الرفيق فؤاد النمري
حصن الماركسية الحصين (1)
أعود اليوم لأكتب عن حصن الماركسية الحصين لا لأدحض مزاعم القوى الرجعية حول خواء النظرية الماركسية بدلالة تفكك مشروع لينين في الثورة الاشتراكية العالمية وانهيار الإتحاد السوفياتي بالرغم من أن الماركسية لم تعد نظرية فقط بل هي علوم تشمل مختلف النشاطات الإنسانية الفلسفية والإقتصادية والسياسية وما يتصل بها من نشاطات أخرى ولا يجوز حالتئذٍ أن يُدّعى بخواء العلوم أو بخطئها ؛ وكل من يقول بمثل هذا القول الفجّ هو الخاوي والمخطئ حيث أن انهيار مشروع لينين، وهو حجة هؤلاء الخواة والمخطئين الوحيدة، كان وارداً لدى كل من أبوي المشروع، لينين وستالين . ففي فذلكة الخطة الإقتصادية الجديدة "NEP" كتب لينين في العام 1922 محذراً من انهيار الثورة إن لم يتعلم الشيوعيون إدارة المشاريع الإقتصادية خلال سنوات قليلة. وفي العام 1951 وبعد أن برهن الإتحاد السوفياتي على أنه أقوى دولة في الأرض وأعاد إعمار كل ما دمرته الحرب، وهو هائل، خلال خمس سنوات فقط، وهو ما لم تستطعه بريطانيا وفرنسا، حذر ستالين من الأخطار الحقيقية على الثورة جراء اتخاذ بعض قادة الدولة والحزب قرارات فوقية لا تمت إلى الواقع بصلة. وأعاد التحذير في نوفمبر 1952 أي قبل موته بثلاثة أشهر فقط مؤكداً في مداخلة له في مناقشات المؤتمر العام التاسع عشر للحزب أن رفاقه في قيادة الحزب وبفعل التقدم بالسن لم يعودوا شيوعيين وهو ما يشكل خطراً داهماً على مصائر الثورة الإشتراكية، وسمح لنفسه في تلك المداخلة أن يتجاوز تقاليد الديموقراطية بفعل حرصه الشديد على مصائر الثورة والاتحاد السوفياتي فطلب من آلاف المندوبين في المؤتمر ألا يعيدوا انتخاب نفس القادة بمن في ذلك ستالين نفسه وأن ينتخبوا للقيادة شباباً متحمسين لقضية الشيوعية . لكن لأسف ستالين وخيبة أمله الشديدين أعاد المؤتمر إنتخاب نفس القادة جميعهم دون استثناء، فكان أن انهارت الثورة وبدأ انهيار الاتحاد السوفياتي بقيادة هؤلاء الذين حذر ستالين من إعادة انتخابهم قادة للحزب.
في مارس 1919 تمكن البلاشفة من سحق الثورة المضادة التي قامت بها كل القوى الرجعية والبورجوازية في روسيا وفي العام 1921 كان البلاشفة من القوة بحيث تمكنوا من هزيمة 19 جيشاً مجهزة بأفضل تجهيز من قبل الدول الرأسمالية الكبرى، بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات التحدة وعشر دول أخرى تابعة . بعد كل هذا التجلّي لقوة الثورة الإشتراكية بقيادة البلاشفة تخوّف لينين وهو المرجع الأعلى للماركسية على مصائر الثورة في العام 1922 من فشل الشيوعيين في إدارة الإقتصاد ومن التجاوز على مصالح طبقة الفلاحين ومن تمادي الخلاف بين ستالين وتروتسكي . وبعد أن قامت الدولة السوفياتية بجهود العمالقة، بوصف ونستون تشيرتشل، وخرج الإتحاد السوفياتي من الحرب العظمى كأقوى دولة في الأرض تخوف ستالين في العام 1951 ، وهو القائد الماركسي اللينيني الأعظم، تخوف من انهيار الثورة إذا ما تعرضت طبقة الفلاحين لقمع الدولة، وفي العام 1952 حذر من تقادم وتهرؤ قادة الحزب على مصائر الثورة.
المرجعيان الأعظمان في الماركسية، لينين وستالين، لم يبارح تصوراتهما إمكانية إنهيار مشروع لينين في الثورة الإشتراكية ؛ كان هذا عندما لم يكن أحد في العالم يتصور مثل هذا الإنهيار ؛ الماركسيون الحقيقيون هم فقط الذين ورد في أذهانهم احتمال انهيار التجربة الإشتراكية السوفياتية. تلك هي الدلالة القاطعة على أن ما انهار هو نقيض الماركسية وليس الماركسية بل إن انهيار الاشتراكية السوفياتية هو البرهان القاطع على صحة النظرية الماركسية . لم يتوقع انهيار الاشتراكية السوفياتية سوى الماركسييّن الأكبرَين لينين وستالين . تبجح خروشتشوف أمام مؤتمر الحزب الشيوعي الثاني والعشرين في العام 1961 بأن فجر الشيوعية سيبزغ في العام 1990 ، ولما تيسر لي قراءة تقرير خروشتشوف في السجن في العام 63 فقط أكدت لرفاقي في السجن أن الإتحاد السوفياتي سينهار في ذلك العام، 1990 . قابل الرفاق نبوءتي تلك بالضحك ولاستخفاف وليس ذلك إلا لأنهم لم يتعرّفوا على التحريفات الفاضحة في خطاب خروشتشوف بدءاً بإسقاط دولة دكتاتورية البروليتاريا التي هي الشرط الأول من شروط عبور الإشتراكية .
لكن كيف للينين وستالين، وهما عبقريا الماركسية، أن يأخذا باحتمال انهيار الاشتراكية السوفياتية دون أن يرد مثل هذا الإحتمال لدى عامة الشيوعيين . ليس من سبب آخر سوى أن لينين وستالين ماركسيان متفقهان في علوم الماركسية وأن عامة الشيوعيين بالمقابل نصيبهم قليل من علم الماركسية . ما يفجأ المرء حقاً هو أن عامة الشيوعيين لا يعرفون الإشتراكية!! ففي اجتماع شاركت فيه قبل سنوات ضم شيوعيي الخمسينيات والستينيات ومنهم من خدم أميناً عاماً للحزب الشيوعي وأعضاء في اللجنة المركزية، وعندما عللت انهيار الاتحاد السوفياتي بالصراع الطبقي علا الإجتماع صيحات الاستنكار والاستهزاء ونهرني من كان عضواً في المكتب السياسي ـ كيف لك أن تقول بصراع طبقي في الاتحاد السوفياتي !!؟ ـ إذّاك عرفت أكثر لماذا تجاوز ستالين أعراف الديموقراطية وطلب من مندوبي المؤتمر التاسع عشر للحزب 1952 عدم إعادة انتخاب أعضاء المكتب السياسي، لكن المندوبين لم يصغوا لستالين فكان بداية انهيار الاتحاد السوفياتي .
اتحاد الجمهوريات السوفياتية الاشتراكية يقوده شيوعيون لا يعرفون حقيقة الاشتراكية يغدو انهياره أمراً محتماً . صحيح أن ستالين لم يكن يتخذ إجراءً ما بغير موافقة المكتب السياسي لكنه مع ذلك اتسم بالدكتاتورية . كان عليه ألا يفعل بغير دكتاتورية البروليتاريا وهي شرط الاشتراكية خاصة وأن المكتب السياسي للحزب، وأعضاؤه هم نخبة الحزب، لا يعرفون، أو أغلبهم على الأقل، لا يعرفون حقيقة الإشتراكية بدلالة أنهم استغنوا صراحة بعد بضع سنوات عن دكتاتورية البروليتاريا بعد أن كانوا قد تنكروا لها بعد وفاة ستالين بساعات قليلة عندما ألغوا في اليوم التالي لدفن ستالين انتخاب مؤتمر الحزب اثني عشر عضوا إضافياً في المكتب السياسي، وهو انتهاك صارخ للنظام وللقانون، ولم ينتهوا إلى إلغاء الخطة الخمسية الخامسة في سبتمبر 1953 التي أرادها ستالين أن تحقق انتصاراً في التنمية الاقتصادية والإجتماعية يوازي مأثرة سحق النازية والفاشية في القارة الأوروبية . الإشتراكية هي أساساً المعركة الفاصلة التي تخوضها البروليتاريا لكنس أوسع الطبقات وأصعبها وهي طبقة البورجوازية الوضيعة المتمثلة في المجتمع الإشتراكي بالإنتلجنسيا والعسكر والفلاحين مستخدمة كل صنوف الأسلحة وأهمها التنمية الإقتصادية التي تلغي تقسيم العمل كما كانت ستفعل الخطة الخمسية الخامسة . قال ستالين في "أسس اللينينية" أن اللينينية هي ماركسية عصر الإمبريالية ولعله كان سيضيف في العام 1938 أن اللينينية هي ماركسية عصر الإمبريالية وعصر الإشتراكية حين إكتشف مبدأً جديداً في الإشتراكية يقول .. كلما تقدم عبور الإشتراكية كلما اشتدت حدة الصراع الطبقي . لقد عانى الحزب على مختلف مستوياته بعد التقدم الكبير الذي تحقق من خلال النجاح الباهر للخطة الخماسية الأولى 1928 ـ 1932 من خيانات ومؤامرات وانشقاقات لم تكن في حسبان أحد بدءاً من اغتيال سيرجي كيروف الرجل الثاني في الحزب بمساهمة من عضوي المكتب السياسي زينوفييف وكامينيف والعبث بأمن الدولة من قبل وزير الأمن نيكولاي إيزوف ومؤامرة الإنقلاب العسكري بقيادة المارشال توخاتشيفسكي وعشرات الضباط الآخرين وأخيراً وليس آخراً خيانة بوخارين ورفيقه رئيس الوزراء الأسبق روكوف واتصالهما بتروتسكي وبالنازي . كان تطهير الحزب والدولة من هؤلاء الخونة طلائعي البورجوازية الوضيعة في الصفوف المتقدمة في الحزب وفي الدولة، وقد شكلوا النذر الأولى للثورة المضادة التي وقعت في العام 1953 ، كان تطهيرهم أمراً مستوجباً قبل المواجهة التاريخية الكبرى مع النازية والفاشية المتعاظمة في أوروبا .
ظل لينين يكرر تعريف الاشتراكية على أنها "محو الطبقات" وهو ما يعني أنها المعركة الفاصلة التي تخوضها البروليتاريا بمختلف الأسلحة لتصفية سائر الطبقات الأخرى وبالخصوص طبقة البورجوازية الوضيعة آخر أعداء الشيوعية وأصعبهم . لم يفهم الشيوعيون هذا الأمر الأساسي، لم يتعرفوا على العدو ولا على أسلحته ولا على أرض المعركة وظنوا الاشتراكية على أنها الديموقراطية والمساواة والعدالة الإجتماعية بينما تغيب تماماً مثل هذه المفاهيم في وطيس الحرب الطبقية فخسروا الحرب وخسروا أنفسهم، بل وأوقعوا بالبشرية جمعاء خسائر لم تتكبد مثل فداحتها عبر التاريخ وهي لن تغفر لهم ذلك حتى الأبد .
أعود اليوم لأكتب عن حصن الماركسية الحصين لا لأدحض مزاعم القوى الرجعية حول خواء النظرية الماركسية بدلالة تفكك مشروع لينين في الثورة الاشتراكية العالمية وانهيار الإتحاد السوفياتي بالرغم من أن الماركسية لم تعد نظرية فقط بل هي علوم تشمل مختلف النشاطات الإنسانية الفلسفية والإقتصادية والسياسية وما يتصل بها من نشاطات أخرى ولا يجوز حالتئذٍ أن يُدّعى بخواء العلوم أو بخطئها ؛ وكل من يقول بمثل هذا القول الفجّ هو الخاوي والمخطئ حيث أن انهيار مشروع لينين، وهو حجة هؤلاء الخواة والمخطئين الوحيدة، كان وارداً لدى كل من أبوي المشروع، لينين وستالين . ففي فذلكة الخطة الإقتصادية الجديدة "NEP" كتب لينين في العام 1922 محذراً من انهيار الثورة إن لم يتعلم الشيوعيون إدارة المشاريع الإقتصادية خلال سنوات قليلة. وفي العام 1951 وبعد أن برهن الإتحاد السوفياتي على أنه أقوى دولة في الأرض وأعاد إعمار كل ما دمرته الحرب، وهو هائل، خلال خمس سنوات فقط، وهو ما لم تستطعه بريطانيا وفرنسا، حذر ستالين من الأخطار الحقيقية على الثورة جراء اتخاذ بعض قادة الدولة والحزب قرارات فوقية لا تمت إلى الواقع بصلة. وأعاد التحذير في نوفمبر 1952 أي قبل موته بثلاثة أشهر فقط مؤكداً في مداخلة له في مناقشات المؤتمر العام التاسع عشر للحزب أن رفاقه في قيادة الحزب وبفعل التقدم بالسن لم يعودوا شيوعيين وهو ما يشكل خطراً داهماً على مصائر الثورة الإشتراكية، وسمح لنفسه في تلك المداخلة أن يتجاوز تقاليد الديموقراطية بفعل حرصه الشديد على مصائر الثورة والاتحاد السوفياتي فطلب من آلاف المندوبين في المؤتمر ألا يعيدوا انتخاب نفس القادة بمن في ذلك ستالين نفسه وأن ينتخبوا للقيادة شباباً متحمسين لقضية الشيوعية . لكن لأسف ستالين وخيبة أمله الشديدين أعاد المؤتمر إنتخاب نفس القادة جميعهم دون استثناء، فكان أن انهارت الثورة وبدأ انهيار الاتحاد السوفياتي بقيادة هؤلاء الذين حذر ستالين من إعادة انتخابهم قادة للحزب.
في مارس 1919 تمكن البلاشفة من سحق الثورة المضادة التي قامت بها كل القوى الرجعية والبورجوازية في روسيا وفي العام 1921 كان البلاشفة من القوة بحيث تمكنوا من هزيمة 19 جيشاً مجهزة بأفضل تجهيز من قبل الدول الرأسمالية الكبرى، بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات التحدة وعشر دول أخرى تابعة . بعد كل هذا التجلّي لقوة الثورة الإشتراكية بقيادة البلاشفة تخوّف لينين وهو المرجع الأعلى للماركسية على مصائر الثورة في العام 1922 من فشل الشيوعيين في إدارة الإقتصاد ومن التجاوز على مصالح طبقة الفلاحين ومن تمادي الخلاف بين ستالين وتروتسكي . وبعد أن قامت الدولة السوفياتية بجهود العمالقة، بوصف ونستون تشيرتشل، وخرج الإتحاد السوفياتي من الحرب العظمى كأقوى دولة في الأرض تخوف ستالين في العام 1951 ، وهو القائد الماركسي اللينيني الأعظم، تخوف من انهيار الثورة إذا ما تعرضت طبقة الفلاحين لقمع الدولة، وفي العام 1952 حذر من تقادم وتهرؤ قادة الحزب على مصائر الثورة.
المرجعيان الأعظمان في الماركسية، لينين وستالين، لم يبارح تصوراتهما إمكانية إنهيار مشروع لينين في الثورة الإشتراكية ؛ كان هذا عندما لم يكن أحد في العالم يتصور مثل هذا الإنهيار ؛ الماركسيون الحقيقيون هم فقط الذين ورد في أذهانهم احتمال انهيار التجربة الإشتراكية السوفياتية. تلك هي الدلالة القاطعة على أن ما انهار هو نقيض الماركسية وليس الماركسية بل إن انهيار الاشتراكية السوفياتية هو البرهان القاطع على صحة النظرية الماركسية . لم يتوقع انهيار الاشتراكية السوفياتية سوى الماركسييّن الأكبرَين لينين وستالين . تبجح خروشتشوف أمام مؤتمر الحزب الشيوعي الثاني والعشرين في العام 1961 بأن فجر الشيوعية سيبزغ في العام 1990 ، ولما تيسر لي قراءة تقرير خروشتشوف في السجن في العام 63 فقط أكدت لرفاقي في السجن أن الإتحاد السوفياتي سينهار في ذلك العام، 1990 . قابل الرفاق نبوءتي تلك بالضحك ولاستخفاف وليس ذلك إلا لأنهم لم يتعرّفوا على التحريفات الفاضحة في خطاب خروشتشوف بدءاً بإسقاط دولة دكتاتورية البروليتاريا التي هي الشرط الأول من شروط عبور الإشتراكية .
لكن كيف للينين وستالين، وهما عبقريا الماركسية، أن يأخذا باحتمال انهيار الاشتراكية السوفياتية دون أن يرد مثل هذا الإحتمال لدى عامة الشيوعيين . ليس من سبب آخر سوى أن لينين وستالين ماركسيان متفقهان في علوم الماركسية وأن عامة الشيوعيين بالمقابل نصيبهم قليل من علم الماركسية . ما يفجأ المرء حقاً هو أن عامة الشيوعيين لا يعرفون الإشتراكية!! ففي اجتماع شاركت فيه قبل سنوات ضم شيوعيي الخمسينيات والستينيات ومنهم من خدم أميناً عاماً للحزب الشيوعي وأعضاء في اللجنة المركزية، وعندما عللت انهيار الاتحاد السوفياتي بالصراع الطبقي علا الإجتماع صيحات الاستنكار والاستهزاء ونهرني من كان عضواً في المكتب السياسي ـ كيف لك أن تقول بصراع طبقي في الاتحاد السوفياتي !!؟ ـ إذّاك عرفت أكثر لماذا تجاوز ستالين أعراف الديموقراطية وطلب من مندوبي المؤتمر التاسع عشر للحزب 1952 عدم إعادة انتخاب أعضاء المكتب السياسي، لكن المندوبين لم يصغوا لستالين فكان بداية انهيار الاتحاد السوفياتي .
اتحاد الجمهوريات السوفياتية الاشتراكية يقوده شيوعيون لا يعرفون حقيقة الاشتراكية يغدو انهياره أمراً محتماً . صحيح أن ستالين لم يكن يتخذ إجراءً ما بغير موافقة المكتب السياسي لكنه مع ذلك اتسم بالدكتاتورية . كان عليه ألا يفعل بغير دكتاتورية البروليتاريا وهي شرط الاشتراكية خاصة وأن المكتب السياسي للحزب، وأعضاؤه هم نخبة الحزب، لا يعرفون، أو أغلبهم على الأقل، لا يعرفون حقيقة الإشتراكية بدلالة أنهم استغنوا صراحة بعد بضع سنوات عن دكتاتورية البروليتاريا بعد أن كانوا قد تنكروا لها بعد وفاة ستالين بساعات قليلة عندما ألغوا في اليوم التالي لدفن ستالين انتخاب مؤتمر الحزب اثني عشر عضوا إضافياً في المكتب السياسي، وهو انتهاك صارخ للنظام وللقانون، ولم ينتهوا إلى إلغاء الخطة الخمسية الخامسة في سبتمبر 1953 التي أرادها ستالين أن تحقق انتصاراً في التنمية الاقتصادية والإجتماعية يوازي مأثرة سحق النازية والفاشية في القارة الأوروبية . الإشتراكية هي أساساً المعركة الفاصلة التي تخوضها البروليتاريا لكنس أوسع الطبقات وأصعبها وهي طبقة البورجوازية الوضيعة المتمثلة في المجتمع الإشتراكي بالإنتلجنسيا والعسكر والفلاحين مستخدمة كل صنوف الأسلحة وأهمها التنمية الإقتصادية التي تلغي تقسيم العمل كما كانت ستفعل الخطة الخمسية الخامسة . قال ستالين في "أسس اللينينية" أن اللينينية هي ماركسية عصر الإمبريالية ولعله كان سيضيف في العام 1938 أن اللينينية هي ماركسية عصر الإمبريالية وعصر الإشتراكية حين إكتشف مبدأً جديداً في الإشتراكية يقول .. كلما تقدم عبور الإشتراكية كلما اشتدت حدة الصراع الطبقي . لقد عانى الحزب على مختلف مستوياته بعد التقدم الكبير الذي تحقق من خلال النجاح الباهر للخطة الخماسية الأولى 1928 ـ 1932 من خيانات ومؤامرات وانشقاقات لم تكن في حسبان أحد بدءاً من اغتيال سيرجي كيروف الرجل الثاني في الحزب بمساهمة من عضوي المكتب السياسي زينوفييف وكامينيف والعبث بأمن الدولة من قبل وزير الأمن نيكولاي إيزوف ومؤامرة الإنقلاب العسكري بقيادة المارشال توخاتشيفسكي وعشرات الضباط الآخرين وأخيراً وليس آخراً خيانة بوخارين ورفيقه رئيس الوزراء الأسبق روكوف واتصالهما بتروتسكي وبالنازي . كان تطهير الحزب والدولة من هؤلاء الخونة طلائعي البورجوازية الوضيعة في الصفوف المتقدمة في الحزب وفي الدولة، وقد شكلوا النذر الأولى للثورة المضادة التي وقعت في العام 1953 ، كان تطهيرهم أمراً مستوجباً قبل المواجهة التاريخية الكبرى مع النازية والفاشية المتعاظمة في أوروبا .
ظل لينين يكرر تعريف الاشتراكية على أنها "محو الطبقات" وهو ما يعني أنها المعركة الفاصلة التي تخوضها البروليتاريا بمختلف الأسلحة لتصفية سائر الطبقات الأخرى وبالخصوص طبقة البورجوازية الوضيعة آخر أعداء الشيوعية وأصعبهم . لم يفهم الشيوعيون هذا الأمر الأساسي، لم يتعرفوا على العدو ولا على أسلحته ولا على أرض المعركة وظنوا الاشتراكية على أنها الديموقراطية والمساواة والعدالة الإجتماعية بينما تغيب تماماً مثل هذه المفاهيم في وطيس الحرب الطبقية فخسروا الحرب وخسروا أنفسهم، بل وأوقعوا بالبشرية جمعاء خسائر لم تتكبد مثل فداحتها عبر التاريخ وهي لن تغفر لهم ذلك حتى الأبد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق