حصاد زراعة ديمقراطية جورش بوش شوز والقرد الاسود بر اك حسين اوباما في العراق هلهولة لحكومة مجرمي سلطة الاحتلال وبرلمان خرسان وطرشان وعميان الاحتلال ياخونة حرامية مصيركم سوف يكون مثل مصير اي عميل اميركي وانكليزي وايراني ومصير اي نظام دكتاتوري جاء بقطار اسيادهم الامبريالين الامريكان

IRAQI REVOLUTIONARY MAOIST ORGANIZATION - IRMO المنظمة الماوية الثورية العراقية - جبهة نجوم الحمراء




الكفاح المسلح الطريق الوحيد للتحرير

الكفاح المسلح الطريق الوحيد للتحرير







2010-03-05

دولة العدالة الاجتماعية 2

دولة العدالة الاجتماعية 2
حسقيل قوجمان
ykijaman@googlemail.com

في الحلقة السابقة راينا عدم امكانية وجود دولة عدالة اجتماعية في مجتمع طبقي لان المصالح الطبقية متناقضة وما هو عدل بالنسبة لطبقة قد يكون ظلما بالنسبة لطبقة اخرى. والسؤال الذي يتبادر الى الذهن هو هل الدولة الاشتراكية دولة عدالة اجتماعية؟لكي نستطيع الاجابة على هذا السؤال علينا اولا ان نعرف اذا كان المجتمع الاشتراكي مجتمعا طبقيا ام مجتمعا لا طبقيا. المجتمع الاشتراكي هو طبعا نقض للمجتمع الراسمالي. ومن جراء هذا النقض تتحول الطبقة الحاكمة التي كانت سائدة في المجتمع الراسمالي الى طبقة محكومة والطبقة المحكومة في النظام الراسمالي الى طبقة حاكمة. ولا يعني التحول من النظام الراسمالي الى النظام الاشتراكي محوا للطبقات. فالمجتمع الاشتراكي مجتمع طبقي واذا كانت القاعدة التي توصلنا اليها صحيحة فيجب ان تنطبق على المجتمع الاشتراكي ككل مجتمع طبقي.ولكن المجتمع الاشتراكي مجتمع طبقي يختلف اختلافا جوهريا عن المجتمع الطبقي الراسمالي. فهو اولا مجتمع طبقي اصبحت فيه الطبقة الحاكمة طبقة تمثل مصالح الاغلبية الساحقة من المجتمع واصبحت الطبقة المحكومة اقلية تحولت من طبقة حاكمة الى طبقة محكومة. وهذه الطبقة المحكومة تعمل كل ما بوسعها لاستعادة سيطرتها السابقة وموضعها السابق في المجتمع الطبقي. تريد العودة الى النظام الراسمالي. ومن اهم واجبات الطبقة الحاكمة الجديدة واجب منع هذه الطبقة من العودة الى موضعها السابق كطبقة حاكمة. لذلك تطلب الامر دكتاتورية تقمع كل محاولة لاستعادة الراسمالية. ان القضاء على الطبقة الحاكمة الراسمالية السابقة يتألف من جزأين هما القضاء عليها كمالكة لوسائل الانتاج والقضاء عليها كفئة انسانية. يتألف القضاء على الطبقة الراسمالية كمالكة لوسائل الانتاج كما كان في روسيا الاتحاد السوفييتي من قسمين. الاول هو الاستيلاء على الشركات الراسمالية الصناعية والمالية والتجارية الكبرى وهذا ما حققته الثورة البروليتارية في الايام الاولى من الثورة. والثاني هو المشاريع الصغرى في المدينة والراسمالية الزراعية في الريف. وتحقيق هذا الجزء الثاني من القضاء على البرجوازية كمالكة لوسائل الانتاج اصعب من القسم الاول ويتطلب وقتا وتكتيكا يختلف عن الاول. ولم يحقق الاتحاد السوفييتي القضاء على هذا الجزء من مالكي وسائل الانتاج الا سنة ١٩٣٣ حين تم القضاء على الكولاك كطبقة. ولذلك اعتبرت هذه السنة سنة تحول المجتمع السوفييتي الى مجتمع اشتراكي اي الى مجتمع انعدمت فيه البرجوازية المالكة لوسائل الانتاج. تحقق كل ذلك باساليب دكتاتورية لم يكن بالامكان بدونها تحقيق الديمقراطية للاغلبية الساحقة من الشعوب السوفييتية. وهذا ما استلزم دكتاتورية البروليتاريا.فهل تحول المجتمع السوفييتي بعد تحقيق هذه المهمة الى مجتمع لا طبقي؟ بالطبع لا. اولا بقي الاشخاص الذين كانوا يشكلون الطبقة البرجوازية الحاكمة كاشخاص يعيشون في الاتحاد السوفييتي. وكان على دكتاتورية البروليتاريا التعامل مع هذه البقايا من الطبقة البرجوازية بطريقة تمنعهم من استعادة سلطتهم المفقودة بوسائل اخرى غير الوسائل القسرية التي استعملت في الاستيلاء على وسائل الانتاج التي كانوا يمتلكونها. كان عليها اولا ان تقمع كل محاولة لاستعادة الراسمالية بالقوة عن طريق التخريب او الانقلاب او اي شكل من اشكال المقاومة المنظمة باحالة مرتكبيها الى المحاكم ومعاقبتهم بالصورة المتاحة قانونيا. وثانيا عن طريق السماح لهم بالعيش بانفاق ثرواتهم الشخصية التي كانت لهم ولم تصادرها الحكومة البروليتارية بدون ان يعملوا وثالثا بان تعمل دكتاتورية البروليتاريا على دفعهم واجتذابهم الى مشاركة الشعوب السوفييتية بالعمل ونيل معاشهم عن طريق عملهم كسائر مواطني الاتحاد السوفييتي.ولكن المجتمع السوفييتي لم يتحول الى مجتمع لا طبقي حتى بعد تحقيق هذه المهمة، مهمة القضاء على بقايا البرجوازية كطبقة. كانت الشعوب السوفييتية ذاتها تتألف من طبقات مختلفة متباينة في مصالحها. كانت الاغلبية الساحقة من سكان الاتحاد السوفييتي تتألف من الفلاحين وليس من الطبقة العاملة وكانت المراتب المتوسطة الحرفية والثقافية كثيرة ومتنوعة في المدينة وفي الريف. وقد بين لينين منذ بداية الثورة ان مهمة القضاء على هذا الجانب من المجتمع الطبقي هو الاصعب نظرا الى ان دكتاتورية البروليتاريا لا تستطيع تحقيقه بالقوة والقسر. كان على دكتاتورية البروليتاريا ان تجد الطرق المناسبة للقضاء تدريجيا على التكوين الطبقي لطبقات متآخية لا طبقات متناحرة.وكان نجاح الحكومة السوفييتية باهرا في تحقيق هذا الواجب الصعب عن طريق تحويل الزراعة الفردية الى زراعة جماعية تعاونية بدفع الفلاحين الى الزراعة التعاونية وتقديم كل المساعدات الفنية والعلمية لهم لتطوير زراعتهم التعاونية. ولكن الملكية الزراعية التعاونية كانت محدودة بطبيعتها. فلم تكن الارض ملكا للمزارع التعاونية بل كانت منذ يوم الثورة ملكا للدولة يسمح للمزراع التعاونية استخدامها وتوسيع مساحاتها الزراعية بدون ان تتحول الى ملكية لها. ولم تكن ادوات الانتاج الزراعية الكبيرة مثل التراكتورات والحاصدات والكومباينات ملكا للمزارع التعاونية بل بقيت ملكا للدولة تقدم خدماتها للمزارع التعاونية. وما تبقى ملكا للمزارع التعاونية كان الانتاج الزراعي والحيواني وبعض ادوات الانتاج الصغيرة فقط. وبهذه الطريقة تحولت الاغلبية الساحقة من سكان الاتحاد السوفييتي الى الانتاج الاشتراكي للمزارع التعاونية.ان التحول التام للمجتمع من مجتمع طبقي الى مجتمع لا طبقي يتطلب تحول جميع الطبقات المكونة للمجتمع بمن فيها الطبقة العاملة الى فئة واحدة، طبقة واحدة، اي لا طبقة. وهذا الواجب كان واجبا سار المجتمع الاشتراكي في اتجاهه تدريجيا سواء من الناحية الاقتصادية ام من الناحية الاجتماعية والثقافية والفكرية. فمن الناحية الاقتصادية كان الامر يتطلب تحويل المزارع التعاونية الى مزارع دولة وهذا يعني تحويل سكان المزارع التعاونية الى طبقة عاملة شبيهة بعمال مزارع الدولة، السوفخوزات. وقد بين ستالين الطرق الصحيحة لتحقيق هذا التحول في كراسه حول المشاكل الاقتصادية للمجتمع الاشتراكي. فدكتاتورية الطبقة العاملة لا تستطيع ان تحقق هذا التحول عن طريق القوة انما يجب تحقيقه عن طريق الاقناع والترفيه الاقتصادي.والمهمة الاصعب امام دكتاتورية البروليتاريا هي نقض الجانب الاخلاقي الذي نشأ عليه العالم كله الاف السنين، اخلاق حب الانسان ان يحصل على اكثر من غيره او ما يطلق عليه الطمع. ان الحياة في المجتمعات الطبقية كانت تضطر الانسان الى ان يضمن مستقبله بان يكون لديه ما يحميه عند اشتداد الامور كالشيخوخة والمرض والبطالة وغيرها. ان المثل المعبر عن ذلك هو "القرش الابيض ينفع في اليوم الاسود". ان الثقافة السائدة في المجتمعات الراسمالية تفيد بان هذا الطمع، او الرغبة في الحصول على المزيد، هو من طبيعة الانسان ولا يمكن القضاء عليها او تغييرها. ولكن الواقع هو ان هذه النزعة خلقتها الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية السائدة في المجتمعات الطبقية ولا علاقة لها بطبيعة الانسان.ان مهمة المجتمع الاشتراكي السائر في اتجاه المجتمع الشيوعي هي ان يقضي على هذه النزعة الانسانية المستأصلة في اذهان البشر وفي سلوكهم الاف السنين. والنضال ضد هذه النزعة ومن اجل ازالتها يجري في المجتمع الاشتراكي بطريقين. اولا الطريق الاقتصادي. فمن الناحية الاقتصادية يعمل المجتمع الاشتراكي على توفير الضمان الاقتصادي واقناع الانسان الاشتراكي بضمان مستقبله وانتفاء خطر الافتقار والحاجة في مستقبله ومستقبل عائلته. اذا اقتنع الانسان ان مستقبله مضمون وليس هناك خطر اليوم الاسود فان حاجته الى القرش الابيض تصبح قليلة الاهمية وآئلة للزوال. وثانيا يتحقق التخلص من هذا الشعور عن طريق التثقيف. عن طريق تربية الاطفال منذ نعومة اظفارهم على عكس هذا الشعور وعلى الشعور بالمصالح المشتركة التي تربط البشر. ان هذه المهمة هي اصعب مهام النظام الاشتراكي ودكتاتورية البروليتاريا.الخلاصة هي ان المجتمع الاشتراكي ما زال مجتمعا طبقيا والدولة الاشتراكية هي اداة طبقية لقمع كل محاولة لاعادة النظام القديم، النظام الراسمالي، وفي الوقت ذاته اداة ازالة الفروق الطبقية والوجود الطبقي. ولهذا لا يمكن للدولة الاشتراكية ان تكون سوى دكتاتورية البروليتاريا طوال المرحلة الاشتراكية.نعود الان الى ما جاء سابقا من ان الدولة في المجتمعات الطبقية لا يمكن ان تكون دولة عدالة اجتماعية. فهل ينطبق هذا على الدولة الاشتراكية؟ الجواب هو نعم بكل تأكيد. لكي تصون الطبقة العاملة دولتها في مصلحة المجتمع الاشتراكي عليها ان لا تكون دولة عدالة اجتماعية. وهذا ما حصل في الاتحاد السوفييتي اذ كان على دكتاتورية البروليتاريا استخدام اقسى انواع الدكتاتورية ضد الطبقة الراسمالية المدحورة وضد كل محاولات استعادة النظام الراسمالي وضد العملاء الذين تشتري الدول الامبريالية المحيطة ضمائرهم. وكان تقاعس دكتاتورية البروليتاريا عن هذه المهمة الاساسية والغاء دكتاتورية البروليتاريا بحجة ان مهمتها قد انتهت اول الخطوات في طريق استعادة النظام الراسمالي والقضاء على الاشتراكية. ومن الناحية الاقتصادية كانت خطوة بيع ادوات الانتاج الزراعية الى المزارع التعاونية وتحويلها الى ملكيتهم الخاصة ثم تحويل الارض الى سلعة يمكن تملكها وبيعها ورهنها وشراؤها الخطوة الاقتصادية الكبرى في سبيل اعادة الراسمالية الى الاتحاد السوفييتي.وثمة نضال اخر بين طبقات ومراتب المجتمع الاشتراكي ذاته باتجاه ازالة الفروق بين هذه المراتب والطبقات وازالة الوجود الطبقي للمجتمع وتحويل جميع الطبقات الى الانسان الشيوعي وهذا اهم واصعب مهام دكتاتورية البروليتارية وهو في الوقت ذاته نضال دكتاتورية الطبقة العاملة نحو تحقيق زوالها.كان التحول من النظام الراسمالي الى النظام الاشتراكي نقضا للنظام الراسمالي ويشكل التحول الى المجتمع الشيوعي نقضا للنظام الاشتراكي. يلاحظ انني استعمل عبارة النظام الشيوعي وليس الدولة الشيوعية لان من المفروض ان تزول الدولة في المجتمع الشيوعي لان المهمة الاساسية لكل دولة هو الدكتاتورية ضد الطبقات المحكومة ولا تبقى حاجة الى الدولة في مجتمع لا توجد فيه طبقات. وقد بحث ستالين هذا الموضوع وبين ان انتقال الاتحاد السوفييتي الى الشيوعية قد يستلزم بقاء الدولة والجيش في حالة بقاء دول امبريالية راسمالية في العالم تمثل خطرا على وجود المجتمع الشيوعي.هل المجتمع الشيوعي مجتمع عدالة اجتماعية؟ نعم بكل تأكيد . فهو مجتمع عدالة اجتماعية لانه مجتمع لا طبقي. فليس في المجتمع طبقة او فئة ينبغي ممارسة الدكتاتورية ضدها من اجل تحقيق الديمراطية للطبقات الاخرى. ولكن السؤال الذي يتبادر الى الذهن هو هل يعني مجتمع العدالة الاجتماعية انه مجتمع مساواة؟ المجتمع الشيوعي هو مجتمع عدالة اجتماعية بالضبط لانه مجتمع عدم مساواة. وشعار المجتمع الشيوعي "من كل حسب طاقته ولكل حسب حاجته" تعبير عن عدم المساواة.فعبارة من كل حسب طاقته تتضمن اختلاف الطاقات البشرية. فلا يطلب من الانسان الشيوعي ان يقدم مقدارا من الطاقة مساويا لطاقة الانسان الاخر. وليست الطاقات البشرية متساوية لدى جميع الناس. فالطفل لا يستطيع ان يقدم للمجتمع ما يعتبر من كل حسب طاقته وكذلك لا يمكن للطاعن في السن ان يقدم ما يقدمه الشاب. ولا يمكن المقارنة بين طاقة الانسان السليم العقل والجسم مع انسان مريض يعاني من امراض تعجزه عن تقديم الكثير الى المجتمع. وتختلف كفاءات البشر الفكرية والعلمية مما يجعل ما يقدمه شخص الى المجتمع يختلف عما يقدمه شخص اخر. فشعار "من كل حسب طاقته" هو شعار عدم المساواة في تقديم الخدمات للمجتمع.وشعار "لكل حسب حاجته" هو الاخر شعار عدم مساواة. فحاجات انسان تختلف عن حاجات انسان اخر. تختلف حاجات الانسان نفسه في فترات نموه من طفل الى شيخ طاعن في السن. وتختلف حاجة الانسان المريض الى العناية الصحية والطبية عن حاجة الانسان السليم الى نفس العناية. ولكن المجتمع يقدم لكل انسان "حسب حاجته". فالمجتمع الشيوعي مجتمع شيوعي لانه مجتمع عدم مساواة.

دولة العدالة الاجتماعية

حسقيل قوجمان
ykijaman@googlemail.com

بعد نشر مقال "قانون الانتخابات وموضة دولة القانون" نشأ بعض التحفظ لدى الاخوان في جريدة اليسار العراقي حول وضعهم بالمساواة مع الكتل الاخرى في هذا السياق. والحقيقة انا لم اضع ايا من الفئات التي ذكرتها في وضع مساو او مشابه للفئات الاخرى وبينت ذلك صراحة في العبارة التالية: "لو كان شعار دولة القانون شعارا حقيقيا لما امكن ان يكون لكل هذه الفئات شعار واحد او لكان من الضروري ان تتقارب هذه الفئات او تتحد لانها كلها تهدف الى تحقيق شعار واحد، شعار دولة القانون. ولكننا نعلم ان تقارب او اتحاد هذه الفئات غير ممكن وان كل فئة تفهم دولة القانون بصورة تختلف عن الفئة الاخرى."
ان ما جعل جميع الفئات التي رفعت شعار دولة القانون متساوين هو الشعار ذاته. فكون كافة الفئات رفعت الشعار بدون ايراد ما يميزه عن شعار الفئة الاخرى هو الذي ادى الى تشابه الفئات الثلاث. فكل الفئات رفعت شعار دولة القانون بدون ان تحدد محتواه المختلف عن شعار دولة القانون الذي ترفعه الفئات الاخرى. وانا الذي قمت بتمييز هذه الفئات من حيث رفع شعار دولة القانون حيث قلت: "ولهذا لا يعني شعار النضال في سبيل تحقيق دولة القانون ولا يمكن ان يعني نفس المعنى لدى الفئات التي ترفع هذا الشعار. وعلى هذا الاساس فان طبيعة دولة القانون التي تنشؤها فئة معينة لا يمكن ان تكون نفس دولة القانون التي تنشؤها فئة اخرى."
وعلى اساس الخلاف بين هذه الفئات بنيت تحليلي الذي توصلت فيه الى ان شعار دولة القانون لا معنى له بدون تحديد الفئة التي تشرع القوانين فيها ولمصلحة اية فئة من المجتمع تشرعها. ان خلو شعار دولة القانون من اي معنى هو الذي جعل بالامكان ان ترفعه فئات سياسية تختلف عن بعضها اختلافا جوهريا من جميع النواحي السياسية والفكرية والاجتماعية.
خلال النقاش بيني وبين الاخ من اليسار العراقي جاء ان شعار دولة القانون الذي ترفعه جريدة اليسار العراقي هو دولة القانون والعدالة الاجتماعية وبهذا يختلف شعارها عن شعار الفئات الاخرى. وهذا ما حفزني الى محاولة الحديث قليلا عن دولة العدالة الاجتماعية. السؤال هو هل توجد او هل يمكن ان توجد دولة عدالة اجتماعية في مجتمع طبقي؟ وقبل الاجابة على هذا السؤال ومحاولة شرح سبب الاجابة اود ان اشير الى ما افهمه من دولة العدالة الاجتماعية هو ان دولة العدالة الاجتماعية هي دولة تحقق العدالة للمجتمع كله وليس لفئة من المجتمع. على اساس هذا المفهوم اضع جوابي وهو انه لم توجد ولا يمكن ان توجد دولة عدالة اجتماعية في مجتمع طبقي. فما هو عدالة بالنسبة لطبقة من المجتمع يمكن ان يكون ظلما بالنسبة لطبقة اخرى من نفس المجتمع ولذلك فهو ليس عدالة اجتماعية بل عدالة طبقية.
كان ذلك واضحا في مجتمع العبيد. فرغم المرحلة المتقدمة التي يمثلها مجتمع العبيد بالمقارنة مع مجتمع الشيوعية البدائية كان مجتمعا تمثل فيه عدالة طبقة اسياد العبيد وجود العبيد وحقوق اسياد العبيد في بيعهم وشرائهم واستخدامهم وتزويجهم وقتلهم. فدولة العبيد لم تكن دولة عدالة بالنسبة للعبيد بل كانت دولة ظلم بالنسبة لهم. ولهذا نشأ الصراع الطبقي بين الطبقتين مما ادى في النهاية الى التحول النوعي في المجتمع الى المجتمع الاقطاعي.
ويصح نفس الشيء حول المجتمع الاقطاعي لان العدالة بالنسبة للطبقة الاقطاعية تعني الظلم والاستغلال لطبقة الفلاحين او الاقنان. فليست الدول الاقطاعية في التاريخ دول عدالة اجتماعية. وكان هذا الموضوع واضحا لان الاستغلال الطبقي في المرحلة العبودية والمرحلة الاقطاعية كان واضحا في حقوق طبقة اسياد العبيد تجاه العبيد والطبقة الاقطاعية تجاه الاقنان.
ولكن التطور الاجتماعي في مرحلة الدولة الاقطاعية ادى بالضرورة الى نشوء المجتمع الراسمالي الذي نعيشه اليوم. ولاول مرة في التاريخ الاجتماعي ظهر الانسان المحكوم حرا. فلا تكون للراسمالي في هذا المجتمع اية حقوق ملكية للطبقة العاملة كما كان الامر في المجتمعات السابقة. فالطبقة العاملة حرة من حيث ملكيتها لكيانها الشخصي اذ ان الراسمالي لا يملك الطبقة العاملة ولا يحق له بيعها وشراؤها كما كان الامر انذاك. وحرة من حيث ملكيتها لانها لا تمتلك غير قوة عملها. وهي حرة في استخدام قوة عملها بدون ان تكون للراسمالي السلطة القانونية في تملك قوة عملها. فالطبقة العاملة حرة في ان تبيع قوة عملها للطبقة الراسمالية من اجل العيش او ان ترفض بيعها وتفضل الموت جوعا. بينما كان الاستغلال واضحا مكشوفا في المجتمعات السابقة اصبح خفيا مستورا في المجتمع الراسمالي.
العلاقة بين الراسمالي والعامل علاقة عادلة تجري في السوق كما يجري تبادل السلع الاخرى. يقوم الراسمالي الذي يحتاج الى القوة العاملة بشراء هذه القوة من الاسواق بقيمها الكاملة ويقوم العامل ببيع قوة عمله بقيمتها الكاملة والراسمالي يدفع قيمة قوة العمل التي اشتراها ولا يخرق اتفاق البيع والشراء الذي جرى في السوق. انها صفقة عادلة كغيرها من صفقات البيع والشراء للبضائع الاخرى. ومع ذلك كان واضحا ان هذا النظام يؤدي الى زيادة فقر وشقاء الطبقات الكادحة من المجتمع وثراء ورخاء الطبقة الراسمالية وبقايا الطبقات المستغلة الاخرى. اين يكمن السر في هذه الظاهرة؟ حاول علماء الاقتصاد اكتشاف الاسباب التي تؤدي الى غنى الطبقة الراسمالية وفقر الطبقة العاملة والكادحين وتوصلوا الى بعض الحلول وقد تتوجت بحوث الاقتصاديين باكتشاف كارل ماركس العلمي الدقيق لقانون فائض القيمة الذي اوضح الوسيلة التي يستطيع الراسمالي بها ان يستخلص من عمل العامل قيمة تفوق قيمة قوة العمل التي اشتراها منه.
ان الانتاج الراسمالي الذي يتم عن طريق عمل العامل في ادوات انتاج الراسمالي هو منتهى العدالة بالنسبة للراسمالي. فهو يشتري كل شيء بقيمته الحقيقية ويبيع كل شيء بقيمته الحقيقية. ولكن هذه العدالة تعني بالنسبة للطبقة العاملة شيئا اخر. فكلما ازداد انتاج الطبقة العاملة للطبقة الراسمالية يزداد فقرها وشقاؤها ويؤدي الى البطالة والشقاء مما نلاحظه في طوال تاريخ النظام الراسمالي وفي الازمة الاقتصادية والانهيار المالي الذي نعيشه اليوم. فالعدالة بالنسبة للطبقة الراسمالية هي ظلم بالنسبة للطبقة العاملة.
يطول البحث اذا اردنا ان نناقش امثلة على كون ما هو عادل بالنسبة لطبقة قد يكون غير عادل بالنسبة لطبقة اخرى في المجتمعات الطبقية. اكتفي في هذا المقال بالتحدث قليلا عن قانون حقوق الانسان. فقد احتفلنا هذا العام بمرور ستين عاما على صدور هذا القانون. والقانون ينص على حقوق يتمتع بها الانسان ايا كان بصرف النظر عن انتمائه الطبقي ويضمن لهذا الانسان كل الحريات بدون ان يتطرق الى الانتماء الطبقي او الاجتماعي للانسان. والقانون شرع من قبل اكبر مؤسسة دولية عالمية عرفها التاريخ، هيئة الامم المتحدة. وصادقت عليه جميع او اغلب الدول المنتمية لهذه المنظمة العالمية.
بموجب قانون حقوق الانسان يتمتع حسقيل قوجمان ومردخ بنفس الدرجة في حقوق النشر وابداء الراي. ولكن حسقيل قوجمان حكم بالسجن المؤبد لمجرد انه حمل رأيا مخالفا لراي الحكومة التي تحكم بلاده بينما سيطر مردخ على جميع وسائل الاعلام العالمية كالصحف والانتاج السينمائي والمحطات التلفيزيونية والمواقع الالكترونية وفق نفس المادة في قانون حقوق الانسان.
تقوم الدول الامبريالية كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة بخرق مواد حقوق الانسان بموجب مواد حقوق الانسان. فالقانون يتيح لكل دولة ان تصون استقلالها وامنها. والدول الامبريالية تقوم بحماية استقلالها وامنها وفقا لقانون حقوق الانسان. الولايات المتحدة تصون استقلالها وامنها في افغانستان ويوغوسلافيا والعراق والصومال وباكستان والسودان وحول روسيا باستخدام القواعد العسكرية والاسلحة المدمرة للبشرية باجيالها الحالية والاجيال المقبلة. وتقوم الدول الامبريالية بالاستيلاء على ثروات العالم كله من اجل صيانة امنها. فقانون حقوق الانسان قانون عادل بالنسبة للدول الامبريالية التي يشكل تضاعف عدد ملياردريها هو احد مظاهر عدالة قانون حقوق الانسان. ولكن هل يشكل قانون حقوق الانسان عدالة بالنسبة للشعوب المستعمرة التي تعاني من الفقر والجوع والبطالة ونهب ثرواتها اضافة الى الملايين من ضحايا اسلحة المحافظة على امن واستقلال الدول الامبريالية؟ ليس فيما يحدث في العالم اليوم ما يدل على عدالة هذا القانون بالنسبة لهم. فلا الاستقلال ولا صيانة الاستقلال واحترام سيادة البلدان المسماة العالم الثالث تحققه او يصونه او يحميه قانون حقوق الانسان. ان ضمان حقوق الدول الامبريالية لاستقلالها وامنها يعني بالنسبة للعالم الثالث فقدان الاستقلال والامن والثروات وحتى الحياة.
اريد ان اتحدث عن مثل واحد يعيشه العالم اليوم، كنموذج لا كتعميم، لعدالة او عدم عدالة قانون حقوق الانسان. ان القانون يمنح مصر حق المحافظة على امنها واستقلالها وهذا منتهى العدالة وفقا لقانون حقوق الانسان. واحدى الوسائل التي تحقق مصر فيها المحافظة على امنها واستقلالها هي بناء جدار حديدي يفصلها عن غزة. فاقامة الجدار هو في منتهى العدالة بالنسبة للحكومة المصرية. وفي الجدران الفاصلة المعروفة كنا نقيسها بارتفاعها وطولها مثل جدار برلين وجدار المكسيك وجدار الضفة الغربية. ولكن قياس جدار غزة يقاس بعمقه تحت الارض. فالحكومة المصرية تحافظ على امنها واستقلالها تحت الارض بجدار فولاذي بعمق عشرين مترا تحت سطح الارض. وهدف الجدار هو منع التهريب من مصر الى غزة وهذا حق منصوص عليه في قانون حقوق الانسان. فمن حق اية دولة ان تصون حدودها من التهريب ولهذا فان الجدار الفولاذي العميق عادل جدا بموجب قانون حقوق الانسان.
ولكن السؤال الذي لا يسأله احد هو لماذا يحتاج شعب غزة الى التهريب الذي يكلفه اضعاف سعر نفس البضائع لو اشتراها في السوق كغيره من الشعوب؟ ان شعب غزة يحتاج الى التهريب لان الحكومة الاسرائيلية والحكومة المصرية تحاصران غزة وتمنعان الغزيين من شراء البضائع التي يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة ومن ادخالها بحرية عن طريق المعابر. ان الغزيين يحتاجون الى التهريب لان المواد التي يهربونها هي الوسيلة الوحيدة لابقائهم على قيد الحياة. والبقاء على قيد الحياة تنص عليه قوانين حقوق الانسان والشرائع الدينية والتقاليد الاجتماعية والانسانية. وهذا الحق من حقوق الانسان غير متوفر بالنسبة لشعب غزة. واكثر من ذلك نسمع اليوم بان الحكومة المصرية تمنع دخول بعثة انسانية جلبت بعض المواد التي يحتاجها الانسان الغزي والطفل الغزي الى غزة. لا وجود لقانون حقوق الانسان بالنسبة لشعب غزة.
ان بناء هذا الجدار الفولاذي في اعماق الارض يذكرني بطارق بن زياد حين قال لجيشه البحر من ورائكم والعدو امامكم. فمصر او اسيادها يقولون ما يشبه ذلك لشعب غزة. يقولون لهم الموت جوعا من ورائكم والخضوع والخنوع للمصالحة بالطريقة الاميركية الاسرائيلية امامكم. ولا يترك المستعمرون الاميركان وصنائعهم مصر واسرائيل خيارا غير احد هذين الخيارين الموت او الخنوع.
من الذي يقوم بخرق قوانين حقوق الانسان؟ على راس هؤلاء تقف الامم المتحدة ومجلس الامن وما يسمى المجتمع الدولي ويليها الدول الامبريالية وحلف الناتو. هؤلاء هم وراء كل المصائب التي تعانيها شعوب العالم كله. وما هو موقف هذه الشعوب تجاه هذه المصائب القاتلة؟ ما نشاهده اليوم هو ان هذه الشعوب تتوجه وتتوسل بالامم المتحدة ومجلس الامن والمجتمع الدولي والجامعة العربية وحتى بالدول الامبريالية ورؤساء الدول العربية والدول الاسلامية من اجل الكف عن سياساتها المدمرة للشعوب والموالية للولايات المتحدة رأس وقائد كل هذه الفواجع. وقد برهن التاريخ ان اسلوب التوسل والرجاء او النداء هذا عقيم لان التوسل يوجه الى المصادر التي تشكل حقوقها بموجب حقوق الانسان هذا الظلم الذي يعانون منه.
فما هوالطريق الاخر امام هذه الشعوب من اجل تحقيق حقوقها الانسانية والاجتمعية والاقتصادية والفكرية؟ الطريق الاخر هو نضال هذه الشعوب بمن فيها شعوب الدول الامبريالية ذاتها بكل الوسائل من اجل السير بالتاريخ في الاتجاه الحتمي الذي اكتشفه لنا كارل ماركس، طريق الاتحاد والتنظيم والنضال من اجل الاطاحة براس الافعى، بالنظام الراسمالي، وتحقيق الهدف الطبيعي للمجتع، هدف المجتمع الاشتراكي ثم المجتمع الشيوعي.
الخلاصة هي عدم وجود واستحالة وجود دولة عدالة اجتماعية في المجتمعات الطبقية. فما هو عادل وحق بالنسبة لطبقة هو ظلم وغمط لحقوق الطبقات الاخرى. والسؤال التالي هو هل الدولة الاشتراكية دولة عدالة اجتماعية؟ وهل المجتمع الشيوعي هو مجتمع عدالة اجتماعية؟ احاول الاجابة على هذين السؤالين في الحلقة القادمة.