بقلم: د. رفعت سيد أحمد
* في ظني أن الصفعة التي كالتها واشنطن على وجه المسئوليين في
مصر، في قضية تهريب المتهمين ال17 في قضية منظمات التجسس، أو ما تعارف عليه خطأً
بمنظمات المجتمع المدني الأمريكية، تمثل – وبالأساس- صفعة على وجه الثورة والقضاء
في مصر، ومن ينظر إليها بعيداً عن هذا فهو واهم أو خاطئ!!
ولأن القضية، إهانة، وصفعة؛ لا تليق بثورة أدعينا جميعاً أنها
قد خلصتنا من عهدٍ سابق كان يمارس هذه الصفقات، ويتلقى هكذا (صفعات) بلا أدنى شعور
بالكرامة الوطنية، بل أحياناً كان يعتبرها وساماً على صدره يؤكد ثقة واشنطن به،
فإنه ينبغي لنا أن نهدأ قليلاً بعد أن نمسح مكان (الصفعة) بأيدينا المرتعشة، ثم
نسأل حتى لا تتكرر الصفعات؛ من المسئول؟ حتى إذا عرفنا هذا المسئول قمنا بحسابه أو
عقابه كى لا نفاجأ به مستقبلاً يرتكب نفس الجريمة، في حق شعب قدم أكثر من ألف شهيد
و 12 ألف جريح في ثورة، كان من بين شعاراتها (العزة) و(الكرامة الوطنية)، فجاءت
صفعة هروب جواسيس واشنطن فجراً، لتصدمنا بأن لا العزة قد تحققت ولا الكرامة قد
اكتملت!!
فمن المسئول عن هذه الصفعة!
*دعونا نتحدث وبصراحة ودون ضجيج لن ينتج شيئاً سوى الشعور
بالإهانة والمرارة، ولنقول الآتي:
أولاً:- في تقديرنا أن ثمة مسئولية جنائية مباشرة عن قرار رفع
الحظر عن سفر المتهمين (الجواسيس) الأمريكان، وهو لن يعدو أحد القضاة الكبار أو
ربما وزير العدل، وهذا ينبغي التحقيق معه وفقاً للقانون ولمبادئ الثورة، وعقابه بما
يستحق.
ثانياً:- لكن هذا الجانب من المسئولية يعد في تقديرنا هو الجانب
الأسهل أو الأقل قيمة في مشهد (الصفعات)، أما الجانب الأخطر والأكثر فداحة، فهو
المسئولية السياسية، عن قرار رفع الحظر، وعن التمادي الأمريكي في إهانة مصر والدوس
على كرامة ثورتها بأحذية قوات المارينز الموجودة داخل السفارة في القاهرة ،والتي
صاحبت سيارات المتهمين من باب الطائرة العسكرية التي اخترقت مطار القاهرة دون
تصريح؛ المسئولية السياسية أعلقها في رقبة ثلاث جهات: 1) المجلس العسكري: لأنه
المناط به إدارة شئون البلاد السياسية في المرحلة الانتقالية، من المؤكد أنه هو
الذي وافق على تهريب الأمريكان مقابل المعونة أو رضا واشنطن وتل أبيب، وهذا خطأٌ
بليغ؛ عليه أن يعتذر عنه فوراً وأن يشرح للرأي العام لماذا ارتكب هذه المخالفة
الوطنية الكبرى، بعد أن شحن الناس عبر الإعلام بخطورة هؤلاء الجواسيس على الأمن
القومي المصري، 2) الجهة الثانية التي نحملها المسئولية السياسية، هي جماعة الإخوان
المسلمين وحزبها الذي يعد اليوم مع (السلفيين الوهابيين) هو الحزب الحاكم الحقيقي
لمصر، حيث دأبوا على استقبال كبار المسئوليين الأمريكيين (7 مسئوليين آخرهم جون
ماكين) في مقري مجلس الشعب ومكتب الإرشاد، والإصرار على تطمينهم بأن جماعتهم ستجبر
الرأي العام المصري على استمرار كامب ديفيد والعلاقات الخاصة مع واشنطن، حتى لو
خالفت مصلحة مصر والعرب، مع العناد واحيانا التذاكى مع من ينصحهم بان ما يفعلونه
هو خيانة للثورة.
*إن عدم احترام الإخوان لنداءات الثوار والقوى الوطنية بألا
يلتقوا أو يعقدوا صفقات مع الأمريكان، كان في تقديرنا أحد الأسباب السياسية
المباشرة، لعقد صفقة تهريب المتهمين الجواسيس، وفي هذا السياق نقرأ رسالة الشكر
التي أرسلها جون ماكين إلى الإخوان عقب الإفراج عن المتهمين (انظر موقع صدى البلد)،
فلا داعي للتذاكي علينا أو الفهلوة السياسية والبرلمانية، فالإخوانشركاء فى
المسئولية السياسية في هذه (الصفقة – الصفعة)، 3) أما الجهة الثالثة المسئولة
سياسياً، فهي حكومة الجنزوري، والتي إن كانت تعلم بالصفقة ووافقت عليها فتلك مصيبة،
وإن لم تكن تعلم بها ونُفذت من وراء ظهرها فالمصيبة أعظم، وفي كلتا الحالتين عليها
أن تستقيل فوراً، احتراماً للثورة ولمصر.
الخلاصة، لا ينبغي أن نقصر المحاسبة على الشق الجنائي في هذه
الصفقة والذي يرطن به الجميع الآن، وأن نتخطاه إلى الشق والمسئولية السياسية، حتى
لا يتكرر قول (زياد العليمي) في بورسعيد في الواقعة الشهيرة( موقعة الحمار)، فنترك
المتسبب الحقيقي في هذه الإهانة ونمسك بالمتهم الأقل أهميةً ودوراً، ترى هل نقدر
على الفهم ثم المحاسبة الحقيقية؟ سؤال معلق في رقابنا جميعاً.
e-mail: yafafr@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق