حصاد زراعة ديمقراطية جورش بوش شوز والقرد الاسود بر اك حسين اوباما في العراق هلهولة لحكومة مجرمي سلطة الاحتلال وبرلمان خرسان وطرشان وعميان الاحتلال ياخونة حرامية مصيركم سوف يكون مثل مصير اي عميل اميركي وانكليزي وايراني ومصير اي نظام دكتاتوري جاء بقطار اسيادهم الامبريالين الامريكان

IRAQI REVOLUTIONARY MAOIST ORGANIZATION - IRMO المنظمة الماوية الثورية العراقية - جبهة نجوم الحمراء




الكفاح المسلح الطريق الوحيد للتحرير

الكفاح المسلح الطريق الوحيد للتحرير







2011-02-11

على الطريق الذى خطه ماوتسى تونغ ( نص للحركة الأممية الثورية نشر بمجلّة -عالم نربحه-/ ترجمة شادي الشماوي)

شادي الشماوي

إلى الأمام على الطريق الذى خطه ماوتسى تونغ
( ملاحظة : 1- عوض مصطلح فكر ماو تسى تونغ بالماوية حيث لا يدخل تعديلا على معنى الجملة – المترجم .
2- الوضع العالمي الحالي ليس نفس وضع 1986)
----------------------------------------------------------------------------------------------------------
صاغت لجنة الح الأ الث هذا الخطاب من أجل أن يتم إلقاؤه فى الإجتماعات و أن تستعمله فى مختلف نشاطاتها الأحزاب و المنظمات التى تساهم فى الحملة العامية الراهنة تحت شعار " إلى الأمام على الطريق الذى خطه ماوتسى تونغ" .
----------------------------------------------------------------------------------------------------------
أيها الرفاق، أيتها الرفيقات
مرت عشر سنوات على وفاة ماو تسى تونغ و عشرون سنة على عواصف الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى . لا يمثل ماو و الثورة الثقافية سوى ذكرى شباب بعيدة بالنسبة للعديدين الذين يناضلون اليوم فى سبيل الثورة ،أما بالنسبة للآخرين ،الأكبر سنا ،فهما يمثلان الصورة الحمراء الساطعة للسلطة البروليتارية فى الصين كما يمثلان الطاقة الثورية التى أطلقها ماو تسى تونغ وهي جميعها محفورة إلى الأبد فى الذاكرة .
و اليوم لم لم تعد الطبقة العاملة و الشعوب المضطهَدة تملك دولة خاصة بها و لم يعد لديها أي بلد أين يمكن أن يشرع فى البناء الشيوعي .لا ، العالم اليوم بالتمام بين أيدى نهابين إمبرياليين و حلفاءهم ،الجماعات الرجعية من دمى و طغاة . لقد وعينا فى مناسبات عدة أن الوضع هو جوهريا ، ذاته فى ما يدعى أنه "معسكر إشتراكي " فهناك أيضا ، واجب العمال و الفلاحين هو الإنتاج و تطبيق الأوامر و الخضوع للإضطهاد و الإستعداد للقيام بحرب بإسم مستغليهم هم .
يالها من مسافة هذه المسافة التى تفصلنا عن صين عشر سنوات خلت ، لما كانت السلطة بأيدى طبقتنا !
بوضوح ، لا يجب علينا أبدا أن نسمح للإمبرياليين و الرجعيين أن يسيؤوا إلى ذاكرة أعظم منجزاتنا . فالطبقة العاملة و مضطهَدى كافة البلدان فى حاجة الآن أكثر من أي وقت مضى للثقة و للقوة و للبديل الناجمين عن تراث حركتنا .و حاليا ، واحدة من أهم المهام هي مواصلة القتال و الفاع عن أعظم ما توصلت إليه طبقتنا و رفعه عاليا . بيد أن هذا غير كاف بالمرة لأن هدفنا ليس شيئا آخر سوى خوض النضال فى سبيل الشيوعية فى أي مكان من العالم ، و من هنا أتى شعار "إلى الأمام على الطريق الذى خطه ماو تسى تونغ " شعار الحملة التى يشنها الشيوعيون الثوريون الحقيقيون على كافة القارات.
كنا أكدنا أنه " تستحيل هزيمة التحريفية و الإمبريالية و الرجعية عموما دون الإعتماد على مساهمات ماو تسى تونغ" و هذا قبل حتى تشكل الحركة الأممية الثورية ،أي خلال الندوة الأولى للإحزاب و المنظمات الماركسية-اللينينية التى إنعقدت فى 1980 . و هذا التاكيد ما زال صحيحا بعدُ. فدون الماوية سنظل نتخبط و سنصاب بالضياع . بالطبع ،سيستمر الصراع الطبقي و بالطبع ستستمر الجماهير الثورية فى الإنتفاض و حتى ستخوض النضال المسلح لكن بالرغم من هذه الجهود البطولية لن يُسمح للجماهير الشعبية أن تأخذ بيدها مصيرها و أن تشرع فى تشييد مستقبلها هي لأن فقط الماركسية-اللينينية –الماوية بإستطاعتها أن تطلق إندفاع النضال الأصيل و الواعي و الثوري ، هذه الإيديولوجيا فقط هي التى ستخول لنا أن نفرق بين الأصدقاء و الأعداء و من هنا بالذات ستسمح لنا بتحديد طبيعة الثورة و مهامها .
و اليوم بينما تحتد تناقضات النظام الإمبريالي حيث لم يفتأ خطر حرب عالمية يتصاعد من جهة و إمكانيات الثورة تتضاعف من جهة أخرى ، ستكون الماوية حاسمة فى إنتصار الثورة أو إخفاقها . لقد واصل ماو تسى تونغ العمل الذى شرع فيه ماركس و إنجلز و لينين و ستالين . إذ دافع عن الماركسية –اللينينية فى وجه الهجمات التحريفية المعاصرة المتمحورة حول مجموعة المرتدين الذين سرقوا السلطة فى الإتحاد السوفياتي . و أورثنا جملة مسائل مطروحة على الحركة الشيوعية فى الصين و فى العالم . و أهم مساهمات ماو تسى تونغ[ فى علم الثورة البروليتارية العالمية ] كانت تحليله للتناقض فى صلب المجتمع الإشتراكي ذاته و من ثمة تطوير نظرية – و مممارسة!- مواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا . ( سنعود لاحقا إلى هذه المسألة ).

و الذين يدعون الماركسية-اللينينية اليوم دون الدفاع مع ذلك عن ماو تسى تونغ هم إما مخادعون أو جهلة . فمثل هذه النظرة تفقد علمنا الثوري عناصره الأكثر تطورا و تتغاضى عن سلسلة كاملة من الإنحرافات التحريفية التى قاتل ضدها ماو و الإستنتاجات المستخلصة من تلك الصراعات . لغاية فهم لماذا من الصحيح التأكيد على أنه دون الدفاع عن الماوية و دون التشكل على أساسها " " تستحيل هزيمة التحريفية و الإمبريالية و الرجعية عموما " ، من الضروري أن تأخذ بعين الإعتبار بعض المبادئ الجوهرية التى أصبحت الماوية ترمز إليها فى العالم المعاصر .
------------------------------------------------------
غدى ماو تسى تونغ رمزا للنضال المسلح الجماهيري . بناءا على المفهوم الماركسي –اللينيني للدولة ،أدلى ماو بملاحظة عميقة ألا وهي أن " من فوهة البندقية تنبع السلطة السياسية " . لم يسامح أعداء البروليتاريا و من يدعون أنهم أصدقاءها ،أبدا ماوتسى تونغ على أنه بيّن هذه الحقيقة و نعتوه بإفتراء ب "الدموي" . و فى الواقع لم يفعل ماو سوى الحديث بشكل مفتوح عن ما كان دائما ممارسة الطبقات المستغِلة التى تُبقى على هيمنتها بقوة البوليس و السجون و مقاصل الإعدام . مثلما قال ذلك بعدُ ماركس و إنجلز :" يترفع الشيوعيون عن إخفاء آراءهم و مقاصدهم". و فى نفس الإتجاه تجرأ ماو على توجيه نداء لشعوب العالم بأسره لنبذ الأوهام و الإستعداد للإفتكاك السلطة عبر النضال المسلح .
و طوّر ماو النظرية العظيمة لحرب الشعب المرتكزة على تطبيق علم الماركسية –اللينينية خلال السنوات الطويلة من النضال المسلح الثوري فى الصين . و لا يمكن تقليص حرب الشعب إلى مجموعة من التكتيكات و إلى سياسات عسكرية إذ هي التعبير العسكري عن خط البروليتاريا فى البلدان المضطهَدة و هي مفتاح إيقاظ أوسع جماهير المستغَلين و بالخصوص الفلاحين فى ظل قيادة الطبقة العاملة و حزبها .
و شدد ماو على أن :" الحرب الثورية هي حرب جماهيرية ،لا يمكن خوض غمارها إلا بتعبئة الجماهير و الإعتماد عليها.". و حاليا ، يرى البعض ضرورة النضال المسلح ضد الإمبريالية و الرجعية و حتى خنالك من يقومون فى بعض الأحيان بعمليات مسلحة لكن فقط نهج ماو تسى تونغ هو الذى يؤدى إلى إستنهاض الجماهير و يطلق طاقتها و يعتمد عليها . و الإنحرافات الإنتهازية عن النضال المسلح و العمليات المعزولة التى تقوم بها مجموعات من الأشخاص و حتى دفع الجماهير لممارسة عمليات مقاومة مسلحة لغاية أن تستفيد الجماعات الإنتهازية و تستغل تضحيات الجماهير خلال التفاوض الذى ينتهى بالإتفاق مع الرجعيين ، كل هذا لم يكن مقبولا لدى ماو .
حسب ماو يمثل الشعب " الحصن الحديدي الحقيقي" و بالتعويل عليه سيهزم أقوى الأعداء فى حرب الشعب . نحن بعيدين للغاية عن أولئك الذين يدافعون ،دون أي خجل عن أن تحرير الشعوب لا يمكن ان يتحقق إلا بإعانة من الرجعيين .
و شدد ماو على أن الحرب الثورية كانت دائما عبر التاريخ ، قتال المسلَّحين بشكل سيئ ضد أعدائهم . وحتى عندما تعلق الأمر بالدفاع عن الصين الإشتراكية ضد الأعداء الإمبرياليين الأقوياء و المدججين بالسلاح واصل ماو التأكيد على الدور المفتاح للجماهير و إثر ذلك ، لما كان بعض أعلى قادة الحزب الشيوعي الصيني يؤكدون على الدور الحيوي للتسلح العصري أو كانوا مستعدين للإستسلام أمام الإمبرياليين ،نادى ماو الشعب ل"حفر أنفاق عميقة و إنشاء مخازن حبوب فى كل مكان " و بهذه الطريقة للإستعداد لمواجهة أي إعتداء إمبريالي عبر حرب الشعب .
لقد شاهدنا ،هذه السنين الأخيرة إضطرابا فى صفوف أولئك الذين عولوا أساسا على التسلح و التكنيك و الذين تخلوا فى الوقت ذاته عن الدور المحدد للجماهير فى الحرب الثورية . ففى 1966 ، أعطى ماو تسى تونغ نصيحة قيمة لمنظمة تحرير فلسطين مفادها أنه عليها أن تتبع سياسة "تقاتلون على طريقتكم و سنقاتل على طريقتنا" . غير أن منظمة تحرير فلسطين بقيت غير عابئة بهذه النصيحة فعرفت هزائم متتالية إثرها سقطت كمية كبيرة من التجهيز العسكري الذى بيّن عدم صلوحيته ،سقطت بين أيدى العدو الصهيوني خلال إجتياح لبنان فى 1982 .أما بالنسبة لمقاومة الجماهير الشعبية فقد تم تحويل مسارها و أجهضت . لا وجه للمقارنة بين ذلك و بين التقدم الهائل الذى حققه رفاقنا فى الحزب الشيوعي البيروفي و الذين بينوا أنه بتعبئة الجماهير و بالتعويل عليها ، يمكن تحقيق خطوات عملاقة فى حرب الشعب دون قبول و لو رصاصة واحدة من أعداء الثورة !
-----------------------------------------------
و يظل ماوتسى تونغ الآن أيضا رمزا لمناهضة التحريفية المعاصرة التى يقودها الإتحاد السوفياتي و هذا رغم مضي عشر سنوات على وفاته .فماو هو الذى قاد الشيوعيين الحقيقيين عالميا فى فضح الإتحاد السوفياتي و القطع معه بعد أن غير البلد لونه فى 1956 بوصول خروتشوف و عصابته الجديدة من الإستغلاليين إلى سدة السلطة .

لقد رفض ماو أن يستسلم لإبتزاز خروتشوف و عصابته من التحريفيين المتكبرين الذين كانوا ينتظرون منه أن يركع للضغوطات الإقتصادية و العسكرية و أن يتراجع أمام القوى الهائلة لحلفاء السوفيات الذين كانوا موجودين حتى داخل صفوف الحزب الشيوعي الصيني . و بالفعل كان الإسترداد السريع للإخصائيين و إيقاف الإعانة السوفياتية فى 1960 ضربة قاسية للدولة الإشتراكية الفتية . ومع ذلك ، بيّن ماو أنه يمكن تكريس سياسة التعويل على القوى الذاتية و أن الصين كانت قادرة على مقاومة الحصار السوفياتي بنجاح . و على هذا أيضا لن يسامح ماو أبدا .
كانه ماو تسى تونغ يعلن بجلاء معارضته لكافة محاولات إبرام إتفاقيات مع الرجعية ذلك أنه لا يجب إيقاف الثورة من أجل بعض الإصلاحات أو التحصل على مواقع فى الحكومة فكان الإستثناء البارز ضمن من أصبحوا نماذجا عادية للأحزاب الشيوعية و العاملين بإشارات مناسبتية للثورة الإشتلراكية فى الوقت الذى لا يفعلوا فى الواقع سوى عرقلة الإعداد الفعلي و إفتكاك السلطة . و على الصعيد الإيديولوجي ، كان ماو معارضا شرسا للذين كانوا يعلنون أنه ينبغى مراجعة الماركسية –اللينينية (إفهموا "إفراغها من مضمونها الثوري " ). و من خلال عدد من النقاشات التى صيغت تحت إشراف ماو و ذات القيمة العالية ،فضح الحزب الشيوعي الصيني الأسس النظرية للتحريفية المعاصرة ووضع بهذا بالذات أسس الحركة الماركسية –اللينينية المعاصرة .
منذ البداية ، إفترى التحريفيون فىالعالم على الماويين وأهانوهم . و تعاونوا عادة حتى مع الرجعية لمهاجة الثوريين الحقيقيين ،هذا ما فعلوه فى الهند أثناء إنتفاضة نكسلباري و ما يفعلونه الآن فى البيرو . كل هذا لأن الماوية تعنى الثورة بعمق و الذين يعتبرون النضالات الثورية وسيلة بسيطة للحصول على حصتهم من إستغلال العمال و الفلاحين سيرون على الدوام الماوية عدوا مميتا لهم .
-------------------------------------------------------------
فى 1956 ، فاجأ ماوتسى تونغ العالم بتصريحه "ريح الشرق ستتغلب على ريح الغرب " . فرأى أعداءه فى هذا التصريح "حجة " على كرهه للأجانب و تعصبه القومي بينما فى الواقع الأمر عكس ذلك تماما.
وهو على رأس الصين الثورية ،تمكن ماوتسى تونغ من بلوغ نظرة صحيحة و ثاقبة لعصره فى حين كان الإمبرياليون يصرحون بأن اللينينية تجاوزها العصر و أن عصرا جديدا إبتدأ بعدُ هو عصر التحول السلمي للإشتراكية و التعايش السلمي بين الإشترتكية و الرأسمالية . أنكى حتى ، كانوا يدعون أن تطور التسلح الجديد الرهيب جعل من غير الممكن خوض حرب ثورية . على العكس منهم ، إعتبر ماو أن المرحلة منذ الحرب العالمية الثانية تميزت بتحول منطقة الإعصار الثوري من "الغرب " إلأى "الشرق" ( يعنى نحو آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية ) و أن تطور الثورة العالمية يرتبط بتطور الثورة فى هذه المناطق .
هذا هو التحليل الذى جعله يستخلص أن ريح الشرق ستتغلب على ريح الغرب . لهذا أيضا إرتبطت صورة ماو بحق بإنتفاضات الشعوب المضطهًدة التى زعزعت آسيا و أفريقيا و آمريكا اللاتينية – منذ إنتصار الثورة الصينية إلى حرب الشعب لتحرير الفتنام. بالنسبة لماو تسى تونغ ، يعد صراع الشعوب المضطهَدة من أجل تحررها جزءا لا يتجزأ من الثورة الإشتراكية البروليتارية العالمية وهي أطروحة دافع عنها طوال الثورة الصينية و تأكدت بالسياسة و الطريق الذين سلكتهما الصين ذاتها إنطلاقا من 1949.
------------------------------------------------------------------------
مثل ماوتسى تونغ أكثر من أي شخصية معاصرة أخرى دكتاتورية البروليتاريا . فقد إنتهى تشانغ تشوان كياو وهو أحد أقرب رفاق ماو تسى تونغ إلى تحديد أن مسألة دكتاتورية البروليتاريا كانت دائما فى محور صراع بين الماركسية و التحريفية حيث ناضل ماو بصرامة ضد أفكار خروتشوف و أمثاله الصينيين الذين دافعوا عن أطروحة " دولة الشعب بأسره "التى تعنى أن الدولة لم تكن لتتميز بدكتاتورية طبقة على أخرى .
و كان ماو يفهم جيدا أنه إما أن تمارس الطبقة العاملة بالتحالف مع شرائح أخرى من الجماهير الكادحة دكتاتورية شاملة على البرجوازية أو أن تسترجع البرجوازية السلطة و تسيطر على الجماهيرالكادحة . إضافة إلى ذلك علمنا ماو أن على البروليتاريا أن تمارس دكتاتوريتها على كافة الأصعدة و بعبارات أخرى أن تجتهد من أجل إحتلال كل القيادات العليا للمجتمع – طبعا السلطة السياسية و لكن أيضا مراقبة الإقتصاد و التعليم و الأدب و الفنون و العلوم و الطب – أي على كل مظاهر الحياة الإجتماعية . و كان يُعلٍّم أن سلطة البرجوازية ستبقى و ستتعزز فى جميع المجالات التى لم تتوصل إليها السلطة البروليتارية و علمنا ماو أن "الحق الجوهري للعمل " (أو البروليتاريا ) هو الحكم. و كان يشدد على أنه دون الإستناد إلى هذا المنظور لن يكون لأي خطاب حول "حق العمل" معنى فى المجتمع الإشتراكي .
خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ،قاد ماو تسى تونغ البروليتاريا لتفتك عديد المجالات التى كانت تحتفظ بها سابقا و بغيرة السلط البرجوازية و تعتبرها ممنوعة على البروليتاريا كالتعليم العالي مثلا الذى لم يتغير كثيرا منذ الثورة [1949] و إعتُبر حتى فى المجتمع الإشتراكي مخصص ل"لأخصائيين " . و كانت النظرية منقطعة عن الواقع و كان الطلبة رئيسيا من الطبقات القديمة ذات الإمتيازات (او أبناء و بنات الكوادر ) .و كانت الإيديولوجيا البرجوازية لا تزال مهيمنة . و بالفعل لم تكن الجامعات تساعد فى تشييد النظام الإشتراكي بل تكون و تعزز شريحة برجوازية جديدة .
و أثناء الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى دخل العمال المسلحين بالوعي الطبقي الجتمعات و سيروها و بالتحالف مع العناصر الثورية الموجودة ضمن الطلبة و رجال و نساء التعليم تمكنت هؤلاء البروليتاريين الواعين طبقيا من تطبيق علم الماركسية-اللينينية –الماوية ليحولوا ثوريا هذه المؤسسات و ليكونوا بالتالى عوض الأخصائيين القدماء الذين أنتجتهم المؤسسات القديمة "أخصاءيين حمر" جدد و ضار عمال و فلاحون طلبة كانت لهم فى الآن معا رؤية صحيحة عن العالم و مستوى سياسي رفيع و أكدوا هكذا أنهم كانوا قادرين على إستيعاب العلوم و التقنيات الأكثر تطورا .و فى مناسبات عديدة ،بإعتبار إرتباطهم الوثيق بالعمال و الفلاحين و لإعتمادهم الماركسية-اللينينية –الماوية مرشدا لهم كان هؤلاء الأخصائيين الحمر قادرين على تحقيق إنجازات خارقة للعادة كانت "السلط السكولاسكية " تعتبرها مستحيلة .
و كان الأمر كذلكعلى أصعدة أخرى حيث حولت عديد الميادين الثقافية راديكاليا و عليه عندما "غزت" البروليتاريا "الركح" كانت مسألة "لمن؟" قد حسمت بالفعل . لا، لن تبقى ميادين الأدب و الفن ميادينا خاصة بالبعض أين تسمم الأفكار البرجوازية حول الإنسانية و التشاؤم إلخ و أين ،علاوة على كل هذا ،كان الرأي العام يصاغ من أكاذيب لغاية الإعداد لقلب سلطة العمال و الفلاحين . بنداء البروليتاريا الذى لم يحطم فقط الهيمنة البرجوازية بل إنتهى أيضا إلى إنجازات عملاقة لم يسبق لها مثيل فى التاريخ . و هكذا ظهر العمال و الفلاحون على الركح و كانت الإيديولوجيا الماركسية –اللينينية –الماوية تنير مجموعة كاملة من النماذج التى يجب إتباعها فى الأوبيرا و البالي و الموسيقة السمفونية و السينما إلخ .
كل هذه و غيرها من المنجزات الكبرى لسلطة البروليتاريا فى الصين لا تزال تُلهم عمال و فلاحي العالم بأسره الذين لهم إمكانية إكتشافها . إنه لمبعث غبطة بالنسبة للبروليتاريا و لا ينبغى أن نخاف من أن العمال و الفلاحين – و كذلك رؤيتهم للعالم – غزوا أعلى مراكز المجتمع . لكن بالنسبة للرجعيين فى الصين و غيرها ، لا يوجد شيئ أكثر إفزاعا! حين يتحدث الملطخون إلى الأبد بدماء جرائمهم التى لا تحصى ،حين يتحدثون عن ماو على أنه "طاغية " أو "دكتاتور" فإنهم يريدون القول من هنالك أن ماو كان قد مارس الدكتاتورية على "البرجوازية و الرجعيين" . و حين يقولون إن ماو "خنق" العلوم و الفنون فإنهم يشيرون إلى أنه قهر الهيمنة البرجوازية على العلوم و الفنون و فتح المجال أمام العمال و الفلاحينلينجزوا موجة إبداع و تحصيل للمعرفة . هو بالضبط هذا النوع من "الدكتاتورية " و من "الطغيان " هو الذى نحتاجه أكثر فى الصين و فى العالم بأسره!
---------------------------------------------------------
و يرمز ماو تسى تونغ إلى الدور الواعي و الديناميكي للإنسانية فى تحويل العالم . هذا ينطبق على القيام بالحرب كما ينطبق على إقامة بحث علمي و رفع الإنتاج و تحويل الأدب و الفن و على جميع مظاهر السيرورة الثورية .
منذ السنوات الأولى للثورة الصينية ، شدد ماو تسى تونغ على المبدأ القائل بأن على الحزب أن يستنهض الجماهير و أن يستند إليها فى أي ظرف و قد أكد أيضا على أهمية تطبيق الخط الجماهيري وهو مبدأ لن يتخلى عنه أبدا و مبدأ تتصاعد أهميته مع إحتداد الصراع الطبقي طوال المرحلة الإشتراكية بأسرها .
و قد لاحظ ماو أن التقنية و ىلآلات والأسلحة كانت نتاج الإنسان و ترتبط فى آخر المطاف به . و هعذا يتعارض قطعا مع النظرية التحريفية لقوى الإنتاج فى بناء المجتمع الإشتراكي وهي نظرية تدافع عن أن التغيير الإجتماعي يتبَع التقدم التكنولوجي . لهذا لم تعد المهمة هي القيام بالثورة بل رفع الإنتاج و ليس بإمكان البروليتاريا الثورية سوى التطبيق الفعلي لسياسة "الإعتماد على الجماهير " . و هذا بداية لأن " قصر نظر الطبقة "الذى يطال حتى العناصر الثورية للطبقات المالكة ( التى تقبل إيديولوجيا البروليتاريا) يمنعها من رؤية الطاقة الخلاقة و الحيوية الكامنة لدى الجماهير المضطهَدة و المستغَلة . إضافة إلى ذلك و حتى إلى درجة معينة يمكن للبرجوازية أن تعترف بالقوة الكامنة للجماهير (لخوض حرب وطنية مثلا ) و لكن هذه العناصر تخشى تعبئة الجماهير لأنها ( هذه العناصر ) تعلم أن موقعها ذى افمتياز يتطلب أن تبقى الجماهير مكتوفة الأيدى . و كان ماو يدرك أن الثورة فقط بإمكانها أن تكسر أغلال هذه القوة التى خنقتها العلاقات الإجتماعية الإستغلالية و سممتها . و أثناء البناء الإشتراكي مثلا ، أكد ماو أنه من الضروري " القيام بالثورة مع دفع الإنتاج " . و هكذا عبر بطريقة باهرة عن العلاقة بين مواصلة الثورة من أجل دفع متزايد للجماهير نحو الأمام و دكّ الحواجز التى تعترضها فى الطريق ، و على هذا الأساس فقط ، يمكن الشروع بقوة فى بناء سريع للإقتصاد الإشتراكي .
--------------------------------------------------------------------
و جسد ماو قبل كل شيئ الشيوعية . إنها "جريمة " أخرى لن تغفرها له أبدا التحريفية و الإمبريالية و الرجعية . كان مدركا أن إفتكاك السلطة ، على كونه عمل عظيم ، ليس إلا خطوة أولى "فى مسيرة ألف ميل " . فرفض أن يغالط الجماهير – أو أن يغالط نفسه- بخيالات من الإنتصار النهائي . و كان يعتبر أنه من الضروري مواصلة الثورة و الذهاب بها على الدوام أبعد فى إجتثاث بقايا المجتمع القديم و أنها ستتعرض دون ريب إلى مقاومةشرسة ليس من قبل المستغِلين القدامى فحسب بل كذلك من قبل عناصر داخل المجتمع الإشتراكي ذاته تسعى لجني نتائج النضال الثوري لذاتها و تعطل بالتالي التقدم نحو الإشتراكية و تعمل حتى من أجل إعادة تركيز الرأسمالية . لا ، لم يعد ماو تسى تونغ الشعب إلا بالنضال لكن ليس نضالا أعمى و ليس نضالا عفويا متشائما وفى الأخير بلا أمل طبقي و غير واعية بمستقبلها . مع ماو كمعلم كان للعناصر البروليتارية الأكثر ثورية فى الصين و فى العالم فهما أوضح لطبيعة العدو و مهامها هي .
و كان ماو قد قال إن فشل الثورة وارد و أكد أن الثورة سيرورة معقدة و مديدة تتخللها إنتصارات و إنهزامات . و مثلما كتب ماو : " المستقبل مشرق و لكن الطريق متعرج" . كان لديه نفس التقيمم فى آخر أيام حياته حيث لاحظ بوضوح و من جديد خطر إعادة تركيز الرأسمالية الذى حصل فى الأخير بعيد وفاته . مع ذلك ، و بالرغم من أنه كان جد واع لإمكانية الفشل على المدى القصير فإن ماو لم يفقد البتة الثقة – بالإعتماد على التمكن من المادية الجدلية – فى إنتصار الشيوعية فى النهاية فى كل مكان من العالم .
لذلك أيضا كان ماو يُنعت دوما ب"الطوباوي" و ب"الحالم" لأنه رفض غض النظر عن الهدف النهائي للسيرورة الثورية . على النقيض منه ، قلص تحريفيو كافة البلدان منذ وقت طويل الشيوعية إلى هدف غير قابل للتحقيق دون علاقة بالمهام الحالية أو (الشيئ ذاته) أفرغوا الشيوعية من معناها الأصلي – تحطيم أي إختلاف طبقي و كل الظروف الإقتصادية و الإجتماعية التى ترتكز عليها فحاول السوفيات على سبيل المثال إعادة تعريف الشيوعية كوفرة مادية (القولاش الشهير لخروتشوف) و ألغوا الصراع الذى يتجه نحو القضاء على الطبقات ذاتها .
و نبذ ماو تسى تونغ الحط من قيمة الشيوعية و تقليصها إلى تحسين لا غير للأوضاع الحياتية للعمال . و نادى البروليتاريا لعدم التخلى أصلا عن مهمتها الأسمى و عليها قال أن " تمارس تعاليم ماركس القائلة بأنه لا يمكن للبروليتاريا أن تحقق تحررها الخاص إلا بتحرير الإنسانية جمعاء" . . دون هذه الرؤية التى تقود فكر و نشاط العمال الواعين طبقيا لا يمكن بناء الإشتراكية الحقيقية و عوضا عنها ستبقى جوهرياون تغيير قيم المجتمع القديم و علاقات الإستغلال وهو الحال اليوم فى بلدان الكتلة السوفياتية .
الفهم الماوي الحقيقي ضرورة حياتية للقيام بتغييرات إشتراكية صميمة و من الخطإ التفكير فى أن أهمية هذا الخط السياسي لا تدخل حيز الفعل إى بعد إفتكاك السلطة . . أي نوع من الحركة الثورية نسعى لتشييده – حركة هدفها القضاء المبرم على الإستغلال الطبقي أم حركة تبحث عن "خدمة المستغَلين ( أو أي شرائح) ؟ بإقتناع البروليتاريا الواعية طبقيا و العناصر الثورية الأخرى بالمثل الأعلى الشيوعي ترتبط هزيمة "الإمبريالية و التحريفية و الرجعية " . مع تصاعد النضال الثوري للبروليتاريا و المضطهَدين بشكل هائل ، يغدو أكثر أهمية أن تكون الطليعة واضحة فى هدفها و إلا تعرضنا لخطر أن تجهض الثورة أو تحول عن أهدافها الأصلية .
----------------------------------------------------------
غالبا ما نقول إن المساهمة الأكثر أهمية لماوتسى تونغ [ فى علم الثورة البروليتارية العالمية ] هي تعليماته حول "مواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا ".إثر تقييم عميق لتجربة دكتاتورية البروليتاريا فى الإتحاد السوفياتي و الصين و على هذه الأرضية ، بتطوير فهم شامل لتناقضات المجتمع الإشتراكي ، بفضل كل ذلك ،لأول مرة إستطاع ماو أن يوجد وسائلا و طرقا للتقدم صوب الشيوعية و التعبير عن هذا الفهم بمعنى الصراع الطبقي هو الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى .
بالرغم من أن ماو قام بمسامات عظيمة فى جميع مكونات علم الثورة ،فإنه عند معالجته مسألة مواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا، رفع الماركسية إلى مستوى "جديد نوعيا " .
لقد وضعت مسألة مواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا لأول مرة على جدول الأعمال و على نحو إستعجالي فى 1956 مع وصول خروتشوف للسلطةفى الإتحاد السوفياتي . إلى حينها لم تكن إمكانية الإطاحة بدكتاتورية البروليتاريا من داخل المجتمع الإشتراكي قد طرحت بجدية .
و يعزى هذا بالأساس إلى أن طبيعة المجتمع لم تكن مفهومة جيدا .ففى الثلاثينات مثلا ، دافع ستالين عن أن البرجوازية قد جرى القضاء عليها كطبقة و أن المجتمع الإشتراكي لم يعد ينطوى على تناقضات عدائية . رغم أن ستالين أتى فى آخر حياته ببعض التحويرات فى مفاهيمه ،فإنه لم يكن أبدا قادرا على الإستيعاب العميق لدينامية المجتمع الإشتراكي .
تفطن ماو تسى تونغ إلى أن المجتمع الإشتراكي ذاته يفرز عناصر برجوازية جديدة و ذلك بفعل أن المجتمع الإشتر اكي مجتمع إنتقالي من المجتمع المعتمِد على الإستغلال و الإضطهاد الطبقيين إلى المجتمع الشيوعي . و أكد التاريخ أن هذه المرحلة الإنتقالية طويلة و معقدة و صعبة.مثلما قال ماركس ، يولد المجتمع الإشتراكي حاملا فى أحشائه "بصمات " المجتمع القديم إقتصاديا و ثقافيا . و لكي ينجز الإنتقال من الضروري طوال كافة المرحلة الإنتقالية أن تركز و تعزز دكتاتورية البروليتاريا الثورية .
لكن دكتاتورية البروليتاريا فى حد ذاتها ظاهرة معقدة .و رأينا أنه كان ممكنا إعادة تركيز الرأسماليةبإسم دكتاتورية البروليتاريا و حتى القادة الحاليين للصين الذين أطاحوا بخط ماو تسى تونغ يتقنعون بقناع المدافعين عن سلطة الطبقة العاملة .

طبعا ، الآن و قد صارت السلطة بأيدى أتباع الطريق الرأسمالي ،من السهل إكتشاف الطابع القمعي للرأسمالية التى أعيد تركيزها . إلا أنهم عندما كانوا يعملون على إفتكاك السلطة ، كان من الضروري لدنك سياو بينغ و بالخصوص لهواو أن يخفوا طبيعتهم و أن يحاولوا قدر الإمكان مغالطة الشرائح الشعبية الأقل تقدما سياسيا .
إن الحيلولة دون إعادة تركيز الرأسمالية ليس أبدا مسألة نوايا طيبة بل مسألة خط سياسي . و قد عمل ماو تسى تونغ دون هوادة ، فى السنوات الأخيرة من حياته ، على تعليم خلفاءه كيفية التفريق بين الخط الذى يتقدم على الطريق الشيوعي و الخط الذى يعمق الإختلافات الموجودة و يقود إلى الرأسمالية – بكلمات أخرى التفريق بين الماركسية و التحريفية .
و حتى قبل 1956، أنجز ماو تسى تونغ تحليلا مفاده أن " المجتمع الإشتراكي مليئ بالتناقضات " . و قد شدد على أن الصراعات شأنها شأن التناسق موجودين بين النظام الإشتراكي و القوى المنتجة . بكلمات أخرى ، للثورة الإشتراكية و التغييرات التى ستحصل فى نظام الملكية ضلعا كبيرا فى عدم عرقلة قوى الإنتاج و لا سيما أهم قوة منتجة على الإطلاق و نقصد البروليتاريا . و شدد كذلك على أن التغييرات فى مستوى نظام الملكية فحسب لن تحل بذاتها مشكلة مواصلة المشركة الحقيقية للفلاحة و الصناعة . و إذا كانت إدارة المصنع بين أيدى رجل واحد و إذا كانت القوانين و أنظمة غير معقولة تقيد العمال و إذا شُجعت المنح و إذا إعتُبر العمال أتباعا للآلة - بإختصار ، إذا قاد خط تحريفي- ألا يمكننا القول بأن المؤسسة ليس لها من الإشتراكية سوى الإسم .و علاوة على ذلك قدم ماو تسى تونغ ملاحظة أن مثل هذا الحصن التحريفي يُعد الأرضية للرأسمالية و لبرجوازية جديدة تدخل حتما فى صدام مع البروليتاريا .
لقد بين ماو أيضا أنه حتى إذا مثلت الملكية الجماعية تقدما كبيرا نسبة للملكية الخاصة ، فمن الضروري مواصلة الثورة للنهاية و فى كل مجالات الحياة الإجتماعية . مثلا، للرد على التحريفيين و على رأسهم دنك سياو بينغ ، خلال آخر معركة كبرى له ، أكد ماو على أهمية وضع حدود ل"الحق البرجوازي " وكان يقصد مبدأ " لكل حسب عمله" الذى هو فى غاية عدم التساوي بما أن للناس مؤهلات "غير متساوية " جدا و حاجيات "غير متساوية " كذلك . لا يمكن أن يكرس المبدأ الشيوعي "من كل حسب قدراته إلى لكل حسب حاجياته " إلا حين يبلغ المجتمع تطورا أكثر تقدما بكثير فى القدرة الإنتاجية و العلاقات الإجتماعية نسبة لما كان عليه الوضع فى الصين فى بداية السبعينات ) . و قد جرى نقاش واسع لمعرفة هل يجب تحديد "الحق البرجوازي " أو بالفعل توسيعه – والتوسيع هو ما فعله فى الأخير هواو و دنك .
و أوضح ماو أن مختلف تناقضات النظام الإشتراكي تتركز فى صفوف الحزب الشيوعي عينه و شدد على أن الحزب الشيوعي فى السلطة مختلف نوعيا عن حزب لا يزال يحاول أن يفتك السلطة و ذلك لأن أعضاء الحزب فى المجتمع الإشتراكي يحتلون مواقع مفاتيح فى جهاز الدولة و الإقتصاد و أن سياسة الحزب هي التى تحدد التوجه الأساسي للمجتمع . لذا يوجد مركز القيادة البرجوازية داخل الحزب الشيوعي ذاته . و هكذا كان على ماو أن يقول فى إحدى تصريحاته الأخيرة قبل وفاته :" إنكم تقومون بالثورة الاشتراكية و بعد لا تعرفون أين توجد البرجوازية . إنها بالضبط داخل الحزب الشيوعي –أولئك فى السلطة السائرين فى الطريق الرأسمالي .لا يزالون أولئك السائرين فى الطريق الرأسمالي على الطريق الرأسمالي ".
لقد شُهّر بماوتسى تونغ بقوة من كل جهة لتأكيده الوارد أعلاه و بصورة خاصة من قبل القدة التحريفيين الجدد فى الصين و الذين مسُّوا فى العمق إثر تصريح ماو القائل بأن برجوازية جديدة تفرز داخل المجتمع الإشتراكي و فى صلب الحزب الشيوعي ذاته . و بالطبع كانت هذه الأطروحة هدف هجمات متتالية من طرف آخرين فالبعض على غرار أنور خوجا من ألبانيا إدعى حتى أن ماو العدو الشرس لكل ما هو رجعي يسمح بالفعل بوجود البرجوازية داخل الحزب !
بيد أنه ليست لأطروحة ماو علاقة بها السماح المدعى . وهي أبعد ما تكون عن "السماح" للبرجوازية بالوجود ،تعد تعليمات ماو بالأحرى مفتاحا فى فهم طبيعة البرجوازية و سبب ظهورها حتى فى ظل الإشتراكية و ما ينبغى القيام به لقلبِها فى كل مرة و للقضاء التدريجي على الظروف التى تخول لها الولادة مجددا . إذهبوا و أسألوا دنك سياو بينغ و امثاله فى الصين عن ما إذا كان ماو طوال حياته "يسمح" لهم بتطبيق خط تحريفي !
إن التحدى الأوفر إنتشارا ضد تعاليم ماو هو ذلك التحدى المبني على أكثر الأفكار تبسيطية : لقد فشل فى منع إعادة تركيز الرأسمالية و بالتالي يجب أن يكون قد أخطأ . بداية ، علينا الإعتراف بأن ماو منع بالفعل إعادة تركيز الرأسمالية على مدى عشرية كاملة من الثورة الثقافية . و هذا بالتأكيد إنجاز له أهميته بإلإعتبار القوة التى راكمها إلى حينها مركز القيادة التحريفية فى الحزب الشيوعي و ثانيا ،ينطلق الذين يدعون أن الفشل لا يمكن أن يتأتى إلا مكن الأخطاء من مملكة الأفكار المتصاعدة و ليس صراع الطبقات الحقيقي فى المجتمع . قول إن الصراع الطبقي يوجد بعدُ فى ظل الإشتراكية يعنى أن إمكانية الخسارة الخسارة موجودة أيضا .كون ماو كان واعيا بهكذا إمكانية و كونه نبه الجماهير إليها بصورة مستمرة لم يكن يعنى أنه جعل البروليتاريا أكثر ضعفا فى وجه الخسارة فى الصين بل بالعكس تماما . لما خسرت البروليتاريا السلطة فى الإتحاد السوفياتي لم توجد مقاومة كبيرة و قد عمّ إضطراب ضخم صفوف الشيوعيين الحقيقيين فى جميع أنحاء العالم . و خسارة الصين كانت أيضا مفاجئة قوية للحركة الشيوعية العالمية بيد أنه فى الصين و فى غيرها من البلدان ،وقف الشيوعيون الثوريون الحقيقيون لمقاومة طغمة التحريفيين . و فعلا قد تنبأ ماو ب" إذا أقام اليمين إنقلابا معاد للثورة فى الصين ، يمكننى أن أؤكد أنه لن يعرف الإستقرار كذلك ".وبهذه المناسبة الخاصة ، نحيى رفيقينا كيانغ تشينغ ،أرملة ماو و تشانغ تشويان –كياو اللذان رفعا عاليا راية ماو تسى تونغ و إن كان ذلك خلال هزيمة مرُّة و اللذان من كرسي السجناء حولا محاكمتهما إلى تنديد بالتحريفية على الملإ.
الهجوم المعادي للثورة
منذ وفاة ماو تسى تونغو الإطاحة بالسلطة البروليتارية فى الصين، شنت الإمبريالية و التحريفية و كافة الرجعيين بلا هوادة هجمات على الماوية . طبعا و على الدوام ، كره الرجعيون ماو تسى تونغ و كل ما دافع عنه بيد أنه عند قمة الثورة الثقافية عندما كانت بروليتاريا الصين توجه الضربة وراء الأخرى للمستغِلين فى الصين ذاتها و عبر العالم – و بإرتباط بهذا ، كانت تحقق إنجازات خارقة للعادة فى بناء المجتمع الجديد – إضطر هؤلاء إلى عض لسانهم!
و الآن ، فى الوقت الذى يشهر فيه الحزب الشيوعي الصيني عينه بالثورة الثقافية و يصفها بأنها "تراجيديا كبرآ " و ينبذ كل شيئ فى ماو تسى تونغ بإستثناء الإسم ، فى هذا الوقت يعتقد مناهضو ماو أن لديهم الضوء الأخضر لترديد جميع الترهات ضد ماو و الثورة الثقافية .
من غير المفاجئ أن يكون القادة الصينيون الجدد المعارضون الأكثر شراسة لماو و حتى و إن تظاهروا لإعتبارات شكلية بإستحسان الإنجازات الثورية – لا سيما تلك التى قادت إلى تحرير الصين سنة 1949 . هؤلاء الناس و منهم بعض الذين قاتلوا مع ماو فى مغارات يانان ، كانوا يودون رؤية إنتصار الثورة الصينية على الإمبرياليةو الإقطاعية ،يعنى أنهم كانوا يريدون تحقيق المرحلة الأولى ،الديمقراطية البرجوازية . و لئن كان هؤلاء الناس لفترةمتحدين مع ماو لإتمام الثورة الديمقراطية فى تلك الفترة فإن ذلك يعزى لأسباب متضاربة تماما. فبالنسبة لماو ،كانت الثورة الديمقراطية طريقة للتقدم نحو الثورة الإشتراكية فى الصين و جزءا من الثورة فى العالم . أما الآخرين على غرار دنك سياو بينغ فكانوا يقومون بالثورة فقط ليصبحوا هم ذاتهم الطبقة المستغِلة الجديدة فى السلطة .
ووصف ماو هذه الظاهرة فنعتهم ب"البرجوازيين الديمقراطيين أتباع الطريق الرأسمالي " . و أضاف أنه " بعد الثورة الديمقراطية ،لم يبق العمال و الفلاحون الفقراء و الفلاحون المتوسطون من الشريحة السفلى مكتوفى الأيدي لأنهم يبغون الثورة . و من جهة أخرى ، لا يود بعض عناصر الحزب التقدم و بعضهم تراجع و عارض الثورة . لماذا ؟ لأنهم غدوا مسؤولين كبار و يريدون المحافظة على مصالحهم ككوادر عليا " .
إن هذه الكوادر العليا ذاتها هي منبع "القصص المرعبة " عن الثورة الثقافية ،هذه القصص التى إجترها البرجوازيون و بكل غبطة فى كل مكان . و فى الواقع ،تترجم حقيقة هذه التهم الملفقة ضد الثورة الثقافية بشكل مركز الرعب الذى إنتاب البرجوازية عندما رأت أن موقعها ذى الإمتيازات مهدد و رأت العمال و الفلاحين يغزون الميادين المقدسة للذين يتبعون الطريق الرأسمالي . لأن ماو جسد دكتاتورية البروليتاريا ،من المنطقي أن يثأر منه الذين كانوا هدف هذه الدكتاتورية .
-----------------------------------------------------------------
الإتحاد السوفياتي هو أيضا يجد متعة فى متابعة هزيمة ماو تسى تونغ فى الصين فبالنسبة للسوفيات كان ماو العدو اللدود الذى لم يتردد أبدا فى فضح المظاهر الحقيقية للتحريفية السوفياتية أمام مضطهدى العالم بأسره.
و اليوم ،يقدم السوفيات أنفسهم من جديد على أنهم "حلفاء أكيدين لنضالات التحرر الوطني " و لغاية تعزيز هذه الخدعة ،عليهم أن يقبروا إرث ماو تسى تونغ مرة واحدة و إلى الأبد .
حتى الآن ،بعد عشر سنوات من وفاته ، لا يزال ماو يمثل الطريق الحقيقي للنضال الثوري و العزم على خوض هذا النضال إلى الآخر دون التوقف فى نصف الطريق . و يظل كل هذا لعنة بالنسبة للإتحاد السوفياتي الذى يتمنى إثر تقلص إشعاع ماو و خطه الذى وقع عليه افنقلاب مؤقتا فى الصين أن يكون الإضطراب و الإحباط منتشرين بما فيه الكفاية بحيث يسمحا له بتمرير التحريفية الحقيقية كإمكانية وحيدة أمام المضطهَدين .
قريبة من الإنتقادات السوفياتية الموجهة ضد ماو ثمة الإنتقادات الصادرة من ألبانيا لما إستغل أنور خوجا الإضطراب الذى أحدثه الإنقلاب فى الصين و بسمعة حزب العمل الألباني ( الحاصل عليها اسخرية الدهر فى جزء كبير منها لوقوفه مع مواقف ماو) ليهاجم ماو تسى تونغ و إرثه . و مثلما وقع توضيح ذلك فى بيان الحركة لأممية الثورية ، تجسد هجمات خوجا "التحريفية فى شكلها الدغمائي " .
وهو يهاجم الماوية ، إستغل خوجا فرصة الإنقلاب ليقدم تفسيرا للأحداث ،و الحق يقال ، موجه لذوى العقول البسيطة (أو الذين لا يستطيعون فهم الديالكتيك ) . ماو "يسمح" بوجود البرجوازية داخل الحزب و ماو "يدافع" عن صراع الخطين فى الحزب ( كاوا يقصدون أن ماو "يدافع" عن حق إزدهار الخط البرجوازي ) إلخ. بإختصار ، تركزت هجمات خوجا كليا على دحض الأطروحة الرئيسية لماو ألا وهي "مواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا ".
و الآن ، يبدو خط أنصار خوجا أقل فأقل حضورا عالميا و بالكاد يمثل تيارا تحريفيا مستقلا بإعتبار روابطه الوثيقة جدا بالأطروحات و التوجهات التقليدية للتحريفيين المعاصرين . مع ذلك تسببت التحريفية الخوجية فى ضرر فادح فى إعادة تكوين الحركة الشيوعية العالمية بعد الإنقلاب فى الصين و بقايا هذه الطريقة فى التفكير ما إنفكت قائمة الذات. و إذا أردنا التقدم على الطريق الذى خطه ماو تسى تونغ ن يبقى من الضروري التحطيم الكلي لخط خوجا الخاطئ .
لقد تخفى خوجا وراء ندائه ل"الأرتودكسية الماركسية " ليهاجم ماو مستغلا بعض الأفكار الخاطئة التى وجدت قبل ُ داخل الحركة الشيوعية العالمية .و على سبيل المثال ، قدمت بعض الصياغات الخاطئة لستالين فى ما يتعلق بعدم وجود برجوازية فى المجتمع الإشتراكي إلخ لأجل "دحض " الماوية . و بالدفاع عن مثل هذا النوع من التعليل ، إقترف أنور خوجا و أخرون على شاكلته خطأ فادحا لا فحسب بمحاولة حرمان البروليتاريا من الماوية و أيضا بالتسبب فى الإساءة إلى ذكرى ستالين الذى رغم أخطائه الجدية يظل جزءا لا يتجزأ من الإرث الثوري أما خوجا و من لف لفه فمرتدون عن الثورة .
و جاءت هجمات ضد الماوية من الغرب أيضا . بالطبع متأصل هو شعور الكره لدي الطبقات المسيطرة الإمبريالية فى البلدان الغربية ضد ماو تسى تونغ و ما كان يدافع عنه فهي الأخرى كانت تتراجع أمام الإنجازات العظيمة للثورة اتلثقافية و بالتالي كان عليها غالبا و بصورة مؤقتة أن تلطف من حدة حملاتها الجامحة و الهستيرية ضد ماو أو توقفها ثم البحث عن تكتيكات أخرى لمهاجمة طه .
لقد إنتشرت فى عديد البلدان الغربية مساندة ماو تسى تونغ و الثورة الثقافية بصفة واسعة . فى شرعت فيه قطاعات عريضة من الشبيبة بالخصوص و كذلك من المثقفين و أيضا من البروليتاريا فى نقد راديكالي للمجتمع الرأسمالي و إصطفوا أكثر إلى جانب قضايا الشعوب المضطهَدة فى العالم بأسره و بالتالى من المنطقي أن نفهم لماذا كان للثورة الثقافية مثل هذا التأثير القوي . رجت لا سيما إنفجار مبادرات الجماهير و الروح النقدية و إرادة النهوض ضد العادات و السلطة القائمة الثوار رجا سواء فى الغرب أو فى الشرق .
إلا أنه من الجلي للغاية أن فهم الثورة الثقافية كان فهما غير تام وقع تشويهه حتى من طرف الذين كانوا يريدون تبنيها . لم يسمح الموقف الطبقي للمثقفين بإستيعاب الماركسية-اللينينية –الماوية و من هنا ، حللوا الثورة الثقافية بالإعتماد على وجهات نظر إيديولوجية أخرى .فكانت مثل هذه القوى تجنح دائما إلى إنشاء خط فاصل بين ماو تسى تونغ و الماركسية –اللينينية و إلى عزل تجربة الثورة الثقافية عن نظرية و ممارسة دكتاتورية البروليتاريا .
و عقب بلوغ أتباع الطريق الرأسمالي السلطة فى الصين و تنديدهم بالثورة الثقافية ، إلتحق عديد الذين كانوا من المساندين العنيدين للثورة الثقافية بصفوف العدو . و رفض آخرون الإلتحاق بالهجوم ضد القيادة الصينية التحريفية.لكن دون قيادة ماوتسى تونغ ةخطه ، ألفوا أنفسهم أكثر فأكثر عجزا على شحذ قناعاتهم و طوروا جملة من التفسيرات الخاطئة البرجوازية الصغيرة فى ما يتعلق بهزيمة الصين و إنتهوا فى آخر المطاف آجلا أم عاجلا إلى تصفية الماركسة –اللينينية –الماوية .
و تجدر الإشارة أيضا إلى أن الحركة الشيوعية العالمية تأثرت هي ذاتها أيما تأثر بفقدان الصين ذلك أن الحركة الشيوعية ليست و لا يمكن أن تكون فى منأى عن التأثير و التطور السياسي و أفيديولوجي للمجتمع . فخسارة مثل هذا الحصن الحيوي للثورة الذى يعدّ ربع سكان العالم و الهجوم الكاسح الذى شنته الرجعية بعد هزيمة الصين ، كل هذه العوامل بإرتباط مع المشاكل الجديدة و المعقدة المطروحة على الصعيد العالمي نجم و ينجم عنها حتما توجيه ضربة حادة للحركة الشيوعية العالمية.
من الجلي كذلك كما شدد عليه فى البيان أن عمق الأزمة الماركسية-اللينينية و الصعوبات الحائلة دون تخطيها تبين أن بعضالإنحرافات التحريفية كانت بعدُ هامة حتى قبل وفاة ماو تسى تونغ . و مع ذلك ، يمكنننا قول إنه بالإستناد إلى تعليمات ماو و بالتصميم على إتباع طريقه ، أثبتت الحركة الشيوعية العالمية أنه يمكن تجاوز الأزمة الحالية و تجمل مسؤولية دفع الثورة البروليتارية العالمية إلى الأمام .
إلى الأمام على الطريق الذى خطه ماو تسى تونغ :
صاغ ماو ملاحظة معبرة للغاية ستتحول فى ما بعد فى خضم غليان الثورة الثقافية إلى قوة مادية مشكلة من ملايين العمال و الفلاحين و المثقفين الثوريين و هذه الملاحظة هي : " تتضمن الماركسية ألاف الحقائق التى يمكن أن نلخصها مع ذلك فى حقيقة واحدة ألا وهي من حقنا أن نثور !" .خلال الثورة الثقافية "من حقنا أن نثور على الرجعية " كان يعنى من الصحيح الثورة و الصراع ضد السلط البرجوازية .و مفاد هذا أيضا أن للبروليتاريا و المضطهَدين من كافة الأمم الحق فى الثورة و خوض النضال الثوري المسلح . و معنى هذا فى النهاية هو ضرورة الإنخراط فى الذهنية الماركسية النقدية المتجسدة فى ماو تسى تونغ و تحدى الأفكار القديمة و القتال من أجل أن يولد الجديد و المتدفق حياة .
لقد ألهم هذا الشعار و ألهمت هذه الذهنية الحركة الأممية الثورية و قوى ماوية أخرى لتتجمع بعد الضربة القوية للخسارة فى الصين و مواصلة القيام بالثورة .
حركتنا اليوم لا تزال ضعيفة بيد أننا إنتفضنا ضد النظام الرجعي القديم الذى يكبل العالم و سنستمر فى الإنتفاض إلى أن تتحقق الشيوعية . الطريق ورثناهعن ماو تسى تونغ الذى ذهب بنا بعيدا على درب الشيوعية و نحن عازمون على المثابرة و إفتكاك السلطة فى عديد أجزاء العالم ذات الظروف المواتية و التى يقدمها لنا التاريخ أكثر فأكث و التقدم فى تشييد الشيوعية فى جميع أنحاء العالم .
و اليوم أيض ، يواصل عمال و فلاحون و مثقفون من عديد البلدان إتباع الطريق الذى خطه ماو . و الآن بفضل الحركة الأممية الثورية نحن متحدين أكثر للمضي فى هذه المسيرة و للتعلم جميعا بعضنا من بعض و نحن نتقدم . لقد علمنا ماو تسى تونغ :" نتعلم الحرب و نحن نحارب " و هذا لا ينطبق على الميدان العسكري فحسب . و حتى حيث من غير الممكن بعدُ الشروع فى النضال المسلح بهدف إفتكاك السلطة ، لا تستطيع حركتنا أن تبقى مكتوفة الأيدي و تترقب فنحن نناضل و نعدّ للثورة و نغير العالم و نحن نفعل ذلك نتعلم بصفة أفضل بكثير كيف نتقدم على طريق ماو تسى تونغ .
أثناء السنوات الصعبة للنضال المسلح ،قال ماو :" المستقبل مشرق لكن الطريق متعرج " . و كان عليه أيضا أن يعيد هذا التأكيد باضبط قبل وفاته حين لخص بتاؤل رصين الصرع الطبقي فى الصين و نحن ىلا نرى ما يدعو لمراجعة هذا التقييم .
لايمكن لأحد أن يبالغ فى تقدير الخسارة التى تكبدتها الحركة الشيوعية العالمية عندما توفي ماو و تغير لون الصين التى كانت سابقا قاعدة إرتكاز حمراء لامعة بالنسبة للثورة العالمية و مساندة ماوللبروليتاريا و المضطهَدين فى العالم قاطبة لم تتراخى أبدا. سواء تعلق الأمر بنضال نكسلباري فى الهند أو نضال السود فى الولايات المتحدة الأمريكية أو حتى حرب الشعب فى الفتنام ، كان ماو يتموقع دوما على رأس القائلين بأن "الثورة أمر جيد " و كان مناهضا عنيدا لجميع الذين كانوا يسعون للحيلولة دون هذه الطريق أو التخلف عنها بتلكئ أو الذين يقومون بنقد قائلين أن المضطهَدين و المستغَلين "ذهبوا أبعد من اللازم " .
عشر سنوات مضت دون مثل قاعدة الإرتكاز هذه ، دون صين إشتراكية حاملة للثورة وهي تعد ربع سكان العالم ، كل هذا يضع بثقله على كاهلنا جميعا و لهذا سيكون الطريق متعرج .إلا أنه حتى فى هذه الفترة الصعبة ، فى مواجهة الهجمة الرجعية ، لا يمكن إطفاء شعلة ماو تسى تونغ . ثم حين نعالج ،من وجهة نظر تاريخية عالمية ، تقدم الثورة أفشتراكية البروليتارية العالمية ، نعى أن عشر سنوات فى الواقع ليست طويلة كما نتصور . لقد خسرنا الصين لكن العلم الأحمر يرفرف فى بقاع أخرى من العالم لا سيما فى جبال الأنديز حيث رفاقنا فى الحزب الشيوعي البيروفي يتقدمون على طريق ماو و يضيؤونه ليراه العالم .
و اليوم تهدد السحب المعدة بإعلان حرب إمبريالية عالمية مع كل ما تنطوى عليه من فضاعة . غير أن تناقضات النظام الإمبريالي العالمي التى تقف وراء خطر الحرؤب تساهم كذلك فى إيجاد الظروف المواتية للنضال الثوري فى القارات جمعها . و تأكيد ماو التالى لا يزال صالحا :" إما أن تمنع الثورة الحرب أو تجعل الحرب الثورة تندلع " و نحن مصممون على بذل كل ما فى وسعنا اتحقيق الإمكانية الأولى التى تحدّث عنها ماو أي إمكانية منع الحرب العالمية بالثورة و تحطيم النظام العالمي الراهن!

من أجل فضح أفيون القوى التحريفية المضادة للثورة في المغرب !!!

الرفيق عبد العزيز المنبهي

"إن الشعب سيحاكم اللذين حاولوا خلق أوهام وأساطير في صفوفه لصده عن الثورة"


( أملكار كابرال، زعيم حركة تحرر غينيا بيساو والرأس الأخضر)

بقدرما تلوح في الأفق معالم الغضب الشعبي منذرة بعواصف الثورة ضد النظام الملكي الديكتاتوري العميل و المتعفن، وبقدر ما يبدو عزم الجماهير الساخطة على مواجهته وفضحه و تتأكد إرادتها على عزله و الإطاحة به... بقدر ما ترتعد فرائص الانتهازيين ويغزو قادتها الخوف والهلع ، و يهرولون لإثناء الجماهير على النضال وإحباط إرادتها في الثورة بالدفاع عن النظام القائم وتلميع وجهه الديكتاتوري والتلطيف من شراسته والتقليل من شأن عدائه للشعب وللحرية والديمقراطية، داعين لأفكارهم الرجعية الانتهازية ولسياسة الانهزام والتخاذل في صفوف الشعب وعاملين، بكل وقاحة الانتهازيين، وبكل استخفاف واستهزاء بشعبنا، على نشر الأكاذيب والحقائق المزورة وسط الشعوب الشقيقة والصديقة (خاصة في اسبانيا التي يشهد فيها النظام الملكي انهيارا لكل إستراتيجيته الدبلوماسية بعد أحداث" لعيون" المحتلة) لتبييض وجه النظام القمعي القروسطي وفك العزلة عنه وتطويق ومحاصرة كفاح جماهير شعبنا الكادح من عمال وفلاحين و طلبة ومعطلين ومعتقلين سياسيين.

إن آخر(ولن يكون الأخير بالنظر للتطور الرجعي للانتهازية الجديدة خريجة المعاهد العليا) نموذج ومثال على ما نقوله هو ما صرح به "عبد الله الحريف"، المهندس الثاني للانتهازية الجديدة بحزب النعش (و هو المصطلح الملائم لوصف حزب النهج السائر إلى التفكك و الانحلال المؤديين إلى الموت) لجريدة "لابنغوارديا" الاسبانية، بمناسبة حفل تكريم "أبراهام السرفاتي"، واصفا النظام الملكي بالمغرب ب "ديكتاتوقراطية"، أي أنه "ليس ديمقراطية حقيقية ولا ديكتاتورية"؟

لاغرابة أن يختار الكاتب العمومي لحزب "النعش" هذا المصطلح من قاموس التراجع على الخط العام لمنظمة "إلى الأمام" الماركسية اللينينية وعلى إستراتيجيتها الثورية الذي دشنه المهندس الأول للانتهازية الجديدة والأب الروحي للحريف "أبراهام السرفاتي" .. إن اعتبار النظام الملكي القروسطي، المطلق، الأوتوقراطي والاستبدادي نظام "لا هو ديمقراطي ولا هو ديكتاتوري" يلغي في العمق ومسبقا ما سيليه من انتقاد "تركيز كل السلط في يد الملك" و" التراجعات التي عرفها المغرب على مستوى الحريات" ( و الحجة الدامغة البارزة التي لا جدال فيها...هي "تكميم الصحافة بطريقة غير مباشرة" (كذا)؟ ، تماما كما سيبطل "التشاؤم"، الذي استحوذ على زعيم "التغيير الجدري المنفتح على الاشتراكية" باحتمال "اندلاع ثورة شعبية " في المغرب، صدق اعتقاده "بحاجة المغرب إلى ثورة".

إن المقاربة اللامعة بين نظام " بن علي" الذي أطاحت به "الثورة الشعبية في تونس" (الانتفاضة الشعبية التي فرضت هروب الديكتاتور بن علي عند صديقه الرجعي العميل بالسعودية تحولت إلى ثورة أطاحت بالنظام؟ حتى زيارته لتونس لم تسعفه في فتح " بصيرته" على مازال نظام بن علي وفيالق بوليسه وجيشه وحزبه يمارسوه من تقتيل وتعذيب وإرهاب وتهميش في حق الشعب التونسي ومن تنصيب زبانيته على رأس الدولة والآبناك وفي المدن؟) وبين النظام الديكتاتوري في المغرب لتنم عن انتهازية خبيثة وعن احتقار لكل القوى الديمقراطية والثورية ولجماهير شعبنا الكادحة المضطهدة والمسحوقة والمستغلة حتى العظم والتي تواجه نضالاتها ومطالبها بالقمع والإرهاب والاعتقالات والتعذيب والموت والمحاكمات، خاصة، وبالضبط منذ "سنوات التسعينات التي شهد فيها المغرب تقدما على درب الديمقراطية" (راجع تقارير الجمعية المغربية لحقوق الإنسان و الجمعيات الدولية "منظمة العفو الدولي" و" هيومن رايت ووتش" الخ... خاصة فيما يتعلق بالأحداث الأخيرة في سيدي افني وطاطا وبوعرفة وصفرو وبني تدجيت وميسور والحسيمة وتلكن وتنغير ومراكش... واللائحة طويلة ).

و بعصا سحرية "المؤرخ المادي التاريخي" للتاريخ المغربي و التونسي و "المنظر"البارع لطبيعة وخصائص الدولة في هاذين البلدين، سيستخلص عبد الله "التحريفي" دروسا في سوسيولوجية المقارنة وسوسيولوجية الثورة مفادها أن "البلدين لهما قواسم مشتركة عديدة مثل الفقر والرشوة وإهدار المال العام (قدر سقط على الشعبين من السماء) ولكن مع فوارق عديدة على المستوى السياسي" منها :

- أن "تونس " عاشت في ظل نظام الحزب الوحيد ( سبعة أحزاب في البرلمان، وحزبين خارجه ومعترف بهما... ناهيك عن الغير المعترف بها وعددها ما يناهز عشرة أحزاب،،، فالحزب" الوحيد في تونس يساوي تسعة و قد يساوي تسعة عشرة !!!) في حين أن المغرب يشهد "تقدما على درب الديمقراطية" ( له ما يقارب من ثلاثين حزبا، نصف أحزاب القرآن… و لا حزب واحد ممنوع …بفضل الديمقراطية الحسنية سابقا والامسيسية- نسبة إلى م6- حاليا).

- "تونس تعرف قمعا بوليسيا رهيبا" في حين ان المغرب "يتمتع بقدر أكبر من الحريات مما كانت عليه تونس قبل الثورة"و الحقيقة أن المتتبع لحقيقة القمع في البلدين والعارف بطبيعة الدولتين سيتبين بمجرد نظرة سريعة أن " نظام "بن علي" نظام دموي شرس"، خلف أكثر من ضحايا القمع، منذ انقلابه سنة 1987، مما خلفه النظام العلوي الحاكم منذ 1999 ( اعتقالات – تعذيب – محاكمات - إعدامات – اختطافات- تصفيات جسدية- تقتيل جماعي إبان الانتفاضات وفي الثكنات- موت تحت التعذيب أو موت بطيء – جرائم الحرب في الصحراء وفي إفريقيا)، في صفوف المدنيين والعسكريين… !!! انه فعلا للتنويه ب "ديكتاتوقراطية" الحرية والأمن والسلام الذي بنتها وشيدتها الملكية في المغرب منذ ما يزيد على 350 سنة، ابتداء من "إسماعيل" السفاح ، ومرورا ب"الحسن" المجرم وانتهاء بابنه "الديكتاتوقراطي" .

هذا هو التأويل المبدع والخلاق لتاريخ الملكية الدموي الذي ستعتمده الانتهازية - التحريفية في حزب "النعش الديمقراطي" كمرجعية تاريخية في مؤتمرها المقبل. هذا المؤتمر الذي سيتبنى بدون شك استراتيجية " ثورة سلمية أو عنيفة، حسب درجة ذكاء مختلف مكونات الدولة". إن من فضائل ومحاسن هذه الاستراتيجية أنها، على الأقل، أكثر وضوحا وتركيزا ودقة من أساسها النظري الذي استلهم منه كاتب "دفاعا عن الجوهر الحي للماركسية" هذه " التخريجة" الجدلية، وأعني "نظرية السيرورات الثلاث". فهذه "الإستراتيجية" تغني بورجوازيتنا البئيسة من مشاق وتعقيدات الصراع الطبقي والطبقة العاملة وهموم الحزب الثوري والثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية وديكتاتورية البروليتاريا …

- أن النظام التونسي "تمكن من تحقيق إجماع ضده، فالجميع كان ضده، حتى البورجوازية، ذلك لان أسرة بن علي وزوجته استولت على ثروة البلاد بأكملها وكأنها مافيا حقيقية" في حين أننا في المغرب "لنا شيء من ذلك كمجموعة - أونا - التي تملكها العائلة الملكية" … ضاربا "الطم" عن كونها تعتبر من أغنى الملكيات ويعتبر رئيسها واحدا من أغنى الأشخاص في العالم. إن ثروة "بن علي" و "مبارك" مجتمعتين لا يضاهيان ثروة "محمد السادس" التي راكمها بفضل المافيا الملكية عبر عدة قرون وخاصة منذ الستينات.

إن الانتهازيين المرتدين يسعون بكل جهد ومثابرة، في فترات النهوض الثوري الجماهيري كالتي نشهدها اليوم على امتداد أرجاء الوطن والعالم العربي، إلى إخفاء الطبيعة الحقيقية للنظام، المعادية لكيان الشعب والمتنكرة لحقه في تقرير المصير وممارسة سيادته وسلطته على أرضه وخيراته، وإلى الصمت عن تاريخ الدولة العلوية الحاكمة منذ قرون وعما اقترفته من جرائم ومارسته من قهر واضطهاد واستغلال في حق كل مكونات شعبنا بكل طبقاته وفئاته الشعبية الكادحة والمسحوقة منذ قرون ومن تعامل مع الاستعمار والامبريالية العالمية والصهيونية والرجعيات العربية، و طمس ما قامت به من نهب وسرقة و استحواذ على ارض وأموال شعبنا، مستولية على خيرات البحار وكنوز عمق وسطح الأرض، ومن متاجرة في المخدرات وبيع بنات الشعب في سوق العهارة ضدا على حقوق ومصالح وكرامة شعبنا وكل شعوب المنطقة.

إن الانتهازيين التحريفيين، بنشرهم وتطبيلهم لهذه الأفكار والمواقف لا يخرجون عن حظيرة الأحزاب الإصلاحية والانتهازية التي هرولت، في عز انتفاضات شعبنا وتصاعد نضالاته الثورية، وفي أوج أزمات النظام و عزلته (سنوات 1965 - 1972 - 1981 - 1984 - 1990 )، إلى خلق أوهام "المسلسل الديمقراطي و الإجماع الوطني" لتبرير التحالف مع النظام الملكي الديكتاتوري العميل و تبييض وجهه أمام الرأي الدولي و الارتداد على الشعب وحركاته الثورية والديمقراطية.

إن مصير الانتهازيين الجدد لن يختلف عن مصير أصحابهم القدامى، التمخزن وحكم الشعب ومزبلة التاريخ.


المنبهي عبد العزيز

9 فبراير 2011

الصين : من تحرير المرأة إلى إستعبادها( فصل من كتاب -الثورة الماوية فى الصين : حقائق و مكاسب و دروس-

شادي الشماوي

الصين : من تحرير المرأة إلى إستعبادها( فصل من كتاب "الثورة الماوية فى الصين : حقائق و مكاسب و دروس" لشادي الشماوي
1/ كسر سلاسل التقاليد جميعها
إليكم مقتطفات من حوار مع قائدة شيوعية ماوية زارت الصين الثورية فى 1971 ...
---------------------------------------------------------------------------------------------------------
سؤال :
قلت فى مقالك "ليست النساء آلات تفريخ " إنك لما زرت الصين الثورية أثناء الثورة الثقافية فى 1971 :" كما لو أننا كنا على كوكب آخر . لم أفكر أبدا أننى أستطيع الشعور بأنى مختلفة للغاية كإمرأة و أنه سيكون من الممكن السير فى شوارع المدن مرفوعة الرأس ..." هلا توسعتى فى شرح ذلك .
جواب :
لقد فكرت فى تجربتى فى الصين بعد فترة طويلة و فى ما يتحدث عنه المعلقون البرجوازيون ...و ما يسمي "موت الشيوعية " . ما شاهدناه فى الصين الثورية كان على قمة جسر التاريخ ، كما لو أننا سافرنا عبر آلة عبور الأزمنة نحو المستقبل – لكن ليس بعض المستقبل الذى تصوره غلبية روايات الخيال العلمي حيث الناس هم ذاتهم ( الرجال مكتشفون و مقاتلون و مهيمنون على النساء هيمنة ذكورية ) و فقط ما يحيط بهم هو المختلف . أقصد مستقبل حيث الناس مختلفون و يصنعون مجتمعا مختلفا تماما .
فى صين 1971 ، بمجرد مضي أعلى موجات الثورة الثقافية ،شاهدنا عالما جديدا يبزغ . كثورية شاركت بنشاط فى حركة تحرير النساء ، كنت بصورة خاصة معدلة على وضع النساء و من أول تجربتنا مع المرأة الصينية تعلمت أن شيئا رائعا يحدث هناك . فقد إستقبلتنا نساء شابات حين نزلنا بمطار شنغاي و صدحنا بأغاني و عرضنا مشاهد مسرحية ثورية من نماذج الأوبيرا و المسرحيات الجديدة بينما كنا ننتظر عملية الربط بالطائرة مع بيكين . كانت الشابات ترتدى جاكيت و سراويل بسيطة و أحذية قطنية رقيقة و شعرهن فى ضفائر أو قصير ووجوههن زاهية دون أية أثر للماكياج .و كم كانت فخورات و واثقات من أنفسهن !
إن المطار عينه كان مختلفا أيما إختلاف عن مطارات باكستان و مصر التى توقفنا بها فى طريقنا و عن ما رأيناه فى هونكونغ فى طريق عودتنا بعد ستة أسابيع ، إذ كانت مطارات الباكستان و مصر مليئة بالمتسولين و باعة اللعب و الحلي المزيفة و لم نر شيئا من هذا فى الصين .
دعونى أقول لكم إن التواجد فى الصين لمدة ستة أسابيع ،بما فى ذلك فى شنغاي ، إحدى أكبر مدن العالم ، و عدم التعرض للهرسلة أو التحرش و لو مرة واحدة من أية رجل كان أمرا لا يصدق تقريبا . لم نر أية نساء تعرض كأغراض جنسية فى الإشهار و فى الإعلانات و فى المجلات و فى أكشاك الجرائد و فى الشوارع . و يا لها من راحة هائلة أن يتم التخلص من عبء توتر اليقضة الذى على المرأة أن تحافظ عليه فى بلادنا – يقضة ضد العناية غير المرغوب فيها و التعليقات غير المرحب بها و الهجومات الجسدية . نحن نساء كان بإمكاننا أن نقيم إتصالا بالعيون مع الرجال و كذلك مع النساء فى الشوارع و أن نبتسم و نهز رأسنا للمارة دون أن نفكر فى أن ذلك سيأوّل على أنه "هيا بنا " . و أنا أتحدث حتى عن السير على القديمن ليلا فى شوارع شنغاي . و أحببت تخطى الخوف مما ألبس . و فى أول جولة تسوق فى مغازة مقاطعة صينية ، إشترينا جميعا سترا و أحذية صينية لبسناها أثناء ما تبقى من السفرة .
لقد شاهدنا نساءا تعمل إلى جانب الرجال فى الصناعة الثقيلة و على أرصفة المواني و فى وحدات الجيش و الجامعات و الريف . و كانت القادة النساء تستقبلنا معا مع الرجال حيث قصدنا . بعدُ كان عدد النساء أقل من عدد الرجال فى أغلب المجموعات القيادية التى لقيناها ، رغم أن الثوريين الحقيقيين كانوا يخوضون معركة لتشجيع القيادات النسائية . و كان المسرح يعج بالمسرحيات الجديدة الإحداث التى كانت تظهر النساء شخصيات محورية – قادة سياسيات و عسكريات و ليس "أغراض حب " و صور جنسية أو نساء أرستقراطيات . و قد تحدثنا إلى عديد النساء و العديد منهن ذكرت لنا الشعارات الشعبية آنذاك التى نشرها الرئيس ماو : " النساء نصف السماء" و " تغيرت الأزمان . كل ما يمكن للرفاق الذكور إنجازه ، بإمكان الرفيقات النساء إنجازه كذلك". و فى الوقت عينه كانت النساء تسارع إلى للإضافة أنه يبقى الكثير بعد للإنجاز فما تزال هنالك أفكار و عادات رجعية ينبغى تجاوزها إذا ما كانت النساء ترجو التحرر التام . لكن بالنسبة لنا ، و نحن كنا مغمورات بمعارك الستينات، كان يبدو أنها طرقا جديدة بإتجاه المستقبل الذى حلمنا به .
عندما عدت ، قرأت كتابا عنوانه "الحياة اليومية فى الصين الثورية " لماريا أنطونياتا ماتشيوتشى أين تقدم مقتطفا من كلام إمرأة شابة : بعدُ هنالك ثورة للإنجاز داخل العائلة . علينا أن ننقد العائلة من وجهة نظر ثورية ،بالإعتماد على تحطيم المفاهيم الخمسة القديمة و تعويضها بمفاهيم خمسة جديدة : 1)تحطيم مفهوم عدم فائدة النساء و تعويضه بفكرة أن النساء يجب أن تكسب دون خوف نصف السماء ، 2) تحطيم الأخلاق الإقطاعية للمرأة المضطهَدة و الأم الجيدة و إحلال المثل الأعلى للبروليتاريين الثوريين محلها ، 3) تحطيم عقلية التبعية للرجال و الإرتباط بهم و إحلال التصميم الصارم على التحرر محلها .
4) تحطيم المفاهيم البرجوازية و تعويضها بالمفاهيم البروليتارية و 5) تحطيم المفهوم الضيق للعائلة ذات المصلحة الضيقة و إحلال المفهوم البروليتاري المفتوح للوطن و العالم فى العائلة محله ".
هذه المبادئ الخمسة عادة ما ذكرتها الصحافة الصينية و صارت مرجعا للنساء اللاتي تحدثت معهن .إن الشعب الذى كان يريد تغييرا حقيقيا كان يستعمل هذه المبادئ المرشدة لتحديد مقاييس كافة المجتمع .
أخذ الصينيون يعملون على تحرير النساء من جميع الجوانب . و كان للعمل خارج البيت دور محوري للغاية بالنسبة لكافة السيرورة التحررية . قبل كل شيئ ، يسمح للمرأة أن تغدو مستقلة إقتصاديا عن الرجال . فضلا عن ذلك ،فإن العمل خارج البيت فى شغل مفيد إجتماعيا يعطى النساء نظرة واسعة عن العالم و المجتمع أفضل من نظرة المرأة التى تظل ببساطة فى حدود الأربعة جدران و تعتنى فقط بزوجها و عائلتها و يطور كذلك التعاون فى صفوف النساء العاملات معا لإبداع شيئ و صنع الأحداث .و يطور شعورا جماعيا لا يحصل عليه الناس فى عائلاتهم الفردية و فى منازلهم الخاصة . إنه يعزز الموقف العام للنساء فى المجتمع كأعضاء لهم قيمة و منتجون و ينمى إستقلال النساء الإجتماعي و الإقتصادي . كل هذه الأشياء ضرورية للسيرورة الشاملة لتحرير النساء .
سؤال :
لكن فيما يختلف هذا عن الوضع فى الولايات المتحدة الأمريكية أين تعمل بعدُ عديد النساء خارج المنزل – و العديد ليس بإختيارهن و إنما لإعالة أنفسهن و عائلاتهن ؟
جواب :
يختلف قبل كل شيئ فى أن طبيعة السيرورة العامة للعمل مغايرة فى ظل الإشتراكية . فى الصين كان من النادر نسبيا أن تعمل النساء فى المصانع و المغازات و ما إلى ذلك لأن الصين كانت بلدا أقل تصنيعا و تطورا بكثير من الولايات المتحدة الأمريكية ...بيد أنه هناك غدى العمل ، كما سيكون فى أي ولايات متحدة إشتراكية مستقبلا ، مختلفا للغاية عن العمل فى الولايات المتحدة الرأسمالية . فى ظل الإشتراكية يظل العمال بعدُ يتلقون أجرا حسب عملهم بينما فى ظل الشيوعية سيعمل الرجال و النساء بحرية لتوفير ما هو ضروري للحياة و لجعل الحياة أكثر إمتاعا و ستتلقون بالمقابل ما يحتاجونه للحياة . الإشتراكية مرحلة إنتقالية بين الماضي الرأسمالي و المستقبل الشيوعي و تتميز بجهود واعية للقضاء على اللامساواة و الأفكار القديمة و تفرز علاقات إقتصادية و إجتماعية جديدة .
فى الولايات المتحدة اليوم ، العمل خارج المنزل عبء مزدوج بالنسبة للنساء لأن العمل خارج المنزل غير مرض البتة و مرهق للغاية و لا تتلقى النساء أجرا كبيرا فى المقابل و بالتالي تعود للمنزل و عليها أن تبذل جهدا إضافيا فى القيام بشؤون المنزل و تطبخ الوجبات و تعتنى بالأطفال . زيادة على ذلك، لما تعمل خارج المنزل ، غالبا ما تتعرض لمشكل آخر هو الهرسلة الجنسية فقط لأنها مرأة و ذلك فى طريقها للعمل و كذلك فى مكان العمل نفسه . لذا نتحدث عن تحويل السيرورة الشاملة للعمل – بالنسبة لكل من النساء و الرجال – فى ظل الإشتراكية -. قبل كل شيئ يصبح العمل جزءا من القيام بالثورة عبر العالم .فقد سمعت عديد الصينيين يقولون : " أقوم بهذا من أجل الثورة العالمية ". لأن البروليتاريا تتحكم فعلا فى المجتمع إعتبر الناس أن عملهم يساهم ليس فحسب فى رفاههم الذاتي أو العائلي أو حتى رفاه الصين و إنما يساهم فى تعزيز التقدم الثوري عالميا أيضا .
نتحدث كذلك عن العمل بما هو جزء من تغيير العلاقات بين الناس . فى المصانع ،مثلا ، لا يوجد وضع حيث تقوم الأغلبية بذات العمل المضني يوميا و قلة قليلة من المراقبين يتنقلون مسجلين أسماء الذين لم يعملوا بسرعة كافية أو الذين كانوا يتحدثون أثناء العمل . لقد كان العمال يراقبون أنفسهم و يراقب بعضهم البعض و إتخذت خطوات حقيقية للإطاحة بتقسيم العمل بين العمل الفكري و العمل اليدوي وهو أحد اكبر التقسيمات فى المجتمع التى ينبغى أن يجري تخطيها خلال المرحلة الإشتراكية .لذا تشكلت لجان عمالية تقوم بتحديثات تقنية تهتم بجزء من المشاكل التى تظهر و تعالجها . و العمال االأفراد يشجعون للمشاركة فى السيرورة و كذلك فى نقد القادة فى المعمل أو المصنع أو فى المؤسسة . و ساد حقا شعور بأن الناس يعملون معا ،مستعملين المعرفة التى تنشأ فى ذلك المعمل أو المصنع . و بذلك يساهمون فى معالجة مشاكل الصين ككل و يخولون للصين عندئذ أن تساهم أكثر فى الثورة العالمية .

و كانوا يدرسون بإستمرار ليرفعوا من وعيهم و فهمهم السياسيين . شكل عمال فى مصنع نسيج ضخم زرناه فى شنغاي فى ظل قيادة الثوريين خلايا دراسة شملت آلاف العمال . و درسوا مؤلفات ماركسية عظيمة مثل "ضد دوهرينغ " لإنجلز و " المادية و مذهب النقد التجريبي " للينين . كما درؤس العمال بشغف الماركسية-اللينينية كي يفهموا على نحو أفضل ما كان يجب عليهم فعله لمواصلة الثورة و المساهمة فى السيرورة الثورية عبر العالم بأسره . و هذا مثال جيد عن نوع الدوافع التى كانت تحث الناس – و ليس المال فى جيبك أو دافع إعمل لتكون الأول- بل دافع يستند إلى الوعي السياسي بالإسهام بأكبر قدر ممكن فى الثورة . و كما رأينا ، حرر هذا الدافع مبادرة الجماهير لتبدع ألوانا من الأشياء الجميلة لتغيير العالم .
و هذا كله لم يحدث عفويا أو بضربة سحرية .فقيادة الحزب إتخذت موقفا نقديا من أجل تحرير هذا النوع من المبادرة . فالقيادة فى المصانع مثلا كانت تمارس بمزج الفريق التقني / الإداري و العمال أنفسهم و كوادر الحزب . هذا النمط من المزج المسمى " ثلاثة فى واحد " تكرس بشكل واسع فى المجتمع . و أهم من ذلك حتى إنه التوجه الشامل للمجتمع الذى سمح لهذه الأنواع من التغييرات أن تحدث . و أمكن لها أن تحدث فقط بالإعتماد على طليعة قوية مصممة على المضي قدما بإتجاه الشيوعية .
سؤال :
هل يمكنك الحديث قليلا عن العلاقات بين الزوج و الزوجة ؟ أحد القيود التى تشد إلى الخلف ليس الفلاحين الصينيين فحسب بل أيضا الشعب الصيني هو السلطة الأبوية .
جواب :
لقد تحدث ماو قبل الثورة عن " السلاسل الأربعة الكبرى " التى تقيد الشعب الصيني و على الأخص الفلاحين . و هذه السلاسل هي السلط السياسية و العشائرية و الدينية و الذكورية و أول مهمة من مهام الشيوعيين كانت تحرير الشعب لكسر هذه السلاسل.
فى كل مرحلة من حياتها كانت المرأة تابعة لرجل ما . "الطاعات الثلاث" كانت تحكم حياتها : طاعة الأب عند الصغر و طاعة الزوج عند الزواج و طاعة الإبن الأكبر سنا عندما تصبح أرملة . و السلطة الوحيدة التى كانت تتمتع بها هي سلطتها على زوجة إبنها ،طبعا ، فى ظل السلطة الأبوية الشاملة للعناية بشؤون المنزل . و كان الزواج مدبرا و كان تزويج البنات يتم و هن جد صغيرات السن لتمسي بمثابة عبيد لأزواجهن و أقارب الزوج.
بعض النساء قاتلت بضراوة و أخذت بالقوة إلى منزل الزوجية . و هنالك أمثلة كثيرة عن نساء شابات رفضت الإستمرار فى زواجهن و إنتحرت بعضهن و هن فى طريق الإحتفالات . فى 1919 ، فى خضم المسيرات الثورية الشبابية الجماهيرية ، ألهم إنتحار إمرأة شابة ، اللآنسة تشاوو ، إحتجاجات ضد الزواج المفروض فرضا . و كتب ماو تسى تونغ حول إنتحارها و حمّل المجتمع مسؤولية ذلك الإنتحار . و قد رفض هو نفسه الزواج من إمرأة إختارها له والداه .
و لم تكن لعديد البنات حتى فرصة أن تترعرع و بما أن الذكور يفضلون على الإناث فإن البنات المولودة كانت تساوى عادة فما آخر يلتهم الأكل و فلاحين كثر لم يكن لديهم ما يكفى لسد رمق أفراد العائلة .و كان يتم غغراق الصبيات أو توضع على أرصفة الطرقات اتتعرض للجوع أو ليأخذها أحد المارة .و اليوم ، مع العلاقات الرأسمالية و الهيمنة الذكورية اللذان أعيد تركيزهما فى الصين ن إنتشرت من جديد الظاهرة الفظيعة لوءد البنات .
و كانت البنات تباع للملاكين العقاريين أو تفتك بالقوة من قبل كلابهم المستأجرة لخلاص ديون أولياءهم . و فى المدن تباع إلى بيت دعارة . و يختطف الملاكون العقاريون البنات و النساء كما يحلو لهم و يغتصبونهن .
عندما أتحدث عن السلطة الأبوية ، تبدو أحيانا بعيدة نوعا ما أو أكاديمية . غير أنها كانت تعنى الإخضاع الأعنف و الرذيل للنساء اللاتى تعيشه منذ ولادتهن . أحد الأمثلة الشعبية من ذلك الزمن بالنسبة للرجال كان "إمرأة متزوجة تشبه حمارا إشتريته ، سأقودها و أجلدها كما أريد ".
سؤال :
هل من شرح لكيفية تغيير ذلك الوضع .
جواب :
عالج الشيوعيون منذ البداية مسألة تحرير المرأة . ففى المناطق المحررة ، فى الحال ألغي الحزب الشيوعي ربط الأرجل و الزواج المدبر و إساءة معاملة النساء . لكن هذه القوانين لم تكن لتعني الشيئ الكثير دون تعبئة النساء بالذات . و قد شجع الشيوعيون و عاضدوا بناء تنظيمات نسائية كانت فى البداية تجتذب إليها بعض النساء الأجرء و الأكثر ثقة بالنفس و إستقلالا فى القرية . و هذه النساء تاليا تبحث فى الأوضاع العائلية أين كانت تساء معاملة النساء . تقول لمن تتعرض لسوء المعاملة أن الزمن تغير الآن و أن مثل إساءة المعاملة هذه لم يكن مسموحا بها و تسعى إلى كسبها لحضور إجتماع و الحديث على الملإ ضد ما حدث لها . ثم تنظم إجتماعات لكافة النساء فى القرية و تستقدم زوج المرأة أو الصهر ليجيب عن الإتهامات الموجهة له . و إذا لم يأت أمام الجمعية النسائية ،كانت هذه الأخيرة تجلبه جلبا و تحضره عنوة . كلا من جاك بلدان ووليام هلتن رويا ذلك فى كتابهما بشأن الأيام الأولى للثورة الصينية , و كانت النساء تدفع الرجل إلى الحضور و تواجهه بممارسته و إساءته المعاملة و تعلمه أن هذا النوع من الأشياء ينبغى أن يتوقف و أن المجتمع الجديد لا يسمح بمعاملة النساء على ذلك النحو . و أذهل ذلك بعض الرجال إلى درجة أنهم وافقوا على الإلتزام بما قالته النساء . و سخر رجال آخرون من النساء و بصقوا عليهن و قالوا :" بأي حق تأمروننى أنتن النساء الغبيات بما أفعل ؟ " فى هذه الحال كانت النساء تمارس شيئا من السلطة البروليتارية فيذيقونه الأمريين إلى أن يتوسل الرجل العفو و يعد بوضع حد لمعاملة زوجته على ذلك النحو . و يعود بعض الرجال ‘لى منازلهم و يخجلون حقا من معاملة نساءهم على تلك الشاكلة أو يصبحون يخشون للغاية غضب النساء أو ربما حدث كلا الأمران معا بحيث يتغيرون . و بالنسبة للآخرين ،تطلب الأمر لقاءات متكررة مع منظمات النساء . و مثلما تتصورون حين أخذ هذا فى الحدوث ، لم يؤثر فقط على إمرأة واحدة أو عائلة واحدة فالأخبار تنتقل زو قد كان ذلك محور صراع كبير و نهوض كبير و فوضى كبيرة فى العائلات و فى التجمعات السكانية . هنا تتصرف النساء بطرق مطلقا غير مسبوقة و لم تخطر على البال لمئات السنين فى الصين . عبلر مثل هذه التجمعات ل"التحدث عن المرارة" غدت النساء الصينيات تدرك أنه لم يكن "مصير"ها الفردي أن تعيش مثل هذه الإساءة فى المعاملة و بهذا تحررت النساء فعلا . كانت بعضهن خائفات فى البداية و لم تود التصريح بمكنوناتها أو لم تود أن تتورط لكن المرور عبر هذه السيرورة ، سيرورة كل من النقاش و الصراع المترويين مع الناس و كذلك ممارسة السلطة البروليتارية إذا أردتم تسميتها هكذا ، جعلا النساء تشرع فى رفع رؤوسهن و ترفض القبول بما إضطرت لإحتماله فى المنزل لسنوات عدة . و طفقت أيضا تنظر إلى أن طريق تقدم نساء الصين هو الطريق الشيوعي .
حينما كان الجيش الأحمر للعمال و الفلاحين يمر عبر منطقة ، كان الناس فى البداية ، يشكّون – آه ، إنه لن يفعل شيئا اتغيير وضع الفلاحين ، لقد رأينا ما تفعله الجيوش قبلا : النهب و السلب و ملء الجيوب إلا أنه مع أخذ العلاقات الجوهرية فى التغيير و رؤية الناس حياتهم الخاصة تتبدل بفضل هذا الجيش و قيادة الحزب الشيوعي الذى يمثله ، عندئذ يصبحون من أشد مناصري الثورة و كانت النساء ضمن الأشد مناصرة للثورة .
سؤال :
أعتقد أن الجملة المتداولة لدى الفلاحين هي : لقد تبادلت السماء و الأرض المواقع .
جواب :
هذا صحيح و بالمناسبة ، أحد الأشياء التى قامت بها هذه النساء هو الذهاب و الصراع مع الرجال ليلتحقوا بالجيش الأحمر . و عدد من النساء كذلك إلتحقت بوحدات المليشيا التى كانت جزءا لا يتجزأ من الثورة الصينية .و حدث أمر آخر فى الحال هو أن المساواة القانونية كانت مضمونة بما فى ذلك ضمان حق المرأة فى الملكية الخاصة وهو ما لم يكن مسموحا به فى السابق . عندما إفتكت الثورة السلطة عبر البلاد بأسرها فى 1949 ، جرى تغيير القوانين لتمتيع النساء بالمساواة مع الرجال على جميع المستويات .
و صدر قانون زواج جديد جاعلا من الطلاق إمكانية تلجأ إليها المرأة عند الحاجة . فى السابق كان من اليسير على الرجال طلاق النساء و لكن كان من العسير على النساء طلاق الرجال.غير أنه دون الإستنهاض الحقيقي للشعب ،لا سيما النساء من الأسفل ، لم تكن هذه القوانين لتعني الكثير . إصدار هذه القوانين كان فقط خطوة أولى فى سيرورة تحرير المرأة . ما قاله ماو فى حوار فى منتهى الأهمية هنا : " بالطبع ، كان من الضروري تمتيع المرأة بالمساواة القانونية بداية . لكن إنطلاقا من ثمة يبقى كل شيئ للإنجاز . فالأفكار و الثقافة و التقاليد التى أدت بالصين إلى حيث ألفيناها ينبغى أن يطاح بها و الأفكار و التقاليد و الثقافة البروليتارية الصينية التى لا توجد بعدً ينبغى أن تبرز . المرأة الصينية لا توجد بعدُ ضمن الجماهير إلا أنها تبدأ فى فرض وجودها و بالتالى ليس تحرير المرأة صناعة آلات غسيل ."
للعودة إلى مسألة التغييرات فى العائلة ، إشتغل الصينيون على الأشياء من جانب القاعدة المادية للتغييرات – عمل النساء و خارج المنزل – و كذلك من الجانب الإيديولوجي و الثقافي و التعليمي إلخ .مثلا ، تحدثنا إلى عمال فى مصنع إصلاح قاطرات بننكو مصنع خارج بيكين حيث بلغ العمال مستوى عال من الوعي السياسي فى مجرى النضال أثناء الثورة الثقافية .لقد صرحت لنا عاملة: " فى الماضى ، كان الرجال و النساء سياسيا متساويان ،بيد انهم لم يكونوا كذلك إقتصاديا . لم تكن النساء تشتغل . فكان الرجل يعود على المنزل و يمسى غير راض إذا صرخ الأطفال أو إذا لم يكن الطعام لذيذا . و الآن يعود الرجل و المرأة معا إلى المنزل و عليهما أن يعتنيا معا بالمنزل. "


سؤال :
أجدنى أتذكر و أنت تتحدثين أننى عملت فى مصنع هنا يشتغل فيه النساء و الرجال جنبا إلى جنب و يعودون للمنزل ليلا بيد أن المرأة تمضى وقتها بالفعل فى إعداد العشاء الجماعي اللذيذ بينما يحتسى الزوج جعة باردة و ينام قبالة التلفاز . و عليه عليك أن تتوسعى أكثر فى المسألة .
جواب :
حسنا ، ينبغى النظر إلى المسألة من عدة أوجه ، و بالخصوص البنية الفوقية ،عبر التربية و الثقافة و المعركة الشاملة ضد الأفكار القديمة و التقليدية حول أدوار الرجال و النساء . و كان هذا مظهرا هاما من مظاهر الأعمال الثقافية الجديدة التى شاهدناها فى الصين
لأول مرة فى التاريخ فى مثل هذه الطريق الكبرى ، كان العمال و الفلاحون هم الشخصيات القيادية على المسرح . كانوا يناضلون من أجل تغيير أنفسهم و تغيير المجتمع ،خائضين معارك شرسة مع العدو الطبقي . ثمة روايات عن الثورة الصينية و كذلك عن معارك تغيير الأشياء آنذاك ، خلال الثورة الثقافية . و لعل الأكثر لفتا للنظر هو أن فى كل إنتاج من هذه الإنتاجات الثقافية هنالك شخصية نسائية قيادية قوية ، عادة الشخصية الرئيسية القيادية . هذه المرأة هي قائدة حزبية محلية أو قائدة مليشيا أو فلاحة عادية تصير قائدة . قد يكون القراء مطلعين على بعض هذه الأعمال الفنية . و إذا لم يكونوا مطلعين فعليهم بالتأكيد بمشاهدة أشرطة فيديو "فيلق النساء الحمر" و "الفتاة ذات الشعر الأبيض ". لقد شاهدنا بعض الأعمال الفنية التى عرضت شعبيا فى الغرب حينذاك ،على غرار باليه "فيلق النساء الحمر" .
و بعض الأعمال الفنية التى شاهدنا فى هذه "التربصات الأولية " ذهبت حتى أبعد من السابقة فى ما يتصل بالمعالجة المباشرة لمسألة قيادة المرأة و سلطتها . فمثلا فى عمل من الأ8عمال ، "جبال آزالايا" نجد مشهدا خلاله كا الفلاحون الذكور مضطرين لإتباع قيادة إمرأة , فلاح آخر إكتشف لاحقا أنه يعمل لصالح اليمينيين إستغل الوضع و قال "من أنتم ؟ كنتم أقوياء و مستقلين و الآن تستمعون إلى إمرأة ؟ " و هكذا يمكنكم رؤية أنه حتى فى 1971 حين كنا هناك ، ظل الصراع حول دور النساء جزءا أساسيا من معركة التغيير الشامل للصين .
الأهمية الأساسية لهذه الأعمال هي أنها تقدم و تنشر وجهة نظر شاملة جديدة للإنسانية و دور الناس فى المجتمع وهي ذات قيمة فنية عالية . فنزلت بردا و سلاما على قلوب الجماهير الشعبية التى أحبتها . و رأينا الفرق المسرحية الهواة تعرضها عبر البلاد . "فيلق النساء الحمر " ، مثلا ،عرضت "فيلق النساء الحمر " ،باليه و كذلك أوبيرا ن فى المعاهد من قبل فرق شبابية و من قبل أعضاء الكمونات إثر العمل فى الحقول . لقد برز إنفجار حقيقي للإبداع الثقافي و الطاقة الشعبيين . و لم يكن ذلك فى المسرح فحسب . ففى الريف ، كان الفلاحون يعتبرون فى السابق غير مثقفين و لا ينبغى بالتالي أن يحملوا فرشاة رسم فنى بأيديهم . لكن فى الصين الثورية رأينا فلاحين لا يمسكون فرشاة رسم فني بأيديهم فحسب و غنما رأيناهم يبدعون أعمالا فنية جلبت إهتمام العالم برمته آنذاك . و قد تمكننا من مشاهدة عديد الأعمال الثورية الجديدة التى كانت تبدع و التى قادت إبداعها تشانغ تشنغ (++) .
و لم يقع فقط تصوير المعركة حول دور المرأة فى هذه الأشكال من التعبير الفني و إنما كان إبداعها منذ البداية معركة . لم يكن الأمر يعنى أن تشانغ تشنغ كانت تأتي لتعمل مع الفرقة و تعد معهم العمل ثم يعرضونه لكن وجدت معارضة و صراعا شرسين لتغيير أشكال التعبير الفنثية التقليدية – مثل أوبيرا بيكين التى عاشت لمئات السنين – و ذلك لأجل نشر أفكار المجتمع الجديد و قيمه و أهدافه ،و من هنا المساهمة فى دفع عجلة الثورة إلى الأمام .
إعتمادا على بحث أجرته تشانغ تشنغ متنقلة عبر البلاد و مشاهدة ما كان يعرض فى مسارح الصين ، علق ماو أنه إذا لم يجرى تغييرها فإن وزارة الثقافة يجب أن تدعى وزارة الموهبة و الجمال أو وزارة المومياءات الغربية . و كان هذا فى حد ذاته مذهلا خاصة أنه أتى بعد سنوات من الثورة .إن المعركة ضد الأفكار القديمة و الطرق القديمة فى صنع الأشياء و ضد فكرة أن بعض الأشكال الفنية لا يمكن المساس بها و ضد أنه لا يمكن فعلا مسرحة الصين الجديدة ، كانت معركة شرسة للغاية . و قد نهضت تشانغ تشنغ بدور محوري ليس فى البحث فحسب بل أيضا فى قيادة الصراع لتغيير الأوضاع . و قد لاقت معارضة شرسة بالضبط من أولئك الذين إغتصبوا السلطة إثر وفاة ماو و سجنوها هي و رفاقها الثوريين .
نلمس إذا أن ثمة علاقة حقيقية بين ما يصوّر على المسرح و ما يجرى فى المجتمع . مشاهدة نساء قويات على الركح و مشاهدة "فيلق النساء الحمر " حيث ترقص النساء و البنادق بأيديهن كان لها تأثيرها على النساء الشابات اللاتي شكلت فرق البنات الحديدية ،مثلا . لا أعتقد حقا انه كان بالإمكان الحصول على تغييرات على غرار مصانع نساء المنازل و فى العائلات إذا لم تكن لديك هذه الصور و المعارك ف5ى البنية الفوقية بصدد الدور الذى على النساء أن تضطلع به . لقد حررت النساء بفضل كل هذا – بالضبط تحررت فى الأيام الأولى للثورة عبر "الحديث عن المرارة " – لكسر الحدود التقليدية حتى أكثر و النهوض بأدوار قيادية فى تثوير المجتمع برمته .
---------------------------------
ملاحظة : تشانغ تشنغ قائدة ثورية صينية عظيمة . تزوجت ماو و لعبت دورا حيويا فى الستينات و السبعينات فى الثورة الثقافية و فى المعركة الكبرى الأخيرة ضد دنك سياو بينغ . وقع أيقافها و سجنها بعد وفاة ماو فى 1976 و الإنقلاب التحريفي البرجوازي و بعد أربع سنوات ،تحدت بجرأة جلاديها أثناء محاكمتها فزلزلت العالم زلزلة . توفيت فى السجن فى ماي 1991 فى ظروف تبعث على الريبة .

أيام الثورة كان الشعب ينظر للأشياء بطريقة مغايرة
2/ كيف حررت العناية الجماعية بالأطفال النساء فى الصين الماوية
حين تجتمع النساء و تناقش مشاكلها ،الحيز الكبيرمن الحديث يحتله العمل المنزلي و العناية بالأطفال . على النحو الذى عليه تقسيم العمل فى المجتمع ، تقوم النساء غالبا بالأعمال المنزلية و تتولى المسؤولية الأساسية فى رعاية الأطفال . و مثلما تشعر عديد النساء العاملات فى قرارة أنفسهن بالتعب، هذا يعنى "عملان ": العمل طوال اليوم ثم العودة إلى المنزل للعناية بالأطفال و إنجاز الأشغال المنزلية .
إن هذا التقسيم الإجتماعي للعمل يضطهد المرأة إذ يبقى عديد النساء منعزلات فى المنزل حيث الشؤون المنزلية و العناية بالأطفال تبلد الذهن و ترهق الجسد و يضع تحديدات جمة أمام قدرة النساء على التصرف فى حياتهن و على مدى غمكانية مشاركتهن فى النضال الثوري . المراة عليها أن تمضى حياتها جزءا كبيرا من حياتها فى تنشأة الأطفال و العناية بهم ليست إمرأة حرة فى مساهمتها فى المجتمع . و طالما لم يقع التخلص من تقسيم العمل الإضطهادي هذا ، لا يمكن تحرير المراة .
مسألة " من يعتنى بالأطفال" مسألة كبرى فى علاقة الرجل و المرأة . ينتهى عدد كبير من النساء إلى خوض صراع لا هوادة فيه ضد الرجال ليقوم الأخيرين بمزيد الأعمال المنزلية و العناية بالأطفال . و النساء عبر العالم برمته تحاول أن تجد مخرجا من هذه الوضعية . و تجد النساء الفقيرات تكلفة العناية بالأطفال لا تستحق حتى القيام بعمل ذى أجر أدنى –هذا إذا ما عثرت على عمل . و تضطر نساء شابات للتعويل على أمهاتهن للعناية بأطفالهن . و تستخدم نساء الطبقة المتوسطة معينات منزلية تكون عادة مهاجرات مضطرات للعمل بأجور زهيدة و دون فوائد . و بصورة متصاعدة نستمع إلى أن المرأة و إن كان عملها عملا هاما عليها أن "تكون أمّا أولا " . هذا الوضع برمته يذهب العقل حقيقة .
إن هذا التقسيم الإضطهادي للعمل بين الرجال و النساء قضية تاريخية عالمية . ففى المجتمع الرأسمالي حياة العائلة فردية . و ملايين النساء ، فى ملايين العائلات النووية ، تعود للمنزل كل ليلة و تواجه ذات الأعمال الروتينية من التسوق إلى الطبخ إلى التنظيف و الغسيل ووضع الأطفال فى فراشهم . و ملايين النساء مرهقات بما أن طاقتهن ووقتهن ينفقان فى القيام لوحدهن بمهام يمكن ان تنظم بطريقة جماعية ، إشتراكية .
هذا هدر ضخم للطاقات الإنسانية . و بالنسبة للبروليتاريا هذه قضية كبرى عبر العالم بأسره .لأنه طالما وجد هذا الوضع لا يمكن لنصف البشرية أن يساهم بالتمام فى تطوير المجتمع لهذا نقول " لنحررغضب النساء كقوة جبارة للثورة " .
كل هذا ينبغى ان يجعلنا نتساءل : ألا توجد طريقة لتنظيم المجتمع بأسره على نحو مغاير بغاية التعاطي مع هذا المشكل ؟ نعم ،ثمة طريقة ! فى الصين الثورية ، قاد ماو تسى تونغ الشعب فى تشكيل جيش أحمر و فى إفتكاك السلطة فى 1949 و المضي فىتشييد مجتمع إشتراكي جديد لأكثر من 25 سنة . لقد فهمماو أن على الثورة أن تحرر المرأة من المهام اليومية للعمل المنزلي و العناية بالأطفال . و إن لم تفعل ذلك فإن نصف المجتمع سيقصى من النهوض بدور تام و متساوى فى بناء مجتمع إشتراكي جديد ،خال من الإضطهاد . و بهذه النظرة الماوية لقيت جماهير الصين حلا حقيقيا لمشكلة رعاية الأطفال.
و اليوم يدعو حكام ( و رجعيون آخرون ) الناس "للعودة إلى القيم العائلية التقليدية " إلا أنه فى الصين الثورية ، كان على النساء أن تقف ضد كافة "القيم العائلية التقليدية " التى وضعت النساء فى مرتبة دونية لآلاف السنين . و هذه الرواية لكيفية معالجة الصين الثورية الماوية لمشكل رعاية الأطفال مفيدة لجميع الذين يناضلون اليوم من أجل إحداث تغيير راديكالي ثوري . و ذلك لأنها تبين كيف أن الشعب حين تخلص من النظام القائم و إفتك السلطة السياسية الحقيقية ،أمكن أن يعالج المشاكل التى لا يمكن معالجتها أبدا فى ظل الرأسمالية. و يبين كذلك كيف أن الثورة الماوية فقط قادرة على تحرير النساء .
-----------------------------------------------------------------------------------
فى الصين القديمة ، كانت الفلسفة القديمة لكنفيشيوس تتحكم فى حياة الناس و كانت التقاليد تساهم بجزء كبير فى إضطهاد النساء . فكانت النساء تعتبر فى مرتبة دونية على الأصعدة كافة .و كان الدور الوحيد للمرأة هو خدمة زوجها و إنجاب عديد الأبناء .
من البداية الأولى ، جعل ماو المرأة جزءا لا يتجزأ من الثورة .و فى المناطق التى حررها الجيش الأحمر قبل 1949 أقيم نضال عظيم ضد العادات الإقطاعية التى كانت تشد النساء إلى الأسفل . وإلتحق عديد النساء من الريف و المدن بصفوف الثورة .
إثر إصدار قوانين 1949 ، تمتعت النساء بحقوق متساوية فى ملكية الأرض و العمل و فى المساهمة فى تسيير المجتمع و التحكم فيه . إلا أن التفكير المتخلف و المعادي للمرأة كان منتشرا عبر المجتمع الصيني . و لم يحدث دفع النساء إلى الأمام لتنهض بدور تام و متساوى فى بناء الإشتراكية بسهولة أو بدفعة واحدة .
لقد شدد الحزب الشيوعي على أهمية أن "تخرج النساء من المنزل " و تشارك فى الحياة الإقتصادية و السياسية للمجتمع . بيد أنه وجدت مقاومة شديدة لهذا التوجه الثوري من رجال و كذلك من أفراد العائلة الآخرين مثل الحماواة المتوقعات من زوجات أبناءهم القيام بجميع العمل المنزلي و العناية بالأطفال . و شكل هذا عائقا أمام المضي بالثورة إلى الأمام .
فى الريف أين يعيش غالبية الشعب الصيني و فى المدن أنشِأت تنظيمات نسوية عاضدت النساء فى نضالهن ضد الأزواج و الآباء و الحماواة الذين كانوا يودون المحافظة على العلاقات العائلية الإضطهادية . فمثلا ، عندما كان الزوج يرفض العناية بالأطفال و لا يسمح لزوجته بالحصول على شغل أو بالذهاب إلى إجتماع سياسي ، كانت المنظمات النسائية تنظم وفدا يتوجه له و يناقشه ليغير طريقة معاملته للنساء . و إذا أرادت إمرأة الخروج ليلا لحضور إجتماع سياسي ،يطلب من الزوج أن يرعى الأطفال . أن تذهب إمرأة لإجتماع سياسي و يبقى زوجها يرعى الأطفال شيئ لم يسبق له مثيل فى الصين القديمة .
ومثّل تحمل الرجال مسؤولية أكبر فى رعاية الأطفال تقدما حقيقيا .إلا أن مشكلرعاية الأطفال لم يستطع معالجته طالما كان فقط مسألة إقتسام هذه المهمة بين الرجل و المرأة . فبالنظر إلى ثقل العادات ، كانت النساء تنحو إلى النهوض أكثر برعاية الأطفال طالما ظل الأمر مشكلا خاصا عائلة –عائلة . و الحل الواقعي لرعاية الأطفال هو توليه من قبل المجتمع برمته. ينبغى أن تتم العناية بالأطفال إلى جانب النهوض بالأعمال المنزلية إشتراكيا عوض مواجهتهما كل عائلة لوحدها .
و كانت سيرورة المشركة هذه لكافة الأعمال المنزلية التى تقوم بها المرأة جزءا هاما من بناء مجتمع جديد فيه عمل الناس و عاشوا فى تعاون و بطريقة مشتركة .
-----------------------------------------------------------------------------------------------------
معالجة رعاية الأطفال بطريقة جماعية :
فى بداية الخمسينات ، تركزت شبكة تسهيلات رعاية الأطفال فى الأجوار بالمدن و بالقرى الريفية . إشتملت هذه الشبكة على حضانات للأطفال أين بإمكان الأمهات أن تغذي أبناءهن بناتهن و ترعاهم أثناء يوم العمل . و تعتنى الحضانات و رياض الأطفال بالذين سنهم دون السابعة و الذين لم يلتحقوا بعدُ بالمدارس . و كانت هذه الحضانات و رياض الأطفال تديرها بالحي منظمات و مصانع و مدارس و تعاونيات فلاحية فى الريف . و أرسيت مدارس لتدريب مروضين و مروضات و معلمين و معلمات للأطفال .؟ و فى المدن الكبرى ، شرعت فيدرالية النساء فى سلسلة من الدروس القصيرة المدى لتدريب الناس على الرعاية الجماعية . و فى المناطق الريفية وجدت تسهيلات رعاية أطفال أقل توزعا و العديد منها كانت فى البداية صغيرة و تجريبية .لكن مع القفزة الكبرى إلى الأمام ، فى 1958-1959 حدث تغير كبير فى الوضع إذ مثلت القفزة الكبرى إلى الأمام حركة جماهيرية كبرى أطلقها ماو . فكانت خطوة عظيمة إلى الأمام فى تطوير الإقتصاد – لا سيما فى الريف حيث تم إستنهاض الفلاحين ليطوروا فعلا الفلاحة و الصناعة الصغرى و المحلية . و تحدت التقاليد و الأفكار العبودية .
و كان تحرير المرأة قضية مركزية فى حملة عمت البلاد .فقد تطورت أشكاتل فلاحة جماعية فى الريف و تركزت الكمونات أين كان يعيش آلاف الفلاحين و يعملون جماعيا . وهو ما قلص من التأكيد على العائلة كوحدة تتمحور حولها حياة الشعب , مع تحول الحياة الإقتصادية للشعب إلى إشتراكية أكثر ، وضع أساسلأشياء أخرى مثل رعاية الأطفال و مشركتها . و كان إرساء رعاية الأطفال الإشتراكية شيئا جديدا نحت فى الصين . و كان على الحزب الشيوعي أن يعول واقعيا على جماهير النساء للشروع فى تشغيل هذه الحضانات و رياض الأطفال . لئن لم يتم ذلك فإن مراكز رعاية الأطفال كانت ستشتغل دون أخذ حاجيات النساء و مشاغلهن بعين النظر و كانت النساء ستكون مترددة فى ترك الأطفال مع غرباء فى مؤسسة أنشٍأت دون مساهمتهن . و أهم حتى ، جرى إستنهاض جماهير النساء لتناضل ضد جميع الأفكار و الممارسات المتخلفة التى ينبغى الإطاحة بها إذا ما أريد من النساء "أن تخرج من المنزل " .
عقب إنجاز بعض البحث فى قرية أو جوار ، كان قادة الحزب الشيوعي يدعون النساء للإجتماع و الديث و الإصداح بالرأي حول المشاكل و المخاوف. معا كانوا يخططون لكيفية إنشاء مراكز رعاية أطفال تناسب كامل المجموعة السكانية.و كانوا يتقاسمون مختلفالمهام و يتلقون أجرا على ذلك . و إثر إرساء المركز ،كانت تعقد إجتماعات منتظمة لنقاش المشاكل و المخاوف التى يثيرها أولياء الأطفال أو الساهرين على تسيير المركز .
فى قرية كان لوقت من الصعب العثور على أناس يتولون مسؤولية الحضانات الجديدة إذ كانت غالبية النساء تفضل فلاحة الأرض مع الرجال . و كان كلا من الرجال و النساء يحتقران مهمة رعاية الأطفال .و لم تكن النساء المسنات المتقاعدات قادرات على التحكم فى قاعة مليئة أطفالا نشيطين أو رضعا لوحدهن . و عالجت هذه القرية فى آخلر الأمر هذا المشكل ببعث نساء شابات غير متزوجات لتحصل على دروس قصيرة المدى فى الحضانة و الرعاية الجماعية للأطفال . ثم صارت هذه النساء مسؤولة عن مراكز صغيرة لرعاية الأطفال أين كانت تساعدهن نساء مسنات متقاعدات . و كانت النساء المسنات المتقاعدات "يتحدثن عن المرارة " كجزء من عملهن ،راويات للأطفال حكايات عن كيف كان الشعب مضطهدا بعنف فى المجتمع القديم .
و قد ساهم تركيز رعاية الأطفال الإشتراكي الواسع فى تحرير ملايين النساء بحيث إستطاعت أن تشارك فى بناء الإشتراكية . و حوالي 1952 تضاعف عدد الحضانات فى المصانع و المناجم و المنظمات الحكومية و المدارس ب 22 مرة نسبة لما كان عليه فى 1949 . و خلال الخمسينات تواصل هذا التيار ،لا سيما أثناء القفزة الكبرى إلى الأمام ،مع مشركة كذلك عديد أشكال الأشغال المنزلية كالطبخ و الخياطة و رحي الحبوب.
و حوالي 1959 ، قُدّر أن فى المناطق الريفية هنالك تقريبا خمسة ملايين محضنة و روضة أطفال و أكثر من 3.5 مليون مطعم عمومي و عديد مراكز رحي الحبوب و الخياطة . و فى المدن ، نظمت منظمات أحياء تسهيلات خدمات جماعية . و شمل هذا "حضانات شوارع" و مطاعم جماعية . بعضها كان كبير الحجم و يقدم خدمات لمئات العائلات لكن البعض الاخر كان بسيطا و صغير الحجم يقدم خدمات لعشرات قليلة من العائلات فقط . و كان الأمهات العاملات و الآباء العاملين يأخذون أطفالهم فى إثر يوم العمل و إما يأكلون جماعيا معهم فى مطعم جماعي أو يعودونه بهم إلى المنازل لعشاء عائلي . و أقامت بعض المدن "وجبات غذاء على عجلات "مقدمة خدمات تسليم للناس المرضى أو الذين يضطرون للبقاء بالمنزل لرعاية الأطفال المرضى . و أنشأت الحضانات لفائدة النساء العاملات فى المصانع أنظمة أخرى لرياعة الأطفال . فتوفرت رعاية لنصف يوم أو ليوم كامل أو ل24 ساعة و أسبوعيا , جدول أوقات عمل هذه الحضانات كان يتناسب مع جداول أوقات المصانع و كانت متوفرة أقرب ما أمكن من مكان عمل النساء .
فى الصين الإشتراكية ، أعطى المجتمع الأولوية لتركيز مراكز رعاية الأطفال هذه . و إنعكس هذا فى كيفية إنتشار هذه المراكز . لنضرب مثالا على ذلك ، فى 1959 فى العاصمة بيكين ، وجد حوالي 1.250 روضة أطفال شارع و حضانةترعى حوالي 62 ألف طفل . و حوالي 1960 قفزت هذه الأرقام إلى 18.000 حضانة و روضة أطفال ترعى أكثر من 600 ألف طفل !
إلى جانب هذا التوسع فى الرعاية الجماعية للأطفال ، أنشأ الشعب فى بيكين كذلك 12.000 مطعم جماعي و أكثر من 1200 مركز إصلاح أحذية و 3.700 مركز خدمات حيث بإمكان الناس إيداع الملابس لخياتها و غسلها . و أنشأت أيضا حضانات أصغر حجما أين بإمكان النساء أن تدع أطفالهن لعدة ساعات و تذهب للتسوق أو مشاهدة شريط أو تذهب إلى الدراسة لجزء من الوقت فى المعاهد .


الثورة الثقافية تكسر بصورة أعمق سلاسل التقاليد
فى 1966 ، أطلق ماو الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى التى كانت تهدف إلى الإطاحة بالقادة اليمينيين داخل الحزب الشيوعي الذين يعملون على إعادة تركيز الرأسمالية. فوقع إستنهاض الملايين عبر المجتمع ليناقشوا و يناضلوا من أجل التوجه الذى سيتخذه المجتمع . هل سيظل الشعب يبنى الإشتراكية و يتخلص من جميع مظاهر اللامساواة و الإختلافات فى المجتمع الطبقي ؟ أم سيعاد تركيز كابوس الرأسمالية و الحوت يأكل حوت و الأرباح قبل كل شيئ ؟
وجهت الثورة الثقافية صفعة لكل التقاليد و الممارسات المتخلفة فى المجتمع الطبقي . و كان النضال ضد إضطهاد النساء جزءا جسيما من هذه "الثورة داخل الثورة" . لقد كان الذين يشجعون على الرأسمالية فى الصين يودون إيقاف الثورة فى نصف الطريق . و كانوا ضد الإطاحة بالهيكلة العائلية التقليدية و شجعوا التخلف و الأفكار المعادية للمرأة . و سعى أعلى "أتباع الطريق الرأسمالي " داخل الحزب الشيوعي مثل لين بياو نشر أشياء مثل قول كنفيشيوس "ضبط النفس ,إعادة تركيز الحق " بمعنى أنه على كل أمرء أن يقبل ب"موقعه" فى السلم الإجتماعي . و نشروا النظرة القائلة بأن على النساء أن يعتنين عن كثب بالعائلة و الأطفال . و نقدوا مراكز رعاية الأطفال، مدعين أن الأطفال لم يكونوا يتلقون الرعاية الجيدة و ان على المجتمع أن يتكور أكثر إقتصاديا قبل أن يستطيع مشركة أشياء مثل رعاية الأطفال .
و قاد هؤلاء القادة الحزبيين و عبؤوا أناسا فى المجتمع يشجعون التخلف و الأفكار التقليدية المعادية للمرأة . و خربوا جهود مشركة الأشغال المنزلية و رعاية الأطفال . و كل هذا يبرز حتى أكثر المكسب العظيم المتمثل فى مشركة الأشغال المنزلية النسائية عبر الصين . و قد كانت مشركة الأعمال المنزلية و رعاية الأطفال فى الصين الثورية غير متكافئة ،لا سيما بين المدن و الأرياف . فحوالي 1971 كانت 90 بالمائة من نساء الصين تعمل خارج المنزل بيد أن مشركة رعاية الأطفال كانت متخلفة عن هذا الوضع . فى المدن حوالي 50 بالمائة من الأطفال الذين تمتد أعمارهم بين سنة و ثلاث سنوات يذهبون إلى الحضانات بينما ال50 بالمائة الآخرين تتم رعايتهم فى المنزل ،غالبا من قبل الجد و الجدة . و فى الريف نسبة الأطفال المتمتعين بالرعاية الإشتراكية كان حتى أدنى . غير أن مشركة رعاية الأطفال فى الصين كانت جزءا من الصراع الطبقي و مثّل خطوة كبرى فى تحرير المرأة و إقتضى خلق "أشياء إشتراكية جديدة " كالرعاية الجماعية للأطفال نضالا ت إيديولوجية و سياسية هائلة فى المجتمع . و جرى تحدى آلاف السنين من أغلال التقاليد التى كسرت حين خرجت النساء من المنزل و إلتحقت بالنضال لتثوير المجتمع . فى ظل قيادة ماو ، عمل ملايين الناس للقضاء على كافة أوجه اللامساواة و أشكال الإضطهاد . و مثلت "الأشياء الإشتراكية الجديدة " التى افرزها هذا النضال كالرعاية الإشتراكية للأطفال مكسبا هائلا و تقدما عظيمين و تاريخيين . /.
3/ النساء فى الصين : السوق الحرة الرأسمالية القاتلة
خلال النصف الأول من القرن العشرين ، خاض الشعب الصيني نضالا بطوليا للإطاحة بالإضطهاد . ماو هو الذى أشار إلى أن الالشعب الصينييرزح تحت ثقل جبال ثلاث هي الإقطاعية و الرأسمالية البيروقراطية و الإمبريالية . و تسبب كل جبل من هذه الجبال فى آلام غير مسبوقة بالنسبة للنساء . لكن فى 1949 ، إثر أكثر من 20 سنة من الكفاح المسلح بقيادة الحزب الشيوعي الصيني و ماوتسى تونغ ، أطاح الشعب الصيني بهذه الجبال الثلاث . و من 1949 إلى 1976 خيض نضال عظيم ضد إضطهاد المرأة و تحسنت حياة المرأة على نحو مثير .و اليوم ، عادت هذه الجبال الثلاث الإقطاعية و الرأسمالية البيروقراطية و الإمبريالية و بالتالي عاد إضطهاد المرأة أكثر فظاعة . و من جديد يتعين أن يعاد تحطيم هذه الجبال الثلاث .
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------
------ " النساء نصف السماء " – الصين الثورية الماوية : شعار حول تحرير المرأة فى ظل الإشتراكية .
------ " فى عديد المناطق الريفية ما زال هنالك أناس يعتقدون أنه لا فائدة من النساء. تقوم النساء بالعمل فى المزارع و تلد الأطفال و تعتنى بالزوج و الأطفال و الأقارب .و مع ذلك إذا واجهت مشكلا عائليا تعتقد أن السماء سقطت على رؤوسهن " – إمرأة إنتحرت جدتها بعدما تخلى عنها زوجها لفشلها فى ولادة طفل فى صين اليوم الرأسمالية .
لوتو ، الصين : تتذكر وانغ قزوأكسيا بوضوح الليلة الباردة من ليالي ماي عندما مرت الحافلة الصغيرة عبر حقول الأرز و الذرة و تركت الحافلة صديقة من أصدقاءها فى المعهد العالي فى قسم الإستعجالي ، مجعدة و فاقدة للوعي نسبيا وهي تفرز رائحة سوائل مضاداة الحشرات .
و رغم أنها تخرجت مؤخرا من مدرسة الممرضات عرفت الآنسة وانغ العلاج : إفراغ المعدة ثم إعطاء الأكسيبان و الأتروبين و عبر العروق مضاد لسم الليثال . وكان أمثال هؤلاء المرضى كثيرين فى مستشفى لوتو إلى درجة أن تشخيص أعراض المرض لم توضع أبدا موضع تساؤل : إمرأة ريفية يائسة أخرى تحاول الإنتحار.
فى الواقع ، بعد ثلاث ليال ، شهدت الآنسة وانغ الحالة ذاتها و هذه المرة عملت على إنقاذ صديقة من المعهد العالي . و لكن هذه المرة حين وصل الجرار إلى مستشفى البيضاء ذات الأربع حكايات ، كان قلب المرأة قد توقف عن النبض .
النيويورك تايمز " الإنتحارات تكشف جذور الأسى فى حياة الصين الريفية " / 24 جانفى 1999
فى لوتو وهي مدينة ريفية تعدّ 36 ألف ساكن ، فى محافظة هو باي ، عالجت قاعة الإستعجالي 48 محاولة إنتحار من جانفى 1996 إلى جوان 1997 ، 43 منها كانت نساء بين سن العشرين و الخمسة و الأربعين .
------------------------------------------------------------------------------
للصين نسبة من أعلى نسب الإنتحار فى العالم و أعلى نسبة إنتحار الأنثى فى العالم . لقد قدّر أن حوالي 56 بالمائة من إلإنتحارات النساء فى العالم – حوالي 500 يوميا - تحدثفى الصين و غالبية النساء التى تضع حدا لحياتها شابات و نساء ريفيات .
فى الصين تفوق نسبة الإنتحارات فى الريف بثلاث مرات نسبة الإنتحارات فى المدن . و الصين هي البلد الوحيد حيث سنويا يموت النساء أكثر من الرجال نتيجة الإنتحا – ضعف الشريحة العمرية أقل من 45 سنة .
و فى 1996 قرررت مجلة نسائية فى الصين أن تتحدث عن المشكل و تعالجه ودفعت مالا للقراء الذين يرسلون حكايات نساء إنتحرت .فتلقت المجلة مئات الرسائل و لمدة سنتين تاليتين نشرت روايات الإنتحارات . و بينت الرسائل كم تشعر النساء فى الريف باليأس و بأنه ليس لهن وعي بقيميتهن .
وفق المصادر الرسمية الصينية ، النسبة العامة للإنتحار فى الصين تصل إلى 18 بالخمائة عن مائة ألف وفاة . غير أن هذا الرقم لا يتضمن عديد الإنتحارات المعدة على أنها "موتا عنيفا " أو "موتا فجئيا ، سببه غير معروف" . فإذا ما أخذنا هذه الوفايات بعين الإعتبار ستكون النسبة أعلى . و زيادة على ذلك ، تعدّ الإحصائيات الرسمية الصينية الوفايات فقط –فلا تكشف عديد محاولات الإنتحار الفاشلة . فى لوتو ، ثمة ثماني وفايات من ضمن 48 مريضة حاولت الإنتحار فى 1996 و النصف الأول من 1997 . و نسبة الوفايات بالتأكيد غالبا أعلى فى المدن الأبعد ذات المستشفيات الأقل معدات عصرية .
و كشفت بحوث قام بها البنك العالمي أن النسبة العامة للإنتحارات فى الصين تفوق بثلاث مرات النسبة فى بقية بلدان العالم و أن النسبة فى صفوف النساء تساوى خمسة أضعاف النسبة فى بلدان أخرى .
تنتحر عدة نساء فى الصين بواسطة شرب مضاد حشرات من الفسفاط الصناعي . و لو أنه لا يتسبب فى آلام فإن هذا المركب الكيماوي يفرز سلسلة واسعة من الأعراض بما فيها آلام الصدر و ضيق التنفس و شد عضلي و تاليا نوباة قلبية و حالة غيبوبة . و غالبية هذه الإنتحارات وقعت فى فصل الصيف إذ خلاله يكون عمل المزرعة مرهقا للغاية .
-----------------------------------------
فى 1919 ، حينما كان ماو تسى تونغ طالبا شابا ثوريا ، كتب جملة من المقالات مطالبا بالمساواة فى الحقوق للنساء .إثر إنتحار فتاة شابة فى تشنغشا أجبرها أبويها على الزواج جبرا ،كتب تسعة مقالات فى 13 يوما مدينا إضطهاد النساء فى المجتمع الإقطاعي . فورد فى واحد من تلك المقلات :
" حدث الأمس كان فى غاية الأهمية .وقع بسبب نظام الزواج المدبر الباعث على الخجل ، بسبب ظلامية النظام الإجتماعي و إنكار الإرادة الشخصية و غياب حرية إختيار القرين . نرجو أن يعلق المعنيون بالأمر على جميع أوجه هذه المسألة و أن يدافعوا عن شرف الفتاة التى ماتت موتة شهادة من أجل حرية إختيار حبها ...
إن عائلة الأبوين و عائلة الزوج المفروض مرتبطتان بالمجتمع فكلاهما جزءا منه و يجب أن نفهم أن عائلة الأبوين و عائلة الزوج المفروض إقترفا جريمة بيد أن منبع هذه الجريمة هو المجتمع . صحيح أن العائلتين هما اللتان إقترفتا الجريمة إلا أنجزءا كبيرا من الإثم أملاه عليهما المجتمع . فضلا عن ذلك ، لو كان المجتمع مجتمعا جيدا ،حتى و إن أرادت العائلتان أن تقترفا هذه اغلجريمة فإنه ما كان بإمكانهما القيام بذلك ...
بما أنه ثمة عوامل فى مجتمعنا أدت إلى وفاة الانسة تشاو ،فإن المجتمع فى منتهى الخطورة . فقد إستطاتع أن يتسبب فى وفاة الآنسة تشاو و بإمكانه كذلك أن يتسبب فى وفاة الآنسة تشيه أو الآنسة سان أو الآنسة لي. بمستطاعه أن يقتل الرجال كما يقتل النساء. نحن جميعا ضحايا ممكنة و علينا أن نتحلى باليقضة إزاء هذا الشيئ الخطير الذى يمكن أن يوجه لنا ضربة قاتلة . علينا أن نحتج بأعلى أصواتنا و أن نحذر الناس الآخرين الذين لم يقتلوا بعدُ و أن ندين شرور هذا المجتمع التى لا حصر لها ."
----------------------------------------
وفى 1949 ، تحررت الصين و شرع الشعب فى بناء مجتمع جديد . فى 1950 ، بدأ تطبيق قانون زواج جديد ألغى نظام الزواج الإقطاعي القديم و أعلن المساواة بين الرجال و النساء و أرسى حق الملكية و المسؤولية المشتركة فى العناية بالأطفال . و ألغى تعدد الزوجات و تزويج الأطفال و كما ألغى التدخل فى شؤون الأرامل اللاتى تردن الزواج مجددا . و دعا إلى تكوين أسر معتمدة على نوع جديد من الزواج المستند إلى الإرادة الحرة و الإحترام المتبادل .
كان قانون الزواج واضحا بشأن علاقة الزواج فى المجتمع :" من واجب الزوج و الزوجة النضال جنبا إلى جنب من أجل ...بناء مجتمع جديد." و شن الحزب الشيوعي حملات جماهيرية لتربية الشعب حول الزواج الجديد و قوانين الطلاق و بفضل ذلك غير عدة رجال و كذلك عدة نساء طريقة تفكيرهم . فصار الناس يرون أنه إذا لم تتحرر النساء ،لا يمكن تحرير الشعب كله و أنه إذا بقيت النساء فى وضع عبودية فإن نصف المجتمع لن ينهض للمشاركة فى بناء المجتمع الإشتراكي الجديد . لأكثر من 25 سنة ، مثل النضال ضد إضطهاد النساء جزءا لا يتجزأ من تثوير المجتمع و و تحررت النساء لتشارك بصورة تامة فى جميع مجالات بناء الإشتراكية .
فى 1976 ، توفي ماو و قام أعداؤه فى الحزب الذين كانوا يسعون لإعادة تركيز الرأسمالية بإنقلاب عسكري و إستولوا على السلطة . و تمت الإطاحة بالحكم البروليتاري و الإشتراكية و أعيدت الرأسمالية . و اليوم يجرى التكريس التام للطرق الإضطهادية الرأسمالية بما فيها إضطهاد المرأة . و العادة الإقطاعية و السوق الحر الرأسمالي و "شرورالمجتمع التى لا حصر لها " تتسبب من جديد فى وفاة الآنسة شاو .
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
4/ النساء فى الصين : عبودية السوق الحرة
...
------- " إننا جميعا أسياد الصين الجديدة ! الآن للنساء حقوق متساوية مع الرجال . لنا حقوق سياسية و حقوق إقتصادية . فى السابق ،كانت النساء تحتل موقعا دونيا فى المجتمع ...لكن اليوم الوضع مختلف تماما . اليوم طموحنا العظيم هو القيام بالثورة ."
- النساء فى الصين الثورية زمن ماو .
-------- "أعرف أن الأمر خطير لكن ليس لدي خيار آخر . لن أعود للقرية .فالحياة صعبة جدا هناك . كل أسبوع نسمع عن حادث آخر . هذا أمر لا مناص منه . غير أننى لا أعتقد أن ذلك سيحصل معى "
- تصريح لفو ليتونغ ،إمرأة سنها 20 سنة ، حاولت أن تجد عملا فى مدينة على بعد 200 ميل عن قريتها ،إثر السماع عن حالة إمرأة تم إختطافها و إغتصابها و بيعها .
-----------------------------------
قزيانغ ،الصين : فى ظل سور قديم ما يزال محيطا بهذه المدينة ، يتجمع عدة مئات من الناس يوميا على طول شارع موحل يعرضون أنفسهم للعمل فى سوقشغل غير رسمي . العديد منهم نساء شابات من الريف و بالنسبة لهن يمثل السوق خطرا خاصا إذ يمكن أن يكون المحطة الأولى فى سفر يبتدأ بوعد بشغل و يعرف الإغتصاب و الضرب العنيف على طول المسار و ينتهى بحياة عبودية الخدم المنزلي .
لقد جرى إختطاف نساء لا حصر لهن من هذا السوق فى قزيانغ ، و من أسواق مشابهة فى مدن أخرى و من محطات حافلات و قطارات فى المدن عبر الصين كافة . كما هو معهود ، يجرى التغرير بإمرأة اتقع فى سجن سمسار أو أكثر و تعنف حد الخضوع و تقدم لغريب يسميها زوجته.
- النيويورك تايمز "النساء كمتاع : فى الصين :تظهر العبودية "6 سبتمبر 1995 .
--------------------------------------------------------------------------
ممارسة إختطاف النساء و بيعهن فى تصاعد فى صين اليوم الرأسمالية إذ يشترى المزارعون غير المتزوجين النساء الشابات مقابل 250 إلى 500 دولار بواسطة سماسرة يجوبون الطرقات بين المدن و الأرياف ميسرين تجارة عبودية الإنسان هذه . و الشرطة أحيانا تتلقى رشوة اتدير ظهرها .
الإحصائيات غير كاملة و لا يجرى تسجيل عديد الحلات .لكن هنالك تقديرات بأن على الأقل سنويا ، 10 آلاف إمرأة تباع الآن لتصبح عبيدا فى الصين . و بينما تحاول بعض النساء الفرار فإنهن عادة ما تخجل من العودة إلى عائلاتهن .
يقع بيع النساء فى الصين بلأساس فى المناطق الريفية . بيد أن كثيرا من النساء يتم إختطافهن من المدن ثم يجرى نقلهن إلى القرى و المدن الصغيرة فى الريف . فى بعض الحالات يساهم حتى موظفو الحكومة فى تسويغ المسمى "زواجا" .
ورد فى وثيقة : " لا توقف الشرطة القرويون الذين يختطفون و يبيعون أو يشترون النساء فقط و إنما تتصرف كذلك كوسيط و تتقدم كشاهد و توفر خدمات إستخراج وثائق و تذهب للمنزل لإحياء "الزواج ".
روت النيويورك تايمز حكاية إمرأة ، زهاو مايمى ، إمرأة متزوجة سنها 32 سنة إختكفت ثم سلمت لمزارع إسمه وانغ فى قرية على بعد 400مايل .أبقاها وانغ فى مغارة و عادة ما كان يضربها و يغتصبها . و بعد أكثر من سنة من العيش فى المغارة ، ظهرت على زهاو مايمى عوارض مرض ذهني صارت أسوأ إثر ولادتها بنتا أخذت منها . لم يشتك أي من الجيران من الوضع .يبدو أنهم يعتبرون ذلك " أمرا ليس من شأنهم" .
أتت الشرطة فى النهاية و حررت زهاو مايمى من المغارة بيد أنه عندما أعادوها إلى قريتها الأصلية ، قال المسؤولون الرسميونإن زوجها ،بعد سماعه عن البنت التى وضعتها و عن مرضها الذهني ، لم يرغب فى إعادتها . و لم يبذل المسؤولون الرسميون أي جهد لمحاكمة وانغ أو للعثور على الرجل الذى باع زهو مايمي . حينها و غثر كل ما مرت به ، كانت زهاو مايمي غير قادرة على الإعتناء بنفسها و لكن عوض أن يُوفر لها وضع حياة صحي ،إتصلت السلطات بوانغ و أعلمته أنه ما عاد بإمكانه الإساءة لزهاو ثم أعادوها إليه .
-----------------------------------------------------------
قبل تحرير الثورة الماوية للصين ، كانت العئلات التى تتضور جوعا تبيع عديد النساء و الأطفال . و حتى عندما لا تضطر العائلات إلى بيع بنت ، كان الزواج بالأساس قائما كتبادل تجاري بين العائلات و لم يكن للمرأة خيار فيه .
خيض نضال كبير لوضع حد للطريقة العنيفة لمعاملة الآباء و الأزواج و الحماواة للنساء . و غنتظمت النساء لتقاتل بطريقة جماعية أشياء مثل توجيه الضرب لهن . و لم تكن تريد العيش فى وضع حيث على كل إمرأة لوحدها أن تناضل ضد زوجها أة أبيها بنفسها لتتحرر.
فى الواقع ، أحد أسباب بقاء أضطهاد المرلأة هو أن كل شيئ بقي فرديا . إذ ظلت الأمور محصورة بين الزوج و الزوجة و "ليس شأن الآخرين " ما يحدث "وراء الأبواب المغلقة " .بيد أن هذا لم يعد مقبولا فى المجتمع الجديد . إذا أساء رجل معاملة زوجته ، يغدو هذا قضية المجتمع ككل .
و كل إمرء كان مسؤولا عن ضمان ألا يتم تعنيف النساء و معاملتهن كملكية خاصة . حين يضرب رجل زوجته ، تجتمع لجنة من النساء و تتوجه إليه و تناضل ضده لتغير من طرق معاملته . ثم تراقب الوضع ز و تواصل اللجنة النضال ضد الزوج إلا أنه إذا واصل إساءة معاملة زوجته ، تعاقبه . و إذا لم يتغير ، تشجع اللجنة المرأة و تساعدها على الحصول على الطلاق.
فى الصين الثورية ، جرى إستنهاض المجتمع بأسره للنضال ضد إضطهاد النساء و لأول مرة فى التاريخ ، إستطاعت جماهير نساء الصين أن ترفع رأسها و تحطم كافة التقاليد التى وضعتها فى وضع يشبه العبودية . لكن إثر وفاة ماو فى 1976 ، أطيح بالإشتراكية . و مع إعادة تركيز الرأسمالية ، أعيد تركيز معاملة النساء المعاملة الأكثر بربرية كملكية خاصة و كعبيد .


5/ النساء فى الصين : منبوذات السوق الحرة
...
"عندما إبتدأنا لأول مرة العمل ، لم يكن مستوانا الإيديولوجي مرتفعا جدا . غالبيتنا كانت تعمل فقط للحصول على أوفر مال ممكن . ثم صرنا نفهم أن عملنا جء هام من بناء الإشتراكية . بيد أنه لم يكن لدينا فهم عميق لهذا . و خلال الثورة الثقافية ، درسنا معا جميعا. قرأنا مؤلفات ماو و لاسيما "خدمة الشعب " و تعلمنا أن جميع أعمالنا فى خدمة الشعب مهما كانت فى المستويات العليا أو السفلى . عقب الثورة الثقافية ربطنا عملنا الراهن بالثورة العالمية...وضعنا العالم بأسره بين أعيننا حتى لا ننحرف أبدا عن الطريق الثوري ".
- إمرأة ثورية من الصين الإشتراكية فى بداية السبعينات .
-----------------------------------------------------
سكرتيرة ، مقيمة فى بيكين ، سنها أقل من 30 سنة ن طولها أكثر من متر و 65 صم ، يجب أن تكون مواصفاتها متناسقة .
- إعلان طلب شغل صدر عن شركة جنزهيوان ، نشرته فى "يومية شباب بيكين" ، 1998
---------------------------------------------------
فتاة إشهار سنها أقل من 28 سنة ،طولها أكثر من متر و 65 صم ،بيضاء البشرة ،نحيفة و ذات صحة جيدة .
- إعلان طلب شغل شركة أدوات تجميل لوريال بالصين ، 1998 .
---------------------------------------------------------------------------------------------
تيانجينغ ،الصين : كل عشية ، فى ساحة صغيرة خارج مركز ساتشينغ لإعادة التشغيل ، تتصفح مجموعات صغيرة من العمال المطرودين بقلق قائمات المساعدين المطلوبين . كلهن نساء ، كلهن تجاوزن ال35 سنة و كلهن لا تملك خبرات .
" إن كان سنك تتتجاوز ال35 سنة ، من الصعب جدا أن تجدى عملا " هذا ما قالته إمرأة عمرها 43 سنة صرحت أنها طردت هذه السنة من مصنع غذائي و كانت تستعد لمقابلة من أجل عمل لبعض الوقت ألا وهو عمل تنظيف النوافذ ب60 سنت فى الساعة . " ما الذى بإمكاننا أن نفعله ؟ " تساءلت . "عليك أن ترعى أطفالا و شيوخا و أنت متقدمة فى السن لتعلم خبرات جديدة . لم تعودي جذابة . لار أحد يريدنا ".
- النيويورك تايمز : " فى الصين ، 35 فما فوق و أنثى = غير قابلة للتشغيل " . 13 أكتوبر 1998 .
--------------------------------------------------
تيانجينغ ، مدينة صناعية ساحلية تعد 9 ملايين ساكن وهي مركزلصناعة النسيج بالصين .فى 1997 تم طرد 320 ألف عامل و عاملة و كانت النساء الأكثر تضررا.
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
لقد جاء فى تقرير لوزارة التشغيل الصينية أن فى 1997 ، كانت النساء تعد فقط 39 بالمائة من القوى العاملة بالصين و لكنها تعد أيضا حوالي 61 بالمائة من العمال المطرودين . و بينت دراسة إستطلاعية أن 75 بالمائة من النساء المطرودات ما تزال فى بطالة بعد سنة ،مقارنة بأقل من 50 بالمائة من الرجال الذين طردوا فى الوقت نفسه . و بما أن الشغل فى صناعات الدولة كان تاريخيا يتمتع بفوائد إجتماعية واسعة النطاق و أقل طرد للعمال ، إضافة إلى أن العمال يتمتعون بالرعاية الصحية و رعاية الأطفال و خدمات الدفن .
فظاعة السوق الحرة الرأسمالية فعالة تماما جاعلة حتى أصعب بالنسبة للنساء المسنات نسبيا أن تجد شغلا .مع إنكماش الصناعات التابعة للدولة ، النساء اللاتى تجاوزت سنهن 35 سنة أكثر عرضة للطرد و أقل حظا فى العثور على شغل جديد من أي شريحة أخرى فى الصين. عدد كثير من هذه النساء غير ذات خبرة و الشركات تتردد كذلك فى إستخدام النساء الأكبر سنا بما أنها عادة ما تتحمل مسؤولية تامة فى رعاية الأطفال و كذلك فى رعاية الأولياء الأكبر سنا .
واقفة فى طابور مركز البطالة ، قالت سون جنتكى وهي عاملة نسيج سابقة عمرها 41 سنة ،قالت لنيويورك تايمز إن
" فى مصنعنا كل المطرودين نساء . أنظر حواليك ، كل الموجودين هنا نساء . الآن ما الذى بمقدورنا فعله ؟ لسنا شابات بما فيه الكفاية و لا تجربة لدينا " .
تشجع القوانين الرسمية ، فى الكلام ،الفرص المتساوية فى العمل بالنسبة للنساء و الرجال . غير أن فى واقع الحياة ، تفضل الشركات بوضوح الرجال على النساء فى عدد من أنواع العمل .قالت متخرجة من معهد علوم قانونية تبحث عن عمل إن عديد الشركات كانت تعتبر الأعمال التى تتطلب السفر و العمل فى المدن الريفية أعمالا مضنية جدا بالنسبة للنساء." من الأصعب على النساء العثور على عمل " و قالت :" حين ينوون أن يستخدموا إمرأة ،فإنهم يريدونها جميلة و قديرة أيضا " .
و من غير المفاجئ أن تكشف دراسات إستطلاعية نسب أعلى من العدية من الإنهيارات العصبية و العنف الأسري و الطلاق فى صفوف عائلات نساء تعرضت للطرد من العمل .
--------------------------------------------------------------------
لقد حررت الثورة الإشتراكية الصين سنة 1949 و لأكثر من 25 سنة ، قاد ماو تسى تونغ الشعب فى بناء المجتمع الجديد المتخلص من الإضطهاد . فكان النضال من أجل المساواة و المشاركة التامة للنساء على جميع أصعدة الحياة جزءا لا يتجزأ من بناء هذا المجتمع الإشتراكي الجديد .
فى الريف ، لأول مرة منحت النساء حقوقا متساوية لفلاحة الأرض و فى مصانع المدن ، تغير نظام الأجور لتقليص الفروقات و اللامساواة بما فى ذلك الإختلافات بين النساء و الرجال .و رتبت إجراءات لضمان أخذ الحاجيات الخصوصية للنساء بعين الإعتبار .

قبل الثورة ، كانت النساء تقبع فى المنزل و ظلت منعزلة للغاية عن الحياة الأوسع و النضال الدائر رحاه فى المجتمع و موقع العمل . و إثر الثورة ، أقيم نضال كبير لإنشاء مطاعم جماعية و لرعاية الأطفال بهدف تحرير النساء من الظروف الإضطهادية للأعمال المنزلية للمنزل الفردي . و فى الريف خيض نضال عظيم ضد العادالت الإقطاعية التى جعلت النساء تابعة تماما للآباء و الأزواج و الحماواة .
و فى المدن ، أقيمت "مصانع شوارع" صغيرة لتخول للنساء العمل لبعض الوقت و تأتي بأطفالهن حيث تعمل و تتم رعايتهم . و عديد هذه المصانع الصغيرة صارت لاحقا أكبر ومملوكة جماعيا و كانت المصانع المدارة على هذا النحو تشغل مئات العمال و تصنع جميع أنواع السلع . فى بيكين ، عملت 180 ألف إمرأة على إرساء أكثر من 400 مصنع شارع و ألفين و 900 وحدة إنتاج شارع .
تخلصت عدة مصانع من العلاوات و الدوافع المادية ( تقديم أجور أكبر للعمال مقابل عمل أفضل أو عمل لفترة أطول) التى كانت تنحو نحو تفضيل الرجال الذين كانوا أقوى و أكثر حرية للعمل لساعات إضافية . و بينما ظلت الإختلافات فى الأجور ، بذلت جهود كبرى ل "رفع الأسفل إلى الأعلى "، رافعة فوائد و أجور العمال فى الأعمال ذات الأجر الأدنى أين ما زالت النساء كثيفة العدد .
فى كل هذا ، كانت النساء تتقدم كقائدات للثورة . و حتى تتحرر النساء حقيقة عليهن أن تساهم فى تثوير كافة نواحي الحياة و ليس فقط تلك النواحي التى تتعلق بصورة ضيبقة بالعائلة و الأطفال و الشؤون المنزلية . و ركز الحزب الشيوعي مجموعات خاصة من النساء لدراسة و نقاش الماركسية –اللينينية –الماوية . و قد عني هذا فى أحيان كثيرة مزج الدراسة السياسية بتعليم النساء القراءة . و ساعدت هذه المجموعات كذلك على تجاوز مختلف الحواجز التى تمنعها من أن تصبح ناشطات سياسيا . فمثلا ن ضمنت رعاية الأطفال حتى تستطيع النساء حضور التجمعات .
إثر وفاة ماو فى 1976 و إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين ، وضع حدا لجميع هذه الخطوات إلى الأمام الرامية لتحرير النساء . فى ظل الإشتراكية ، كانت النساء تعامل كمورد ثمين فى بناء مجتمع جديد إلا أن قوانين حوت-يأكل -حوت اليوم تجعل من العسير على ملايين النساء حتى العثور على عمل .

من الصين الإشتراكية إلى الصين الرأسمالية

شادي الشماوي

من الصين الإشتراكية إلى الصين الرأسمالية
===========================
( جزء من الفصل الثالث من كتاب "الثورة الماوية فى الصين : حقائق و مكاسب و دروس")
بقلم شادي الشماوي
من صين ماو الإشتراكية إلى صين دنك الرأسمالية : برنامج دنك الذى طبق فى الصين بعد إنقلاب 1976 يميط اللثام حتى أكثرعن الخط التحريفي الذى ناضل ضده =============================================================================================الشيوعيون الماويون:
==========
" إن أسلوب التحليل هو ألإسلوب الديالكتيكي . ونعنى بالتحليل تحليل التناقضات الكائنة فى الأشياء . و بدون معرفة تامة بالحياة و فهم حقيقي للتناقضات المراد بحثها ، يستحيل إجراء تحليل سديد "

(ماو ، مارس ،آذار 1957 ص 226 من مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسي تونغ)


" إذا إفتك التحريفيون مستقبلا قيادة الصين ، على الماركسيين –اللينينيين فى كافة البلدان أن يفضحوهم بصرامة و أن يناضلوا ضدهم و أن يساعدوا الطبقة العاملة و الجماهير الصينية فى قتال هذه التحريفية . " (ماو تسى تونغ ،1965) .


إذا توصل أناس مثل لين بياو إلى السلطة ، سيكون من اليسير عليهم أن يعيدوا تركيز النظام الرأسمالي -
( ماو تسى تونغ ،سنة 1975 : تصريح خلال حملة " دراسة نظرية دكتاتورية البروليتاريا و التصدى للتحريفية "و كان يقصد بجلاء أناس مثل دنك سياو بينغ )

لقد كان ماو تسى تونغ واعيا تمام الوعي بالخطر الحقيقي الداهم و إمكانية ردة تحريفية فى الصين مثل الردة التى حصلت منذ أواسط الخمسينات فى الإتحاد السوفياتي فمسألة من سينتصر فى النهاية ،الطريق الإشتراكي أم الطريق الرأسمالي لم تحسم فى المجتمع الإشتراكي كمجتمع توجد فيه طبقات و تناقضات طبقية تناحرية و صراع طبقات تتمحور بالأساس فى صفوف الحزب الشيوعي فى صراع خطين حول الطريق الإشتراكي و الطريق الرأسمالي. وصحة الخط من عدمه هي المحددة فى تطور المسار و الإتجاه الذى سيتخذه الحزب و الدولة و بالتالى المجتمع الإشتراكي فيبقى على الطريق الإشتراكي و يعمق المضي صوب الشيوعية أو يعيد تركيز الرأسمالية. و وصول التحريفية إلى السلطة يعنى وصول البرجوازية إلى السلطة كما صرح بذلك ماو تسى تونغ .
وهو ينهض بمهمة مكافحة إعادة تركيز الرأسمالية بالصين ، خاض ماوتسى تونغ على رأس الخط الثوري للحزب الشيوعي الصيني بكل ما أوتي من جهد قيادي معارك عدة ضد الخط التحريفي و أعظم تلك المعارك هي معركة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى التى إمتدت من 1966 إلى 1976 لكن بعد وفاة ماو تسى تونغ ، فى أكتوبر 1976 نظّم التحريفيون إنقلابا فبلغت البرجوازية السلطة فى الصين.
رفع التحريفيون الذين إفتكوا السلطة منذ 1976 إثر إنقلاب على الخط الشيوعي الماوي ممثلا فى من أسموهم "عصابة الأربعة " ( فى الواقع "الخمسة " فماو معهم و قائدهم فى حياته ) راية برنامج "التعصيرات الأربعة " و طبقوه وهو برنامج قد تعرض للنقد من طرف الشيوعيين الماويين قبل وفاة ماو كما تعرض القائد الأعلى للتحريفيين و خطه اليميني فى الصين إلى حملة نقد جماهيرية سنة 1976 قادها الحزب و على رأسه الرئيس ماو .
" المهمة الأساسية للحزب كافة و لشعب البلاد كافة ،و ليس فى الوقت الراهن وحسب ، بل كذلك على طول المرحلة التاريخية الإشتراكية بأسرها ، بما فى ذلك الخمس و العشرين سنة القادمة ، هي النضال تحديدا من أجل تحقيق البرنامج الأساسي لحزبنا [ أنظر "وثائق المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي الصيني" ] و تنفيذ خطه الأساسي . هل ينبغى أن نطور الإقتصاد الوطني ؟ هل ينبغى أن نحقق التعصير الشامل للفلاحة و الصناعة و الدفاع الوطني و العلم و التكنولوجيا على مرحلتين قبل نهاية القرن ؟ بالطبع ينبغى ذلك غير أن هذه ليست سوى مهمة علينا الإضطلاع بها لإنجاز البرنامج الأساسي لحزبنا . و بالرغم من أنها مهمة جبارة ، فهي ليست المهمة الأساسية لحزبنا ، و أقل من ذلك حتى ، ليست المهمة العامة لحزبنا . فى أصلها " التعصيرات الأربعة " رُسمت كمخطط فى علاقة بمهمة تطوير الإقتصاد الوطني . مع ذلك لنكشف خدعة خطيرة للغاية هي أن "البرنامج العام " [ وثيقة من ثلاث نصوص تحريفية عرضت الخط التحريفي البرجوازي ساهم فى صياغتها كل من دنك سياو بينغ و هواو كوفنغ رأسا حربة إنقلاب أواخر 1976 ، وهي نصوص نقدها الشيوعيون الماويون مستخلصين أنها "طفيليات سامة " ] يقدم تحقيق "التعصيرات الأربعة" مقدمة عظيمة لجميع العمل كله فى الوقت الراهن و فى الخمس و العشرين سنة القادمة ، مقدمة ينبغى أن يقوم عليها كل عملنا . و هذا يبين أن فى نظر أولئك المتعنتين أتباع الطريق الرأسمالي فى الحزب ،حاليا ، المهمة الوحيدة هي الإنتاج و البناء و لا حاجة إلى الصراع الطبقي و الثورة البروليتارية و دكتاتورية البروليتاريا . و بالتالي يتنكر هذا كليا للبرنامج الأساسي لحزبنا و يتلاعب بصراحة بالمهمة و التوجه الأساسيين للتقدم بالنسبة للحزب كافة و لشعب البلاد كافة ." ( تشانغ يُياه ، مجلة " دراسة و نقد " ،غرة أفريل 1976 ، أثناء " الحملة ضد دنك و الإنحراف اليميني داخل الحزب" ) .
و معلومة شهيرة هي جمل ماو تسى تونغ المقيمة لدنك سياو بينغ و التى روجت خلال الحملة المذكورة أعلاه و منها :
" إنه لا يولي أية أهمية للصراع الطبقي ، لم يذكر هذا المحور البتة . و يكرر على الدوام صيغته :" قط أبيض ، قط أسود " دون التفريق بين الإمبريالية و الماركسية " و " إنه لا يفهم شيئا من الماركسية –اللينينية ، إنه يمثل البرجوازية ".
قبل ذلك ، فى خضم الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ، كان دنك سكرتيرا عاما للحزب إلى جانب ليوتشاوشى المسمى بخروتشوف الصين هدفا مباشرا لهجمات الخط الشيوعي الماوي و الجماهير الواسعة ضد التحريفية . وأقيل من مناصبه ولم يعد إلى المناصب القيادية إلا فى ظروف معركة محتدمة بين الماويين من جهة و التحريفيين اللين بياويين من جهة أخرى و ذلك إثر محاولة إنقلاب لين بياو سنة 1971 و بعد أن قدم نقده الذاتي و إعتبر خط الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و منجزاتها مكاسبا وجبت المحافظة عليها و صيانتها و تطويرها . إلا أنه عاد بوضوح إلى التآمر على الخط الثوري الماوي ليكون أحد أهم القادة الذين كانوا وراء أحداث تيان آن مان الرجعية سنة 1976 .
حالئذ ، فى 7 أفريل 1976 ، أصدرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني القرار التالي :
" قرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني حول إقالة دنك سياو بينغ من كل مناصبه فى كل من داخل الحزب و خارجه و هذا القرار ينص على :" بعد نقاش الحدث المعادى للثورة الذى شهدته ساحة تيان آن مان و آخر تصرفات دنك سياو بينغ ، تعتبر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني أن طبيعة مشكل دنك سياو بينغ غدى تناقضا تناحريا . و بإقتراح من قائدنا العظيم الرئيس ماو ، إتفق المكتب السياسي بالإجماع على إقالة دنك سياو بينغ من كل مناصبه فى كل من داخل الحزب و خارجه بينما يسمح له بالمحافظة على عضويته فى الحزب بهدف مراقبة تصرفه مستقبلا ." ( " مجلة بيكين"عدد 15 ، 9 أفريل 1976 ) . و لن يعود دنك إلى دفة السلطة و فى أعلى مناصبها إلا بعد إنقلاب 1976، فى الإجتماع الثالث للجنة المركزية فى 1977 ، ليمسي الرمز الأول للصين الرأسمالية .
كل هذه الحقائق الدامغة يتجاهلها أعداء الماوية و نقادها من كل الأرهاط و بصورة خاصة الخوجيون المفضوحون منهم و المتسترون و التروتسكيون إلخ ليضعوا فى نفس السلة ماو تسى تونغ و دنك سياو بينغ و لين بياو بل ليعتبروا أعداء الماوية هؤلاء ماويين و مثال ذلك ما فعله و يفعله الخوجيون المفضوحون فى كتبتهم و "بحوثهم"... إنهم يخلطون الأوراق عمدا عامدين و يخلقون تشويشا و بلبلة لينشروا خطهم الدغمائي التحريفي و ينالوا من التجربة البروليتارية الصينية الشيوعية الماوية أرقى تجارب دكتاتورية البروليتاريا العالمية . إنهم يشوهون الماوية و الحقائق التاريخية و كمثاليين يطبقون عكس المنهج الذى دعى إليه لينين العظيم فى "ما العمل ؟"، مطلع القرن العشرين :
" ينبغى للمرء أن يكون قصير النظر حتى يعتبر الجدال بين الفرق و التحديد الدقيق للفروق الصغيرة أمرا فى غير أوانه أو لا داعي له . فعلى توطد هذا " الفرق الصغير " أو ذاك قد يتوقف مستقبل الإشتراكية – الديمقراطية الروسية لسنوات طويلة، طويلة جدا " .
مستقبل الشيوعية لا يهم الخوجيين المفضوحين منهم و المتسترين وغيرهم من التحريفيين ، مستقبل الحركة الثورية للبروليتاريا العالمية لا يشغل بالهم و لا ينعكس ذلك فى هذه المسألة فحسب بل فى مسائل أخرى ليس هذا مجال الخوض فيها . بإختصار شغلهم الشاغل هو الإتقضاض على الماوية ليس إلا .
-------------------------------------------------------------------------------------------------------
و قد أجلينا ما أجلينا من هذه الحقائق الأولية لنمضى إلى تحليل خط دنك الذى طبق فى الصين معيدا تركيز الرأسمالية عقب كسب آخر المعارك الكبرى ضد الماوية التى تمحورت ، بالأساس بعيد المؤتمر العاشر حول خط المحافظة على مكاسب الثورة الثقافية و تطويرها و تعميقها و نقيضه خط التراجع عن الثورة الثقافية و قلب التوجه العام للحزب و الدولة و طبيعتهما .( أما التأريخ الدقيق لتلك المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ و كيفية خوضها و الإنقلاب و أسباب هزيمة الماويين الصينيين فقد أفرد له ريموند لوتا مقدمة كتابه " و خامسهم ماو" سنة 1978 ) .
1- أهم محطات التخلى عن الماوية :
عقب وفاة ماو تسى تونغ ، عينت القيادة الشيوعية الماوية أن من أوكد المهام الملحة مهمة فضح "الخط التحريفي المعادي للثورة لليوتشاوشى و لين بياو و دنك سياو بينغ " و "تعميق نقد دنك سياو بينغ و مواصلة النضال لصد محاولة اليمين التحريفي الإنقلاب على القرارات الصحيحة و توطيد و تطوير إنتصارات الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و صيانة الأشياء الإشتراكية الجديدة بصرامة و تقييد الحق البرجوازي و مزيد تعزيز دكتاتورية البروليتاريا فى بلادنا " ( ص 7 و 10 من "مجلة بيكين " عدد 38 ، 1976 )
على هذا الخط الشيوعي الماوي سينقلب التحريفيون و قادتهم هواو كوفينغ و دنك سياو بينغ بعد وفاة ماو تسى تونغ فى أكتوبر 1976 . و لئن فقدوا الكثير من مراكز نفوذهم أثناء الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فإن التحريفيين لم يفقدوا كل قواهم و مثلما تنبأ بذلك ماو فإن طبيعتهم الطبقية ستدفعهم من جديد و تكرارا فى محاولة الإنقضاض على الخط الثوري و إلحاق الهزيمة به . ومنذ بداية السبعينات كانوا يهاجمون مجددا و بضراوة و يقيمون الإستعدادات للإنقلاب و إفتكاك السلطة بالرغم من مقاومة الشيوعيين الماويين الصلبة فى تلك المعركة الأخيرة قبل الإنقلاب .
حين تمكن التحريفيون و بالتالي تمكنت البرجوازية من إنجاح الإنقلاب و أمست تمسك بخيوط و ناصية الحزب و الدولة أضحى الحزب الذى كان ثوريا فى طرفه أو مظهره الرئيسي المحدد لطبيعته حزبا تحريفيا و أضحت الدولة البروليتارية دولة برجوازية و كان مصير الثوريين الشيوعيين الماويين القتل و السجن و الطرد من الحزب إلخ كل ذلك رغم ما أظهروه من روح قتالية عالية و نضال حازم و متفان بكل الأشكال حتى المسلح منها و طوال أشهر .
و نظرا لأن الماويين فضحوا جماهيريا التحريفيين و برنامجهم البرجوازي لإعادة تركيز الرأسمالية ، لجأت عصابة الإنقلابيين إلى تكتيك توجيه تهم من كل لون "للأربعة " ( بالأحرى "الخمسة "لأن ماو كان معهم و قائدهم ) من جهة و إدعاء هواو كوفينغ أنه سيواصل الطريق الذى خطه ماو تسى تونغ ، غايتهم خلق الضبابية و بث الرماد فى عيون الجماهير ليسهل عزل الماويين عن الجماهير و ضربهم مع تجنب ردود فعل الجماهير الكادحة المناصرة للطريق الإشتراكي و المعادية للطريق الرأسمالي .
و قد أفلح التحريفيون أتباع الطريق الرأسمالي و بالتالي أفلحت البرجوازية الجديدة فى مسعاهم و حققوا تغييرات يمينية نوعية رافعين راية الماوية لإسقاط الماوية و منفذين برنامجا معاديا للماوية على طول الخط . و قد تم لهم ذلك عبر محطات هامة و على "جرعات" بحكم المعارضة التى لقيها توجه هواو كوفينغ – دنك سياو بينغ اليميني بالفعل ، داخل الحزب و خارجه . فالموقف العلني للتحريفيين من الماوية كان يأخذ بعين الإعتبار فى كل خطوة ميزان القوى السياسي منطلقا من إعلان تبنى الإرث الماوي و مواصلة إتباع الطريق الذى خطه منتهيا إلى الهجوم الصريح تماما و كليا على الماوية و منجزاتها .
--------------------------
بداية ، ندعوكم للإطلاع على بعض محتويات مقال للدكتور عبد الرحمان أحمد حسين" الثورة الثقافية فى تاريخ الصين " ورد فى مجلة "عالم الفكر " ، المجلد التاسع عشر ، العدد الأول ،أبريل –مايو –يونيو 1988 علما و أن المقال الموثق فى مجلة متداولة و سهلة الإقتناء يذهب تماما ضد ماوتسى تونغ و يساند دنك سياو بينغ بيد أن ما يهمنا هنا هو بعض الحقائق التاريخية التى سجلها كما سجلتها مئات الكتب بمختلف اللغات عبر العالم .
" ...و كان لدور هواقوة فينغ الأثر الفعال فى إزالة "عصابة الأربعة " فى أكتوبر1976 إلا أنه أعلن " أن كل القرارات السياسية التى إتخذها الرئيس ماو سنؤيدها بحزم ، وكل التعاليم التى أصدرها الرئيس ماو سوف نتمسك بها دون تردد " . و قد أيد المؤتمر الوطني الحادي عشر للحزب المنعقد فى أغسطس 1977 وجهة نظر هواقوة فينغ هذه رغم أنه لم يتردد فى دحض "عصابة الأربعة " و إبراز إنحرافاتهم و محاكمتهم مع من كان يؤيدهم فى المراكز العليا للحزب ." ( ص 138)
و يزيد صاحب المقال الأمر شرحا فى الصفحة ذاتها :
" ... فقد شهد المؤتمر الحادي عشر للحزب الذى أكد نظريات و سياسات الثورة الثقافية وجود 109 أعضاء فى اللجنة المركزية للحزب من بين 201 عضوا من عهد ماو تسى تونغ ، كما كان ثلثا عدد أعضاء المكتب السياسي من عهد ماو أيضا ".
و هكذا ، كان على الجماعة التحريفية " أن تنتظر حتى إجتماع اللجنة المركزية فى دورتها التالية فى ديسمبر 78 بعد أن تساقط [ إقرأ قتل و طرد من الحزب ] كثير من الأعضاء القدامي لتتخذ قرارها الجديد ببدء " ثورة التعصيرات الأربع" بدلا من الثورة الثقافية "
هذه إذا بعض المعطيات التاريخية التى تبرز التكتيك الذى توخاه التحريفيون تجاه ماو و الماوية متقنعين بداية بإتباع نهجه ثم منقلبين علي الماوية فى النهاية كليا ،علنا و صراحة. فعقب الإنقلاب على من سماهم التحريفيون"عصابة الأربعة " (و هم ينتمون إلى أعلى مناصب الحزب الشيوعي الصيني حينها إذ كان وانغ هونغ وان نائب رئيس الحزب منذ 1973 و كان تشانغ شوان كياو عضوا فى اللجنة المركزية الدائمة للمكتب السياسي و كان كل من ياووان يوان و تشانغ تشنغ عضوان بالمكتب السياسي منذ 1969 –مزيدا عنهم فى الملحق ) أي القادة الشيوعيين الماويين حقا ، بعيد وفاة ماو ، شرع التحريفيون فى الهجوم على كل منجزات الثورة الثقافية بتعلة أنها كانت إجراءات أتباع الطريق الرأسمالي الممثلين (و هذا تزوير ) ب "عصابة الأربعة " و لين بياو . و بهذا كان الهجوم على الماوية هجوما غير مباشر و غير علني لم يذكر فيه ماو حرفيا بل كان خطه الثوري الذى جسده الثوريون الصينيون و منهم القادة "الأربعة " هو محل الهجوم الذى إتخذ شكل حملة شعواء .
و تشويها للخط البروليتاري الذى قاتل و لا يزال بضراوة داخل الحزب ، نعت التحريفيون " الأربعة "و بقية الشيوعيين الماويين بكل النعوت التى كانت توجه لليمينيين أيام الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و ألصقت بهم تهم لا حصر لها و لا أساس لها من الصحة .هذا من ناحية و من ناحية أخرى رُبطت أسماؤهم بإسم المرتد لين بياو و هذا ليس أمرا عرضيا و إنما هو تكتيك سياسي خبيث آخر يرمى التحريفيون من ورائه أولا إلى طمس الخط الفاصل بين لين بياو المرتد و "الأربعة " الماويين الثوريين الذين خاضوا فى أواخر الستينات و أوائل السبعينات صراعا لا هوادة فيه ضد لين بياو و كان ماو يقودهم شخصيا فى ذلك و ثانيا إلى جعل الجماهير تنفض من حول الماويين و ترى فيهم معادين للثورة و مرتدين مثل لين بياو و من ثمة لن يبقى أمام الكادحين من رافع لراية الشيوعية سوى الطغمة التحريفية . فكان هذا التكتيك التحريفي البرجوازي ركيزة جوهرية فى إنتصار الطريق الرأسمالي على الطريق الإشتراكي فى الصين.
و دليل دامغ على ذلك هو ما صرح به دنك نفسه ضمن "إجابات على أسئلة الصحفية الإيطالية أوريانا فالاتشى " فى 21 و 23 أغسطس (آب) 1980:" سؤال : نجد نحن الغربيين أشياء كثيرة عسيرة الفهم . فاللوم يوجه لعصابة الأربعة على كل الأخطاء . و قيل لى أن الصينيين إذا ما تحدثوا عن عصابة الأربعة أشار كثير منهم بخمس أصابع .
جواب : يجب أن نضع خطا واضحا بين أخطاء الرئيس ماو و جرائم لين بياو و عصابة الأربعة ..."( المصدر السابق بالفرنسية و ، ماو تسى تونغ : سيرة حياة –تقييم –ذكريات بيكين 1989 بالعربية ،ص 105)
حتى دنك لم يستطع أن ينكر حقيقة أن الصينيين " إذا ما تحدثوا عن عصابة الأربعة أشار كثير منهم بخمس أصابع ." و لكنه يمضى فى مغالطاته .
و تجنبا للدخول فى صدام مباشر مع الماويين الحقيقيين داخل الحزب و خارجه أعلن التحريفيون ممثلى البرجوازية الجديدة نهاية الثورة الثقافية دون تقديم أي تقييم للجوانب الإيجابية على جميع المستويات وهي بنسبة 70 بالمائة حسب ماو ذاته و دون تحديد الأخطاء التى ينبغى تجنبها وهي بنسبة 30 بالمائة حسب ماو أيضا . و فتح هذا الإجراء الأولي الباب واسعا فى ما بعد فى مرحلة أولى ، أمام بث الشك و الريبة فى أهداف الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و دورها فى التصدى لإعادة تركيز الرأسمالية و صلوحيتها كأداة ووسيلة مواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا تاريخيا صينيا و عالميا وفى مرحلة ثانية ، أمام مراجعة قرارات و مقررات و تقارير المؤتمرين التاسع و العاشر للحزب الشيوعي الصيني و هما مؤتمرين ساد فيهما الخط الشيوعي الماو
و فى خطوة تالية ، رفض التحريفيون الذين أعلنوا سابقا "سوف نؤيدها و سوف نتمسك بها دون تردد" تطبيق التوجيهات و القرارات التى إتخذت فى ظل قيادة ماو سنة 1976 و منها طرد دنك من المناصب العليا للحزب و بالعكس أعادوه إلى قمة السلطة و تخلصوا من الثوريين الماويين بدعوى أن " ماو ذاته صرح فى عدة مناسبات أن بعض تصريحاته لم تكن صحيحة تماما . و لا وجود لإنسان ، كان يقول ، معصوم من الخطإ إلا الذين لا يقومون بأي عمل " كما ورد فى نص الداهية التحريفي دنك سياو بينغ مؤرخ فى 24 ماي 1977 (ص 42 من "نصوص مختارة " لدنك سياو بينغ 1975-19782 ، الطبعة الأولى سنة 1985 ، عن منشورات اللغات الأجنبية ،بيكين ، الطبعة الفرنسية ).
رغم قتل عديد الماويين الحقيقيين و سجنهم ، لم تكف المقاومة الشيئ الذى أملى على التحريفيين اللجوء من ناحية إلى المهاجمة العلنية و الجريئة للكوادر القيادية المعروفة بتبنيها و تطبيقها للخط الشيوعي الماوي و من ناحية ثانية إلى إرجاع الكوادر التحريفية ،أتباع الطريق الرأسمالي الذين تم طردهم خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى . و قد أعلن ذلك دنك سياو بينغ صراحة فى 23 أوت 1977 متحدثا عن الجيش بأنه :" أولا ، يتعلق الأمر ،بداهة بالقيام بتغيير الجماعات القيادية فى مختلف الدرجات و أيضا تغيير الكوادر التى أوصى بها الرفيق ماوتسى تونغ ". ( المصدر السابق ،ص72) . ثم يضيف بالصفحة ذاتها " فبعضهم [الكوادر العسكرية ] التى كانت موجودة قبل طردها من قبل لين بياو و عصابة الأربعة ، يجب إذا إعادتها إلى مواقعها السابقة ".
وضعنا سطرا تحت كلمتي "بداهة " و "إذا" لأنهما جد معبرتين عن الخط الذى يقود دنك سياو بينغ و هواو كوفينغ المناقض كليا للخط البروليتاري الثوري الماوي .ذلك أن تغيير الكوادر القيادية أمسى بديهيا بعد تغير الخط القائد للحزب و المحدد لطبيعته . و بهذا قطع التحريفيون و قطعت البرجوازية الجديدة شوطا جديدا فى تعرية وجوههم الحقيقة علنيا .
و فى 30 مارس 1979 ، قيم دنك نتائج نشاط الخط التحريفي التخريبي فقال : "خلال السنتين و نصف السنة اللتين تلتا سحق هذه العصابة [نقرأ الإنقلاب على الثوريين و تغيير لون الحزب و الدولة ] توصلنا فعليا إلى القضاء على قوتها السياسية المعادية للثورة و إلى تحرير و تقوية الجماعات القيادية فى مختلف المجالات . فى الحزب و فى الحكومة و فى الجيش و سلطة الإدارة هي حاليا ، فى الأساس بين أيدى كوادر تتمتع بثقة الشعب [نقرأ البرجوازية الجديدة ] ، و العمل رجع فيها إلى مساره العادي ."
و على الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى التى أوقفت دون شرح للأسباب و دون تقييم لها ، قاد دنك الهجوم بدهاء منقطع النظير حيث بعد فتح الباب للشك و الريبة فيها كما ذكرنا أعلاه إنتقل إلى الحمل عليها بما أوتي من جهد تحريفي معربا فى مارس 1980 (ص 288 من مختاراته ) :" صحيح أن الرفيق ماو تسى تونغ إرتكب أخطاء فى العشر سنوات من "الثورة الثقافية " ..."
و لئن لم تعد الثورة الثقافية ثورة ثقافية بروليتارية كبرى بإعتبار أن دنك وضعها بين ظفرين ، فإن بعض الأخطاء ستضحى أخطاء خطيرة و ستستحيل الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى كليتها خطأ مريعا فى أعين البرجوازية الجديدة الصينية : " لقد كانت "الثورة الثقافية " فى حقيقة الأمر خطأ مريعا ." ( ص 111 من "ماوتسى تونغ سيرة حياة ...) .
و لم يتوقف الأمرعند هذا الحدّ ، لخلط الأوراق إلى النهاية ،أعلن رمز التحريفية الصينية الجديد عدم صياغة ماو تسى تونغ لفكر ماو تسى تونغ بل إعتبر أن فكر ماو تسى تونغ حصيلة أعمال ماو تسى تونغ و أعداء الماوية أيضاعلى غرار تشو آن لاي و ليو تشاوشى- خروتشوف الصين - و تشو ده و آخرين أيضا لم تذكر أسماؤهم .
ورد فى الحديث الصحفي الذى مر بنا (مع الصحفية الإيطالية ) :
" سؤال : قلتم إن هنالك أشخاص آخرين ساهموا فى تشكيل فكر ماو تسى تونغ . من هم ؟
جواب : إنهم ثوريو الجيل القديم ،مثلا ، الوزير الأول شوآن لاي ، الرفيق ليوتشاوتشى و الرفيق تشو ده و عديد الآخرين أيضا . "
و تنتهى مؤامرة تحطيم الخط الشيوعي الثوري الماوي بالنيل من ماو تسى تونغ على المستوى الشخصي بإتهامه بأنه غير نزيه و متقلب فى مواقفه (ص 292) و بأنه فقد مداركه العقلية !!! إذ نقرأ : "من الصحيح أن الرفيق ماو ، فى نهاية حياته ، لم يعد منطقيا فى تفكيره ."(ص 298) .
-----------------------------------------------------
و قراءة نقدية فاحصة لمقدمة المجلد الخامس من "مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " تبين كذلك تضاد الخط الإشتراكي الماوي و الخط الرأسمالي التحريفي . ففى هذا المجلد المنشور سنة 1977 ، بعد وفاة ماو و الإنقلاب التحريفي بسنة تقريبا، جاء فى التقديم أن ماو تسى تونغ واصل الماركسية-اللينينية و حافظ عليها و طورها فى إطار الصراع الذى خاضه الحزب و الشعب بقيادته للقيام بالثورة و البناء الإشتراكيين و الصراع ضد الخطوط التحريفية التى تظهر لا محالة فى سيرورة الصراع الطبقي تفرزها تناقضات المجتمع الإشتراكي ذاته . و تعدد الخطوط التحريفية كما يلى "كاوكاينغ ، جياو تشوتشى، بنغ تاه هواي ، ليوتشاوتشى ، لين بياو ، وانغ هو نغ وان ، تشانغ شوان كياو ، كيانغ تسنغ ، ياو وان يوان ". (ص5، الطبعة الفرنسية ) .
نلاحظ أن ليوتشاوتشى- الملقب بخروتشوف الصين - و بنغ تاه هواي يعدان تحريفيين فى حين أن دنك سياو بينغ لاحقا (ص 289 من نصوصه المختارة ) قال : " فى الماضى كان يقع الحديث دائما عن عشر صراعات خطية . كيف يجب أن ننظر إليها اليوم ؟
ذلك الذى يخص الرفيق بنغ تاه هواي لا يجب أن يعد ضمنها و الشيئ نفسه بالنسبة لذلك الذى يخص الرفيق ليو تشاو تشى" و يشدد على ذلك " ضمن الصراعات العديدة بين الخطين التى كان يتم الحديث عنها فى الماضي ، هنالك على الأقل إثنان لا يمكن إعتبارهما صراعات خطين و يجب أن نقلب راديكاليا الإستنتاجات المبنية عليهما و أقصد الصراعان الخاصان بليوتشاوتشى ." (ص 305) .
فى مقدمة المجلد الخامس فى فترة حرجة من صراع الشيوعيين الماويين كمعارضة ضد التحريفيين الذين نظموا الإنقلاب و أنجزوه مغيرين لون الحزب و الدولة فى الصين ، إعتبر ماو تسى تونغ أعظم ماركسي-لينيني الستينات و السبعينات و أن لما أضافه للماركسية-اللينينية أهمية لا متناهية لا سيما أثناء الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى .ومتى أمسكت التحريفية بشكل صلب بمقاليد الحكم تغير تقييمها و إتجهت إلى إعتبار كتابات ماو تسى تونغ إلى حد 1957 صحيحة أما التالية فخاطئة و وصمت الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى بأنها خطأ مريعا. وتماشيا مع هذا التقييم التحريفي، ينكث الوعد بنشر كتابات ماو الأخرى (سوف "ننشر الأجزاء الأخرى تباعا" :مقدمة المجلد الخامس ).
---------------------------------------------------------- فى هجومهم المسعور على الخط الشيوعي الماوي إنطلق التحريفيون البرجوازيون الجدد من التقنع براية ماو تسى تونغ ليسقطوها و مرّوا للتشكيك ثم إلى تخطئة ماو تسى تونغ جزئيا وبعد ذلك تخطئته بالأساس فكليا بعد 1957 محطمين الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كأعظم إسهامات ماو تسى تونغ فى علم الثورة البروليتارية العالمية . و إنتهوا تاليا إلى ذرّ الرماد حول حتى مصدر فكر ماو تسى تونغ جاعلين من أعداء الماوية مساهمين فيه و فى آخر المطاف بثوا سم أن ماو تسى تونغ فى آخر حياته فقد مداركه العقلية .
كل هذه الحقائق التى سجلها التاريخ بجلاء ينكرها الدغماتحريفيون الخوجيون فأنور خوجا فى "الإمبريالية و الثورة " و تلاميذه فى كتبهم و"بحوثهم"... و غيرهم م التحريفيين يصرخون بأن دنك سياو بينغ مواصل لسياسات ماو تسى تونغ و خطه الإيديولوجي و السياسي و التنظيمي . إنهم هكذا يلتقون مع دنك سياو بينغ ليس فى تكتيك خلط الأوراق فقط بل فى نقاط إيديولوجية و سياسية و تنظيمية عديدة و غاية جميعهم النيل من الماوية كأعلى قمة بلغها تطور علم الثورة البروليتارية العالمية لأجل تكريس خطهم هم المعادي للشيوعية.
2- خط التعصيرات الأربعة التحريفي يتناقض مع الخط الشيوعي الماوي "القيام بالثورة مع دفع الإنتاج " أو خط المؤتمر الحادي عشر يتناقض مع خط المؤتمرين التاسع و العاشر
كتب دنك سياو بينغ فى 2 نوفمبر 1979 :" فى الوقت الراهن ، تواجه دولتنا مشكلا عويصا . عقب تحديد الخط و المبادئ الصحيحة لصالح التعصيرات الأربعة ، ما يشغل بالنا هو نقص الرجال الأكفاء الذين يستطيعون وضعها موضع التطبيق ".
خط دنك سياو بينغ تكرس علنيا و رسميا (و إن شرع فى تطبيقه منذ إنقلاب 1976) بعد المؤتمر الحادي عشر و الدورة الثالثة للجنة المركزية وهو بكلمات دنك ذاته "خط و مبادئ صحيحة " نقضت طبعا خطا آخر يعتبره خاطئا هو خط المؤتمرين التاسع و العاشر الماويين و الخط الشيوعي الماوي كان قائما بالأساس على أولوية الصراع الطبقي و الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى وسيلة و طريقة لمنع إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين كمهمة مباشرة أما الهدف البعيد المدى فهو فضح التحريفية و تعرية جذورها و تربية الجماهير على التعرف عليها و النضال ضدها و نشر النظرة البروليتارية للعالم و ممارسة دكتاتورية البروليتاريا على كافة الأصعدة للتقدم نحو الشيوعية قدر الإمكان .
و خط دنك مبني على نقيض ذلك أو ما سمي بالتعصيرات الأربعة التى دحضها الماويون كما أشرنا إلى ذلك فى بداية الفصل . فقد كان الخط الشيوعي الماوي الثوري يضع الصراع الطبقي فى المصاف الأول وهو ما يعتبره دنك خطأ مريعا لذلك عوضه بخط التعصيرات الأربعة الذى ينبذ الصراع الطبقي أي الصراع السياسي ضد البرجوازية الجديدة منها و القديمة و يركز على تعصير الإقتصاد على النحو البرجوازي عكس ما مورس فى الصين الماوية بالتعويل على الذات و دفع حركة الجماهير بتعبئتها السياسية و "القيام بالثورة مع دفع الإنتاج " ( مبدأ ماوي رفع و كرس أثناء الثورة الثقافية ) .
يعترف دنك بأن خط التعصيرات الأربعة الذى فرضه التحريفيون بعد الإنقلاب على الثوريين لم يجد من يطبقه ، فى البداية ، فالجماهير داخل الحزب و خارجه شاركت بوجه عام فى حملة نقد دنك سياو بينغ و الإنحراف اليميني فى 1976 و كانت تناصر عموما الخط الثوري الماوي . و يعتبر دنك الخط الذى صاغه "ثورة " وهو بالفعل ثورة مضادة فوصول التحريفية للسلطة يعنى وصول البرجوازية إلى السلطة .
" لقد عين المؤتمر الحادي عشرللحزب [12-18 أوت 1977 ] و المجلس الشعبي الوطني الخامس ، لشعبنا هذا الهدف العظيم : تحقيق التعصيرات الأربعة الإشتراكية [لنقرأ الرأسمالية ] قبل موفى القرن . لذا وجهت اللجنة المركزية للحزب و مجلس الشؤون الخارجية نداء للإسراع فى إنجاز التعصيرات الأربعة و إتخذت جملة من الإجراءات على المستويين السياسي و التنظيمي. و أشارت اللجنة المركزية إلى أن الأمر يتعلق بثورة كبيرة ينبغى أن تضع حدا لحالة التخلف التى عليها إقتصادنا و تقنيتنا و ينبغى أن تعزز دكتاتورية البروليتاريا . و لأن هدفها هو الزيادة المحسوسة للقوى المنتجة ،فإن هذه الثورة ستغير حتما ،على عديد الأصعدة ،علاقات الإنتاج و البنية الفوقية و التصرف فى المؤسسات الصناعية و الفلاحية و طريقة إدارتها من طرف الدولة بصورة تجعلها تتأقلم مع متطلبات إقتصاد عصري كبير . "( ص149 ، التسطير منا) .
دنك سيغير حتى علاقات الإنتاج . و إذا كانت لعقود قبل إنقلاب التحريفيين سنة 1976 إشتراكية فماذا ستصبح بعد" ثورة" دنك سياو بينغ ؟ إنها بالتأكيد لم تمس شيوعية و بما أن الطريق الرأسمالي إنتصر على الطريق الإشتراكي فستمسى بلا ريب رأسمالية و إن تقنعت براية الإشتراكية ثم بالسوق الإشتراكية .
و ندعو الدغماتحريفيين الخوجيين المفضوحين منهم و المتسترين و أضرابهم إلى توجيه نظرهم إلى الواقع ففيه حقيقة الصين و مفادها أن الصين الماوية إشتراكية و صين دنك سياو بينغ صين إعادة تركيز الرأسمالية و نعيدها وجهوا أنظاركم للواقع بجدية إذ "لاوجود للحقيقة المجردة و الحقيقة دائما ملموسة " – لينين .
على أن التحريفيين ، أتباع الطريق الرأسمالي المنتصرين على الطريق الإشتراكي و ممثليه الماويين لم يجدوا الطريق معبدا لوضع خطهم موضع الممارسة بسلام و طمأنينة و لتنفيذ برامجهم البرجوازية الرجعية و المعادية للبروليتاريا و الجماهير الشعبية الكادحة. ولذلك إضطر التحريفيون الصينيون للإعتراف بقوة القوى الثورية الماوية و بذلوا وسعهم فى الضغط عليها بجميع الوسائل و قمعها بالحديد و النار .
و إليكم ما صرح به دنك سياو بينغ فى مناسبات مختلفة حول إستماتة الثوريين الماويين حقا فى المقاومة العنيدة للتحريفية بفضل التنظيرات و الممارسات الماوية فى العقود السابقة و هو ما لم يشهده الإتحاد السوفياتي حين حصلت فيه الردة التحريفية لأن الثورييين فوجؤوا و لم يكونوا يملكون الفهم المتقدم الذى طوره ماو تسى تونغ لا حقا بصدد المجتمع الإشتراكي و الصراع الطبقي فيه و مواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا .
" ما يلفت نظرنا هوأنه لا يزال ثمة العديد من الناس الذين يعارضون الخط السياسي و الإيديولوجي للحزب ، مشاطرين عمليا أفكار لين بياو و الأربعة و يعتبرون السياسة الحالية للجنة المركزية للحزب خطوة إلى الوراء و تحول يميني . إنهم يدافعون عن "الدفاع الثنائي اللا مشروط" و يقولون إنهم أتباع فكر ماو تسى تونغ إلا أنهم فى الحقيقة يبحثون عن الإبقاء بشكل آخر على الأقوال البالية للين بياو والأربعة . غالبيتهم وقعت ترقيتهم خلال الثورة الثقافية ..." ( ص 202 من نصوصه المختارة ، 15 جوان 1979) .
ثم بعد أسطر إستطرد :
" لا نستطيع أن نقلل من قيمة تأثير لين بياو و عصابة الأربعة و لا نرى الأشياء بصورة ساذجة . يجب أن ننظر إلى أبعد و أن نحسن إختيار خلفائنا ما دمنا على قيد الحياة . سنعين الكوادر الجديرة بالثقة و سنجعلهم يعملون طوال بضعة سنوات و سنسهر شخصيا على تكوينهم . من لم نحسن إختيارهم سنعوضهم . فالأمر يتعلق بالمهمة الأكثر أهمية و الأكثر صعوبة و الأكثر إستعجالية على مستوى الخط التنظيمي" (التسطير منا ).
و مواصلا حديثه يسجل بالصفحة الموالية :" طالما أننا ،الرفاق القدماء ، لا زلنا هنا ، هذا المشكل أقل صعوبة فى الحل و لكن إذا لم نتوصل إلى حله ، سيغرق بلدنا فى الفوضى بعد وفاتنا . لا تذهبوا إلى الإعتقاد أن مثل هذه الإمكانية غير واردة فرجال زمرة لين بياو و عصابة الأربعة الذين لا ينضبطون لتوجيهات الحزب موجودون هنا لإحداث الإضطرابات ". إلخ
لقد عبر دنك سياو بينغ من منظور تحريفي برجوازي عن واقع تواصل مقاومة الثوريين الماويين . و حتى الأحداث التاريخية سنة 1989 و غيرها بينت بالمكشوف و حتى قبل موت دنك ذاته تواصل وجود الماويين الثوريين حقا فى الشوارع رافعين راية الثورة البروليتارية و صور ماو تسى تونغ ، فى أحداث ما سمي بربيع بيكين بساحة تيان آن مان و هي أحداث و إن سادتها الشعارات الليبرالية البرجوازية فقد سجلت حضور التعبير الطبقي البروليتاري الشيوعي الماوي .
3- خطان فى فهم السياسة التعليمية :
يذكر جميع من تتبع الصراع الطبقي فى الصين أن التعليم ، بعد الأدب والفن ، كان من أهم المجالات التى تصادمت فيها الرؤى البروليتارية الشيوعية بقيادة ماو تسى تونغ من جهة و الرؤى التحريفية المختلفة و التى تصب فى مصب واحد و ذلك أساسا فى خضم الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و لا سيما فى بدايتها . و من يود تعميق المعرفة بهذا الشأن نحيله على كتاب جان دوبيه "تاريخ الثورة الثقافية البروليتارية فى الصين ..." ،دار الطليعة ،بيروت 1971.
لقد كانت الجامعات و المعاهد المجال الحيوي الذى إنتشرت فيه و بقوة و جماهيرية رؤى الخط الثوري الماوي إذ كان الطلبة عماد من أهم مكونات الحرس الأحمر فى الخطوات الأولى للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و كانت الجامعات ساحة نشيطة للعمل السياسي لكلا الخطين المتصادمين . و إتخذ هذا العمل السياسي شكل الصدام الدموي أحيانا بين الطلبة بفعل خبيث من أتباع الطريق الرأسمالي إستنكره و أدانه الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو تسى تونغ و لم يوضع للصدام حد إلا بتدخل العمال و قيامهم بالدعاية البروليتارية فى صفوف الطلبة وتكريس قيادة البروليتاريا للحركة .
إنطلاق الصراع كان مع نقد التوجهات التعليمية لممثلي أتباع الطريق الرأسمالي فى مجال التعليم . فوجهت سهام النقد للبرامج و أشكال التدريس و تحققت إصلاحات ثورية فى التعليم و تعزز الخط الشيوعي الماوي فى هذا الحقل .
و أتى إنقلاب 1976 فصعدت التحريفية و بالتالي البرجوازية الجديدة للسلطة و أتت معه طبعا سياسة تحريفية برجوازية . مثله مثل جميع الحقول فى عهد دنك و أضرابه شهد هذا القطاع تغييرات لا يمكن إلا وصفها على غرار الرفاق الماويين الصينيين الحقيقيين بأنها خطوة نوعية إلى الوراء . ففى وزارة التربية أجريت تحويرات هامة حسب توجيهات دنك سياو بينغ "الرفاق الذين يوافقون على سياسة اللجنة المركزية [لنقرأ السياسة التحريفية لطغمة دنك ] ليبقوا و الذين ليسوا موافقين عليها فليرحلوا " هذا ما أعرب عنه دنك فى محادثة له مع مسؤولي وزارة التربية فى 19 سبتمبر 1977 (ص 82 من نصوصه المختارة ) ثم أردف قائلا :"يجب إخلاء المعاهد من مجموعات الدعاية العمالية ."
و هكذا فى مرحلة أولى دعى دنك لطرد المعارضين لخطه التحريفي المطبق للطريق الرأسمالي داخل الوزارة و هذا غير غريب منه إذ قام بالشيئ عينه فى كافة المجالات . و طلب سحب العمال من الجامعات و ذلك بهدف القضاء على العمل السياسي و الدعائي البروليتاري فى الجامعات فتلك المجموعات أنشأها الخط الشيوعي الماوي فى الحزب من صفوف الطبقة العاملة و فى ظل قيادة ماو تسى تونغ و "الأربعة " الثوريين تكريسا لدكتاتورية البروليتاريا على الأصعدة كافة . و فى ذلك ضرب أيضا لقيادة الطبقة العاملة للعمل السياسي و الصراع الطبقي و تربية الطبقة العاملة ذاتها على أساس النظرة البروليتارية للعالم من أجل صنع الإنسان الجديد فى خضم النضال الثوري .
هذا من ناحية و من ناحية أخرى ، رمى دنك من وراء ذلك إلى عزل العمال عن الطلبة و الطلبة عن العمال ليتمكن من القضاء على الخط الثوري فى صفوف كليهما و ليعيد هيبة المفكرين و العمل الفكري إلى المواقع التى إفتكها أو إسترجعها االثوريون الماويون و الجماهير خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى جوهريا .
و فى نفس المحادثة المذكورة أعلاه ،يستطرد دنك :
" ستوضع هذه الجامعات تحت إدارة مزدوجة [المقصود بين الحزب و الوزارة ] يكون فيها الدور الأساسي للوزارة :ستأخذ الوزارة بأيديها إدارة بعض المعاهد العليا لتجعل منها مراكزا نموذجية و ستتدخل فى تعيين البرنامج الأسبوعي للدروس و تحديد المدى الأقصى للنشاطات السياسية و حل مشاكل أخرى " (التسطير من وضعنا ) .
بكل بساطة ، لن يساهم الطلبة مثلما فعلوا خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى التسيير و لن يناقشوا مضامين الدروس و لن تكون لهم كلمة فى البرامج التى ستكون فوقية صادرة عن الإدارة و لن يتمكنوا من النشاط السياسي بحرية و لن يكون للنشاط السياسي الأولوية فى التثقيف . ف"كل مشاغل ميدان التعليم ترجع إلى الآتى : تكوين الموهوبين للقيام بالبحوث العلمية " ( ص 84 من نصوص دنك المختارة ، التسطير منا ) خدمة للتعصيرات الأربعة كخط إنقلب على الخط الثوري لمواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا و "القيام بالثورة مع دفع الإنتاج " و الذى كان يحض على نقد البرامج حتى بعد تغييرها و إصلاحها و تشريك الطلبة وهم المعنيون الأولون فى صياغتها و فى العمل السياسي الذى أعطي المكانة الأولى فى النشاطات الجامعية كما فى كافة المجالات الأخرى بغية تعميق الوعي البروليتاري لدى الطلبة و إشراكهم فى مواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا و فى النهاية السعي شيئا فشيئا إلى حل التناقض ، بين العمل الفكري و العمل اليدوي ، بقيادة العمال للجامعات و تحصيلهم العلم منها و ببعث الطلبة للتعلم عبر العمل اليدوي مع العمال و الفلاحين .
فى عهد الصين الثورية البروليتارية الماوية ،غدت الجامعة مفتوحة الأبواب للجميع فصارت عمليا جامعة شعبية تعمل من أجل نشر العلم فى صلب الطلبة و العمال و الفلاحين سعيا لحل التناقض بين العمل الفكري و العمل اليدوي نحو المضي قدما صوب الشيوعية. و فى عهد صين دنك التحريفية البرجوازية فرضت شروط لدخول الجامعة و أعيدت هيبة الفكر المنفصم عن الشعب الكادح . "فى كلمة ، يجب التأكد من السلوك الحسن للمترشحين و قبول الأكثر إمتيازا " (دنك ، ص82 من نصوصه المختارة ) و فعلا " فى أكتوبر 1977 وقع إنتقاء 20 أو 30 بالمائة من الطلبة مباشرة من بين التلامذة المتفوقين فى الثانوي ( شارل بتلهايم "مسائل حول الصين بعد وفاة ماو " ص 43 ، نشر فرنسوا مسبيرو ، باريس 1978) و من الطبيعي أنهم كانوا من أبناء البرجوازية الجديدة ، من أبناء الكوادر المسيرة للحزب و الدولة و هذه ليست سوى سياسة تعليمية إنتقائية كان الثوريون بقيادة ماو تسى تونغ حاربوها و لسنوات طويلة .
فى غضون السنوات العاصفة للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ،تم إبعاد التحريفيين من المسؤولين الجامعيين و "مع العهد الجديد منذ 1977 عاد كثير من المسؤولين التربويين الذين كانوا قد أبعدوا عن مراكزهم فى عهد الثورة الثقافية و أعادوا كثيرا من سياسات للتعليم الجامعي التى كانت سائدة قبل عهد الثورة الثقافية " ( "عالم الفكر" المجلد التاسع ، العدد الأول ، أفريل –ماي –جوان 1988 ، ص 148) . و بينما ألغيت الإمتحانات خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و فتحت الجامعات على مصراعيها أمام جميع الطبقات الشعبية و بخاصة أمام البروليتاريا " أعيدت إمتحانات القبول لدخول الجامعة سنة 1977 التى ألغتها الثورة الثقافية و أصبحت المعيار الوحيد للقبول فى الجامعات " ( نفس المصدر السابق و نفس الصفحة ) .
و عوضا عن تثوير الطلبة عبر ممارستهم الثورة أضحى النظام البرجوازي الصيني يحث على إبعاد الطلبة قدر الإمكان عن العمل السياسي " و قد إنعكست هذه السياسة الجديدة على الطلاب أنفسهم ، فلم يعد الشباب يهتمون بالنشاطات المرتبطة بالإيديولوجيا و أصبحوا يميلون إلى المزيد من الديمقراطية و الإهتمام بالربح المادي بدلا من الصراع الثوري و لم يعد إهتمامهم كثيرا بالتربية السياسية ". ( "عالم الفكر " ص 150 التسطير مضاف ).
إلى ذلك ، يجرى إختيار "الممتازين " و يبعث بهم إلى معاهد و جامعات البلدان الإمبريالية ليتعلموا الطرق و المناهج و العلوم البرجوازية و حتى العلوم السياسية البرجوازية . و هكذا يربون الأجيال البرجوازية التى سترثهم .
لا ريب بعد كل هذا أن من له عيون ليرى و لا يتبع نهج الدغماتحريفيين الخوجيين المفضوحين منهم و المتسترين يلمس لمس اليد التناقض العدائي كأجلى ما يكون بين الخطين : الخط الشيوعي الماوي البروليتاري و خط دنك التحريفي البرجوازي .
4- من أدب فى خدمة الشعب و الثورة إلى أدب فى خدمة التحريفية و بالتالي البرجوازية :
فى "أحاديث فى ندوة الأدب و الفن بينان " و فى "حول الديمقراطية الجديدة " و فى نصوص عديدة أخرى كان ماو تسى تونغ واضحا للغاية فى تحديده لدور الأدب و الفن فى علاقتهما بالنضال الشيوعي و بالشعب . و من أشهر مقولاته :
" كل ثقافة و كل أدب و فن فى عالمنا اليوم يتبع طبقة معينة و خطا سياسيا معينا . و ليس هناك فى الواقع فن من أجل الفن ، أو فن فوق الطبقات ،أو فن مواز للسياسة أو مستقل عنها . و الأدب و الفن البروليتاريان يشكلان جزءا من كل القضية الثورية البروليتارية ، و هما كما قال لينين " ترس و مسمار لولبي " فى كل الماكينة الثورية ". ( ص317 من"مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ).
و "إن أدبنا و فننا يجب أن يستهدفا خدمة الجماهير العريضة من الشعب و فى مقدمتهم العمال و الفلاحون و الجنود ، بحيث يبدعان لأجل العمال و الفلاحين و الجنود و ينتفع بهما العمال و الفلاحون و الجنود . " (المصدر السابق ،ص 318)
و " يجب جعل الأدب و الفن جزءا فعالا من جهازنا الثوري ، ليصبحا سلاحا قويا به نوحد و نثقف شعبنا ،و نهاجم و نحطم العدو ، و نساعد شعبنا ليتمكن من محاربة العدو بقلب واحد و إرادة واحدة . " ( المصدر السابق ،ص 319) .
فى حين كان الإنتاج الأدبي و الفنى فى مجمله و خاصة خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى يخدم البروليتاريا و الشعب و قضية الثورة و فى حين كان الخط الثوري الشيوعي الماوي يهاجم البرجوازية على جبهة الأدب و الفن خصوصا فى بداية تلك الثورة ( لدراسة تفاصيل التثوير الشيوعي الماوي للأدب البروليتاري ، راجعوا "تاريخ الثورة الثقافية البروليتارية فى الصين..." لجان دوبيه و إنجازات أوبيرا بيكين تحت إشراف الرفيقة تشيانغ تشنغ ،زوجة ماو ،و عنصر قيادي من " الأربعة "، و راجعوا كتاب جلبار مورى "من الثورة الثقافية إلى المؤتمر العاشر " بالفرنسية ، نشر سلسلة 10/18 و بصورة خاصة مقال "حول ثورة أوبيرا بيكين " )، نرى أن دنك سياو بينغ على إثر نجاح إنقلابه المضاد للثورة يتنكر كليا للخط الماوي ليفتح الأبواب و النوافذ أمام الأدب و الفن الرجعيين معينا لهما أولا مهمة الإغارة على الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و الخط الثوري عموما و ثانيا جاعلا إياهما يبتعدان عن التعاطي فى السياسة و الصراع الطبقي و مشاغل الطبقة البروليتاري و الشعب الكادح عامة .
" و جرى تسييس الأدب فى المرحلة الأولى بعد وفاة ماو و حتى 1979 بقصد التذكير بجراح الثورة الثقافية ، و أطلق عليه فى هذه المرحلة "أدب الجراح " و مثلت هذه المرحلة قصة "الجروح" للكاتب لن شن و قصة "المهمة المقدسة " للكاتب وانج يانج و قد إستهدفا نقد و تجريح و محاسبة عصابة الأربعة ووصف للمظاهرات التى مجدت ذكرى زها آن لاي [ شوآن لاي ] رئيس الدولة . أما أشهر القصص التى عالجت موضوع "جراح " الثورة الثقافية فقد كانت قصة "معلم الفصل " للكاتب ليو شن ..." ("عالم الفكر " العدد المذكور أعلاه ،ص 148 ) .
رغم تحامل كاتب هذا المقال فى "عالم الفكر " على الماويين الحقيقيين و الخط الشيوعي الثوري المناهض لسياسات دنك ، رغم تحامله عليهم على طول المقال و عرضه فإننا إقتطفنا و نقتطف لا مواقفه و تأويلاته و إنما وقائع و معطيات تاريخية لا غبار عليها موثقة فى مصادر أخرى بلغات مختلفة تؤكد كما ترون مدى التناقض التناحري بين الخط الماوي وخط دنك .
فبصراحة يقوم الأدب و الفن المطبق لنهج دنك "بالدعاية للحكم الجديد على حساب الحكم القديم و لو بطريق غير مباشر كما ظهرت قصص تجرح الحرس الأحمر الثوري ..." و أشهر قصة تكيل التجريح للحرس الأحمر الذى كان ماو ذاته يدفعه للثورة هي قصة شجرة القيقب للكاتب زهنج لي . ( المصدر السابق ،ص 148) .
و المرحلة التى تلت الإنقضاض على جميع إنجازات الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و الخط الماوي الذى قادها سميت ب"مرحلة أدب العبر " حيث "لم يعد التناقض الرئيسي فى المجتمع الصيني هو الصراع الطبقي كما رآه ماوتسى تونغ و لكنه أصبح بين "تزايد متطلبات الشعب المادية و الثقافية فى جانب و بين الإنتاج الإشتراكي المنخفض فى جانب آخر " و أصبحت مجمل التناقضات لا تدخل ضمن منظومة الصراع الطبقي " (ص 148 من "عالم الفكر") .
لقد حدد ماو تسى تونغ التناقض الرئيسي الذى يشق المرحلة الإشتراكية بأكملها كتناقض بين البروليتاريا و البرجوازية و طور نظرية مواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا و "القيام بالثورة مع دفع الإنتاج " و خاض الصراع الطبقي بلا هوادة دافعا قدر المستطاع نحو المضي أبعد ما أمكن صوب الشيوعية التى فيها وحدها ينتفى الصراع الطبقي بإنتفاء الطبقات . و ما نظر له و طبقه دنك نقيض هذا الموقف الماوي الشيوعي حقا .
5- من السعي إلى معالجة التناقض بين الريف و المدينة إلى تعميق هذا التناقض :
شهد القطاع الفلاحي شأنه شأن القطاعات الأخرى التى حللنا و التى سنحلل عدة تغيرات نوعية فى توجه تعامل السلط مع الفلاحين ، ففى 1977،أدخلت تحويرات كثيرة على الأجهزة القيادية المؤثرة فى هذا القطاع و وقع تعويض القياديين الثوريين الماويين حقا بعناصر موالية لطغمة دنك سياو بينغ وهو أمر من مأتاه لا يستغرب .
بدعوى "تقوية تحويل الأجهزة القيادية " (" هونجكي " عدد 6 ، 1977 ، مقال لوانغ شوان ) تم طرد المعارضين الثوريين و قمعهم و تنصيب عناصر غير منتخبة وهي عناصر لا تمثل فى شيئ جماهير الفلاحين و لا مصالحها الحيوية بل تمثل السياسة الفلاحية الجديدة للبرجوازية الجديدة الصينية التى إستولت على السلطة إثر إنقلاب 1976 وهي تطبق التوجه التحريفي تحت قناع الفكر الماوي . إن التحريفيين هنا أيضا يستعملون تكتيك "رفع راية ماو لإسقاطها " فهم فى النهاية ينفون فكره كتحريفيين و لكن كتحريفيين يستغلون هيبته و سمعته بين كوادر الحزب و الجماهير الواسعة لضرب العناصر الثورية الماوية حقا و فعلا .
بصدد السياسة الفلاحية يتميز الخط البرجوازي المنقلب على الخط البروليتاري بالآتي :
1- فرض قواعد عمل على الكمونات (بداية ثم ستحل جميعا ) وهي قواعد منبعها خارج الكمونة حيث أن أعضاء الكمونة لم يعد بإمكامهم صياغة القرار ذلك أن واجبهم صار، عوض المساهمة الفعلية فى كل سيرورات العمل و فى تحديد ضوابطه ، صار الخضوع للأوامر الفوقية التى عليهم أن يطبقوها حتى و إن لم يفهموها أو كانت تتضارب و مصالحهم . و هذا فى الفهم الإقتصادي و السياسي و الإيديولوجي الماركسي –اللينيني –الماوي لعلاقات الإنتاج يعنى فصل الفلاحين عن عملية تسيير الإنتاج و إدارته و التخطيط له مما يحولهم إلى مجرد يد عاملة تخدم مصالح المسيرين المحليين و على نطاق البلاد بأسرها .وعملية الفصل هذه تشكل تحويل طبقة الفلاحين من مالكي وسائل الإنتاج كما كان عليه الحال زمن إشتراكية عهد ماو تسى تونغ ، إلى مجرد منتجي أرباح يمتصها البرجوازيون الجدد الذين هم عمليا مالكي وسائل الإنتاج .
2- مصدر التحويرات التقنية هو أيضا خارجي عن الكمونات و أبعد ما يكون عن المنتجين المباشرين و حاجياتهم الدقيقة التى لم تعد ببساطة تؤخذ بعين النظر .لو أردنا وصف هذه السياسة التحريفية البرجوازية لقلنا إنها لا شعبية و من منظور شيوعي ماوي هي سياسة تضرب التحالف بين العمال و الفلاحين كما نظر له و مارسه الماويون الصينيون أي تبادل متساو بين الريف و المدينة و ليس تحالف إقتطاع من الريف لفائدة المدينة ( بهذا المضمار من اللازم دراسة نقد ماو تسى تونغ للتجربة البروليتارية السوفياتية فى "ماو و بناء الإشتراكية " سلسلة سياسة ، منشورات سوي ، باريس 1975) .
3- فى مرحلة تالية ، حلت الكمونات كشكل لتنظيم العمل و الحياة فى الريف نشأ منذ بدايات التحويل الإشتراكي فى الصين و توطد أثناء الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و جرى الحل بوسائل متنوعة و بالأساس عبر :
أ/ توسيع النشاطات العائلية الموازية للنشاطات الجماعية المشتركة .
ب/ تقليص حجم ثم القضاء على مراكز الصناعات الخفيفة بالكمونات ، هذه الصناعات التى شجع عليها ماو تسى تونغ منذ سياسة "القفزة الكبرى إلى الأمام " وهي مراكز كانت تعمل فى سبيل تلبية الحاجيات المباشرة للكمونة و المنتجين المباشرين . و صار تسيير المراكز بين أيدى التقنيين و غدت التقنية الغريبة عن الكمونات تفرض عليها فرضا وهو شيئ يتنافى على طول الخط مع المبدأ الذى لطالما مارسه ماو تسى تونغ و دعى لتكريسه عمليا ألا وهو مبدأ التعويل على الذات.
إنها سياسة برجوازية (سياسة دنك ) مضادة للثورة حيث هي لا تحل التناقض بين العمل اليدوي و العمل الفكري و بين الريف و المدينة و إنما تعمقه و تضرب فى العمق سيطرة الجماهير على سيرورات عملها فتجعلها فى إغتراب عنها بعبارة لماركس و تضرب إضافة إلى ذلك إمكانية تطوير مبادرة هذه الجماهير الخلاقة صانعة التاريخ . ف"الجماهير هم الأبطال الحقيقيون " و "إن الشعب ،و الشعب وحده ، هو القوة المحركة فى خلق تاريخ العالم " ( ماو تسى تونغ ، مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ ،ص 125) .
فى أتون الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و ضمن الصراع الثوري ضد خط ليوتشاوتشى التحريفي ، كانت الدعاية الشيوعية الماوية تعتبر أن مثل تلك الإجراءات التحريفية لا تثق بالفلاحين بل تخضعهم بالقوة إذ هي تقدم الإنتاج على السيطرة الجماعية على سيرورة العمل المشترك للعاملين أي أنها تقدم تطور قوى الإنتاج على تطور علاقات الإنتاج . و إحدى شعارات الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كان وضع السياسة بمعنى الصراع الطبقي و تطوير علاقات الإنتاج فى المصاف الأول و إختزل الشعار فى " القيام بالثورة مع دفع الإنتاج " .أما طغمة دنك سياو بينغ التحريفية البرجوازية الجديدة فهي تطبق أطروحة ليوتشاوتشى حول أولوية قوى الإنتاج كأطروحة تحريفية وجه لها لينين و ماو سهام نقدهما من منظور بروليتاري.
و كانت الصين فى عهد ماو تسى تونغ تناضل واضعة نصب عينيها تطوير الإشتراكية نحو الشيوعية على النطاق العالمي و الصين فى عهد دنك سياو بينغ تعيد تركيز الرأسمالية و مفاهيم برجوازية فى ما يتصل بالعلم و التقنية وغيرهما . فالتحريفيون يزعمون أن التقنية محايدة و ينكرون من هنا أن تطور التقنية و العلوم مرتبط بعلاقات الإنتاج الطبقية و أن إستعمال مختلف التقنيات ينطوى على تأثيرات طبقية معينة . علاوة على ذلك ينكرون وجود تطور إشتراكي و آخر رأسمالي لقوى الإنتاج و أن التطور الإشتراكي يرتكز على سيطرة العمال على وسائل الإنتاج فى حين أن التطور الرأسمالي لا يعتنى سوى بغاية مراكمة الربح لا أكثر و لا أقل . موقف التحريفيين يتنكر تماما للماوية .
" من المهم ، يقول دنك ، أن نوضح ما هي الرأسمالية . إنها مرحلة أعلى نسبة للإقطاعية . هنالك بعض الأشياء التى لا يمكن نعتها بالرأسمالية . مثلا ، ترجع التكنولوجيا و التصرف فى الإنتاج إلى ميدان العلم ، وهي مفيدة لأي مجتمع و لأي بلد . نحن نتعلم التقنيات و العلوم و التصرف الطليعيين لوضعهم فى خدمة الإشتراكية و كل هذه الأشياء لا تحمل ، فى حد ذاتها ، طابعا طبقيا ". ( نصوصه المختارة، ص 345)
"إشتراكية " دنك تفقد الفلاحين سيطرتهم على وسائل الإنتاج لفائدة التقنيين و تضع الربح فى المصاف الأول على حساب الثورة و تضرب فى العمق مبدأ التعويل على الذات و تنفى الطابع الطبقي للعلم و التقنية و تحطم كليا الكمونات . يا لها من "إشتراكية " مهزلة ! فى الواقع هي إشتراكية إسما و رأسمالية فعلا .
6- من صناعة من أجل العمال إلى عمال من أجل صناعة ما عادوا يملكونها :
بصورة خاصة خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ،كانت المصانع ووحدات الإنتاج تحت قيادة و مبادرة اللجان الثورية التى هي لجان تنتخبها الجماهير العمالية لتسيير العمل داخل وحدات الإنتاج فى ظل مراقبة الجماهير عينها . و كان الحزب الشيوعي الصيني آنذاك بقيادة الشيوعيين الماويين قد شجع و أرسى هذا الشكل الجديد فى تنظيم الإنتاج الإشتراكي الذى إبتدعته الجماهير فى خضم نضالها ضد البيروقراطية و التحريفية إذ أن ذلك الشكل كان يسمح لها لا بالمساهمة النشيطة فى صياغة القرارات و حسب بل و أيضا بتعويض العناصر المنتخبة متى إقتضى الأمر ذلك . و العناصر المنتخبة مسؤولة عن تطبيق البرنامج الذى على أساسه إنتخبت و لما تحيد عنه تقع إزاحتها و يتم تعويضها فورا . إذا كان الشكل الجديد الأوسع ديمقراطية بروليتارية يخول للجماهير المبادرة الخلاقة و يجعلها تتحكم فعلا فى سيرورة عملها أي تحدد علاقات الإنتاج و سيروراته بشكل مغاير لما يحدث فى المجتمعات الرأسمالية من إغتراب فى العمل ، فإنه مع صعود التحريفية و رمزها دنك إلى أعلى مراكز السلطة و بالتالي وصول البرجوازية الجديدة إلى دفة الحكم و تغير لون الحزب و الدولة ، لم يتواصل العمل على تلك الشاكلة حيث حدث تغيير نوعي كخطوة إلى الوراء فى التعامل مع العمال و تعامل العمال مع وسائل الإنتاج . فعوض المشاركة الواسعة للجماهير فى صياغة مصيرها أمسى التحريفيون يسعون إلى وضع تلك المشاركة جانبا لصالح تعزيز وحدة القيادة الفردية و مركزتها فى أيدى الكوادر الممثلة للبرجوازية الجديدة. بعد سنة 1976، شُرع فى" تعزيز دور لجان الحزب فى الميدان الإقتصادي فى حين لم يعد يذكر أي شيئ عن مهام اللجان الثورية " ( شارل بتلهايم، " مسائل حول الصين بعد وفاة ماو "، ص17) .
يقول دنك فى أكتوبر 1978 :
" يؤكد العمال تقاليدهم المجيدة أي : العمل بجهد و النضال بنزاهة و الإحترام التام للإنضباط و القبول عن طواعية بأي نقلة و الإرتباط بالمصنع . سيتجمعون كرجل واحد لضرب بقايا الفكر الكتلوي و الفوضوي ...للأربعة . و من البديهي أن الدولة و المجتمع سيولون أكبر الشرف و أكبر المكافآت للذين يساهمون أكثر ". ( نصوصه المختارة ،ص 50-51)
و هكذا الغاية ليست أو بالأحرى ما عادت تحكم العمال بوسائل الإنتاج و تصرفهم فيها بإعتبار أنهم مالكيها و بإعتبار الأفق الشيوعي المستقبلي و صارت غاية التحريفيين هي جعل العمال يعملون و يعملون و لا يهمهم لا الصراع الطبقي و لا التصرف الفعلي فى وسائل الإنتاج التى هي ملكهم الجماعي إشتراكيا . و ما عاد الوعي الثوري الشيوعي الماوي هو القائد فى دفع الإنتاج (القيام بالثورة مع دفع الإنتاج ) بل غدت المكافآت المالية هي المنهج المعتمد وهو منهج و لا شك رأسمالي تماما .
و مسألة " ضرب بقايا الفكر التكتلي و الفوضوي ...للأربعة " ليست سوى خدعة تحريفية صينية للقضاء على المعارضة الشيوعية الماوية حقا . وهذه الرؤية التحريفية لدنك التى تغلب الوحدة و تنفى الصراع الطبقي لا صلة لها بأفكار ماو تسى تونغ لأن الأخير نظر و مارس عكسها أصلا متشبثا بالمادية الجدلية و مطورا إياها و خاصة لقانونها الجوهري ،التناقض/ وحدة الأضداد الذى هو منبع و مصدر و سبب التطورات و الحركة وهو يتميز بالإطلاقية و الشمولية و العمومية أما الوحدة فعرضية و مؤقتة و نسبية ( ماو تسى تونغ "فى التناقض " و لينين "حول الديالكتيك " ) .
و الوجه الآخر لنظرية دنك التحريفية هو الوجه الذى كنا تعرضنا له سابقا و الذى هو إمتداد لفهم علاقة التناقض بالوحدة فهما برجوازيا غايته ليست تحويل الواقع بل تأبيده ذلك أن التحريفيين يهدفون من كل سياساتهم هذه و الدور الموكول للطبقة العاملة تحقيق الأهداف الإقتصادية المحددة " بالتعصيرات الأربعة " و ليس تحويل علاقات الإنتاج لجعل العمال يسيطرون كل مرة أكثر فأكثر على سيرورة العمل الذى ينجزون .
و التحريفيون عكس الشيوعيين الماويين ، يضعون السياسي برجوازيا فى خدمة الإقتصادي حيث رفعت راديو بيكين فى 27 /11/1977 شعار "أن تخدم السياسة الإقتصاد " ( كتاب بتلهايم المشار إليه أعلاه ) و الحال أنه معروف لدى القاصي و الداني أن ماو تسى تونغ كان دائما قبل الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و أثناءها يضع السياسي بروليتاريا أي الصراع الطبقي و مواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا فى المصاف الأول و كل مصنع ماويا حلبة صراع سياسي طبقي و لزاما على البروليتاريا أن تخوضه بوعي كي تصون دكتاتورية البروليتاريا و تطورها و تتجنب إعادة تركيز الرأسمالية طوال المرحلة الإشتراكية كمرحلة إنتقالية من أسلوب الإنتاج الرأسمالي إلى أسلوب الإنتاج الشيوعي ،خلالها يتصارع بضراوة الطريق الإشتراكي و الطريق الرأسمالي و الإنتصار النهائي لأي منهما لم يحسم ما لم يتم تحقيق الشيوعية عالميا .
و يعلل دنك سياو بينغ و أتباعه التحريفيين دفع العمال نحو العمل و العمل لا غير و تكبيلهم أكثر فأكثر بضوابط عمل تزداد يوما فيوما بأن الضوابط " تعكس القوانين الموضوعية التى تحكم السيرورات المعقدة للإنتاج المعاصر ، الإنتاج على المستوى الضخم " ( المصدر السابق ، ص 18) . و على العمال إذا أن يطيعوا و يعملوا حسب الضوابط الناجمة عن "القوانين الموضوعية " و غالبا ما يقول التحريفيون إنها طبيعية : " و القوانين و الضوابط ، حسب نشرة 14/8/77 لراديو بيكين ، لا يجب أبدا القضاء عليها . مع تطور الإنتاج و التقنيات يجب أن تصبح القوانين و الضوابط أكثر دقة يوما بعد يوم، و على الأشخاص أن يتبعوها حرفيا " !
بالإبقاء على الضوابط و القوانين الرأسمالية نبلغ الشيوعية !!! هذا ما يود دنك أن تعتقده البروليتاريا فى حين أنه أبعد ما يكون عن المهام التاريخية لها فى تحقيق الشيوعية و المجتمع الخالى من الطبقات وهو أبعد ما يكون حتى عن الإشتراكية التى هي مرحلة سابقة تعد الأرضية للشيوعية ، و فيها الهدف هو جعل العمال فعليا يتملكون سيرورات عملهم و نتائجها بصفة جماعية فيحددون البرامج و خطط تحقيقها آخذين بعين الإعتبار فى آن مصالحهم الآنية و الهدف النهائي ألا وهو الشيوعية.
و ما يحيلنا عليه دنك من "أكبر المكافآت " هو نقطة أخرى من السياسة التحريفية تجاه الطبقة العاملة . فكما لم يعد تثوير علاقات الإنتاج هوالمحرك الأساسي للمجتمع الإشتراكي بتعويضه بأولوية تطوير قوى الإنتاج أو برنامج التعصيرات الأربعة ، فإن الوعي الإشتراكي لم يعد ينهض بالدور الذى نهض به خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى . لم يعد الدافع الرئيسي للإنتاج هو الوعي الثوري للجماهير و غدى إستعمال "الدوافع المادية " ( بمعنى الحوافز المالية ) القانون الساري المفعول فى الدورة الإقتصادية الصينية فى ظل حكم البرجوازية الجديدة. أسلوب "أكبر المكافآت " كان قد ألغي أثناء الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى غير أنه أعيد و عمق على أيدى التحريفيين الذين ذهبوا فى توزيع الأجور إلى العمل حتى بالأجر حسب القطعة وهم فى ذلك لا يقفون ، مرة أخرى ، على نقيض من ماو فقط بل كذلك من ماركس ذاته فى "رأس المال" ، الجزء ½ الصفحة 676 :" إن الأجر بالقطعة هو شكل الأجر الأكثر مواتاة للإنتاج الرأسمالي ".
و أضحى الشغل الشاغل للمؤسسات أولا و قبل كل شيئ مزيد الإنتاج و مراكمة الأرباح . و الربح هو المعيار الجديد لنجاح أو فشل المؤسسة و إن أطلق عليه دنك وصف "الربح الإشتراكي " (ضمن السوق الإشتراكي ،لاحقا ) . يؤكد سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني فى 1977 :
" إن الإنتاج فى جميع أنحاء العالم هو الهم الرئيسي لكل مصنع و كل بلد و كل أمة " و هذا طبعا مضاد لما أقره و كرسه الماويون الحقيقيون من وضع الصراع الطبقي فى المصاف الأول يليه الإنتاج ثم البحث العلمي . و لسياسة وضع الربح فى المرتبة الأولى من الأولويات نتائج وخيمة للغاية على الطبقة العاملة ذلك أن إنقساما داخل صفوف الطبقة العاملة ناشئ لا محالة عن التمايزات الكبيرة التى برزت داخل القطاع نفسه و حتى داخل المصنع ذاته و التناقضات بين الريف و المدينة تعمقت بتكاثر المصانع فى المدن و عدم إنشاء أخرى فى الريف لأنها فى البداية ،عند تشغيلها لن تكون مربحة تحريفيا ،هذا مع التذكير بغلق المصانع الصغرى التى أنشأتها الكمونات التى جعلها التحريفيون تندثر هي بدورها .
و عند الحديث عن الربح يُغفل التحريفيون عمدا الكلام عن الفرق بين "ربح المؤسسة " و " الربح الإجتماعي " الذى تمتع بمكانة هامة فى أواخر الستينات و بداية السبعينات . و بوجه خاص فى بداية السبعينات ، تطور ماويا " الربح الإجتماعي " الذى يسمح ، فى حدود معينة ، ب"خسائر مالية " لبعض المؤسسات عندما تكون تلك الخسائر ناجمة عن إجراءات لصالح سكان المنطقة عموما و مثال ذلك قبول تكبد خسائر مالية لمقاومة تلوث البيئة .
و نعود لموضوع الأجور و الإشتراكية وهو موضوع بالغ الدلالة فنؤكد أن ماو تسى تونغ و الشيوعيين الماويين الصينيين من الأنصار المتحمسين للتمسك بمبدأ تقليص الفوارق فى الأجور نحو المساواة بالنظر إلى المستقبل الشيوعي حيث سيقضى بالتمام على الأجر بإعتبار المرور من "كل حسب عمله " إلى " كل حسب حاجياته " . و قد قيم ماو أن النظام الجديد الإشتراكي فى الصين ، فى السبعينات ،و إثر و رغم الجهود المضنية لتثويره ، لا يختلف كثيرا فى مسألة الأجور ،عن النظام الرأسمالي فصرح فى فيفري 1975: " قبل التحرير ، كان تقريبا مماثلا لنظام الرأسمالية . و الآن يطبق بعدُ نظام الأجور ذو الثماني درجات و التوزيع حسب العمل و التبادل عبر النقد [المال] و كل هذا بالكاد يختلف عن المجتمع القديم ". و كان ماو بتصريحه هذا يشير إلى تناقض من تناقضات المجتمع الإشتراكي و يرمى إلى حث الخطى نحو مزيد العمل على تقليص الفروقات فى الأجور إنطلاقا من رفع الأجر الأدنى صعودا لبلوغ مستوى الأجر الأقصى مثلما رسمت و طبقت الخطة الشيوعية الماوية .
على الضفة الأخرى ، يتموقع دنك و أضرابه الذين يرون أن نظام الأجور حسب العمل المبذول مبدأ إشتراكي وجبت صيانته إلى الأبد و من يمس به يعرض نفسه لشتى أنواع الهجمات.و حتى قبل الإنقلاب التحريفي ، عارض دنك سياو بينغ ماو الذى دعى إلى القضاء على نظام الأجور كغاية إستراتيجية بتقليص الفروقات فى مرحلة الإشتراكية ليفسح المجال مستقبلا لتجاوز هذا النظام المولد بإستمرار للرأسمالية . ففى 18 أوت 1975 كتب دنك يقول :
" الإبقاء على مبدأ التوزيع حسب العمل . هذا المبدأ مثل دوما معضلة كبرى فى بناء الإشتراكية . و على الجميع إعمال الفكر فيه ، فى الماضي لم نذهب أبدا إلى ما يسمى " الدوافع المادية " ... و يضيف :" من المهم دراسة نظام الأجور المعقد جدا " . ( "نصوص مختارة " دنك سيو بينغ ، ص 43) .
يعترف هنا دنك بأن المسألة شكلت معضلة كبرى فى الإشتراكية و المقصود طبعا هو أنها كانت محور صراع حاد بين الخط الشيوعي الماوي من جهة و الخط التحريفي البرجوازي من جهة ثانية . وهو يعترف ضمنيا أيضا بأن ماو (فى الماضى و إلى تلك اللحظة 1975 ) حين كان قائدا للخط الثوري للحزب عمل طاقته و قلص الفوارق بين الأجور مرفعا تدريجيا الأجور الدنيا بعد حصر الأجور كافة فى ثماني درجات. و يفيدنا دنك بمعلومة أخرى هي أنه كان حينذاك يدعو فقط إلى إعمال الفكر فى الأمر وهو يستعمل الدوافع المادية بين معقفين مما يدل على إحتراز أو عدم تصريح واضح بمعارضتها و إن كان فى ذلك تشكيك فى السياسة الشيوعية الماوية المتبعة آنذاك .
نظرا لميزان القوى ساعتئذ لم يقدر دنك على مهاجمة سياسات ماو تسى تونغ مباشرة و لعب ورقة التشكيك فى ما كان معمولا به و لما نجح الإنقلاب التحريفي لم يتوانى عن التخلى عن تلك الخطوة ليمضي فى قيادة هجوم سافر علني و يطبق بحماس سياسة الدوافع المادية /الحوافز المالية و كلف من ينظّر للتوجهات التحريفية البرجوازية : " قرأت مقال " تطبيق المبدأ الإشتراكي للتوزيع حسب العمل " المحرر من قبل مكتب الدراسات السياسية للجنة شؤون الدولة .إنه مقال مصاغ بشكل جيد و يبين أن التوزيع حسب العمل طبيعته إشتراكية لا رأسمالية ." ( 28 مارس 1978 ، ص 118 من "نصوص مختارة ") .
و هل يملك العمال إلا الخضوع لما هو ذو طبيعة إشتراكية أي لما هو ملازم للإشتراكية و للقوانين و الضوابط التى سبق نقاشها و المعتبرة قوانينا طبيعية ؟ علاقات الإنتاج والتوجه الذى يروج له دنك رأسمالي و ليس شيوعي . فمنذ زمن حسم ماركس هذه المسألة و بين الموقف الشيوعي إزاءها ففى معرض حديثه عن الحق البرجوازي و الأجور المختلفة و التوزيع المتفاوت ،جاء على لسانه( ماركس) :
" ...فيما يتعلق بتوزيع هذه المواد بين المنتجين بصورة إفرادية ، فإن المبدأ الموجه هو نفس المبدأ الذى يسود فيما يتعلق بتبادل البضائع المتعادلة : فإن قدرا معينا من العمل بشكل ما يبادل لقاء نفس القدر من العمل بشكل آخر .
و هكذا فإن الحق المتساوي يظل هنا ، من حيث المبدا ، الحق البرجوازي ... " (التسطير لماركس ).
و يسترسل بذات الصفحة :" إن الحق المتساوي هو حق غير متساو لقاء عمل غير متساو . فهو لا يقر بأي إمتياز طبقي لأن كل إنسان ليس سوى شغيل كغيره ، و لكنه يقر ضمنا بعدم المساواة فى المواهب الفردية ، و بالتالي فى الكفاءات الإنتاجية بوصفها إمتيازات طبيعية . فهو إذن من حيث المحتوى ، حق قائم على عدم المساواة ،ككل حق . " ( ص 14-15 من "نقد برنامج غوتا " ، دار التقدم ،موسكو ، الطبعة العربية ).
يقول دنك سياو بينغ :" فى الوقت الراهن ، الأجر الأقصى للعامل ، أجر الدرجة الثامنة هو مائة و بعض اليوانس ،سوف يرتفع بتطور الإنتاج مثله فى ذلك مثل أجر أصحاب الدرجات الأخرى . أجر المعلمين منخفض جدا . فى حين أن معلم جيد يجب أن يقوم بعمل ذى قيمة . يجب إذا الرفع من أجره . و أفضل المدرسين ينبغى أن يتحصلوا على معاملة خاصة ." ( "نصوص مختارة " ص 18 ) .
يتعرض دنك لأجر العامل من الدرجة الثامنة فيذكره و لا يقيم إن كان منخفضا و مناسبا أم لا بل يركز حديثه على المدرسين أي على أصحاب العمل الفكري و يشكو حالهم و يوصى بالترفيع فى أجورهم دون أن يربط الترفيع فى الأجر بشروط عكس ما فعل بالنسبة للعمال . و جلي أن دنك، مكرسا سياسة برجوازية ، سيبقى على الفروقات بين الدرجات و سيعمقها و يوسعها حتى فى القطاع الواحد ف" أفضل المدرسين ينبغى أن يتحصلوا على معاملة خاصة ."
و تعزى سياسة دنك تجاه المعلمين لسببين إثنين ،أولهما هو كسب تأييد البرجوازية الصغيرة و توجيه تفكيرها نحو الترقيات و المعاملات الخاصة و ثانيهما هو تكريس النزعة البرجوازية فى تفضيل العمل الفكري على العمل اليدوي و تعميق التناقض بينهما و هذا فى إرتباط طبعا بالأفكار التى عرضنا فى إطار تناولنا للتعليم و" الثورة " البرجوازية المدخلة عليه .
و نواصل مع دنك :" يجب أن نضع موضع التطبيق نظام مراقبة ينبغى أن تكون شديدة و شاملة و مستمرة . و سوف نطبقها فى كافة ميادين النشاط . من الآن فصاعدا ، سيكون تقدم العمال و الموظفين على قاعدة نتائج هذه المراقبة و الذين تنطبق عليهم الشروط الموضوعة سيتمتعون بتقدم و حتى بترقيات أسرع أما الذين ليسوا فى المستوى المطلوب فسيبقون فى الدرجة ذاتها " . ( ص 19) و هذا كلام جلي لا يحتاج منا بيانا .
و من الأهمية بمكان أن نشير هنا إلى تعويض دستور 1976 بدستور آخر ألغى حق العمال فى الإضراب الذى أقرته نضالات الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى طريقة من طرق مقاومة البيروقرااطية و التحريفية و أكد عليه ماو شخصيا عند صياغة دستور 1976 . و أردف هذا الإجراء الرجعي بإقتراح من الجلسة المفتوحة على المجلس الشعبي الوطني تنقيح الفصل 45 من الدستور لإلغاء البند المتعلق بحرية التعبير و العرض العام للأفكار و الدازيباو و النقاش الواسع ( ص 269 من "نصوص مختارة "لدنك سياو بينغ ) و تم للتحريفيين ما أرادوا .
مجمل القول هو أن العاملين فى المصانع و المؤسسات و الكمونات (التى حلوها لاحقا ) لم يعودوا هم المحددين للأجور بما هم المعنيون المباشرون و أصحاب القرار ، و لم يعد بإمكانهم القيام بتقييم ذاتي داخلي للعناصر العاملة ،بل صارت السلطة المركزية هي الفاصلة الناطقة عبر نظام مراقبة فوقي خارج عن نطاق العاملين فى المؤسسات و وحدات الإنتاج . و الأمر نفسه شمل الفلاحين فلم تعد السلطة بأيدى الجماهير التى تشيد الإشتراكية و أعينها مصوّبة نحو الشيوعية وباتت السلطة مركزة فى أيدي التكنوقراطيين و الإداريين و فى النهاية فى يد البرجوازية الجديدة . بالنسبة لمن لا يضع على عينيه نظارات تروتسكية و تحريفية ودغما تحريفية و برجوازية عموما، إنها حقيقة ثورة مضادة ، ردة و قفزة نوعية إلى الوراء مقارنة بعهد الصين الماوية .
7- التنكر للمفاهيم الماوية لمواصلة الصراع الطبقي فى ظل دكتاتورية البروليتاريا :
منذ مدة طويلة و حتى قبل الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى بعدة سنوات ، و قد درس تجربة دكتاتورية البروليتاريا فى الإتحاد السوفياتي ، أوضح ماو تسي تونغ بما لا يدع مجالا لأي لبس أن فى ظل الإشتراكية كمرحلة إنتقالية بين الرأسمالية و الشيوعية ، يستمر وجود الطبقات و تستمر التناقضات الطبقية و يستمر الصراع الطبقي واضعا التناقض الرئيسي الذى يمتد على طول المرحلة الإشتراكية بين البروليتاريا و البرجوازية . ( المجلد الخامس من "مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة ") و خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ، طوّر الرئيس ماو تلك الأطروحات ليصوغ نظرية صراع الخطين داخل الحزب الشيوعي بما هو محور المجتمع الإشتراكي و الدولة الإشتراكية كتعبير مكثف عن الصراع فى جانبه الأهم بين الطبقة التى تعمل من أجل تحقيق الشيوعية و الطبقة التى تعمل من أجل إعادة تركيز الرأسمالية و ذلك لأن الطريق الإشتراكي أو الخط البروليتاري يسعى لبلوغ الشيوعية بينما الطريق الرأسمالي و تعبيرته المركزية داخل الحزب أتباع الطريق الرأسمالي يهدفون إلى إعادة تركيز الرأسمالية .
و فى تحديده للتناقض الرئيسي الذى يشق المجتمع الإشتراكي ، يستنجد دنك سياو بينغ ، بعد الإنقلاب ب "خروتشوف الصين " ، ليوتشاوتشى و مقولته حول التناقض بين القوى المنتجة و علاقات الإنتاج ( ص 193 "نصوص مختارة " ) وهي مقولة تحريفية لطالما حاربها ماو بحكم أنها تقدم الإنتاج على الصراع الطبقي و بالتالي تلحق أفدح الضرر بالثورة ملهية الحزب و الجماهير عن خوض الصراع الطبقي مع دفع الإنتاج (القيام بالثورة مع دفع الإنتاج ) و فاسحة المجال امام إستيلاء البرجوازية الجديدة على أجزاء من السلطة فالسلطة كلها . من منظورهم الطبقي ، لا يرى دنك كما التحريفيون المعاصرون جميعا وجودا لصراع طبقي محتدم فى المجتمع الإشتراكي ينعكس فى صراع خطين داخل الحزب الشيوعي و إنكار هذا الصراع الطبقي يحميهم هم و بقية أتباع الطريق الرأسمالي فى الحزب و الدولة من هجومات الثوريين و الجماهير لإسترداد ما إستولى عليه التحريفيون من سلطة فى المصانع و الكمونات ...و الحزب وهلمجرا و الإعتراف بصراع الخطين و الصراع الطبقي يجعلهم هدفا لهما وهو ما لا يقبلون به أبدا .
فى الصفحة 183 من نصوصه المختارة ، يشكك دنك سياو بينغ فى المفاهيم النظرية الماوية النابعة من تجربة البروليتاريا العالمية و لا سيما فى صراع الطبقات فى المرحلة الإشتراكية و يشكك فى الصفحة 193 فى نظرية "مواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا " و التى لا يوافقها على هدفها المتمثل فى " إفتكاك السلطة من المسؤولين السائرين فى الطريق الرأسمالي " و يعطيها تأويلا آخر تحريفي .
و فى ما يتصل بنظرية صراع الخطين داخل الحزب على وجه الضبط ، فإن دنك راجع فيها تطوير ماو تسى تونغ للماركسية –اللينينية حيث ورد بالصفحة 288 من نصوصه المختارة :
" فى الماضى كان يقع الحديث دائما عن عشر صراعات خطية . كيف يجب أن ننظر إليها اليوم ؟
ذلك الذى يخص الرفيق بنغ تاه هواي لا يجب أن يعد ضمنها و الشيئ نفسه بالنسبة لذلك الذى يخص الرفيق ليو تشاو تشى" و يشدد على ذلك " ضمن الصراعات العديدة بين الخطين التى كان يتم الحديث عنها فى الماضي ، هنالك على الأقل إثنان لا يمكن إعتبارهما صراعات خطين و يجب أن نقلب راديكاليا الإستنتاجات المبنية عليهما و أقصد الصراعان الخاصان بليوتشاوتشى ." (ص 305) .
بتدرج أملاه واقع ميزان القوى و المقاومة الشيوعية الماوية ، فى البداية ينقص دنك سياو بينغ صراعين و لا يعدهما ضمن صراع الخطين ضد التحريفية ثم يرى أن " هنالك على الأقل إثنان لا يمكن إعتبارهما صراعات خطين" و من "على الأقل " يمضى كالعادة من التشكيك إلى الهجوم الصريح ، إلى نهايته المنطقية فيدحض حتى إستعمال مفهوم صراع الخطين داخل الحزب . " ...و لكن (يؤكد دنك بالصفحة 306) حين يتعلق الأمر بصراع داخل الحزب ، يجب نعته حسب طبيعته ، يجب تقديم الخطأ المرتكب كما هو ، يجب تحديد محتواه و يجب ألا يُستعمل بعدُ مبدئيا مفهوم صراع الخطين ..." و فى هذا مثلما فى نقاط أخرى يعانق دنك سياو بينغ التحريفيين السوفيات و الخوجيين المفضوحين منهم و المتسترين .
بهذه المغالطة و هذا التشويه يزرع التحريفيون فى الجماهير فكرة ميتافيزيقية مثالية قوامها عدم إمكانية تحول طبيعة الحزب من حزب ثوري بروليتاري إلى حزب تحريفي برجوازي و من ثمة يرمون إلى غرس فكرة عدم الشك فى القيادات و الثقة فيهم ثقة عمياء مما يخول لأتباع الطريق الرأسمالي ، إن لم يبلغوا أعلى مراكز السلطة بعدُ مزيد الإستيلاء على أجزاء أخرى من السلطة دون مقاومة أو إن بلغوا السلطة و حولوا طبيعة الحزب و الدولة أن يتخفوا وراء قناع مواصلة الطريق المرسوم سابقا قبل أن يرسخوا جذورهم و يعلنوا تحويل الوجهة صراحة و تظل الجماهير مشدوهة لا تحرك ساكنا بينما يجرى القضاء على الثوريين و تصفيتهم هم و على الخط الشيوعي الثوري بشكل سلمي و بسهولة نوعا ما . و يعاد تركيز الرأسمالية و فى الوقت المناسب يصرح بذلك بلا خجل .
8- نقاط إضافية يتناقض فيها خط دنك التحريفي البرجوازي مع الخط الماوي الثوري البروليتاري :
1/ إن الدعاية التى يقوم بها دنك حول علاقة الفلاحة بالصناعة الثقيلة و الصناعة الخفيفة تبث فكرة أن "أولوية تطوير وسائل الإنتاج قانون طبيعي " (لنقرأ رأسمالي / برجوازي ) و تطوير الفلاحة يُنظر إليه بإرتباط أساسا بمساهمته فى مراكمة رأس المال لإنجاز " التعصيرات الأربعة " و الحال أن ماوتسى تونغ و خاصة أثناء الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى حدد الأولويات على النحو التالي : فلاحة – صناعة خفيفة – صناعة ثقيلة على قاعدة مبدأ " الفلاحة هي الأساس و الصناعة هي القائدة " . هدفان متضادان هدف دنك تطوير وسائل الإنتاج أولا و أخيرا خدمة للبرجوازية الجديدة على حساب العمال و الجماهير الكادحة و هدف ماو تطوير علاقات الإنتاج فقوى الإنتاج إنطلاقا من الشعب و تلبية لحاجياته المباشرة و مصالحه الإستراتيجية و الهدف البعيد المدى : الشيوعية .
2/ شدّد ماو على أن تطوير الإقتصاد الإشتراكي يتم بالتعويل على الذات و الإستفادة من المصانع الصغرى و المتوسطة و الكبرى والإستفادة من التكنولوجيا القديمة والتكنولوجيا المعاصرة فى آن و الغاية ضمان الإستقلال و التوازن الإقتصاديين و التخطيط الإشتراكي .فى حين يدفع دنك نحو تطور غير مستقل ، مرتبط بالرساميل الأجنبية و غير متوازن و لا يدخل فى مجال رؤيته سوى التكنولوجيا المعاصرة .
3/ بشأن الحرب ، أعلن ماو أن الجماهير المتسلحة بالوعي السياسي الطبقي و الحاملة للسلاح و ليست الأسلحة هي المحددة و أن إمتلاك أسلحة عصرية لا ينبغى أن يكون على حساب تشويه الإقتصاد أو سببا فى الإرتباط بألف خيط ببلدان إمبريالية . بينما يطبل دنك ككل التحريفيين و البرجوازيين للأسلحة على أنها المحددة فى الحرب.
ماو بنى جيشا شعبيا بأتم معنى الكلمة ، سياسيا و إيديولوجيا و تنظيميا يخدم مصالح و أهداف الطبقة العاملة و الشعب عموما و التحريفيون الصينيون أعادوا البناء على قاعدة برجوازية معيدين الرتب و الدرجات و العلاقات السلطوية داخل صفوف الجيش بل و أخذوا يستوردون حتى البزات العسكرية من بلدان أجنبية .
4/ أمميا ، كان الشيوعيون الماويون الحقيقيون ينهضون بواجباتهم الأممية و يدعون الشعب لمساندة الثورة البروليتارية بتياريها العاملين فى سبيل الثورة الإشتراكية فى البلدان الإمبريالية و الثورة الديمقراطية الجديدة الممهدة للثورة الإشتراكية فى المستعمرات و أشباهها أو فى المستعمرات الجديدة . و المرتدون يدعون الشعوب و الشيوعيين للإستسلام للإمبريالية من خلال نظرية " العوالم الثلاث " التحريفية التى ضمنوها فى دستورهم الجديد وهم أنفسهم يقولون أن "الأربعة " لعنوها لعنا . و يعانق دنك و أضرابه يوغسلافيا و تيتو اللذان فضحهما الماويون عالميا ( "هل يوغسلافيا قطر إشتراكي ؟ " أحد نصوص الجدال العظيم ضد التحريفيين السوفيات ) كما يعانق التحريفيين السوفيات الذين حاربهم الشيوعيون الماويون و لا زالوا يحاربونهم عالميا .
إجمالا نستشف بما لا يدع أدنى ظل من الشك ( إلا بالنسبة للتحريفيين من كافة الأرهاط العاملين بالمثل الشعبي" عنزة و لو طارت " ) أن الصين الماوية إشتراكية و صين دنك رأسمالية . و من واجب الشيوعيين الحقيقيين فرز الأوراق و الدفاع عن الإرث الثوري الماوي كأرقى ما توصلت إليه تجارب دكتاتورية البروليتاريا العالمية إلى يومنا هذا و أن يفضحوا بصرامة التحريفيين جميعهم بلا هوادة.