرا بالازمات الاقتصادية.

فمن الناحية الاولى تعلم شركة انتاج الطائرات مقدار الطلب على طائراتها وتخطط الانتاج وفقا لهذا الطلب نظرا لان الطلب يجري قبل الانتاج وليست بين الانتاج والبيع الفترة اللازمة في السلع الاخرى. ومن الناحية الثانية اذا حدث الكساد في الطلب على الطائرات فان الطائرات المنتجة لا تتراكم في مخازن الشركة المنتجة بل تتراكم لدى مستهلكيها. فالطائرات المنتجة وفقا للطلب عليها قبل صناعتها يجري تسليمها الى الشركات التي طلبت شراءها بصرف النظر عن اتساع الطلب او انخفاضه.

نرى مما تقدم ان تصدير رؤوس الاموال وانتاج المواد الاستهلاكية في المستعمرات والبلدان التابعة لا يدل على ضعف الدول الامبريالية بل يدل على قوتها. فان انتاج المواد الاستهلاكية في هذه البلدان واستيرادها يعني مضاعفة استغلال واستعباد هذه البلدان ونهب ثرواتها. وفي الازمات الاقتصادية يسهل على الدول الامبريالية تحميل هذه الدول المستعمرة والتابعة اعباء الازمة الاقتصادية وتخفيف اعباء الازمات الاقتصادية عن نفسها.

في مرحلة الراسمالية الامبريالية انتهى دور الراسمالية الايجابي تجاه تطور قوى الانتاج واصبح دورها معيقا ومعاديا لتطور قوى الانتاح والمجتمع الراسمالي كله. وهذا الدور السلبي المعيق لتطور قوى الانتاج والمعادي لتطور قوى الانتاج والمجتمع كله يبدو باوضح صوره في انتاج الاسلحة والانتاج الحربي وفي عصرنا بانتاج ادوات غزو وتسليح الفضاء. ويبدو لي ان بحث هذا الدور السلبي تجاه تطور قوى الانتاج والمدمر للمجتمع ينبغي بحثه في حلقة قادمة.

الامبريالية هي الراسمالية في اعلى مراحلها٢

الرفيق حسقيل قوجمان
الامبريالية هي الراسمالية في اعلى مراحلها٢


ادى تطور الراسمالية في مرحلة الثورة الصناعية الى اتساع دور الراسمالية المالية المتمثلة بالمصارف والبنوك على حساب الراسمالية الصناعية. وقد نشأت ظروف تسمح للراسماليين الماليين ان يوسعوا سلطاتهم في الشركات الصناعية بحيث تصبح اغلبية اعضاء مجالس ادارة الشركات الصناعية للراسماليين الماليين. وفي نهاية القرن التاسع عشر او بداية القرن العشرين اصبحت الراسمالية المالية هي القطاع المتسلط على الانتاج الراسمالي بدلا من سيطرة الراسماليين الصناعيين.

وشاهدت هذه الفترة اكتمال اقتسام العالم الى مستعمرات للدول الراسمالية الكبرى. واصبحت بريطانيا العظمى الدولة التي لا تغيب الشمس عن علمها بمعنى ان مستعمراتها اصبحت تمتد الى ارجاء العالم.

اهم ظاهرة في تطور الراسمالية في هذه الفترة هي تحول سيطرة الراسمالية الصناعية على الراسمالية التجارية والملاكية والمالية الى سيطرة الراسمالية المالية على الراسمالية الصناعية والتجارية والملاكية في الانتاج الراسمالي. فكما كانت الراسمالية الصناعية في فترة الثورة الصناعية مسيطرة على جميع القطاعات الراسمالية بينما كانت الراسمالية التجارية والملاكية والمالية تعتمد في نشاطها على الراسمالية الصناعية اصبحت في هذه الفترة الراسمالية المالية هي المسيطرة على جميع قطاعات الراسمالية واصبحت الراسمالية الصناعية والتجارية والملاكية تعتمد في نشاطها على الراسمالية المالية. وهذا يعني نشوء مرحلة جديدة في تطور النظام الراسمالي هي المرحلة الامبريالية.

كما نشأت في الثورة الصناعية ضرورة ظهور شخص ككارل ماركس نشأت في المرحلة الامبريالية ضرورة نشوء شخص كلينين يقوم بدراسة راسمالية هذه الفترة وتحليلها وتوعية الطبقة العاملة وقياداتها في ظروف المرحلة الامبريالية الجديدة.

كتب لينين كتابه الرائع في شرح المرحلة الامبريالية "الامبريالية اعلى مراحل الراسمالية". واول ما نحتاج الى تفسيره هو لماذا قرر لينين في كتابه ان الامبريالية هي اعلى مراحل الراسمالية؟ قرر لينين ان الامبريالية هي اعلى مراحل الراسمالية لان الراسمالية تتألف من ثلاثة قطاعات هي القطاع التجاري والقطاع الصناعي والقطاع المالي.

في البداية كانت الراسمالية التجارية هي القطاع السائد في نشوء الانتاج الراسمالي في عهد المانيفكتورا. وفي فترة الثورة الصناعية اصبح قطاع الراسمالية الصناعية هو القطاع المسيطر حين اصبحت الراسمالية التجارية والراسمالية المالية تعتمد في عملها وارباحها على الراسمالية الصناعية. وفي المرحلة الامبريالية اصبحت الراسمالية المالية هي السائدة واصبحت الراسمالية التجارية والراسمالية الصناعية تعتمد في نشاطها وارباحها على نشاط الراسمالية المالية. الراسمالية المالية هي القطاع الاعلى في قطاعات الراسمالية ولم يعد ثمة قطاع اخر اعلى من القطاع المالي تتطور اليه الراسمالية بعد القطاع المالي. لذلك قرر لينين ان الامبريالية هي اعلى مراحل الراسمالية واخر مراحلها. وما زال العالم الراسمالي يعيش هذه المرحلة.

احد معالم المرحلة الامبريالية للراسمالية هو اكتمال استعمار العالم من قبل الدول الامبريالية الكبرى. لكن تطور الدول تطور متفاوت بحيث ان الدول الاقل تطورا تصبح اكثر تطورا ويؤدي تطورها الى حاجتها الى مستعمرات لجعلها اسواقا لسلعها ومصدر مواد خام لصناعاتها. وليس امامها طريق للحصول على مستعمرات اضافية الا عن طريق اغتصابها من الدول التي تمتلكها. والوسيلة الاهم لاغتصاب المستعمرات من الدول التي تمتلكها هي الحرب ولذلك اصبحت الحرب العالمية من صفات المرحلة الامبريالية اي اصبحت الحروب العالمية حتمية في المرحلة الامبريالية. وهذا ما اكتشفه لينين عند تحليل المرحلة الامبريالية واثبت التاريخ صحة ما توصل اليه لينين في حربين عالميتين واضحتين وحرب عالمية ثالثة غير واضحة المعالم لانها اعلنت كحربا عالمية على الارهاب من قبل الولايات المتحدة فلم تصبح بعد حربا كالحروب المالوفة بين قوات كبرى مسلحة وبقيت حتى اليوم حربا من قبل الولايات المتحدة ضد دول ضعيفة او حركات مقاومة للاستعمار الاميركي او الاستعمار عموما. نماذج على ذلك الحرب ضد افغانستان والعراق وباكستان وغيرها ما زالت مستعرة منذ اكثر من عشر سنوات. وما زالت حتمية الحرب العالمية بشكلها التقليدي قائمة.

واهم ظاهرة اقتصادية للامبريالية هي سيطرة الراسمالية المالية على الانتاج الراسمالي. واهم ما في هذه الظاهرة هو تصدير رؤوس الاموال بدلا من السلع الصناعية. يعني تصدير رؤوس الاموال ان الدولة الامبريالية بدلا من ان تصدر صناعتها المنتجة في بلادها تصدر راسمالا تستخدمه في المستعمرات او الدول الخاضعة لسلطتها.

احد اشكال تصدير راس المال هي القيام بانشاء صناعات في البلدان المستعمرة والتابعة بالراسمال المصدر لانتاج السلع المناسبة في هذه البلدان حيث تتوفر المواد الاولية للانتاج باسعار منخفضة. وهذا يوفر على الدولة الامبريالية تكاليف نقل هذه المواد الى بلدها لانتاج نفس السلع. ويستخدم الراسمال المصدر عمال هذه الدول التابعة باجور لا تقاس بالاجور التي يشترون بها قوة عمل العمال في بلادهم. ويستغل الراسمال المصدر عدم وجود قوانين لصالح العمال كما هو الحال في بلدانهم كتحديد ساعات يوم العمل فيستخدمون العمال ما قد يصل الى خمس عشرة ساعة في اليوم. وغير ذلك من الحقوق التي اكتسبتها الطبقة العاملة في بلدانهم ولم تحصل عليها الطبقة العاملة في البلدان المستعمرة والتابعة كاستخدام الاطفال والنساء باجور تافهة لعدم وجود قيود تحمي الاطفال والنساء فيها.

نتيجة لتصدير رؤوس الاموال بهذه الطريقة تصبح الدولة الامبريالية المصدرة للراسمال دولة مستوردة للسلع التي تنتجها بهذه الطريقة في مستعمراتها. تصبح الدولة الامبريالية كانها اصبحت عاجزة عن انتاج السلع الاستهلاكية في بلادها وتضطر الى استيرادها من دول اقل منها تطورا.

وهذا ما يفسر ما جاء في رسالة القارئ في قوله "قلب الصورة بحيث تبدو بلدانا ككوريا أو أندونيسيا أو الصين أو ساحل العاج وغيرهم بلدانا رأسمالية" والحقيقة هي ان تصدير الراسمال لا يدل على عجز الدول الامبريالية عن انتاج سلعها الاستهلاكية في بلدانها بل هي ان تصدير الراسمال جعل بامكان الدول الامبريالية ان تضاعف ارباحها من انتاج هذه السلع الاستهلاكية واستيرادها من هذه الدول التي تقوم الدولة الامبريالية بمضاعفة استغلالها لها وبالرغم مما يسببه تصدير الراسمال بهذه الطريقة من زيادة البطالة في البلدان الامبريالية.

كذلك مكن تصدير رؤوس الاموال فرض سيطرة الدول الامبريالية على مستعمراتها والبلدان التابعة بصورة اخرى. تستخدم الدول الامبريالية سياسة منح القروض للدول الاخرى كوسيلة للسيطرة عليها واستعمارها حتى بدون الحاجة الى احتلالها عسكريا.

العالم اليوم يعيش هذه الظاهرة بابشع صورها حين تقوم البنوك الدولية الكبرى في منح القروض للدول التي تحتاج القروض لادارة شؤونها خلال الازمة الاقتصادية المالية التي تسود العالم الراسمالي. نشاهد هذه الدول الكبرى تحمل الدول الصغرى اعباء ازمتها الحادة. لا تقتصر هذه السياسة على الدول المستعمرة والتابعة بل تشمل الدول الراسمالية الحليفة. نشاهد الشروط المعجزة التي تفرضها هذه البنوك الكبرى على حليفاتها لقاء منحها القروض. اوضح مثل على هذا ما يجري في الدول المنتمية الى الاتحاد الاوروبي كاليونان واسبانيا ودول اخرى صغيرة من الاتحاد الاوروبي.

فاذا اخذنا اليونان نموذجا فانها تعاني ازمة اقتصادية هائلة وهي معرضة للافلاس ما لم تحصل على القرض. ويعيش الشعب اليوناني الكادح حياة البؤس والشقاء حين تعيش نسبة كبيرة منه تحت خط الفقر. واول شروط منح القرض هي شرط فرض سياسة التقشف. وسياسة التقشف تعني فرض ضرائب اخرى على الشعب الكادح اضافة الى الضرائب التي يعانون منها الامرين. وفرض سياسة الخصخصة التي تعني افساح المجال للشركات الامبريالية للاستيلاء على المشاريع التي ما زالت الدولة تمتلكها وتديرها. والشروط الاخرى التي تجعل البنك الدولي الادارة الحقيقية للاقتصاد اليوناني. وحتى اذا تحقق في النهاية منح القرض فانه لن ينقذ اليونان من مشاكلها الاقتصادية بل يعمقها ويزيدها خطورة. في الحقيقة ان منح القروض للدول التابعة والحليفة يعني الاستيلاء على اقتصاد هذه الدول وتحويل عبء ازمة الدول الامبريالية الكبرى على هذه الدول الصغرى.

ومثل اليونان هو مثال لدولة راسمالية عريقة وعضوة في الاتحاد الاوروبي والوضع اقسى وامر في الدول المسماة دول العالم الثالث.

ان تصدير رؤوس الاموال بكل اشكاله هو مضاعفة استغلال كادحي البلدان التابعة ومضاعفة نهب ثرواتها وتعميق استعمارها واستعبادها رغم استقلالها الشكلي.

ان تصدير رؤوس الاموال الذي يبدو كان الدولة الامبريالية الكبرى اصبحت ضعيفة تعتمد في الحصول على بضائعها الاستهلاكية على هذه الدول هو على العكس من ذلك يدل على زيادة ارباح الدولة الامبريالية عن طريق انتاج هذه البضائع الاستهلاكية في البلدان المستعمرة والتابعة وزيادة السيطرة على اقتصاد وسياسات هذه البلدان.

الامبريالية هي الراسمالية في اعلى مراحلها١

الرفيق حسقيل قوجمان
ارسل لي قارئ عزيز رسالة طويلة اقتبس منها عبارة واحدة مع حذف مقاطع منها لا علاقة لها بصلب الموضوع وضعت في مكانها ثلاث نقاط. ادناه ملخص طلب القارئ الذي يبتغي نقاشه:


"ارى ضرورة للتوسع في المرحلة الراهنة للرأسمالية كراسمالية إمبريالية يحاول البعض ... قلب الصورة بحيث تبدو بلدانا ككوريا أو أندونيسيا أو الصين أو ساحل العاج وغيرهم بلدانا رأسمالية على نقيض بلدان المركز بل ومسيطرة على البلدان الامبريالية ..."

نشأت علاقات الانتاج الراسمالية داخل النظام الاقطاعي وفي احضانه حين ظهر اسلوب انتاج غير مألوف في الانتاج الاقطاعي. كانت الصناعات الحرفية هي السائدة والمتفقة مع النظام الاقطاعي. ولكن تطور قوى الانتاج اظهر علاقات انتاج راسمالية جديدة غير مألوفة وغير مقبولة من قبل صناعات الاصناف الحرفية.

كانت للاصناف الحرفية قواعد او قوانين ينبغي اتباعها قبل ان يصبح الصانع الحرفي حرفيا معترفا به. يبدا المتعلم تعلم الصنعة منذ طفولته حين يعمل لدى الصناعي الحرفي من اجل تعلم الصنعة. يعمل الاطفال في هذه الفترة عملا شاقا لا يليق بطفولتهم وكانوا يسمون في العراق "الصناع" وهي كلمة شبيهة بمعناها بالخدم وكانت تستعمل للخدم لدى العوائل الغنية. يكون الطفل صانع خياط او صانع حداد او صانع صفار وغير ذلك من الصناعات القائمة.

بعد سنوات من هذا العمل الشاق يصبح الصانع "خلفة" ويعمل مساعدا للحرفي عددا اخر من السنين الى حين الاعتراف به كحرفي ويسمى في العراق "الاسطة". ويحق له اذا توفرت لديه القدرة المالية لكي يصبح حرفيا مستقلا، خياطا، حدادا، صفارا، نجارا، الخ...

كان نظام الاصناف سائدا في اوروبا الاقطاعية وما زال واضحا في البلدان المستعمرة وشبه المستعمرة. ورايت ذلك واضحا بابشع صوره في كينيا عند زيارتي لها ورايت الحياة الشاقة البائسة التي يعيشها اطفال كينيا في صناعة التماثيل الخشبية التي تدر ارباحا طائلة للصناع ببيعها للسواح ولا يكسب الطفل من صنعها ما يسد رمقه.

في هذا المجتمع الاقطاعي نشأ شكل اخر من الانتاج. رجل لا حرفة له ولا تدريب صناعي تعترف به الاصناف كصاحب اية حرفة لديه مبلغ من النقود يشتري به بعض المواد اللازمة للنسيج يقدمها لعائلة فلاحية تمتلك ادوات انتاجية بدائية للنسيج ويطلب منها نسج هذه المواد التي يقدمها لها لقاء اجور. ليس في هذه العملية اية خطوة متفقة مع قواعد وقوانين صناعة الاصناف.

يأخذ الرجل هذا النسيج الذي انتجته له العوائل الفلاحية العديدة ويبيعه رغم انه لم يساهم في انتاجه ليحصل على شيء من الربح من بيعه. ليس هذا تاجر بالمعنى السائد سابقا رجلا يشتري كمية كبيرة من السلع ليبيعها بالمفرق ويكسب من فرق سعرها بل هو شخص كلف غيره في انتاج سلع لقاء اجور لكي يبيعها ويربح من بيعها. في هذه العملية حول هذا الانسان نقوده الى راسمال. حولها الى نقود تشتري قوة عمل العائلة الفلاحية ليستخدمها في عمل النسيج الذي تنتجه من اجل تحقيق ارباحه عن طريق بيعها. اصبح هذا الشخص راسماليا لانه حول نقوده الى راسمال. لم يبدأ هذا الشخص اعماله بالعمل على صنع سلعة عن طريق عمله الحرفي بل بدأ بالنقود يشتري بها المواد الصالحة للانتاج الذي يكلف غيره بنسجه ثم بيع الناتج لكسب ارباحه. اصبح الانتاج يبدأ بالنقود ليحولها الى سلعة ثم يعيد تحويلها الى نقود ويعبر عن ذلك بمصطلح ن س ن. وليس لهذا اي معنى لو ان النقود الاولى التي يوظفها الراسمالي تساوي النقود التالية التي يحصل عليها لان الراسمالي لا يحصل على ما يفيده من هذه العملية. ان هذه المعادلة تعني ان الراسمالي يحصل من نتيجة العملية على نقود تزيد عن النقود التي بدأ بها عمله. وتعريف الراسمال هو نقود تولد نقودا. كانت هذه المرحلة من مراحل تطور الراسمالية فترة المانيفكتورا.

كان هذا النوع من الصناعة يختلف كل الاختلاف عن الصناعة الحرفية المتمثلة بالاصناف. لذا كانت مقاومة صناعة الاصناف لهذا النوع من الصناعة مقاومة شديدة باعتبارها خرقا لقوانين الحرف الصناعية ولقواعدها وعدم مرور الراسمالي في فترات التدرب على الصنعة ولا الاشتراك فعلا في عملية الصناعة ذاتها.

كان تطور قوى الانتاج في صالح تطور المانيفكتورا فتطورت رغم مقاومة الصناعات الحرفية التقليدية. وكان النظام الاقطاعي هو الاخر مقاوما ومعيقا للمانيفكتورا. كان التاجر الراسمالي يحتاج الى نقل بضائعه من مكان انتاجها الى اماكن اخرى يكون فيها طلب على بضائعه. ولكن وجود النظام الاقطاعي يخلق الصعوبات في وجه تجار المانيفكتورا اذ كان التاجر عند اجتياز كل اقطاعية يضطر الى دفع ضريبة عن امرار بضائعه مما يقلل ارباحه.

ادى تطور قوى الانتاج وتطور علاقات الانتاج الراسمالية الى الثورة على النظام الاقطاعي وتحطيمه وتحويل المجتمع كله الى مجتمع راسمالي. كان شعار تجارة المانيفكتورا واضحا في الثورة الفرنسية، شعار دعه يعمل دعه يمر. دعه يعمل بدون الخضوع لقواعد وقوانين صناعة الاصناف ودعه يمر من بلد الى اخر بدون ان يدفع الضرائب في كل اقطاعية.

ادى القضاء على علاقات الانتاج الاقطاعية كسلطة حاكمة الى خلق الظروف الملائمة لتطور قوى الانتاج بحرية واكتشف الانسان البخار كمصدر للطاقة ونشأت الالات البخارية كالقطار ومصانع النسيج وما رافق ذلك من تهجير الفلاحين وتحويل الاراضي الزراعية الى مراع للاغنام للحصول على صوفها الضروري للانتاج لصناعة النسيج مع كل المآسي التي عاناها الفلاحون في بلد صناعة النسيج الحديثة انكلترا مما سمي بفترة التسييج وطرد الفلاحين من اراضيهم بالقوة.

كان نشوء المانيفكتورا كشكل تجاري للانتاج الراسمالي البدائي حتميا لعدم وجود ادوات انتاج واسعة الانتاج بل كانت ادوات الانتاج بدائية يعمل بها الفلاحون اضافة الى عملهم الزراعي. ولذلك كانت هذه المرحلة البدائية من الراسمالية راسمالية تجارية. ويعني مصطلح الراسمالية التجارية ان الراسمالي هو تاجر وليس انسانا صناعيا. كانت الراسمالية التجارية في هذه المرحلة هي الراسمالية السائدة بالضرورة.

في فترة المانيفكتورا لم يصبح الفلاح العامل من اجل التاجر عاملا بالمعنى العلمي لكلمة عامل. كذلك لم يصبح الحرفي الذي يشتري التاجر انتاجه الحرفي عاملا بهذا المعنى. فالفلاح بقي فلاحا يعمل جزءا من وقته كعامل وكذلك الحرفي يبقى حرفيا رغم انه يعمل جزئيا من اجل الراسمالي التاجر.

ادى نشوء المعامل الصناعية الى خلق طبقة عاملة حقيقية تتالف من عمال لا يملكون سوى قوة عملهم سلعة يبيعونها من اجل الحصول على ما يبقيهم على قيد الحياة. كما ادى نشوء الصناعة الراسمالية الى تحول الراسمالية الصناعية الى المرتبة المسيطرة على الانتاج الراسمالي. وهذا يعني ان الراسمالي التاجر اصبح يعتمد في تجارته على الانتاج الراسمالي الصناعي ولم يعد يعتمد في تجارته على الانتاج المانيفكتوري.

كذلك كانت الراسمالية المالية المتمثلة بالبنوك تعتمد في ارباحها على توفير القروض للشركات الصناعية. كانت هذه الفترة فترة ما سمي الثورة الصناعية.

في الثورة الصناعية نشأت طبقة عاملة متميزة عن سائر الفئات الاجتماعية وتوسعت حيث يعمل مئات والاف العمال في مصنع واحد ويقاسون صعوبات العمل المفروض عليهم من قبل اصحاب المصانع باستخدامهم ست عشرة ساعة في اليوم او اكثر. في هذه الفترة نشات ضرورة نشوء نظرية الطبقة العاملة وكان ماركس ملبيا لهذه الضرورة.

في هذه الفترة نشات حركات ثورية غير واعية ضد الظروف القاسية بحيث ظن العمال ان الماكنة هي السبب في شقائهم فكانوا يحطمون المكائن من اجل التخلص من ظروفهم القاسية. ولكن النظرية الماركسية نبهتهم الى عدوهم الحقيقي.

كان الانتاج في الفترة الصناعية يعتمد على الانتاج المحلي. ينتج الراسماليون الصناعيون سلعهم في بلادهم لبيعه في ارجاء العالم واصبح اغتصاب الاسواق العالمية لجعلها اسواقا خاصة بالبلد المعين واستخدام المستعمرة كمصدر للمواد الاولية التي تحتاجها الصناعات المحلية.

نشأت في فترة الثورة الصناعية ظاهرة التسابق والتنافس في الاستيلاء على المستعمرات في ارجاء العالم لتحويل المستعمرات الى سوق لتسويق صناعاتهم والى مصدر للمواد الخام اللازمة للصناعة ومصدر لمواد كالتوابل غير المتوفرة في بلدانهم.

انتشترت في فترة الثورة الصناعية القرصنة الرسمية للنهب والسلب بحيث اعتبر القراصنة ابطالا قوميين يستقبلهم الملوك ويمنحونهم القاب الشرف.

انتشرت في هذه الفترة اعمال الابادة الجماعية لشعوب وحضارات شملت بقاعا واسعة من العالم، استراليا، نيوزيلاندا، القارة الاميركية.

اصبحت في هذه الفترة افريقيا ليس فقط كمصدر هائل للثروات كالذهب والالماس وانما اصبحت قفصا لاصطياد الشباب وبيعهم في سوق النخاسة كعبيد كالشعوب الافريقية في اميركا.

كانت هذه الفترة، فترة الثورة الصناعية، من تاريخ النظام الراسمالي هي الفترة التي درسها وحللها كارل ماركس في حياته. وتميزت هذه الفترة بسيادة الراسمالية الصناعية على سائر القطاعات الراسمالية، الراسمالية التجارية والراسمالية المالية وراسمالية الملاكين.

الامبريالية هي الراسمالية في اعلى مراحلها٥

الرفيق حسقيل قوجمان

احد المواضيع التي يشير اليها البعض للبرهنة على انهيار الامبريالية او زوالها او ضعفها وحتى تحولها الى مستعمرة هو كون الدولة الامبريالية الكبرى، دولة القطب الواحد، الولايات المتحدة الاميركية، هي اكبر دولة مدينة في العالم بحيث بلغت ديونها ١٤ تريليون دولار وهي على شفا الافلاس. يبدو لي ان هؤلاء يخلطون بين الدولة والطبقة.


ان الدولة في المجتمع الطبقي هي اداة تملكها الطبقة الحاكمة تخدم مصالحها وتصونها ضد الطبقات الكادحة وضد شعوبها عموما. لذا فان الدولة حين تصبح الطبقة الحاكمة هي الطبقة الراسمالية بصرف النظر عن المرحلة التي تمر بها الراسمالية في تطورها سواء أكانت في مرحلتها الاولى مرحلة الراسمالية التجارية ام مرحلة الراسمالية الصناعية ام المرحلة الامبريالية، فهي لن تكون سوى اداة تخدم مصالح الطبقة الراسمالية كلها وهي مصالح صيانة ارباح الطبقة الراسمالية وزيادتها الى اقصى حد تستطيعه. لذلك لا تقاس قوة او ضعف الدولة الراسمالية بمقدار ملكيتها او اوضاعها المالية وانما تقاس بمقدار تحقيق مهمتها الرئيسية هذه، مهمة صيانة وزيادة وضمان ارباح الطبقة الراسمالية. . ان غنى او فقر الدولة الراسمالية لا يقاس بغنى او فقر ميزانيتها وانما يقاس بغنى او فقر طبقتها الراسمالية. واذا راجعنا تاريخ تطور الراسمالية الاميركية بكل مراحله نرى انه يبين هذه الحقيقة. فالتعبير عن تطور الراسمالية يجري عن طريق تطور شركاتها وتطور نسب ارباحها وعن ملكيات اصحاب شركاتها وغير ذلك وليس عن طريق زيادة او نقصان ميزانية الحكومة لان تطور ميزانيات الحكومة مرتبط ارتباطا وثيقا بتطور الشركات وزيادة الضرائب المفروضة على الشركات وعلى الشعب عموما.

يمر النظام الراسمالي، امبرياليا كان ام غير امبريالي، في اقسى ازمة في تاريخ النظام الراسمالي فاقت في قساوتها وشدتها ازمة الثلاثينات من القرن العشرين. ومع ذلك نجد الاخبار الاقتصادية تتابع مئات مليارات التي يجري التعامل بها في كازينوات القمار في مونت كارلو واشباهها وفي بورصات الاوراق النقدية والاسهم والسلع الوهمية التي لا وجود ولا تبادل لها. واشارت اخبار تطور اصحاب المليارات الى نشوء اول صاحب مائة مليار دولار في الولايات المتحدة هو صاحب شركة ميكروسوفت.

احدى نتائج الازمة الاقتصادية والمالية الحالية ان تعرضت حتى المصارف العالمية الى الافلاس فقامت الحكومة الاميركية حامية الراسمالية الاميركية بتقديم سبعمائة مليار دولار لانقاذ مصارفها الكبرى من الافلاس فتحولت هذه المنحة الى مضاعفة ارباح اصحاب هذه المصارف.

توجد الان حركة سياسية في الولايات المتحدة اسمها حركة التسعة وتسعين بالمائة. ويعني هذا الاسم انها حركة تسعة وتسعين بالمائة من الشعب الاميركي الذين لا يمتلكون شيئا ضد الواحد بالمائة الذين يمتلكون كل شيء. قد تكون هذه النسبة مبالغا بها ولكنها مع ذلك تبين شعور منظميها وعن الحالة الماساوية التي يعيشها الشعب الاميركي في ظروف اقسى ازمة اقتصادية ومالية في تاريخ النظام الراسمالي.

نرى تراكم الاف مليارات الدولارات لدى فئة صغيرة من قوارين المال يتسابقون في المقامرة والمنافسة بها في شتى انواع البورصات سعيا وراء الحصول على الارباح الوهمية لا تتجاوز انتقال هذه المليارات من حساب احدهم في البنوك الى حساب اخر في نفس البنوك.

نشاهد المؤتمرات المتكررة للدول الامبريالية الكبرى الثمانية التي تعقد من اجل البحث عن وسائل انقاذها من هذه الازمة الخانقة او مؤتمرات العشرين باشتراك عدد من الدول الغنية الخاضعة لسلطاتهم. وتتخذ هذه المؤتمرات قرارات تزعم بانها تهدف الى تخفيض الفقر والجوع السائد في العالم ويعينون موعدا للقضاء على نصف الفقر او ثلثه في حين يتضاعف الفقر وموت الملايين جوعا بسبب نهبهم لثروات الشعوب.

نقرأ كل يوم الاحصاءات الرسمية عن النسب المئوية من الشعوب التي تعيش تحت مستوى الفقر حيث تبلغ النسبة في دولة القطب الواحد حسب احصاءاتهم الرسمية اربعين بالمائة.

ونقرأ عن عظم المآسي التي يعاني منها الشعب الاميركي نتيجة لهذه الازمة الخانقة. فقد سمعنا عن ملايين العائلات التي فقدت بيوتها لانها عجزت عن تسديد اقساط القروض التي اقترضتها من البنوك من اجل شرائها. وعن تفاقم البطالة ونقص الخدمات الصحية والثقافية وغيرها جراء سياسة التقشف التي تفرضها الحكومة على فقراء الشعب. هذا في اغنى بلد في العالم فكيف الوضع في مستعمرات افريقيا واسيا؟

ونحن نسمع عن سياسات التقشف التي تفرضها البنوك العالمية مثلا على اليونان واسبانيا وهولندا وايرلندا من اجل منحها بعض القروض وهذه دول راسمالية منتمية الى الاتحاد الاوروبي.

هذا عرض موجز سريع يعبر عن السيطرة الهائلة التي يفرضها الراسمال المالي على شعوبه وشعوب العالم كله يبين تراكم النقود والملكية في ايدي اقلية ضئيلة من سكان الدول الامبريالية مقارنة بفقر وعوز وجوع شعوبها وشعوب العالم. هناك من يشتري لوحة زيتية بعشرات الملايين من الدولارات وقد يكون الفنان الذي رسمها لم يحصل عن طريق بيعها ثمن وجبة طعام بينما يحتاج الفقراء الى البحث في القمامة عما ياكلون.

ان مقياس غنى او فقر الدول اذن يقاس بملكيات الطبقة الحاكمة التي هي الطبقة الراسمالية بقيادة الراسمالية المالية الامبريالية. وبهذا المقياس لا حقيقة لضعف وفقر الولايات المتحدة واعتمادها على دول راسمالية ضعيفة مثل كوريا وسنغافورة والفيليبين ودول افريقيا وان اعتماد الدول الامبريالية على استهلاك منتجات مستعمراتها والاقطار التابعة لا يدل على فقرها وانما يدل على مضاعفة الراسمال المالي ارباحه على حساب شعوب هذه البلدان. وبهذا المقياس ما زالت الامبريالية الاميركية في اقصى سلطاتها وعنفوانها وغناها وسيطرتها على العالم باعتبارها القطب الامبريالي الواحد في الكرة الارضية.

يستند من يعتبر ان الولايات المتحدة اصبحت ضعيفة وحتى مستعمرة للصين وان الامبريالية زالت من العالم او ان الراسمالية انهارت ولم يعد لها وجود الى كون دولة الولايات المتحدة هي اكبر دولة مدينة في العالم وفي التاريخ. وواقع كون الولايات المتحدة هي اكبر دولة مدينة في العالم حقيقة اذ بلغت قروضها ١٤ تريليون دولار وهو مبلغ خيالي. ولكن هل هذا دليل على ضعف الولايات المتحدة ودليل على افلاسها وعلى زوالها كاكبر دولة امبريالية في التاريخ؟

ماذا يعني ان الولايات المتحدة مدينة بهذا الملبغ الخيالي؟ يعني ان الولايات المتحدة تنفق او تبذر اموال القرض على حساب اجيالها القادمة. فالجيل الجديد من الشعب الاميركي حال خروجه من ارحام امهاته يولد مدينا بهذا المبلغ وعليه ان يكدح طوال حياته لكي يسدد جزءا منه او من الفوائد المترتبة عليه الى قوارين المال الذين قدموا القروض.

ولماذا هي مدينة بمثل هذا المبلغ الهائل الخيالي؟ تحتاج دولة القطب الواحد الى القروض لانها تنفق اكثر من ميزانياتها التي تحصل عليها من الضرائب المباشرة وغير المباشرة ومن ارباح مشاريعها الراسمالية اذا وجدت.

ولماذا تنفق اكثر من ميزانياتها وارباحها؟ هذا السؤال هو السؤال الجوهري الذي ينبغي الاجابة عليه اجابة مفصلة وهو ما لا يمكن تحقيقه في مقال كهذا ولكني احاول ان اجيب عليه بايجاز شديد لاعطاء القارئ فكرة لما يجبر الحكومة على انفاق ما يزيد على ميزانياتها وارباحها فتحتاج الى الاقتراض في سبيل ذلك. واقتصر في هذا الموضوع على الولايات المتحدة.

الدولة في النظام الراسمالي ملك تام للطبقة الراسمالية كما هو الحال في كل دولة. فالدولة لا وجود لها في مجتمع لاطبقي وهي في جميع المجتمعات الطبقية ملك تام للطبقة الحاكمة. والدولة على هذا الاساس في الولايات المتحدة الامبريالية هي ملك تام للطبقة الراسمالية الاميركية بكافة فئاتها التجارية والصناعية والمالية بقيادة الراسمالية المالية لانها دولة امبريالية.

احد اهم الاسباب التي تجبر الولايات المتحدة على انفاق مبالغ خيالية هو كونها دولة امبريالية تسعمر دولا اخرى. فالولايات المتحدة الاميركية لها قواعد عسكرية ثابتة فيما يقرب من مائة واربعين دولة وهي تعمل على بناء قواعد عسكرية فيما تبقى من دول العالم. ففي الدول الامبريالية الاخرى عدا روسيا تحتفظ الولايات المتحدة على قواعد عسكرية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ولا اتحدث هنا عن النفوذ السياسي والاقتصادي المرافق لهذه القواعد العسكرية وانما اكتفي بنفقات اقامة وادامة وتاهيل وتسليح هذه القواعد العسكرية. فقد سمعنا مؤخرا عن ميزانية الولايات المتحدة العسكرية لسنة ٢۰١٣ بما يقرب من سبعمائة مليار دولار. لا اعلم ان كانت هذه الميزانية تتضمن نفقات ادامة هذه القواعد العسكرية اذ ان ادامتها قد تنفقها الدول المبتلاة بهذه القواعد. وعلى اية حال يترتب على الولايات المتحدة ان تنفق مبالغ هائلة لادامة هذه القواعد. وفي كل الاحوال تشتري الولايات المتحدة المواد اللازمة لادامة هذه القواعد العسكرية من شركاتها الامبريالية. وطبيعي ان هذا الانفاق من شانه ان يخفف ازمات شركاتها الاقتصادية وينقذها جزئيا من ازماتها الاقتصادية والمالية. هذه القواعد التي تحتفظ بها الولايات المتحدة في الحليفات الامبريالية والراسمالية كانت قواعد عسكرية ميتة عسكريا اي لم تحارب البلد الذي توجد فيه وان ادامة هذه القواعد يخدم اقتصاديا بالدرجة الرئيسية الشركات الراسمالية القائمة في الولايات المتحدة.

لكن انشاء وادامة القواعد العسكرية في المستعمرات واشباه المستعمرات يتطلب في اغلب الاحيان قتالا وحربا دائمة. فانشاء القواعد العسكرية في هذه البلدان يتطلب على الاكثر حربا مبيدة ومدمرة لهذه البلدان تضطر الشعوب المستعمرة الى مقاومة الاحتلال والنضال في سبيل تحررها من هذا المستعمر الغادر مما يضطر الدولة المستعمرة الى زيادة ومفاقمة حرب الابادة والتدمير من اجل تحطيم مقاومتها.

هذه الحروب ليست في مصلحة الشعب الاميركي لان الشعب هو الذي يقدم الضحايا ويتحمل صعوبات الحروب الدائمة والرابحون الوحيدون من هذه الحروب هم الشركات المالية والصناعية الامبريالية.

في يوم الهجوم على برجي نيو يورك وتدميرهما وتدمير البرج الثالث اعلن جورج بوش حربه التي اطلق عليها اسماء مختلفة مثل الحرب الصليبية واخيرا استقر اسمها على الحرب الكونية على الارهاب وما دامت هذه الحرب العالمية من جانب واحد ضد ما يسمى الارهاب منذ ذلك الحين وحتى اليوم وهي متواصلة الى ما لا يعرف احد مداه في ارجاء العالم. واكبر هذه الحروب وافظعها حرب احتلال افغانستان ثم حرب احتلال وتدمير العراق.

وبما اني اقرب الى العراق والشعب العراقي رغم انني لا اميز شعبا عن شعب اخر لاني ولدت ونشات وتربيت وتثقفت فيه اتخذ احتلاله في هذه الحرب العالمية المسماة حربا على الارهاب كنموذج.

شنت الولايات المتحدة حربها على العراق حتى بدون تخويل من مجلس الامن الذي يخولها عادة في كل حروبها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بحجة تحرير العراق من نظام صدام بحجج كثيرة كاذبة لا صحة لها لانها تعتبر نفسها شرطي العالم. وفي بضعة ايام استهلكت الولايات المتحد في حرب الابادة والدمار ما يزيد على مجموع السلاح الذي استهلك طوال الحرب العالمية الثانية. ولكن هذه الاسلحة تختلف عن الاسلحة التي استهلكت في الحرب العالمية الثانية لانها اسلحة لا تبيد وتدمر الجيل الحالي من البشر بل تدمر وتبيد اجيالا واجيالا مقبلة من البشر. فاستخدمت اليورانيوم المنضب والفوسفور الابيض والقنابل العنقودية والاسلحة الكيمياوية بحيث ان الاطفال يتشوهون في ارحام امهاتهم ولمئات السنين. اعادت الولايات المتحدة العراق قرونا الى الوراء الى ما يقرب من العصر الحجري فلا ماء صالح للشرب ولا مجاري القاذورات ولا الكهرباء ومنعت حتى استخدام البذور العراقية في الزراعة العراقية. ولكن الشعب العراقي قاوم جيوش الاحتلال كما يقاوم كل شعب يجري احتلاله بكل ما استطاع من قوة. وقد بلغت ضحايا الاحتلال مليون قتيل وملايين اليتامى والارامل والمشردين. وليس هذا موضوع مقالنا بل الموضوع هو لمصلحة من تجري هذه الحرب ومن المستفيد منها؟

هل هذه الحرب من مصلحة الشعب الاميركي؟ كلا والف كلا. فالشعب الاميركي قدم الاف الضحايا وعشرات الوف المصابين وعددا غير معروف من المصابين بالامراض النفسية من جراء الجرائم التي ارتكبوها وعددا غير معروف من المنتحرين. فالشعب الاميركي شانه شان الشعب العراقي هو ضحية هذه الحرب.

المستفيد الوحيد من هذه الحرب هو الشركات الامبريالية التي انتجت اسلحة الدمار الشامل التي انتجتها وباعتها للحكومة الاميركية والمقاولات الامبريالية لنهب وسرقة الثروات العراقية. فالولايات المتحدة انفقت في هذه الحرب حسب احصاءاتها اكثر من ثلاثة تريليونات دولار من ثروات الشعب الاميركي الحالي واجياله القادمة ليس من اجل تطوير العراق وتحسين معيشة شعبه بل من اجل تدميره ونهب بتروله وجميع ثرواته.

هذا ما حدث وما زال يحدث في العراق وما حدث وما زال يحدث في افغانستان وفي باكستان وفي ارجاء العالم منذ اكثر من عشر سنوات في هذه الحرب العالمية المسماة الحرب ضد الارهاب من قبل الولايات المتحدة الاميركية التي تعتبر نفسها شرطي العالم.

لا تكتفي الولايات المتحدة بشراء الاسلحة والمعدات في سبيل الحرب العالمية ضد الارهاب بل تنفق التريليونات من الدولارات لشراء اسلحة غير منتجة من اجل استعمالها في الحرب بل لمجرد اختزانها في مستودعات الاسلحة مثل القنابل الذرية والهيدروجينية وغيرها والصواريخ العابرة للقارات وجميع المعدات الملحقة بها لا لغرض واقعي الا تحقيق الارباح للشركات المنتجة لها وانقاذها جزئيا من الازمات الاقتصادية المتتالية التي تعاني منها.

ومجال اخر يتطلب انفاق تريليونات الدولارات هو ميدان غزو الفضاء. ان غزو الفضاء انجاز علمي هائل يؤدي الى كشف الانسان للمزيد من اسرار الطبيعة التي كانت سرا بالنسبة له. وهذا مجال علمي هام يستحق الانفاق عليه اذا كان الهدف الوحيد منه تطوير علوم الانسان عن الطبيعة. ولكن لهذا المجال العلمي هدف اخر هو من الاهداف التي لا يؤدي الانفاق عليها اية فائدة في ازالة الفقر والجوع السائد في العالم حتى باعتراف الدول الامبريالية السبع التي تجتمع بين الحين والاخر لمناقشة طرق التخلص من الازمة الاقتصادية والمالية الحالية. فاضافة الى النفقات اللازمة لتنفيذ خطط الكشف عن اسرار الطبيعة تنفق الولايات المتحدة وغيرها من الدول التي تشارك في غزو الفضاء بارسال الاقمار الصناعية لاغراض الاتصالات والتجسس مثلا وتريليونات اخرى لتسليح الفضاء وهو مثل القنابل الذرية والهيدروجينية لا ينتج من اجل الاستعمال المباشر بل لاغراض مضاعفة ارباح الشركات الامبريالية المنتجة لمعدات واسلحة تسليح الفضاء. لان استعمال تسليح الفضاء الخارجي يعني انتحار الراسمالية ذاتها مع القضاء على الحياة على الكرة الارضية في دقائق معدودة.

نرى من هذا العرض الموجز ان كون الولايات المتحدة اكبر دولة مدينة في التاريخ ليس دليلا على ضعف الامبريالية او انهيار الراسمالية بل هو دليل على نهب الولايات المتحدة ثروات الاجيال العديدة القادمة من الشعب الاميركي لتقدمها هدية لشركاتها الاميريالية. ان القروض التي تقترضها الولايات المتحدة دليل على تفاقم استيلاء الواحد بالمائة الذي يشكل الطبقة الراسمالية الاميركية على كامل التسعة وتسعين بالمائة من ثروات الشعب الاميركي باجياله الحالية واجياله القادمة.