الرفيق حسقيل قوجمان
حوار مع الاستاذ عبد القادر ياسين
دعت ادارة الحوار المتمدن كاتباتها وكتابها للحوار مع الاستاذ عبد القادر ياسين بصفته كاتب شيوعي من الاردن. وقد اشتمل مقاله على نصف صفحة الحقها بمثال من مذكراته كتبه في 2011. احاول ان اناقش بعض فقرات مقاله دون التطرق الى مذكراته.
"إذا كان المجتمع الشيوعي بمثابة جنة الله على الأرض، فإن الجنة لا يمكن أن تتناقض مع الحريات الديمقراطية." وفي فقرة اخرى جاء " حتى عندما وصلت أحزاب شيوعية إلى السلطة، فإنها بررت تغييبها للديمقراطية بمعاداة الماركسية – اللينينية للديمقراطية البرجوازية، والتي ليست إلا ديكتاتورية البرجوازية. لذا امتشقت الأحزاب الشيوعية سلاح "ديكتاتورية البروليتاريا"، في وجه الديكتاتوريات الأولى! وكان هذا إخفاقًا آخر؛ ما جعل المجتمعات الشيوعية نبتة من الجنة، تم حجزها في وعاء معتم، حجز عنها الضوء والهواء، فماتت باسفكسيا الاختناق."
واضح ان الاستاذ عبد القادر يتحدث في هاتين الفقرتين عن الديمقراطية في المجتمع، ديمقراطية الطبقة الحاكمة تجاه المجتمع الذي تحكمه. تجلى ذلك في سلوك الدكتاتوريات البرجوازية الحاكمة في ارجاء العالم ومازال جليا بافظع اشكاله حتى في اكثر البرجوازيات الديمقراطية في ارجاء العالم. وقد كانت الحركة الشيوعية العالمية منذ بدايتها ضد سياسة هذه الديمقراطيات البرجوازية وناضلت من اجل الاطاحة بها وقاست الامرين من اضطهادها وسجونها ومشانقها.
ان النظرية الماركسية اعتبرت ان تسمية الدول البرجوازية باسم الديقراطية هي تسمية زائفه لان الدولة في المجتمعات الطبقية هي في الاساس دكتاتورية ضد الشعوب التي تحكمها من اجل تحقيق الديمقراطية للطبقة الحاكمة. النظرية الماركسيية تنفي وجود الديمقراطية في المجتمعات الطبقية ايا كان نوعها وفي كافة مراحلها. ولذلك اعتبرت الماركسية الاسم الحقيقي لكافة الحكومات في المجتمعات الطبقية بدون استثناء بما في ذلك حكومة الطبقة العاملة عند بلوغها الى السلطة حكومات دكتاتورية في اساسها. فكل الحكومات في المجتمعات الطبقية هي حكومات دكتاتورية تجاه الطبقات المحكومة وديمقراطية تجاه الطبقة الحاكمة. ليس في المجتمعات الطبقية منذ انقسام المجتمع الى طبقات وحتى يومنا هذا ديمقراطية بدون دكتاتورية لان الديمقرطية والدكتاتورية وحدة نقيضين لا تنفصل ولا يمكن فصل النقيضين عن بعضهما. وبناء على ذلك لم يمتشق كارل ماركس الدكتاتورية البروليتارية بل اسمى حكومة الطبقة العاملة التي تنشأ لدى نجاح الثورة الاشتراكية الاسم الحقيقي الذي يصدق على كافة الدول في التاريخ منذ انقسام المجتمع البشري الى طبقات حاكمة وطبقات محكومة بما فيها دكتاتورية البروليتاريا.
والسؤال هو هل كانت دكتاتورية البروليتاريا في الاتحاد السوفييتي دكتاتورية خالية من الديمقراطية؟ الجواب هولا. فدكتاتورية البروليتاريا كانت كغيرها من الدول في التاريخ دولة دكتاتورية ضد الطبقة المحكومة من اجل ضمان الديمقراطية للطبقة الحاكمة شانها في ذلك شان كافة الدول في التاريخ. والفرق بين دكتاتورية البروليتاريا وبين سائر الدول السابقة هو كون الطبقة الحاكمة فيها هي الطبقة العاملة والطبقة المحكومة هي الطبقة البرجوازية المطاح بها والتي ينبغي القضاء عليها سياسيا واجتماعيا وثقافيا قبل تحقيق المجتمع الشيوعي الخالي من الانقسام الطبقي حيث لا وجود للدولة ولا وجود لوحدة النقيضين الدكتاتورية والديمقراطية. وخشية الاستاذ عبد القادر من ان "الجنة لا يمكن أن تتناقض مع الحريات.ديمقراطية" لا مكان لها لان الجنة الشيوعية ليس فيها حريات ديمقراطية لعدم وجود غياب الحريات الديمقراطية ايضا.
ان الديمقراطية التي تمتعت بها شعوب الاتحاد السوفييتي في ظل دكتاتورية البروليتارية خلال وجود النظام الاشتراكي الحقيقي حتى 1953 لم يعرف لها التاريخ مثيلا. وقد قال لينين عن دكتاتورية البروليتاريا انها اكثر ديمقراطية من اية دولة ديمقراطية برجوازية الف مرة وكان هذا الواقع بالنسبة لشعوب الاتحاد السوفييتي سواء في الظروف الصعبة ام في الظروف السهلة. وقد كان ذلك واضحا جليا في تحقيق برامج السنوات الخمس لتحقيق المجتمع الاشتراكي وفي حرب الاتحاد السوفييتي دفاعا عن وطن الاشتراكية وانقاذا للبشرية من عبودية الوحوش النازية.
الديمقراطية والدكتاتورية وحدة نقيضين لا وجود لاحداها بدون الثانية. وحين يتحقق المجتمع الشيوعي حقا فلا وجود فيه للديمقراطية ولا وجود فيه للدكتاتورية ولا وجود فيه للدولة. والمجتمع الشيوعي هو جنة الانسان وليس جنة الله على الكرة الارضية.
وقول الاستاذ عبد القادر: " ما جعل المجمعات الشيوعية نبتة من الجنة، تم حجزها في وعاء معتم، حجز عنها الضوء والهواء، فماتت باسفكسيا الاختناق ليس واقعا لان المجتمعات الشيوعية لم تتحقق في اية بقعة من بقاع العالم لكي يجري حجز الضوء والهواء عنها. ما تحقق في الاتحاد السوفييتي كان المجتمع الاشتراكي الذي يهدف الى تحويل المجتمع الى مجتمع شيوعي. لكن المجتمع الاشتراكي لم يواصل تقدمه حتى تحقيق المجتمع الشيوعي بل تحققت الشيوعية في قطاعات اجتماعية عديدة مثل التعليم والعناية الطبية ومساواة المراة بالرجل في العمل وغيرها
في القطاعات التي تحققت فيها الشيوعية لم تكن دكتاتورية ولم تكن ديمقراطية وانما هي قطاعات شيوعية يتمتع فيها جميع الناس بلا تمييز حيث تحقق فيها الشعار الشيوعي "لكل حسب حاجته" ولم تكن "نبتة من الجنة، تم حجزها في وعاء معتم، حجز عنها الضوء والهواء، فماتت باسفكسيا الاختناق"
في فقرة اخرى يناقش الاستاذ عبد القادر موضوع الديمقراطية والدكتاتورية في انظمة الاحزاب الشيوعية فيقول: "قد كان قمع الأنظمة العربية للأحزاب الشيوعية شرسًا، إلى أبعد حد، ما وفر مبررًا لقيادات هذه الأحزاب، حتى تمارس المركزية على حساب الديمقراطية."
الموضوع هنا ليس موضوع الديمراطية والدكتاتورية في المجتمعات الطبقية بل موضوع الديمقراطية والمركزية في انظمة وسياسات الاحزاب الشيوعية. هذا الموضوع كان موضوعا حاسما في نقاشات الاحزاب الشيوعية قبل نشوء احزاب شيوعية في البلدان العربية. كان هذا النقاش على اشده في الموتمر الثاني للحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي. من المفروض ان الاحزاب الشيوعية تهدف الى قيادة ثورات اشتراكية تطيح بالنظام الراسمالي وتحقق نظاما اشتراكيا. وكان راي لينين هو وجوب وحدة الحزب الشيوعي وحدة حديدية من اجل تحقيق هذه الاهداف وان ديمقراطية وحرية الاختلاف في كيفية تحقيق هذه القيادة للثورة يتطلب اشد انواع المركزية ولا يسمح بحرية اتخاذ المواقف المختلفة نظريا وعمليا في سياسة الحزب. كان هذا الخلاف بين لينين والفئات الاخرى في هذا المؤتمر هو سبب انقسام الحزب الروسي الى بولشفيك ومنشفيك. ومنذ ذلك الحين اصبح شعار الاحزاب الشيوعية ان تكون احزابا لينينية في نظامها تتمتع بالديمقراطية في قضايا الانتخابات الداخلية في الحزب اذا توفرت ولكنها تمارس اشد انواع المركزية في تنظيماتها. كانت ممارسة الاحزاب الشيوعية العربية للمركزية الديمقراطية بناء على هذا المبدأ وليس نتيجة للاضطهاد الطبقي الذي مارسته الدول العربية ضد الحركة الشيوعية.
وفي الفقرة الاخيرة من مقاله جاء: "قد انهار "المعسكر الاشتراكي"، العام 1989م.، وبعد عامين انفرط عقد الاتحاد السوفياتي. وارتاح بعضنا إلى تحميل مؤامرات الاستعمار والصهيونية مسئولية ذاك الانهيار، وهذا الانفراط. بينما ما كان لتلك المؤامرات أن تؤتي أكُلها، لولا ضعف مناعة المجتمعات الاشتراكية، أساسًا بسبب غياب الديمقراطية، الذي مكَّن عصبة بيروقراطية من الانفراد بالحزب والحكم، فأفسدت مؤسساتهما، وبقية المؤسسات، الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية."
ان الامستاذ عبد القادر محق كل الحق في تخطئة "تحميل مؤامرات الاستعمار والصهيونية مسئولية ذاك الانهيار". ولكن انهيار الاتحاد السوفييتي لم يكن في 1989بل كان في الواقع في 1953 حين استولت زمرة خروشوف على السلطة في الاتحاد السوفييتي. ففي هذه السنة تحول الاتحاد السوفييتي من دولة اشتراكية الى دولة راسمالية الدولة البرجوازية. صحيح ان التاثير الخارجي في كل حركة لا يحدد اتجاه الحركة وانما الصراع الداخلي في داخل الحركة هو الذي يقرر اتجاه الحركة. ولكن التاثير الخارجي يؤثر على التناقضات الجارية في داخل الحركة. وعلى هذا الاساس فان انهيار الاتحاد السوفييتي كان نتيجة للتقاعس في دكتاتورية البروليتارية وعجزها عن مكافحة القوى الانتهازية التي كانت تنتتشر في الحزب الشيوعي ما ادى في النتيجة الى انتصار الجانب الانتهازي التحريفي على الجانب الماركسي اللينيني. وان التاثير الخارجي كان له مفعوله في توسيع الاتجاه الانتهازي داخل الحزب. السبب الحقيقي للانهيار هو ضعف دكتاتورية البروليتاريا وليس انعدام الديقراطية.
حوار مع الاستاذ عبد القادر ياسين
دعت ادارة الحوار المتمدن كاتباتها وكتابها للحوار مع الاستاذ عبد القادر ياسين بصفته كاتب شيوعي من الاردن. وقد اشتمل مقاله على نصف صفحة الحقها بمثال من مذكراته كتبه في 2011. احاول ان اناقش بعض فقرات مقاله دون التطرق الى مذكراته.
"إذا كان المجتمع الشيوعي بمثابة جنة الله على الأرض، فإن الجنة لا يمكن أن تتناقض مع الحريات الديمقراطية." وفي فقرة اخرى جاء " حتى عندما وصلت أحزاب شيوعية إلى السلطة، فإنها بررت تغييبها للديمقراطية بمعاداة الماركسية – اللينينية للديمقراطية البرجوازية، والتي ليست إلا ديكتاتورية البرجوازية. لذا امتشقت الأحزاب الشيوعية سلاح "ديكتاتورية البروليتاريا"، في وجه الديكتاتوريات الأولى! وكان هذا إخفاقًا آخر؛ ما جعل المجتمعات الشيوعية نبتة من الجنة، تم حجزها في وعاء معتم، حجز عنها الضوء والهواء، فماتت باسفكسيا الاختناق."
واضح ان الاستاذ عبد القادر يتحدث في هاتين الفقرتين عن الديمقراطية في المجتمع، ديمقراطية الطبقة الحاكمة تجاه المجتمع الذي تحكمه. تجلى ذلك في سلوك الدكتاتوريات البرجوازية الحاكمة في ارجاء العالم ومازال جليا بافظع اشكاله حتى في اكثر البرجوازيات الديمقراطية في ارجاء العالم. وقد كانت الحركة الشيوعية العالمية منذ بدايتها ضد سياسة هذه الديمقراطيات البرجوازية وناضلت من اجل الاطاحة بها وقاست الامرين من اضطهادها وسجونها ومشانقها.
ان النظرية الماركسية اعتبرت ان تسمية الدول البرجوازية باسم الديقراطية هي تسمية زائفه لان الدولة في المجتمعات الطبقية هي في الاساس دكتاتورية ضد الشعوب التي تحكمها من اجل تحقيق الديمقراطية للطبقة الحاكمة. النظرية الماركسيية تنفي وجود الديمقراطية في المجتمعات الطبقية ايا كان نوعها وفي كافة مراحلها. ولذلك اعتبرت الماركسية الاسم الحقيقي لكافة الحكومات في المجتمعات الطبقية بدون استثناء بما في ذلك حكومة الطبقة العاملة عند بلوغها الى السلطة حكومات دكتاتورية في اساسها. فكل الحكومات في المجتمعات الطبقية هي حكومات دكتاتورية تجاه الطبقات المحكومة وديمقراطية تجاه الطبقة الحاكمة. ليس في المجتمعات الطبقية منذ انقسام المجتمع الى طبقات وحتى يومنا هذا ديمقراطية بدون دكتاتورية لان الديمقرطية والدكتاتورية وحدة نقيضين لا تنفصل ولا يمكن فصل النقيضين عن بعضهما. وبناء على ذلك لم يمتشق كارل ماركس الدكتاتورية البروليتارية بل اسمى حكومة الطبقة العاملة التي تنشأ لدى نجاح الثورة الاشتراكية الاسم الحقيقي الذي يصدق على كافة الدول في التاريخ منذ انقسام المجتمع البشري الى طبقات حاكمة وطبقات محكومة بما فيها دكتاتورية البروليتاريا.
والسؤال هو هل كانت دكتاتورية البروليتاريا في الاتحاد السوفييتي دكتاتورية خالية من الديمقراطية؟ الجواب هولا. فدكتاتورية البروليتاريا كانت كغيرها من الدول في التاريخ دولة دكتاتورية ضد الطبقة المحكومة من اجل ضمان الديمقراطية للطبقة الحاكمة شانها في ذلك شان كافة الدول في التاريخ. والفرق بين دكتاتورية البروليتاريا وبين سائر الدول السابقة هو كون الطبقة الحاكمة فيها هي الطبقة العاملة والطبقة المحكومة هي الطبقة البرجوازية المطاح بها والتي ينبغي القضاء عليها سياسيا واجتماعيا وثقافيا قبل تحقيق المجتمع الشيوعي الخالي من الانقسام الطبقي حيث لا وجود للدولة ولا وجود لوحدة النقيضين الدكتاتورية والديمقراطية. وخشية الاستاذ عبد القادر من ان "الجنة لا يمكن أن تتناقض مع الحريات.ديمقراطية" لا مكان لها لان الجنة الشيوعية ليس فيها حريات ديمقراطية لعدم وجود غياب الحريات الديمقراطية ايضا.
ان الديمقراطية التي تمتعت بها شعوب الاتحاد السوفييتي في ظل دكتاتورية البروليتارية خلال وجود النظام الاشتراكي الحقيقي حتى 1953 لم يعرف لها التاريخ مثيلا. وقد قال لينين عن دكتاتورية البروليتاريا انها اكثر ديمقراطية من اية دولة ديمقراطية برجوازية الف مرة وكان هذا الواقع بالنسبة لشعوب الاتحاد السوفييتي سواء في الظروف الصعبة ام في الظروف السهلة. وقد كان ذلك واضحا جليا في تحقيق برامج السنوات الخمس لتحقيق المجتمع الاشتراكي وفي حرب الاتحاد السوفييتي دفاعا عن وطن الاشتراكية وانقاذا للبشرية من عبودية الوحوش النازية.
الديمقراطية والدكتاتورية وحدة نقيضين لا وجود لاحداها بدون الثانية. وحين يتحقق المجتمع الشيوعي حقا فلا وجود فيه للديمقراطية ولا وجود فيه للدكتاتورية ولا وجود فيه للدولة. والمجتمع الشيوعي هو جنة الانسان وليس جنة الله على الكرة الارضية.
وقول الاستاذ عبد القادر: " ما جعل المجمعات الشيوعية نبتة من الجنة، تم حجزها في وعاء معتم، حجز عنها الضوء والهواء، فماتت باسفكسيا الاختناق ليس واقعا لان المجتمعات الشيوعية لم تتحقق في اية بقعة من بقاع العالم لكي يجري حجز الضوء والهواء عنها. ما تحقق في الاتحاد السوفييتي كان المجتمع الاشتراكي الذي يهدف الى تحويل المجتمع الى مجتمع شيوعي. لكن المجتمع الاشتراكي لم يواصل تقدمه حتى تحقيق المجتمع الشيوعي بل تحققت الشيوعية في قطاعات اجتماعية عديدة مثل التعليم والعناية الطبية ومساواة المراة بالرجل في العمل وغيرها
في القطاعات التي تحققت فيها الشيوعية لم تكن دكتاتورية ولم تكن ديمقراطية وانما هي قطاعات شيوعية يتمتع فيها جميع الناس بلا تمييز حيث تحقق فيها الشعار الشيوعي "لكل حسب حاجته" ولم تكن "نبتة من الجنة، تم حجزها في وعاء معتم، حجز عنها الضوء والهواء، فماتت باسفكسيا الاختناق"
في فقرة اخرى يناقش الاستاذ عبد القادر موضوع الديمقراطية والدكتاتورية في انظمة الاحزاب الشيوعية فيقول: "قد كان قمع الأنظمة العربية للأحزاب الشيوعية شرسًا، إلى أبعد حد، ما وفر مبررًا لقيادات هذه الأحزاب، حتى تمارس المركزية على حساب الديمقراطية."
الموضوع هنا ليس موضوع الديمراطية والدكتاتورية في المجتمعات الطبقية بل موضوع الديمقراطية والمركزية في انظمة وسياسات الاحزاب الشيوعية. هذا الموضوع كان موضوعا حاسما في نقاشات الاحزاب الشيوعية قبل نشوء احزاب شيوعية في البلدان العربية. كان هذا النقاش على اشده في الموتمر الثاني للحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي. من المفروض ان الاحزاب الشيوعية تهدف الى قيادة ثورات اشتراكية تطيح بالنظام الراسمالي وتحقق نظاما اشتراكيا. وكان راي لينين هو وجوب وحدة الحزب الشيوعي وحدة حديدية من اجل تحقيق هذه الاهداف وان ديمقراطية وحرية الاختلاف في كيفية تحقيق هذه القيادة للثورة يتطلب اشد انواع المركزية ولا يسمح بحرية اتخاذ المواقف المختلفة نظريا وعمليا في سياسة الحزب. كان هذا الخلاف بين لينين والفئات الاخرى في هذا المؤتمر هو سبب انقسام الحزب الروسي الى بولشفيك ومنشفيك. ومنذ ذلك الحين اصبح شعار الاحزاب الشيوعية ان تكون احزابا لينينية في نظامها تتمتع بالديمقراطية في قضايا الانتخابات الداخلية في الحزب اذا توفرت ولكنها تمارس اشد انواع المركزية في تنظيماتها. كانت ممارسة الاحزاب الشيوعية العربية للمركزية الديمقراطية بناء على هذا المبدأ وليس نتيجة للاضطهاد الطبقي الذي مارسته الدول العربية ضد الحركة الشيوعية.
وفي الفقرة الاخيرة من مقاله جاء: "قد انهار "المعسكر الاشتراكي"، العام 1989م.، وبعد عامين انفرط عقد الاتحاد السوفياتي. وارتاح بعضنا إلى تحميل مؤامرات الاستعمار والصهيونية مسئولية ذاك الانهيار، وهذا الانفراط. بينما ما كان لتلك المؤامرات أن تؤتي أكُلها، لولا ضعف مناعة المجتمعات الاشتراكية، أساسًا بسبب غياب الديمقراطية، الذي مكَّن عصبة بيروقراطية من الانفراد بالحزب والحكم، فأفسدت مؤسساتهما، وبقية المؤسسات، الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية."
ان الامستاذ عبد القادر محق كل الحق في تخطئة "تحميل مؤامرات الاستعمار والصهيونية مسئولية ذاك الانهيار". ولكن انهيار الاتحاد السوفييتي لم يكن في 1989بل كان في الواقع في 1953 حين استولت زمرة خروشوف على السلطة في الاتحاد السوفييتي. ففي هذه السنة تحول الاتحاد السوفييتي من دولة اشتراكية الى دولة راسمالية الدولة البرجوازية. صحيح ان التاثير الخارجي في كل حركة لا يحدد اتجاه الحركة وانما الصراع الداخلي في داخل الحركة هو الذي يقرر اتجاه الحركة. ولكن التاثير الخارجي يؤثر على التناقضات الجارية في داخل الحركة. وعلى هذا الاساس فان انهيار الاتحاد السوفييتي كان نتيجة للتقاعس في دكتاتورية البروليتارية وعجزها عن مكافحة القوى الانتهازية التي كانت تنتتشر في الحزب الشيوعي ما ادى في النتيجة الى انتصار الجانب الانتهازي التحريفي على الجانب الماركسي اللينيني. وان التاثير الخارجي كان له مفعوله في توسيع الاتجاه الانتهازي داخل الحزب. السبب الحقيقي للانهيار هو ضعف دكتاتورية البروليتاريا وليس انعدام الديقراطية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق