الرفيق شادي الشماوي
مقتطف من العدد 11 من " الماوية : نظرية و ممارسة ": الماوية تدحض الخوجية ومنذ 1979.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
مقدّمة العدد الحادي عشر من " الماوية : نظرية و ممارسة ": الماوية تدحض الخوجية ومنذ 1979.
أنور خوجا يقلب الحقائق التاريخية رأسا على عقب ويقود هجوما دغمائيا تحريفيّا على الماركسية- اللينينية - الماوية .
توفّي ماوتسى تونغ فى 9 سبتمبر 1976. و بعد شهرين ، فى نوفمبر 1976 ، عقد حزب العمل الألباني مؤتمره السابع و جاء فى تقرير اللجنة المركزية ، على لسان أنور خوجا :
" إنّ الإنتصارات التاريخية التى حققها الشعب الصيني فى ثورته و بنائه الإشتراكي العظيمين و إنشاء الصين الشعبية الجديدة و السمعة الكبيرة التى يتمتّع بها فى العالم ، مرتبطة بإسم القائد العظيم ، الرفيق ماو تسى تونغ و تعاليمه و قيادته. و يمثّل عمل هذا الماركسي-اللينيني مساهمة فى إثراء نظرية البروليتاريا و ممارستها. و الشيوعيون و الشعب الأبانيين سيحييان على الدوام ذكرى الرفيق ماو تسى تونغ الذى كان صديقا كبيرا لحزبنا و شعبنا...
لقد مضت ألبانيا و الصين قدما فى دكتاتورية البروليتاريا و فى بناء الإشتراكية اللتين خانهما التحريفيون ، ألبانيا و الصين اللتان ظلّتا وفيتين للماركسية-اللينينية، و دافعتا عنها بتصميم و أعلنتا حربا إيديولوجية ضروسا ضد تحريفية خروتشاف و أتباعه . الشيوعية لم تمت ، على العكس ما كانت تتمنّى البرجوازية، و قد إبتهج الإنتهازيون و التصفويون قبل الأوان".
وفى بيان مشترك لبعثات الأحزاب الماركسية-اللينينية لأمريكا اللاتينية ( بعثة الحزب الشيوعي (الماركسي- اللينيني ) الأرجنتيني ، و بعثة الحزب الشيوعي البوليفي ( الماركسي- اللينيني ) ، و وبعثة الحزب الشيوعي البرازيلي ، و بعثة الحزب الشيوعي الكولمبي ( الماركسي- اللينيني) ، و بعثة الحزب الشيوعي الثوري الشيلي، و بعثة الحزب الشيوعي الماركسي-اللينيني الإكوادوري) الحاضرة فى المؤتمر السابع لحزب العمل الأباني بتيرانا ، ألبانيا ، نوفمبر 1976، نقرأ :
" 8. وجهت البعثات الحاضرة تحيّة عالية و عبّرت عن عمق ألمها لوفاة الرفيق ماو تسى تونغ ، رئيس اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ، و قائد لا جدال فيه للشعب الصيني ، و ماركسي – لينيني عظيم و معلّم كبير للبروليتاريا و الشعوب المضطهَدة فى العالم بأسره. فى ظلّ القيادة الحكيمة للرفيق ماو تسى تونغ و الحزب الشيوعي الصيني ، خاضت البروليتاريا و خاض الشعب الصيني حربا ثورية و إفتكّا السلطة و شيّدا الإشتراكية فى الصين. و هكذا غدت الصين المتخلّفة و الخاضعة للإمبريالية ، بلدا إشتراكيّا معاصرا ،و حصنا حصينا للثورة العالمية.و كذلك فى ظلّ قيادة الرفيق ماو تسى تونغ ، جرت معالجة بطريقة صحيحة لمشكل الهام لكيفية مواصلة الصراع الطبقي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا و الحيلولة دون إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين. لقد رفع الرفيق ماو تسى تونغ بصلابة راية الماركسية- اللينينية و أطلق النضال ضد التحريفية المعاصرة ، مساهما هكذا بحيوية فى إعادة تشكيل الحركة الشيوعية الماركسية- اللينينية العالمية. و ستظلّ مسيرته كمقاتل ثوري و أفكاره التى طوّرت الماركسية- اللينينية حاضرة فى قلوب شعوب و شيوعييى العالم قاطبة و أذهانهم ".
--------
و عقب ذلك بسنتين ، يشنّ أنور خوجا و حزب العمل هجوما مسعورا دغمائيّا تحريفيّا على ماو تسى تونغ ، فى كتاب أعلن عن نشره أواخر ديسمبر 1978 و حمل من العناوين " الإمبريالية و الثورة " . و فيه أفرد خوجا فصلا كاملا لتشويه فكر ماو تسى تونغ معتبرا إيّاه " نظرية معادية للماركسية " و معتبرا أنّ الصين لم تعرف أبدا الإشتراكية و البناء الإشتراكي و أنّ صراع ماو تسى تونغ و الحزب الشيوعي الصيني ضد التحريفية السوفياتية لم يكن نابعا من مواقف صحيحة و مبدئية ماركسية- لينينية وما إلى ذلك من تقليعات دغمائية تحريفية !!!
===
هذه إطلالة أولى على الإنقلاب الخوجي المضاد لعلم الثورة البروليتارية العالمية ، أمّا الإطلالة الثانية فنخرجها لكم كالتالى :
ورد فى خطاب أنور خوجا ، فى 7 جانفي 1964، ضمن كرّاس " عاشت الصداقة الصينية – الألبانية " :
" أبدا لن ينسى الشيوعيون الألبانيون و لن ينسى الشعب الألباني أن إخوتهم الصينيون وقفوا إلى جانبهم فى الأفراح و الأتراح. لن ينسوا المساعدة الكريمة للأخوة الصينيين الذين تقاسموا معاشهم مع شعبنا. أبدا لن ينسوا أنّ الحزب الشيوعي الصيني حافظ دائما على حزب العمل الألباني مثلما يحافظ المرء على أمّ عينه".
---------------------
و فى 30 سبتمبر 1978 ، فى بيان مشترك بين الحزب الشيوعي الكولمبي ( الماركسي- اللينيني) و الحزب الشيوعي الثوري الشيلي و الحزب الشيوعي الماركسي – اللينيني الإكوادوري و حزب الراية الحمراء الفينيزوالي ، هناك تحليل نقدي يبيّن تحريفية " نظرية العوالم الثلاثة " و تناقضها مع تعاليم ماو تسى تونغ و فى النقطة 15 من خاتمة البيان كتبوا:
" تعتبر أحزابنا أنّه ، إزاء إستعمال التحريفيين الصينيين لأعمال ماو تسى تونغ و سمعته للتغطية على مخطّطاتهم لإعادة تركيز الرأسمالية فى الصين و بناء قوّة عظمى جديدة إمبريالية- إشتراكية و مغالطة البروليتاريا و الشعوب بنظريتهم الضارة للغاية ، نظرية " العوالم الثلاثة" ؛ من الواجب الأكيد أن نصون تعاليم ماو تسى تونغ الثورية ، الماركسية- اللينينية . و تثمّن أحزابنا إلى درجة كبيرة مساهمات الرفيق ماو تسى تونغ فى الثورة العالمية."
و بعد نحو السنة من ذلك ، فى أكتوبر 1977 ، صدر بيان عن الحزب الشيوعي الإسباني (الماركسي- اللينيني) و الحزب الشيوعي البرتغالي المعاد تشكيله و الحزب الشيوعي الإيطالي الماركسي- اللينيني و الحزب الشيوعي اليوناني الماركسي- اللينيني و الحزب الشيوعي الأماني الماركسي – اللينيني فيه نقرأ :
" فى الذكرى الأولى لوفاة الرفيق ماو تسى تونغ ، ترفع أحزابنا تحيّة له و تأكّد على أنّ وفاته تمثّل خسارة كبرى للحزب الشيوعي الصيني العظيم و لكافة الحركة الشيوعية العالمية . كان الرفيق ماو تسى تونغ ، القائد العظيم للشعب و الحزب الشيوعي الصيني كذلك قائدا عظيما للبروليتاريا العالمية.تعتبر أحزابنا أن من واجب جميع الماركسيين- اللينينيين الدفاع بصلابة عن التعاليم الثورية للرفيق ماو تسى تونغ- لا سيما منها تلك المتصلة بالصراع ضد التحريفية المعاصرة ،و بالثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و بالصراع ضد الإنتهازيين من كلّ لون- إزاء جميع الذين بنفاق يستعملون إسمه ليشوّهوا تعاليمه و للهجوم عليه بشكل ملتوى."
-----------
إثر وفاة ماو تسى تونغ، أنجزت الطغمة التحريفية الصينية بقيادة دنك سياو بينغ و هواو كوفينغ إنقلابا مضادا للثورة فى الصين فصعدت بذلك البرجوازية الجديدة إلى السلطة و أعيد تركيز الرأسمالية هناك و تحوّلت الصين ماو الإشتراكية إلى صين دنك الرأسمالية و تحوّل الحزب الشيوعي الصيني من حزب بروليتاري إلى حزب برجوازي .
و فى جويلية 1978 ، تنكّرت البرجوازية الجديدة الحاكمة للصين للإتفاقيات مع ألبانيا و أوقفت التعاون الإقتصادي و العسكري معها ، مثلما سبق و أن فعل التحريفيون السوفيات مع الصين الماوية.
و طار عقل أنور خوجا و طفق يخلط الحابل بالنابل و يصبّ جام غضبه على ماو تسى تونغ و يكيل الشتائم و يلصق به و ينسب إليه أفكارا و نظريّات أعدائه ( مثل " نظرية العوالم الثلاثة " لدنك سياو بينغ) و يمرّغ سمعته فى الوحل بعد أن كان يرفعه إلى السماء ، مستعملا فى ذلك جميع الأساليب الإنتهازية و التزوير و الكذب و قلب الحقائق رأسا على عقب بأشكال و طرق قد تتصوّرونها و أخرى قد لا تصوّرونها أصلا و بهجومه ذلك على أرقى ما بلغه علم الثورة البروليتارية العالمية كان يحطّم المبادئ الماركسية- اللينينية و يدافع عن الأفكار التى أثبت تاريخ الحركة الشيوعية العالمية و الصينية أنها خاطئة ، تحريفية. فقدّم خدمة هائلة للبرجوازية العالمية إذ تسبّب فى إنقسامات داخل الحركة الماركسية-اللينينة العالمية إستغلّها الإنتهازيون فى الأحزاب و المنظّمات الماركسية- اللينينية عبر العالم ليرتدّوا و يديروا ظهرهم للثورة البروليتارية العالمية و يخونوا الشيوعية و قضية الطبقة العاملة العالمية.
======
لكن هيهات أن يلزم الشيوعيون الحقيقيون الماويون الصمت إزاء ذلك الهجوم الدغمائي التحريفي! فمنذ السبعينات ،إنبروا يقاتلون الخوجية و بالفعل ألحقوا بها أشدّ الهزائم المريرة عالميّا . و يشهد واقع اليوم بتقدّم مطّرد للماوية طليعة للموجة الجديدة من الثورة البروليتارية العالمية و بتراجع ملموس للخوجية كضرب من ضروب التحريفية و إندحارها فى عديد البلدان إلاّ أنّه عربيّا ، لا زلنا فى حاجة أكيدة إلى مزيد فضح الخوجية و كافة أرهاط التحريفية المهيمنة على الحركة الشيوعية حتّى ستطيع الماوية أن تتبوّأ المقام الذى تستحقه لإيجاد الأسلحة السحرية الثلاثة ( الحزب الشيوعي الماركسي-اللينيني-الماوي و الجبهة الوطنية الديمقراطية و جيش التحرير الشعبي ) و قيادة حرب الشعب لإنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة تمهيدا للثورة الإشتراكية كجزء لا يتجزّأ من الثورة البروليتارية العالمية و غايتها الأسمى تحقيق المجتمع الشيوعي الخالي من كافة ألوان الإستغلال و الإضطهاد القومي و الطبقي و الجندري.
و هذا العدد من " الماوية : نظرية و ممارسة " مساهمة فى النهوض بهذه المهمّة الملحّة على الجبهة النظرية و السياسية.وقد إخترنا له من العناويون " الماوية دحضت الخوجية و منذ 1979" و كانت إضافة "ومنذ 1979" موجّهة ضد محترفي تدليس تاريخ الماوية ، ليس كلزوم ما لا يلزم و إنّما لتبيان أنّ ردّ الفعل الماوي كان سريعا و دقيقا و عميقا منذ عقود الآن ما خوّل للمنظّمات و الأحزاب الماوية أن تنظّم ندوة عالمية فى مطلع الثمانينات ثمّ ندوة ثانية فى 1984 إنتهت إلى تشكيل الحركة الأممية الثورية التى كانت من أهمّ نواتاتها الأولى الأحزاب التى إنبرت لتتصدّى للخوجية بجرأة و صراحة مطلقة الوثائق التى سنعرض عليكم سهاما تصيب كبد الحقيقة الخوجية و ترفع عاليا راية الماوية – حينها فكر ماو تسى تونغ.
و للتاريخ ، تجدرالإشارة بشكل عابر فحسب إلى أنّ الحزب الشيوعي الثوري الأمريكي الذى نشر الوثائق التى نضع بين أيديكم فى مجلته "الثورة " سنة 1979، قد سبق و أن كتب مباشرة بُعيد إعلان الوكالة التليغرافية الألبانية فى 20 ديسمبر 1978 عن صدور "الإمبريالية و الثورة " و عرضها لمضمونه، إفتتاحية العدد الأوّل من المجلّد الرابع من "الثورة " ، جانفي 1979، تحت عنوان " أنور خوجا يفضح الإنتهازية – إنتهازيته " قبل أن ينشر لاحقا سلسلة من التعليقات على "الإمبريالية و الثورة " منها إنتقينا " فى الردّ على الهجوم الدغمائي- التحريفي على فكر ماو تسى تونغ". وهذه الإفتاحية . متوفّرة على الأنترنت فى موقع الموسوعة المناهضة للتحريفية باللغة الأنجليزية :
Encyclopedia of Anti-Revisionism On- Line
---------------------------------------
و فصول مسرحية المرتدّ أنور خوجا و الخوجية بتفاصيها الدقيقة تفضحها وثائق الماويين عبر العالم فى متن هذا العمل . و لأنّ الكتابات الماوية ضد الخوجية كثيرة و عديدة كان علينا أن ننتقي أكثرها رواجا ؛ على حدّ علمنا ، و أهمّها بإعتبار الدور الذى لعبته فى الدفاع عن الماوية و دحض الخوجية، فوقع إختيارنا الذى نرجو أن يكون موفّقا على وثائق أربعة ؛ واحدة من بلد إمبريالي – الولايات المتحدة الأمريكية ، للحزب الشيوعي الثوري الأمريكي و ثلاثة من مستعمرات جديدة الأولى من تركيا – أوروبا و الثانية من الشيلي و الثالثة من سيلان [سيريلانكا]، من أمريكا اللاتينية و من آسيا على التوالي. وهي:
1- بإحترام و حماس ثوريين عميقين، نحيّي القائد الخالد للبروليتاريا الصينية، الرفيق ماو تسى تونغ، فى الذكرى الثالثة لوفاته! – الحزب الشيوعي التركي / الماركسي-اللينيني، جويلية 1979.
2- دفاعا عن فكر ماو تسى تونغ؛ وثيقة تبنّاها مؤتمر إستثنائي للحزب الشيوعي بسيلان إنعقد فى جويلية1979.
(و إضافة إستثنائية: " دحض أنور خوجا" ؛ ن. ساموغاتاسان، الأمين العام للحزب الشيوعي بسيلان - 1980.)
3- " تقييم عمل ماو تسى تونغ"؛ للحزب الشيوعي الثوري الشيلي- جويلية 1979.
4-" فى الردّ على الهجوم الدغمائي - التحريفي على فكر ماو تسى تونغ " بقلم ج. وورنار؛ ماي 1979.
=====================================
5 / الصراع ضد التحريفية الصينية :
من الطبيعي أن الشرط الضروري لتربية الجماهير على هذا الجدال الإيديولوجي هو وجود حزب شيوعي صلب ، مسلح بالماركسية-اللينينية . فدون طليعة تقنع الجماهير و توجهها خلال الصراع ضد الأفكار الخاطئة أو الرجعية ، يوجد خطر أن تنتصر هذه الأفكار الأخيرة و فى الصين ، كانت الطريقة الصحيحة للجدال التى رسمها ماو تسى تونغ و الماركسيون -اللينينيون الصينيون فى طريقها إلى النجاح فى صفوف الشعب لولا مسك التحريفيين بمواقع هامة فى الحزب الشيوعي الصيني .
لم يع ماو تسى تونغ المدى الحقيقي لهذه القوة التحريفية إلى حين تفجر الصراع ضد التحريفية السوفياتية . و يمكن أن يوجه له نقد جدي لأنه لم يتفطن لذلك غير أنه من الواضح أن لا لينين و لا ستالين تنبآ بمدى قوة التحريفية الناشئة فى صفوف الحزب الشيوعي ذاته و التى تهدف إلى تركيز نظام إستغلالي جديد فى شكل رأسمالية الدولة . و يعدّ التطور الإقتصادي الإشتراكي و مركزته بأيدى الدولة و إمكانية التخطيط له ، تعد قاعدة إقتصادية شديدة القوة يستخدمها التيار التحريفي كوسائل لإستغلال الشعب و إضطهاده عبر رأسمالية الدولة . مقارنة بجهود البرجوازية المطاح بها من أجل إعادة تركيز سلطتها و بولادة برجوازية من صلب الملاكين الصغار فإن خطر البرجوازية الجديدة خطر أكبر بكثير .
لقد توقع إنجلز هذا الخطر و فى مقدمته لكتاب ماركس " الحرب الأهلية فى فرنسا " نادى بتعزيز دكتاتورية البروليتاريا بعد الإستيلاء على السلطة لمنع " تحويل الدولة و أجهزتها من خادمة للمجتمع إلى سيدة عليه " و لتبقى "حاجزا فعليا دون التفتيش عن المذاهب و الوصولية " .
و لينين بدوره فى " تقرير عن برنامج الحزب " للمؤتمر الثامن ، حذّر من أن :
" البيروقراطيين القيصريين أخذوا ينتقلون شيئا فشيئا إلى المؤسسات السوفيتية ، حيث ينشرون الروح البيروقراطية ، و هم يتظاهرون بأنهم شيوعيون ، و هم يستحصلون على بطاقات عضوية الحزب الشيوعي فى روسيا لكي يؤمنوا نجاحا أكبر فى الترقى . و هكذا يعودون من الشباك بعد أن طردوا من الباب ." ( صفحة 481 من "المختارات فى 10 أجزاء " المجلد 8 ، دار التقدم ، الطبعة العربية ) .
لكن ما من قائد توقع مدى المشكلة التى لم تعد مشكلة تسلل أعداء للحزب و للدولة بل مشكلة فساد العناصر التى كانت فى الماضى ثورية و التى إعتادت على إمتيازات توفرها لها مواقعها فى السلطة و شرعت فى العمل على توطيد إمتيازاتها و توسيعها على حساب الشعب .
و حاليا ، رغم عدم توصل هذه الصراعات الإيديولوجية و السياسية العظيمة التى شجعها ماو تسى تونغ على النطاق الجماهيري إلى تحطيم أعداء الثورة الذين تسربوا إلى الحزب و الذين نشأوا فى صفوفه و فى أجهزة الدولة الصينية ، فمن مآثرها أنها أجبرت التحريفيين على إماطة اللثام و كشف كافة جوانبهم الرجعية .
و مثلما مرّ بنا وجد ماو تسى تونغ و الماركسيون - اللينينيون الصينيون أنفسهم يواجهون فضلا عن الرجعيين المطاح بهم بفضل الثورة و البرجوازية الوطنية ،التيار التحريفي المنافق الذى كان يخفى أغراضه الدنيئة و الذى كان يسيطر على مواقع هامة فى الحزب و الدولة . و لم يأخذ ماو تسى تونغ حذره من هذا و لم يتوقع الأبعاد الحقيقية ، إلا عندما طفقت تتعرى وجوه التحريفيين الذين سيطروا على الحزب الشيوعي السوفياتي و سلطة الدولة فى الإتحاد السوفياتي ، بعد 1956. و فوق ذلك ، لم تكن المشكلة التى إعترضته حالة صينية منعزلة بقدر ما كانت ظاهرة تحريفية عالمية حقيقية عناصرها متشابكة و متعاونة مثلما سنرى تاليا .
فى البداية صار ممثلو البرجوازية الجديدة معروفين فى الحزب من خلال رؤاهم الرجعية رغم أنهم كانوا يختفون وراء تعليلات كانوا يدعون بها الدفاع عن الثورة . و نجح جلهم فى إخفاء عملهم التكتلي السري لمدة طويلة من الزمن . غايتهم عامة هي التسلل إلى الحزب و أجهزة الحكم و إفسادها و معارضة تطور الإشتراكية فى المدن و فى الأرياف حتى يكرسوا مخططاتهم الخاصة فى إعادة تركيز الرأسمالية و التفتيش عن حلفاء ضمن البرجوازية الوطنية و حتى ضمن رجعيين آخرين أسوأ .
و مثلما أشرنا كان هنالك ، إثر إنتصار الثورة الصينية فى 1949 إختلاف عميق بين ماو تسى تونغ و ليوتشاوتشى ،أحد أهم زعماء التحريفيين [ لقّب لاحقا بخروتشاف الصين ] فيما يتصل بالتناقض الرئيسي بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية . يؤكد ماو تسى تونغ فى ملاحظة مرسلة إلى خلايا الحزب فى 1952 يفند فيها رأي رئيس قسم العمل الجبهوي الموحد التابعة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني و الذى قدم البرجوازية الوطنية على أنها طبقة وسطى ، يؤكد على أن : " إثر الإطاحة بطبقة الإقطاعيين و البرجوازية البيروقراطية ، صار التناقض بين الطبقة العاملة و البرجوازية الوطنية هو التناقض الرئيسي فى الصين .. ." ( مجلد 5، صفحة 80) .
و بعدما صاغ هذا التأكيد فى أكتوبر 1957 ، وجد نفسه مضطرا إلى إعادة صياغته ونقد كون المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي الصيني قدم التناقض الرئيسي على أنه تناقض بين "النظام الإشتراكي المتقدم و قوى الإنتاج الإجتماعية المتخلفة." وشدّد على أن "هذه صيغة غير صحيحة " .
من المعلوم أن ليوتشاوتشى و أتباعه يرغبون فى إيقاف الثورة عند مرحلة الثورة الديمقراطية الجديدة و التخلى عن نظرية الصراع الطبقي ضد البرجوازية معتبرين أن تطور قوى الإنتاج سيفضى إلى الإشتراكية . فى إجتماع المكتب السياسي إنعقد فى 1953 ، كان على ماو تسى تونغ أن يصارع شعارا نشره ليوتشاوتشى و آخرون ، شعار "تركيز نظام الديمقراطية الجديدة " و من ورائه أرادوا معارضة تقدم البناء الإشتراكي .
منذ مطلع الخمسينات، عارض ليو تشاوتشى و جماعته كلمة و فعلا الحركة التعاونية التى من خلالها كان الريف يتقدم نحو الإشتراكية و من الطبيعي أنهم عللوا آراءهم بجمل ظاهريا ماركسية و برروها بالدفاع عن مصالح جماهير الفلاحين و معارضة "الإنزلاق اليسراوي " فى الحركة التعاونية . و بذات الطريقة ، مخفين نواياهم الحقيقية بتعليلات تبدو ظاهريا ماركسية ، عارضوا التقدم السريع لمشركة الصناعة و التجارة و الصناعات الحرفية فى المدن .
و قبل ذلك ، فى ماي 1949 ، أثناء مؤتمر الشباب الأول ، صرّح ليوتشاوتشى أنه من الضروري تطوير الرأسمالية بصورة كبيرة و ان عدد المصانع و الآلات أهم من نظام الملكية . و فى مناسبة أخرى أعرب عن أنه " حين يكون للصين فى المستقبل فائض إنتاج ساعتها سيحين زمن بناء الإشتراكية " .
و على إثر إتمام القضاء فى الأساس على الصناعة و التجارة الخاصين و على الصناعة الحرفية ، فى 1956 ، غير ليوتشاوتشى و جماعته تكتيكهم و شرعوا فى التصريح بأن بهذه التحويلات إنتهى صراع الطبقات فى الصين . و مثلا فى 1957 ، فى ندوة لكوادر الحزب بشنغاي ، شدد على أن" البرجوازية قد تم القضاء عليها بالأساس " و أن الصراع الطبقي فى الصين إنتهى بالأساس " و مع ذلك واصل نشاطاته لتشجيع الرأسمالية فى الريف و المدينة مستعملا كالعادة تعليلات تبدو ظاهريا ماركسية . و فى 1961 ، أشار فيما يتعلق بإقتصاد الفلاحين إلى " إننا لا نخاف أن تخرج الرأسمالية من أيدينا و يجب الإبقاء على السوق الحرة " . و فى السنة الموالية ، أكد فى محادثاته مع كادر فى طريقه إلى الوحدات الأساسية " فى السنوات الماضية لم يكسب الفلاحون من الإقتصاد الجماعي " و تحدث فى خطاب له فى 1963 عن " أنه من الضروري القيام بتراجع كاف فى الصناعة و الفلاحة إلى جانب تركيز الإنتاج العائلي و برامج النشاطات الفردية أكثر فأكثر . " و تبع دنك سياو بينغ هذا التصريح بجملة غدت الآن شهيرة : " طالما إستطعنا رفع الإنتاج يمكننا العودة إلى الإستغلال الفردي . لا يهمّ إن كان القط أسود أم أبيض طالما أنه يصطاد الفئران " .
هذه و غيرها من الموضوعات الرجعية المقنعة بلغو ماركسي إستعملت تعلة " الدفاع عن مصالح الجماهير " و معارضة " الأخطاء اليسارية ". و قد حاربها ماو تسى تونغ و الماركسيون - اللينينيون الصينيون موجهين لها نقدا حادا ضمن خلايا الحزب و هم غير واعين بعد بالنوايا المبيتة التى تدفع المدافعين عنها . و كان مثل هذا النضال مقعدا للغاية بما أن التحريفيين – كما سنرى – يحتلون مواقعا هامة فى الحزب و فى أجهزة الدولة و ضمنوا مساندة بيروقراطية عريضة ضمن المواقع الوسطية فى كل من الحزب و الدولة . و زيادة على ذلك ، كانوا يعتمدون على المساندة السرية للتيار التحريفي الذى ركّز نفسه بمثل تلك الأشكال على النطاق العالمي .
و من جهته إشتغل دنك سياو بينغ نفسه [ قائد تحريفي آخر سيكون على رأس الإنقلاب المضاد للثورة فى 1976 و على رأس الدولة لاحقا ] بخاصة لما بلغ السيطرة على مركز الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني بتسريب أتباعه إلى مراكز هامة فى الحزب و الدولة و بزرع الفساد فى صفوف كوادر الحزب و مختلف مؤسسات الدولة . و فى 1951 ، أحدث نظام حوافز مالية للموظفين و ركّز فى 1955و 1956 عدة أنماط من الحوافز التى تفسد و تشترى ولاء العديد من البيروقراطيين فى مستويات مختلفة . بهذه الطريقة أوجد عدة جوائز لأعمال خاصة يوزعها القياديون و شيد مدارسا خاصة بأبناء الكوادر الذين سيلعبون في ما بعد دورا إستفزازيا رجعيا أثناء الثورة الثقافية البروليتارية الكبر ى. أضف إلى ذلك نظام الإنتقاء غير العادل بالجامعات و الإمتحانات التى تساعد فعليا أبناء البرجوازية و الشرائح الإجتماعية التى إحتكرت الثقافة فى الماضى . و فى المؤسسات الصناعية و التجارية و الفلاحية أعيد تركيز إدارة الفرد الواحد المحاط بالتكنوقراطيين بعيدا عن مراقبة لجنة الحزب و الجماهير كل هذا مع إستعمال واسع لنظام الحوافز المالية كوسيلة لإفساد بعض القطاعات من الجماهير.
و بهذه الوسائل و ما شابه وطدت البرجوازية الجديدة قاعدة مساندتها داخل الحزب و الدولة ( و كذلك ضمن القوات المسلحة ) بعشرات الآلاف من الكوادر المتوسطة المستوى و عزلت الماركسيين - اللينينيين فى الحزب عن الجماهير .
وفى معاضدة منه لهذا العمل التخريبي للحزب ، أعاد ليوتشاوتشى نشر كتابه " كيف تكون شيوعيا جيدا؟ " و وزعه على نطاق واسع . و هو يعول على ما حصل و ما يقام من إفساد للحزب دعى إلى "ربط المصالح الشخصية بمصالح الحزب بصفة مطلقة و غير مشروطة " و أضاف " إن مصالح الحزب فوق كل إعتبار ، هذه هي أهم المبادئ التى توجه فكر جميع الشيوعيين و عملهم ." دون أن يأخذ بعين الإعتبار مبادئ و مصالح البروليتاريا و الشعب التى هي أساس وجود الحزب . و هكذا دافعين الإرتباط بالحزب إرتباطا أعمى ، أعدوا الظروف لمنع من لم يطلهم الفساد من الإنتفاض عندما يشرعون فى إستعماله صراحة كأداة لإعادة تركيز الرأسمالية . و فى نفس الوقت يعلل طرق الفساد بشأن الحياة المادية التى لقيت منهم التشجيع بتعلة أنها "ضرورية لضمان الظروف اللازمة للعمل و التعلم بما يسمح لهم بالقيام بأعمالهم بشكل مريح و يسمح بتحقيق مهام الحزب ".
و ترافق ذلك بدفع الوصوليين للإلتحاق بالحزب حيث صرّح أنه " من غير الضار أن تبحث بعض العناصر عن مساعدة فى الحزب الشيوعي ، إنها أتت بحثا عن حل لمشاكلها " . و من جهة أخرى دافع كتاب ليوتشاوشى عن فكرة أن " ثوريو العهود الأخرى ... يمكن أن يتحولوا ضد الطبقات المستغًلة ليضطهدوها و لكن هذا غير ممكن أبدا فيما يتصل بالثورة البروليتارية و الحزب الشيوعي " . و على هذا النحو ذرّ الغبار فى الأعين حتى لا تلاحظ الخيانة المفتوحة التى كانوا يعدون لها .
أما تقرير دنك سياو بينغ عن تغيير القانون الأساسي للحزب المقدم للمؤتمر الثامن للحزب الشيوعي الصيني على توطئة كاملة تعلن إضمحلال الطبقات الإجتماعية و تدافع عن أن " تجاوز الطرق القديمة لقبول عضوية الحزب غدت ضرورة نظرا إلى أن هذا المفهوم عن " التفريق بين العناصر الإجتماعية " صار فاقدا لمعناه القديم أو يكاد يفقد أي معنى له " .
و فى خطابه فى ندوة الكتاب العامين للجان الحزب للضواحي و البلديات و المناطق المستقلة ، فى جانفى 1957 إنطلق ماو فى نقده للوصولية و الفساد المتفشيين فى الحزب :
" حاليا ، داخل الحزب و خارجه ظهرت مشاكل إيديولوجية تستحق أن نتوفق عندها بصورة خاصة . و إليكم مثالا مشكل ظهر فى صفوفنا نحن . فبعض الكوادر مثلا ، يبحثون عن الشهرة و الإمتيازات و لا يفكرون إلا فى مصالحهم الخاصة . خلال تعديل المعاملات ، برز أن أناسا لم يكونوا راضين عن ترقية بدرجة و لا حتى بترقية بدرجتين ، و ظلوا ينتحبون فى فى بيوتهم. و لعله كانت من اللازم ترقية من ثلاث درجات لإخراجهم منها. و مع ذلك بكاؤهم هو الذى عجل بحل المشكلة : لن نطبق مستقبلا هذا النوع من التعديل فى معاملة الكوادر. و ستظل الأجور بشكل عام متساوية ، أو على الأقصى مع بعض الإختلافات الطفيفة . فى الماضى ، فى حكومة نبلاء الحرب فى بييانغ ، وجد وزير أول يسمى تانغ تشاو يى صار لاحقا رئيس منطقة تشونغتشان من محافظة كوانغتونغ . لئن قبل وزير أول من المجتمع القديم أن يخدم كرئيس منطقة ، فلماذا إذا لا يستطيع وزراؤنا القيام بالشيئ ذاته ؟ فى تقديري ، إن الذين يسعون جاهدين للحصول على علاوات و لا يقبلون إلا بالترقيات و ليس بالعكس لا يساوون بهذا المضمار ذلك الوزير القديم . إنهم لا يسعون للتساوى مع الذين يعيشون حياة بسيطة و يعملون كثيرا و يتمتعون بالقليل و إنما يلهثون وراء الترف و الترقيات و المنصب السامي . الآن قد نمى هذا النوع من التفكير إلى حد كبير داخل حزبنا مما يقتضى إعارة الإنتباه إليه ." ( المجلد 5 ، صفحة 380 ) .
و فى الخطاب عينه ، مع نقده للذين يعارضون سيرورة مشركة الريف ، تناول بالتحليل بعض الفوضى التى حصلت فى صفوف الطلبة و المثقفين فى الصين كصدى لما جدّ فى المجر تحت تأثير هجمات خروتشاف على ستالين .
و مع السماح للغاضبين من صفوف الشعب بالتعبير عن آراءهم جمع ماوتسى تونغ نقدهم المصيب وعبّأ الجماهير و أيقض وعيها فى الصراع ضد الأفكار الرجعية التى عبر عنها الغاضبون . و إعتبر انه من الضروري أن نوفر مجالا ووسائل تعبيرللشرائح الرجعية من البرجوازية الوطنية حتى تتمكن من " إفراغ سمومها" لكي تتوصل الجماهير لمعرفتها و صراعها على أفضل وجه . و بالطبع ليس الهدف سوى النضال الفعلي ضد هذه التوجهات غير الصحية فى المجتمع و إقتلاعها من الجذور . قال :
" يجب خوض صراع ضد التيارات الضارة فى المجتمع ، سواء فى صفوف الحزب أو الشخصيات الديمقراطية أو الطلبة ، تيارات بمعنى الأخطاء التى ليست أخطاء بعض الأشخاص و إنما تلك التى تطورت إلى تيارات يجب إلحاق الهزيمة بها نهائيا . . ."
و أضاف :
" فى دولتنا التى هي دولة دكتاتورية البروليتاريا لا ينبغى أن ندع بالطبع البذور السامة تنتشر دون مراقبة سواء داخل الحزب أو فى المجالات الإيديولوجية أو الأدبية أو الفنية . ينبغى أن نحاول أن نضمن أن الأزهار الماركسية العطرة تحتل الموقع الأساسي و المهيمن. ينبغى ألا نبقى على البذور السامة وما هو غير ماركسي أو مضاد للماركسية فى موقع ثانوي."
و فيما يتصل بالمعادين للثورة فالخط مغاير حيث يشير إلى أنه " ينبغى القضاء على المعادين للثورة . و حيث لم ننته من هذه المهمة مثلما كان متوقعا ، يببغى الإنتهاء منها فى غضون هذه السنة . و لئن بقي ما لم ينجز فى هذا الميدان ، يتعين إتمامه فى السنة المقبلة . " ( المجلد 5 ، صفحة 412) .
و قد وقعت غالبية شرائح البرجوازية الوطنية فى هذا الشرك إذ فكرت أن التسهيلات التى لقيتها للإفصاح عن نقدها دليل على ضعف و تركت المجال الأكاديمي البحت و قامت بهجومات متصلة ضد الحزب و الإشتراكية . فكشف أمر العديد من الذين كانوا يصرحون بقبول الإشتراكية خوفا أمام الجماهير . و نظّم جماهيريا هجوم معاكس مركّز بما أطاح بالتعليلات الرجعية فاضحا إياهم كرجعيين حقيقة .
إتخذ هذا النضال ، فى البداية ، شكل حملة تصحيح ضد البيروقراطية و الإنعزالية و الذاتية منذ مطلع ماي 1957 . و بات طابع الحملة مفتوحا لمساهمة الجماهير مستعملة الدازيباو [ نصوص حائطية ذات حروف كبيرة ] . و سيستغل ماو تسى تونغ دروس التجربة أفضل إستغلال بعد ذلك خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى . كان التحريفيون داخل الحزب يمارسون بحذر و تجنبوا الظهور جميعهم لدفع البرجوازية فى هجومها بما أنهم كانوا يخشون تعريض أنفسهم و كانوا يخططون لإفتكاك الحصن من الداخل . كما كانوا يخشون نقد البيروقراطية الذى نهضت به الجماهير . و مع ذلك تقدمت بعض العناصر بأفكارها الرجعية . ضمن عناصر الحزب الشيوعي و رابطة الشباب الشيوعي، أطل المتذبذبون برؤوسهم أو ذهبت نيّة بعضهم للقيام بذلك .
" تهدف هذه الحركة إلى تقديم توجه سياسي صحيح و رفع المستوى الإيديولوجي و تجاوز نواقص عملنا والتوحد مع الجماهير العريضة و عزل اليمينيين البرجوازيين و كافة العناصر الأخرى المناهضة للإشتراكية و شق صفوفهم. وضمن اليمينيين البرجوازيين الذين نتحدث عنهم هنالك ايضا الذين تسللوا للحزب الشيوعي أو لرابطة الشباب ، و يتخذون موقفا سياسيا مماثلا لموقف اليمينيين خارج الحزب و الرابطة . لقد خانوا قضية البروليتاريا الثورية لشنهم هجومات مسعورة ضد حزبنا . لذلك ينبغى فضحهم بعمق و طردهم من الحزب و الرابطة من أجل تطهير الصفوف " . ( المجلد 5 ، صفحة 515-516).
وبادر ماو تسى تونغ بتنظيم حملة التصحيح بخطاب تلاه قبل أشهر من بدايتها فى ندوات الكوادر فى تسيان و نانكين . فيه أيضا قام بتحذير شديد اللهجة ضد مظاهر الفساد فى الحزب :
" منذ إنتصارنا فى الثورة، تراجعت الإرادة الثورية لدي بعض رفاقنا و بتراجع إندفاعهم الثوري تقلص تفانيهم فى خدمة الشعب قلبا و قالبا و حصل الشيئ نفسه بشأن تحدى الموت الذى تحلّوا به أيام القتال ضد أعدائنا .و فى نفس الوقت نراهم يطالبون بالمواقع و يتباهون بما يتميزون به من مأكل و مشرب و هم يتزاحمون من أجل الأجر و يبحثون عن الشهرة و الكسب . إنها نزعات بصدد النمو ."
و فى أكتوبر 1957 ، فى خطابه أمام الجلسة الثالثة عشر للندوة العليا للدولة ، قال :
" الثورة الإشتراكية أمر جديد بالنسبة لنا جميعا . فى الماضى لم ننجز سوى الثورة الديمقراطية ذات الطابع البرجوازي و التى كانت تهدف إلى القضاء على الملكية الإمبريالية و الملكية الإقطاعية و الملكية الرأسمالية البيروقراطية و مع ذلك لا تطال الملكية الخاصة و لا ملكية الرأسمال الوطني . و إذن نجح العديد من الناس فى إختبار الثورة الديمقراطية .. بعضهم كان قليل الحماس للذهاب بهذه الثورة إلى نهايتها و بالرغم عنهم تجاوزوا الإمتحان . و أراد آخرون الذهاب بها إلى نهايتها و فعلوا. و اليوم المنعرج هو الثورة الإشتراكية هو الذى ينبغى تجاوزه و يجد البعض من الصعب القيام بذلك. و لنأخذ مثلا، حال عضو حزب فى هوباي كان فى السابق أجيرا فلاحيا . إنه من عائلة إضطرت على التسول طوال ثلاثة أجيال . عند التحرير تحرر و حتى حصل على نوع من الرفاه و صار كادر منطقة و مع ذلك ، كان يبدو غاضبا للغاية ضد الإشتراكية و كان لا يوافق بقوة على التعاونيات . كان يطالب ب"الحرية " و يعارض سياسة الشراء و البيع الموحدين للدولة " ( المجلد 5 ، صفحة 543 ) .
و بعدُ لم يدرك ماو تسى تونغ عمق تغلغل هذا الفساد الذى أفرزته البرجوازية الجديدة التى نشأت من عدد كبير من الكوادر الوسطى و لم يدرك أيضا عمق رجعية طبيعة الخروتشافيين الصينيين. و فى خطاب له فى جانفى 1957 وقعت الإشارة إليه سابقا، واصل تأويل الرؤى الرجعية المموهة التى صاغها التحريفيون فى المناصب العليا أو أتباعهم الأقل درجة ، كأخطاء تذبذب. و أشار مثلا إلى أن : " غالبية كوادر حزبنا مستائين من المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي و يرون أنه ذهب بعيدا فى الهجوم على ستالين . وهذا إحساس و رد فعل طبيعيين غير أن أقلية من الكوادر أخذت تتذبذب. كلما أعلن عن إعصار قادم ، قبل هطول المطر، غادرت الحشرات جحورها فأنوفها حساسة للغاية و لها معرفة بأحوال الطقس . عندما إندلع إعصار فى المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي ، وجدت كذلك فى الصين حشرات غادرت جحورها . إنها عناصر حزبية مترددة تتذبذب أمام أدنى حدث . عندما سمعت عن حملة التنديد بستالين، شعرت براحة و إنحرفت إلى الجهة الأخرى . و أطلقت صراخا تحية لخروتشاف الذى إعتبرته على حق على طول الخط و أنها كانت دائما تحمل تلك الآراء ." ( المجلد 5 ، صفحة 384) . و يسترسل بعد أسطر ليقول :
" شهد بعض أعضاء حزبنا فى الماضي أنواعا مختلفة من الإختبارات. و لكن من الصعب عليهم إجتياز إختبار الإشتراكية ...و إلى جانب أولئك وجد فى الحزب أناس عارضوا احركة التعاونيات الفلاحية . و بإختصار هنالك بعض الكوادر العليا فى الحزب غير قادرة على إجتياز إختبار الإشتراكية و هم مترددون ." ( المجلد 5 ، صفحة 385) .
من البديهي أن ماو تسى تونغ إلى حينها لم يدرك المصالح الرجعية ( و الروابط السرية ) التى وجدت بين هؤلاء الكوادر فى المناصب العليا للحزب الشيوعي الصيني المترددة و خروتشاف و أتباعه فى الإتحاد السوفياتي و بلدان أخرى أين وقعت خيانة الإشتراكية و الذين سبق و أن تمكنوا من مغالطة ستالين بشأن مراميهم الحقيقية.
على كل حال ، بالضبط إثر إنطلاق حملة التصحيح فى 1957 إتخذت الكثير من الإجراءات الهادفة لمحاربة البيروقراطية فى الحزب و الدولة و مختلف أنواع المؤسسات .و فى ملاحظاته أمام الدورة العامة الثانية للجنة المركزية الثامنة ، شدد ماو تسى تونغ على أن " هنالك مئات الآلاف من الكوادر فى مستوى لجان الحزب بالمناطق يمسكون مصير البلاد بأيديهم . إذا فشلوا فى إنجاز عمل جيد ، عزلوا أنفسهم عن الجماهير و إذا لم يعيشوا عيشة بسيطة و لم يعملوا بجهد ، سيكون للعمال و الفلاحين عذر شرعي فى عدم الموافقة على الإبقاء عليهم . يجب أن نراقب العمل خشية تشجيع طريقة العمل البيروقراطية والتطور بإتجاه التحول إلى شريحة أرستقراطية معزولة عن الشعب . و سيكون للجماهير عذر شرعي فى إبعاد كل من يمارس البيروقراطية من العمل و كذلك كل من لا يقوم بجهود و لا يحاول أبدا أن يقدم تعويضات . أقول إنه من الأفضل الإستغناء عن مثل هؤلاء و يجب أن يتمّ الإستغناء عنهم . "
بعد ذلك ، ملخصا آراء الجماهير فى حملة التصحيح ، قال إنه من المتأكد أن على الكوادر القيادية ( بما فيها كوادر الحزب الشيوعي و الإتحادات و الإدارة و رابطة الشباب الشيوعي ) أن تساهم بإستمرار فى العمل اليدوي و ينبغى أن تتحد مع العمال فى حياتها اليومية و أن تتخلص بتصميم من الإمتيازات التى تفصلها عن الجماهير . نحتاج إلى جهود كبرى لتقليص و تبسيط خارطة العمل التنظيمية و تقليص عدد العاملين فى تنظيمات الحزب و الإدارة و النقابات و كذلك العاملين بالمؤسسات غير الضروريين و غير المنتجين . ينبغى أن نعير الإنتباه إلى تعويد الكوادر على المساهمة فى الإنتاج لوقت جزئي أو كامل. و ينبغى بذل جهود خاصة لإيجاد روابط وثيقة بين التقنيين و عمال الإدارة من جهة والعمال من جهة ثانية. و ينبغى مراجعة و تحطيم الحواجز التى تقف فى طريق الإنتاج و تعرقل مبادرة العمال . و طريقة جيدة لدفع العمال و الموظفين نحو العمل الإداري و لمحاربة البيروقراطية هي إجتماعات العمال بقيادة لجنة الحزب.
و بعد تلخيص هذه المرحلة التجريبية، يتعين إستعمال هذه الطريقة إستعمالا شاملا فى حملة التصحيح الراهنة و تعميمها على كافة البلاد . وفق توجيهات اللجنة المركزية، لإجتماعات العمال المهام و الصلوحيات التالية :
1- معالجة ونقاش تقرير عمل المعمل الذى يقدمه المدير و معالجة و نقاش خطة إنتاج المعمل المالية و التكنولوجية و العمل و الأجور و كذلك أهم الإجراءات لأجل تحقيق الخطة و تقديم الإقتراحات .
2- معالجة و نقاش إستعمال الحوافز المالية و الصحة العمومية و الرعاية الطبية و مالية الإتحاد و المالية تحت تصرف الإدارة لحماية العمل و كذلك مصاريف أخرى من أجل صحة العمال. بشأن هذه المسائل يمكن للقرارات أن تتخذ و تقدم لإدارة المؤسسة أو قطاعات معينة أخرى لتطبق طالما لم تتناقض مع مقررات و توجيهات خلايا المستوى الأعلى.
3- إقتراح تحويل الكوادر القيادية للمؤسسة نحو الخلية الإدارية التالية الأعلى عند الضرورة .
4- تقديم مقترحات إلى الخلية الأعلى حين لا يوافق إجتماع العمال على قراراتها . "
ويؤكد القرار على أن الإستعمال الشامل للدازيباو ضروري حتى يتمكن العمال و الموظفون من التعبير عن آراءهم . فمثل هذه المعلقات الحائطية ذات الحروف الكبيرة بشكلها البسيط و طريقتها الجميلة جيدة للغاية لتعبئة الجماهير إنهم جادون وواضحون فى نقدهم لأخطاء القياديين و أخطاء العمال ذاتهم و فى تقديم المقترحات لعقلنة العمل . و الدازيباو يمكن أن تتحول تدريجيا إلى وسيلة إتصال قارة هامة بواسطتها يمكن للنقد و النقد الذاتي أن ينتشر عبر المعامل و الدواوين و المعاهد.
مثّل هذا التوجيه نفسا جادا ضد الأرضية التى تغذى التحريفيين فى الحزب و فى الدولة و دفعا عميقا للجماهير و بثّ الخوف فى البيروقراطية الإنتهازية و قادتها الذين يعرقلونها بكل الأشكال الممكنة. فى الأعمال الجديدة لهنش ، فى 1958 إستخدم العمال مليون معلقة كبيرة /دازيباو و أحدثوا 360 ألف تجديد تقني و مع ذلك فإن هذه الإجراءات المعادية للبيروقراطية لن تستعمل بفعالية إلا إبان فترة نهوض الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى.
مقتطف من العدد 11 من " الماوية : نظرية و ممارسة ": الماوية تدحض الخوجية ومنذ 1979.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
مقدّمة العدد الحادي عشر من " الماوية : نظرية و ممارسة ": الماوية تدحض الخوجية ومنذ 1979.
أنور خوجا يقلب الحقائق التاريخية رأسا على عقب ويقود هجوما دغمائيا تحريفيّا على الماركسية- اللينينية - الماوية .
توفّي ماوتسى تونغ فى 9 سبتمبر 1976. و بعد شهرين ، فى نوفمبر 1976 ، عقد حزب العمل الألباني مؤتمره السابع و جاء فى تقرير اللجنة المركزية ، على لسان أنور خوجا :
" إنّ الإنتصارات التاريخية التى حققها الشعب الصيني فى ثورته و بنائه الإشتراكي العظيمين و إنشاء الصين الشعبية الجديدة و السمعة الكبيرة التى يتمتّع بها فى العالم ، مرتبطة بإسم القائد العظيم ، الرفيق ماو تسى تونغ و تعاليمه و قيادته. و يمثّل عمل هذا الماركسي-اللينيني مساهمة فى إثراء نظرية البروليتاريا و ممارستها. و الشيوعيون و الشعب الأبانيين سيحييان على الدوام ذكرى الرفيق ماو تسى تونغ الذى كان صديقا كبيرا لحزبنا و شعبنا...
لقد مضت ألبانيا و الصين قدما فى دكتاتورية البروليتاريا و فى بناء الإشتراكية اللتين خانهما التحريفيون ، ألبانيا و الصين اللتان ظلّتا وفيتين للماركسية-اللينينية، و دافعتا عنها بتصميم و أعلنتا حربا إيديولوجية ضروسا ضد تحريفية خروتشاف و أتباعه . الشيوعية لم تمت ، على العكس ما كانت تتمنّى البرجوازية، و قد إبتهج الإنتهازيون و التصفويون قبل الأوان".
وفى بيان مشترك لبعثات الأحزاب الماركسية-اللينينية لأمريكا اللاتينية ( بعثة الحزب الشيوعي (الماركسي- اللينيني ) الأرجنتيني ، و بعثة الحزب الشيوعي البوليفي ( الماركسي- اللينيني ) ، و وبعثة الحزب الشيوعي البرازيلي ، و بعثة الحزب الشيوعي الكولمبي ( الماركسي- اللينيني) ، و بعثة الحزب الشيوعي الثوري الشيلي، و بعثة الحزب الشيوعي الماركسي-اللينيني الإكوادوري) الحاضرة فى المؤتمر السابع لحزب العمل الأباني بتيرانا ، ألبانيا ، نوفمبر 1976، نقرأ :
" 8. وجهت البعثات الحاضرة تحيّة عالية و عبّرت عن عمق ألمها لوفاة الرفيق ماو تسى تونغ ، رئيس اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ، و قائد لا جدال فيه للشعب الصيني ، و ماركسي – لينيني عظيم و معلّم كبير للبروليتاريا و الشعوب المضطهَدة فى العالم بأسره. فى ظلّ القيادة الحكيمة للرفيق ماو تسى تونغ و الحزب الشيوعي الصيني ، خاضت البروليتاريا و خاض الشعب الصيني حربا ثورية و إفتكّا السلطة و شيّدا الإشتراكية فى الصين. و هكذا غدت الصين المتخلّفة و الخاضعة للإمبريالية ، بلدا إشتراكيّا معاصرا ،و حصنا حصينا للثورة العالمية.و كذلك فى ظلّ قيادة الرفيق ماو تسى تونغ ، جرت معالجة بطريقة صحيحة لمشكل الهام لكيفية مواصلة الصراع الطبقي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا و الحيلولة دون إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين. لقد رفع الرفيق ماو تسى تونغ بصلابة راية الماركسية- اللينينية و أطلق النضال ضد التحريفية المعاصرة ، مساهما هكذا بحيوية فى إعادة تشكيل الحركة الشيوعية الماركسية- اللينينية العالمية. و ستظلّ مسيرته كمقاتل ثوري و أفكاره التى طوّرت الماركسية- اللينينية حاضرة فى قلوب شعوب و شيوعييى العالم قاطبة و أذهانهم ".
--------
و عقب ذلك بسنتين ، يشنّ أنور خوجا و حزب العمل هجوما مسعورا دغمائيّا تحريفيّا على ماو تسى تونغ ، فى كتاب أعلن عن نشره أواخر ديسمبر 1978 و حمل من العناوين " الإمبريالية و الثورة " . و فيه أفرد خوجا فصلا كاملا لتشويه فكر ماو تسى تونغ معتبرا إيّاه " نظرية معادية للماركسية " و معتبرا أنّ الصين لم تعرف أبدا الإشتراكية و البناء الإشتراكي و أنّ صراع ماو تسى تونغ و الحزب الشيوعي الصيني ضد التحريفية السوفياتية لم يكن نابعا من مواقف صحيحة و مبدئية ماركسية- لينينية وما إلى ذلك من تقليعات دغمائية تحريفية !!!
===
هذه إطلالة أولى على الإنقلاب الخوجي المضاد لعلم الثورة البروليتارية العالمية ، أمّا الإطلالة الثانية فنخرجها لكم كالتالى :
ورد فى خطاب أنور خوجا ، فى 7 جانفي 1964، ضمن كرّاس " عاشت الصداقة الصينية – الألبانية " :
" أبدا لن ينسى الشيوعيون الألبانيون و لن ينسى الشعب الألباني أن إخوتهم الصينيون وقفوا إلى جانبهم فى الأفراح و الأتراح. لن ينسوا المساعدة الكريمة للأخوة الصينيين الذين تقاسموا معاشهم مع شعبنا. أبدا لن ينسوا أنّ الحزب الشيوعي الصيني حافظ دائما على حزب العمل الألباني مثلما يحافظ المرء على أمّ عينه".
---------------------
و فى 30 سبتمبر 1978 ، فى بيان مشترك بين الحزب الشيوعي الكولمبي ( الماركسي- اللينيني) و الحزب الشيوعي الثوري الشيلي و الحزب الشيوعي الماركسي – اللينيني الإكوادوري و حزب الراية الحمراء الفينيزوالي ، هناك تحليل نقدي يبيّن تحريفية " نظرية العوالم الثلاثة " و تناقضها مع تعاليم ماو تسى تونغ و فى النقطة 15 من خاتمة البيان كتبوا:
" تعتبر أحزابنا أنّه ، إزاء إستعمال التحريفيين الصينيين لأعمال ماو تسى تونغ و سمعته للتغطية على مخطّطاتهم لإعادة تركيز الرأسمالية فى الصين و بناء قوّة عظمى جديدة إمبريالية- إشتراكية و مغالطة البروليتاريا و الشعوب بنظريتهم الضارة للغاية ، نظرية " العوالم الثلاثة" ؛ من الواجب الأكيد أن نصون تعاليم ماو تسى تونغ الثورية ، الماركسية- اللينينية . و تثمّن أحزابنا إلى درجة كبيرة مساهمات الرفيق ماو تسى تونغ فى الثورة العالمية."
و بعد نحو السنة من ذلك ، فى أكتوبر 1977 ، صدر بيان عن الحزب الشيوعي الإسباني (الماركسي- اللينيني) و الحزب الشيوعي البرتغالي المعاد تشكيله و الحزب الشيوعي الإيطالي الماركسي- اللينيني و الحزب الشيوعي اليوناني الماركسي- اللينيني و الحزب الشيوعي الأماني الماركسي – اللينيني فيه نقرأ :
" فى الذكرى الأولى لوفاة الرفيق ماو تسى تونغ ، ترفع أحزابنا تحيّة له و تأكّد على أنّ وفاته تمثّل خسارة كبرى للحزب الشيوعي الصيني العظيم و لكافة الحركة الشيوعية العالمية . كان الرفيق ماو تسى تونغ ، القائد العظيم للشعب و الحزب الشيوعي الصيني كذلك قائدا عظيما للبروليتاريا العالمية.تعتبر أحزابنا أن من واجب جميع الماركسيين- اللينينيين الدفاع بصلابة عن التعاليم الثورية للرفيق ماو تسى تونغ- لا سيما منها تلك المتصلة بالصراع ضد التحريفية المعاصرة ،و بالثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و بالصراع ضد الإنتهازيين من كلّ لون- إزاء جميع الذين بنفاق يستعملون إسمه ليشوّهوا تعاليمه و للهجوم عليه بشكل ملتوى."
-----------
إثر وفاة ماو تسى تونغ، أنجزت الطغمة التحريفية الصينية بقيادة دنك سياو بينغ و هواو كوفينغ إنقلابا مضادا للثورة فى الصين فصعدت بذلك البرجوازية الجديدة إلى السلطة و أعيد تركيز الرأسمالية هناك و تحوّلت الصين ماو الإشتراكية إلى صين دنك الرأسمالية و تحوّل الحزب الشيوعي الصيني من حزب بروليتاري إلى حزب برجوازي .
و فى جويلية 1978 ، تنكّرت البرجوازية الجديدة الحاكمة للصين للإتفاقيات مع ألبانيا و أوقفت التعاون الإقتصادي و العسكري معها ، مثلما سبق و أن فعل التحريفيون السوفيات مع الصين الماوية.
و طار عقل أنور خوجا و طفق يخلط الحابل بالنابل و يصبّ جام غضبه على ماو تسى تونغ و يكيل الشتائم و يلصق به و ينسب إليه أفكارا و نظريّات أعدائه ( مثل " نظرية العوالم الثلاثة " لدنك سياو بينغ) و يمرّغ سمعته فى الوحل بعد أن كان يرفعه إلى السماء ، مستعملا فى ذلك جميع الأساليب الإنتهازية و التزوير و الكذب و قلب الحقائق رأسا على عقب بأشكال و طرق قد تتصوّرونها و أخرى قد لا تصوّرونها أصلا و بهجومه ذلك على أرقى ما بلغه علم الثورة البروليتارية العالمية كان يحطّم المبادئ الماركسية- اللينينية و يدافع عن الأفكار التى أثبت تاريخ الحركة الشيوعية العالمية و الصينية أنها خاطئة ، تحريفية. فقدّم خدمة هائلة للبرجوازية العالمية إذ تسبّب فى إنقسامات داخل الحركة الماركسية-اللينينة العالمية إستغلّها الإنتهازيون فى الأحزاب و المنظّمات الماركسية- اللينينية عبر العالم ليرتدّوا و يديروا ظهرهم للثورة البروليتارية العالمية و يخونوا الشيوعية و قضية الطبقة العاملة العالمية.
======
لكن هيهات أن يلزم الشيوعيون الحقيقيون الماويون الصمت إزاء ذلك الهجوم الدغمائي التحريفي! فمنذ السبعينات ،إنبروا يقاتلون الخوجية و بالفعل ألحقوا بها أشدّ الهزائم المريرة عالميّا . و يشهد واقع اليوم بتقدّم مطّرد للماوية طليعة للموجة الجديدة من الثورة البروليتارية العالمية و بتراجع ملموس للخوجية كضرب من ضروب التحريفية و إندحارها فى عديد البلدان إلاّ أنّه عربيّا ، لا زلنا فى حاجة أكيدة إلى مزيد فضح الخوجية و كافة أرهاط التحريفية المهيمنة على الحركة الشيوعية حتّى ستطيع الماوية أن تتبوّأ المقام الذى تستحقه لإيجاد الأسلحة السحرية الثلاثة ( الحزب الشيوعي الماركسي-اللينيني-الماوي و الجبهة الوطنية الديمقراطية و جيش التحرير الشعبي ) و قيادة حرب الشعب لإنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة تمهيدا للثورة الإشتراكية كجزء لا يتجزّأ من الثورة البروليتارية العالمية و غايتها الأسمى تحقيق المجتمع الشيوعي الخالي من كافة ألوان الإستغلال و الإضطهاد القومي و الطبقي و الجندري.
و هذا العدد من " الماوية : نظرية و ممارسة " مساهمة فى النهوض بهذه المهمّة الملحّة على الجبهة النظرية و السياسية.وقد إخترنا له من العناويون " الماوية دحضت الخوجية و منذ 1979" و كانت إضافة "ومنذ 1979" موجّهة ضد محترفي تدليس تاريخ الماوية ، ليس كلزوم ما لا يلزم و إنّما لتبيان أنّ ردّ الفعل الماوي كان سريعا و دقيقا و عميقا منذ عقود الآن ما خوّل للمنظّمات و الأحزاب الماوية أن تنظّم ندوة عالمية فى مطلع الثمانينات ثمّ ندوة ثانية فى 1984 إنتهت إلى تشكيل الحركة الأممية الثورية التى كانت من أهمّ نواتاتها الأولى الأحزاب التى إنبرت لتتصدّى للخوجية بجرأة و صراحة مطلقة الوثائق التى سنعرض عليكم سهاما تصيب كبد الحقيقة الخوجية و ترفع عاليا راية الماوية – حينها فكر ماو تسى تونغ.
و للتاريخ ، تجدرالإشارة بشكل عابر فحسب إلى أنّ الحزب الشيوعي الثوري الأمريكي الذى نشر الوثائق التى نضع بين أيديكم فى مجلته "الثورة " سنة 1979، قد سبق و أن كتب مباشرة بُعيد إعلان الوكالة التليغرافية الألبانية فى 20 ديسمبر 1978 عن صدور "الإمبريالية و الثورة " و عرضها لمضمونه، إفتتاحية العدد الأوّل من المجلّد الرابع من "الثورة " ، جانفي 1979، تحت عنوان " أنور خوجا يفضح الإنتهازية – إنتهازيته " قبل أن ينشر لاحقا سلسلة من التعليقات على "الإمبريالية و الثورة " منها إنتقينا " فى الردّ على الهجوم الدغمائي- التحريفي على فكر ماو تسى تونغ". وهذه الإفتاحية . متوفّرة على الأنترنت فى موقع الموسوعة المناهضة للتحريفية باللغة الأنجليزية :
Encyclopedia of Anti-Revisionism On- Line
---------------------------------------
و فصول مسرحية المرتدّ أنور خوجا و الخوجية بتفاصيها الدقيقة تفضحها وثائق الماويين عبر العالم فى متن هذا العمل . و لأنّ الكتابات الماوية ضد الخوجية كثيرة و عديدة كان علينا أن ننتقي أكثرها رواجا ؛ على حدّ علمنا ، و أهمّها بإعتبار الدور الذى لعبته فى الدفاع عن الماوية و دحض الخوجية، فوقع إختيارنا الذى نرجو أن يكون موفّقا على وثائق أربعة ؛ واحدة من بلد إمبريالي – الولايات المتحدة الأمريكية ، للحزب الشيوعي الثوري الأمريكي و ثلاثة من مستعمرات جديدة الأولى من تركيا – أوروبا و الثانية من الشيلي و الثالثة من سيلان [سيريلانكا]، من أمريكا اللاتينية و من آسيا على التوالي. وهي:
1- بإحترام و حماس ثوريين عميقين، نحيّي القائد الخالد للبروليتاريا الصينية، الرفيق ماو تسى تونغ، فى الذكرى الثالثة لوفاته! – الحزب الشيوعي التركي / الماركسي-اللينيني، جويلية 1979.
2- دفاعا عن فكر ماو تسى تونغ؛ وثيقة تبنّاها مؤتمر إستثنائي للحزب الشيوعي بسيلان إنعقد فى جويلية1979.
(و إضافة إستثنائية: " دحض أنور خوجا" ؛ ن. ساموغاتاسان، الأمين العام للحزب الشيوعي بسيلان - 1980.)
3- " تقييم عمل ماو تسى تونغ"؛ للحزب الشيوعي الثوري الشيلي- جويلية 1979.
4-" فى الردّ على الهجوم الدغمائي - التحريفي على فكر ماو تسى تونغ " بقلم ج. وورنار؛ ماي 1979.
=====================================
5 / الصراع ضد التحريفية الصينية :
من الطبيعي أن الشرط الضروري لتربية الجماهير على هذا الجدال الإيديولوجي هو وجود حزب شيوعي صلب ، مسلح بالماركسية-اللينينية . فدون طليعة تقنع الجماهير و توجهها خلال الصراع ضد الأفكار الخاطئة أو الرجعية ، يوجد خطر أن تنتصر هذه الأفكار الأخيرة و فى الصين ، كانت الطريقة الصحيحة للجدال التى رسمها ماو تسى تونغ و الماركسيون -اللينينيون الصينيون فى طريقها إلى النجاح فى صفوف الشعب لولا مسك التحريفيين بمواقع هامة فى الحزب الشيوعي الصيني .
لم يع ماو تسى تونغ المدى الحقيقي لهذه القوة التحريفية إلى حين تفجر الصراع ضد التحريفية السوفياتية . و يمكن أن يوجه له نقد جدي لأنه لم يتفطن لذلك غير أنه من الواضح أن لا لينين و لا ستالين تنبآ بمدى قوة التحريفية الناشئة فى صفوف الحزب الشيوعي ذاته و التى تهدف إلى تركيز نظام إستغلالي جديد فى شكل رأسمالية الدولة . و يعدّ التطور الإقتصادي الإشتراكي و مركزته بأيدى الدولة و إمكانية التخطيط له ، تعد قاعدة إقتصادية شديدة القوة يستخدمها التيار التحريفي كوسائل لإستغلال الشعب و إضطهاده عبر رأسمالية الدولة . مقارنة بجهود البرجوازية المطاح بها من أجل إعادة تركيز سلطتها و بولادة برجوازية من صلب الملاكين الصغار فإن خطر البرجوازية الجديدة خطر أكبر بكثير .
لقد توقع إنجلز هذا الخطر و فى مقدمته لكتاب ماركس " الحرب الأهلية فى فرنسا " نادى بتعزيز دكتاتورية البروليتاريا بعد الإستيلاء على السلطة لمنع " تحويل الدولة و أجهزتها من خادمة للمجتمع إلى سيدة عليه " و لتبقى "حاجزا فعليا دون التفتيش عن المذاهب و الوصولية " .
و لينين بدوره فى " تقرير عن برنامج الحزب " للمؤتمر الثامن ، حذّر من أن :
" البيروقراطيين القيصريين أخذوا ينتقلون شيئا فشيئا إلى المؤسسات السوفيتية ، حيث ينشرون الروح البيروقراطية ، و هم يتظاهرون بأنهم شيوعيون ، و هم يستحصلون على بطاقات عضوية الحزب الشيوعي فى روسيا لكي يؤمنوا نجاحا أكبر فى الترقى . و هكذا يعودون من الشباك بعد أن طردوا من الباب ." ( صفحة 481 من "المختارات فى 10 أجزاء " المجلد 8 ، دار التقدم ، الطبعة العربية ) .
لكن ما من قائد توقع مدى المشكلة التى لم تعد مشكلة تسلل أعداء للحزب و للدولة بل مشكلة فساد العناصر التى كانت فى الماضى ثورية و التى إعتادت على إمتيازات توفرها لها مواقعها فى السلطة و شرعت فى العمل على توطيد إمتيازاتها و توسيعها على حساب الشعب .
و حاليا ، رغم عدم توصل هذه الصراعات الإيديولوجية و السياسية العظيمة التى شجعها ماو تسى تونغ على النطاق الجماهيري إلى تحطيم أعداء الثورة الذين تسربوا إلى الحزب و الذين نشأوا فى صفوفه و فى أجهزة الدولة الصينية ، فمن مآثرها أنها أجبرت التحريفيين على إماطة اللثام و كشف كافة جوانبهم الرجعية .
و مثلما مرّ بنا وجد ماو تسى تونغ و الماركسيون - اللينينيون الصينيون أنفسهم يواجهون فضلا عن الرجعيين المطاح بهم بفضل الثورة و البرجوازية الوطنية ،التيار التحريفي المنافق الذى كان يخفى أغراضه الدنيئة و الذى كان يسيطر على مواقع هامة فى الحزب و الدولة . و لم يأخذ ماو تسى تونغ حذره من هذا و لم يتوقع الأبعاد الحقيقية ، إلا عندما طفقت تتعرى وجوه التحريفيين الذين سيطروا على الحزب الشيوعي السوفياتي و سلطة الدولة فى الإتحاد السوفياتي ، بعد 1956. و فوق ذلك ، لم تكن المشكلة التى إعترضته حالة صينية منعزلة بقدر ما كانت ظاهرة تحريفية عالمية حقيقية عناصرها متشابكة و متعاونة مثلما سنرى تاليا .
فى البداية صار ممثلو البرجوازية الجديدة معروفين فى الحزب من خلال رؤاهم الرجعية رغم أنهم كانوا يختفون وراء تعليلات كانوا يدعون بها الدفاع عن الثورة . و نجح جلهم فى إخفاء عملهم التكتلي السري لمدة طويلة من الزمن . غايتهم عامة هي التسلل إلى الحزب و أجهزة الحكم و إفسادها و معارضة تطور الإشتراكية فى المدن و فى الأرياف حتى يكرسوا مخططاتهم الخاصة فى إعادة تركيز الرأسمالية و التفتيش عن حلفاء ضمن البرجوازية الوطنية و حتى ضمن رجعيين آخرين أسوأ .
و مثلما أشرنا كان هنالك ، إثر إنتصار الثورة الصينية فى 1949 إختلاف عميق بين ماو تسى تونغ و ليوتشاوتشى ،أحد أهم زعماء التحريفيين [ لقّب لاحقا بخروتشاف الصين ] فيما يتصل بالتناقض الرئيسي بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية . يؤكد ماو تسى تونغ فى ملاحظة مرسلة إلى خلايا الحزب فى 1952 يفند فيها رأي رئيس قسم العمل الجبهوي الموحد التابعة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني و الذى قدم البرجوازية الوطنية على أنها طبقة وسطى ، يؤكد على أن : " إثر الإطاحة بطبقة الإقطاعيين و البرجوازية البيروقراطية ، صار التناقض بين الطبقة العاملة و البرجوازية الوطنية هو التناقض الرئيسي فى الصين .. ." ( مجلد 5، صفحة 80) .
و بعدما صاغ هذا التأكيد فى أكتوبر 1957 ، وجد نفسه مضطرا إلى إعادة صياغته ونقد كون المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي الصيني قدم التناقض الرئيسي على أنه تناقض بين "النظام الإشتراكي المتقدم و قوى الإنتاج الإجتماعية المتخلفة." وشدّد على أن "هذه صيغة غير صحيحة " .
من المعلوم أن ليوتشاوتشى و أتباعه يرغبون فى إيقاف الثورة عند مرحلة الثورة الديمقراطية الجديدة و التخلى عن نظرية الصراع الطبقي ضد البرجوازية معتبرين أن تطور قوى الإنتاج سيفضى إلى الإشتراكية . فى إجتماع المكتب السياسي إنعقد فى 1953 ، كان على ماو تسى تونغ أن يصارع شعارا نشره ليوتشاوتشى و آخرون ، شعار "تركيز نظام الديمقراطية الجديدة " و من ورائه أرادوا معارضة تقدم البناء الإشتراكي .
منذ مطلع الخمسينات، عارض ليو تشاوتشى و جماعته كلمة و فعلا الحركة التعاونية التى من خلالها كان الريف يتقدم نحو الإشتراكية و من الطبيعي أنهم عللوا آراءهم بجمل ظاهريا ماركسية و برروها بالدفاع عن مصالح جماهير الفلاحين و معارضة "الإنزلاق اليسراوي " فى الحركة التعاونية . و بذات الطريقة ، مخفين نواياهم الحقيقية بتعليلات تبدو ظاهريا ماركسية ، عارضوا التقدم السريع لمشركة الصناعة و التجارة و الصناعات الحرفية فى المدن .
و قبل ذلك ، فى ماي 1949 ، أثناء مؤتمر الشباب الأول ، صرّح ليوتشاوتشى أنه من الضروري تطوير الرأسمالية بصورة كبيرة و ان عدد المصانع و الآلات أهم من نظام الملكية . و فى مناسبة أخرى أعرب عن أنه " حين يكون للصين فى المستقبل فائض إنتاج ساعتها سيحين زمن بناء الإشتراكية " .
و على إثر إتمام القضاء فى الأساس على الصناعة و التجارة الخاصين و على الصناعة الحرفية ، فى 1956 ، غير ليوتشاوتشى و جماعته تكتيكهم و شرعوا فى التصريح بأن بهذه التحويلات إنتهى صراع الطبقات فى الصين . و مثلا فى 1957 ، فى ندوة لكوادر الحزب بشنغاي ، شدد على أن" البرجوازية قد تم القضاء عليها بالأساس " و أن الصراع الطبقي فى الصين إنتهى بالأساس " و مع ذلك واصل نشاطاته لتشجيع الرأسمالية فى الريف و المدينة مستعملا كالعادة تعليلات تبدو ظاهريا ماركسية . و فى 1961 ، أشار فيما يتعلق بإقتصاد الفلاحين إلى " إننا لا نخاف أن تخرج الرأسمالية من أيدينا و يجب الإبقاء على السوق الحرة " . و فى السنة الموالية ، أكد فى محادثاته مع كادر فى طريقه إلى الوحدات الأساسية " فى السنوات الماضية لم يكسب الفلاحون من الإقتصاد الجماعي " و تحدث فى خطاب له فى 1963 عن " أنه من الضروري القيام بتراجع كاف فى الصناعة و الفلاحة إلى جانب تركيز الإنتاج العائلي و برامج النشاطات الفردية أكثر فأكثر . " و تبع دنك سياو بينغ هذا التصريح بجملة غدت الآن شهيرة : " طالما إستطعنا رفع الإنتاج يمكننا العودة إلى الإستغلال الفردي . لا يهمّ إن كان القط أسود أم أبيض طالما أنه يصطاد الفئران " .
هذه و غيرها من الموضوعات الرجعية المقنعة بلغو ماركسي إستعملت تعلة " الدفاع عن مصالح الجماهير " و معارضة " الأخطاء اليسارية ". و قد حاربها ماو تسى تونغ و الماركسيون - اللينينيون الصينيون موجهين لها نقدا حادا ضمن خلايا الحزب و هم غير واعين بعد بالنوايا المبيتة التى تدفع المدافعين عنها . و كان مثل هذا النضال مقعدا للغاية بما أن التحريفيين – كما سنرى – يحتلون مواقعا هامة فى الحزب و فى أجهزة الدولة و ضمنوا مساندة بيروقراطية عريضة ضمن المواقع الوسطية فى كل من الحزب و الدولة . و زيادة على ذلك ، كانوا يعتمدون على المساندة السرية للتيار التحريفي الذى ركّز نفسه بمثل تلك الأشكال على النطاق العالمي .
و من جهته إشتغل دنك سياو بينغ نفسه [ قائد تحريفي آخر سيكون على رأس الإنقلاب المضاد للثورة فى 1976 و على رأس الدولة لاحقا ] بخاصة لما بلغ السيطرة على مركز الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني بتسريب أتباعه إلى مراكز هامة فى الحزب و الدولة و بزرع الفساد فى صفوف كوادر الحزب و مختلف مؤسسات الدولة . و فى 1951 ، أحدث نظام حوافز مالية للموظفين و ركّز فى 1955و 1956 عدة أنماط من الحوافز التى تفسد و تشترى ولاء العديد من البيروقراطيين فى مستويات مختلفة . بهذه الطريقة أوجد عدة جوائز لأعمال خاصة يوزعها القياديون و شيد مدارسا خاصة بأبناء الكوادر الذين سيلعبون في ما بعد دورا إستفزازيا رجعيا أثناء الثورة الثقافية البروليتارية الكبر ى. أضف إلى ذلك نظام الإنتقاء غير العادل بالجامعات و الإمتحانات التى تساعد فعليا أبناء البرجوازية و الشرائح الإجتماعية التى إحتكرت الثقافة فى الماضى . و فى المؤسسات الصناعية و التجارية و الفلاحية أعيد تركيز إدارة الفرد الواحد المحاط بالتكنوقراطيين بعيدا عن مراقبة لجنة الحزب و الجماهير كل هذا مع إستعمال واسع لنظام الحوافز المالية كوسيلة لإفساد بعض القطاعات من الجماهير.
و بهذه الوسائل و ما شابه وطدت البرجوازية الجديدة قاعدة مساندتها داخل الحزب و الدولة ( و كذلك ضمن القوات المسلحة ) بعشرات الآلاف من الكوادر المتوسطة المستوى و عزلت الماركسيين - اللينينيين فى الحزب عن الجماهير .
وفى معاضدة منه لهذا العمل التخريبي للحزب ، أعاد ليوتشاوتشى نشر كتابه " كيف تكون شيوعيا جيدا؟ " و وزعه على نطاق واسع . و هو يعول على ما حصل و ما يقام من إفساد للحزب دعى إلى "ربط المصالح الشخصية بمصالح الحزب بصفة مطلقة و غير مشروطة " و أضاف " إن مصالح الحزب فوق كل إعتبار ، هذه هي أهم المبادئ التى توجه فكر جميع الشيوعيين و عملهم ." دون أن يأخذ بعين الإعتبار مبادئ و مصالح البروليتاريا و الشعب التى هي أساس وجود الحزب . و هكذا دافعين الإرتباط بالحزب إرتباطا أعمى ، أعدوا الظروف لمنع من لم يطلهم الفساد من الإنتفاض عندما يشرعون فى إستعماله صراحة كأداة لإعادة تركيز الرأسمالية . و فى نفس الوقت يعلل طرق الفساد بشأن الحياة المادية التى لقيت منهم التشجيع بتعلة أنها "ضرورية لضمان الظروف اللازمة للعمل و التعلم بما يسمح لهم بالقيام بأعمالهم بشكل مريح و يسمح بتحقيق مهام الحزب ".
و ترافق ذلك بدفع الوصوليين للإلتحاق بالحزب حيث صرّح أنه " من غير الضار أن تبحث بعض العناصر عن مساعدة فى الحزب الشيوعي ، إنها أتت بحثا عن حل لمشاكلها " . و من جهة أخرى دافع كتاب ليوتشاوشى عن فكرة أن " ثوريو العهود الأخرى ... يمكن أن يتحولوا ضد الطبقات المستغًلة ليضطهدوها و لكن هذا غير ممكن أبدا فيما يتصل بالثورة البروليتارية و الحزب الشيوعي " . و على هذا النحو ذرّ الغبار فى الأعين حتى لا تلاحظ الخيانة المفتوحة التى كانوا يعدون لها .
أما تقرير دنك سياو بينغ عن تغيير القانون الأساسي للحزب المقدم للمؤتمر الثامن للحزب الشيوعي الصيني على توطئة كاملة تعلن إضمحلال الطبقات الإجتماعية و تدافع عن أن " تجاوز الطرق القديمة لقبول عضوية الحزب غدت ضرورة نظرا إلى أن هذا المفهوم عن " التفريق بين العناصر الإجتماعية " صار فاقدا لمعناه القديم أو يكاد يفقد أي معنى له " .
و فى خطابه فى ندوة الكتاب العامين للجان الحزب للضواحي و البلديات و المناطق المستقلة ، فى جانفى 1957 إنطلق ماو فى نقده للوصولية و الفساد المتفشيين فى الحزب :
" حاليا ، داخل الحزب و خارجه ظهرت مشاكل إيديولوجية تستحق أن نتوفق عندها بصورة خاصة . و إليكم مثالا مشكل ظهر فى صفوفنا نحن . فبعض الكوادر مثلا ، يبحثون عن الشهرة و الإمتيازات و لا يفكرون إلا فى مصالحهم الخاصة . خلال تعديل المعاملات ، برز أن أناسا لم يكونوا راضين عن ترقية بدرجة و لا حتى بترقية بدرجتين ، و ظلوا ينتحبون فى فى بيوتهم. و لعله كانت من اللازم ترقية من ثلاث درجات لإخراجهم منها. و مع ذلك بكاؤهم هو الذى عجل بحل المشكلة : لن نطبق مستقبلا هذا النوع من التعديل فى معاملة الكوادر. و ستظل الأجور بشكل عام متساوية ، أو على الأقصى مع بعض الإختلافات الطفيفة . فى الماضى ، فى حكومة نبلاء الحرب فى بييانغ ، وجد وزير أول يسمى تانغ تشاو يى صار لاحقا رئيس منطقة تشونغتشان من محافظة كوانغتونغ . لئن قبل وزير أول من المجتمع القديم أن يخدم كرئيس منطقة ، فلماذا إذا لا يستطيع وزراؤنا القيام بالشيئ ذاته ؟ فى تقديري ، إن الذين يسعون جاهدين للحصول على علاوات و لا يقبلون إلا بالترقيات و ليس بالعكس لا يساوون بهذا المضمار ذلك الوزير القديم . إنهم لا يسعون للتساوى مع الذين يعيشون حياة بسيطة و يعملون كثيرا و يتمتعون بالقليل و إنما يلهثون وراء الترف و الترقيات و المنصب السامي . الآن قد نمى هذا النوع من التفكير إلى حد كبير داخل حزبنا مما يقتضى إعارة الإنتباه إليه ." ( المجلد 5 ، صفحة 380 ) .
و فى الخطاب عينه ، مع نقده للذين يعارضون سيرورة مشركة الريف ، تناول بالتحليل بعض الفوضى التى حصلت فى صفوف الطلبة و المثقفين فى الصين كصدى لما جدّ فى المجر تحت تأثير هجمات خروتشاف على ستالين .
و مع السماح للغاضبين من صفوف الشعب بالتعبير عن آراءهم جمع ماوتسى تونغ نقدهم المصيب وعبّأ الجماهير و أيقض وعيها فى الصراع ضد الأفكار الرجعية التى عبر عنها الغاضبون . و إعتبر انه من الضروري أن نوفر مجالا ووسائل تعبيرللشرائح الرجعية من البرجوازية الوطنية حتى تتمكن من " إفراغ سمومها" لكي تتوصل الجماهير لمعرفتها و صراعها على أفضل وجه . و بالطبع ليس الهدف سوى النضال الفعلي ضد هذه التوجهات غير الصحية فى المجتمع و إقتلاعها من الجذور . قال :
" يجب خوض صراع ضد التيارات الضارة فى المجتمع ، سواء فى صفوف الحزب أو الشخصيات الديمقراطية أو الطلبة ، تيارات بمعنى الأخطاء التى ليست أخطاء بعض الأشخاص و إنما تلك التى تطورت إلى تيارات يجب إلحاق الهزيمة بها نهائيا . . ."
و أضاف :
" فى دولتنا التى هي دولة دكتاتورية البروليتاريا لا ينبغى أن ندع بالطبع البذور السامة تنتشر دون مراقبة سواء داخل الحزب أو فى المجالات الإيديولوجية أو الأدبية أو الفنية . ينبغى أن نحاول أن نضمن أن الأزهار الماركسية العطرة تحتل الموقع الأساسي و المهيمن. ينبغى ألا نبقى على البذور السامة وما هو غير ماركسي أو مضاد للماركسية فى موقع ثانوي."
و فيما يتصل بالمعادين للثورة فالخط مغاير حيث يشير إلى أنه " ينبغى القضاء على المعادين للثورة . و حيث لم ننته من هذه المهمة مثلما كان متوقعا ، يببغى الإنتهاء منها فى غضون هذه السنة . و لئن بقي ما لم ينجز فى هذا الميدان ، يتعين إتمامه فى السنة المقبلة . " ( المجلد 5 ، صفحة 412) .
و قد وقعت غالبية شرائح البرجوازية الوطنية فى هذا الشرك إذ فكرت أن التسهيلات التى لقيتها للإفصاح عن نقدها دليل على ضعف و تركت المجال الأكاديمي البحت و قامت بهجومات متصلة ضد الحزب و الإشتراكية . فكشف أمر العديد من الذين كانوا يصرحون بقبول الإشتراكية خوفا أمام الجماهير . و نظّم جماهيريا هجوم معاكس مركّز بما أطاح بالتعليلات الرجعية فاضحا إياهم كرجعيين حقيقة .
إتخذ هذا النضال ، فى البداية ، شكل حملة تصحيح ضد البيروقراطية و الإنعزالية و الذاتية منذ مطلع ماي 1957 . و بات طابع الحملة مفتوحا لمساهمة الجماهير مستعملة الدازيباو [ نصوص حائطية ذات حروف كبيرة ] . و سيستغل ماو تسى تونغ دروس التجربة أفضل إستغلال بعد ذلك خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى . كان التحريفيون داخل الحزب يمارسون بحذر و تجنبوا الظهور جميعهم لدفع البرجوازية فى هجومها بما أنهم كانوا يخشون تعريض أنفسهم و كانوا يخططون لإفتكاك الحصن من الداخل . كما كانوا يخشون نقد البيروقراطية الذى نهضت به الجماهير . و مع ذلك تقدمت بعض العناصر بأفكارها الرجعية . ضمن عناصر الحزب الشيوعي و رابطة الشباب الشيوعي، أطل المتذبذبون برؤوسهم أو ذهبت نيّة بعضهم للقيام بذلك .
" تهدف هذه الحركة إلى تقديم توجه سياسي صحيح و رفع المستوى الإيديولوجي و تجاوز نواقص عملنا والتوحد مع الجماهير العريضة و عزل اليمينيين البرجوازيين و كافة العناصر الأخرى المناهضة للإشتراكية و شق صفوفهم. وضمن اليمينيين البرجوازيين الذين نتحدث عنهم هنالك ايضا الذين تسللوا للحزب الشيوعي أو لرابطة الشباب ، و يتخذون موقفا سياسيا مماثلا لموقف اليمينيين خارج الحزب و الرابطة . لقد خانوا قضية البروليتاريا الثورية لشنهم هجومات مسعورة ضد حزبنا . لذلك ينبغى فضحهم بعمق و طردهم من الحزب و الرابطة من أجل تطهير الصفوف " . ( المجلد 5 ، صفحة 515-516).
وبادر ماو تسى تونغ بتنظيم حملة التصحيح بخطاب تلاه قبل أشهر من بدايتها فى ندوات الكوادر فى تسيان و نانكين . فيه أيضا قام بتحذير شديد اللهجة ضد مظاهر الفساد فى الحزب :
" منذ إنتصارنا فى الثورة، تراجعت الإرادة الثورية لدي بعض رفاقنا و بتراجع إندفاعهم الثوري تقلص تفانيهم فى خدمة الشعب قلبا و قالبا و حصل الشيئ نفسه بشأن تحدى الموت الذى تحلّوا به أيام القتال ضد أعدائنا .و فى نفس الوقت نراهم يطالبون بالمواقع و يتباهون بما يتميزون به من مأكل و مشرب و هم يتزاحمون من أجل الأجر و يبحثون عن الشهرة و الكسب . إنها نزعات بصدد النمو ."
و فى أكتوبر 1957 ، فى خطابه أمام الجلسة الثالثة عشر للندوة العليا للدولة ، قال :
" الثورة الإشتراكية أمر جديد بالنسبة لنا جميعا . فى الماضى لم ننجز سوى الثورة الديمقراطية ذات الطابع البرجوازي و التى كانت تهدف إلى القضاء على الملكية الإمبريالية و الملكية الإقطاعية و الملكية الرأسمالية البيروقراطية و مع ذلك لا تطال الملكية الخاصة و لا ملكية الرأسمال الوطني . و إذن نجح العديد من الناس فى إختبار الثورة الديمقراطية .. بعضهم كان قليل الحماس للذهاب بهذه الثورة إلى نهايتها و بالرغم عنهم تجاوزوا الإمتحان . و أراد آخرون الذهاب بها إلى نهايتها و فعلوا. و اليوم المنعرج هو الثورة الإشتراكية هو الذى ينبغى تجاوزه و يجد البعض من الصعب القيام بذلك. و لنأخذ مثلا، حال عضو حزب فى هوباي كان فى السابق أجيرا فلاحيا . إنه من عائلة إضطرت على التسول طوال ثلاثة أجيال . عند التحرير تحرر و حتى حصل على نوع من الرفاه و صار كادر منطقة و مع ذلك ، كان يبدو غاضبا للغاية ضد الإشتراكية و كان لا يوافق بقوة على التعاونيات . كان يطالب ب"الحرية " و يعارض سياسة الشراء و البيع الموحدين للدولة " ( المجلد 5 ، صفحة 543 ) .
و بعدُ لم يدرك ماو تسى تونغ عمق تغلغل هذا الفساد الذى أفرزته البرجوازية الجديدة التى نشأت من عدد كبير من الكوادر الوسطى و لم يدرك أيضا عمق رجعية طبيعة الخروتشافيين الصينيين. و فى خطاب له فى جانفى 1957 وقعت الإشارة إليه سابقا، واصل تأويل الرؤى الرجعية المموهة التى صاغها التحريفيون فى المناصب العليا أو أتباعهم الأقل درجة ، كأخطاء تذبذب. و أشار مثلا إلى أن : " غالبية كوادر حزبنا مستائين من المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي و يرون أنه ذهب بعيدا فى الهجوم على ستالين . وهذا إحساس و رد فعل طبيعيين غير أن أقلية من الكوادر أخذت تتذبذب. كلما أعلن عن إعصار قادم ، قبل هطول المطر، غادرت الحشرات جحورها فأنوفها حساسة للغاية و لها معرفة بأحوال الطقس . عندما إندلع إعصار فى المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي ، وجدت كذلك فى الصين حشرات غادرت جحورها . إنها عناصر حزبية مترددة تتذبذب أمام أدنى حدث . عندما سمعت عن حملة التنديد بستالين، شعرت براحة و إنحرفت إلى الجهة الأخرى . و أطلقت صراخا تحية لخروتشاف الذى إعتبرته على حق على طول الخط و أنها كانت دائما تحمل تلك الآراء ." ( المجلد 5 ، صفحة 384) . و يسترسل بعد أسطر ليقول :
" شهد بعض أعضاء حزبنا فى الماضي أنواعا مختلفة من الإختبارات. و لكن من الصعب عليهم إجتياز إختبار الإشتراكية ...و إلى جانب أولئك وجد فى الحزب أناس عارضوا احركة التعاونيات الفلاحية . و بإختصار هنالك بعض الكوادر العليا فى الحزب غير قادرة على إجتياز إختبار الإشتراكية و هم مترددون ." ( المجلد 5 ، صفحة 385) .
من البديهي أن ماو تسى تونغ إلى حينها لم يدرك المصالح الرجعية ( و الروابط السرية ) التى وجدت بين هؤلاء الكوادر فى المناصب العليا للحزب الشيوعي الصيني المترددة و خروتشاف و أتباعه فى الإتحاد السوفياتي و بلدان أخرى أين وقعت خيانة الإشتراكية و الذين سبق و أن تمكنوا من مغالطة ستالين بشأن مراميهم الحقيقية.
على كل حال ، بالضبط إثر إنطلاق حملة التصحيح فى 1957 إتخذت الكثير من الإجراءات الهادفة لمحاربة البيروقراطية فى الحزب و الدولة و مختلف أنواع المؤسسات .و فى ملاحظاته أمام الدورة العامة الثانية للجنة المركزية الثامنة ، شدد ماو تسى تونغ على أن " هنالك مئات الآلاف من الكوادر فى مستوى لجان الحزب بالمناطق يمسكون مصير البلاد بأيديهم . إذا فشلوا فى إنجاز عمل جيد ، عزلوا أنفسهم عن الجماهير و إذا لم يعيشوا عيشة بسيطة و لم يعملوا بجهد ، سيكون للعمال و الفلاحين عذر شرعي فى عدم الموافقة على الإبقاء عليهم . يجب أن نراقب العمل خشية تشجيع طريقة العمل البيروقراطية والتطور بإتجاه التحول إلى شريحة أرستقراطية معزولة عن الشعب . و سيكون للجماهير عذر شرعي فى إبعاد كل من يمارس البيروقراطية من العمل و كذلك كل من لا يقوم بجهود و لا يحاول أبدا أن يقدم تعويضات . أقول إنه من الأفضل الإستغناء عن مثل هؤلاء و يجب أن يتمّ الإستغناء عنهم . "
بعد ذلك ، ملخصا آراء الجماهير فى حملة التصحيح ، قال إنه من المتأكد أن على الكوادر القيادية ( بما فيها كوادر الحزب الشيوعي و الإتحادات و الإدارة و رابطة الشباب الشيوعي ) أن تساهم بإستمرار فى العمل اليدوي و ينبغى أن تتحد مع العمال فى حياتها اليومية و أن تتخلص بتصميم من الإمتيازات التى تفصلها عن الجماهير . نحتاج إلى جهود كبرى لتقليص و تبسيط خارطة العمل التنظيمية و تقليص عدد العاملين فى تنظيمات الحزب و الإدارة و النقابات و كذلك العاملين بالمؤسسات غير الضروريين و غير المنتجين . ينبغى أن نعير الإنتباه إلى تعويد الكوادر على المساهمة فى الإنتاج لوقت جزئي أو كامل. و ينبغى بذل جهود خاصة لإيجاد روابط وثيقة بين التقنيين و عمال الإدارة من جهة والعمال من جهة ثانية. و ينبغى مراجعة و تحطيم الحواجز التى تقف فى طريق الإنتاج و تعرقل مبادرة العمال . و طريقة جيدة لدفع العمال و الموظفين نحو العمل الإداري و لمحاربة البيروقراطية هي إجتماعات العمال بقيادة لجنة الحزب.
و بعد تلخيص هذه المرحلة التجريبية، يتعين إستعمال هذه الطريقة إستعمالا شاملا فى حملة التصحيح الراهنة و تعميمها على كافة البلاد . وفق توجيهات اللجنة المركزية، لإجتماعات العمال المهام و الصلوحيات التالية :
1- معالجة ونقاش تقرير عمل المعمل الذى يقدمه المدير و معالجة و نقاش خطة إنتاج المعمل المالية و التكنولوجية و العمل و الأجور و كذلك أهم الإجراءات لأجل تحقيق الخطة و تقديم الإقتراحات .
2- معالجة و نقاش إستعمال الحوافز المالية و الصحة العمومية و الرعاية الطبية و مالية الإتحاد و المالية تحت تصرف الإدارة لحماية العمل و كذلك مصاريف أخرى من أجل صحة العمال. بشأن هذه المسائل يمكن للقرارات أن تتخذ و تقدم لإدارة المؤسسة أو قطاعات معينة أخرى لتطبق طالما لم تتناقض مع مقررات و توجيهات خلايا المستوى الأعلى.
3- إقتراح تحويل الكوادر القيادية للمؤسسة نحو الخلية الإدارية التالية الأعلى عند الضرورة .
4- تقديم مقترحات إلى الخلية الأعلى حين لا يوافق إجتماع العمال على قراراتها . "
ويؤكد القرار على أن الإستعمال الشامل للدازيباو ضروري حتى يتمكن العمال و الموظفون من التعبير عن آراءهم . فمثل هذه المعلقات الحائطية ذات الحروف الكبيرة بشكلها البسيط و طريقتها الجميلة جيدة للغاية لتعبئة الجماهير إنهم جادون وواضحون فى نقدهم لأخطاء القياديين و أخطاء العمال ذاتهم و فى تقديم المقترحات لعقلنة العمل . و الدازيباو يمكن أن تتحول تدريجيا إلى وسيلة إتصال قارة هامة بواسطتها يمكن للنقد و النقد الذاتي أن ينتشر عبر المعامل و الدواوين و المعاهد.
مثّل هذا التوجيه نفسا جادا ضد الأرضية التى تغذى التحريفيين فى الحزب و فى الدولة و دفعا عميقا للجماهير و بثّ الخوف فى البيروقراطية الإنتهازية و قادتها الذين يعرقلونها بكل الأشكال الممكنة. فى الأعمال الجديدة لهنش ، فى 1958 إستخدم العمال مليون معلقة كبيرة /دازيباو و أحدثوا 360 ألف تجديد تقني و مع ذلك فإن هذه الإجراءات المعادية للبيروقراطية لن تستعمل بفعالية إلا إبان فترة نهوض الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق