حصاد زراعة ديمقراطية جورش بوش شوز والقرد الاسود بر اك حسين اوباما في العراق هلهولة لحكومة مجرمي سلطة الاحتلال وبرلمان خرسان وطرشان وعميان الاحتلال ياخونة حرامية مصيركم سوف يكون مثل مصير اي عميل اميركي وانكليزي وايراني ومصير اي نظام دكتاتوري جاء بقطار اسيادهم الامبريالين الامريكان

IRAQI REVOLUTIONARY MAOIST ORGANIZATION - IRMO المنظمة الماوية الثورية العراقية - جبهة نجوم الحمراء




الكفاح المسلح الطريق الوحيد للتحرير

الكفاح المسلح الطريق الوحيد للتحرير







2012-12-15

ارتداد وانهيار الاتحاد السوفييتي ٢

الرفيق حسقيل قوجمان

اضافة الى سياسة تحويل المجتمع الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي الى مجتمع راسمالي سلكت الحكومات الخروشوفية سياسة تحطيم وتشتيت وحدة الحركة الشيوعية العالمية. ففي بلدان شرق اوروبا التي تحررت بمساعدة الاتحاد السوفييتي من الاحتلال النازي وبدأت في بناء مجتمع اشتراكي، والتي شكلت مع الاتحاد السوفييتي المعسكر الاشتراكي، تحولت السياسة السوفييتية من سياسة مساعدة هذه البلدان على انجاز مهمة بناء المجتمع الاشتراكي وتطوير صناعتها وزراعتها المستقلة الى سياسة استعمار واستغلال هذه البلدان وجعل اقتصادها ملحقا بالاقتصاد السوفييتي. فبينما كانت سياسة الاتحاد السوفييتي الاشتراكي تشجيع ومساعدة هذه البلدان على بناء اقتصادها المستقل كشرط اساسي لتحقيق المجتمع الاشتراكي فيها قام الاتحاد السوفييتي الخروشوفي بمحاولة جعل هذه البلدان ملحقا اقتصاديا صناعيا وزراعيا بالاتحاد السوفييتي. ومارست هذه القيادة الخروشوفية سياسة ازاحة كل قائد ماركسي حقيقي في الاحزاب الشيوعية والعمالية وتنصيب قيادات انتهازية تحريفية خاضعة لرغباتها واوامرها عن طريق قتل هؤلاء القادة او القائهم في السجون. كل ذلك ادى الى كره شعوب هذه البلدان للجيوش السوفييتية المحتلة وقيام الانتفاضات والثورات ضد الحكومات الموالية للاتحاد السوفييتي والى تدمير هذه الحكومات وتحويلها الى حكومات راسمالية رجعية كما شاهده العالم كله. واحداث بولونيا وهنغاريا وتشيكوسلافيا والمانيا امثال حية على هذه السياسة.
اقام الخروشوفيون حلف وارشو على اساس انه حلف مقابل للحلف الاطلسي مهمته الرئيسية الدفاع عن المعسكر الاشتراكي. كانت سياسة الاتحاد السوفييتي الاشتراكية في عهد ستالين تعتبر المعسكر الاشتراكي معسكرا واحدا يعتبر اي اعتداء على اي جزء منه اعتداء على المعسكر الاشتراكي كله. وكان هذا اساس دخول الصين في الحرب الامبريالية على كوريا الشمالية. واصبح على الدول الامبريالية ان تفكر مليا قبل اعلان حرب على اي جزء من المعسكر الاشتراكي لانها يجب ان تأخذ في الحسبان ان اعلان حرب كهذه يؤدي الى حرب ضد المعسكر الاشتراكي كله. ولكن حلف وارشو لم يطلق طلقة واحدة ضد حلف الاطلسي رغم كل الهجومات التي شنها على المعسكر.
شاهد العالم تأثير تهديد الاتحاد السوفييتي في حرب السويس حين لم يكن المعسكر الامبريالي واثقا كل الثقة من التغير الذي حدث في الاتحاد السوفييتي فكانت الاستجابة لتهديد خروشوف بنقل الحرب الى الدول الامبريالية في حرب السويس بحيث ان الحرب انتهت فورا وتم الانسحاب من الاراضي المحتلة. ولكن موقف الاتحاد السوفييتي من القضية الالمانية وتهديده بالاعتراف بالدولة الالمانية الشرقية وعقد صلح منفرد معها في يوم محدد اذا لم تستجب دول حلف الاطلسي لمطلب الاتحاد السوفييتي في عقد الصلح مع المانيا وتخاذل خروشوف في الاربع وعشرين ساعة قبل موعد تحقيق التهديد ثم موقف الاتحاد السوفييتي من قضية الصواريخ في كوبا وتخاذل خروشوف في اللحظة الاخيرة والسماح للجنود الاميركيين بتفتيش السفن الحربية السوفييتية واحصاء الصواريخ وغير ذلك من الاجراءات المذلة اثبت للولايات المتحدة والحلف الاطلسي ان تهديدات الاتحاد السوفييتي ليست سوى تهديدات كلامية فارغة لا خوف منها. وهذا ادى الى الهجوم الاميركي في الحرب الفيتنامية.
من المعروف ان السياسة الماركسية اللينينية تعارض سياسة تصدير الثورة وكان هذا خلافا رئيسيا بين لينين وتروتسكي بعد ثورة اكتوبر كما كان مبدأ امكانية بناء الاشتراكية في بلد واحد ثم اصبح هذا الخلاف بين ستالين وتروتسكي. وقد انشأ الاتحاد السوفييتي الخروشوفي ودول اوروبا الشرقية حلف وارشو كحلف مقابل لحلف الاطلسي. ولكن حلف وارشو لم يطلق طلقة واحدة ضد حلف الاطلسي بل كانت كل حروبه ضمن نطاق حلف وارشو نفسه في بولونيا وهنغاريا واخيرا احتلال تشيكوسلافيا بحجة صيانة الاشتراكية. والحرب الوحيدة التي خاضها حلف وارشو او الجيش السوفييتي خارج دول الحلف كانت الحرب في افغانستان بحجة المحافظة على الحكم الاشتراكي او الحكم الديمقراطي في افغانستان ضد الشعب الافغاني الثائر والمحارب ضد الحكم. وكانت هذه الحروب كلها شكلا من اشكال تصدير الثورة.
من الجدير بالذكر انه حين قررت دول الكومنفورم سنة ١٩٤٨ طرد يوغوسلافيا تيتو من عضويته جرى اقتراح باسقاطه بالقوة ولكن ستالين اجاب في حينه ان الثورة في يوغوسلافيا هي مهمة الشعب اليوغوسلافي وواجبنا يقتصر على فضح انحراف تيتو عن الماركسية.
وغيرت حكومات الاتحاد السوفييتي الخروشوفي مفهوم الحكم الاشتراكي بحيث اعتبرت حكومات مثل اثيوبيا والصومال والعراق وسوريا ومصر والجزائر وحتى الهند دولا سائرة في طريق التوجه الاشتراكي او في الطريق اللاراسمالي صوب الاشتراكية ونشأ اصطلاح المنظومة الاشتراكية التي تضم كل هذه الدول بدلا من مفهوم المعسكر الاشتراكي الذي كان يشمل الدول الحقيقية السائرة في طريق بناء مجتمع اشتراكي فقط.
كان خطاب خروشوف في المؤتمر العشرين اكبر ضربة للحركة الشيوعية العالمية. اذ ادى هذا الخطاب الى انقسام الحركة الشيوعية الى حركة مؤيدة للحكومة الخروشوفية والسياسة التحريفية التي انتهجتها والى بقاء عدد قليل جدا من الاحزاب الشيوعية اعلنت معارضتها للخط التحريفي الخروشوفي في الحركة الشيوعية. وسلكت القيادة السوفييتية سياسة برجزة الاحزاب الشيوعية العالمية السائرة في ركابها.
اذا راجعنا تاريخ العلاقات بين الاحزاب الشيوعية العالمية والحزب الشيوعي البلشفي الحاكم في فترة بناء الاشتراكية نرى ان عددا قليلا من قادة الاحزاب الشيوعية قبلوا طلابا في جامعة كادحي الشرق في الاتحاد السوفييتي لتثقيفهم بالثقافة الماركسية وتدريبهم على ممارسة قيادة الحركة الشيوعية في بلادهم. نذكر من هؤلاء الطلاب فهد من العراق وخالد بكداش من سوريا وعددا من قادة الحركة الشيوعية في البلدان العربية يمكن احصاؤه على اصابع اليد ممن درسوا في هذه الجامعة ومارسوا بناء وقيادة احزابهم الشيوعية. ولم تكن المساعدات التي يقدمها الاتحاد السوفييتي لهذه الاحزاب سوى ما كانوا يحتاجون اليه من جهاز رونيو او مطبعة صغيرة لغرض نشر جرائدها السرية. فالمفهوم الماركسي اللينيني لماليات الاحزاب الشيوعية هي ان الحزب يجب ان يمول نشاطاته عن طريق تبرعات الطبقة العاملة الطفيفة التي يقتطعونها من معيشة اطفالهم. فان النظرة الماركسية للتمويل الحزبي هي ان مقدم المال لا يقدمه لوجه الله وانما يقدمه طلبا لما يتفق ومصالحه. فالبرجوازي الذي يقدم تبرعا سخيا للحزب الشيوعي يقدمه لانه يتطلب من الحزب مكافأته على تبرعه. وقد بحث لينين هذا الموضوع بصورة مفصلة عند مقارنة تمويل الحزب البلشفي مع مصادر تمويل الحزب المنشفيكي.
اما الحكومات الخروشوفية فقد سلكت سياسة مختلفة معارضة لهذه السياسات. فخصصت لكل حزب شيوعي موال لها راتبا سنويا يقدر بمئات الاف الدولارات وتتجاوز المليون لبعض الاحزاب الكبيرة. نشرت هنا في لندن في الصحافة البريطانية قائمة بالرواتب التي كانت الاحزاب الشيوعية تتقاضاها من الاتحاد السوفييتي ولم تخف الاحزاب الشيوعية ذلك بل اعتبرته تشجيعا وتطويرا للحركة الشيوعية. وفتحت الحكومات السوفييتية ابواب الاتحاد السوفييتي امام قادة الاحزاب الشيوعية لمجرد التمتع بمنتجعات البلاد او للمعالجة الصحية المجانية وخصصت لبعض القادة شققا لسكناهم وربما خصصت رواتب خاصة لابرز قادة هذه الاحزاب. ورشت قادة هذه الاحزاب بقبول ابنائهم وبناتهم في المدارس السوفييتية يدرسون فيها مجانا ويتلقون فيها المساعدات المالية اللازمة لسكناهم ومعيشتهم في فترة الدراسة. كل هذه الاجراءات ادت الى خضوع هذه الاحزاب خضوعا مذلا لسياسة الاتحاد السوفييتي الخروشوفي والسكوت عن السياسة التحريفية للحكومات السوفييتية لان اي انتقاد او فضح لهذه السياسة معناه قطع هذه الرواتب والمساعدات. كما ادى الى اجبار الاحزاب الشيوعية على تغيير سياساتها المحلية الى سياسات جعل الطبقات العاملة ذيلا للبرجوازية الحاكمة في بلادهم والى تكوين ما سمي الجبهات الوطنية مع حكومات فاشية كما حدث في العراق ايام الجبهة مع حكومة صدام. وحتى دور الاتحاد السوفييتي في قرار حل الاحزاب الشيوعية للانضمام الى الاحزاب البرجوازية كما حدث في مصر وكما جرى في قرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي المجتمعة في براغ فيما يسمى خط آب الذي ربما كان تحقيقا لوعد خروشوف لعبد السلام عارف في القاهرة.
ادى تبرجز الاحزاب الشيوعية هذا الى تكالب هذه الاحزاب على الحصول على المزيد والمزيد من الاموال. اصبح الركض وراء الحصول على الاموال جزءا رئيسيا من سياسات الاحزاب الشيوعية. واذا اخذنا الحزب الشيوعي العراقي على سبيل المثال فالكل يتذكر تسمية الاسد بالرفيق حافظ الاسد والقذافي بالرفيق القذافي بغية الحصول على منح جزيلة منهما وحتى التملق الى ملك العربية السعودية ودعوته خادم الحرمين في الرسائل الحزبية لغرض الحصول منه على مبالغ اضافية. هذا عدا جمع النقود والتبرعات في حفلات الترفيه التي تقيمها لجان الحزب في بلدان الشتات التي تصل احيانا الى مبالفغ طائلة. ولم تكن كل هذه الاموال تنفق على النضال داخل العراق بل كانت تنفق خارج العراق في المنافي التي عاش بها جميع قادة الحزب وعقدوا اجتماعات اللجنة المركزية والمكتب السياسي فيها. وقد انفقت هذه الاموال بصورة عشوائية بحيث ان ارا خاجادور سماها "الكارت بلانش".
كثير من الكتاب الذين يكتبون اليوم عن الاتحاد السوفييتي والمجتمع الاشتراكي وتحقيق الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي يصفون ما راوه ولمسوه وعاشوه اثناء وجودهم في الاتحاد السوفييتي ودول اوروبا الشرقية اثناء دراساتهم او اثناء لجوئهم. فقد درس في الاتحاد السوفييتي الاف الطلاب مختلف العلوم مثل الطب والهندسة والزراعة وعلم الاجتماع والاقتصاد والاعلام والصحافة والادب الروسي والرقص والفن وغيرذلك وقضوا سنوات عديدة في هذه البلدان خلال دراساتهم وبعدها حين لم يتح لهم العودة الى بلادهم. انهم يصفون الاتحاد السوفييتي كما رأوه بكل صدق وامانة. وليس جميع هؤلاء الكتاب اعداء للماركسية والاشتراكية والشيوعية بل بينهم من هم مخلصون في حبهم للشيوعية والاشتراكية والماركسية ولكنهم يصفون ما رأوه مخالفا للمبادئ التي امنوا بها. كان هؤلاء الكتاب صادقين فيما رأوه في الاتحاد السوفييتي سواء اكانوا اعداء ام اصدفاء الشيوعية والاشتراكية. ووصفهم للحياة في الاتحاد السوفييتي هو وصف للاتحاد السوفييتي تحت حكم الحكومات الخروشوفية. فمن يقول ان الاتحاد السوفييتي لم ينجح في بناء مجتمع اشتراكي كامل صادق لانه يصف الاتحاد السوفييتي الذي رآه وعاشه. ومن يقول ان الاتحاد السوفييتي كان راسمالية دولة هو صادق لانه يصف ما رآه وعاشه فيه. انهم درسوا وعاشوا وشاهدوا مجتمعا مقلوبا على راسه في الاتحاد السوفييتي. شاهدوا نظام حكم راسمالي يحكم مجتمعا اشتراكيا يريد تحويله الى مجتمع راسمالي. شاهدوا حكما راسماليا لم يستطع بعد سلب كافة الحقوق التي تمتعت بها شعوب الاتحاد السوفييتي اثناء تحقيق المجتمع الاشتراكي الحقيقي. وكلما ابتعد تاريخ الاتحاد السوفييتي عن تاريخ وفاة ستالين او تاريخ الارتداد والانهيار الذي بدأ يوم وفاة ستالين اصبح الوضع اسوأ لان عملية سلب الحقوق التي تمتعت بها شعوب الاتحاد السوفييتي كانت متواصلة ومتقدمة نحو السلب الكامل لهذه الحقوق وتحويل الطبقة العاملة السوفييتية الى طبقة لا تمتلك سوى قوة عملها تبيعها للراسماليين كما هو قائم اليوم. ان وصف هؤلاء الاشخاص للحياة في الاتحاد السوفييتي الذي رأوه، سواء منهم الاشخاص المحبون للماركسية والشيوعية والاشتراكية او المعادون لها صادقون في اوصافهم لان ما وصفوه هو الواقع. ولكن هذا الواقع هو غير الواقع الذي كان اثناء وجود مجتمع اشتراكي حقيقي في الاتحاد السوفييتي.
قبل انهاء هذا المقال لابد ان اشير الى نقطة هامة. ان اعداء الماركسية ينتقدون الماركسيين او من يسمونهم "الستالينيين" على انهم يقولون ان الماركسية اثبتت انها صحيحة عند بناء المجتمع الاشتراكي واثبتت انها صحيحة لدى انهيار المجتمع الاشتراكي. وهو امر يبدو سخيفا يستغله هؤلاء لاضفاء ابشع التهم ضد الماركسيين بحجة "الستالينية". ان هؤلاء الاعداء للماركسية شأنهم شأن من يقول "ان محمدا قال لا اله" ثم يهاجم محمدا على كفره بالله. اذ الواقع هو انهم يهاجمون انفسهم لانهم هم الذين وضعوا هذا القول المشوه والمحرف والمنقوص واتهموا به محمدا.
اقول ان شأن هؤلاء هو شأن هذا المنتقد لمحمد لانهم يقومون بنفس الطريقة في تشويه قول الماركسيين. انهم يجردون عن سبق اصرار وتقصد قول الماركسيين عن تتمته، عن تفسيره، لكي يجعلوه يبدو سخيفا ثم يهاجمون الماركسيين او "الستالينيين" على انهم يستطيعون ان يقولوا كل شيء ويفسروه ماركسيا. انا واحد من هؤلاء الماركسيين الذين يعتقدون ان الماركسية اثبتت صحتها عند بناء المجتمع الاشتراكي حين اتخذت الماركسية دليلا للعمل واثبتت الماركسية صحتها عند تدمير هذا المجتمع الاشتراكي. وتكملة هذا القول التي يحذفها هؤلاء المنتقدون عن سبق اصرار وتقصد هي ان الماركسية كدليل للعمل اثبتت صحتها في بناء المجتمع الاشتراكي وهذا تاريخ لا يستطيع احد انكاره. واثبتت الماركسية صحتها عند انهيار الاتحاد السوفييتي لان التخلي عن الماركسية كدليل للعمل ادى حتما الى انهيار الاتحاد السوفييتي وعودة الراسمالية الى الاتحاد السوفييتي. فاتخاذ الماركسية دليلا للعمل اثبت نجاحه وترك الماركسية والتخلي عنها كدليل للعمل ايضا اثبت نجاحه في تدمير الاشتراكية.
ليس غريبا ان يناقش الانسان هذا المفهوم وينتقده حتى بعد شرحه وتفسيره ويصر على سخافة هذا المفهوم. فالاختلاف في الراي قائم حتى حول الماركسية ذاتها. ولكن الانتقاد الصحيح ينبغي ان يكون على المفهوم الكامل وليس على المفهوم المحور والمحرف والمنقوص والمجرد من تفسيره. ان من ينتقد هذا المفهوم منقوصا ومجردا عن تفسيره لا يهاجم الا نفسه لانه هو الذي وضع المفهوم منقوصا ومشوها ومحرفا.
ان التحريفية الخروشوفية هي التي حطمت الاتحاد السوفييتي الاشتراكي واعادت الراسمالية بابشع صورها الى الدول التي نشأت عن انهيار الاتحاد السوفييتي كما نراه اليوم بابشع صوره. وهي التي شتتت ودمرت الحركة الشيوعية العالمية والاحزاب الشيوعية في العالم كله.
تجري اليوم محاولات عظيمة من اجل تصحيح هذا الوضع في العالم كله. فقد نشأت احزاب ماركسية لينينية حقيقية تتخذ نظرية ماركس انجلز لينين ستالين دليلا لها للعمل وتجري محاولات تحويل هذه الحركات والاحزاب الى اممية شبيهة بالاممية الثالثة وقد احرزت مثل هذه الحركات تقدما سواء في دول الاتحاد السوفييتي السابقة ام في ارجاء العالم في اوروبا واسيا واميركا واستراليا وافريقيا.

ارتداد وانهيار الاتحاد السوفييتي ١

الرفيق حسقيل قوجمان
يوم وفاة او قتل ستالين اجتمعت كل السلطات القيادية في الاتحاد السوفييتي واحدثت تغييرات نشرت في اليوم التالي في البرافدا لم يكن بالامكان القيام بها في يوم واحد وهو يوم اصيب الاتحاد السوفييتي فيه واصيبت الطبقة العاملة العالمية فيه بفقدان قائد عظيم مثل ستالين مما يدعو الى الاعتقاد بان هذه التغييرات كانت معدة سلفا ونفذت بعد تحقق الهدف الاساسي، هدف التخلص من ستالين. فما حصل في الواقع كان ارتدادا عن طريق تطور الاتحاد السوفييتي بكل ما في العبارة من معنى هدفه هو القضاء على الاشتراكية واعادة الراسمالية الى الاتحاد السوفييتي.
في هذا اليوم نشأ في الاتحاد السوفييتي وضع مقلوب تماما عما حدث في ثورة اكتوبر. ففي ثورة اكتوبر نشأت نتيجة الثورة حكومة اشتراكية استلمت مجتمعا راسماليا وكان عليها ان تحول هذا المجتمع الى مجتمع اشتراكي. اما ما حدث يوم وفاة ستالين فهو عكس ذلك نشأ فيه وضع مقلوب على راسه. نشأت حكومة راسمالية استلمت مجتمعا اشتراكيا كان عليها ان تحوله الى مجتمع راسمالي. وكما ان الحكومة الاشتراكية لم تستطع فور نجاح ثورة اكتوبر ان تحول المجتمع الراسمالي الى مجتمع اشتراكي بل تطلب ذلك سنوات من التقدم المتدرج، كذلك لم يكن بمقدور هذه الحكومة الراسمالية ان تحول هذا المجتمع الاشتراكي الى مجتمع راسمالي فورا بين عشية وضحاها بل كان الامر يتطلب وقتا طويلا ودهاء لاخفاء حقيقة كون هذه الحكومة حكومة راسمالية. ولذلك سلكت هذه الحكومة سلوك اخفاء حقيقتها الراسمالية تحت وابل من العبارات الاشتراكية واللينينية والشيوعية والوعود البراقة. وكان سلاحها الايديولوجي الاساسي الهجوم على ستالين وهو في واقعه هجوم على الماركسية اللينينية والاشتراكية والشيوعية.
لم تكن مهمة هذه الحكومة الراسمالية مهمة سهلة. فقد كانت شعوب الاتحاد السوفييتي تتمتع بكل الحقوق التي اكتسبتها في المجتمع الاشتراكي وكان على هذه الحكومة ان تسلب جميع هذه الحقوق لان الراسمالية لا يمكنها ان تحقق ارباحها وبقاءها مع بقاء الشعوب السوفييتية محتفظة بهذه الحقوق. الوضع الاساسي للراسمالية هو ان تكون امام الطبقة الراسمالية طبقة لا تمتلك سوى سلعة قوة عملها تبيعها للراسمالي لكي يحصل باستخدامها على فائض القيمة المصدر الوحيد للارباح الراسمالية. ولم توجد انذاك في الاتحاد السوفييتي مثل هذه الطبقة. كان على هذه الحكومة ان تخلق مثل هذه الطبقة الضرورية من المجتمع الاشتراكي الذي كان يتمتع بجمبع الحقوق التي لم يحصل عليها اي مجتمع قبله في التاريخ وذلك بان تسحب جميع هذه الحقوق منه.
في الفترة الاشتراكية كانت جميع الثروات الاجتماعية ملكا لشعوب الاتحاد السوفييتي تقوم الحكومة السوفييتية بادارتها لمصلحة هذه الشعوب ولتطوير المجتمع الاشتراكي بخطوات ثابتة نحو التحول الى المجتمع الشيوعي عن طريق برمجة دقيقة لتطور الانتاج الاجتماعي. وكان اول واسهل اجراء تقوم به هذه الحكومة الراسمالية كبداية لتحقيق هدفها هوالتصرف بهذه الثروات الاجتماعية الموجودة في عهدتها كانها ملكية خاصة وليست ملكية اجتماعية. بهذه الطريقة حولت الثروات الاجتماعية من ملكية اشتراكية الى ملكية راسمالية اي حولت الاقتصاد السوفييتي من اقتصاد اشتراكي متقدم نحو الشيوعية الى اقتصاد راسمالية الدولة.
في المجتمع الاشتراكي كانت الزراعة منظمة في شكلين من التنظيم. الشكل الاول هو شكل مزارع الدولة. وهذا الشكل هو جزء من النظام الاشتراكي العام لا يختلف بذلك عن اي مشروع صناعي اخر، اذ ان الانتاج فيه هو ملك المجتمع والعاملون فيه هم عمال زراعيون.
والشكل الثاني هو المزارع التعاونية. والمزارع التعاونية كانت اقتصادا اشتراكيا ثانيا في المجتمع. وكان من اهم اهداف النظام الاشتراكي تحويل هذا الاقتصاد الاشتراكي المزدوج الى نظام اشتراكي موحد اي تحويل الزراعة التعاونية الى اقتصاد يشبه اقتصاد مزارع الدولة. فماذا كانت ملكية المزارع التعاونية في المجتمع الاشتراكي؟ لم تكن الارض ملكا للمزارع التعاونية. كان بامكان المزارع التعاونية ان تزرع وتستغل الارض وان توسعها بزراعة اراض جديدة. ولكنها لم تكن تملكها اي لا يجوز لها بيعها او شراؤها او تبادلها او رهنها او تأجيرها. كل ما تستطيع المزارع التعاونية عمله هو استخدام الارض لتطوير انتاجها الزراعي والحيواني. كذلك لم تكن المزارع التعاونية تمتلك ادوات الانتاج الكبيرة مثل التراكتورات والكومباينات وغيرها. كانت هذه المكائن مركزة في مراكز المكائن الزراعية التي تمتلكها الدولة تقدم خدماتها للمزارع التعاونية لقاء جزء من انتاجها. كل هذا يعني ان الارض والمكائن الزراعية لم تدخل نطاق التبادل السلعي بل كانت ملكية المجتمع الاشتراكي. فما الذي يبقى ملكا خاصا للمزارع التعاونية؟ يبقى انتاجها الزراعي والحيواني ولا شيء غيره. كان الانتاج الزراعي والحيواني هو مصدر السلع التي تنتجها المزارع التعاونية ويجري التبادل بها بالشراء والبيع بين الحكومة والمزارع التعاونية. وفي سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية كان الاتجاه يسير تدريجيا نحو تحويل التبادل السلعي الى تبادل مباشر، تبادل عيني، تقوم المزارع التعاونية فيه بتسليم فائض منتجاتها الى الدولة ليس عن طريق البيع والشراء وانما عن طريق تسليم هذه المنتجات للدولة بدون بيع وشراء. وتقوم الدولة بتقديم المزيد من المنتجات التي تحتاجها المزارع التعاونية، اي ان الحكومة السوفييتية كانت تقدم للمزارع التعاونية من المنتجات بهذا التبادل ما يفوق ما تستطيع المزارع التعاونية الحصول عليه لو باعت انتاجها للحكومة لكي تشتري ما تحتاجه من المنتجات الصناعية. وقد مورست هذه السياسة في البداية خصوصا مع المزارع التعاونية التي تنتج المواد الاولية للصناعة كالقطن والكتان والصوف وبنجر السكر وغيرها. وكانت هذه السياسة وسيلة فعالة وخطوة هامة في سبيل تحويل المزارع التعاونية الى جزء من النظام الاشتراكي العام لان هذا التحول هو احد مستلزمات التقدم نحو المجتمع الشيوعي وتحقيقه. اذ ان احدى صفات المجتمع الشيوعي هي انتهاء اي وجود للتبادل السلعي.
كان على الحكومة الانقلابية، حكومة خروشوف، ان تنقض هذا النوع من التبادل وهذا الوضع لدى المزارع التعاونية. فكان من اهم الاجراءات التي اتخذتها الحكومة الخروشوفية بيع المكائن الزراعية للمزارع التعاونية بحجة ان المزارع التعاونية اصبحت غنية وتستطيع شراء هذه المكائن كأن عدم بيع المكائن الزراعية الى المزارع التعاونية كان بسبب فقرها. كان من نتائج بيع المكائن الزراعية الى المزارع التعاونية زيادة كميات السلع في المجتمع زيادة هائلة نظرا الى ان المكائن الزراعية بكمياتها الهائلة اصبحت سلعة متداولة بين الدولة والمزارع التعاونية بعد ان لم تكن سلعا متبادلة في المجتمع الاشتراكي. وهذا تطلب بدوره زيادة كمية النقود في المجتمع زيادة مماثلة ثم الى القاء النقود بلا حدود من اجل الحصول على البضائع والخدمات مما ادى الى التضخم النقدي وفقا لقانون قيمة الاوراق النقدية الذي اكتشفه كارل ماركس. وكان من نتائج هذه السياسة تحويل المزارع التعاونية الى مزارع راسمالية تحتاج الى شراء المكائن واقتراض النقود لهذا الغرض وشراء واستبدال المكائن الزراعية المستهلكة الى اخر ذلك من مستلزمات ادارة المزارع التعاونية بهذه الخطوات. وقد ادى هذا الى انخفاض الانتاج الزراعي انخفاضا هائلا بسبب ان المزارع التي اشترت المكائن الزراعية كانت مضطرة على ان تواصل استخدامها حتى بعد تحولها الى مكائن ضعيفة الانتاج نتيجة الاستهلاك بعد ان كانت الدولة تستطيع استبدال المكائن الزراعية وتجديدها وادخال مكائن حديثة احسن منها على الدوام مما لا تستطيع تحقيقه المزارع التعاونية التي تشتري المكائن الزراعية. وكانت الخطوة التالية اعادة تحويل الارض الى سلعة تباع وتشترى وتستأحر وترهن. وهذا ضاعف كميات السلع في المجتمع وكان خطوة كبرى في طريق تحول المجتمع الاشتراكي الى مجتمع راسمالي تدريجيا.
في نطاق الانتاج الصناعي الحكومي ايضا اجرت حكومة خروشوف تغييرات تهدف الى اعادة النظام الراسمالي الى الاتحاد السوفييتي تحت شعارات براقة كالاشتراكية ذات الطابع الانساني والماركسية الخلاقة والادعاء بان المجتمع الاشتراكي بلغ مرحلة لم يعد في المجتمع من يكره الاشتراكية والشيوعية ويعارضها. ففي المؤتمر الثاني والعشرين للحزب الشيوعي السوفييتي على ما اتذكر اتخذ الحزب قرارا بتحقيق المجتمع الشيوعي الكامل سنة ١٩٨٠. كان هذا القرار مثارا للسخرية لدى كل من يعرف شيئا عن مستلزمات التحول من المجتمع الاشتراكي الى المجتمع الشيوعي. ومع ذلك كانت لهذا القرار دلالة هامة غير مقصودة. كان قرار تحقيق المجتمع الشيوعي في هذا الموعد دلالة على اعتراف الحكومة التحريفية الخروشوفية بانها استلمت فعلا مجتمعا اشتراكيا متقدما نحو الشيوعية واعترفت بقرار تحقيق الشيوعية الكاملة باستلامها مثل هذا المجتمع. فلدى تقدم المجتمع السوفييتي نحو التحول الى مجتمع راسمالي في عهد بريجنيف مثلا لم يعد بمستطاع الحكومة التحدث عن تحقيق المجتمع الشيوعي. ولكن حكومة خروشوف كانت بحاجة الى مثل هذا القرار البراق من اجل اتخاذ القرارات الاخرى المستندة في ظاهرها الى هذا القرار. فاذا لم يعد في الاتحاد السوفييتي من يكره او يقاوم الاشتراكية اذن لم تعد ثمة حاجة الى دكتاتورية البروليتاريا. واتخد في هذا المؤتمر او في مؤتمر اخر قرار الغاء دكتاتورية البروليتاريا. وبما ان الشعوب السوفييتية اصبحت كلها تريد الاشتراكية وليس فيها من يعارضها لم يعد ثمة حاجة الى حزب الطبقة العاملة فالغي حزب الطبقة العاملة وسمي الحزب الشيوعي السوفييتي حزب الشعب كله. وشعار حزب الشعب كله، من الشعب والى الشعب، كان شعار الطبقات الراسمالية منذ نشوئها وحتى يومنا هذا.
من جملة انتقادات الحكومة الخروشوفية للمجتمع الاشتراكي بهجومها على ستالين كان انتقادها لستالين لتركيزه على الصناعة الثقيلة على حساب انتاج المواد الاستهلاكية. ومن اهم الانتقادات كان احتفاظ النظام الاشتراكي بمشاريع صناعية غير مربحة. فقررت حكومة خروشوف الغاء هذه المشاريع غير المربحة بالمفهوم البرجوازي للربح اي قياس الربح في كل مشروع اقتصادي على حدة وليس على اساس ربحية المجتمع بكامله. ووعدت حكومة خروشوف بزيادة انتاج المواد الاستهلاكية على حساب الانتاج الصناعي الثقيل. كانت هذه القرارات كلها خرقا لقانون التطور المتوازن للاقتصاد الوطني. مما ادى الى العودة الى قانون فوضى الانتاج السائد في المجتمعات الراسمالية. وادى هذا الاخلال بشروط قانون التطور المتوازن للاقتصاد الوطني وتقليص الانتاج الصناعي الثقيل الى الحاجة الى الراسمال الاجنبي والمشاريع الاجنبية والى الاقتراض من الدول الراسمالية لغرض تكملة النقص في المنتجات الصناعية الثقيلة. او الى دعوة الشركات الامبريالية العالمية الى الانتاج في المجتمع على اساس طبيعتها الامبريالية في مجتمع من المفروض انه مجتمع اشتراكي. ان تقليص الانتاج الصناعي الثقيل اخل بامكانية الدولة ان تزود جميع المشاريع بادوات الانتاج الثقيلة مما ادى مثلا الى الاخلال بتطور المواصلات بحيث تستطيع نقل كافة الانتاج الزراعي الى المدينة وقد شاهد العالم الاف الاطنان من المنتوج الزراعي تتفسخ لعدم وجود وسائل المواصلات اللازمة لنقلها. كذلك لم تستطع الحكومات الخروشوفية ان تحقق وعدها بزيادة المواد الاستهلاكية نظرا الى ان زيادتها تتطلب المزيد من ادوات الانتاج الثقيلة ولم يكن بامكانها توفير ذلك بعد تقليص الصناعة الثقيلة.
وفي النطاق الصناعي اقتبست حكومة خروشوف النظام الصناعي الذي استخدم في يوغوسلافيا، نظام الادارة الذاتية. زعمت حكومة خروشوف ان المنافسة تؤدي الى تطوير وتحسين الانتاج الصناعي ولذلك قررت بيع او تسليم المصانع الى عمالها لادارتها ادارة ذاتية. وحتى لو افترضنا جدلا ان هذه المصانع تركت فعلا لعمالها فان هذا ادى الى المنافسة بين هذه المشاريع على الارباح كما هو الحال في النظام الراسمالي اي ادى الى تحويل المشاريع الصناعية الى مشاريع راسمالية واضحة. وكان مصير هذه المصانع المدارة ذاتيا مصير المصانع في النظام الراسمالي من حيث اختيار نوع الانتاج والتنافس وزيادة الارباح والافلاس واضطرار المصانع الفاشلة الى بيع نفسها للمصانع الناجحة والى انتشار البطالة الخ..
ادت سياسة ما سمي تسليم او بيع المصانع لعمالها الى انتفاء ظاهرة برمجة الانتاج الاجتماعي التي كانت اهم مظاهر تقدم المجتمع السوفييتي الى مجتمع اشتراكي والى تحوله التدريجي الى مجتمع شيوعي. ان برمجة الانتاج تتطلب وحدة ادارته ولا يمكن برمجة الانتاج اذا تعددت الملكيات والسياسات الاقتصادية لهذه الملكيات المختلفة.
في النطاق العسكري اتخذ الاتحاد السوفييتي سياسة سباق التسلح تحت ستار المنافسة الحرة بين الاشتراكية والراسمالية وشعار تحقيق السلام عن طريق مفاوضات نزع السلاح وشعار تحويل العالم الى عالم بدون سلاح عن طريق المفاوضات والتعايش السلمي. (ولا يسمح المجال هنا لبحث تحويل مبدأ ستالين في التعايش السلمي الى اعتبار العلاقات القائمة مع وجود العالم الامبريالي والحرب الباردة سيادة التعايش السلمي). وتحول الاتحاد السوفييتي في هذه الفترة الى تاجر سلاح ينافس الولايات المتحدة في بيع الاسلحة الى جميع اقطار العالم. ونحن شهود لمفاوضات نزع السلاح التي ادت الى مضاعفة اسلحة الدمار الشامل في العالم الى درجة تستطيع تدمير الكرة الارضية مئات المرات وتحويل حركة السلام العالمية الى حركة ملحقة بمفاوضات نزع السلاح. وما زالت مفاوضات نزع السلاح حتى يومنا هذا تتواصل لستر سياسة مضاعفة انتاج الاسلحة كوسيلة لتخفيف الازمة العامة التي يعانيها العالم الراسمالي كله. وفي ايامنا هذه اتفق رئيس الولايات المتحدة اوباما ورئيس روسيا ميدفيديف على معاهدة تخفيض السلاح النووي للمرة العاشرة او اكثر اخفاء لسباق التسلح الجاري من قبل الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية بشتى الصور.
ولا يتسع المجال هنا للحديث عن التغيرات التي اجريت على السياسة القومية التي وحدت الاتحاد السوفييتي المتعدد القوميات وتطور القوميات المتاخرة التي كانت تعيش فيما يشبه العصر الحجري فيه الى قوميات متطورة لها تاريخها ولغاتها وتحويل السياسة القومية الى سياسة الترويس واعتبار كل مواطن سوفييتي روسيا. والى اعادة تشجيع وتطوير الحركات الدينية كوسيلة لفرض سياساتها الراسمالية الرجعية تحت ستار الديانات.
في النهاية نجحت الحكومات الخروشوفية المتعاقبة في تحقيق هدفها، هدف اعادة الراسمالية الى الاتحاد السوفييتي كما نراه اليوم. وقد استغرق سلب الحقوق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والصحية والترفيهية من الشعوب السوفييتية من ١٩٥٣ الى ١٩٩١ حين تحطم ما سمي بالاتحاد السوفييتي ليصبح دويلات راسمالية لا تختلف عن الدول الراسمالية الاخرى وربما تعاني من اوضاع اسوأ واشد بؤسا من سائر الدول الراسمالية. ان سلب منجزات المجتمع الاشتراكي استغرق اكثر من فترة بناء المجتمع الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي.
انتقدوا ستالين لانه قال ما معناه ان الصراع الطبقي يشتد كلما تقدم البناء الاشتراكي. وقد اثبت التاريخ ان هذا القول كان صحيحا ودقيقا بحيث ان التقاعس في خوض هذا الصراع وكشف المتآمرين عليه والعاملين على تدمير المجتمع الاشتراكي واعادة الراسمالية كما جرى في الثلاثينات ادى الى استفحال هذا الصراع والى انتصار الجانب الراسمالي على الجانب الاشتراكي وتسلم الجانب الراسمالي للسلطة واعادة الراسمالية الى الاتحاد السوفييتي. ولكن اعداء الماركسية اللينينية والاشتراكية والشيوعية ما زالوا يهاجمون ستالين على قوله هذا ويصفون "الستالينينة" المزعومة بكل ما يخطر على بالهم من اتهامات.                                   

العقلية الخرافية


2012 / 12 / 14 - 22:44
التحكم: الحوار المتمدن
شيوعي ماوي - باروار
اتفق مع الاخ واصف حنا حول ما علق علية وقبل ما اضيف يقول المثل الشعبي العراقي
مد رجلك على كد غطاك
بعد احياء الراسمالية في الاتحاد السوفييتي بعكس العمل الذي انجزة ستالين اهمية كبرى من فهم الية الصراع الطبقي في ظل الاشتراكية ثمة رابط بين احياء الراسمالية الذي نشهدة اليوم وبين الحملة الهمجية المسعورة ضد ستالين ان انفجار الحقد ضد اول قائد ومهندس بنى النظام الاشتراكي رحل عن الحياة عام 1953- فخلال العشرين عاما التي سبقت مجىء غورباتشيف جسد بريجنيف البيروقراطية والركود والفساد والنزعة العسكرية غير اننا لم نشهد لا في الاتحاد السوفييتي ولا في العالم الراسمالي هذة الحملة الهمجية الشرسة والساخطة ضد بريجنييف مثلما شهدناها حربا ضد ستالين هكذا هم الوحشية الراسمالية الامبريالين يتخذون من ستالين هدفا لحملاتهم من اجل الخلاص النهائي من اثار الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي
كان من الافضل على طريف سردست ان يكتب عن
القبلية العنصرية للمتمرد العسشائري الاقطاعي مصطفى البارزاني والارث المتخلف العنصري الكرد البعثي لمسعود البارزاني
حكم البارازانية العشائري المتخلف الرجعي اكثر من 60 عام هو ارث عائلي عشائري

الجاهل عدو نفسه

واصف حنا
تعليق على مقالة الستالينية من البعث الى الولي الفقيه - طريف سردست



العدد: 436722 - الجاهل عدو نفسه
2012 / 12 / 14 - 08:52
التحكم: الحوار المتمدن



السيد طريف سردست

محاكمتك للستالينية تفتقر لأدنى تحصيل علمي في الاقتصاد السياسي وهي لا تستحق المناقشة
لكنني أسألك : ما هو السبب الحقيقي لتهويشك المستمر على ستالين والستالينية؟
هل كان ستالين عدواً للأكراد ؟
وهل كان قاسياً بمعاقبة ألمانيا النازية؟
أم كان دموياً في تعامله مع الشعوب السوفياتية؟
أنت كجاهل لن تقول إلا بالخيار الثالث وهو معاملته للشعوب تحت حكمه
لغرض مريض في نفسك تتجاهل أن الشعب الروسي كان قد اختار ستالين كافضل قائد لروسيا عبر التاريخ وذلك في استفتاء تلفزيوني أجرته جهة معادية لستالين قبل سنوات
ومالك انت؟ هل أنت أكثر تعاطفاً مع الروس من الروس أنفسهم ؟
إذن استحٍ على حالك وظب هذه السيرة النتنة

نحتاج الى شطف ادمغتنا ٦

الرفيق حسقيل قوجمان
سبب اخر يقدمه اولئك الذين ينكرون قيام النظام الاشتراكي والمجتمع الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي هواحتفاظ الاتحاد السوفييتي بنظام الاجور. لنترك نقد برنامج غوتا وكتابات ماركس وانجلز التي اصبحت جثثا غير محنطة بعد مرور اكثر من قرن ونصف عليها فاكل الدهر عليها وشرب. ولنترك اللينينية التي اصبحت جثة محنطة راها بعضهم واشماز منها. وطبيعي ان ستالين لم يكن ماركسيا اصلا ومع ذلك بقي هناك شيء اسمه ماركسية ملائم للقرن الحادي والعشرين حين وصل العلم الى الله يعتنقونه ولا يقولون لنا ما هو. ولنحاول بحث الموضوع بلغة كل يوم.
منذ انفصال المجتمع الانساني عن المجتمع الحيواني واكتمال تحوله باستقامة قامته وتخصص ذراعيه للعمل ورجليه للمشي وتطور عقله الى درجة التفكير والاحتفاض بالافكار وتطبيقها عاش على شكل جماعة تعمل بصورة تعاونية من اجل الحصول على معيشته مصارعا الطبيعة. كان عليه ان يصيد الحيوان من اجل طعامه وهو ابرز شكل من اشكال صراعه مع الطبيعة. في صراعه ضد الطبيعة تعلم الانسان ان يستولي على اجزاء منها لمنفعته ولاستخدامها في الصراع ضد الطبيعة كالحجر والصخر وتعلم تدبيب الحجر لانه اكثر ملاءمة لصراعه ضد الحيوان والرمح او القوس او النار او صهر المعادن والخ مما لا يحصى من التقدم في عملية متواصلة دامت حتى اليوم وهي مستمرة في المستقبل ايضا.
العملية المتواصلة هذه هي صراع دائم بين الانسان واجزاء الطبيعة التي يكتشفها ويتعلمها ويستخدمها من جهة والطبيعة من الجانب الثاني. في هذا الصراع يستطيع الانسان ان ينتج شيئا جديدا ويستولي على اجزاء جديدة من الطبيعة. هذا الصراع هو المصدر الوحيد لكل ما ينتجه البشر على الارض. لكي نجد اسما لهذا الصراع نحتاج الى بعث الاسم الذي اطلقه ماركس على هذه العملية من قبره لانه ادق وانسب اسم يعبر عن هذا الصراع، اسم "قوى الانتاج" اذ لا يوجد اي انتاج خارج هذا الصراع.
اضافة الى هذا الصراع بين الانسان وجزء الطبيعة الذي يمتلكه ويسيطر عليه والطبيعة لابد ان تتكون ثمة علاقة بشرية بين هؤلاء المتصارعين. في مثلنا الاولي، صيد الحيوان، تتكون علاقة بين الصيادين في عملية الصيد وكيفية توزيع الفريسة بعد صيدها. في هذا المثل لا يمكن توزيع الفريسة الا باشتراك الصيادين في اكلها. في عملية الانتاج هذه، صيد الحيوان، وكيفية توزيعه تتكون علاقات بين جميع المنتجين، الصيادين، ولكي نطلق على هذه العملية ايضا اسما مناسبا يمكننا ان نخرج الاسم الذي اطلقه كارل ماركس من القبر، "علاقات الانتاج".
الصفة الاساسية لقوى الانتاج هي انها دائمة التطور والتوسع. فالجانب البشري فيها يتوسع بالتكاثر ويتوسع في التوصل الى السيطرة على المزيد من اجزاء الطبيعة واستخدامها في تطوير انتاجه وتوسيعه. هذه الظاهرة ما زالت مستمرة منذ نشوء المجتمع البشري وحتى يومنا هذا في عصر الثورة التكنولوجية. ان هذا التوسع في انتاج قوى الانتاج يؤدي الى تغييرات في علاقات الانتاج. يمكننا مثلا ان نتصور ان تطور الانتاج في العصور الاولى لحياة المجتمع ان الفريسة تسمح للصيادين بتقديم شيء من انتاجهم في الصيد للشيخ الذي اصبح عاجزا عن الاشتراك في عملية الصيد بدلا من قتله او تركه ليموت. عند تطور الزراعة يسمح الانتاج بتقديم بعض الانتاج للكاهن او المنجم الذي يتنبأ بمواعيد البذر المناسبة للزراعة او اعطاء بعض الامتياز للمحارب القوي الذي يقود المحاربين في حروبهم. ولكن الصفة الثابتة في هذه الحياة الاولية للمجتمع البشري هي وحدة قوى الانتاج. اي ان الجانب البشري من قوى الانتاج، الانسان العامل، يمتلك ادوات الانتاج التي يستخدمها في صراعه مع الطبيعة ويمتلك الانتاج الذي ينتجه يوزعه وفق علاقات الانتاج السائدة في حينه. الا ان التغيرات التي تحصل لا تغير من وحدة قوى الانتاج، اي ملكية الانسان العامل لادوات انتاجه ولانتاجه. هذا العهد من حياة المجتمع الانساني هو ما نسميه اليوم المشاعية البدائية.
لم يكن في هذا المجتمع تقسيم ليوم العمل الى العمل الضروري وفائض القيمة لان كل ما ينتجه الانسان في هذا المجتمع يعود اليه ولا يتحول قسم من هذا الانتاج لفئة اخرى غير عاملة في المجتمع.
كان الاسرى في الحروب في فترة المشاعية البدائية يقتلون تخلصا من واجب تزويدهم بالطعام. ولكن توسع عملية الانتاج المتواصلة خلقت ظروفا مختلفة. اصبح من الممكن استخدام الاسير كجزء من وسائل الانتاج ومنحه شيئا من الطعام لابقائه على الحياة. اصبح الاسير في هذه الحالة جزءا من ادوات الانتاج شأنه في ذلك شأن الفرس والثور ومن هنا نشأ التعريف الذي كنا نتعلمه في مدارسنا بان الانسان حيوان ناطق. كان هذا التغير تقدما هائلا بالنسبة للاسير. فبدلا من قتله حصل على حق البقاء على الحياة رغم تحوله هو الى اداة من ادوات الانتاج التي يملكها السيد.
ولكن الانسان من الناحية الثانية استساغ هذه العملية فاصبح الحصول على الاسرى في الحروب هدفا لامتلاكهم كأدوات انتاج. حدث النقض الاول لقوى الانتاج. انفصلت وحدة قوى الانتاج. اصبح الجزء الانساني من قوى الانتاج منفصلا عن ادوات الانتاج وعن الانتاج. فمن ناحية بقي الانسان العامل جزءا من قوى الانتاج كانسان ولكنه اصبح من الناحية الثانية احدى ادوات الانتاج التي لا يمتلكها ولا يمتلك انتاجها. اصبح العبد الانسان اداة الانتاج الرئيسية في المجتمع، المجتمع العبودي. نشأت الدولة لتنظيم الانتاج بكل ميزاته ومساوئه وللسيطرة على اداة الانتاج الرئيسية التي يمتلكونها، طبقة العبيد. اصبح المجتمع مجتمعا طبقيا من طبقة تعمل ولا تملك وسائل الانتاج ولا الانتاج وطبقة لا تعمل في الانتاج وتمتلك ادوات الانتاج والانتاج. وجميع عجائب الدنيا التي نفخر بها اليوم هي من انتاج الملايين من مثل هذا الانسان المنشطر عن نفسه لانسان عامل والى أداة انتاج. فهو كانسان فرد من المجتمع ولكنه كاداة عمل ملك لسيده لا يمتلك شيئا من ادوات الانتاج او الانتاج الذي ينتجه.
منذ هذا النقض الاجتماعي الاول وتحول المجتمع الى مجتمع طبقي نشأت ظاهرة جديدة. تستمر ظاهرة تطور قوى الانتاج وتوسعها من ناحية ولكن نشأت قوى تجد ان مصلحتها هي بقاء علاقات الانتاج لان تغير هذه العلاقات يضر بمصالحها. اصبح الانسان العامل بصفته الانسانية يعمل على استرجاع شيء من ادوات انتاجه وبعض انتاجه ولكن طبقة اسياد العبيد تستخدم اشد انواع القوة والقتل لمنع مثل هذا التحول. اصبح التاريخ منذ حدوث النقض الاول للمجتمع هو تاريخ الصراع الطبقي.
كان الاستغلال في هذا المجتمع واضحا وغير مستور. فالعبد هو المنتج لجميع انتاج المجتمع ولكن طبقة الاسياد تمتلك ادوات الانتاح التي اهمها الانسان نفسه كاداة انتاج وتمتلك كل الانتاج الاجتماعي ولا ينال العبد العامل والمنتج الا ما يتفضل عليه به سيده من الطعام لابقائه حيا. هنا ايضا لم يكن ثمة تقسيم ليوم العمل كجزء ضروري وجزء فائض. فانتاج العبد كله ملك السيد وليس للعبد فيه اي جزء.
ادى تطور قوى الانتاج المستمر الى توسع دور الارض كأداة انتاج نتيجة تطور الزراعة وتدجين الحيوانات واستخدامها بما لا يستطيع الانسان العامل القيام به. ادى هذا التطور الى ضرورة تغيير علاقات الانتاج بما يتفق وتطور قوى الانتاج وقد تحقق ذلك رغم معارضة اسياد العبيد الذين تدعو مصالحهم لبقاء الشكل العبودي من علاقات الانتاج. وكانت علاقات الانتاج الجديدة تقدما هائلا بالنسبة للانسان العامل.
في علاقات الانتاج الجديدة، العلاقات الاقطاعية، حصل الانسان العامل على جزء من نفسه كأداة انتاج وعلى جزء من ادوات الانتاج الطبيعية التي يستخدمها. ففي حين كان العبد اداة انتاج يملكها السيد لم يعد الاقطاعي يمتلك الانسان كأداة انتاج الا جزئيا. وبينما كان العبد منفصلا كليا عن انتاجه اصبح يمتلك جزءا من انتاجه. ففي النظام الاقطاعي اصبح الانسان العامل، القن، يعمل على قطعة ارض زراعية وبعض حيوانات الجر ويحصل على ما تنتجه هذه الارض من ثمار يعيش عليها ويواصل العمل بها في السنوات التالية. ومقابل ذلك يعمل الفلاح وعائلته اياما معينة في زراعة اراضي الاقطاعي وخدمة بيوت الاقطاعي. لم يكن يوم عمل القن مقسما الى جزء ضروري وجزء فائض بل كان يوم عمل القن في مزرعته يوم عمل وانتاج له ويوم عمل القن في مزرعة الاقطاعي او في قصره يوم عمل للاقطاعي. لم يكن استغلال الاقطاعي للقن مستورا بل كان واضحا حين يقوم القن بخدمة الاقطاعي في مزارعه او في قصره.
ولكن قوى الانتاج لن تتوقف عن التطور والتوسع فنشأت في داخل المجتمع الاقطاعي صناعة الاصناف وكانت لها قواعدها الصارمة حيث كان يعمل فيها العامل جزءا كبيرا من عمره في تعلم الصنعة كمياوم ثم خلفة الى ان يصبح اسطه ليحق له ان يكون صاحب صنعة ويستخدم المياومين والخلفات. ونشات نتيجة تطور الراسمال التجاري ما يسمى المانيفكتورا حيث كان التاجر يزود الفلاح بالمواد اللازمة لانتاج السلعة التي يتاجر بها ويدفع له مقابل ذلك. لم يتحول الفلاح في عصر المانيفكتورا الى عمل بالمعنى العلمي للعامل. فقد بقي فلاحا يكرس جزءا من عمله وعمل عائلته الى خدمة التاجر بادوات انتاج بدائية مما كان متوفرا لدى المجتمع في حينه.
استمر تطور قوى الانتاج فنشأت بعض الصناعات خصوصا بعد اكتشاف البخار لتشغيل المكائن البخارية. وفي المصنع كان صاحب المصنع الراسمالي بحاجة الى عمال يمارسون عملهم في المصنع يوما كاملا. لم يكن انذاك حدود لساعات العمل اليومية فكان على العامل ان يعمل ساعات طويلة بلغت ست عشرة ساعة في اليوم او اكثر. ولايصلح لمثل هذا العمل شخص يعمل في الزراعة او في مهنة اخرى غير العمل في المصنع.
اصبح العامل في مثل هذا الانتاج حرا بمعنيين. فمن ناحية اصبح مالكا لنفسه كوسيلة انتاج لا يشاركه في ذلك احد ومن الناحية الثانية اصبح لا يملك غير نفسه كوسيلة انتاج بدون ان تكون له اية علاقة بادوات الانتاج او بالانتاج. اصبحت نفسه كأداة عمل السلعة الوحيدة التي لا يستطيع ان يحصل على معيشته الا ببيعها. هذا لا يعني ان بيع العامل لنفسه كأداة عمل لم يحصل في الانظمة الاجتماعية السابقة ولكن ما حدث في سيادة الراسمال الصناعي ان هذا النوع من العامل لنفسه الشكل السائد في المجتمع. اصبح المجتمع مجتمعا راسماليا.
اصبح العامل في هذا المجتمع مالكا لقوة عمله يعرضها في السوق كسلعة كما يعرض التاجر بضاعته لمن يرغب في شرائها. اصبحت العلاقة بين العامل والراسمالي علاقة طبيعية في ظاهرها، علاقة بين بائع لسلعته ومشتر لها. يبيع العامل سلعته الوحيدة، قوة عمله، بقيمتها والراسمالي يشتريها بقيمتها ولا يبدو في العملية اي استغلال من جانب تجاه الجانب الاخر. ولكن الراسمالي حين يبيع سلعه المنتجة اثناء استخدام قوة العمل التي اشتراها بقيمتها يحصل على قيمة تفوق القيمة التي اشتراها بها، اي يحقق ارباحا. لم يكن مصدر هذه الارباح التي يجنيها الراسماليون معروفا الى ان اكتشفه كارل ماركس باوضح اشكاله.
اكتشف كارل ماركس ان قيمة قوة العمل عند شرائها تختلف عن قيمة استعمالها في الانتاج. اكتشف ان قيمة سلعة قوة العمل تختلف اختلافا كبيرا عن القيمة التي تخلقها عند استعمالها. اكتشف ان الراسمالي حتى لو اشترى سلعة قوة العمل بقيمتها الحقيقية فان قوة العمل عند الاستعمال في المصنع تنتج قيمة تفوق القيمة التي دفعها عند شرائها. اكتشف ان الفرق بين القيمة التبادلية لسلعة قوة العمل وبين القيمة الاستعمالية لقوة العمل هو المصدر الوحيد لارباح الراسماليين. اكتشف ان العامل عند استخدامه في المصنع ينتج في جزء من يوم العمل قيمة سلعة قوة عمله التبادلية وفي ساعات العمل الباقية ينتج فائض قيمة هو المصدر الوحيد لارباح الطبقة الراسمالية ولا توجد في في النظام الراسمالي اية ارباح غير فائض القيمة الذي يجنونه من استخدام قوة العمل التي يشترونها لاستخدامها في مصانعهم.
في الانظمة السابقة للنظام الراسمالي لم يكن ثمة تقسيم ليوم العمل الى قسم ضروري وقسم فائض لان الاستغلال كان واضحا. العبد كان نفسه وسيلة انتاج يملكها سيده وفي النظام الاقطاعي كان الاستغلال واضحا في الايام التي يعمل فيها القن في مزارع وقصور الاقطاعيين. في النظام الراسمالي فقط اصبح الاستغلال مستورا وخفيا عند تحول قوة العمل الى سلعة تباع وتشترى شأنها شأن كافة السلع الاخرى في المجتمع. في النظام الراسمالي فقط اصبح تقسيم يوم العمل الى القسم الضروري والقسم الفائض.
تختلف سلعة قوة العمل عن كافة السلع المعروضة في السوق العالمية للراسمالية. فعدا عن كونها تخلق اثناء استخدامها قيمة تفوق قيمتها تختلف عن سائر السلع اختلافا جوهريا اخر. جميع السلع عند بيعها تتحول الى ملكية المشتري ولا تبقى ثمة علاقة لها بالبائع. ومن حق المشتري ان يتصرف بالسلعة التي اشتراها كيفما يشاء. اما سلعة قوة العمل فتختلف عن جميع السلع بكونها غير قابلة للانفصال عن بائعها. فالبائع كانسان يجب حضوره مع سلعته التي يبيعها عند استعمالها. حين يشتري الراسمالي سلعة قوة العمل بقيمتها يجد ان من حقه ان يستعملها كيفما يشاء اسوة بغيرها من السلع. ولكن ارتباط الانسان العامل بقوة عمله كوسيلة انتاج يحد من قدرة الراسمالي ان يستعمل سلعة قوة العمل كما يشاء. فالانسان العامل كانسان يحتاج الى وقت للراحة للنوم للاكل لتكوين عائلة والعيش كانسان. بينما يرى الراسمالي ان من حقه استخدام السلعة التي اشتراها اربعا وعشرين ساعة في اليوم. وتاريخ النظام الراسمالي كله كان صراعا بين الانسان العامل وبين الراسمالي الذي يشتري سلعته حول تحديد ساعات العمل اليومي لهذه السلعة. هذا الشكل من بيع سلعة قوة العمل وشرائها في السوق واستخدامها خارج السوق في المصانع والحصول نتيجة استخدامها على فائض القيمة هو ما نسميه نظام الاجور. انه نظام خاص بالفترة الراسمالية من المجتمع.
كما ان شراء سلعة قوة العمل واستخدامها في الانتاج هو المصدر الوحيد لارباح الطبقة الراسمالية فمن الجانب الاخر تشكل الاجور، اي قيمة شراء سلعة العمل، المصدر الوحيد لدخل الانسان العامل. فليس للعامل اي دخل اخر غير قيمة سلعته، قوة عمله.
ولكن قوى الانتاج لن تتوقف عن التطور والاتساع. وقد ادى تطور قوى الانتاج في النظام الراسمالي الى ضرورة نشوء علاقات انتاج تتفق وتطور قوى الانتاج كما حصل في التحولات السابقة. وحصل التحول في ثورة اكتوبر. في ثورة اكتوبر حدث نقض النقض. ففي النقض الاول انفصلت ملكية وسائل الانتاج والانتاج عن الانسان المنتج. وفي نقض النقض عادت ملكية وسائل الانتاج والانتاج الى الانسان المنتج. اصبحت ملكية وسائل الانتاج والانتاج ملكية عامة للمجتمع العامل كله كما كانت في المشاعية البدائية ولكن بمستوى اعلى. بدات لاول مرة في تاريخ البشرية مرحلة الشيوعية المتقدمة بدلا من الشيوعية البدائية. وكما توقع كارل ماركس وانجلز كان على هذه المرحلة الشيوعية ان تمر في مرحلتين هما المرحلة الاشتراكية ثم المرحلة الشيوعية.
في المرحلة الاولى من الشيوعية، المرحلة الاشتراكية، تبقى بقايا النظام السابق وعلى المجتمع ان يتخلص منها سواء في الانتاج او من الناحية الطبقية كبقايا الطبقة الراسمالية المدحورة والتغلب على التناقض بين العمل الجسمي والعمل الفكري وبين العمل الزراعي والعمل الصناعي. وفي هذا النضال يحتاج النظام الاشتراكي الى استخدام الادوات التي استخدمتها الراسمالية كالدولة ومؤسساتها لمقاومة محاولات بقايا الطبقات القديمة لاستعادة سيطرتها.
اهم مظاهر المجتمع الشيوعي ان يصبح المجتمع قادرا على توفير كل ما يحتاجه الانسان وهو ما لا يتحقق في المرحلة الاولى . احدى اهم هذه الظواهر هي عدم توفر المواد الاستهلاكية لتوزيعها على الناس لكل حسب حاجته. كان على النظام الاشتراكي ان يجد وسيلة لتوزيع الانتاج المتوفر بطريقة ما فلم يجد افضل من نظام الاجور الذي ساد في النظام الراسمالي. ففي هذا النظام امكن تحقيق الشعار الاشتراكي من كل حسب طاقته ولكل حسب عمله.
هناك تشابه بين نظام الاجور في النظام الراسمالي وفي النظام الاشتراكي هو كون العامل يستخدم لقاء اجور يتقاضاها بعد مدة من عمله، اسبوع، اسبوعين، شهر. هذا هو التشابه الوحيد بين نظام الاجور في النظام الراسمالي وفي النظام الاشتراكي.
في النظام الراسمالي تشكل اجور العامل دخله الوحيد. عليه ان يوفر كل مستلزمات حياته وحياة عائلته من هذه الاجور. من اجوره عليه ان يجد سكن عائلته ثقافة ابنائه مواد معيشتهم وكل حاجاته من اجل استمرار حياته وحياة عائلته واعادة انتاج سلعته الوحيدة، قوة عمله، كل يوم لليوم التالي. ومهما كانت اجور العامل لا تكفي لتوفير جميع هذه الحاجات لذلك يعيش طيلة حياته في حالة فقر. اضافة الى ذلك يعاني العامل من الازمات الراسمالية المتكررة والبطالة وكل المشاكل التي يعانيها العمال في ايامنا حتى في اكثر الدول الامبريالية تقدما كما تشير الاحصاءات في الولايات المتحدة اثناء الازمة الحالية التي يعاني منها العالم الراسمالي كله.
في النظام الاشتراكي تشكل الاجور وسيلة لتوزيع المواد الاستهلاكية التي لم يبلغ الانتاج فيها مستوى توزيعها لكل حسب حاجته. فهي ليست دخل العامل الوحيد. كل ما يستطيع المجتمع توزيعه لكل حسب حاجته يتمتع به العامل بصفته احد افراد المجتمع. السكن، الرعاية الصحية، الثقافة لكافة الاعمار، حضانات الاطفال، دور اللهو المسائية للاطفال التي كانت تسمى قصور الاطفال، العطل السنوية لكل عائلة والتمتع في مصايف ومنتجعات البلاد لكل عائلة، وكثير من الخدمات الاخرى تقدم لكل حسب حاجته. كذلك توفير وسائل اللهو باسعار رخيصة يستطيع العامل ان يوفرها كالسينما والمسارح وصالات الباليه والحفلات الموسيقية وغيرها وكذلك توفير المواصلات باسعار زهيدة. هذه الخدمات كلها توفر لكل فرد في المجتمع بدون تمييز وبلا علاقة بالاجور.
في النظام الراسمالي كان يوم عمل العامل منقسما الى الجزء الذي ينتج فيه العامل قيمة قوة عمله وجزء هو فائض قيمة يجنيه الراسمالي بدون مقابل. في النظام الاشتراكي لم يعد ثمة مثل هذا الانشطار في يوم العمل. اصبح يوم عمل العامل مساهمة في الانتاج الاجتماعي يصبح انتاجه جزءا من الانتاج الاجتماعي الذي يعود للمجتمع بكامله.
في المجتمع الراسمالي تكون قوة عمل العامل سلعة تعرض في الاسواق للبيع فاذا عجز العامل عن ايجاد من يشتريها تصبح قوة عمله قوة فانية تالفة غير منتجة في كل يوم بطالة يعاني منها العامل وعليه ان ينتج قوة عمل جديدة على امل بيعها في اليوم التالي.
في المجتمع الاشتراكي ليست قوة عمل العامل سلعة تعرض في الاسواق لبيعها. حق العمل حق مطلق مكفول لكل انسان قادر على العمل وانتاجه جزء من الانتاج الاجتماعي. واذا كان الانسان عاجزا عن العمل بسبب الشيخوخة او لاي سبب اخر فانه لا يتمتع بكافة الخدمات المتوفرة لكل حسب حاجته وحسب بل يتلقى حصته من المواد الاستهلاكية تحقق له حياة مشابهة لحياة العامل القادر على العمل.
عاش الاتحاد السوفييتي مجتمعا اشتراكيا حقيقيا عشرين عاما بضمنها بطولات الحرب ضد النازية واعادة البناء بعد الحرب. عشرون عاما لا تشكل بالقياس الى مليارات عمر الارض قطرة ماء في محيط. ولكنها مع ذلك عشرين عاما من تاريخ البشرية كانت تجربة لا مثيل لها في تاريخ البشر ية لا يمكن محوها او تجاهلها. يمكن للاجيال القادمة ان تستفيد من محسنات هذا التاريخ وتتحاشى اخطاءه. ولكن البشرية تستفيد من التاريخ الحقيقي لهذه العشرين عاما وليس مشوهاتها وافتراءاتها وتزييفاتها. وثمة اليوم في العالم حركات واسعة تدرس هذا التاريخ على حقيقته لغرض الاستفادة منه بطريقة صحيحة وناجعة من اجل تعميمه في العالم كله في عالم اشتراكي يتقدم نحو المجتمع الشيوعي.