حصاد زراعة ديمقراطية جورش بوش شوز والقرد الاسود بر اك حسين اوباما في العراق هلهولة لحكومة مجرمي سلطة الاحتلال وبرلمان خرسان وطرشان وعميان الاحتلال ياخونة حرامية مصيركم سوف يكون مثل مصير اي عميل اميركي وانكليزي وايراني ومصير اي نظام دكتاتوري جاء بقطار اسيادهم الامبريالين الامريكان

IRAQI REVOLUTIONARY MAOIST ORGANIZATION - IRMO المنظمة الماوية الثورية العراقية - جبهة نجوم الحمراء




الكفاح المسلح الطريق الوحيد للتحرير

الكفاح المسلح الطريق الوحيد للتحرير







2012-12-19

خرافات حول الماوية

الرفيق شادي الشماوي

بحلول الفاتح من أكتوبر 2009 يكون قد مرّ ستون سنة على إنتصار الثورة الصينية العظيمة التى جاءت لتضيف إلى جانب الإتحاد السوفياتي نظاما سياسيا و إقتصاديا و إجتماعيا جديدا مناقضا للنظام الرأسمالي العالمي الموغل فى الحروب و الإستغلال و إستعباد الشعوب . إلاّ أن الإمبريالية المهزومة و توابعها و كذا التحريفيين لم يغفروا للصينيين وحدتهم وراء الحزب الشيوعي الصيني و قائده ماو تسى تونغ فراحوا يردّدون الأكاذيب و الأساطير حول البناء الإشتراكي فى الصين و الديمقراطية و الحرّيات الفردية و العامّة قصد تشويه صورة نظام الديمقراطية الشعبية فالإشتراكية فى الداخل و الخارج. لقد هال التقدّم السياسي و الإجتماعي و الإقتصادي و الثقافي فى الصين الأقلام الرجعية فراحت تكتب عن "مجازر" مزعومة و عن "مجاعات " و "فضاعات "مقترفة فى حقّ الجماهير و كأن الإمبريالية بدّلت جلدها لتدافع عن الحقّ و العدل و المساواة . لقد هال الإمبريالية أن ترى و تلمس تلك الإنجازات العظيمة التى جعلت من الصين – رغم الحصار- قلعة للثورة البروليتارية العالمية و النضال ضد الرأسمالية و الإستعمار و التحريفية ،و دولة عظمى نووية فى ظرف 10 سنوات من ثورتها بعد أن كانت قبل الثورة من اشدّ مناطق العالم تخلّفا على كلّ المستويات.



و فى القطر إستعار أعداء الماوية من تحريفيين و رجعيين ترهات الإمبريالية و خزعبلات التحريفيين الصينيين و السوفيات و الألبان والإيطاليين و غيرهم ليشنّوا حملة مسعورة على علم الثورة البروليتارية العالمية ، الماركسية –اللينينية-الماوية و ليسوّقوا لتشويهات الصين الماوية ولخلاصة مثالية تنكر الوقائع و الحقائق التاريخية و مفادها أن ماو لم يكن شيوعيا أصلا و أن الصين لم تكن إشتراكية يوما. هذا ما نجده فى عديد الكتابات المناهضة للماوية.

إنّ الشيوعيين الماويين و هم يشاركون رفاقهم عبر العالم الإحتفالية الستين لإنتصار الثورة الصينية يجدّدون تمسّكهم بالماركسية-اللينينية –الماوية علما للثورة البروليتارية العالمية و يدعون إلى إستخلاص الدروس من هذا الحدث العظيم لشقّ طريقهم الخاصة نحو الثورة و المساهمة فى تحرير الإنسانية .



لقد اجهز التحريفيون من هواو كوفينغ إلى دنك سياو بينغ على إنجازات ماو و الحزب الشيوعي الصيني و أعادوا تركيز الرأسمالية فى الصين و لكنهم لم ينجحوا فى كبح جماح الإنتفاضات و الإحتجاجات فى بيكين و المقاطعات الأخرى كما لم يفقد الماويون الحقيقيون فى العالم بوصلتهم بل إنّ البؤر الثورية التى يقودها الماويون تتضاعف فى العديد من بقاع العالم.



و بهذه المناسبة العظيمة ،نقدّم ترجمة لنصّ يردّ على الأكاذيب التى يروّجها التحريفيون والإمبرياليون و الرجعيون عموما حول الماوية . إن نصّ للرفيق أريك سميث من كندا نشره لأوّل مرّة سنة 1990 وهو رغم المدّة التى مضت على نشره ما زال محتفظا بتوهّجه و بأهمّيته فى مقارعة التحريفيين و الرجعيين.

1 أكتوبر 2009

---------------------------



أفكار مغلوطة متداولة :



1- حوالي 30 مليون شخص قضوا خلال "القفزة الكبرى إلى الأمام" جراء المجاعة و الإعدامات التى إقترفها ماو.

2- العنف الذى مارسه ماو إنتشر و إتسع مداه خلال الثورة الثقافية.

3- ماو كان معاديا للمثقفين ضد التربية و ضدّ الحرّية الشخصية .



1- القفزة الكبرى إلى الأمام : " ماو كان جزّارا"



زعم مختصون غربيون أنّ بين 16،4 و 29،5 مليون شخص قد هلكوا أثناء "القفزة الكبرى إلى الأمام "(1) و الحجة التى يتداولها هؤلاء تزعم أن ذلك مردّه الإعدامات التى أمر بها ماو و الحزب الشيوعي الصيني.

و العارفين أكثر بتاريخ الصين يعلمون جيدا أن المجاعة و الكوارث الطبيعية التى وقعت فى تلك الفترة بالذات كانت إحدى أسباب تلك الوفيات. و رغم ذلك تصرّ الدعاية الرأسمالية الرخيصة على إلصاق التهمة بالقيادة الصينية و نظامها الجديد الذى يتحمّل حسب رأيها المسؤولية ل" برامجه الخاطئة و سوء التصرّف فى المجال الصناعي و توزيع الثروات بين الناس" إبّان تلك الحقبة.

و أوّل مشكل تطرحه هذه الأساطير الكاذبة هو أنها إستندت إلى إحصائيات خاطئة للدوائر الرأسمالية التى تعتمد الإفتراض عوض الرجوع إلى الوقائع. فنسبة الوفايات المرتفعة إعتمد فيها على مقارنات بين النموّ السكاني المتوقّع و العدد الفعلي الذى تمّ تسجيله فيما بعد. ( Croissance prevue)

تفترض هذه الطريقة نموّا مستقرّا للمجتمع و السكان و لكن هذا المنهج يجانب الحقيقة فى الفترات المضطربة من التاريخ كالثورة. ثمّ إنّ هذه الإحصائيات الإفتراضية نابعة عمدا من أرقام صادرة عن البرجوازية و التحريفيين الذين كانوا معادين للقفزة الكبرى إلى الأمام.

فى الحقيقة ، كان الموتى المنسوبين للقفزة الكبرى إلى الأمام ( 1958-1960) نتيجة للمجاعة و ليس للإعدامات. فالفياضانات و الجفاف كانت لهما إنعكاسات خطيرة على أكثر من نصف الأراضي الصينية فى تلك الفترة. يضاف إلى ذلك أن الإتحاد السوفياتي قطع المساعدة التى كان يقدّمها فى المجال الصناعي ممّا أدّى إلى توقف غالبية

الصناعة الصينية. كان الإتحاد السوفياتي قد وعد بإقامة 300 مصنعا عصريا ، لكن حتى 1960 لم يكتمل البناء إلاّ فى 154 مشروعا فقط(2).و قد غادر آلاف التقنيين السوفيات الذين كانوا فى الصين للمساعدة فى تطوير الصناعة و ذلك فى غضون شهر واحد و أخذوا معهم خططهم التنموية و أوقفوا شحن المواد الصناعية.(3)

لقد إعترف ماو بصراحة بأنّ الحكومة كانت مسؤولة عن 800 ألف إعدام ما بين 1949و 1954 أيدتها الجماهير فى إطار محاكمات شعبية واسعة ضد الملاك العقاريين و عملاء اليابان( عملاء الإمبريالية) الممقوتين الذين مارسوا الإرهاب ضد الجماهير خلال الحرب العالمية الثانية و إثرها.(4)

و أبدا لم يقل لا ماو و لا الحزب الشيةعي الصيني إنّ القفزة الكبرى إلى الأمام لم تشهد بعض الأخطاء. فالنقد الذاتي خاصية من خصائص الماوية الأساسية و ماو نفسه وجّه نقدا لجوانب معينة من القفزة الكبرى إلى الأمام. وخلافا للسوفيات يعترف الصينيون بأنّ بعض أهدافهم كان سقفها أعلى من اللازم و غير منطقي.

ليس غريبا إذا أن تنتشر هذه الأساطير عن طريق الدول الرأسمالية التى تستحق أكثر من غيرها يافطة "الجزاّرين" . كلّ سنة ، 14 مليون طفل أغلبيتهم من البلدان الرأسمالية الآسيوية يموتون جوعا (5) . كما أنه إعتمادا على إحصائيات أخصائيين برجوازيين ، قرابة 75980 أسود ماتوا فى الولايات المتحدة الأمريكية وحدها سنة 1986 بسبب النقص فى الرعاية الصحية(6). وفرضا حسابيا ، مثلا لو كان عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية يضاهى مثيله فى الصين ، فإن ذلك يعنى هلاك أكثر من 300 ألف مواطن فى السنة الواحدة ( أو 2،5 مليون إذا كان عدد السكان السود فى الولايات المتحدة يعادل عدد سكان الصين).

لو لم تتحرّر الصين التى تعدّ ربع سكاّن العالم من قبل ماو و الحزب الشيوعي الصيني لكان وضعها أسوأ بكثير اليوم. فى الواقع، قد توفي 22 مليون صيني جراء المجاعة خلال الحرب العالمية الثانية و بسبب الإمبريالية اليابنية و النظام الذى كانت تسنده الولايات المتحدة الأمريكية. فى ظلّ قيادة ماو و الحزب الشيوعي الصيني، قفز أمل الحياة من 35 سنة فى عهد حكم الكيومنتانغ إلى 69 سنة(7) . و بالعكس، المجاعة فى البلدان الرأسمالية و نقص الرعاية الصحية للسود فى الولايات المتحدة الأمريكية باتا جدّ عاديين و يمرّان فى كنف الصمت إلى درجة أنه لا يوجد سياسي يتحمّل عناء حتى إثارة المشكلة .



2- الثورة الثقافية : " ماو إرتكب العنف"


تعتبر الثورة الثقافية أهمّ الأهداف التى صوّب الإمبرياليون نحوها نيرانهم الرجعية. فالتحليل الغربي الرأسمالي يلصق غالبا بماو كلّ العنف الذى حدث خلال الفترة الممتدّة من 1966 إلى 1976.

رغم تواجد حفنة قليلة من الملاحظين و المتابعين الأجانب المقيمين بالصين إباّنالثورة الثقافية فإن معظمهم ، يلصقون جزافا مئات الآلاف من الضحايا و حتى الملايين بهذه الثورة. عادة لا تقدّم تفاصيل لأنه لا يوجد إلاّ عدد ضئيل جدّا من التقارير من عين المكان للغربيين. و لا أحد من الغربيين يمكنه أن يدّعي أنّه قام بتحقيق ضافي . و رغم أنه من الممكن أن يصل عدد الموتى الملايين أثناء الثورة الثقافية فمن المتأكّد أنها لم تكن بأوامر من ماو الذى بالعكس طلب و بكل وضوح أن تكون الثورة الثقافية بعيدة عن العنف. و أولى التعليمات الصادرة عن اللجنة المركزية للحزب ظلت تذكر و منذ البداية بأنه "الطريقة التى ينبغى إتباعها فى المناظرات هي عرض الوقائع و محاكمة الأمور بالمنطق و الإقناع من خلال المحاكمة العقلية. و لا يجوز إستعمال الإكراه لإخضاع أقلية تحمل أراء مخالفة "(8) . وقد ثبت فضلا عن ذلك أن العنف المرتكب خلال هذه الحرب الأهلية كان فى جزء كبير منه من صنع فصائل معارضة لماو.

وأعداء ماو فى الصين كانوا أكثر واقعية فى هذا الصدد من نظرائهم الغربيين فى دعايتهم حيث حمّلوا ماو و مناصريه

–الذين نعتوهم ب" عصابة الأربعة " - مسؤولية عدد جملي من الإعدامات و القتلى يبلغ 34 ألف بوسائل أخرى من القمع خلال العشر سنوات من الثورة الثقافية.و لئن كان أعداء ماو محقين ، هل يمكن ان نفكّر فى أن 34 ألف قتيل مبرّرين؟ من الصعب علينا الإجابة إذ يجب أن يوجّه السؤال لأنصار ماو المسجونين و لأعدائه فى المناصب العليا للحزب و للجماهير عموما التى لم يطلب منها أبدا النقاد الأجانب و بصفة منظمة رأيها.



قائما بالنقد الذاتي ،أكّد ماو حصول إعدامات أكثر من اللازم خلال الثورة الثقافية .حينها عبّر عن فلسفته التى نشاطره إياها. قال ماو : " من الممكن أن يكون مبررا إعدام مجرمأو شخص فجّر مصنعا، لكن فى غالبية الأحيان ، بما فى ذلك الحالات فى المعاهد و فى الحكومة و الجيش ، اكّد ماو " أي سوء فى عدم إعدام الناس؟ إن الذين لهم إستعداد أن يصلحوا من أنفسهم بالعمل عليهم أن يتجهوا ليصلحوا أنفسهم بالعمل ،حتى يتمّ تحويل الفاسدين إلى عناصر مفيدة. فرؤوس البشر ليست كرؤوس الكراث . إذا قطعت ،لا تنبعث من جديد . إذا قطعنا رأسا على وجه الخطإ ، لا توجد طريقة لإصلاح الخطإ ،حتى و إن أردنا ذلك "(9) و لو أن الذين يدعون بأنهم ماويون مارسوا عكس هذه الفلسفة ، لسنا على إستعداد للدفاع عنهم.

و زيادة على ذلك من البديهي و الإحصائيات بهذا المضمار متوفرة للجميع حتى فى الولايات المتحدة الأمريكية ، أن ماو أنجز أفضل من أي قائد سياسي آخر فى القرن الماضي و من الممكن فى التاريخ كلّه ، فى تقليصه للعنف بكافة أشكاله.

و عديد أعداء ماو الذين طُردوا من الحزب مع ذلك بقوا على قيد الحياة. فمثلا دنك سياو بينغ ظل على قيد الحياة رغم بعض التطهيرات و بعث إلى إعادة التأهيل بواسطة العمل. فى 3 و 4 جوان 1989 ، دنك ذاته – معارض لماو و الإبن المفضّل لدى الرأسماليين- هو الذى أصدر الأوامر للجيش لإطلاق النار على مئات المتظاهرين و المتظاهرات فى إطار تمرّد بيكين . و هذا العنف ليس طبعا سوى النزرالقليل من العنف الذى تسببت فيه إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين.

لقد إستطاع ماو و الحزب الشيوعي الصيني ، و بمساعدات خارجية بسيطة ، إحداث تغييرات عظيمة فى بلد فى طريق النموّ ،و هم ينجزون ثورة و يخوضون حربا أهلية. و من غير السليم تحميل المسؤولية للحزب الشيوعي الصيني أو لماو بالخصوص عن كلّ ما حدث تحت قيادته. ففى الولايات المتحدة وهو بلد متقدّم له ظروف لا تقارن بأية حال مع ظروف جمهورية الصين الشعبية – هناك سنويا 20 ألف جريمة قتل و 75 ألف أسود يموتون بسبب الإضطهاد القومي المنظّم ، و فى كلّ خمس دقائق يموت عامل أو تموت عاملة بسبب حادث شغل أو مرض صناعي، وفى كلّ 50 دقيقة ، يموت طفل بسبب لسوء التغذية أو الفقر. (10). لكن لا نسمع تقريبا أبدا قول إنّ ضحايا العنف الرأسمالي "قتلهم" الرؤساء ريغان و بوش و كلينتون و من لفّ لفهم ، كما نسمعه دائما عن الذين ماتوا من الجوع فى ظلّ قيادة ماو للصين.



3- إضطهاد المثقفين و التربية فى عهد ماو



يعتقد عديد الغربيين بأن ماو كان معارضا للتربية " الحقيقية " وللمثقفين خلال الثورة الثقافية و بأن المدارس لم تكن سوى أدوات مسخرة ل"غسل العقول" "للدعاية "المحضة.

و تعزى هذه الإعتقادات إلى بعض القصص المروية بشأن غلق الجامعات فى الصين و بشأن الظروف الجديدة و القوانين الجديدة التى جرى تركيزها بالنسبة للكتب الدراسية و البحث العلمي و للحدود المفروضة على مختلف أنواع الفنون و المسرح. و جزء من هذه المعلومات بلغ الغربيين عن طريق المثقفين الصينيين الذين غادروا الصين قبل أو أثناء الثورة الثقافية : لقد غادروا لأنهم إعتقدوا أن نمط حياتهم و مكانتهم الإجتماعية مهدّدة جراء التغييرات الحاصلة.

يعرّف الغربيون التربية "الحقيقية"بمدى تطابقها مع مواضيع و جداول أعمال الغربيين أي دراسة التاريخ و الأدب من وجهة نظر المضطهِدين و الإمبريياليين ،و الرياضيات و العلوم بهدف تحقيق تقدّم تقني أو طبّي يمكنهم من مراكمة الثروة و يعزّز سلطة الطبقات الحاكمة، و الدراسة إلى حدّ التحوّل إلى أخصاّئي و كسب هيبة أكاديمية لكن دون معرفة التجربة العملية أو درجة إفادة تلك المعارف للمجتمع.

ينظر الرأسماليون فى الغرب إلى التربية فى الصين الماوية على أنها مجرّد أداة "دعاية "لأنها تشجّع على قيم و أهداف تتناقض مع أهداف الرأسمالية. و تتطابق هذه القيم و الأهداف التى وقع تعليمها فى الصين إبان الثورة الثقافية مع مهام بناء الإشتراكية . و ما يبعث على العجب أنّ التربية كما نعرفها فى الأمم الغربية لا ينظر إليها على أنها" دعاية "عن قصدأو عن غير قصد من قبل الذين يتفقون مع أهداف الرأسمالية ، و الإمبريالية و النظام الأبوي.كما أن الإشهار للمنتوجات الرأسمالية، رغم الإعتراف بأن تأثيره هائل على آراء و أفعال الناس، لا يُنظر له بإعتباره شكلا ل"غسل الأدمغة" من قبل أولئك الذين يستفيدون من النظام الرأسمالي و بالتالى يدعمونه.

إن نظرة الغرب الرأسمالي للمواقف الماوية بصدد التربية و المثقفين و الفن إنبنت أساسا على معلومات بعض الصينيين المعادين للإشتراكية أو أجانب تعاملوا مع الأحداث فى الصين بوجهة نظر خارجية.

و نستطيع الحصول على صورة أكثر واقعية حول الثورة التربوية بقراءة كتب أولئك الذين يساندون ما هو أفضل للشعب و الذين ساهموا بعمق فى تغيرات تلك الحقبة. و على سبيل المثال يمكن ذكر كتاب :

William Hinton, Hundred day war : The Cultural Revolution at Tsinghua University

و فيه فسّر الكاتب تفسيرا جيدا كيف تطورت الإشتراكية و كيف وقع تفكيك الأفكار البالية الإضطهادية عن التربية فى كلية شهيرة فيها تدرّس العلوم و الهندسة :

" صار الطلبة الآن يقضون نسبة من وقتهم فى حضائر أشغال البناء فى بيكين الكبرى تضاهى الوقتالذى يقضونه فى قاعات الدرس و المخابر و صار الأساتذة يبذلون جهدا فى تطوير العلاقة مع عشرات المصانع و المؤسسات الإقتصادية المرتبطة بالجامعة بقدر الجهد الذى يبذلونه فى تقديم المحاضرات و تأطير الطلبة.و الطلبة الشباب ذوى الإمتيازات لن ينسحبوا على بلاد العجائب الذى تحدّه الأشجار و المسمّى تسنغهوا ليمضوا فيه وقتهم فى القراتءة إلى أن يمسوا مسنين للغاية إلى درجة عدم قدرتهم على الضحك.لم يعودوا يملؤون رؤوسهم بتركيبات رياضية حول الممارسات الصناعية التى عفا عليها الزمن من أوروبا و أمريكا ما قبل الحرب ،و لن يتصببوا عرقا بفعل الإمتحانات من نوع " الهجوم المفاجئ" ليتخرجوا ، بعد سنوات من العزلة عن الإنتاج و السياسة ، غير قادرين على التمييز بين الحديد الصلب العالي التركيز بالكربون و الحديد الصلب العادي ، أو بين " بروليتاري ثوري " و "تحريفي".(11)

قبل رحيله ، كان ماو يؤكد على أن نتذكّره بوصفه رئيسيا "مربّيا" وهو لا يعارض التربية بشكل عام و إنما يعارض التربية الغربية البرجوازية ،تلك التربية التى لعبت دوما دورا خطيرا فى تبرير هيمنة الطبقات السائدة و التى لا تخدم مصالح الجماهير. على عكس ، بالنسبة لماو ، التربية و المثقفين لا يجب أن يكواوا إلا فى خدمة الشعب، لذا أمر ماو المثقفين بالتوجه إلى الفلاحين لمساعدتهم و تربيتهم و التعلّم منها أيضا.



كانت أغلبية الشعب الصيني فقيرة ، و أمّية و لم يكن يتوفر لها إلاّ القليل التربية و الرعاية الصحية. بصدد مسألة التكوين فى الطبّ ، قال ماو سنة 1965 : " يجب إصلاح التكوين الطبّى . فلا حاجة لقراءة هذا الكمّ الهائل من الكتب ... يكفى إجراء ثلاث سنوات من التكوين ليحصل الطلبة على شهادة علمية . و من ثمّ سيواصلون تعلّمهم و يرفعون مستواهم فى جزء كبير من خلال الممارسة العملية. لو أرسل طبيب بهذه المواصفات إلى صفوف الفلاحين ،حتى و إن لم يكن يتمتع بقدرات كبيرة ، فإنه سيخدمهم أفضل من المتطببين و المشعوذين ... إن التكوين الحالي للأطباء لا يخدم سوى المدن الكبرى مع أن فى الصين أكثر من 500 مليون من السكان فلاحون."( 12)

فى الواقع ، أحد أهمّ البرامج الإشتراكية الأكثر تطوّراهو برنامج " الممرضين المعاونين" أو " الأطباء ذوى الأقدام الحافية" ،وهم قرويون تلقوا تكوينا لبضعة أشهر فى مجال الرعاية و العلاج ، ثمّ عادوا إلى قراهم لتوعية السكان ووقايتهم ضد الأمراض و الجراح و تحسين الرعاية الصحية و معالجة المشاكل الصحية البسيطة.(13)



المقتطف التالي من توجيهات صادرة عن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني فى بداية الثورة الثقافية سنة 1966:" أما العلماء و التقنيون و الموظفون العاديون فما داموا وطنيين و يعملوا بنشاط و ليسوا ضد الحزب و الإشتراكية ،و لا يتواطؤون مع أية دولة أجنبية فيجب أن نستمرّ فى الحركة الراهنة على تطبيق سياسة "وحدة-نقد-وحدة" ".(14)



شهد نظام التربية فى الصين تطورا كبيرا فى عهد ماو إذ وقع وضع الكتب و المنشورات الرأسمالية القديمة جانبا لتستعمل الكتب الجديدة لتدريس التاريخ و السياسة من وجهة نظر الأعلبية من الشعب من ذلك نشر كتاب "لندرس الإقتصاد السياسي" الصادر سنة 1974 فى شنغاي ليصبح معتمدا فى المعاهد و الكليات. وفضلا عن ذلك تراجعت نسبة الأمية فى الصين بصفة بارزة للعيان.



و رغم هذه النجاحات العظيمة فإن الإصلاحات لم تكن كلّها موفقة . و وجد من يدعون أنهم "ماويون" و دافعوا عن فكرة الهجوم على المثقفين و على 95 بالمائة من أعضاء الحزب الشيوعي أثناء الثورة الثقافية. و قد وصفهم ماو بأنهم " متطرفون يساريون" لأنهم كانوا يستعملون لغة و أفكار شيوعية لتبرير ممارسات متطرفة دون محاولة محاورة المثقفين و دون تشجيعهم على تصويب نظرتهم و سلوكهم. (15)



-----------------------------------



1) Roderick MacFarquhar, Origins of the Cultural Revolution: Great Leap Forward 1958-60 (New York: Columbia University Press, 1983), p. 330.

2) Wheelwright, E.L. et McFarlane, Bruce, The Chinese Road to Socialism: Economics of the Cultural Revolution (New York: Monthly Review Press, 1970), p. 35.

3) Ibid, p. 53.

4)) » Qui avons-nous exécuté ? Quel type de gens ? Les éléments qui étaient énormément détestés par les masses et qui étaient criblés de dettes de sang. » (Chairman Mao Talks to the People, New York: Pantheon Books, 1974), p. 77. Mao a dit aussi que moins dexécutions seraient faites à lavenir. (Ibid., 78)

5) Ruth Sivard, World Military and Social Expenditures 1987-8, p. 25.

6) Dans la comparaison des populations noire et blanche du même âge aux États-Unis, le taux de mortalité des NoirEs était 7,8 par mille en 1986, comparativement à 5,2 pour les Blancs. (Statistical Abstract of the United States 1989, p. 74) Il y avait 29,223 millions de Noirs en 1986. (Ibid).

7) Associated Press, cité dans Ann Arbor News, 01/10/1989, p. B9.

8)) Comité central du Parti communiste chinois, 08/08/1966, dans Peoples China: Social Experimentation, Politics, Entry onto the World Scene 1966 through 1972 (New York: Vintage Books, 1974), p. 277.

9) Chairman Mao Talks to the People, p. 78.

10) Vincente Navarro, « Historical Triumph: Capitalism or Socialism? », Monthly Review, novembre 1989, pp. 49-50.

11) Hinton, William, Hundred Day War: The Cultural Revolution at Tsinghua University (Monthly Review Press, New York et Londres, 1972), pp. 13-14.

12)) » Directive on Public Health, June 26, 1965 », Chairman Mao Talks to the People: Talks and Letters: 1956-1971, éditeur Stuart Schram, Pantheon Books, 1974, p. 232.

13) Le programme de « médecins aux pieds nus » a commencé dans les années 50 et sest poursuivi jusquau milieu des années 70. Ces aides-soignants utilisaient le manuel paramédical officiel chinois A Barefoot Doctors Manual, Running Press, 1977.

14) Comité central du PCC, 08/08/1966, Chairman Mao Talks to the People, p. 281

15) Pour lire des exemples dessais écrits par des ultragauchistes opposés au maoïsme, voir The 70s, China: The Revolution Is Dead, Long live the Revolution, Montréal: Black Rose Books, 1977

من الصين الإشتراكية إلى الصين الرأسمالية

الرفيق شادي الشماوي

من الصين الإشتراكية إلى الصين الرأسمالية
===========================
( جزء من الفصل الثالث من كتاب "الثورة الماوية فى الصين : حقائق و مكاسب و دروس")
بقلم شادي الشماوي
من صين ماو الإشتراكية إلى صين دنك الرأسمالية : برنامج دنك الذى طبق فى الصين بعد إنقلاب 1976 يميط اللثام حتى أكثرعن الخط التحريفي الذى ناضل ضده =============================================================================================الشيوعيون الماويون:
==========
" إن أسلوب التحليل هو ألإسلوب الديالكتيكي . ونعنى بالتحليل تحليل التناقضات الكائنة فى الأشياء . و بدون معرفة تامة بالحياة و فهم حقيقي للتناقضات المراد بحثها ، يستحيل إجراء تحليل سديد "

(ماو ، مارس ،آذار 1957 ص 226 من مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسي تونغ)


" إذا إفتك التحريفيون مستقبلا قيادة الصين ، على الماركسيين –اللينينيين فى كافة البلدان أن يفضحوهم بصرامة و أن يناضلوا ضدهم و أن يساعدوا الطبقة العاملة و الجماهير الصينية فى قتال هذه التحريفية . " (ماو تسى تونغ ،1965) .


إذا توصل أناس مثل لين بياو إلى السلطة ، سيكون من اليسير عليهم أن يعيدوا تركيز النظام الرأسمالي -
( ماو تسى تونغ ،سنة 1975 : تصريح خلال حملة " دراسة نظرية دكتاتورية البروليتاريا و التصدى للتحريفية "و كان يقصد بجلاء أناس مثل دنك سياو بينغ )

لقد كان ماو تسى تونغ واعيا تمام الوعي بالخطر الحقيقي الداهم و إمكانية ردة تحريفية فى الصين مثل الردة التى حصلت منذ أواسط الخمسينات فى الإتحاد السوفياتي فمسألة من سينتصر فى النهاية ،الطريق الإشتراكي أم الطريق الرأسمالي لم تحسم فى المجتمع الإشتراكي كمجتمع توجد فيه طبقات و تناقضات طبقية تناحرية و صراع طبقات تتمحور بالأساس فى صفوف الحزب الشيوعي فى صراع خطين حول الطريق الإشتراكي و الطريق الرأسمالي. وصحة الخط من عدمه هي المحددة فى تطور المسار و الإتجاه الذى سيتخذه الحزب و الدولة و بالتالى المجتمع الإشتراكي فيبقى على الطريق الإشتراكي و يعمق المضي صوب الشيوعية أو يعيد تركيز الرأسمالية. و وصول التحريفية إلى السلطة يعنى وصول البرجوازية إلى السلطة كما صرح بذلك ماو تسى تونغ .
وهو ينهض بمهمة مكافحة إعادة تركيز الرأسمالية بالصين ، خاض ماوتسى تونغ على رأس الخط الثوري للحزب الشيوعي الصيني بكل ما أوتي من جهد قيادي معارك عدة ضد الخط التحريفي و أعظم تلك المعارك هي معركة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى التى إمتدت من 1966 إلى 1976 لكن بعد وفاة ماو تسى تونغ ، فى أكتوبر 1976 نظّم التحريفيون إنقلابا فبلغت البرجوازية السلطة فى الصين.
رفع التحريفيون الذين إفتكوا السلطة منذ 1976 إثر إنقلاب على الخط الشيوعي الماوي ممثلا فى من أسموهم "عصابة الأربعة " ( فى الواقع "الخمسة " فماو معهم و قائدهم فى حياته ) راية برنامج "التعصيرات الأربعة " و طبقوه وهو برنامج قد تعرض للنقد من طرف الشيوعيين الماويين قبل وفاة ماو كما تعرض القائد الأعلى للتحريفيين و خطه اليميني فى الصين إلى حملة نقد جماهيرية سنة 1976 قادها الحزب و على رأسه الرئيس ماو .
" المهمة الأساسية للحزب كافة و لشعب البلاد كافة ،و ليس فى الوقت الراهن وحسب ، بل كذلك على طول المرحلة التاريخية الإشتراكية بأسرها ، بما فى ذلك الخمس و العشرين سنة القادمة ، هي النضال تحديدا من أجل تحقيق البرنامج الأساسي لحزبنا [ أنظر "وثائق المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي الصيني" ] و تنفيذ خطه الأساسي . هل ينبغى أن نطور الإقتصاد الوطني ؟ هل ينبغى أن نحقق التعصير الشامل للفلاحة و الصناعة و الدفاع الوطني و العلم و التكنولوجيا على مرحلتين قبل نهاية القرن ؟ بالطبع ينبغى ذلك غير أن هذه ليست سوى مهمة علينا الإضطلاع بها لإنجاز البرنامج الأساسي لحزبنا . و بالرغم من أنها مهمة جبارة ، فهي ليست المهمة الأساسية لحزبنا ، و أقل من ذلك حتى ، ليست المهمة العامة لحزبنا . فى أصلها " التعصيرات الأربعة " رُسمت كمخطط فى علاقة بمهمة تطوير الإقتصاد الوطني . مع ذلك لنكشف خدعة خطيرة للغاية هي أن "البرنامج العام " [ وثيقة من ثلاث نصوص تحريفية عرضت الخط التحريفي البرجوازي ساهم فى صياغتها كل من دنك سياو بينغ و هواو كوفنغ رأسا حربة إنقلاب أواخر 1976 ، وهي نصوص نقدها الشيوعيون الماويون مستخلصين أنها "طفيليات سامة " ] يقدم تحقيق "التعصيرات الأربعة" مقدمة عظيمة لجميع العمل كله فى الوقت الراهن و فى الخمس و العشرين سنة القادمة ، مقدمة ينبغى أن يقوم عليها كل عملنا . و هذا يبين أن فى نظر أولئك المتعنتين أتباع الطريق الرأسمالي فى الحزب ،حاليا ، المهمة الوحيدة هي الإنتاج و البناء و لا حاجة إلى الصراع الطبقي و الثورة البروليتارية و دكتاتورية البروليتاريا . و بالتالي يتنكر هذا كليا للبرنامج الأساسي لحزبنا و يتلاعب بصراحة بالمهمة و التوجه الأساسيين للتقدم بالنسبة للحزب كافة و لشعب البلاد كافة ." ( تشانغ يُياه ، مجلة " دراسة و نقد " ،غرة أفريل 1976 ، أثناء " الحملة ضد دنك و الإنحراف اليميني داخل الحزب" ) .
و معلومة شهيرة هي جمل ماو تسى تونغ المقيمة لدنك سياو بينغ و التى روجت خلال الحملة المذكورة أعلاه و منها :
" إنه لا يولي أية أهمية للصراع الطبقي ، لم يذكر هذا المحور البتة . و يكرر على الدوام صيغته :" قط أبيض ، قط أسود " دون التفريق بين الإمبريالية و الماركسية " و " إنه لا يفهم شيئا من الماركسية –اللينينية ، إنه يمثل البرجوازية ".
قبل ذلك ، فى خضم الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ، كان دنك سكرتيرا عاما للحزب إلى جانب ليوتشاوشى المسمى بخروتشوف الصين هدفا مباشرا لهجمات الخط الشيوعي الماوي و الجماهير الواسعة ضد التحريفية . وأقيل من مناصبه ولم يعد إلى المناصب القيادية إلا فى ظروف معركة محتدمة بين الماويين من جهة و التحريفيين اللين بياويين من جهة أخرى و ذلك إثر محاولة إنقلاب لين بياو سنة 1971 و بعد أن قدم نقده الذاتي و إعتبر خط الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و منجزاتها مكاسبا وجبت المحافظة عليها و صيانتها و تطويرها . إلا أنه عاد بوضوح إلى التآمر على الخط الثوري الماوي ليكون أحد أهم القادة الذين كانوا وراء أحداث تيان آن مان الرجعية سنة 1976 .
حالئذ ، فى 7 أفريل 1976 ، أصدرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني القرار التالي :
" قرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني حول إقالة دنك سياو بينغ من كل مناصبه فى كل من داخل الحزب و خارجه و هذا القرار ينص على :" بعد نقاش الحدث المعادى للثورة الذى شهدته ساحة تيان آن مان و آخر تصرفات دنك سياو بينغ ، تعتبر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني أن طبيعة مشكل دنك سياو بينغ غدى تناقضا تناحريا . و بإقتراح من قائدنا العظيم الرئيس ماو ، إتفق المكتب السياسي بالإجماع على إقالة دنك سياو بينغ من كل مناصبه فى كل من داخل الحزب و خارجه بينما يسمح له بالمحافظة على عضويته فى الحزب بهدف مراقبة تصرفه مستقبلا ." ( " مجلة بيكين"عدد 15 ، 9 أفريل 1976 ) . و لن يعود دنك إلى دفة السلطة و فى أعلى مناصبها إلا بعد إنقلاب 1976، فى الإجتماع الثالث للجنة المركزية فى 1977 ، ليمسي الرمز الأول للصين الرأسمالية .
كل هذه الحقائق الدامغة يتجاهلها أعداء الماوية و نقادها من كل الأرهاط و بصورة خاصة الخوجيون المفضوحون منهم و المتسترون و التروتسكيون إلخ ليضعوا فى نفس السلة ماو تسى تونغ و دنك سياو بينغ و لين بياو بل ليعتبروا أعداء الماوية هؤلاء ماويين و مثال ذلك ما فعله و يفعله الخوجيون المفضوحون فى كتبتهم و "بحوثهم"... إنهم يخلطون الأوراق عمدا عامدين و يخلقون تشويشا و بلبلة لينشروا خطهم الدغمائي التحريفي و ينالوا من التجربة البروليتارية الصينية الشيوعية الماوية أرقى تجارب دكتاتورية البروليتاريا العالمية . إنهم يشوهون الماوية و الحقائق التاريخية و كمثاليين يطبقون عكس المنهج الذى دعى إليه لينين العظيم فى "ما العمل ؟"، مطلع القرن العشرين :
" ينبغى للمرء أن يكون قصير النظر حتى يعتبر الجدال بين الفرق و التحديد الدقيق للفروق الصغيرة أمرا فى غير أوانه أو لا داعي له . فعلى توطد هذا " الفرق الصغير " أو ذاك قد يتوقف مستقبل الإشتراكية – الديمقراطية الروسية لسنوات طويلة، طويلة جدا " .
مستقبل الشيوعية لا يهم الخوجيين المفضوحين منهم و المتسترين وغيرهم من التحريفيين ، مستقبل الحركة الثورية للبروليتاريا العالمية لا يشغل بالهم و لا ينعكس ذلك فى هذه المسألة فحسب بل فى مسائل أخرى ليس هذا مجال الخوض فيها . بإختصار شغلهم الشاغل هو الإتقضاض على الماوية ليس إلا .
-------------------------------------------------------------------------------------------------------
و قد أجلينا ما أجلينا من هذه الحقائق الأولية لنمضى إلى تحليل خط دنك الذى طبق فى الصين معيدا تركيز الرأسمالية عقب كسب آخر المعارك الكبرى ضد الماوية التى تمحورت ، بالأساس بعيد المؤتمر العاشر حول خط المحافظة على مكاسب الثورة الثقافية و تطويرها و تعميقها و نقيضه خط التراجع عن الثورة الثقافية و قلب التوجه العام للحزب و الدولة و طبيعتهما .( أما التأريخ الدقيق لتلك المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ و كيفية خوضها و الإنقلاب و أسباب هزيمة الماويين الصينيين فقد أفرد له ريموند لوتا مقدمة كتابه " و خامسهم ماو" سنة 1978 ) .
1- أهم محطات التخلى عن الماوية :
عقب وفاة ماو تسى تونغ ، عينت القيادة الشيوعية الماوية أن من أوكد المهام الملحة مهمة فضح "الخط التحريفي المعادي للثورة لليوتشاوشى و لين بياو و دنك سياو بينغ " و "تعميق نقد دنك سياو بينغ و مواصلة النضال لصد محاولة اليمين التحريفي الإنقلاب على القرارات الصحيحة و توطيد و تطوير إنتصارات الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و صيانة الأشياء الإشتراكية الجديدة بصرامة و تقييد الحق البرجوازي و مزيد تعزيز دكتاتورية البروليتاريا فى بلادنا " ( ص 7 و 10 من "مجلة بيكين " عدد 38 ، 1976 )
على هذا الخط الشيوعي الماوي سينقلب التحريفيون و قادتهم هواو كوفينغ و دنك سياو بينغ بعد وفاة ماو تسى تونغ فى أكتوبر 1976 . و لئن فقدوا الكثير من مراكز نفوذهم أثناء الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فإن التحريفيين لم يفقدوا كل قواهم و مثلما تنبأ بذلك ماو فإن طبيعتهم الطبقية ستدفعهم من جديد و تكرارا فى محاولة الإنقضاض على الخط الثوري و إلحاق الهزيمة به . ومنذ بداية السبعينات كانوا يهاجمون مجددا و بضراوة و يقيمون الإستعدادات للإنقلاب و إفتكاك السلطة بالرغم من مقاومة الشيوعيين الماويين الصلبة فى تلك المعركة الأخيرة قبل الإنقلاب .
حين تمكن التحريفيون و بالتالي تمكنت البرجوازية من إنجاح الإنقلاب و أمست تمسك بخيوط و ناصية الحزب و الدولة أضحى الحزب الذى كان ثوريا فى طرفه أو مظهره الرئيسي المحدد لطبيعته حزبا تحريفيا و أضحت الدولة البروليتارية دولة برجوازية و كان مصير الثوريين الشيوعيين الماويين القتل و السجن و الطرد من الحزب إلخ كل ذلك رغم ما أظهروه من روح قتالية عالية و نضال حازم و متفان بكل الأشكال حتى المسلح منها و طوال أشهر .
و نظرا لأن الماويين فضحوا جماهيريا التحريفيين و برنامجهم البرجوازي لإعادة تركيز الرأسمالية ، لجأت عصابة الإنقلابيين إلى تكتيك توجيه تهم من كل لون "للأربعة " ( بالأحرى "الخمسة "لأن ماو كان معهم و قائدهم ) من جهة و إدعاء هواو كوفينغ أنه سيواصل الطريق الذى خطه ماو تسى تونغ ، غايتهم خلق الضبابية و بث الرماد فى عيون الجماهير ليسهل عزل الماويين عن الجماهير و ضربهم مع تجنب ردود فعل الجماهير الكادحة المناصرة للطريق الإشتراكي و المعادية للطريق الرأسمالي .
و قد أفلح التحريفيون أتباع الطريق الرأسمالي و بالتالي أفلحت البرجوازية الجديدة فى مسعاهم و حققوا تغييرات يمينية نوعية رافعين راية الماوية لإسقاط الماوية و منفذين برنامجا معاديا للماوية على طول الخط . و قد تم لهم ذلك عبر محطات هامة و على "جرعات" بحكم المعارضة التى لقيها توجه هواو كوفينغ – دنك سياو بينغ اليميني بالفعل ، داخل الحزب و خارجه . فالموقف العلني للتحريفيين من الماوية كان يأخذ بعين الإعتبار فى كل خطوة ميزان القوى السياسي منطلقا من إعلان تبنى الإرث الماوي و مواصلة إتباع الطريق الذى خطه منتهيا إلى الهجوم الصريح تماما و كليا على الماوية و منجزاتها .
--------------------------
بداية ، ندعوكم للإطلاع على بعض محتويات مقال للدكتور عبد الرحمان أحمد حسين" الثورة الثقافية فى تاريخ الصين " ورد فى مجلة "عالم الفكر " ، المجلد التاسع عشر ، العدد الأول ،أبريل –مايو –يونيو 1988 علما و أن المقال الموثق فى مجلة متداولة و سهلة الإقتناء يذهب تماما ضد ماوتسى تونغ و يساند دنك سياو بينغ بيد أن ما يهمنا هنا هو بعض الحقائق التاريخية التى سجلها كما سجلتها مئات الكتب بمختلف اللغات عبر العالم .
" ...و كان لدور هواقوة فينغ الأثر الفعال فى إزالة "عصابة الأربعة " فى أكتوبر1976 إلا أنه أعلن " أن كل القرارات السياسية التى إتخذها الرئيس ماو سنؤيدها بحزم ، وكل التعاليم التى أصدرها الرئيس ماو سوف نتمسك بها دون تردد " . و قد أيد المؤتمر الوطني الحادي عشر للحزب المنعقد فى أغسطس 1977 وجهة نظر هواقوة فينغ هذه رغم أنه لم يتردد فى دحض "عصابة الأربعة " و إبراز إنحرافاتهم و محاكمتهم مع من كان يؤيدهم فى المراكز العليا للحزب ." ( ص 138)
و يزيد صاحب المقال الأمر شرحا فى الصفحة ذاتها :
" ... فقد شهد المؤتمر الحادي عشر للحزب الذى أكد نظريات و سياسات الثورة الثقافية وجود 109 أعضاء فى اللجنة المركزية للحزب من بين 201 عضوا من عهد ماو تسى تونغ ، كما كان ثلثا عدد أعضاء المكتب السياسي من عهد ماو أيضا ".
و هكذا ، كان على الجماعة التحريفية " أن تنتظر حتى إجتماع اللجنة المركزية فى دورتها التالية فى ديسمبر 78 بعد أن تساقط [ إقرأ قتل و طرد من الحزب ] كثير من الأعضاء القدامي لتتخذ قرارها الجديد ببدء " ثورة التعصيرات الأربع" بدلا من الثورة الثقافية "
هذه إذا بعض المعطيات التاريخية التى تبرز التكتيك الذى توخاه التحريفيون تجاه ماو و الماوية متقنعين بداية بإتباع نهجه ثم منقلبين علي الماوية فى النهاية كليا ،علنا و صراحة. فعقب الإنقلاب على من سماهم التحريفيون"عصابة الأربعة " (و هم ينتمون إلى أعلى مناصب الحزب الشيوعي الصيني حينها إذ كان وانغ هونغ وان نائب رئيس الحزب منذ 1973 و كان تشانغ شوان كياو عضوا فى اللجنة المركزية الدائمة للمكتب السياسي و كان كل من ياووان يوان و تشانغ تشنغ عضوان بالمكتب السياسي منذ 1969 –مزيدا عنهم فى الملحق ) أي القادة الشيوعيين الماويين حقا ، بعيد وفاة ماو ، شرع التحريفيون فى الهجوم على كل منجزات الثورة الثقافية بتعلة أنها كانت إجراءات أتباع الطريق الرأسمالي الممثلين (و هذا تزوير ) ب "عصابة الأربعة " و لين بياو . و بهذا كان الهجوم على الماوية هجوما غير مباشر و غير علني لم يذكر فيه ماو حرفيا بل كان خطه الثوري الذى جسده الثوريون الصينيون و منهم القادة "الأربعة " هو محل الهجوم الذى إتخذ شكل حملة شعواء .
و تشويها للخط البروليتاري الذى قاتل و لا يزال بضراوة داخل الحزب ، نعت التحريفيون " الأربعة "و بقية الشيوعيين الماويين بكل النعوت التى كانت توجه لليمينيين أيام الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و ألصقت بهم تهم لا حصر لها و لا أساس لها من الصحة .هذا من ناحية و من ناحية أخرى رُبطت أسماؤهم بإسم المرتد لين بياو و هذا ليس أمرا عرضيا و إنما هو تكتيك سياسي خبيث آخر يرمى التحريفيون من ورائه أولا إلى طمس الخط الفاصل بين لين بياو المرتد و "الأربعة " الماويين الثوريين الذين خاضوا فى أواخر الستينات و أوائل السبعينات صراعا لا هوادة فيه ضد لين بياو و كان ماو يقودهم شخصيا فى ذلك و ثانيا إلى جعل الجماهير تنفض من حول الماويين و ترى فيهم معادين للثورة و مرتدين مثل لين بياو و من ثمة لن يبقى أمام الكادحين من رافع لراية الشيوعية سوى الطغمة التحريفية . فكان هذا التكتيك التحريفي البرجوازي ركيزة جوهرية فى إنتصار الطريق الرأسمالي على الطريق الإشتراكي فى الصين.
و دليل دامغ على ذلك هو ما صرح به دنك نفسه ضمن "إجابات على أسئلة الصحفية الإيطالية أوريانا فالاتشى " فى 21 و 23 أغسطس (آب) 1980:" سؤال : نجد نحن الغربيين أشياء كثيرة عسيرة الفهم . فاللوم يوجه لعصابة الأربعة على كل الأخطاء . و قيل لى أن الصينيين إذا ما تحدثوا عن عصابة الأربعة أشار كثير منهم بخمس أصابع .
جواب : يجب أن نضع خطا واضحا بين أخطاء الرئيس ماو و جرائم لين بياو و عصابة الأربعة ..."( المصدر السابق بالفرنسية و ، ماو تسى تونغ : سيرة حياة –تقييم –ذكريات بيكين 1989 بالعربية ،ص 105)
حتى دنك لم يستطع أن ينكر حقيقة أن الصينيين " إذا ما تحدثوا عن عصابة الأربعة أشار كثير منهم بخمس أصابع ." و لكنه يمضى فى مغالطاته .
و تجنبا للدخول فى صدام مباشر مع الماويين الحقيقيين داخل الحزب و خارجه أعلن التحريفيون ممثلى البرجوازية الجديدة نهاية الثورة الثقافية دون تقديم أي تقييم للجوانب الإيجابية على جميع المستويات وهي بنسبة 70 بالمائة حسب ماو ذاته و دون تحديد الأخطاء التى ينبغى تجنبها وهي بنسبة 30 بالمائة حسب ماو أيضا . و فتح هذا الإجراء الأولي الباب واسعا فى ما بعد فى مرحلة أولى ، أمام بث الشك و الريبة فى أهداف الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و دورها فى التصدى لإعادة تركيز الرأسمالية و صلوحيتها كأداة ووسيلة مواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا تاريخيا صينيا و عالميا وفى مرحلة ثانية ، أمام مراجعة قرارات و مقررات و تقارير المؤتمرين التاسع و العاشر للحزب الشيوعي الصيني و هما مؤتمرين ساد فيهما الخط الشيوعي الماو
و فى خطوة تالية ، رفض التحريفيون الذين أعلنوا سابقا "سوف نؤيدها و سوف نتمسك بها دون تردد" تطبيق التوجيهات و القرارات التى إتخذت فى ظل قيادة ماو سنة 1976 و منها طرد دنك من المناصب العليا للحزب و بالعكس أعادوه إلى قمة السلطة و تخلصوا من الثوريين الماويين بدعوى أن " ماو ذاته صرح فى عدة مناسبات أن بعض تصريحاته لم تكن صحيحة تماما . و لا وجود لإنسان ، كان يقول ، معصوم من الخطإ إلا الذين لا يقومون بأي عمل " كما ورد فى نص الداهية التحريفي دنك سياو بينغ مؤرخ فى 24 ماي 1977 (ص 42 من "نصوص مختارة " لدنك سياو بينغ 1975-19782 ، الطبعة الأولى سنة 1985 ، عن منشورات اللغات الأجنبية ،بيكين ، الطبعة الفرنسية ).
رغم قتل عديد الماويين الحقيقيين و سجنهم ، لم تكف المقاومة الشيئ الذى أملى على التحريفيين اللجوء من ناحية إلى المهاجمة العلنية و الجريئة للكوادر القيادية المعروفة بتبنيها و تطبيقها للخط الشيوعي الماوي و من ناحية ثانية إلى إرجاع الكوادر التحريفية ،أتباع الطريق الرأسمالي الذين تم طردهم خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى . و قد أعلن ذلك دنك سياو بينغ صراحة فى 23 أوت 1977 متحدثا عن الجيش بأنه :" أولا ، يتعلق الأمر ،بداهة بالقيام بتغيير الجماعات القيادية فى مختلف الدرجات و أيضا تغيير الكوادر التى أوصى بها الرفيق ماوتسى تونغ ". ( المصدر السابق ،ص72) . ثم يضيف بالصفحة ذاتها " فبعضهم [الكوادر العسكرية ] التى كانت موجودة قبل طردها من قبل لين بياو و عصابة الأربعة ، يجب إذا إعادتها إلى مواقعها السابقة ".
وضعنا سطرا تحت كلمتي "بداهة " و "إذا" لأنهما جد معبرتين عن الخط الذى يقود دنك سياو بينغ و هواو كوفينغ المناقض كليا للخط البروليتاري الثوري الماوي .ذلك أن تغيير الكوادر القيادية أمسى بديهيا بعد تغير الخط القائد للحزب و المحدد لطبيعته . و بهذا قطع التحريفيون و قطعت البرجوازية الجديدة شوطا جديدا فى تعرية وجوههم الحقيقة علنيا .
و فى 30 مارس 1979 ، قيم دنك نتائج نشاط الخط التحريفي التخريبي فقال : "خلال السنتين و نصف السنة اللتين تلتا سحق هذه العصابة [نقرأ الإنقلاب على الثوريين و تغيير لون الحزب و الدولة ] توصلنا فعليا إلى القضاء على قوتها السياسية المعادية للثورة و إلى تحرير و تقوية الجماعات القيادية فى مختلف المجالات . فى الحزب و فى الحكومة و فى الجيش و سلطة الإدارة هي حاليا ، فى الأساس بين أيدى كوادر تتمتع بثقة الشعب [نقرأ البرجوازية الجديدة ] ، و العمل رجع فيها إلى مساره العادي ."
و على الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى التى أوقفت دون شرح للأسباب و دون تقييم لها ، قاد دنك الهجوم بدهاء منقطع النظير حيث بعد فتح الباب للشك و الريبة فيها كما ذكرنا أعلاه إنتقل إلى الحمل عليها بما أوتي من جهد تحريفي معربا فى مارس 1980 (ص 288 من مختاراته ) :" صحيح أن الرفيق ماو تسى تونغ إرتكب أخطاء فى العشر سنوات من "الثورة الثقافية " ..."
و لئن لم تعد الثورة الثقافية ثورة ثقافية بروليتارية كبرى بإعتبار أن دنك وضعها بين ظفرين ، فإن بعض الأخطاء ستضحى أخطاء خطيرة و ستستحيل الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى كليتها خطأ مريعا فى أعين البرجوازية الجديدة الصينية : " لقد كانت "الثورة الثقافية " فى حقيقة الأمر خطأ مريعا ." ( ص 111 من "ماوتسى تونغ سيرة حياة ...) .
و لم يتوقف الأمرعند هذا الحدّ ، لخلط الأوراق إلى النهاية ،أعلن رمز التحريفية الصينية الجديد عدم صياغة ماو تسى تونغ لفكر ماو تسى تونغ بل إعتبر أن فكر ماو تسى تونغ حصيلة أعمال ماو تسى تونغ و أعداء الماوية أيضاعلى غرار تشو آن لاي و ليو تشاوشى- خروتشوف الصين - و تشو ده و آخرين أيضا لم تذكر أسماؤهم .
ورد فى الحديث الصحفي الذى مر بنا (مع الصحفية الإيطالية ) :
" سؤال : قلتم إن هنالك أشخاص آخرين ساهموا فى تشكيل فكر ماو تسى تونغ . من هم ؟
جواب : إنهم ثوريو الجيل القديم ،مثلا ، الوزير الأول شوآن لاي ، الرفيق ليوتشاوتشى و الرفيق تشو ده و عديد الآخرين أيضا . "
و تنتهى مؤامرة تحطيم الخط الشيوعي الثوري الماوي بالنيل من ماو تسى تونغ على المستوى الشخصي بإتهامه بأنه غير نزيه و متقلب فى مواقفه (ص 292) و بأنه فقد مداركه العقلية !!! إذ نقرأ : "من الصحيح أن الرفيق ماو ، فى نهاية حياته ، لم يعد منطقيا فى تفكيره ."(ص 298) .
-----------------------------------------------------
و قراءة نقدية فاحصة لمقدمة المجلد الخامس من "مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " تبين كذلك تضاد الخط الإشتراكي الماوي و الخط الرأسمالي التحريفي . ففى هذا المجلد المنشور سنة 1977 ، بعد وفاة ماو و الإنقلاب التحريفي بسنة تقريبا، جاء فى التقديم أن ماو تسى تونغ واصل الماركسية-اللينينية و حافظ عليها و طورها فى إطار الصراع الذى خاضه الحزب و الشعب بقيادته للقيام بالثورة و البناء الإشتراكيين و الصراع ضد الخطوط التحريفية التى تظهر لا محالة فى سيرورة الصراع الطبقي تفرزها تناقضات المجتمع الإشتراكي ذاته . و تعدد الخطوط التحريفية كما يلى "كاوكاينغ ، جياو تشوتشى، بنغ تاه هواي ، ليوتشاوتشى ، لين بياو ، وانغ هو نغ وان ، تشانغ شوان كياو ، كيانغ تسنغ ، ياو وان يوان ". (ص5، الطبعة الفرنسية ) .
نلاحظ أن ليوتشاوتشى- الملقب بخروتشوف الصين - و بنغ تاه هواي يعدان تحريفيين فى حين أن دنك سياو بينغ لاحقا (ص 289 من نصوصه المختارة ) قال : " فى الماضى كان يقع الحديث دائما عن عشر صراعات خطية . كيف يجب أن ننظر إليها اليوم ؟
ذلك الذى يخص الرفيق بنغ تاه هواي لا يجب أن يعد ضمنها و الشيئ نفسه بالنسبة لذلك الذى يخص الرفيق ليو تشاو تشى" و يشدد على ذلك " ضمن الصراعات العديدة بين الخطين التى كان يتم الحديث عنها فى الماضي ، هنالك على الأقل إثنان لا يمكن إعتبارهما صراعات خطين و يجب أن نقلب راديكاليا الإستنتاجات المبنية عليهما و أقصد الصراعان الخاصان بليوتشاوتشى ." (ص 305) .
فى مقدمة المجلد الخامس فى فترة حرجة من صراع الشيوعيين الماويين كمعارضة ضد التحريفيين الذين نظموا الإنقلاب و أنجزوه مغيرين لون الحزب و الدولة فى الصين ، إعتبر ماو تسى تونغ أعظم ماركسي-لينيني الستينات و السبعينات و أن لما أضافه للماركسية-اللينينية أهمية لا متناهية لا سيما أثناء الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى .ومتى أمسكت التحريفية بشكل صلب بمقاليد الحكم تغير تقييمها و إتجهت إلى إعتبار كتابات ماو تسى تونغ إلى حد 1957 صحيحة أما التالية فخاطئة و وصمت الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى بأنها خطأ مريعا. وتماشيا مع هذا التقييم التحريفي، ينكث الوعد بنشر كتابات ماو الأخرى (سوف "ننشر الأجزاء الأخرى تباعا" :مقدمة المجلد الخامس ).
---------------------------------------------------------- فى هجومهم المسعور على الخط الشيوعي الماوي إنطلق التحريفيون البرجوازيون الجدد من التقنع براية ماو تسى تونغ ليسقطوها و مرّوا للتشكيك ثم إلى تخطئة ماو تسى تونغ جزئيا وبعد ذلك تخطئته بالأساس فكليا بعد 1957 محطمين الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كأعظم إسهامات ماو تسى تونغ فى علم الثورة البروليتارية العالمية . و إنتهوا تاليا إلى ذرّ الرماد حول حتى مصدر فكر ماو تسى تونغ جاعلين من أعداء الماوية مساهمين فيه و فى آخر المطاف بثوا سم أن ماو تسى تونغ فى آخر حياته فقد مداركه العقلية .
كل هذه الحقائق التى سجلها التاريخ بجلاء ينكرها الدغماتحريفيون الخوجيون فأنور خوجا فى "الإمبريالية و الثورة " و تلاميذه فى كتبهم و"بحوثهم"... و غيرهم م التحريفيين يصرخون بأن دنك سياو بينغ مواصل لسياسات ماو تسى تونغ و خطه الإيديولوجي و السياسي و التنظيمي . إنهم هكذا يلتقون مع دنك سياو بينغ ليس فى تكتيك خلط الأوراق فقط بل فى نقاط إيديولوجية و سياسية و تنظيمية عديدة و غاية جميعهم النيل من الماوية كأعلى قمة بلغها تطور علم الثورة البروليتارية العالمية لأجل تكريس خطهم هم المعادي للشيوعية.
2- خط التعصيرات الأربعة التحريفي يتناقض مع الخط الشيوعي الماوي "القيام بالثورة مع دفع الإنتاج " أو خط المؤتمر الحادي عشر يتناقض مع خط المؤتمرين التاسع و العاشر
كتب دنك سياو بينغ فى 2 نوفمبر 1979 :" فى الوقت الراهن ، تواجه دولتنا مشكلا عويصا . عقب تحديد الخط و المبادئ الصحيحة لصالح التعصيرات الأربعة ، ما يشغل بالنا هو نقص الرجال الأكفاء الذين يستطيعون وضعها موضع التطبيق ".
خط دنك سياو بينغ تكرس علنيا و رسميا (و إن شرع فى تطبيقه منذ إنقلاب 1976) بعد المؤتمر الحادي عشر و الدورة الثالثة للجنة المركزية وهو بكلمات دنك ذاته "خط و مبادئ صحيحة " نقضت طبعا خطا آخر يعتبره خاطئا هو خط المؤتمرين التاسع و العاشر الماويين و الخط الشيوعي الماوي كان قائما بالأساس على أولوية الصراع الطبقي و الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى وسيلة و طريقة لمنع إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين كمهمة مباشرة أما الهدف البعيد المدى فهو فضح التحريفية و تعرية جذورها و تربية الجماهير على التعرف عليها و النضال ضدها و نشر النظرة البروليتارية للعالم و ممارسة دكتاتورية البروليتاريا على كافة الأصعدة للتقدم نحو الشيوعية قدر الإمكان .
و خط دنك مبني على نقيض ذلك أو ما سمي بالتعصيرات الأربعة التى دحضها الماويون كما أشرنا إلى ذلك فى بداية الفصل . فقد كان الخط الشيوعي الماوي الثوري يضع الصراع الطبقي فى المصاف الأول وهو ما يعتبره دنك خطأ مريعا لذلك عوضه بخط التعصيرات الأربعة الذى ينبذ الصراع الطبقي أي الصراع السياسي ضد البرجوازية الجديدة منها و القديمة و يركز على تعصير الإقتصاد على النحو البرجوازي عكس ما مورس فى الصين الماوية بالتعويل على الذات و دفع حركة الجماهير بتعبئتها السياسية و "القيام بالثورة مع دفع الإنتاج " ( مبدأ ماوي رفع و كرس أثناء الثورة الثقافية ) .
يعترف دنك بأن خط التعصيرات الأربعة الذى فرضه التحريفيون بعد الإنقلاب على الثوريين لم يجد من يطبقه ، فى البداية ، فالجماهير داخل الحزب و خارجه شاركت بوجه عام فى حملة نقد دنك سياو بينغ و الإنحراف اليميني فى 1976 و كانت تناصر عموما الخط الثوري الماوي . و يعتبر دنك الخط الذى صاغه "ثورة " وهو بالفعل ثورة مضادة فوصول التحريفية للسلطة يعنى وصول البرجوازية إلى السلطة .
" لقد عين المؤتمر الحادي عشرللحزب [12-18 أوت 1977 ] و المجلس الشعبي الوطني الخامس ، لشعبنا هذا الهدف العظيم : تحقيق التعصيرات الأربعة الإشتراكية [لنقرأ الرأسمالية ] قبل موفى القرن . لذا وجهت اللجنة المركزية للحزب و مجلس الشؤون الخارجية نداء للإسراع فى إنجاز التعصيرات الأربعة و إتخذت جملة من الإجراءات على المستويين السياسي و التنظيمي. و أشارت اللجنة المركزية إلى أن الأمر يتعلق بثورة كبيرة ينبغى أن تضع حدا لحالة التخلف التى عليها إقتصادنا و تقنيتنا و ينبغى أن تعزز دكتاتورية البروليتاريا . و لأن هدفها هو الزيادة المحسوسة للقوى المنتجة ،فإن هذه الثورة ستغير حتما ،على عديد الأصعدة ،علاقات الإنتاج و البنية الفوقية و التصرف فى المؤسسات الصناعية و الفلاحية و طريقة إدارتها من طرف الدولة بصورة تجعلها تتأقلم مع متطلبات إقتصاد عصري كبير . "( ص149 ، التسطير منا) .
دنك سيغير حتى علاقات الإنتاج . و إذا كانت لعقود قبل إنقلاب التحريفيين سنة 1976 إشتراكية فماذا ستصبح بعد" ثورة" دنك سياو بينغ ؟ إنها بالتأكيد لم تمس شيوعية و بما أن الطريق الرأسمالي إنتصر على الطريق الإشتراكي فستمسى بلا ريب رأسمالية و إن تقنعت براية الإشتراكية ثم بالسوق الإشتراكية .
و ندعو الدغماتحريفيين الخوجيين المفضوحين منهم و المتسترين و أضرابهم إلى توجيه نظرهم إلى الواقع ففيه حقيقة الصين و مفادها أن الصين الماوية إشتراكية و صين دنك سياو بينغ صين إعادة تركيز الرأسمالية و نعيدها وجهوا أنظاركم للواقع بجدية إذ "لاوجود للحقيقة المجردة و الحقيقة دائما ملموسة " – لينين .
على أن التحريفيين ، أتباع الطريق الرأسمالي المنتصرين على الطريق الإشتراكي و ممثليه الماويين لم يجدوا الطريق معبدا لوضع خطهم موضع الممارسة بسلام و طمأنينة و لتنفيذ برامجهم البرجوازية الرجعية و المعادية للبروليتاريا و الجماهير الشعبية الكادحة. ولذلك إضطر التحريفيون الصينيون للإعتراف بقوة القوى الثورية الماوية و بذلوا وسعهم فى الضغط عليها بجميع الوسائل و قمعها بالحديد و النار .
و إليكم ما صرح به دنك سياو بينغ فى مناسبات مختلفة حول إستماتة الثوريين الماويين حقا فى المقاومة العنيدة للتحريفية بفضل التنظيرات و الممارسات الماوية فى العقود السابقة و هو ما لم يشهده الإتحاد السوفياتي حين حصلت فيه الردة التحريفية لأن الثورييين فوجؤوا و لم يكونوا يملكون الفهم المتقدم الذى طوره ماو تسى تونغ لا حقا بصدد المجتمع الإشتراكي و الصراع الطبقي فيه و مواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا .
" ما يلفت نظرنا هوأنه لا يزال ثمة العديد من الناس الذين يعارضون الخط السياسي و الإيديولوجي للحزب ، مشاطرين عمليا أفكار لين بياو و الأربعة و يعتبرون السياسة الحالية للجنة المركزية للحزب خطوة إلى الوراء و تحول يميني . إنهم يدافعون عن "الدفاع الثنائي اللا مشروط" و يقولون إنهم أتباع فكر ماو تسى تونغ إلا أنهم فى الحقيقة يبحثون عن الإبقاء بشكل آخر على الأقوال البالية للين بياو والأربعة . غالبيتهم وقعت ترقيتهم خلال الثورة الثقافية ..." ( ص 202 من نصوصه المختارة ، 15 جوان 1979) .
ثم بعد أسطر إستطرد :
" لا نستطيع أن نقلل من قيمة تأثير لين بياو و عصابة الأربعة و لا نرى الأشياء بصورة ساذجة . يجب أن ننظر إلى أبعد و أن نحسن إختيار خلفائنا ما دمنا على قيد الحياة . سنعين الكوادر الجديرة بالثقة و سنجعلهم يعملون طوال بضعة سنوات و سنسهر شخصيا على تكوينهم . من لم نحسن إختيارهم سنعوضهم . فالأمر يتعلق بالمهمة الأكثر أهمية و الأكثر صعوبة و الأكثر إستعجالية على مستوى الخط التنظيمي" (التسطير منا ).
و مواصلا حديثه يسجل بالصفحة الموالية :" طالما أننا ،الرفاق القدماء ، لا زلنا هنا ، هذا المشكل أقل صعوبة فى الحل و لكن إذا لم نتوصل إلى حله ، سيغرق بلدنا فى الفوضى بعد وفاتنا . لا تذهبوا إلى الإعتقاد أن مثل هذه الإمكانية غير واردة فرجال زمرة لين بياو و عصابة الأربعة الذين لا ينضبطون لتوجيهات الحزب موجودون هنا لإحداث الإضطرابات ". إلخ
لقد عبر دنك سياو بينغ من منظور تحريفي برجوازي عن واقع تواصل مقاومة الثوريين الماويين . و حتى الأحداث التاريخية سنة 1989 و غيرها بينت بالمكشوف و حتى قبل موت دنك ذاته تواصل وجود الماويين الثوريين حقا فى الشوارع رافعين راية الثورة البروليتارية و صور ماو تسى تونغ ، فى أحداث ما سمي بربيع بيكين بساحة تيان آن مان و هي أحداث و إن سادتها الشعارات الليبرالية البرجوازية فقد سجلت حضور التعبير الطبقي البروليتاري الشيوعي الماوي .
3- خطان فى فهم السياسة التعليمية :
يذكر جميع من تتبع الصراع الطبقي فى الصين أن التعليم ، بعد الأدب والفن ، كان من أهم المجالات التى تصادمت فيها الرؤى البروليتارية الشيوعية بقيادة ماو تسى تونغ من جهة و الرؤى التحريفية المختلفة و التى تصب فى مصب واحد و ذلك أساسا فى خضم الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و لا سيما فى بدايتها . و من يود تعميق المعرفة بهذا الشأن نحيله على كتاب جان دوبيه "تاريخ الثورة الثقافية البروليتارية فى الصين ..." ،دار الطليعة ،بيروت 1971.
لقد كانت الجامعات و المعاهد المجال الحيوي الذى إنتشرت فيه و بقوة و جماهيرية رؤى الخط الثوري الماوي إذ كان الطلبة عماد من أهم مكونات الحرس الأحمر فى الخطوات الأولى للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و كانت الجامعات ساحة نشيطة للعمل السياسي لكلا الخطين المتصادمين . و إتخذ هذا العمل السياسي شكل الصدام الدموي أحيانا بين الطلبة بفعل خبيث من أتباع الطريق الرأسمالي إستنكره و أدانه الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو تسى تونغ و لم يوضع للصدام حد إلا بتدخل العمال و قيامهم بالدعاية البروليتارية فى صفوف الطلبة وتكريس قيادة البروليتاريا للحركة .
إنطلاق الصراع كان مع نقد التوجهات التعليمية لممثلي أتباع الطريق الرأسمالي فى مجال التعليم . فوجهت سهام النقد للبرامج و أشكال التدريس و تحققت إصلاحات ثورية فى التعليم و تعزز الخط الشيوعي الماوي فى هذا الحقل .
و أتى إنقلاب 1976 فصعدت التحريفية و بالتالي البرجوازية الجديدة للسلطة و أتت معه طبعا سياسة تحريفية برجوازية . مثله مثل جميع الحقول فى عهد دنك و أضرابه شهد هذا القطاع تغييرات لا يمكن إلا وصفها على غرار الرفاق الماويين الصينيين الحقيقيين بأنها خطوة نوعية إلى الوراء . ففى وزارة التربية أجريت تحويرات هامة حسب توجيهات دنك سياو بينغ "الرفاق الذين يوافقون على سياسة اللجنة المركزية [لنقرأ السياسة التحريفية لطغمة دنك ] ليبقوا و الذين ليسوا موافقين عليها فليرحلوا " هذا ما أعرب عنه دنك فى محادثة له مع مسؤولي وزارة التربية فى 19 سبتمبر 1977 (ص 82 من نصوصه المختارة ) ثم أردف قائلا :"يجب إخلاء المعاهد من مجموعات الدعاية العمالية ."
و هكذا فى مرحلة أولى دعى دنك لطرد المعارضين لخطه التحريفي المطبق للطريق الرأسمالي داخل الوزارة و هذا غير غريب منه إذ قام بالشيئ عينه فى كافة المجالات . و طلب سحب العمال من الجامعات و ذلك بهدف القضاء على العمل السياسي و الدعائي البروليتاري فى الجامعات فتلك المجموعات أنشأها الخط الشيوعي الماوي فى الحزب من صفوف الطبقة العاملة و فى ظل قيادة ماو تسى تونغ و "الأربعة " الثوريين تكريسا لدكتاتورية البروليتاريا على الأصعدة كافة . و فى ذلك ضرب أيضا لقيادة الطبقة العاملة للعمل السياسي و الصراع الطبقي و تربية الطبقة العاملة ذاتها على أساس النظرة البروليتارية للعالم من أجل صنع الإنسان الجديد فى خضم النضال الثوري .
هذا من ناحية و من ناحية أخرى ، رمى دنك من وراء ذلك إلى عزل العمال عن الطلبة و الطلبة عن العمال ليتمكن من القضاء على الخط الثوري فى صفوف كليهما و ليعيد هيبة المفكرين و العمل الفكري إلى المواقع التى إفتكها أو إسترجعها االثوريون الماويون و الجماهير خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى جوهريا .
و فى نفس المحادثة المذكورة أعلاه ،يستطرد دنك :
" ستوضع هذه الجامعات تحت إدارة مزدوجة [المقصود بين الحزب و الوزارة ] يكون فيها الدور الأساسي للوزارة :ستأخذ الوزارة بأيديها إدارة بعض المعاهد العليا لتجعل منها مراكزا نموذجية و ستتدخل فى تعيين البرنامج الأسبوعي للدروس و تحديد المدى الأقصى للنشاطات السياسية و حل مشاكل أخرى " (التسطير من وضعنا ) .
بكل بساطة ، لن يساهم الطلبة مثلما فعلوا خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى التسيير و لن يناقشوا مضامين الدروس و لن تكون لهم كلمة فى البرامج التى ستكون فوقية صادرة عن الإدارة و لن يتمكنوا من النشاط السياسي بحرية و لن يكون للنشاط السياسي الأولوية فى التثقيف . ف"كل مشاغل ميدان التعليم ترجع إلى الآتى : تكوين الموهوبين للقيام بالبحوث العلمية " ( ص 84 من نصوص دنك المختارة ، التسطير منا ) خدمة للتعصيرات الأربعة كخط إنقلب على الخط الثوري لمواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا و "القيام بالثورة مع دفع الإنتاج " و الذى كان يحض على نقد البرامج حتى بعد تغييرها و إصلاحها و تشريك الطلبة وهم المعنيون الأولون فى صياغتها و فى العمل السياسي الذى أعطي المكانة الأولى فى النشاطات الجامعية كما فى كافة المجالات الأخرى بغية تعميق الوعي البروليتاري لدى الطلبة و إشراكهم فى مواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا و فى النهاية السعي شيئا فشيئا إلى حل التناقض ، بين العمل الفكري و العمل اليدوي ، بقيادة العمال للجامعات و تحصيلهم العلم منها و ببعث الطلبة للتعلم عبر العمل اليدوي مع العمال و الفلاحين .
فى عهد الصين الثورية البروليتارية الماوية ،غدت الجامعة مفتوحة الأبواب للجميع فصارت عمليا جامعة شعبية تعمل من أجل نشر العلم فى صلب الطلبة و العمال و الفلاحين سعيا لحل التناقض بين العمل الفكري و العمل اليدوي نحو المضي قدما صوب الشيوعية. و فى عهد صين دنك التحريفية البرجوازية فرضت شروط لدخول الجامعة و أعيدت هيبة الفكر المنفصم عن الشعب الكادح . "فى كلمة ، يجب التأكد من السلوك الحسن للمترشحين و قبول الأكثر إمتيازا " (دنك ، ص82 من نصوصه المختارة ) و فعلا " فى أكتوبر 1977 وقع إنتقاء 20 أو 30 بالمائة من الطلبة مباشرة من بين التلامذة المتفوقين فى الثانوي ( شارل بتلهايم "مسائل حول الصين بعد وفاة ماو " ص 43 ، نشر فرنسوا مسبيرو ، باريس 1978) و من الطبيعي أنهم كانوا من أبناء البرجوازية الجديدة ، من أبناء الكوادر المسيرة للحزب و الدولة و هذه ليست سوى سياسة تعليمية إنتقائية كان الثوريون بقيادة ماو تسى تونغ حاربوها و لسنوات طويلة .
فى غضون السنوات العاصفة للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ،تم إبعاد التحريفيين من المسؤولين الجامعيين و "مع العهد الجديد منذ 1977 عاد كثير من المسؤولين التربويين الذين كانوا قد أبعدوا عن مراكزهم فى عهد الثورة الثقافية و أعادوا كثيرا من سياسات للتعليم الجامعي التى كانت سائدة قبل عهد الثورة الثقافية " ( "عالم الفكر" المجلد التاسع ، العدد الأول ، أفريل –ماي –جوان 1988 ، ص 148) . و بينما ألغيت الإمتحانات خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و فتحت الجامعات على مصراعيها أمام جميع الطبقات الشعبية و بخاصة أمام البروليتاريا " أعيدت إمتحانات القبول لدخول الجامعة سنة 1977 التى ألغتها الثورة الثقافية و أصبحت المعيار الوحيد للقبول فى الجامعات " ( نفس المصدر السابق و نفس الصفحة ) .
و عوضا عن تثوير الطلبة عبر ممارستهم الثورة أضحى النظام البرجوازي الصيني يحث على إبعاد الطلبة قدر الإمكان عن العمل السياسي " و قد إنعكست هذه السياسة الجديدة على الطلاب أنفسهم ، فلم يعد الشباب يهتمون بالنشاطات المرتبطة بالإيديولوجيا و أصبحوا يميلون إلى المزيد من الديمقراطية و الإهتمام بالربح المادي بدلا من الصراع الثوري و لم يعد إهتمامهم كثيرا بالتربية السياسية ". ( "عالم الفكر " ص 150 التسطير مضاف ).
إلى ذلك ، يجرى إختيار "الممتازين " و يبعث بهم إلى معاهد و جامعات البلدان الإمبريالية ليتعلموا الطرق و المناهج و العلوم البرجوازية و حتى العلوم السياسية البرجوازية . و هكذا يربون الأجيال البرجوازية التى سترثهم .
لا ريب بعد كل هذا أن من له عيون ليرى و لا يتبع نهج الدغماتحريفيين الخوجيين المفضوحين منهم و المتسترين يلمس لمس اليد التناقض العدائي كأجلى ما يكون بين الخطين : الخط الشيوعي الماوي البروليتاري و خط دنك التحريفي البرجوازي .
4- من أدب فى خدمة الشعب و الثورة إلى أدب فى خدمة التحريفية و بالتالي البرجوازية :
فى "أحاديث فى ندوة الأدب و الفن بينان " و فى "حول الديمقراطية الجديدة " و فى نصوص عديدة أخرى كان ماو تسى تونغ واضحا للغاية فى تحديده لدور الأدب و الفن فى علاقتهما بالنضال الشيوعي و بالشعب . و من أشهر مقولاته :
" كل ثقافة و كل أدب و فن فى عالمنا اليوم يتبع طبقة معينة و خطا سياسيا معينا . و ليس هناك فى الواقع فن من أجل الفن ، أو فن فوق الطبقات ،أو فن مواز للسياسة أو مستقل عنها . و الأدب و الفن البروليتاريان يشكلان جزءا من كل القضية الثورية البروليتارية ، و هما كما قال لينين " ترس و مسمار لولبي " فى كل الماكينة الثورية ". ( ص317 من"مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ).
و "إن أدبنا و فننا يجب أن يستهدفا خدمة الجماهير العريضة من الشعب و فى مقدمتهم العمال و الفلاحون و الجنود ، بحيث يبدعان لأجل العمال و الفلاحين و الجنود و ينتفع بهما العمال و الفلاحون و الجنود . " (المصدر السابق ،ص 318)
و " يجب جعل الأدب و الفن جزءا فعالا من جهازنا الثوري ، ليصبحا سلاحا قويا به نوحد و نثقف شعبنا ،و نهاجم و نحطم العدو ، و نساعد شعبنا ليتمكن من محاربة العدو بقلب واحد و إرادة واحدة . " ( المصدر السابق ،ص 319) .
فى حين كان الإنتاج الأدبي و الفنى فى مجمله و خاصة خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى يخدم البروليتاريا و الشعب و قضية الثورة و فى حين كان الخط الثوري الشيوعي الماوي يهاجم البرجوازية على جبهة الأدب و الفن خصوصا فى بداية تلك الثورة ( لدراسة تفاصيل التثوير الشيوعي الماوي للأدب البروليتاري ، راجعوا "تاريخ الثورة الثقافية البروليتارية فى الصين..." لجان دوبيه و إنجازات أوبيرا بيكين تحت إشراف الرفيقة تشيانغ تشنغ ،زوجة ماو ،و عنصر قيادي من " الأربعة "، و راجعوا كتاب جلبار مورى "من الثورة الثقافية إلى المؤتمر العاشر " بالفرنسية ، نشر سلسلة 10/18 و بصورة خاصة مقال "حول ثورة أوبيرا بيكين " )، نرى أن دنك سياو بينغ على إثر نجاح إنقلابه المضاد للثورة يتنكر كليا للخط الماوي ليفتح الأبواب و النوافذ أمام الأدب و الفن الرجعيين معينا لهما أولا مهمة الإغارة على الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و الخط الثوري عموما و ثانيا جاعلا إياهما يبتعدان عن التعاطي فى السياسة و الصراع الطبقي و مشاغل الطبقة البروليتاري و الشعب الكادح عامة .
" و جرى تسييس الأدب فى المرحلة الأولى بعد وفاة ماو و حتى 1979 بقصد التذكير بجراح الثورة الثقافية ، و أطلق عليه فى هذه المرحلة "أدب الجراح " و مثلت هذه المرحلة قصة "الجروح" للكاتب لن شن و قصة "المهمة المقدسة " للكاتب وانج يانج و قد إستهدفا نقد و تجريح و محاسبة عصابة الأربعة ووصف للمظاهرات التى مجدت ذكرى زها آن لاي [ شوآن لاي ] رئيس الدولة . أما أشهر القصص التى عالجت موضوع "جراح " الثورة الثقافية فقد كانت قصة "معلم الفصل " للكاتب ليو شن ..." ("عالم الفكر " العدد المذكور أعلاه ،ص 148 ) .
رغم تحامل كاتب هذا المقال فى "عالم الفكر " على الماويين الحقيقيين و الخط الشيوعي الثوري المناهض لسياسات دنك ، رغم تحامله عليهم على طول المقال و عرضه فإننا إقتطفنا و نقتطف لا مواقفه و تأويلاته و إنما وقائع و معطيات تاريخية لا غبار عليها موثقة فى مصادر أخرى بلغات مختلفة تؤكد كما ترون مدى التناقض التناحري بين الخط الماوي وخط دنك .
فبصراحة يقوم الأدب و الفن المطبق لنهج دنك "بالدعاية للحكم الجديد على حساب الحكم القديم و لو بطريق غير مباشر كما ظهرت قصص تجرح الحرس الأحمر الثوري ..." و أشهر قصة تكيل التجريح للحرس الأحمر الذى كان ماو ذاته يدفعه للثورة هي قصة شجرة القيقب للكاتب زهنج لي . ( المصدر السابق ،ص 148) .
و المرحلة التى تلت الإنقضاض على جميع إنجازات الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و الخط الماوي الذى قادها سميت ب"مرحلة أدب العبر " حيث "لم يعد التناقض الرئيسي فى المجتمع الصيني هو الصراع الطبقي كما رآه ماوتسى تونغ و لكنه أصبح بين "تزايد متطلبات الشعب المادية و الثقافية فى جانب و بين الإنتاج الإشتراكي المنخفض فى جانب آخر " و أصبحت مجمل التناقضات لا تدخل ضمن منظومة الصراع الطبقي " (ص 148 من "عالم الفكر") .
لقد حدد ماو تسى تونغ التناقض الرئيسي الذى يشق المرحلة الإشتراكية بأكملها كتناقض بين البروليتاريا و البرجوازية و طور نظرية مواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا و "القيام بالثورة مع دفع الإنتاج " و خاض الصراع الطبقي بلا هوادة دافعا قدر المستطاع نحو المضي أبعد ما أمكن صوب الشيوعية التى فيها وحدها ينتفى الصراع الطبقي بإنتفاء الطبقات . و ما نظر له و طبقه دنك نقيض هذا الموقف الماوي الشيوعي حقا .
5- من السعي إلى معالجة التناقض بين الريف و المدينة إلى تعميق هذا التناقض :
شهد القطاع الفلاحي شأنه شأن القطاعات الأخرى التى حللنا و التى سنحلل عدة تغيرات نوعية فى توجه تعامل السلط مع الفلاحين ، ففى 1977،أدخلت تحويرات كثيرة على الأجهزة القيادية المؤثرة فى هذا القطاع و وقع تعويض القياديين الثوريين الماويين حقا بعناصر موالية لطغمة دنك سياو بينغ وهو أمر من مأتاه لا يستغرب .
بدعوى "تقوية تحويل الأجهزة القيادية " (" هونجكي " عدد 6 ، 1977 ، مقال لوانغ شوان ) تم طرد المعارضين الثوريين و قمعهم و تنصيب عناصر غير منتخبة وهي عناصر لا تمثل فى شيئ جماهير الفلاحين و لا مصالحها الحيوية بل تمثل السياسة الفلاحية الجديدة للبرجوازية الجديدة الصينية التى إستولت على السلطة إثر إنقلاب 1976 وهي تطبق التوجه التحريفي تحت قناع الفكر الماوي . إن التحريفيين هنا أيضا يستعملون تكتيك "رفع راية ماو لإسقاطها " فهم فى النهاية ينفون فكره كتحريفيين و لكن كتحريفيين يستغلون هيبته و سمعته بين كوادر الحزب و الجماهير الواسعة لضرب العناصر الثورية الماوية حقا و فعلا .
بصدد السياسة الفلاحية يتميز الخط البرجوازي المنقلب على الخط البروليتاري بالآتي :
1- فرض قواعد عمل على الكمونات (بداية ثم ستحل جميعا ) وهي قواعد منبعها خارج الكمونة حيث أن أعضاء الكمونة لم يعد بإمكامهم صياغة القرار ذلك أن واجبهم صار، عوض المساهمة الفعلية فى كل سيرورات العمل و فى تحديد ضوابطه ، صار الخضوع للأوامر الفوقية التى عليهم أن يطبقوها حتى و إن لم يفهموها أو كانت تتضارب و مصالحهم . و هذا فى الفهم الإقتصادي و السياسي و الإيديولوجي الماركسي –اللينيني –الماوي لعلاقات الإنتاج يعنى فصل الفلاحين عن عملية تسيير الإنتاج و إدارته و التخطيط له مما يحولهم إلى مجرد يد عاملة تخدم مصالح المسيرين المحليين و على نطاق البلاد بأسرها .وعملية الفصل هذه تشكل تحويل طبقة الفلاحين من مالكي وسائل الإنتاج كما كان عليه الحال زمن إشتراكية عهد ماو تسى تونغ ، إلى مجرد منتجي أرباح يمتصها البرجوازيون الجدد الذين هم عمليا مالكي وسائل الإنتاج .
2- مصدر التحويرات التقنية هو أيضا خارجي عن الكمونات و أبعد ما يكون عن المنتجين المباشرين و حاجياتهم الدقيقة التى لم تعد ببساطة تؤخذ بعين النظر .لو أردنا وصف هذه السياسة التحريفية البرجوازية لقلنا إنها لا شعبية و من منظور شيوعي ماوي هي سياسة تضرب التحالف بين العمال و الفلاحين كما نظر له و مارسه الماويون الصينيون أي تبادل متساو بين الريف و المدينة و ليس تحالف إقتطاع من الريف لفائدة المدينة ( بهذا المضمار من اللازم دراسة نقد ماو تسى تونغ للتجربة البروليتارية السوفياتية فى "ماو و بناء الإشتراكية " سلسلة سياسة ، منشورات سوي ، باريس 1975) .
3- فى مرحلة تالية ، حلت الكمونات كشكل لتنظيم العمل و الحياة فى الريف نشأ منذ بدايات التحويل الإشتراكي فى الصين و توطد أثناء الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و جرى الحل بوسائل متنوعة و بالأساس عبر :
أ/ توسيع النشاطات العائلية الموازية للنشاطات الجماعية المشتركة .
ب/ تقليص حجم ثم القضاء على مراكز الصناعات الخفيفة بالكمونات ، هذه الصناعات التى شجع عليها ماو تسى تونغ منذ سياسة "القفزة الكبرى إلى الأمام " وهي مراكز كانت تعمل فى سبيل تلبية الحاجيات المباشرة للكمونة و المنتجين المباشرين . و صار تسيير المراكز بين أيدى التقنيين و غدت التقنية الغريبة عن الكمونات تفرض عليها فرضا وهو شيئ يتنافى على طول الخط مع المبدأ الذى لطالما مارسه ماو تسى تونغ و دعى لتكريسه عمليا ألا وهو مبدأ التعويل على الذات.
إنها سياسة برجوازية (سياسة دنك ) مضادة للثورة حيث هي لا تحل التناقض بين العمل اليدوي و العمل الفكري و بين الريف و المدينة و إنما تعمقه و تضرب فى العمق سيطرة الجماهير على سيرورات عملها فتجعلها فى إغتراب عنها بعبارة لماركس و تضرب إضافة إلى ذلك إمكانية تطوير مبادرة هذه الجماهير الخلاقة صانعة التاريخ . ف"الجماهير هم الأبطال الحقيقيون " و "إن الشعب ،و الشعب وحده ، هو القوة المحركة فى خلق تاريخ العالم " ( ماو تسى تونغ ، مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ ،ص 125) .
فى أتون الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و ضمن الصراع الثوري ضد خط ليوتشاوتشى التحريفي ، كانت الدعاية الشيوعية الماوية تعتبر أن مثل تلك الإجراءات التحريفية لا تثق بالفلاحين بل تخضعهم بالقوة إذ هي تقدم الإنتاج على السيطرة الجماعية على سيرورة العمل المشترك للعاملين أي أنها تقدم تطور قوى الإنتاج على تطور علاقات الإنتاج . و إحدى شعارات الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كان وضع السياسة بمعنى الصراع الطبقي و تطوير علاقات الإنتاج فى المصاف الأول و إختزل الشعار فى " القيام بالثورة مع دفع الإنتاج " .أما طغمة دنك سياو بينغ التحريفية البرجوازية الجديدة فهي تطبق أطروحة ليوتشاوتشى حول أولوية قوى الإنتاج كأطروحة تحريفية وجه لها لينين و ماو سهام نقدهما من منظور بروليتاري.
و كانت الصين فى عهد ماو تسى تونغ تناضل واضعة نصب عينيها تطوير الإشتراكية نحو الشيوعية على النطاق العالمي و الصين فى عهد دنك سياو بينغ تعيد تركيز الرأسمالية و مفاهيم برجوازية فى ما يتصل بالعلم و التقنية وغيرهما . فالتحريفيون يزعمون أن التقنية محايدة و ينكرون من هنا أن تطور التقنية و العلوم مرتبط بعلاقات الإنتاج الطبقية و أن إستعمال مختلف التقنيات ينطوى على تأثيرات طبقية معينة . علاوة على ذلك ينكرون وجود تطور إشتراكي و آخر رأسمالي لقوى الإنتاج و أن التطور الإشتراكي يرتكز على سيطرة العمال على وسائل الإنتاج فى حين أن التطور الرأسمالي لا يعتنى سوى بغاية مراكمة الربح لا أكثر و لا أقل . موقف التحريفيين يتنكر تماما للماوية .
" من المهم ، يقول دنك ، أن نوضح ما هي الرأسمالية . إنها مرحلة أعلى نسبة للإقطاعية . هنالك بعض الأشياء التى لا يمكن نعتها بالرأسمالية . مثلا ، ترجع التكنولوجيا و التصرف فى الإنتاج إلى ميدان العلم ، وهي مفيدة لأي مجتمع و لأي بلد . نحن نتعلم التقنيات و العلوم و التصرف الطليعيين لوضعهم فى خدمة الإشتراكية و كل هذه الأشياء لا تحمل ، فى حد ذاتها ، طابعا طبقيا ". ( نصوصه المختارة، ص 345)
"إشتراكية " دنك تفقد الفلاحين سيطرتهم على وسائل الإنتاج لفائدة التقنيين و تضع الربح فى المصاف الأول على حساب الثورة و تضرب فى العمق مبدأ التعويل على الذات و تنفى الطابع الطبقي للعلم و التقنية و تحطم كليا الكمونات . يا لها من "إشتراكية " مهزلة ! فى الواقع هي إشتراكية إسما و رأسمالية فعلا .
6- من صناعة من أجل العمال إلى عمال من أجل صناعة ما عادوا يملكونها :
بصورة خاصة خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ،كانت المصانع ووحدات الإنتاج تحت قيادة و مبادرة اللجان الثورية التى هي لجان تنتخبها الجماهير العمالية لتسيير العمل داخل وحدات الإنتاج فى ظل مراقبة الجماهير عينها . و كان الحزب الشيوعي الصيني آنذاك بقيادة الشيوعيين الماويين قد شجع و أرسى هذا الشكل الجديد فى تنظيم الإنتاج الإشتراكي الذى إبتدعته الجماهير فى خضم نضالها ضد البيروقراطية و التحريفية إذ أن ذلك الشكل كان يسمح لها لا بالمساهمة النشيطة فى صياغة القرارات و حسب بل و أيضا بتعويض العناصر المنتخبة متى إقتضى الأمر ذلك . و العناصر المنتخبة مسؤولة عن تطبيق البرنامج الذى على أساسه إنتخبت و لما تحيد عنه تقع إزاحتها و يتم تعويضها فورا . إذا كان الشكل الجديد الأوسع ديمقراطية بروليتارية يخول للجماهير المبادرة الخلاقة و يجعلها تتحكم فعلا فى سيرورة عملها أي تحدد علاقات الإنتاج و سيروراته بشكل مغاير لما يحدث فى المجتمعات الرأسمالية من إغتراب فى العمل ، فإنه مع صعود التحريفية و رمزها دنك إلى أعلى مراكز السلطة و بالتالي وصول البرجوازية الجديدة إلى دفة الحكم و تغير لون الحزب و الدولة ، لم يتواصل العمل على تلك الشاكلة حيث حدث تغيير نوعي كخطوة إلى الوراء فى التعامل مع العمال و تعامل العمال مع وسائل الإنتاج . فعوض المشاركة الواسعة للجماهير فى صياغة مصيرها أمسى التحريفيون يسعون إلى وضع تلك المشاركة جانبا لصالح تعزيز وحدة القيادة الفردية و مركزتها فى أيدى الكوادر الممثلة للبرجوازية الجديدة. بعد سنة 1976، شُرع فى" تعزيز دور لجان الحزب فى الميدان الإقتصادي فى حين لم يعد يذكر أي شيئ عن مهام اللجان الثورية " ( شارل بتلهايم، " مسائل حول الصين بعد وفاة ماو "، ص17) .
يقول دنك فى أكتوبر 1978 :
" يؤكد العمال تقاليدهم المجيدة أي : العمل بجهد و النضال بنزاهة و الإحترام التام للإنضباط و القبول عن طواعية بأي نقلة و الإرتباط بالمصنع . سيتجمعون كرجل واحد لضرب بقايا الفكر الكتلوي و الفوضوي ...للأربعة . و من البديهي أن الدولة و المجتمع سيولون أكبر الشرف و أكبر المكافآت للذين يساهمون أكثر ". ( نصوصه المختارة ،ص 50-51)
و هكذا الغاية ليست أو بالأحرى ما عادت تحكم العمال بوسائل الإنتاج و تصرفهم فيها بإعتبار أنهم مالكيها و بإعتبار الأفق الشيوعي المستقبلي و صارت غاية التحريفيين هي جعل العمال يعملون و يعملون و لا يهمهم لا الصراع الطبقي و لا التصرف الفعلي فى وسائل الإنتاج التى هي ملكهم الجماعي إشتراكيا . و ما عاد الوعي الثوري الشيوعي الماوي هو القائد فى دفع الإنتاج (القيام بالثورة مع دفع الإنتاج ) بل غدت المكافآت المالية هي المنهج المعتمد وهو منهج و لا شك رأسمالي تماما .
و مسألة " ضرب بقايا الفكر التكتلي و الفوضوي ...للأربعة " ليست سوى خدعة تحريفية صينية للقضاء على المعارضة الشيوعية الماوية حقا . وهذه الرؤية التحريفية لدنك التى تغلب الوحدة و تنفى الصراع الطبقي لا صلة لها بأفكار ماو تسى تونغ لأن الأخير نظر و مارس عكسها أصلا متشبثا بالمادية الجدلية و مطورا إياها و خاصة لقانونها الجوهري ،التناقض/ وحدة الأضداد الذى هو منبع و مصدر و سبب التطورات و الحركة وهو يتميز بالإطلاقية و الشمولية و العمومية أما الوحدة فعرضية و مؤقتة و نسبية ( ماو تسى تونغ "فى التناقض " و لينين "حول الديالكتيك " ) .
و الوجه الآخر لنظرية دنك التحريفية هو الوجه الذى كنا تعرضنا له سابقا و الذى هو إمتداد لفهم علاقة التناقض بالوحدة فهما برجوازيا غايته ليست تحويل الواقع بل تأبيده ذلك أن التحريفيين يهدفون من كل سياساتهم هذه و الدور الموكول للطبقة العاملة تحقيق الأهداف الإقتصادية المحددة " بالتعصيرات الأربعة " و ليس تحويل علاقات الإنتاج لجعل العمال يسيطرون كل مرة أكثر فأكثر على سيرورة العمل الذى ينجزون .
و التحريفيون عكس الشيوعيين الماويين ، يضعون السياسي برجوازيا فى خدمة الإقتصادي حيث رفعت راديو بيكين فى 27 /11/1977 شعار "أن تخدم السياسة الإقتصاد " ( كتاب بتلهايم المشار إليه أعلاه ) و الحال أنه معروف لدى القاصي و الداني أن ماو تسى تونغ كان دائما قبل الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و أثناءها يضع السياسي بروليتاريا أي الصراع الطبقي و مواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا فى المصاف الأول و كل مصنع ماويا حلبة صراع سياسي طبقي و لزاما على البروليتاريا أن تخوضه بوعي كي تصون دكتاتورية البروليتاريا و تطورها و تتجنب إعادة تركيز الرأسمالية طوال المرحلة الإشتراكية كمرحلة إنتقالية من أسلوب الإنتاج الرأسمالي إلى أسلوب الإنتاج الشيوعي ،خلالها يتصارع بضراوة الطريق الإشتراكي و الطريق الرأسمالي و الإنتصار النهائي لأي منهما لم يحسم ما لم يتم تحقيق الشيوعية عالميا .
و يعلل دنك سياو بينغ و أتباعه التحريفيين دفع العمال نحو العمل و العمل لا غير و تكبيلهم أكثر فأكثر بضوابط عمل تزداد يوما فيوما بأن الضوابط " تعكس القوانين الموضوعية التى تحكم السيرورات المعقدة للإنتاج المعاصر ، الإنتاج على المستوى الضخم " ( المصدر السابق ، ص 18) . و على العمال إذا أن يطيعوا و يعملوا حسب الضوابط الناجمة عن "القوانين الموضوعية " و غالبا ما يقول التحريفيون إنها طبيعية : " و القوانين و الضوابط ، حسب نشرة 14/8/77 لراديو بيكين ، لا يجب أبدا القضاء عليها . مع تطور الإنتاج و التقنيات يجب أن تصبح القوانين و الضوابط أكثر دقة يوما بعد يوم، و على الأشخاص أن يتبعوها حرفيا " !
بالإبقاء على الضوابط و القوانين الرأسمالية نبلغ الشيوعية !!! هذا ما يود دنك أن تعتقده البروليتاريا فى حين أنه أبعد ما يكون عن المهام التاريخية لها فى تحقيق الشيوعية و المجتمع الخالى من الطبقات وهو أبعد ما يكون حتى عن الإشتراكية التى هي مرحلة سابقة تعد الأرضية للشيوعية ، و فيها الهدف هو جعل العمال فعليا يتملكون سيرورات عملهم و نتائجها بصفة جماعية فيحددون البرامج و خطط تحقيقها آخذين بعين الإعتبار فى آن مصالحهم الآنية و الهدف النهائي ألا وهو الشيوعية.
و ما يحيلنا عليه دنك من "أكبر المكافآت " هو نقطة أخرى من السياسة التحريفية تجاه الطبقة العاملة . فكما لم يعد تثوير علاقات الإنتاج هوالمحرك الأساسي للمجتمع الإشتراكي بتعويضه بأولوية تطوير قوى الإنتاج أو برنامج التعصيرات الأربعة ، فإن الوعي الإشتراكي لم يعد ينهض بالدور الذى نهض به خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى . لم يعد الدافع الرئيسي للإنتاج هو الوعي الثوري للجماهير و غدى إستعمال "الدوافع المادية " ( بمعنى الحوافز المالية ) القانون الساري المفعول فى الدورة الإقتصادية الصينية فى ظل حكم البرجوازية الجديدة. أسلوب "أكبر المكافآت " كان قد ألغي أثناء الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى غير أنه أعيد و عمق على أيدى التحريفيين الذين ذهبوا فى توزيع الأجور إلى العمل حتى بالأجر حسب القطعة وهم فى ذلك لا يقفون ، مرة أخرى ، على نقيض من ماو فقط بل كذلك من ماركس ذاته فى "رأس المال" ، الجزء ½ الصفحة 676 :" إن الأجر بالقطعة هو شكل الأجر الأكثر مواتاة للإنتاج الرأسمالي ".
و أضحى الشغل الشاغل للمؤسسات أولا و قبل كل شيئ مزيد الإنتاج و مراكمة الأرباح . و الربح هو المعيار الجديد لنجاح أو فشل المؤسسة و إن أطلق عليه دنك وصف "الربح الإشتراكي " (ضمن السوق الإشتراكي ،لاحقا ) . يؤكد سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني فى 1977 :
" إن الإنتاج فى جميع أنحاء العالم هو الهم الرئيسي لكل مصنع و كل بلد و كل أمة " و هذا طبعا مضاد لما أقره و كرسه الماويون الحقيقيون من وضع الصراع الطبقي فى المصاف الأول يليه الإنتاج ثم البحث العلمي . و لسياسة وضع الربح فى المرتبة الأولى من الأولويات نتائج وخيمة للغاية على الطبقة العاملة ذلك أن إنقساما داخل صفوف الطبقة العاملة ناشئ لا محالة عن التمايزات الكبيرة التى برزت داخل القطاع نفسه و حتى داخل المصنع ذاته و التناقضات بين الريف و المدينة تعمقت بتكاثر المصانع فى المدن و عدم إنشاء أخرى فى الريف لأنها فى البداية ،عند تشغيلها لن تكون مربحة تحريفيا ،هذا مع التذكير بغلق المصانع الصغرى التى أنشأتها الكمونات التى جعلها التحريفيون تندثر هي بدورها .
و عند الحديث عن الربح يُغفل التحريفيون عمدا الكلام عن الفرق بين "ربح المؤسسة " و " الربح الإجتماعي " الذى تمتع بمكانة هامة فى أواخر الستينات و بداية السبعينات . و بوجه خاص فى بداية السبعينات ، تطور ماويا " الربح الإجتماعي " الذى يسمح ، فى حدود معينة ، ب"خسائر مالية " لبعض المؤسسات عندما تكون تلك الخسائر ناجمة عن إجراءات لصالح سكان المنطقة عموما و مثال ذلك قبول تكبد خسائر مالية لمقاومة تلوث البيئة .
و نعود لموضوع الأجور و الإشتراكية وهو موضوع بالغ الدلالة فنؤكد أن ماو تسى تونغ و الشيوعيين الماويين الصينيين من الأنصار المتحمسين للتمسك بمبدأ تقليص الفوارق فى الأجور نحو المساواة بالنظر إلى المستقبل الشيوعي حيث سيقضى بالتمام على الأجر بإعتبار المرور من "كل حسب عمله " إلى " كل حسب حاجياته " . و قد قيم ماو أن النظام الجديد الإشتراكي فى الصين ، فى السبعينات ،و إثر و رغم الجهود المضنية لتثويره ، لا يختلف كثيرا فى مسألة الأجور ،عن النظام الرأسمالي فصرح فى فيفري 1975: " قبل التحرير ، كان تقريبا مماثلا لنظام الرأسمالية . و الآن يطبق بعدُ نظام الأجور ذو الثماني درجات و التوزيع حسب العمل و التبادل عبر النقد [المال] و كل هذا بالكاد يختلف عن المجتمع القديم ". و كان ماو بتصريحه هذا يشير إلى تناقض من تناقضات المجتمع الإشتراكي و يرمى إلى حث الخطى نحو مزيد العمل على تقليص الفروقات فى الأجور إنطلاقا من رفع الأجر الأدنى صعودا لبلوغ مستوى الأجر الأقصى مثلما رسمت و طبقت الخطة الشيوعية الماوية .
على الضفة الأخرى ، يتموقع دنك و أضرابه الذين يرون أن نظام الأجور حسب العمل المبذول مبدأ إشتراكي وجبت صيانته إلى الأبد و من يمس به يعرض نفسه لشتى أنواع الهجمات.و حتى قبل الإنقلاب التحريفي ، عارض دنك سياو بينغ ماو الذى دعى إلى القضاء على نظام الأجور كغاية إستراتيجية بتقليص الفروقات فى مرحلة الإشتراكية ليفسح المجال مستقبلا لتجاوز هذا النظام المولد بإستمرار للرأسمالية . ففى 18 أوت 1975 كتب دنك يقول :
" الإبقاء على مبدأ التوزيع حسب العمل . هذا المبدأ مثل دوما معضلة كبرى فى بناء الإشتراكية . و على الجميع إعمال الفكر فيه ، فى الماضي لم نذهب أبدا إلى ما يسمى " الدوافع المادية " ... و يضيف :" من المهم دراسة نظام الأجور المعقد جدا " . ( "نصوص مختارة " دنك سيو بينغ ، ص 43) .
يعترف هنا دنك بأن المسألة شكلت معضلة كبرى فى الإشتراكية و المقصود طبعا هو أنها كانت محور صراع حاد بين الخط الشيوعي الماوي من جهة و الخط التحريفي البرجوازي من جهة ثانية . وهو يعترف ضمنيا أيضا بأن ماو (فى الماضى و إلى تلك اللحظة 1975 ) حين كان قائدا للخط الثوري للحزب عمل طاقته و قلص الفوارق بين الأجور مرفعا تدريجيا الأجور الدنيا بعد حصر الأجور كافة فى ثماني درجات. و يفيدنا دنك بمعلومة أخرى هي أنه كان حينذاك يدعو فقط إلى إعمال الفكر فى الأمر وهو يستعمل الدوافع المادية بين معقفين مما يدل على إحتراز أو عدم تصريح واضح بمعارضتها و إن كان فى ذلك تشكيك فى السياسة الشيوعية الماوية المتبعة آنذاك .
نظرا لميزان القوى ساعتئذ لم يقدر دنك على مهاجمة سياسات ماو تسى تونغ مباشرة و لعب ورقة التشكيك فى ما كان معمولا به و لما نجح الإنقلاب التحريفي لم يتوانى عن التخلى عن تلك الخطوة ليمضي فى قيادة هجوم سافر علني و يطبق بحماس سياسة الدوافع المادية /الحوافز المالية و كلف من ينظّر للتوجهات التحريفية البرجوازية : " قرأت مقال " تطبيق المبدأ الإشتراكي للتوزيع حسب العمل " المحرر من قبل مكتب الدراسات السياسية للجنة شؤون الدولة .إنه مقال مصاغ بشكل جيد و يبين أن التوزيع حسب العمل طبيعته إشتراكية لا رأسمالية ." ( 28 مارس 1978 ، ص 118 من "نصوص مختارة ") .
و هل يملك العمال إلا الخضوع لما هو ذو طبيعة إشتراكية أي لما هو ملازم للإشتراكية و للقوانين و الضوابط التى سبق نقاشها و المعتبرة قوانينا طبيعية ؟ علاقات الإنتاج والتوجه الذى يروج له دنك رأسمالي و ليس شيوعي . فمنذ زمن حسم ماركس هذه المسألة و بين الموقف الشيوعي إزاءها ففى معرض حديثه عن الحق البرجوازي و الأجور المختلفة و التوزيع المتفاوت ،جاء على لسانه( ماركس) :
" ...فيما يتعلق بتوزيع هذه المواد بين المنتجين بصورة إفرادية ، فإن المبدأ الموجه هو نفس المبدأ الذى يسود فيما يتعلق بتبادل البضائع المتعادلة : فإن قدرا معينا من العمل بشكل ما يبادل لقاء نفس القدر من العمل بشكل آخر .
و هكذا فإن الحق المتساوي يظل هنا ، من حيث المبدا ، الحق البرجوازي ... " (التسطير لماركس ).
و يسترسل بذات الصفحة :" إن الحق المتساوي هو حق غير متساو لقاء عمل غير متساو . فهو لا يقر بأي إمتياز طبقي لأن كل إنسان ليس سوى شغيل كغيره ، و لكنه يقر ضمنا بعدم المساواة فى المواهب الفردية ، و بالتالي فى الكفاءات الإنتاجية بوصفها إمتيازات طبيعية . فهو إذن من حيث المحتوى ، حق قائم على عدم المساواة ،ككل حق . " ( ص 14-15 من "نقد برنامج غوتا " ، دار التقدم ،موسكو ، الطبعة العربية ).
يقول دنك سياو بينغ :" فى الوقت الراهن ، الأجر الأقصى للعامل ، أجر الدرجة الثامنة هو مائة و بعض اليوانس ،سوف يرتفع بتطور الإنتاج مثله فى ذلك مثل أجر أصحاب الدرجات الأخرى . أجر المعلمين منخفض جدا . فى حين أن معلم جيد يجب أن يقوم بعمل ذى قيمة . يجب إذا الرفع من أجره . و أفضل المدرسين ينبغى أن يتحصلوا على معاملة خاصة ." ( "نصوص مختارة " ص 18 ) .
يتعرض دنك لأجر العامل من الدرجة الثامنة فيذكره و لا يقيم إن كان منخفضا و مناسبا أم لا بل يركز حديثه على المدرسين أي على أصحاب العمل الفكري و يشكو حالهم و يوصى بالترفيع فى أجورهم دون أن يربط الترفيع فى الأجر بشروط عكس ما فعل بالنسبة للعمال . و جلي أن دنك، مكرسا سياسة برجوازية ، سيبقى على الفروقات بين الدرجات و سيعمقها و يوسعها حتى فى القطاع الواحد ف" أفضل المدرسين ينبغى أن يتحصلوا على معاملة خاصة ."
و تعزى سياسة دنك تجاه المعلمين لسببين إثنين ،أولهما هو كسب تأييد البرجوازية الصغيرة و توجيه تفكيرها نحو الترقيات و المعاملات الخاصة و ثانيهما هو تكريس النزعة البرجوازية فى تفضيل العمل الفكري على العمل اليدوي و تعميق التناقض بينهما و هذا فى إرتباط طبعا بالأفكار التى عرضنا فى إطار تناولنا للتعليم و" الثورة " البرجوازية المدخلة عليه .
و نواصل مع دنك :" يجب أن نضع موضع التطبيق نظام مراقبة ينبغى أن تكون شديدة و شاملة و مستمرة . و سوف نطبقها فى كافة ميادين النشاط . من الآن فصاعدا ، سيكون تقدم العمال و الموظفين على قاعدة نتائج هذه المراقبة و الذين تنطبق عليهم الشروط الموضوعة سيتمتعون بتقدم و حتى بترقيات أسرع أما الذين ليسوا فى المستوى المطلوب فسيبقون فى الدرجة ذاتها " . ( ص 19) و هذا كلام جلي لا يحتاج منا بيانا .
و من الأهمية بمكان أن نشير هنا إلى تعويض دستور 1976 بدستور آخر ألغى حق العمال فى الإضراب الذى أقرته نضالات الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى طريقة من طرق مقاومة البيروقرااطية و التحريفية و أكد عليه ماو شخصيا عند صياغة دستور 1976 . و أردف هذا الإجراء الرجعي بإقتراح من الجلسة المفتوحة على المجلس الشعبي الوطني تنقيح الفصل 45 من الدستور لإلغاء البند المتعلق بحرية التعبير و العرض العام للأفكار و الدازيباو و النقاش الواسع ( ص 269 من "نصوص مختارة "لدنك سياو بينغ ) و تم للتحريفيين ما أرادوا .
مجمل القول هو أن العاملين فى المصانع و المؤسسات و الكمونات (التى حلوها لاحقا ) لم يعودوا هم المحددين للأجور بما هم المعنيون المباشرون و أصحاب القرار ، و لم يعد بإمكانهم القيام بتقييم ذاتي داخلي للعناصر العاملة ،بل صارت السلطة المركزية هي الفاصلة الناطقة عبر نظام مراقبة فوقي خارج عن نطاق العاملين فى المؤسسات و وحدات الإنتاج . و الأمر نفسه شمل الفلاحين فلم تعد السلطة بأيدى الجماهير التى تشيد الإشتراكية و أعينها مصوّبة نحو الشيوعية وباتت السلطة مركزة فى أيدي التكنوقراطيين و الإداريين و فى النهاية فى يد البرجوازية الجديدة . بالنسبة لمن لا يضع على عينيه نظارات تروتسكية و تحريفية ودغما تحريفية و برجوازية عموما، إنها حقيقة ثورة مضادة ، ردة و قفزة نوعية إلى الوراء مقارنة بعهد الصين الماوية .
7- التنكر للمفاهيم الماوية لمواصلة الصراع الطبقي فى ظل دكتاتورية البروليتاريا :
منذ مدة طويلة و حتى قبل الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى بعدة سنوات ، و قد درس تجربة دكتاتورية البروليتاريا فى الإتحاد السوفياتي ، أوضح ماو تسي تونغ بما لا يدع مجالا لأي لبس أن فى ظل الإشتراكية كمرحلة إنتقالية بين الرأسمالية و الشيوعية ، يستمر وجود الطبقات و تستمر التناقضات الطبقية و يستمر الصراع الطبقي واضعا التناقض الرئيسي الذى يمتد على طول المرحلة الإشتراكية بين البروليتاريا و البرجوازية . ( المجلد الخامس من "مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة ") و خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ، طوّر الرئيس ماو تلك الأطروحات ليصوغ نظرية صراع الخطين داخل الحزب الشيوعي بما هو محور المجتمع الإشتراكي و الدولة الإشتراكية كتعبير مكثف عن الصراع فى جانبه الأهم بين الطبقة التى تعمل من أجل تحقيق الشيوعية و الطبقة التى تعمل من أجل إعادة تركيز الرأسمالية و ذلك لأن الطريق الإشتراكي أو الخط البروليتاري يسعى لبلوغ الشيوعية بينما الطريق الرأسمالي و تعبيرته المركزية داخل الحزب أتباع الطريق الرأسمالي يهدفون إلى إعادة تركيز الرأسمالية .
و فى تحديده للتناقض الرئيسي الذى يشق المجتمع الإشتراكي ، يستنجد دنك سياو بينغ ، بعد الإنقلاب ب "خروتشوف الصين " ، ليوتشاوتشى و مقولته حول التناقض بين القوى المنتجة و علاقات الإنتاج ( ص 193 "نصوص مختارة " ) وهي مقولة تحريفية لطالما حاربها ماو بحكم أنها تقدم الإنتاج على الصراع الطبقي و بالتالي تلحق أفدح الضرر بالثورة ملهية الحزب و الجماهير عن خوض الصراع الطبقي مع دفع الإنتاج (القيام بالثورة مع دفع الإنتاج ) و فاسحة المجال امام إستيلاء البرجوازية الجديدة على أجزاء من السلطة فالسلطة كلها . من منظورهم الطبقي ، لا يرى دنك كما التحريفيون المعاصرون جميعا وجودا لصراع طبقي محتدم فى المجتمع الإشتراكي ينعكس فى صراع خطين داخل الحزب الشيوعي و إنكار هذا الصراع الطبقي يحميهم هم و بقية أتباع الطريق الرأسمالي فى الحزب و الدولة من هجومات الثوريين و الجماهير لإسترداد ما إستولى عليه التحريفيون من سلطة فى المصانع و الكمونات ...و الحزب وهلمجرا و الإعتراف بصراع الخطين و الصراع الطبقي يجعلهم هدفا لهما وهو ما لا يقبلون به أبدا .
فى الصفحة 183 من نصوصه المختارة ، يشكك دنك سياو بينغ فى المفاهيم النظرية الماوية النابعة من تجربة البروليتاريا العالمية و لا سيما فى صراع الطبقات فى المرحلة الإشتراكية و يشكك فى الصفحة 193 فى نظرية "مواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا " و التى لا يوافقها على هدفها المتمثل فى " إفتكاك السلطة من المسؤولين السائرين فى الطريق الرأسمالي " و يعطيها تأويلا آخر تحريفي .
و فى ما يتصل بنظرية صراع الخطين داخل الحزب على وجه الضبط ، فإن دنك راجع فيها تطوير ماو تسى تونغ للماركسية –اللينينية حيث ورد بالصفحة 288 من نصوصه المختارة :
" فى الماضى كان يقع الحديث دائما عن عشر صراعات خطية . كيف يجب أن ننظر إليها اليوم ؟
ذلك الذى يخص الرفيق بنغ تاه هواي لا يجب أن يعد ضمنها و الشيئ نفسه بالنسبة لذلك الذى يخص الرفيق ليو تشاو تشى" و يشدد على ذلك " ضمن الصراعات العديدة بين الخطين التى كان يتم الحديث عنها فى الماضي ، هنالك على الأقل إثنان لا يمكن إعتبارهما صراعات خطين و يجب أن نقلب راديكاليا الإستنتاجات المبنية عليهما و أقصد الصراعان الخاصان بليوتشاوتشى ." (ص 305) .
بتدرج أملاه واقع ميزان القوى و المقاومة الشيوعية الماوية ، فى البداية ينقص دنك سياو بينغ صراعين و لا يعدهما ضمن صراع الخطين ضد التحريفية ثم يرى أن " هنالك على الأقل إثنان لا يمكن إعتبارهما صراعات خطين" و من "على الأقل " يمضى كالعادة من التشكيك إلى الهجوم الصريح ، إلى نهايته المنطقية فيدحض حتى إستعمال مفهوم صراع الخطين داخل الحزب . " ...و لكن (يؤكد دنك بالصفحة 306) حين يتعلق الأمر بصراع داخل الحزب ، يجب نعته حسب طبيعته ، يجب تقديم الخطأ المرتكب كما هو ، يجب تحديد محتواه و يجب ألا يُستعمل بعدُ مبدئيا مفهوم صراع الخطين ..." و فى هذا مثلما فى نقاط أخرى يعانق دنك سياو بينغ التحريفيين السوفيات و الخوجيين المفضوحين منهم و المتسترين .
بهذه المغالطة و هذا التشويه يزرع التحريفيون فى الجماهير فكرة ميتافيزيقية مثالية قوامها عدم إمكانية تحول طبيعة الحزب من حزب ثوري بروليتاري إلى حزب تحريفي برجوازي و من ثمة يرمون إلى غرس فكرة عدم الشك فى القيادات و الثقة فيهم ثقة عمياء مما يخول لأتباع الطريق الرأسمالي ، إن لم يبلغوا أعلى مراكز السلطة بعدُ مزيد الإستيلاء على أجزاء أخرى من السلطة دون مقاومة أو إن بلغوا السلطة و حولوا طبيعة الحزب و الدولة أن يتخفوا وراء قناع مواصلة الطريق المرسوم سابقا قبل أن يرسخوا جذورهم و يعلنوا تحويل الوجهة صراحة و تظل الجماهير مشدوهة لا تحرك ساكنا بينما يجرى القضاء على الثوريين و تصفيتهم هم و على الخط الشيوعي الثوري بشكل سلمي و بسهولة نوعا ما . و يعاد تركيز الرأسمالية و فى الوقت المناسب يصرح بذلك بلا خجل .
8- نقاط إضافية يتناقض فيها خط دنك التحريفي البرجوازي مع الخط الماوي الثوري البروليتاري :
1/ إن الدعاية التى يقوم بها دنك حول علاقة الفلاحة بالصناعة الثقيلة و الصناعة الخفيفة تبث فكرة أن "أولوية تطوير وسائل الإنتاج قانون طبيعي " (لنقرأ رأسمالي / برجوازي ) و تطوير الفلاحة يُنظر إليه بإرتباط أساسا بمساهمته فى مراكمة رأس المال لإنجاز " التعصيرات الأربعة " و الحال أن ماوتسى تونغ و خاصة أثناء الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى حدد الأولويات على النحو التالي : فلاحة – صناعة خفيفة – صناعة ثقيلة على قاعدة مبدأ " الفلاحة هي الأساس و الصناعة هي القائدة " . هدفان متضادان هدف دنك تطوير وسائل الإنتاج أولا و أخيرا خدمة للبرجوازية الجديدة على حساب العمال و الجماهير الكادحة و هدف ماو تطوير علاقات الإنتاج فقوى الإنتاج إنطلاقا من الشعب و تلبية لحاجياته المباشرة و مصالحه الإستراتيجية و الهدف البعيد المدى : الشيوعية .
2/ شدّد ماو على أن تطوير الإقتصاد الإشتراكي يتم بالتعويل على الذات و الإستفادة من المصانع الصغرى و المتوسطة و الكبرى والإستفادة من التكنولوجيا القديمة والتكنولوجيا المعاصرة فى آن و الغاية ضمان الإستقلال و التوازن الإقتصاديين و التخطيط الإشتراكي .فى حين يدفع دنك نحو تطور غير مستقل ، مرتبط بالرساميل الأجنبية و غير متوازن و لا يدخل فى مجال رؤيته سوى التكنولوجيا المعاصرة .
3/ بشأن الحرب ، أعلن ماو أن الجماهير المتسلحة بالوعي السياسي الطبقي و الحاملة للسلاح و ليست الأسلحة هي المحددة و أن إمتلاك أسلحة عصرية لا ينبغى أن يكون على حساب تشويه الإقتصاد أو سببا فى الإرتباط بألف خيط ببلدان إمبريالية . بينما يطبل دنك ككل التحريفيين و البرجوازيين للأسلحة على أنها المحددة فى الحرب.
ماو بنى جيشا شعبيا بأتم معنى الكلمة ، سياسيا و إيديولوجيا و تنظيميا يخدم مصالح و أهداف الطبقة العاملة و الشعب عموما و التحريفيون الصينيون أعادوا البناء على قاعدة برجوازية معيدين الرتب و الدرجات و العلاقات السلطوية داخل صفوف الجيش بل و أخذوا يستوردون حتى البزات العسكرية من بلدان أجنبية .
4/ أمميا ، كان الشيوعيون الماويون الحقيقيون ينهضون بواجباتهم الأممية و يدعون الشعب لمساندة الثورة البروليتارية بتياريها العاملين فى سبيل الثورة الإشتراكية فى البلدان الإمبريالية و الثورة الديمقراطية الجديدة الممهدة للثورة الإشتراكية فى المستعمرات و أشباهها أو فى المستعمرات الجديدة . و المرتدون يدعون الشعوب و الشيوعيين للإستسلام للإمبريالية من خلال نظرية " العوالم الثلاث " التحريفية التى ضمنوها فى دستورهم الجديد وهم أنفسهم يقولون أن "الأربعة " لعنوها لعنا . و يعانق دنك و أضرابه يوغسلافيا و تيتو اللذان فضحهما الماويون عالميا ( "هل يوغسلافيا قطر إشتراكي ؟ " أحد نصوص الجدال العظيم ضد التحريفيين السوفيات ) كما يعانق التحريفيين السوفيات الذين حاربهم الشيوعيون الماويون و لا زالوا يحاربونهم عالميا .
إجمالا نستشف بما لا يدع أدنى ظل من الشك ( إلا بالنسبة للتحريفيين من كافة الأرهاط العاملين بالمثل الشعبي" عنزة و لو طارت " ) أن الصين الماوية إشتراكية و صين دنك رأسمالية . و من واجب الشيوعيين الحقيقيين فرز الأوراق و الدفاع عن الإرث الثوري الماوي كأرقى ما توصلت إليه تجارب دكتاتورية البروليتاريا العالمية إلى يومنا هذا و أن يفضحوا بصرامة التحريفيين جميعهم بلا هوادة .