الرفيق محمد علي الماوي
حرب الشعب هي الحل ضد الرجعي والمحتل
حول الانتفاضة في فلسطين
(يقع إعادة إصدار هذا النص حول الانتفاضة بالرغم من أن الوضع في فلسطين يختلف عن الاوضاع الحالية في تونس ومصر وليبيا واليمن... وتختلف انتفاضة الحجارة عن الانتفاضات الحالية التي اندلعت في تونس وانتشرت كالنار في الهشيم في الاقطار العربية وأصبحت تهدد معقل الرجعية –آل سعود-
يندرج هذا النص في صراع الماويين في تونس ضد التيار التصفوي الذي اصطف وراء ما يسمى بالانظمة العربية الوطنية (ليبيا سوريا)واعتبر التيار الاسلامي تيارا وطنيا يمكن التحالف معه. 11 مارس 2011
" إن التجربة البالغة الأهمية التى جنتها الحركة الشيوعية العالمية هي أن تطور الثورة وإنتصارها يرتكزان على وجود حزب بروليتاري ثوري.
لا بد من وجود حزب بروليتاري ثوري.
لا بد من وجود حزب ثوري مبني على أساس النظرية الثورية والأسلوب الثوري الماركسي –اللينيني .لا بد من وجود حزب ثوري يعرف كيف يمزج بين حقيقة الماركسية-اللينينية العامة وبين الأعمال المحددة للثورة فى بلاده.
لا بد من وجود حزب ثوري يعرف كيف يربط القيادة ربطا وثيقا بالجماهير الواسعة من الشعب .
لا بد من وجود حزب ثوري يثابر على الحقيقة ويصلح الأخطاء ويعرف كيف يباشر النقد و النقد الذاتي .
مثل هذا الحزب الثوري فقط بوسعه أن يقود البروليتاريا والجماهير الواسعة من الشعب لهزيمة الإستعمار وعملائه ويكسب النصر التام فى الثورة الوطنية الديمقراطية و يكسب الثورة الإشتراكية .
وإذا لم يكن الحزب حزبا بروليتاريا ثوريا بل حزبا برجوازيا إصلاحيا
وإذا لم يكن حزبا ماركسيا-لينينيا بل حزبا تحريفيا،
وإذا لم يكن حزبا طليعيا للبروليتاريا بل حزبا يسير خلف البرجوازية
وإذا لم يكن حزبا يمثل مصالح البروليتاريا وجميع جماهير الشغيلة بل حزبا يمثل مصالح الأرستقراطية العمالية ،
وإذا لم يكن حزبا أمميا بل حزبا قوميا
وإذا لم يكن حزبا بوسعه أن يستخدم عقله ويفكر لنفسه بنفسه ويحرز معرفة صحيحة لإتجاهات الطبقات المختلفة فى بلاده نفسها عن طريق البحث الجاد والدراسة ويعرف كيف يطبق حقيقة الماركسية –اللينينية العامة و يمزجها بالأعمال المحددة لبلاده .
إذا لم يكن هكذا بل كان حزبا يردد كالببغاء كلمات الآخرين وينقل الخبرة الأجنبية دون تحليل ،فإن حزبا كهذا يصبح خليطا من التحريفية والجمود العقائدي وكل شيئ ما عدا الماركسية-اللينينية . من المستحيل على حزب كهذا أن يقود البروليتاريا والجماهير الشعبية الواسعة إلى شن نضال ثوري وأن يكسب الثورة وأن يؤدي الرسالة التاريخية العظيمة للبروليتاريا..." ( إقتراح حول الخط العام للحركة الشيوعية العالمية –بيكين 1963)
لكل ذلك لا بد من النضال الحازم ضد كل الجماعات الإنتهازية الساعية بمختلف الطرق إلى ترك البروليتاريا دون هذا الحزب الثوري السلاح الرئيسي فى النضال ضد الإمبريالية . إن هذه التكتلات تتسرب إلى الحزب حاملة إليه روح التردد والإنتهازية فهي منبع الفكر الإنقسامي والتفكك ومنبع تخريب الحزب وتفكيك تنظيمه وهدمه من الداخل . إن إعلان الحرب ضد الإمبريالية مع وجود مثل هذه العناصر المتذبذبة والمتذيلة إلى الإصلاحية معناه التعرض إلى نار من جهتين ولذلك فإلنضال بلا هوادة ضد التكتلات هذه والتخلص منها هما الخط الأولى للنضال الناجح ضد الإمبريالية وعملائها.
مقدمة :
تتواصل الإنتفاضة لتتجاوز شهرها العاشر ويتدعم الصمود يوما بعد يوم رغم شراسة القمع ورغم تحركات المعسكر الإمبريالي لتطويقها والنشاط الحثيث لقوى الإستسلام وفى حين بعثت إنتفاضة الحجارة الهلع فى صفوف الأعداء فقد بعثت الأمل فى أبناء الشعب العربي الذين هبوا لمساندتها كما هبت القوى الثورية عموما فى العالم للتعبير عن تضامنها معها وسخطها على ممارسات الكيان الصهيوني الهمجية لكن هذا الأمل لن يعرف طريقه نحو التحرر الوطني الديمقراطي ( الوط. الد) طالما لم تبرز القيادة البروليتارية القادرة وحدها على إنجاز التحول النوعي والسير بنضالات الجماهير نحو إرساء حرب الشعب طويلة الأمد (ح. ش. ط. أ ) والتصدى بالتالي لمناورات الإمبريالية وعملائها.
لقد عانى الشعب العربي الويلات من الإستعمار المباشر وقدم التضحيات الجسام لكن بفعل غياب حزب الطبقة العاملة ( ح. الط. الع.) إنتصرت الأنظمة الحالية لتمارس سياسة لاوطنية ولا شعبية ولا ديمقراطية قائمة على تلجيم الشعب الكادح وتجويعه وهي الآن بدفع من الكتلتين الإمبرياليتين تحاول جاهدة خنق الإنتفاضة والحيلولة دون بروز قيادة برولتارية من أجل فرض واقع الإستسلام والهيمنة الإمبريالية وتنصيب دويلة فى الضفة والقطاع تقوم بدور الحارس لمصالح الإمبريالية وعملائها الكمبرادور والإقطاع.
و حتى لا تبقى الجماهير المنتفضة فاقدة للقيادة المعبرة عن تطلعاتها نحو التحرر والإنعتاق وحتى لا تقع من جديد سرقة نضالاتها والمساومة بدماء الشهداء وبالرغم من ضعف القوى الو.الد. والماركسية-اللينينية على وجه الخصوص فإنه من واجبنا الوقوف أمام أهم مميزات تجربة حركة التحرر فى الوطن العربي ونقدها من منظور مصالح العمال والفلاحين وباقى الطبقات الثورية وذلك بالإستفادة من التجارب الظافرة لبلورة البديل الوط.الد. فكيف ننظر إلى إنتفاضة الحجارة وما هي طبيعة القيادات الفلسطينية الرسمية الحالية التى أثبتت عجزها ولماذا يعتبر الشيوعيون الماويون حرب الشعب البديل الوحيد الذى يتم من خلاله إقامة السلطة الديمقراطية الشعبية المتحولة الى الاشتراكية وقد رفع الماويون مرارا وتكرارا شعار:"حرب الشعب هي الحل ضد الرجعي والمحتل"
I :/ الأسباب الفعلية للإنتفاضة وطبيعتها
تعتبر إنتفاضة الحجارة ردا مباشرا على واقع الإحتلال واقع هيمنة الإمبريالية وبشاعة الصهيونية كأداة منفذة لسياستها الإستعمارية وتستمد الجماهير العربية المنتفضة منذ أكثر من 10 أشهر بلا إنقطاع فى الضفة والقطاع قوتها من الرفض الجماعي للمؤسسة الصهيونية ولسياسة النهب والتشريد والتجزئة ومن ايمانها بعدالة قضيتها وطموحها المشروع نحو التحرر الوطني والإجتماعي وتعتبرهذه الإنتفاضة تجسيدا ملموسا للتناقض المحتد بإستمرار :
التناقض بين الإمبريالية والإمبريالية الإشتراكية وعملائهما من جهة وبين الأمة العربية المضطهَدة من جهة ثانية وهو التناقض الرئيسي من بين التناقضين الأساسيين . لقد أثبتت "جماهير الحجارة" أن هذا التناقض قائم الذات رغم محاولات التهميش وسياسة الإستسلام وهو تناقض لن يحسم بالمفاوضات السلمية ولن تخمد نيرانه بمجرد رفع شعار "الإنفراج الدولي" المزعوم.
لقد أعادت إنتفاضة الحجارة إلى جانب نضالات شعوب آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية إلى الأذهان أن العصر هو عصر إنهيار النظام الإنبريالي وإنتصار الثورة الإشتراكية والثورة الوطنية الديمقراطية كجزء لا يتجزأ منها وأن الإتجاه العام الذى يحكم عصرنا هو الإتجاه نحو الثورة ،نحو دحر النظام الإمبريالي والقضاء على إستغلال الإنسان للإنسان .
كما كشفت إنتفاضة الحجارة عقم تنظيرات الأحزاب التحريفية والجبهات الإصلاحية الداعية للوفاق الطبقي والمدافعة عن الإستعمار الجديد وإستغلت الإمبريالية وعملاؤها بما فى ذلك القيادات الإصلاحية المندسة ضعف القوى الوطنية والقوى الم-الل تحديدا لتطرح المسألة الوطنية من جدول أعمالها ولتستبدل "برنامج التحرير" ببرنامج العمالة. بيد أن الجماهير أحيت الإعتبار لمسألة تحرير الأرض العربية وبينت بالملموس رغم تواطؤ الأنظمة وتلاعب القيادات بمصالحها أنها قادرة على الصمود أمام العدو الصهيوني أداة الإمبريالية واثبتت أن قضية تحرير شعب ليست مجرد وليمة أو موائد مستديرة تحاك من حولها المؤامرات وتباع فيها مصالح الوطن والشعب بالمزاد العلني.
لقد صمدت جماهير الحجارة أمام الترسانة الحربية للكيالن الصهيوني وسجل الشعب العربي بمختلف فئاته صفحات بطولية كتبها بدم أبنائه وأحدث الرعب فى صفوف العدو حيث إنهارت معنويات مرتزقته وإنهارت مؤسساته فإفلست العديد من البنوك وسجلت ميزانيته الحربية عجزا يفوق 250 مليون دولار كما بثت الإنتفاضة الهلع فى صفوف طبقتي الكمبرادور والإقطاع فسارعت الأنظمة إلى محاصرة الجماهير المنتفضة وراهنت على إنطفاء هذا المد وقمعت المظاهرات الإحتجاجية التى إندلعت فى العديد من الأقطار العربية كما فرضت الإنتفاضة الأمر الواقع على القيادات اليمينية التى لم تطلق ولو رصاصة واحدة رغم إمتلاكها لكل أنواع الأسلحة على مرتزقة الإمبريالية بل مجدت الحجارة والتحركات السلمية وتحركت دوليا من أجل الإعداد للمفاوضات والإعتراف بشرعيتها والمساومة بدماء الشهداء.
وكما أن الإنتفاضة تعبير عن إرادة شعب إتحد فى النضال ضد العدو المشترك الإمبريالية والإمبريالية الإشتراكية والصهيونية والرجعية العربية فإنها ردّ مباشر على الأماني والوعود التى تدوم منذ أكثر من 40 سنة وهي كذلك ردّ على عصابة "أمل" وعلى الإخوان المسلمين وعلى حرب المخيمات وحرب الخليج وهي بإيجاز رد على نهج الإستسلام الذى برز خاصة منذ 1973 نهج التسوية والتجزئة وهي فى الآن نفسه كشف لمواقع الإستسلام ورموزه فى الأقطار العربية وفى منظمة التحرير الفلسطينية ذاتها.
لقد فتحت الإنتفاضة أفاقا جديدة بنزول الشعب إلى الميدان وأعادت الإعتبار للعديد من القيم التى ظن الكثيرون أنها إنطوت وفات زمانها فهي تطرح بكل إلحاح الإعداد الجدي للتحول النوعي من خلال إعادة بناء حركة التحرير إيديولوجيا وسياسيا وتنظيميا وهي فرصة ثمينة لكافة القوى الماركسية-اللينينية والوطنية عموما لتقيم التجارب السابقة من منظور مادي جدلي يكشف من خلاله طبيعة القيادات اليمينية ويبلور البديل الوط. الد. وكيفية التقدم فى إنجازه من خلال حرب الشعب.
أ- طبيعة الإنتفاضة :
لقد إكتفينا بذكر الأسباب الموضوعية الناتجة عن التناقضات التى تنخر النظام الإمبريالي لكن هذه التناقضات مهما إحتدت فى فترات معينة بفعل عملية التراكم فهي فى حاجة إلى عامل ذاتي متطور أي إلى قيادة ماركسية –لينينية قادرة على السير بنضالات الجماهير فى إتجاه إنجاز المهام الوطنية الديمقراطية . وندرج فى هذا الإطار إلحاحنا كماركسيين –لينينيين ماويين على ضرورة قيادة البروليتاريا الضامن الوحيد لتجاوز الحركات العفوية من جهة والحيلولة دون عمليات الإحتواء من جهة ثانية .
إن تأكيدنا على تمسكنا بقيادة حزب الطبقة العاملة (ح. الط. الع) والإقرار بغياب نواته حاليا فى الأرض المحتلة لا يعنى البتة الإستهانة بنضال الشعب ولا إحتقار الإنفجارات الشعبية حتى وإن كان الجانب الأهم منها متسما بالعفوية وبالرغم من بروز قيادات محلية ميدانية وإذا إستثنينا القيادات التى تحاول عبثا ركوب الإنتفاضة فإننا نعتقد أن الإنتفاضة سجلت العديد من الجوانب الإيجابية التى يمكن حوصلتها كالآتى :
- التمسك ببرنامج التحرير وتحدى الأعداء والعملاء.
- الصمود أمام تصاعد القمع وتعدد المناورات .
- تصعيد المقاومة وتنويع الأساليب بالإعتماد على النفس وعلى المبادرات الخلاقة للجماهير .
- بروز لجان القيادات الميدانية وتشريك الشعب فى أخذ مصيره بيده والعمل على تنظيم المواجهة وضمان إستمرارية الإنتفاضة وشموليتها.
- تنظيم الحياة الجماعية ودعم التضامن وكل أنواع التعاون وذلك بتوفير الحد الأدنى فى المجال الصحي والإسعاف وتوزيع الغذاء .
- تشكيل لجان تشرف على التدريس وعلى العمل التطوعي .
- الحفاظ على إستمرارية العمل وصيانة القيادات الميدانية وإلتفاف الشعب حولها.
وبإيجاز فقد فرضت الإنتفاضة إعادة الحسابات وكشفت رموز الإستسلام وتحدت العدو والعملاء والقيادات اليمينية . لكن رغم هذه الإيجابيات ورغم شمولية الإنتفاضة وإستمراريتها فمن واجبنا وضع الإصبع على النواقص وعدم السقوط فى تقديس العفوية . وتتمحور هذه النواقص رئيسيا حول غياب القيادة البروليتارية والبرنامج الوطني الديمقراطي المجسد لها فبالرغم من مرور 23 سنة على إندلاع الكفاح المسلح ورغم التجارب العديدة الممتدة على ما يزيد على نصف قرن فقد ظلت الإنتفاضة بحكم غياب الخط الماركسي-اللينيني الماوي وأداته التنظيمية أقرب إلى العفوية
وقد بينت التحركات الجماهيرية السابقة والإنتفاضة الحالية أن ضعف العمل الذاتي وإنحسار الطرح الوطني الديمقراطي جعلا الإنتفاضة تتأثر بالخط اليميني للقيادات الرجعية والإصلاحية وتظل رغم الصمود عرضة للإحتواء والتهميش ولذلك بدت الإنتفاضة ضعيفة وكأن الجماهير لم تمارس الكفاح المسلح من قبل وإكتفت بالحجارة وراحت القيادات تمجد الحجارة والتوجهات السلمية وتنصح بعدم إستعمال السلاح وتلح على ذلك وترفض طبعا مد الجماهير به وأصبحت العمليات المسلحة تعد على الأصابع رغم إمتلاك هذه القيادات السلاح ورغم قدرتها على إختراق الحدود.
إن ذكر أهم السلبيات ليست إستهانة بطاقات الجماهير أو إستصغار لنضاليتها بقدر ما هي وقوف عند تجربة الشعب الكادح ومحاولة تطويرها من قبل قيادة ماركسية-لينينية إلى حرب شعب تعيد الإعتبار للبرنامج الوطني الديمقراطي.
ان الإمبريالية وعملائها بما فى ذلك القيادات الإصلاحية يحاولون سلب الجماهير ثمرة نضالاتها ويعملون جاهدين فى حالة تصاعد الحركة الشعبية على إطفاء تحركاتها والحيلولة دون بروز قيادة جذرية.
إن الظرف الموضوعي سانح أكثر من أي وقت مضى للوقوف أمام سلبيات الماضي ونقد تجربة الفصائل وتنقية صفوفها من الإصلاحية وعلى رأسها التحريفية والجبهات الدائرة فى فلكها فالإرتقاء بوعي الجماهير ممكن وطرح حرب الشعب ممكن وتدرك الرجعية ذلك حق الإدراك وتهاب "إمكانية" بروز قيادة جذرية تكون نواة لحزب الطبقة العاملة ولذلك تسارع إلى المناورة وتعد العدة إلى خنق الإنتفاضة والتطبيل إلى المؤتمر الدولي وإلى حكومة المنفى إلخ... من الحلول التصفوية التى تكرس الهيمنة الإمبريالية على شعبنا . وقد جاءت قمم المعسكر الإمبريالي وقمم الأنظمة الرجعية لتقنن هذا التوجه الذى بدأ يستفحل خاصة منذ حرب تشرين 1973
II /: الإنتفاضة تتحدى نهج التسوية والتجزئة
تعتبر الإنتفاضة تجسيدا واضحا لإحتداد التناقض بين الإمبريالية والإمبريالية الإشتراكية وعملائهما وبين الشعوب والأمم المضطهَدة وهو تناقض رئيسي يحدد سيرورة بقية التناقضات الأساسية وأمام إحتداد هذا التناقض يزداد تخوف المعسكر الإمبريالي من إمكانية إندلاع حرب شعبية تهدد فعليا مصالحه وتواجده في المنطقة العربية وتعلن بداية إنهيار النظام الإمبريالي . وهكذا أمام خطر إنهيار هذا النظام الإستغلالي فقد أعادت الإمبريالية والإمبريالية الإشتراكية سيناريو "الوفاق الدولي" وتظاهرت بحل النزاعات الإقليمية والتوجه نحو تقليص الأسلحة النووية إلخ وعقدت قمة موسكو قمة التآمر على مصالح البروليتاريا وشعوب العالم وأممه المضطهَدة.
لقد إتفقت الكتلتان الإمبرياليتان فيما يخص الوطن العربي وتحديدا فلسطين على :
1- "بذل كل الجهود من أجل التصدى للعنف والمواقف المتطرفة وتوخي الواقعية والإعتدال".
2- التصدى إلى نشوب حرب ضد الكيان الصهيوني لأن ذلك يهدد مصالح الكتلتين ويهدد كيان الأنظمة العميلة نفسها.
3- " تسوية النزاع على مراحل عن طريق المفاوضات ومراعاة مصالح الأطراف المختلفة ".
فى حين إختلف قائدا المعسكر الإمبريالي فى صيغ موحدة لعقد مؤتمر دولي وفى كيفية تمثيل "الفلسطينيين" ويندرج هذا الإختلاف فى إطار التنافس وإعادة تقسيم النفوذ. وقد وجه كل من ريغن وغورباتشوف رسائل إلى " القمة العربية " وإلى الملوك والأمراء الذين إلتزموا حرفيا بتوصيات الإمبريالية وخصصوا أكثر من 70 بالمائة من الوقت لنقاش كيفية تصفية القضية من خلال المؤتمر الدولي وخرجت الرجعية كالعادة تطبل ل"وحدة الصف العربي". وإعتبر البعض إن "المؤتمر حقق نصرا كبيرا وأن القمة أنحج القمم العربية منذ 15 سنة ".
وهكذا قدمت الرجعية العربية واقع الهيمنة والإستسلام كإنتصار ثمين وهو بالفعل إنتصار ظرفي للرجعية جاء بعد محاولات عدة لضرب صمود الشعب العربي بأشكال ملتوية والتقدم بحذر نحو تقنين الإستسلام وفرض الإعتراف حسب توصيات المعسكر الإمبريالي . فبعد قمة الخرطوم وشعار " لا صلح، لاإعتراف، لا تفاوض" وعلى عكس ما جاء به الميثاق الوطني الفلسطيني حيث تؤكد 22 مادة من بين 33 "على رفض كل الحلول البديلة عن تحرير فلسطين تحريرا كاملا و بأن الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد للتحرير وأن تقسيم فلسطين عام 1947 و قيام الكيان الصهيوني باطل من أساسه ..." وبعد أن أقر المجلس الوطني الفلسطيني فى نيسان أفريل 1972 النضال ضد عقلية التسوية وما تفرزه من مشروعات ضد نضال شعبنا فى تحرير وطنه ومسخ هذه القضية بمشروعات الكيانات أو الدولة الفلسطينية على جزء من فلسطين والتصدى لهذه المشروعات بالكفاح المسلح المرتبط به".
بعد كل ذلك أصبح من يقاوم التسوية متهما "بالتطرف والطعن فى شرعية م.ت.ف".فى حين أن التاريخ يثبت أن القيادات هي التى خرجت عن شرعية طموحات الجماهير العربية. وهكذا فقد تم إقرار برنامج النقاط العشر الداعي إلى "إقامة سلطة وطنية على جزء من فلسطين وذلك منذ الدورة 12 للمجلس الوطني الفلسطيني فى حزيران جوان 1974 وإرتدت هذه السلطة المزعومة زيا رسميا فى الدورة 13 إذار مارس 1977 فباتت تعرف بإسم "الدولة الوطنية المستقلة" لتصل فى الدورة 16 شباط فيفري 83 إلى دولة الكنفدرالية مع الأردن.
لقد إنقلب الميثاق الفلسطيني رغم نواقصه إلى نقيضه وتحولت قيادة م.ت.ف. والمنظمة نفسها إلى منظمة إستسلام وأصبحت المصطلحات التالية هي الرائجة فى المنظمة : "الدولة المستقلة –الكنفدرالية ، الحوار مع القوى الصهيونية ،الإعتراف المتبادل – الموافقة على قرار المم المتحدة بما فى ذلك قرار 242 – تأييد مبادرة بريجنيف والمؤتمر الدولي – الأرض مقابل السلام-إتفاق عمان –بيان القاهرة الذى "أدان الإرهاب والعمليات الفدائية" –"السلام العادل والشامل – حكومة المنفى" ...إلخ
يتضح إذن أن قمة الجزائر الأخيرة هي تتويج لنهج التسوية والخيانة الوطنية إذ أن برنامج الإستسلام السائد لدي الأنظمة العميلة يتمحور حول البرنامج المرحلي ذى النقاط العشر منذ حوالي 15 سنة ومنذ قمة فاس إلتقى البرنامجان فى إتجاه التطابق التام ولم يعد الكفاح المسلح وسيلة للحسم بل مجرد أدوات مراقبة لتحريك عملية التسوية كما صرح بذلك رئيس الأركان المصري عبد الغني الحمصي بعد حرب تشرين 1973 كما أن العمليات الفدائية هي من منظور قيادة المنظمة مجرد أدوات ضغط للقبول بها طرفا فى التسوية وتعتبر الإنتفاضة كذلك من منظور القيادات وسيلة ضغط لتمرير التسوية والإعداد للمؤتمر الدولي .
لقد أصبح إذن من قبل قصر النظر السياسي عدم مسك هذه الحقائق وعدم تسليح الجماهير بها. إنه من واجب الشيوعيين الإصداع بهذه الحقائق لعموم الشعب وعدم الدخول فى لعبة مغالطة الجماهير أو إيهامها بأن القيادات الحالية قد تسير بها إلى النصر.
لقد إفتضحت عمالة الأنظمة بدون إستثناء وظل واضحا أن قيادة م.ت.ف تدافع عن برنامج الكمبرادور والإقطاع برنامج "المجموعة المليونيرية الفلسطينية" التى إجتمع بها عرفات فى الحمامات-تونس- فى أوائل 1983.
إن اللهث وراء السلام مقابل قطعة أرض هو فى الحقيقة الإستسلام بلا قيد أو شرط أي التسوية والهيمنة الإمبريالية والمزيد من التجزئة وهذا فى الواقع ما إقرته القمم السابقة و قمة الجزائر:
- الإعتراف بالكيان الصهيوني والتوجه نحو التطبيع.
- التصدى للبندقية والعمل على إسقاطها بكل الوسائل .
- محاصرة الفكر الوطني سواء من خلال عمليات القمع المباشر أو بإستعمال الفرق الإصلاحية والظلامية وتحويل إتجاه البندقية بإشعال نار الخلافات الطائفية وتشجيع الإنقسامات.
- تقنين الإقليمية من منطلق الحفاظ على مصالح السماسرة والإقطاعيين ورفع شعار خطر الكانتونات والطائفية .
وحول محاور الإستسلام هذه يتم التقارب الحالي بين الأنظمة وتتم عملية تجاوز ما سمي بالخلافات العربية وذلك تجنبا لإنفلات الوضع فيتم التطبيع بين النظام الليبي والنظام التونسي وبين مثيله فى الجزائر ونظام الحسن الثاني وبين هذا الأخير والبوليزاريو ثم يتم إيقاف حرب الخليج والتطبيع مع نظام مخيم داوود.
III / عجز القيادات ناتج عن طبيعتها :
إن طبيعة القيادات وتركيبتها الطبقية تجعلها بعيدة كل البعد عن طرح مهام الثورة الوطنية الديمقراطية وعن إيجاد الأدوات الضرورية للتقدم فى إنجاز هذه المهام. لقد إنحدرت قيادة الجبهات رئيسيا من التيارات القومية فمنها من تمركس إثر هزيمة البرجوازية الوطنية وتحول فى النهاية إلى معسكر الثورة المضادة بدفاعه العلني عن خط الإمبريالية الإشتراكية ومنها من حافظ على النفس الوطني المنقوص الذى إنبنى على أساسه وواصل الدفاع عن مصالح البرجوازية الوطنية .
ولذلك فإنه من الضروري التفريق بين الجبهات التى تبنت مواقف الإستسلام وأصبحت تدافع علنا عن الإمبريالية الإشتراكية وبين الجبهات الرافضة للحلول الإستسلامية والتى رغم تذبذبها ما زالت تقف فى فترات محددة إلى جانب نضالات الجماهير.
وفى حين تعمل الجبهات الإصلاحية الدائرة فى فلك الأحزاب المسماة باطلا شيوعية على إستبدال هيمنة إمبريالية بهيمنة إمبريالية أخرى لا تقل شراسة على غرار ما حدث فى أنغولا مثلا. وفى الوقت الذى يتحتم على الشيوعيين الحقيقيين فضح طبيعة هذه القيادات وتلاعبها بمصالح الشعب فإنه من الضروري التمايز مع الجبهات الوطنية المعبرة عن مصالح البرجوازية الوطنية والتقدم نحو بناء الحركة الشيوعية الماركسية –اللينيني’. المنطلق من مصالح العمال والفلاحين وباقي الفئات الشعبية ومن هذا المنظور فإن منطلقاتها الطبقية تختلف إيديولوجيا وسياسيا وتنظيميا عن المنطلقات الجبهوية ولا يمكن لهذا البديل الثوري أن يبنى إلا على أنقاض التحريفية المندسة فى حركة التحرر من جهة وفى تباين مع القوى الوطنية من جهة ثانية وهذا لا يمنع العمل المشترك مع القوى الوطنية فى إطار جبهة وطنية ديمقراطية شعبية معادية للإمبريالية والصهيونية تحت قيادة حزب الطبقة العاملة الماركسي-اللينيني.
أ- القيادات الإصلاحية تعبر عن مصالح الإمبرالية الإشتراكية :
لقد تمكنت هذه القيادات من إزاحة النفس الوطني وتنكرت كليا للمواثيق التى قامت على أساسها وإلتحقت نهائيا بمعسكر الثورة المضادة خاصة بعد إنطفاء مشعل دكتاتورية البروليتاريا فى الصين. إن برنامج هذه القوى الإصلاحية ينحصر فى الإطار العام الذى ترسمه الإمبريالية الإشتراكية ويتمحور حول الإعتراف بالكيان الصهيوني والعمل من خلال المؤتمر الدولي على إيجاد الدويلة الممسوخة ويستخدم العمل المسلح فى إطار التنافس بين الكتلتين الإمبراليتين كأداة للاتعجيل بالحل الإستسلامي . وقد تقابل خط التسوية السوفياتي بخط التسوية الأمريكي وحصل التحالف بين هذه الجبهات والقيادة العرفاتية وذلك على أساس البرنامج المرحلي للنقاط العشر فهو برنامج توحدت حوله القوى الرجعية والإصلاحية فى فلسطين ذات المصلحة فى وجود الكيان الصهيوني والمرتبطة بالطبقات الحاكمة عملية الإمبريالية والإمبريالية الإشتراكية.
ولا يمكن لبرنامج التسوية والتجزئة المعبر عن مصالح الكمبرادور والإقطاع أن يكون برنامج العمال والفلاحين وباقي الفئات الشعبية ولا يمكن لمثل هذه القيادات أن تكون قيادات ثورية ولذلك نظرا لسيطرة الخط الرجعي العرفاتي على منظمة تحرير فلسطين والتأييد الإصلاحي لهذا الخط فقد وقع إفراغ النضال الوطني والديمقراطي من محتوياته وتحول النضال ضد التواجد الإمبريالي إلى جلسات ضيقة تعارض هذا المشروع الإمبريالي لا كمشروع يقنن الهيمنة والنهب وواقع بل لأنه لا يعترف بهذا الفصل أو ذاك وفى ظل هذا التنافس الإمبريالي إنتعش التيار الظلامي وإستخدم الإخوان فى تقويض الحركة من الداخل لدفعها إلى المزيد من الإنقسامات والمعارك الجانبية .
وليس من الغرابة أن يفرز برنامج الإستسلام قيادات رجعية مرتبطة بمصالح الطبقات الحاكمة المرتبطة هي الأخرى بمصالح الإمبريالية كما أنه ليس من الغرابة أن تتوخى هذه القيادات أساليب لاعلاقة لها بالنضال الجماهيري ولا بالكفاح المسلح وتحاول جاهدة ضرب إمكانية بروز نواة حزب الطبقة العاملة والجبهة الوطنية الديمقراطية الشعبية وجيش الشعب الأدوات الضرورية لتحرير الشعب العربي.
ولذلك فمن الطبيعي أن تتوجه هذه القيادات إلى الإعتماد على الأنظمة وعقد التحالفات الفوقية بمعزل عن مصالح الجماهير العربية فى فلسطين وفى بقية الأقطار وأن تجعل من القضية قضية محلية وإقليمية لتخرج الشعب العربي من المواجهة وتنفرد بالقيادة لفرض وصايتها. وفى هذا الإطار يندرج إحترام هذه القيادات الحدود المصطنعة والإعتراف بشرعية الأنظمة وعدم التدخل فى شؤون البلد المستضيف وبالتالي توخي أسلوب العمل الشرعي فى ظل القوانين الجائرة وعدم تجنيد الجماهير العربية رغم توفر الظروف الموضوعية بل تركها عرضة للمجازر والتنكيل كما حدث ذلك سابقا فى الأردن ( أيلول الأسود) أو فى لبنان تل الزعتر والإجتياح الصهيوني وحرب المخيمات أو فى سوريا وتوخي أسلوب المفاوضات بغض النظر عن موازين القوى وإستبدال البرنامج بتكتيكات مرحلية والإلتجاء إلى العمل المسلح فى إطار المزايدات لا غير ومقابل ذلك نبذ النضال الجماهيري وأسلوب حرب الشعب طويلة الأمد والإعتماد على التسلح الثقيل والقواعد الثابتة وأسلوب المواجهات النظامية وتحويل منظمة تحرير فلسطين إلى مؤسسة مالية تفوق ميزانيتها بعض ميزانيات الأنظمة وإلى أداة مساومة بمصالح الشعب العربي فى يد الرجعية العربية .
ب- محدودية القيادات الوطنية:
لقد إتضح أن برنامج التسوية للجبهات الإصلاحية الدائرة فى فلك ما يسمى بالأحزاب الشيوعية الموالية للإمبريالية الإشتراكية قد تطابق مع برنامج التسوية للإنظمة العربية ولذلك لا يمكن إسقاط برنامج التسوية وقياداته إلا بتبنى برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية ولايمكن لهذا البرنامج أن يعرف طريقه نحو التجسيد العملي إلا عن طريق طليعة الطبقة العاملة المنظمة فى الحزب الماركسي –اللينيني والمتحالفة مع جماهير الفلاحين وباقي الطبقات الثورية ومن هذا المنظور لا يمكن لبرنامج الفصائل الوطنية أن تتحول إلى برنامج الثورة والتخلى الفعلي عن قيادة نضالات الجماهير . ولذلك فمن الضروري الوقوف عند محدودية ذلك البرنامج وطبيعة القيادات الوطنية المتذبذبة والإشارة إلى السلبيات التى يحاول أصحاب الطرح اليميني المندس طمسها والسكوت عنها من أجل ضرب إستقلالية الطرح الوطني الديمقراطي والتقديس للتوجهات الجبهوية .
لقد تم إنشاء منظمة تحرير فلسطين سنة 1964 بقرار رسمي عربي وكلف أحمد الشقيري القوى المنظمة أن تحل تنظيماتها وتنصهر فى المنظمة وضم المجلس المعين إعيانا ونوابا وجهاء ولاأحد من سكان المخيمات طبعا. وبالرغم من تبنى المجلس فى دورته الأولى قضية التحرير المنصوص عليها فى الميثاق القومي فإن تركيبة القيادة و طبيعتها لا تسمح لها بالعمل من أجل التحرير وظلت القرارات محكومة بقرارات القمة العربية وسياسات الأنظمة وخاصة منها النظام المصري والأردني والسوري.
ثم جاءت إنطلاقة فتح بالكفاح المسلح سنة 1965 وسط صراع محتدم فى صفوف الحركة القومية بين الناصريين والبعثيين هذا الصراع الذى تواصل إلى هزيمة حزيران1967 وفى ظل غياب البديل وإثر هزيمة البرجوازية الوطنية تدعمت صفوف فتح بعشرات الآلاف بعد أن كانت معتمدة أساسا على أوساط الإخوان المسلمين ووجدت قيادة المنظمة أن برنامجها مختلف عن برنامج الأنظمة التى أوجدتها فبرنامج المنظمة برنامج تحرير حسب الميثاق وبرنامج الأنظمة بما فى ذلك الجمهورية العربية المتحدة برنامج إزالة آثار العدوان وتنفيذ مضمون القرار 242 . وما لبثت الأنظمة أن سلمت فتح قيادة المنظمة سنة 1969 وإنتقلت القيادة من يحيى حمودة إلى ياسر عرفات ولئن طبل البعض إلى التحول الثوري فإن الأمور كانت تسير على عكس ذلك.
فقد وافق عبد الناصر فى تموز جويلية 1970 على مشروع روجرز . فى 17 أيلول بدأت المعارك فى الأردن و قبل إنتهائها بدأنا نسمع أحاديث عن الدولة الفلسطينية فى عمان وفى داخل فتح نفسها وأخيرا جاءت حرب تشرين أكتوبر 1973 لتفتح الباب واسعا امام عجلات الإستسلام. لقد دلت الأحداث إذن على عجز القيادات الوطنية التى ولى عهدها من جهة وعلى محدودية برامجها من جهة أخرى ورغم الفشل الذى شهدته البرجوازية الوطنية وبالرغم من حدوث تراكمات إيجابية وإستخلاص الدروس فإن القيادات الوطنية لم تعمل على تطوير برامجها ولا يمكن لها أن تفعل ذلك كما أنها متمسكة بنفس الأساليب السابقة ولذلك لم تتمكن فتح الإنتفاضة مثلا من تجاوز ما سمي بأزمة منظمة تحرير فلسطين ولا يمكن لها أن تبرز كبديل بل إستغلت قيادة منظمة تحرير فلسطين هذه الخلافات لتدعم نفوذها وتفرض المزيد من الإستسلام.
وعوض فهم نواقص هذه الجبهات على مستوى البرامج والأساليب وطرح البديل الوطني الديمقراطي وحرب الشعب من أجل إنقاذ الجماهير من النكسات فقد راح التيار التصفوي يؤله جبهة الإنقاذ ويعتبرها البديل الوحيد القادر على إنقاذ م. ت. ف. والتصدى للإستسلام متناسيا إرتباطها ببعض الأنظمة العربية كما إعتمد هذا التيار "القومجي"المتمركس على أهمية المسألة القومية فى المستعمرات وأشباهها لإحياء الطرح البرجوازي من جهة ويطمس البديل الماركسي-اللينيني من جهة ثانية ويعمل فى الآن نفسه على طبع البديل الماركسي-اللينيني بطابع يميني يضمنه محتويات بعثية شكلا ومضمونا.
إن الموقف الشيوعي واضح من الفكر القومي ومن تعبيرات البرجوازية الوطنية .إنه يدعم الحركات الوطنية طالما تقف إلى جانب الشعب فى نضاله ضد الإمبريالية وعملائها وعلينا بوصفنا شيوعيين أن نؤيد الحركات التحررية البرجوازية فى المستعمرات فى الحالات التى تكون فيها هذه الحركات ثورية حقا وفى الحالات التى لا يعيقها فيها ممثلو هذه الحركات عن تربية وتنظيم جماهير الفلاحين والجماهير الغفيرة من المستثمَرين تربية ثورية وتنظيما ثوريا ..( ص 168 لينين ،تقرير اللجنة المختصة بالمسألة القومية ).إن التحالف مع الحركات الوطنية المطروح إنجازه هو تحالف مبني على أساس تحالف العمال والفلاحين وباقي الفئات الشعبية بقيادة حزب الطبقة العاملة فلا مجال إذن للتنازل عن قيادة الجبهة الوطنية الديمقراطية المزمع بناؤها من خلال خوض حرب الشعب.
/ IV لا بديل عن برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية :
لقد إثبتت تجارب الشعوب الظافرة وأثبتت تجربة الشعب العربي إنه لا يمكن هزم الإمبريالية بكتلتيها وعملائها إلا بقيادة بروللتارية مدافعة فعلا عن مصالح العمال والفلاحين وباقي الفئات الشعبية ولا يمكن لهذه القيادة أن تكون سوى طليعة الطبقة العاملة المنظمة فى حزب ماركسي-لينيني متسلح ببرنامج الثورة الوطنية الديمقراطية .
إن الإنتفاضة والجماهير العربية عموما فى حاجة إلى مثل هذه القيادة لتعيد الإعتبار إلى الطرح الوطني الديمقراطي وتضع المسألة الوطنية فى صدارة إهتماماتها .
لقد دأبت القيادات الحالية على تشويه المسألة الوطنية والخلط بين الأعداء والأصدقاء ففى حين تتظاهر بعض الأنظمة والقوى الموالية لها بالوطنية لتغطية طابع العمالة فقد حاولت القوى الإصلاحية التابعة للإمبريالية الإشتراكية حصر النضال الوطني المزعوم فى التصدى لأمريكا وقدمت الإمبريالية الإشتراكية كصديقة للشعوب رغم ما تقوم به من إضطهاد فى إيرتريا وفى أفغانستان...
إن النضال الوطني لم يعد يعنى النضال ضد الإمبريالية الأمريكية فقط بل يعنى كذلك النضال وبنفس الحزم ضد حلف وارسو وعلى رأسه الإتحاد السوفياتي الذى تحول إلى إمبريالية إشتراكية منذ صعود التحريفية على إثر موت الرفيق ستالين. كما أن النضال الوطني يعنى التصدى لكل الإختيارات اللاوطنية التى تسنها الطبقات الحاكمة بتوصية من أسيادها الإمبرياليين . ولذلك فإن القضاء على التخلف وواقع الكبت والحرمان مرتبط بالقضاء على الهيمنة الإمبريالية فالوطنية تعنى بناء إقتصاد متحرر يحافظ على خيرات البلاد ويرتقى بمستوى عيش الجماهير الكادحة وينقذها من البؤس والحاجة ويوفر لها الشغل القار والمسكن اللائق والعلاج الضروري ويضمن لها حق التعليم المجاني والإجباري ويركز الثقافة الوطنية كما أن القضاء على الإمبريالية يهدف إلى تحرير جماهير الفلاحين من الإضطهاد الإقطاعي بإنجاز الإصلاح الزراعي الفعلي وتحقيق شعار الأرض لمن يفلحها والنهوض بالزراعة على أسس النواة الإشتراكية .
إن هذا النضال الوطني يفترض كشف كل من يحاول تقديم العملاء كوطنيين وفضح كل من يزكى الخيارات اللاوطنية والقوانين النهابة ويساهم فى مغالطة الجماهير وتزيين وجه الأعداء.
إن التناقض بين الإمبريالية والإمبريالية الإشتراكية وعملائهما وبين الأمة العربية المضطهَدة لن يحسم بالترقيع أوالإصلاح المزعوم أو بالمفاوضات . إن التناقض بين الإقطاعيين وجماهير الفلاحين والشعب عموما لن تحلها التنمية الريفية أو المشاريع الإمبريالية. إن التقدم فى حسم التناقضين المذكورين وبناء السلطة الديمقراطية الشعبية (الد. الش.) لن يتم إلا عبر خوض حرب الشعب طويلة الأمد وبالتقدم فى حسم هذين التناقضين نتقدم فى توحيد الأمة العربية والقضاء على التجزئة وبناء صرح الأمة الإشتراكية لا الأمة البرجوازية كما يعد لذلك الطرح التصفوي اليميني.
V/ حرب الشعب و بناء السلطة الجديدة :
أ- ضرورة قيام حرب الشعب :
إن تبنى حرب الشعب كأسلوب أساسي للتحرير ليست مسألة إرادية أو دغمائية ناتجة عن سحب التجربة الصينية أو الفتنامية إنه أسلوب أفرزه واقع موضوعي واقع المستعمرات وأشباهها وهو كذلك أسلوب يتطابق مع القوى الذاتية الناشئة والتى لا يمكن لها أن تنمو وتتعزز إلا من خلال هذا الأسلوب .
ونحن إذ نسترشد بتجربة الحركة الشيوعية فى هذا الميدان وما يحدث فى البيرو حاليا عن طريق الحزب الشيوعي وجناحه المسلح الدرب المضيئ فإننا لا ندعي كما يفعل التصفويون المندسون والبعثيون المتمركسون أن شكل حرب الشعب سيأخذ بالضرورة شكل المسيرة الكبرى من المحيط إلى الخليج.
إن الشيوعيين يؤمنون بالصراع الطبقي ويبنون تحاليلهم على هذا الأساس والصراع الطبقي يؤدى حتما إلى العنف الثوري لمواجهة العنف الرجعي الذى يتخذ أشكالا متعددة مثل مصادرة الكلمة والحرمان والتجويع والقمع والتنكيل والغارات والمجازر والحروب الإمبريالية .
إن التجسيد الفعلي للعنف الثوري فى بلد مستعمر وشبه مستعمر وشبه إقطاعي هو قيام حرب الشعب بقيادة حزب الطبقة العاملة وليس هناك أي أسلوب آخر للتغيير بل ان الأوهام البرلمانية والتحول السلمي وسياسة الوفاق الطبقي والمواثيق التى تروجها القوى الإصلاحية وتمارسها فعليا تهدف فى الحقيقة إلى التداول على قمع الشعب وإبقائه يرزح تحت النير الإمبريالي والإضطهاد الإقطاعي.
إن الجماهير العربية فى فلسطين وفى عموم الوطن العربي فى حاجة أكيدة إلى الإتعاظ بالتجارب الظافرة وفهم أن مواجهة الكيان الصهيوني والاعداء الطبقيين والقوميين لن تتم بالحجارة فقط بل بخوض حرب الشعب ولذلك فعلى القوى الماركسية-اللينينية أن تبلور هذا الأسلوب وتدخل عمليا فى ممارسته. تعتبر حرب الشعب تجسيدا للصراع الطبقي والنضال الوطني وإحتداد لهما فى فترات المد إذ أن الكفاح المسلح هو ارقى أشكال الصراع الطبقي لكن من أجل أن يكون الكفاح المسلح فى خدمة مصالح الشعب الكادح عليه أن يخضع إلى خط حزب الطبقة العاملة المدافع الفعلي عن مصالح الشعب وأن تقع تعبئة الأمة بأكملها وأن يأخذ هذا الكفاح المسلح شكل حرب الشعب.
إن الكفاح المسلح هو إذن تطور موضوعي لدرجة تطور الصراع الطبقي والنضال الوطني لكن حرب الشعب فضلا عن هذا التطور الموضوعي وعن إحتداد الصراع بين الإمبريالية والإمبريالية الإشتراكية وعملائهما وبين الأمة العربية المضطهَدة فإنها تعكس التطور الذاتي للقوى الماركسية –اللينينية إذ أن حرب الشعب ليست حربا عادية ولا مجرد ورقة ضغط بل إنها إمتداد لسياسة القيادة البروليتارية وتجسيد للسلطة الديمقراطية الشعبية .هكذا إقترنت إذن حرب الشعب بالخط الماركسي-اللينيني وما تزال مرتبطة به لأن ذلك يعنى إرساء المناطق الحمراء جنين السلطة الديمقراطية الشعبية ويظل نجاح حرب الشعب والتقدم نحو تحرير المناطق رهين القيادة البروليتارية.
إنه فى منتهى الأهمية التأكيد على القيادة البروليتارية أي قيادة الخط الماركسي –اللينيني لحرب الشعب. وذلك فى مواجهة الطروحات المنحرفة كالطرح الخوجي الدغمائي والبعثي المتمركس والحيادي المتفسخ تلك الطروحات التى إلتقت مكوناتها لضرب الخط الوطني من الداخل وتشويه حرب الشعب . فحرب الشعب تعنى :
1- الإنضواء تحت راية البروليتاريا المتسلحة ببرنامج الثورة الوطنية الديمقراطية ،
2- دعم تحالف العمال والفلاحين من جهة وباقى الفئات الشعبية من جهة ثانية و ذلك ب:
أ- توعية العمال بالدور القيادي ودفعهم نحو كسب الحليف الإستراتيجي الفلاحين الفقراء القوة الأساسية لبناء الجيش الشعبي المنشود
ب- التوجه إلى الريف والتمركز فيه كشيوعيين بغية تنظيم صفوف جماهير الفلاحين وإرساء الفرق المتحركة نواتات الجيش الشعبي وإن هذا التوجه لا ينفى البتة إهمال المدينة ولقد بينت التجارب السابقة وحتى تجربة الكفاح المسلح فى الوطن العربي إنه فى نفس الوقت الذى كانت فيه المقاومة تنصب الكمائن وتنظم عمليات الهجوم ضد العدو فى الأرياف والقرى كانت المدن فى فلسطين تنتفض فى مسيرات وتدخل فى إضرابات عادة ما تتحول إلى مظاهرات عنيفة... إلخ .
3- تحول هذا الأسلوب إلى أداة رئيسية فى عملية الدعاية والتحريض والتنظيم أي إخضاع الأدوات الأخرى إلى هذا الأسلوب وجعل الجريدة وكل التحركات تعد إلى حرب الشعب و تتجه نحو دعمها وتوطيدها.
وبإيجاز فإن ضرورة حرب الشعب تنبع من خصوصية المستعمرات وأشباهما ومن أهمية الأرياف والفلاحين والمكانة التى يحتلونها فى عملية الإنتاج وعلى القوى الماركسية-اللينينية أن تعيد الإعتبار لهذا الأسلوب وأن تمسك بخصوصياته و تبدع فى تطبيقه حسب تطور الصراع الطبقي.
ب- حرب الشعب و بناء السلطة الجديدة :
لقد تمكنت الجماهير المنتفضة فى الضفة والقطاع من تعزيز أشكال العمل الجماعي وكل أنواع التعاون فى مواجهة الإعتداء فتكونت اللجان المتعددة وحاول الشعب المنتفض أخذ مصيره بيده من خلال أشكال تنظيمية يطغى عليها الطالبع العفوي . بيد أن حرب الشعب أرقى أشكال الصراع الطبقي تنطلق من هذه الأشكال لتدفع بها نحو تكوين السوفياتات لجان العمال والفلاحين وتدربها على تسيير شؤون القرية أو مجموعة القرى وفق برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية وبذلك تمارس الجماهير السلطة التى يعمل الأعداء على إبعادها عنها وترسخ قناعاتها وتطور تجربتها فى مواجهة أعدائها من جهة وفى الإرتقاء بالبديل الثوري من جهة ثانية وذلك فى إتجاه إرساء المناطق الحمراء.
إن المناطق الحمراء نتاج لصراع عنيف تكتسب من خلاله الجماهير بقيادة حزب الطبقة العاملة تجربة على كل المستويات تؤهلها إلى إدارة شؤونها وتطبيق البرنامج العملي وتمثل المناطق التى يمكن إفتكاكها بغض النظر عن المدة درجة متطورة من مراحل حرب الشعب تكون الجماهير قد مارست سلطتها فى مناسبات عدة وبتقطع طبعا.
وتكون قد تعرفت على طبيعة أعدائها وتبلورت لها عمليا الملامح الكبرى للمجتمع الجديد وهي بالتالي مؤهلة عند إفتكاك السلطة على أي شبر كان من تأميم مصالح الأعداء وتطبيق شعار الأرض لمن يفلحها وإنتخاب لجان العمال والفلاحين وتوفير الحريات للشعب الذى يمارس سلطته من خلال لجان منتخبة تمثله حق تمثيل وتخضع إلى رقابته.
فهل حدث شيئ من هذا القبيل فى الضفة والقطاع ؟ إن ذلك لن يحدث بمعزل عن القيادة الماركسية-اللينينية ولذلك تبقى الإنتفاضة عرضة لكل إمكانيات الإحتواء كما أن الوصول إلى هذه الدرجة من التطور حيث تصبح فيها الجماهير سيدة الموقف لا من خلال تحركات عفوية بل عبر برمجة مضبوطة وآفاق واضحة يفترض تحضيرا مسبقا لكن القيادات الحالية رغم تجربتها الثرية فى المجال العسكري لم تدرب الجماهير على ممارسة السلطة بل إنها لم تعمل على فضح الأعداء وذلك نظرا لطبيعتها كما ذكرنا آنفا.
وعلى عكس ما تقوم به القيادات الفلسطينية فقد توجه الحزب الشيوعي فى البيرو إلى تدريب الجماهير على أخذ السلطة وإسترجاع ما إفتكه منه أعداؤه رغم محدودية إمكانياته العسكرية بالمقارنة مع الفصائل الفلسطينية الحالية .
لقد تسلح الحزب الشيوعي ببرنامج الثورة الوطنية الديمقراطية وإعتمد حرب الشعب كأسلوب أساسي للتحرير فتمكن الحزب بفضل خطه السياسي الصائب من التمييز الدقيق بين العدو والصديق وكشف مواقع العدو ورموزه وجر الجماهير بفضل النضال اليومي إعتمادا على أسلوب " أضرب وأهرب" إلى المزيد من إرباكه وكشف طبيعته. إن إندلاع الكفاح المسلح كشف القناع عن الجبهات الإصلاحية التى وقفت إلى جانب النظام ورفعت شعار "إنقاذ التجربة الديمقراطية الحديثة ونبذ العنف والتحذير من خطورة رجوع حكم الجنرالات...إلخ"
بينما عملت القيادات الفلسطينية كل ما فى وسعها للتصدى لمثل هذا الفرز الطبقي وإنطلاقا من مصالحها أوهمت الجماهير فى أكثر من مرة بإمكانية التعايش مع الأعداء الطبقيين والقوميين لقد بينت التجربة أن حرب الشعب يجب أن تكون شعبية بأتم معنى الكلمة أي بالإعتماد على الجماهير وعلى طاقاتها لا على الدعم المالي للأنظمة وصفقات الأسلحة فالجماهير قادرة على إفتكاك أسلحة العدو وعلى إسترجاع أموالها المسلوبة وعرق جبينها ويكمن دور القيادة الماركسية –اللينينية فى توعية الجماهير بحتمية تحقيق مطالبها المشروعة وتدريبها على إفتكاكها والتبيان بالملموس أن القضاء على نظام الإستغلال ممكن وليس حلما طوباويا وقد عمل الحزب الشيوعي فى البيرو فى هذا الإتجاه ولم ينتظر تأشيرة قارسيا لتربية الجماهير وممارسة حقه فى الدعاية والتحريض والتنظيم .
وهكذا تحل الفرق المسلحة بقرية ما ,بعد أخذ كل التدابير وشل تحركات العدو فتعقد الإجتماعات فى الساحات العمومية وتشرف على إنتخاب لجان العمال والفلاحين التى تعوض السلطة المحلية وتحاكم كل من أجرم فى حق الشعب وتوزع الغذاء والأموال على المعوزين وترجع الأراضي إلى مستحقيها وبإيجاز تدرب الجماهير على إدارة شؤونها والحفاظ على مصالحها من خلال دعم حرب الشعب وتوسيع صفوف الجيش الشعبي وحتى فى صورة سقوط هذا الموقع فى يد العدو وهذا ما يحدث غالبا لأن المسألة مسألة صراع ولأن حرب الشعب هي حرب طويلة الأمد فإن الجماهير رغم التضحيات التى ستقدمها تتقدم حتما نحو إفتكاك مواقع جديدة وإسترجاع مواقع مفقودة وهكذا دواليك حتى إنتصاب منطقة حمراء صامدة.
بيد أن القيادات الفلسطينية رغم سيطرتها فى وقت ما على بعض المناطق فى الأردن وفى لبنان فهي لم تفعل شيئا من هذا القبيل بل إنها تتصدى إلى أن تصبح الجماهير سيدة الموقف وتخشى إنفلات الأمور من أيديها وبروز قيادة جذرية تسقط عنها ورقة التوت المتسترة بها . وإذا ما شعرت هذه القيادات بخطر زحف الجماهير وإصرارها على التحرير فهي لا تتورع قصد إنتزاع مكاسب الشعب وإفتكاك حقه فى ممارسة سلطته وسلب ثمار نضالاته عن الإستنجاد بهذا النظام وذاك أو حتى "بالقوى الأممية" التابعة لمنظمة الأمم المتحدة .
وهنا يكمن الخطر الذى يهدد الإنتفاضة إذ فى حين تقدم الجماهير يوميا لوحات بطولية تكتبها بدم أبنائها تتحرك القيادات فى زيارات مكوكية من عاصمة إلى أخرى من أجل إيجاد الحل الإستسلامي المناسب وقطف ثمار الإنتفاضة وتوظيفها من أجل فرض المؤتمر الدولي وتوصيات المعسكرين الإمبرياليين المقدمة فى شكل قرارات الأنظمة العربية.
ولذلك فمن واجب القوى الماركسية-اللينينية والوطنية الصامدة التصدى إلى نهج التسوية والعمل على توسيع الطرح الوطني الديمقراطي والدخول فى ممارسته فعليا وفق خطط مدروسة تخرج هذه القوى من الواقع الهامشي الحالي .
VI / مهام القوى الماركسية - اللينينية الماوية :
إن القوى الماركسية –اللينينية الماوية فى حاجة إلى مشروع برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية وهو مشروع يهم كل الاقطار العربية وليس مشروعا فلسطينيا أو قطريا وهو مشروع ثوري وليس إستسلاميا أو إصلاحيا وهو مشروع صدام مع الإمبريالية والإمبريالية الإشتراكية وحلفائهما وليس مشروع وفاق أو تهاون معهما وهو بإيجاز مشروع ثورة إجتماعية يطرح حتمية المجتمع الجديد ،المجتمع الديمقراطي الشعبي المتحول إلى الإشتراكية فالشيوعية وهو مشروع المرحلة الحالية ونقيض الوضع السائد و ليس مشروع تأجيل الصراع الطبقي والنضال الوطني .
إننا كشيوعيين نطمح أن يتحول برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية إلى أداة عمل يومية ونعمل على أن يصبح هذا البرنامج برنامجا جماهيريا فى جوهره وعلى القوى الماركسية-اللينينية والقوى الوطنية أن تعيد الإعتبار إلى المهام الوطنية الديمقراطية التى تحاول القوى الرجعية والإنتهازية إحتواءها وتشويهها وتجريدها من طابعها الطبقي والوطني.
فالشيوعيون الماويون يريدون القضاء على التواجد الإمبريالي وعلى المدافعين عنه لأنه لا حديث عن إقتصاد وطني بدون هزم الإمبريالية وعملائها ولا يمكن إنجاز الإصلاح الزراعي وتطوير الزراعة وتوجهها نحو التصنيع بالإعتماد على الصناعة المحلية بدون القضاء على الإمبريالية والإقطاع كما لا يمكن توفير الحرية الفعلية للشعب والقضاء على الأمراض الإجتماعية إلا بالتخلص من النير الإمبريالي والإضطهاد الإقطاعي . وبالتخلص من هذه الهيمنة يمكن التقدم فى توحيد الشعب العربي وحسم المسألة القومية .
إن القوى الفعلية القادرة على تحرير فلسطين والشعب العربي عموما هي القوى التى وعت بضرورة هذا البرنامج وبالمحتوى الفعلي للمهام الوطنية الديمقراطية ولا يمكن لهذه القوى أن تتحول إلى أدوات منفذة لهذا البرنامج إلا بالتقدم فى بلورته كأداة عمل يومية وفى إنجازه من خلال خطط كفاحية واضحة تنقذ الجماهير من خلال المشاركة فى الصراع الطبقي والنضال الوطني من تأثير الفكر الإصلاحي وترتقى بتجربتها إلى حد طرح القطيعة والتصادم المعلن مع الإمبريالية والإمبريالية الإشتراكية وعملائهما المحليين
إن وجود هذا البرنامج لا يعنى إبقاءه على الرف أو ممارسة عكسه أو تصفيته كما يفعل الطرح القومجي اليميني المتمركس بل إن إيجاده مقترن ببناء نواتات الحزب الماركسي-اللينيني فى الوطن العربي فى إتجاه التحول من خلال الصراع اليومي إلى قطب وإلى أداة فعلية قادرة على التأثير فى الصراع الطبقي والنضال الوطني وقيادتهما لاحقا.
إن بناء هذه النواتات على أسس ماركسية-لينينية-ماوية هو الضامن الوحيد لتأسيس حزب الطبقة العاملة فى الوطن العربي وهو أساس بناء الجبهة الوطنية الديمقراطية والجيش الشعبي.
ولا يمكن لهذه الأدوات أن تنمو وتتعزز بمعزل عن برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية كما لا يمكن للبرنامج أن ينفذ إلى الجماهير وأن يتحول إلى سلاح بدون هذه الأدوات وفضلا عن كل ذلك فإن مدى التقدم فى بلورة البديل الثوري يبقى رهين قدرة هذه النواتات على إيجاد الخطط الكفاحية الملائمة وجر الجماهير إلى تبنى جوهر البرنامج وإعلان الحرب فى وجه الأعداء.
لكن واقع القوى الماركسية-اللينينية فى الوطن العربي ما زال متخلفا عن الظروف الموضوعية المتفجرة فى بعض المناطق ونظرا إلى الظروف الموضوعية والذاتية التى مرت بها فهي لم تتخلص نهائيا من التأثير الإصلاحي الذى أعاق بناءها على أساس إستراتيجيا الثورة الوطنية الديمقراطية .
أ- خطورة التأثير الإصلاحي و حتمية محاربته :
ترجع جذور الفكر الإصلاحي رئيسيا إلى النكسات التى عرفتها الحركات الشيوعية العالمية فقد نتج عن تحول الإتحاد السوفياتي ( أول بلد إنتصرت فيه الإشتراكية ) إلى بلد إمبريالي بروز التحريفية الخروتشوفية وتفرعاتها كما إنتهت نظرية العوالم الثلاثة بإغتصاب السلطة فى الصين وتركيز طغمة تينغ التحريفية وساهعمت فى إنتهاج الأطروحات اليمينية وخاصة تشويه المحتوى الوطني للنضال سواء بتسليم القيادة للبرجوازية الوطنية أو دعم الطبقات الحاكمة وتنظير إلى "وطنية بعض الأنظمة" أما إرتداد حزب العمل الألباني فقد أفضى من خلال طرحه الدغمائي التحريفي إلى إنتعاش الترتسكية الجديدة الدائرة فى الحقيقة فى فلك التحريفية.
لقد إنعكست هذه النكسات سلبا على الحركة الماركسية-اللينينية والحركة الثورية عموما وظلت أخطاء الحركة ونواقصها مرتبطة بصفة مباشرة أو غير مباشرة بهذه النكسات مما جعل الحركة الماركسية-اللينينية تدخل فى إعادة البناء بدون التخلص الجذري من بعض الرواسب .
ولذلك فإن القوى الماركسية –اللينينية لا يمكن لها أن تنمو إلا على أنقاض الإصلاحية وخاصة منها التحريفية التى ما تزال مندسة فى العديد من حركات التحرر الوطني من خلال الجبهات والأحزاب المسماة باطلا شيوعية .
لقد أدت هذه الرواسب مع إختلاطها بأخطاء ونواقص القوى الماركسية –اللينينية ذاتها إلى طمس المهام الوطنية الديمقراطية عمليا فوقع إهمال المحور الوطني وأصبح التحرك فى إطار إقليمي ضيق ولم تجسد المهام الوطنية الديمقراطية فى إتجاه دعم تحالف العمال والفلاحين وطرح المسألة الزراعية المسألة القومية .
إن إهمال الأهداف الإستراتيجية وتوخى "تكتيكات خاطئة" أدت ببعض القوى إلى إعتبار البلد رأسماليا فركزت نشاطها رئيسيا فى المدن وراهنت على الإضرابات والنقابات وتصرفت وكأنها بصدد الإعداد للإنتفاضة هذا فضلا عن جعل محور الحريات العامة محورا رئيسيا وربط مهمة بناء الحزب بإفتكاك الحريات السياسية وإيهام الجماهير بإمكانية النضال الديمقراطي فى ظل أنظمة عميلة.
وهكذا فقد سقطت بعض القوى فى الإقتصادوية وتذيلت إلى قوى غريبة عن مصالح الطبقة العاملة وهمشت بفعل هذه الإنحرافات التحول إلى منظمة كفاحية وأجلت عملية بناء حزب الطبقة العاملة وساهمت فى تواصل العمل الحلقي الذى أعاق نموها التنظيمي وعرقل عملية توسع الطرح الوطني الديمقراطي ونفاذه إلى الجماهير الواسعة.
إن الإنتهازية اليمينية وتحديدا التحريفية ما زالت تمثل الخطر الرئيسي على نمو القوى الماركسية-اللينينية وإن التأكيد على أن التحريفية خطر رئيسي يجب ألا يثنينا عن مكافحة التروتسكية التى رغم مظاهرها الثورجية فهي تصب عمليا فى مستنقع التحريفية وتنضم إلى صف الثورة المضادة.
ب- الأفق المسدود للبديل البرجوازي الوطني :
لقد أرتبطت المسالة القومية فى المستعمرات وأشباهها بالثورة الإشتراكية وذلك منذ إنتصار ثورة أكتوبر 1917 وبات حل المسألة وتوحيد الأمم المضطهَدة والمجزأة وتحريرها من نير الإمبريالية وعملائها المحليين جزء من الثورة الإشتراكية العالمية ومن هنا تحولت المسألة القومية من مسألة خاصة داخلية إلى مسألة عامة وعالمية وإرتبط حل المسألة القومية فى المستعمرات وأشباهها بقضية تحرير الإنسان لا فقط من الإضطهاد القومي بل كذلك من الإستغلال الطبقي وإرتبط حلها نهائيا بمصالح الطبقة العاملة المنظمة فى حزبها الماركسي-اللينيني والمتحالفة مع جماهير الفلاحين وباقي الفئات الشعبية وذلك لأن قيادة الحركة الوطنية قد إنتقلت فى عهدنا إلى البروليتاريا نهائيا وللبروليتاريا مفهمومها الخاص لتطور المجتمع البشري وهو مفهوم مبني على أساس التحليل الطبقي .
" وإن نظرة البروليتاريا إلى العالم هي الأممية لا القومية وفى النضال الثوري يؤيد الحزب البروليتاري القومية التقدمية ويعارض القومية الرجعية ويجب عليه دائما أن يرسم خطا فاصلا واضحا بين نفسه وبين القومية البرجوازية ولا ينبغى له أبدا أن يقع أسيرها" ( "إقتراح حول الخط العام للحركة الشيوعية العالمية " ص 16 ، بيكين 1963) .
إن موقف الشيوعيين واضح لا غبار عليه لكن مواقف التحريفية من جهة والتروتسكية من جهة ثانية وكذلك إهمال المسألة من قبل القوى الماركسية-اللينينية وبقاؤها فى الأفق الإقليمي الضيق كل هذه العوامل ساهمت فى طمس الطرح الطبقي للمسألة القومية من جهة وتمكين البرجوازية الوطنية من مواصلة دورها القيادي الذى ولى عهده من جهة ثانية .
إن جرائم التحريفيين والتروتسكيين الذين إستهانوا بالنضال الوطني وأساؤوا فهم المسألة القومية قد مكنوا القوى الإجتماعية العميلة للإمبريالية من المزايدة بتلك القضية وركوبها وعزل الطبقة العاملة وأخذ زمام المبادرة السياسية منها كما أن غياب الموقف الماركسي-اللينيني من المسألة جعل النضال الوطني عرضة للنكبات المتتالية لا يخرج فى أحسن الحالات عن الأفق البرجوازي المسدود.
وأمام هذه الأوضاع إستغل الإنحراف القومجي اليميني الصراعات الدائرة حول المسألة القومية وذهب إلى إعتبار العامل القومي مساويا للعامل الإجتماعي وحصر هذا الأخير فى الهوية القومية وأصبح إنتماؤنا القومي هو هويتنا الإجتماعية وبذلك نفى إنطباق قوانين التطور الإجتماعي علينا ونفي المضمون الطبقي للمسألة القومية أي نفى الصراع الطبقي داخل الأمة وذلك يعنى عمليا تجنيد الجماهير وتعبئتها فى إطار الثورة البرجوازية التى ولى عهدها بلا رجعة وبالتالى سلب الثورة الوطنية الديمقراطية طابعها الطبقي وسد الباب أمام التحول إلى الإشتراكية فالشيوعية.
" لقد بينت التجربة فى المستعمرات وأشباهها أن العناصر البرجوازية الصغيرة تأتي إلى الحزب الشيوعي لأنها ترى فيه العدو الحازم للإمبريالية لكنها لا تفهم دائما وبما فيه الكفاية أن الحزب الشيوعي ليس حزبا يناضل ضد الإستغلال الإمبريالي والإضطهاد القومي فقط بل إنه حزب يناضل بصفته حزب البروليتاريا ضد كل أنواع الإستغلال" ولذلك "يجب على أحزابنا الناشئة فى المستعمرات أن تتخلص من رواسب الإيديولوجية القومية البرجوازية الصغيرة فى خضم الصراع ومن خلال عملية بناء الحزب لتهتدي إلى الطريق البلشفي" ( المؤتمر السادس للإممية الثالثة) .
إن صعود الطبقة العاملة إذن وقيادتها للنضال الوطني هما اللذان يعطيان البعد الإشتراكي لهذا النضال الذى سيفضى مثلما قال الرفيق ستالين " إلى أمة إشتراكية أكثر توحدا من كل الأمم البرجوازية وذات طابع شعبي أكثر إكتمالا من كل الأمم البرجوازية " لكن بعض المندسين حاولوا تمرير خطهم القومجي اليميني بالإعتماد على الدور التقدمي الذى تلعبه البرجوازية الوطنية فى فترات معينة وأوهموا البعض بأن المسألة القومية تقدمية فى المطلق بغض النظر عن الطبقة التى تقوم بتجسيدها العملي أي أنهم نسفوا كل ما أتت به ثورة أكتوبر من تحولات جذرية وذلك من أجل إعادة الإعتبار للدور القيادي للفصائل الوطنية على حساب الحزب الشيوعي الماركسي-اللينيني وقدموا البرجوازية الوطنية تقدمية فى المطلق وطمسوا طابعها المتذبذب ليتخلصوا إلى أنها حليف قار حتى وإن هاجمت الشيوعيين ومنعتهم من حرية تنظيم الجماهير وهكذا تصبح بعض الأنظمة وطنية لمشاركة البرجوازية الوطنية فيها وينظر هؤلاء التصفويون إلى حزب الجبهة ويضربون نهائيا الحزب الماركسي –اللينيني كطليعة الطبقة العاملة وكقائد الجبهة والجيش ومن هنا يأتي كذلك طرحهم لحزب شيوعي بغير المفهوم الشيوعي.
إن الشيوعيين يقدرون حق التقدير الدور التقدمي الذى يمكن أن تلعبه الفصائل الوطنية ويدعون علنا إلى ضرورة تأييد البروليتاريا لحركة التحرر الوطني للشعوب المضطهَدة لكن كل ذلك :" لا يعنى بالطبع أن على البروليتاريا تأييد كل حركة وطنية دائما وفى كل الحالات المعينة والملموسة إنما المقصود هو تأييد تلك الحركات الوطنية المتجهة إلى إضعاف الإستعمار إلى القضاء عليه لا إلى تقوية دعائمه والمحافظة عليه فقد تحدث حالات تدخل فيها الحركات الوطنية فى بعض البلدان المضطهَدة فى نزاع مع مصالح تطور الحركة البروليتارية و من المسلّم به فى مثل هذه الحالات أن لا مجال للكلام عن أي تأييد من جانب البروليتاريا" ( ص 97 –المسألة الوطنية – ستالين) .
ج- إنه من الضروري إذن فهم الأسباب الموضوعية والذاتية الكامنة وراء ضعف القوى الماركسية –اللينينية من جهة والعمل على تجاوز الوضع الهامشي من جهة ثانية ولن تتم عملية التجاوز هذه إلا على أساس المحاور التالية :
أ- محاربة التأثيرات الإصلاحية وخاصة منها تأثير التحريفية.
ب- إسترجاع الهوية الشيوعية الفعلية والتباين مع الطرح "البرجوازي الوطني" وخاصة مع الانظمة العربية المسماة زيفا وطنية .
ج- تبنى برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية والتقدم فى بناء النواتات الماركسية-اللينينية على أساسه.
فالمطلوب إذن هو :
1/ خوض الصراع حول البرنامج وجعله أداة عمل يومية وربط هذا الصراع بالصراع الطبقي والنضال الوطني اليوميين.
2/ ضبط خطط كفاحية واضحة تحكم بلورة البرنامج كبديل ملموس وتساهم فى دعم المنظمات الماركسية-اللينينية وترسى أسس التنسيق بين أهم القوى على درب تأسيس الحزب الماركسي-اللينيني فى أهم الاقطار العربية وتولى هذه الخطط كل الإهتمام إلى مسألة التخلص من الإصلاحية على المستوى الإيديولوجي والسياسي والتنظيمي وتتجه نحو إرساء أسس التحالف بين العمال والفلاحين بتوخى الأساليب الكفاحية كأسلوب رئيسي وتوظيف كل الأنشطة فى دعم هذا الأسلوب إعدادا لمرحلة انطلاق اول رصاصة برولتارية.
وتتم عملية التخلص من الإصلاحية وكسب جماهير الفلاحين فى علاقة وثيقة بالنضال ضد الأعداء المفضوحين وضد الإصلاحية المندسة والإنتهازية الدائرة فى فلكها ويتمحور النضال ضد الإمبريالية وعملائها حول جوهر البرنامج أي إعادة الإعتبار للمفهوم الوطني من جهة والديمقراطي من جهة ثانية وتعتبر هذه المحاور الرئيسية قاسما مشتركا بين القوى الماركسية-اللينينية التى تعتمدها فى صياغة الخطة المناسبة لوضعها الذاتي خاصة لأن التطور اللامتكافئ للصراع الطبقي وإختلاف الأوضاع الذاتية كمّا ونوعا فيما بين الأقطار وخاصة غياب الحزب الماركسية-اللينينية الموحد حاليا ، وهو أداة منفذة للصراع الطبقي ، إن كل ذلك يفرض أشكالا متنوعة تنضوى كلها تحت أحكام إستعمال البرنامج فى الصراع اليومي والتقدم فى البناء على أساس إستراتيجي.
ويترجم ذلك فى النشاط اليومي بحشد القوى المعادية للإمبريالية والإمبريالية الإشتراكية وعملائهما وتجنيد الطبقات الشعبية والمنظمات الجماهيرية ودفعها نحو التصادم مع الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية وإسقاط مخططاتها على المستوى السياسي والإقتصادي والإجتماعي من جهة والتقدم فى جعل البديل الوطني الديمقراطي بديلا جماهيريا تدافع عنه الجماهير بقوة السلاح.
إن جماهير الإنتفاضة ما إنفكت تؤكد صحة المطالب الواردة فى البرنامج كما سبق للشعب العربي أن عبر من خلال نضالاته عن تطلعاته إلى مجتمع جديد مجتمع ديمقراطي شعبي تقام فيه سلطة العمال والفلاحين وباقى الطبقات الشعبية.
ومن أجل صيانة الجماهير فى فلسطين من النكبات وحتى تقطف بنفسها ثمار نضالاتها لا بد من إيجاد النواة الماركسية-اللينينية المبنية على أساس برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية ولا يمكن لهذه النواة أن تنمو و تتعزز إلا من خلال إعادة الإعتبار لبرنامج التحرير ومواجهة برنامج التسوية وهي مهمة مشتركة لكافة القوى الماركسية-اللينينية والوطنية عموما فى الوطن العربي.
ويتم ذلك ب:
1- بتجنيد الجماهير العربية فى إتجاه محاصرة قيادة م. ت.ف.الحالية وفضح برامجها المرحلية والقرارات التى إتخذتها فى المجالس الوطنية المتعارضة مع الميثاق.
2- طرح إعادة النظر فى برنامج المنظمة وتركيبتها الطبقية بما يتماشى وطموحات الشعب العربي وفى إتجاه تبنى البديل الوطني الديمقراطي .
3- دفع الجماهير المنتفضة نحو ممارسة حرب الشعب كأسلوب أساسي للتحرير وتصدر القوى الماركسية-اللينينية هذه الممارسة لرسم الطريق الوحيد نحو التحرر.
إن هذه المحاور تظل التوجهات العامة التى لا بد من إتباعها فى إعادة بناء الحركة الماركسية –اللينينية وحركة التحرر الوطني عموما وهي توجهات تراعي الثوابت الشيوعية من جهة و طبيعة المجتمع العربي من جهة ثانية وتظل خاضعة إلى تعديلات وفق طاقات الماركسية –اللينينية وحسب تطور حركة الجماهير وهي مقترحات ندعو إلى تعميقها وبلورتها وذلك من خلال إحكام العمل قطريا وعربيا دون السقوط فى التصفوية أو الإقليمية ./.
(آب/ أوت 1988)
حرب الشعب هي الحل ضد الرجعي والمحتل
حول الانتفاضة في فلسطين
(يقع إعادة إصدار هذا النص حول الانتفاضة بالرغم من أن الوضع في فلسطين يختلف عن الاوضاع الحالية في تونس ومصر وليبيا واليمن... وتختلف انتفاضة الحجارة عن الانتفاضات الحالية التي اندلعت في تونس وانتشرت كالنار في الهشيم في الاقطار العربية وأصبحت تهدد معقل الرجعية –آل سعود-
يندرج هذا النص في صراع الماويين في تونس ضد التيار التصفوي الذي اصطف وراء ما يسمى بالانظمة العربية الوطنية (ليبيا سوريا)واعتبر التيار الاسلامي تيارا وطنيا يمكن التحالف معه. 11 مارس 2011
" إن التجربة البالغة الأهمية التى جنتها الحركة الشيوعية العالمية هي أن تطور الثورة وإنتصارها يرتكزان على وجود حزب بروليتاري ثوري.
لا بد من وجود حزب بروليتاري ثوري.
لا بد من وجود حزب ثوري مبني على أساس النظرية الثورية والأسلوب الثوري الماركسي –اللينيني .لا بد من وجود حزب ثوري يعرف كيف يمزج بين حقيقة الماركسية-اللينينية العامة وبين الأعمال المحددة للثورة فى بلاده.
لا بد من وجود حزب ثوري يعرف كيف يربط القيادة ربطا وثيقا بالجماهير الواسعة من الشعب .
لا بد من وجود حزب ثوري يثابر على الحقيقة ويصلح الأخطاء ويعرف كيف يباشر النقد و النقد الذاتي .
مثل هذا الحزب الثوري فقط بوسعه أن يقود البروليتاريا والجماهير الواسعة من الشعب لهزيمة الإستعمار وعملائه ويكسب النصر التام فى الثورة الوطنية الديمقراطية و يكسب الثورة الإشتراكية .
وإذا لم يكن الحزب حزبا بروليتاريا ثوريا بل حزبا برجوازيا إصلاحيا
وإذا لم يكن حزبا ماركسيا-لينينيا بل حزبا تحريفيا،
وإذا لم يكن حزبا طليعيا للبروليتاريا بل حزبا يسير خلف البرجوازية
وإذا لم يكن حزبا يمثل مصالح البروليتاريا وجميع جماهير الشغيلة بل حزبا يمثل مصالح الأرستقراطية العمالية ،
وإذا لم يكن حزبا أمميا بل حزبا قوميا
وإذا لم يكن حزبا بوسعه أن يستخدم عقله ويفكر لنفسه بنفسه ويحرز معرفة صحيحة لإتجاهات الطبقات المختلفة فى بلاده نفسها عن طريق البحث الجاد والدراسة ويعرف كيف يطبق حقيقة الماركسية –اللينينية العامة و يمزجها بالأعمال المحددة لبلاده .
إذا لم يكن هكذا بل كان حزبا يردد كالببغاء كلمات الآخرين وينقل الخبرة الأجنبية دون تحليل ،فإن حزبا كهذا يصبح خليطا من التحريفية والجمود العقائدي وكل شيئ ما عدا الماركسية-اللينينية . من المستحيل على حزب كهذا أن يقود البروليتاريا والجماهير الشعبية الواسعة إلى شن نضال ثوري وأن يكسب الثورة وأن يؤدي الرسالة التاريخية العظيمة للبروليتاريا..." ( إقتراح حول الخط العام للحركة الشيوعية العالمية –بيكين 1963)
لكل ذلك لا بد من النضال الحازم ضد كل الجماعات الإنتهازية الساعية بمختلف الطرق إلى ترك البروليتاريا دون هذا الحزب الثوري السلاح الرئيسي فى النضال ضد الإمبريالية . إن هذه التكتلات تتسرب إلى الحزب حاملة إليه روح التردد والإنتهازية فهي منبع الفكر الإنقسامي والتفكك ومنبع تخريب الحزب وتفكيك تنظيمه وهدمه من الداخل . إن إعلان الحرب ضد الإمبريالية مع وجود مثل هذه العناصر المتذبذبة والمتذيلة إلى الإصلاحية معناه التعرض إلى نار من جهتين ولذلك فإلنضال بلا هوادة ضد التكتلات هذه والتخلص منها هما الخط الأولى للنضال الناجح ضد الإمبريالية وعملائها.
مقدمة :
تتواصل الإنتفاضة لتتجاوز شهرها العاشر ويتدعم الصمود يوما بعد يوم رغم شراسة القمع ورغم تحركات المعسكر الإمبريالي لتطويقها والنشاط الحثيث لقوى الإستسلام وفى حين بعثت إنتفاضة الحجارة الهلع فى صفوف الأعداء فقد بعثت الأمل فى أبناء الشعب العربي الذين هبوا لمساندتها كما هبت القوى الثورية عموما فى العالم للتعبير عن تضامنها معها وسخطها على ممارسات الكيان الصهيوني الهمجية لكن هذا الأمل لن يعرف طريقه نحو التحرر الوطني الديمقراطي ( الوط. الد) طالما لم تبرز القيادة البروليتارية القادرة وحدها على إنجاز التحول النوعي والسير بنضالات الجماهير نحو إرساء حرب الشعب طويلة الأمد (ح. ش. ط. أ ) والتصدى بالتالي لمناورات الإمبريالية وعملائها.
لقد عانى الشعب العربي الويلات من الإستعمار المباشر وقدم التضحيات الجسام لكن بفعل غياب حزب الطبقة العاملة ( ح. الط. الع.) إنتصرت الأنظمة الحالية لتمارس سياسة لاوطنية ولا شعبية ولا ديمقراطية قائمة على تلجيم الشعب الكادح وتجويعه وهي الآن بدفع من الكتلتين الإمبرياليتين تحاول جاهدة خنق الإنتفاضة والحيلولة دون بروز قيادة برولتارية من أجل فرض واقع الإستسلام والهيمنة الإمبريالية وتنصيب دويلة فى الضفة والقطاع تقوم بدور الحارس لمصالح الإمبريالية وعملائها الكمبرادور والإقطاع.
و حتى لا تبقى الجماهير المنتفضة فاقدة للقيادة المعبرة عن تطلعاتها نحو التحرر والإنعتاق وحتى لا تقع من جديد سرقة نضالاتها والمساومة بدماء الشهداء وبالرغم من ضعف القوى الو.الد. والماركسية-اللينينية على وجه الخصوص فإنه من واجبنا الوقوف أمام أهم مميزات تجربة حركة التحرر فى الوطن العربي ونقدها من منظور مصالح العمال والفلاحين وباقى الطبقات الثورية وذلك بالإستفادة من التجارب الظافرة لبلورة البديل الوط.الد. فكيف ننظر إلى إنتفاضة الحجارة وما هي طبيعة القيادات الفلسطينية الرسمية الحالية التى أثبتت عجزها ولماذا يعتبر الشيوعيون الماويون حرب الشعب البديل الوحيد الذى يتم من خلاله إقامة السلطة الديمقراطية الشعبية المتحولة الى الاشتراكية وقد رفع الماويون مرارا وتكرارا شعار:"حرب الشعب هي الحل ضد الرجعي والمحتل"
I :/ الأسباب الفعلية للإنتفاضة وطبيعتها
تعتبر إنتفاضة الحجارة ردا مباشرا على واقع الإحتلال واقع هيمنة الإمبريالية وبشاعة الصهيونية كأداة منفذة لسياستها الإستعمارية وتستمد الجماهير العربية المنتفضة منذ أكثر من 10 أشهر بلا إنقطاع فى الضفة والقطاع قوتها من الرفض الجماعي للمؤسسة الصهيونية ولسياسة النهب والتشريد والتجزئة ومن ايمانها بعدالة قضيتها وطموحها المشروع نحو التحرر الوطني والإجتماعي وتعتبرهذه الإنتفاضة تجسيدا ملموسا للتناقض المحتد بإستمرار :
التناقض بين الإمبريالية والإمبريالية الإشتراكية وعملائهما من جهة وبين الأمة العربية المضطهَدة من جهة ثانية وهو التناقض الرئيسي من بين التناقضين الأساسيين . لقد أثبتت "جماهير الحجارة" أن هذا التناقض قائم الذات رغم محاولات التهميش وسياسة الإستسلام وهو تناقض لن يحسم بالمفاوضات السلمية ولن تخمد نيرانه بمجرد رفع شعار "الإنفراج الدولي" المزعوم.
لقد أعادت إنتفاضة الحجارة إلى جانب نضالات شعوب آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية إلى الأذهان أن العصر هو عصر إنهيار النظام الإنبريالي وإنتصار الثورة الإشتراكية والثورة الوطنية الديمقراطية كجزء لا يتجزأ منها وأن الإتجاه العام الذى يحكم عصرنا هو الإتجاه نحو الثورة ،نحو دحر النظام الإمبريالي والقضاء على إستغلال الإنسان للإنسان .
كما كشفت إنتفاضة الحجارة عقم تنظيرات الأحزاب التحريفية والجبهات الإصلاحية الداعية للوفاق الطبقي والمدافعة عن الإستعمار الجديد وإستغلت الإمبريالية وعملاؤها بما فى ذلك القيادات الإصلاحية المندسة ضعف القوى الوطنية والقوى الم-الل تحديدا لتطرح المسألة الوطنية من جدول أعمالها ولتستبدل "برنامج التحرير" ببرنامج العمالة. بيد أن الجماهير أحيت الإعتبار لمسألة تحرير الأرض العربية وبينت بالملموس رغم تواطؤ الأنظمة وتلاعب القيادات بمصالحها أنها قادرة على الصمود أمام العدو الصهيوني أداة الإمبريالية واثبتت أن قضية تحرير شعب ليست مجرد وليمة أو موائد مستديرة تحاك من حولها المؤامرات وتباع فيها مصالح الوطن والشعب بالمزاد العلني.
لقد صمدت جماهير الحجارة أمام الترسانة الحربية للكيالن الصهيوني وسجل الشعب العربي بمختلف فئاته صفحات بطولية كتبها بدم أبنائه وأحدث الرعب فى صفوف العدو حيث إنهارت معنويات مرتزقته وإنهارت مؤسساته فإفلست العديد من البنوك وسجلت ميزانيته الحربية عجزا يفوق 250 مليون دولار كما بثت الإنتفاضة الهلع فى صفوف طبقتي الكمبرادور والإقطاع فسارعت الأنظمة إلى محاصرة الجماهير المنتفضة وراهنت على إنطفاء هذا المد وقمعت المظاهرات الإحتجاجية التى إندلعت فى العديد من الأقطار العربية كما فرضت الإنتفاضة الأمر الواقع على القيادات اليمينية التى لم تطلق ولو رصاصة واحدة رغم إمتلاكها لكل أنواع الأسلحة على مرتزقة الإمبريالية بل مجدت الحجارة والتحركات السلمية وتحركت دوليا من أجل الإعداد للمفاوضات والإعتراف بشرعيتها والمساومة بدماء الشهداء.
وكما أن الإنتفاضة تعبير عن إرادة شعب إتحد فى النضال ضد العدو المشترك الإمبريالية والإمبريالية الإشتراكية والصهيونية والرجعية العربية فإنها ردّ مباشر على الأماني والوعود التى تدوم منذ أكثر من 40 سنة وهي كذلك ردّ على عصابة "أمل" وعلى الإخوان المسلمين وعلى حرب المخيمات وحرب الخليج وهي بإيجاز رد على نهج الإستسلام الذى برز خاصة منذ 1973 نهج التسوية والتجزئة وهي فى الآن نفسه كشف لمواقع الإستسلام ورموزه فى الأقطار العربية وفى منظمة التحرير الفلسطينية ذاتها.
لقد فتحت الإنتفاضة أفاقا جديدة بنزول الشعب إلى الميدان وأعادت الإعتبار للعديد من القيم التى ظن الكثيرون أنها إنطوت وفات زمانها فهي تطرح بكل إلحاح الإعداد الجدي للتحول النوعي من خلال إعادة بناء حركة التحرير إيديولوجيا وسياسيا وتنظيميا وهي فرصة ثمينة لكافة القوى الماركسية-اللينينية والوطنية عموما لتقيم التجارب السابقة من منظور مادي جدلي يكشف من خلاله طبيعة القيادات اليمينية ويبلور البديل الوط. الد. وكيفية التقدم فى إنجازه من خلال حرب الشعب.
أ- طبيعة الإنتفاضة :
لقد إكتفينا بذكر الأسباب الموضوعية الناتجة عن التناقضات التى تنخر النظام الإمبريالي لكن هذه التناقضات مهما إحتدت فى فترات معينة بفعل عملية التراكم فهي فى حاجة إلى عامل ذاتي متطور أي إلى قيادة ماركسية –لينينية قادرة على السير بنضالات الجماهير فى إتجاه إنجاز المهام الوطنية الديمقراطية . وندرج فى هذا الإطار إلحاحنا كماركسيين –لينينيين ماويين على ضرورة قيادة البروليتاريا الضامن الوحيد لتجاوز الحركات العفوية من جهة والحيلولة دون عمليات الإحتواء من جهة ثانية .
إن تأكيدنا على تمسكنا بقيادة حزب الطبقة العاملة (ح. الط. الع) والإقرار بغياب نواته حاليا فى الأرض المحتلة لا يعنى البتة الإستهانة بنضال الشعب ولا إحتقار الإنفجارات الشعبية حتى وإن كان الجانب الأهم منها متسما بالعفوية وبالرغم من بروز قيادات محلية ميدانية وإذا إستثنينا القيادات التى تحاول عبثا ركوب الإنتفاضة فإننا نعتقد أن الإنتفاضة سجلت العديد من الجوانب الإيجابية التى يمكن حوصلتها كالآتى :
- التمسك ببرنامج التحرير وتحدى الأعداء والعملاء.
- الصمود أمام تصاعد القمع وتعدد المناورات .
- تصعيد المقاومة وتنويع الأساليب بالإعتماد على النفس وعلى المبادرات الخلاقة للجماهير .
- بروز لجان القيادات الميدانية وتشريك الشعب فى أخذ مصيره بيده والعمل على تنظيم المواجهة وضمان إستمرارية الإنتفاضة وشموليتها.
- تنظيم الحياة الجماعية ودعم التضامن وكل أنواع التعاون وذلك بتوفير الحد الأدنى فى المجال الصحي والإسعاف وتوزيع الغذاء .
- تشكيل لجان تشرف على التدريس وعلى العمل التطوعي .
- الحفاظ على إستمرارية العمل وصيانة القيادات الميدانية وإلتفاف الشعب حولها.
وبإيجاز فقد فرضت الإنتفاضة إعادة الحسابات وكشفت رموز الإستسلام وتحدت العدو والعملاء والقيادات اليمينية . لكن رغم هذه الإيجابيات ورغم شمولية الإنتفاضة وإستمراريتها فمن واجبنا وضع الإصبع على النواقص وعدم السقوط فى تقديس العفوية . وتتمحور هذه النواقص رئيسيا حول غياب القيادة البروليتارية والبرنامج الوطني الديمقراطي المجسد لها فبالرغم من مرور 23 سنة على إندلاع الكفاح المسلح ورغم التجارب العديدة الممتدة على ما يزيد على نصف قرن فقد ظلت الإنتفاضة بحكم غياب الخط الماركسي-اللينيني الماوي وأداته التنظيمية أقرب إلى العفوية
وقد بينت التحركات الجماهيرية السابقة والإنتفاضة الحالية أن ضعف العمل الذاتي وإنحسار الطرح الوطني الديمقراطي جعلا الإنتفاضة تتأثر بالخط اليميني للقيادات الرجعية والإصلاحية وتظل رغم الصمود عرضة للإحتواء والتهميش ولذلك بدت الإنتفاضة ضعيفة وكأن الجماهير لم تمارس الكفاح المسلح من قبل وإكتفت بالحجارة وراحت القيادات تمجد الحجارة والتوجهات السلمية وتنصح بعدم إستعمال السلاح وتلح على ذلك وترفض طبعا مد الجماهير به وأصبحت العمليات المسلحة تعد على الأصابع رغم إمتلاك هذه القيادات السلاح ورغم قدرتها على إختراق الحدود.
إن ذكر أهم السلبيات ليست إستهانة بطاقات الجماهير أو إستصغار لنضاليتها بقدر ما هي وقوف عند تجربة الشعب الكادح ومحاولة تطويرها من قبل قيادة ماركسية-لينينية إلى حرب شعب تعيد الإعتبار للبرنامج الوطني الديمقراطي.
ان الإمبريالية وعملائها بما فى ذلك القيادات الإصلاحية يحاولون سلب الجماهير ثمرة نضالاتها ويعملون جاهدين فى حالة تصاعد الحركة الشعبية على إطفاء تحركاتها والحيلولة دون بروز قيادة جذرية.
إن الظرف الموضوعي سانح أكثر من أي وقت مضى للوقوف أمام سلبيات الماضي ونقد تجربة الفصائل وتنقية صفوفها من الإصلاحية وعلى رأسها التحريفية والجبهات الدائرة فى فلكها فالإرتقاء بوعي الجماهير ممكن وطرح حرب الشعب ممكن وتدرك الرجعية ذلك حق الإدراك وتهاب "إمكانية" بروز قيادة جذرية تكون نواة لحزب الطبقة العاملة ولذلك تسارع إلى المناورة وتعد العدة إلى خنق الإنتفاضة والتطبيل إلى المؤتمر الدولي وإلى حكومة المنفى إلخ... من الحلول التصفوية التى تكرس الهيمنة الإمبريالية على شعبنا . وقد جاءت قمم المعسكر الإمبريالي وقمم الأنظمة الرجعية لتقنن هذا التوجه الذى بدأ يستفحل خاصة منذ حرب تشرين 1973
II /: الإنتفاضة تتحدى نهج التسوية والتجزئة
تعتبر الإنتفاضة تجسيدا واضحا لإحتداد التناقض بين الإمبريالية والإمبريالية الإشتراكية وعملائهما وبين الشعوب والأمم المضطهَدة وهو تناقض رئيسي يحدد سيرورة بقية التناقضات الأساسية وأمام إحتداد هذا التناقض يزداد تخوف المعسكر الإمبريالي من إمكانية إندلاع حرب شعبية تهدد فعليا مصالحه وتواجده في المنطقة العربية وتعلن بداية إنهيار النظام الإمبريالي . وهكذا أمام خطر إنهيار هذا النظام الإستغلالي فقد أعادت الإمبريالية والإمبريالية الإشتراكية سيناريو "الوفاق الدولي" وتظاهرت بحل النزاعات الإقليمية والتوجه نحو تقليص الأسلحة النووية إلخ وعقدت قمة موسكو قمة التآمر على مصالح البروليتاريا وشعوب العالم وأممه المضطهَدة.
لقد إتفقت الكتلتان الإمبرياليتان فيما يخص الوطن العربي وتحديدا فلسطين على :
1- "بذل كل الجهود من أجل التصدى للعنف والمواقف المتطرفة وتوخي الواقعية والإعتدال".
2- التصدى إلى نشوب حرب ضد الكيان الصهيوني لأن ذلك يهدد مصالح الكتلتين ويهدد كيان الأنظمة العميلة نفسها.
3- " تسوية النزاع على مراحل عن طريق المفاوضات ومراعاة مصالح الأطراف المختلفة ".
فى حين إختلف قائدا المعسكر الإمبريالي فى صيغ موحدة لعقد مؤتمر دولي وفى كيفية تمثيل "الفلسطينيين" ويندرج هذا الإختلاف فى إطار التنافس وإعادة تقسيم النفوذ. وقد وجه كل من ريغن وغورباتشوف رسائل إلى " القمة العربية " وإلى الملوك والأمراء الذين إلتزموا حرفيا بتوصيات الإمبريالية وخصصوا أكثر من 70 بالمائة من الوقت لنقاش كيفية تصفية القضية من خلال المؤتمر الدولي وخرجت الرجعية كالعادة تطبل ل"وحدة الصف العربي". وإعتبر البعض إن "المؤتمر حقق نصرا كبيرا وأن القمة أنحج القمم العربية منذ 15 سنة ".
وهكذا قدمت الرجعية العربية واقع الهيمنة والإستسلام كإنتصار ثمين وهو بالفعل إنتصار ظرفي للرجعية جاء بعد محاولات عدة لضرب صمود الشعب العربي بأشكال ملتوية والتقدم بحذر نحو تقنين الإستسلام وفرض الإعتراف حسب توصيات المعسكر الإمبريالي . فبعد قمة الخرطوم وشعار " لا صلح، لاإعتراف، لا تفاوض" وعلى عكس ما جاء به الميثاق الوطني الفلسطيني حيث تؤكد 22 مادة من بين 33 "على رفض كل الحلول البديلة عن تحرير فلسطين تحريرا كاملا و بأن الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد للتحرير وأن تقسيم فلسطين عام 1947 و قيام الكيان الصهيوني باطل من أساسه ..." وبعد أن أقر المجلس الوطني الفلسطيني فى نيسان أفريل 1972 النضال ضد عقلية التسوية وما تفرزه من مشروعات ضد نضال شعبنا فى تحرير وطنه ومسخ هذه القضية بمشروعات الكيانات أو الدولة الفلسطينية على جزء من فلسطين والتصدى لهذه المشروعات بالكفاح المسلح المرتبط به".
بعد كل ذلك أصبح من يقاوم التسوية متهما "بالتطرف والطعن فى شرعية م.ت.ف".فى حين أن التاريخ يثبت أن القيادات هي التى خرجت عن شرعية طموحات الجماهير العربية. وهكذا فقد تم إقرار برنامج النقاط العشر الداعي إلى "إقامة سلطة وطنية على جزء من فلسطين وذلك منذ الدورة 12 للمجلس الوطني الفلسطيني فى حزيران جوان 1974 وإرتدت هذه السلطة المزعومة زيا رسميا فى الدورة 13 إذار مارس 1977 فباتت تعرف بإسم "الدولة الوطنية المستقلة" لتصل فى الدورة 16 شباط فيفري 83 إلى دولة الكنفدرالية مع الأردن.
لقد إنقلب الميثاق الفلسطيني رغم نواقصه إلى نقيضه وتحولت قيادة م.ت.ف. والمنظمة نفسها إلى منظمة إستسلام وأصبحت المصطلحات التالية هي الرائجة فى المنظمة : "الدولة المستقلة –الكنفدرالية ، الحوار مع القوى الصهيونية ،الإعتراف المتبادل – الموافقة على قرار المم المتحدة بما فى ذلك قرار 242 – تأييد مبادرة بريجنيف والمؤتمر الدولي – الأرض مقابل السلام-إتفاق عمان –بيان القاهرة الذى "أدان الإرهاب والعمليات الفدائية" –"السلام العادل والشامل – حكومة المنفى" ...إلخ
يتضح إذن أن قمة الجزائر الأخيرة هي تتويج لنهج التسوية والخيانة الوطنية إذ أن برنامج الإستسلام السائد لدي الأنظمة العميلة يتمحور حول البرنامج المرحلي ذى النقاط العشر منذ حوالي 15 سنة ومنذ قمة فاس إلتقى البرنامجان فى إتجاه التطابق التام ولم يعد الكفاح المسلح وسيلة للحسم بل مجرد أدوات مراقبة لتحريك عملية التسوية كما صرح بذلك رئيس الأركان المصري عبد الغني الحمصي بعد حرب تشرين 1973 كما أن العمليات الفدائية هي من منظور قيادة المنظمة مجرد أدوات ضغط للقبول بها طرفا فى التسوية وتعتبر الإنتفاضة كذلك من منظور القيادات وسيلة ضغط لتمرير التسوية والإعداد للمؤتمر الدولي .
لقد أصبح إذن من قبل قصر النظر السياسي عدم مسك هذه الحقائق وعدم تسليح الجماهير بها. إنه من واجب الشيوعيين الإصداع بهذه الحقائق لعموم الشعب وعدم الدخول فى لعبة مغالطة الجماهير أو إيهامها بأن القيادات الحالية قد تسير بها إلى النصر.
لقد إفتضحت عمالة الأنظمة بدون إستثناء وظل واضحا أن قيادة م.ت.ف تدافع عن برنامج الكمبرادور والإقطاع برنامج "المجموعة المليونيرية الفلسطينية" التى إجتمع بها عرفات فى الحمامات-تونس- فى أوائل 1983.
إن اللهث وراء السلام مقابل قطعة أرض هو فى الحقيقة الإستسلام بلا قيد أو شرط أي التسوية والهيمنة الإمبريالية والمزيد من التجزئة وهذا فى الواقع ما إقرته القمم السابقة و قمة الجزائر:
- الإعتراف بالكيان الصهيوني والتوجه نحو التطبيع.
- التصدى للبندقية والعمل على إسقاطها بكل الوسائل .
- محاصرة الفكر الوطني سواء من خلال عمليات القمع المباشر أو بإستعمال الفرق الإصلاحية والظلامية وتحويل إتجاه البندقية بإشعال نار الخلافات الطائفية وتشجيع الإنقسامات.
- تقنين الإقليمية من منطلق الحفاظ على مصالح السماسرة والإقطاعيين ورفع شعار خطر الكانتونات والطائفية .
وحول محاور الإستسلام هذه يتم التقارب الحالي بين الأنظمة وتتم عملية تجاوز ما سمي بالخلافات العربية وذلك تجنبا لإنفلات الوضع فيتم التطبيع بين النظام الليبي والنظام التونسي وبين مثيله فى الجزائر ونظام الحسن الثاني وبين هذا الأخير والبوليزاريو ثم يتم إيقاف حرب الخليج والتطبيع مع نظام مخيم داوود.
III / عجز القيادات ناتج عن طبيعتها :
إن طبيعة القيادات وتركيبتها الطبقية تجعلها بعيدة كل البعد عن طرح مهام الثورة الوطنية الديمقراطية وعن إيجاد الأدوات الضرورية للتقدم فى إنجاز هذه المهام. لقد إنحدرت قيادة الجبهات رئيسيا من التيارات القومية فمنها من تمركس إثر هزيمة البرجوازية الوطنية وتحول فى النهاية إلى معسكر الثورة المضادة بدفاعه العلني عن خط الإمبريالية الإشتراكية ومنها من حافظ على النفس الوطني المنقوص الذى إنبنى على أساسه وواصل الدفاع عن مصالح البرجوازية الوطنية .
ولذلك فإنه من الضروري التفريق بين الجبهات التى تبنت مواقف الإستسلام وأصبحت تدافع علنا عن الإمبريالية الإشتراكية وبين الجبهات الرافضة للحلول الإستسلامية والتى رغم تذبذبها ما زالت تقف فى فترات محددة إلى جانب نضالات الجماهير.
وفى حين تعمل الجبهات الإصلاحية الدائرة فى فلك الأحزاب المسماة باطلا شيوعية على إستبدال هيمنة إمبريالية بهيمنة إمبريالية أخرى لا تقل شراسة على غرار ما حدث فى أنغولا مثلا. وفى الوقت الذى يتحتم على الشيوعيين الحقيقيين فضح طبيعة هذه القيادات وتلاعبها بمصالح الشعب فإنه من الضروري التمايز مع الجبهات الوطنية المعبرة عن مصالح البرجوازية الوطنية والتقدم نحو بناء الحركة الشيوعية الماركسية –اللينيني’. المنطلق من مصالح العمال والفلاحين وباقي الفئات الشعبية ومن هذا المنظور فإن منطلقاتها الطبقية تختلف إيديولوجيا وسياسيا وتنظيميا عن المنطلقات الجبهوية ولا يمكن لهذا البديل الثوري أن يبنى إلا على أنقاض التحريفية المندسة فى حركة التحرر من جهة وفى تباين مع القوى الوطنية من جهة ثانية وهذا لا يمنع العمل المشترك مع القوى الوطنية فى إطار جبهة وطنية ديمقراطية شعبية معادية للإمبريالية والصهيونية تحت قيادة حزب الطبقة العاملة الماركسي-اللينيني.
أ- القيادات الإصلاحية تعبر عن مصالح الإمبرالية الإشتراكية :
لقد تمكنت هذه القيادات من إزاحة النفس الوطني وتنكرت كليا للمواثيق التى قامت على أساسها وإلتحقت نهائيا بمعسكر الثورة المضادة خاصة بعد إنطفاء مشعل دكتاتورية البروليتاريا فى الصين. إن برنامج هذه القوى الإصلاحية ينحصر فى الإطار العام الذى ترسمه الإمبريالية الإشتراكية ويتمحور حول الإعتراف بالكيان الصهيوني والعمل من خلال المؤتمر الدولي على إيجاد الدويلة الممسوخة ويستخدم العمل المسلح فى إطار التنافس بين الكتلتين الإمبراليتين كأداة للاتعجيل بالحل الإستسلامي . وقد تقابل خط التسوية السوفياتي بخط التسوية الأمريكي وحصل التحالف بين هذه الجبهات والقيادة العرفاتية وذلك على أساس البرنامج المرحلي للنقاط العشر فهو برنامج توحدت حوله القوى الرجعية والإصلاحية فى فلسطين ذات المصلحة فى وجود الكيان الصهيوني والمرتبطة بالطبقات الحاكمة عملية الإمبريالية والإمبريالية الإشتراكية.
ولا يمكن لبرنامج التسوية والتجزئة المعبر عن مصالح الكمبرادور والإقطاع أن يكون برنامج العمال والفلاحين وباقي الفئات الشعبية ولا يمكن لمثل هذه القيادات أن تكون قيادات ثورية ولذلك نظرا لسيطرة الخط الرجعي العرفاتي على منظمة تحرير فلسطين والتأييد الإصلاحي لهذا الخط فقد وقع إفراغ النضال الوطني والديمقراطي من محتوياته وتحول النضال ضد التواجد الإمبريالي إلى جلسات ضيقة تعارض هذا المشروع الإمبريالي لا كمشروع يقنن الهيمنة والنهب وواقع بل لأنه لا يعترف بهذا الفصل أو ذاك وفى ظل هذا التنافس الإمبريالي إنتعش التيار الظلامي وإستخدم الإخوان فى تقويض الحركة من الداخل لدفعها إلى المزيد من الإنقسامات والمعارك الجانبية .
وليس من الغرابة أن يفرز برنامج الإستسلام قيادات رجعية مرتبطة بمصالح الطبقات الحاكمة المرتبطة هي الأخرى بمصالح الإمبريالية كما أنه ليس من الغرابة أن تتوخى هذه القيادات أساليب لاعلاقة لها بالنضال الجماهيري ولا بالكفاح المسلح وتحاول جاهدة ضرب إمكانية بروز نواة حزب الطبقة العاملة والجبهة الوطنية الديمقراطية الشعبية وجيش الشعب الأدوات الضرورية لتحرير الشعب العربي.
ولذلك فمن الطبيعي أن تتوجه هذه القيادات إلى الإعتماد على الأنظمة وعقد التحالفات الفوقية بمعزل عن مصالح الجماهير العربية فى فلسطين وفى بقية الأقطار وأن تجعل من القضية قضية محلية وإقليمية لتخرج الشعب العربي من المواجهة وتنفرد بالقيادة لفرض وصايتها. وفى هذا الإطار يندرج إحترام هذه القيادات الحدود المصطنعة والإعتراف بشرعية الأنظمة وعدم التدخل فى شؤون البلد المستضيف وبالتالي توخي أسلوب العمل الشرعي فى ظل القوانين الجائرة وعدم تجنيد الجماهير العربية رغم توفر الظروف الموضوعية بل تركها عرضة للمجازر والتنكيل كما حدث ذلك سابقا فى الأردن ( أيلول الأسود) أو فى لبنان تل الزعتر والإجتياح الصهيوني وحرب المخيمات أو فى سوريا وتوخي أسلوب المفاوضات بغض النظر عن موازين القوى وإستبدال البرنامج بتكتيكات مرحلية والإلتجاء إلى العمل المسلح فى إطار المزايدات لا غير ومقابل ذلك نبذ النضال الجماهيري وأسلوب حرب الشعب طويلة الأمد والإعتماد على التسلح الثقيل والقواعد الثابتة وأسلوب المواجهات النظامية وتحويل منظمة تحرير فلسطين إلى مؤسسة مالية تفوق ميزانيتها بعض ميزانيات الأنظمة وإلى أداة مساومة بمصالح الشعب العربي فى يد الرجعية العربية .
ب- محدودية القيادات الوطنية:
لقد إتضح أن برنامج التسوية للجبهات الإصلاحية الدائرة فى فلك ما يسمى بالأحزاب الشيوعية الموالية للإمبريالية الإشتراكية قد تطابق مع برنامج التسوية للإنظمة العربية ولذلك لا يمكن إسقاط برنامج التسوية وقياداته إلا بتبنى برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية ولايمكن لهذا البرنامج أن يعرف طريقه نحو التجسيد العملي إلا عن طريق طليعة الطبقة العاملة المنظمة فى الحزب الماركسي –اللينيني والمتحالفة مع جماهير الفلاحين وباقي الطبقات الثورية ومن هذا المنظور لا يمكن لبرنامج الفصائل الوطنية أن تتحول إلى برنامج الثورة والتخلى الفعلي عن قيادة نضالات الجماهير . ولذلك فمن الضروري الوقوف عند محدودية ذلك البرنامج وطبيعة القيادات الوطنية المتذبذبة والإشارة إلى السلبيات التى يحاول أصحاب الطرح اليميني المندس طمسها والسكوت عنها من أجل ضرب إستقلالية الطرح الوطني الديمقراطي والتقديس للتوجهات الجبهوية .
لقد تم إنشاء منظمة تحرير فلسطين سنة 1964 بقرار رسمي عربي وكلف أحمد الشقيري القوى المنظمة أن تحل تنظيماتها وتنصهر فى المنظمة وضم المجلس المعين إعيانا ونوابا وجهاء ولاأحد من سكان المخيمات طبعا. وبالرغم من تبنى المجلس فى دورته الأولى قضية التحرير المنصوص عليها فى الميثاق القومي فإن تركيبة القيادة و طبيعتها لا تسمح لها بالعمل من أجل التحرير وظلت القرارات محكومة بقرارات القمة العربية وسياسات الأنظمة وخاصة منها النظام المصري والأردني والسوري.
ثم جاءت إنطلاقة فتح بالكفاح المسلح سنة 1965 وسط صراع محتدم فى صفوف الحركة القومية بين الناصريين والبعثيين هذا الصراع الذى تواصل إلى هزيمة حزيران1967 وفى ظل غياب البديل وإثر هزيمة البرجوازية الوطنية تدعمت صفوف فتح بعشرات الآلاف بعد أن كانت معتمدة أساسا على أوساط الإخوان المسلمين ووجدت قيادة المنظمة أن برنامجها مختلف عن برنامج الأنظمة التى أوجدتها فبرنامج المنظمة برنامج تحرير حسب الميثاق وبرنامج الأنظمة بما فى ذلك الجمهورية العربية المتحدة برنامج إزالة آثار العدوان وتنفيذ مضمون القرار 242 . وما لبثت الأنظمة أن سلمت فتح قيادة المنظمة سنة 1969 وإنتقلت القيادة من يحيى حمودة إلى ياسر عرفات ولئن طبل البعض إلى التحول الثوري فإن الأمور كانت تسير على عكس ذلك.
فقد وافق عبد الناصر فى تموز جويلية 1970 على مشروع روجرز . فى 17 أيلول بدأت المعارك فى الأردن و قبل إنتهائها بدأنا نسمع أحاديث عن الدولة الفلسطينية فى عمان وفى داخل فتح نفسها وأخيرا جاءت حرب تشرين أكتوبر 1973 لتفتح الباب واسعا امام عجلات الإستسلام. لقد دلت الأحداث إذن على عجز القيادات الوطنية التى ولى عهدها من جهة وعلى محدودية برامجها من جهة أخرى ورغم الفشل الذى شهدته البرجوازية الوطنية وبالرغم من حدوث تراكمات إيجابية وإستخلاص الدروس فإن القيادات الوطنية لم تعمل على تطوير برامجها ولا يمكن لها أن تفعل ذلك كما أنها متمسكة بنفس الأساليب السابقة ولذلك لم تتمكن فتح الإنتفاضة مثلا من تجاوز ما سمي بأزمة منظمة تحرير فلسطين ولا يمكن لها أن تبرز كبديل بل إستغلت قيادة منظمة تحرير فلسطين هذه الخلافات لتدعم نفوذها وتفرض المزيد من الإستسلام.
وعوض فهم نواقص هذه الجبهات على مستوى البرامج والأساليب وطرح البديل الوطني الديمقراطي وحرب الشعب من أجل إنقاذ الجماهير من النكسات فقد راح التيار التصفوي يؤله جبهة الإنقاذ ويعتبرها البديل الوحيد القادر على إنقاذ م. ت. ف. والتصدى للإستسلام متناسيا إرتباطها ببعض الأنظمة العربية كما إعتمد هذا التيار "القومجي"المتمركس على أهمية المسألة القومية فى المستعمرات وأشباهها لإحياء الطرح البرجوازي من جهة ويطمس البديل الماركسي-اللينيني من جهة ثانية ويعمل فى الآن نفسه على طبع البديل الماركسي-اللينيني بطابع يميني يضمنه محتويات بعثية شكلا ومضمونا.
إن الموقف الشيوعي واضح من الفكر القومي ومن تعبيرات البرجوازية الوطنية .إنه يدعم الحركات الوطنية طالما تقف إلى جانب الشعب فى نضاله ضد الإمبريالية وعملائها وعلينا بوصفنا شيوعيين أن نؤيد الحركات التحررية البرجوازية فى المستعمرات فى الحالات التى تكون فيها هذه الحركات ثورية حقا وفى الحالات التى لا يعيقها فيها ممثلو هذه الحركات عن تربية وتنظيم جماهير الفلاحين والجماهير الغفيرة من المستثمَرين تربية ثورية وتنظيما ثوريا ..( ص 168 لينين ،تقرير اللجنة المختصة بالمسألة القومية ).إن التحالف مع الحركات الوطنية المطروح إنجازه هو تحالف مبني على أساس تحالف العمال والفلاحين وباقي الفئات الشعبية بقيادة حزب الطبقة العاملة فلا مجال إذن للتنازل عن قيادة الجبهة الوطنية الديمقراطية المزمع بناؤها من خلال خوض حرب الشعب.
/ IV لا بديل عن برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية :
لقد إثبتت تجارب الشعوب الظافرة وأثبتت تجربة الشعب العربي إنه لا يمكن هزم الإمبريالية بكتلتيها وعملائها إلا بقيادة بروللتارية مدافعة فعلا عن مصالح العمال والفلاحين وباقي الفئات الشعبية ولا يمكن لهذه القيادة أن تكون سوى طليعة الطبقة العاملة المنظمة فى حزب ماركسي-لينيني متسلح ببرنامج الثورة الوطنية الديمقراطية .
إن الإنتفاضة والجماهير العربية عموما فى حاجة إلى مثل هذه القيادة لتعيد الإعتبار إلى الطرح الوطني الديمقراطي وتضع المسألة الوطنية فى صدارة إهتماماتها .
لقد دأبت القيادات الحالية على تشويه المسألة الوطنية والخلط بين الأعداء والأصدقاء ففى حين تتظاهر بعض الأنظمة والقوى الموالية لها بالوطنية لتغطية طابع العمالة فقد حاولت القوى الإصلاحية التابعة للإمبريالية الإشتراكية حصر النضال الوطني المزعوم فى التصدى لأمريكا وقدمت الإمبريالية الإشتراكية كصديقة للشعوب رغم ما تقوم به من إضطهاد فى إيرتريا وفى أفغانستان...
إن النضال الوطني لم يعد يعنى النضال ضد الإمبريالية الأمريكية فقط بل يعنى كذلك النضال وبنفس الحزم ضد حلف وارسو وعلى رأسه الإتحاد السوفياتي الذى تحول إلى إمبريالية إشتراكية منذ صعود التحريفية على إثر موت الرفيق ستالين. كما أن النضال الوطني يعنى التصدى لكل الإختيارات اللاوطنية التى تسنها الطبقات الحاكمة بتوصية من أسيادها الإمبرياليين . ولذلك فإن القضاء على التخلف وواقع الكبت والحرمان مرتبط بالقضاء على الهيمنة الإمبريالية فالوطنية تعنى بناء إقتصاد متحرر يحافظ على خيرات البلاد ويرتقى بمستوى عيش الجماهير الكادحة وينقذها من البؤس والحاجة ويوفر لها الشغل القار والمسكن اللائق والعلاج الضروري ويضمن لها حق التعليم المجاني والإجباري ويركز الثقافة الوطنية كما أن القضاء على الإمبريالية يهدف إلى تحرير جماهير الفلاحين من الإضطهاد الإقطاعي بإنجاز الإصلاح الزراعي الفعلي وتحقيق شعار الأرض لمن يفلحها والنهوض بالزراعة على أسس النواة الإشتراكية .
إن هذا النضال الوطني يفترض كشف كل من يحاول تقديم العملاء كوطنيين وفضح كل من يزكى الخيارات اللاوطنية والقوانين النهابة ويساهم فى مغالطة الجماهير وتزيين وجه الأعداء.
إن التناقض بين الإمبريالية والإمبريالية الإشتراكية وعملائهما وبين الأمة العربية المضطهَدة لن يحسم بالترقيع أوالإصلاح المزعوم أو بالمفاوضات . إن التناقض بين الإقطاعيين وجماهير الفلاحين والشعب عموما لن تحلها التنمية الريفية أو المشاريع الإمبريالية. إن التقدم فى حسم التناقضين المذكورين وبناء السلطة الديمقراطية الشعبية (الد. الش.) لن يتم إلا عبر خوض حرب الشعب طويلة الأمد وبالتقدم فى حسم هذين التناقضين نتقدم فى توحيد الأمة العربية والقضاء على التجزئة وبناء صرح الأمة الإشتراكية لا الأمة البرجوازية كما يعد لذلك الطرح التصفوي اليميني.
V/ حرب الشعب و بناء السلطة الجديدة :
أ- ضرورة قيام حرب الشعب :
إن تبنى حرب الشعب كأسلوب أساسي للتحرير ليست مسألة إرادية أو دغمائية ناتجة عن سحب التجربة الصينية أو الفتنامية إنه أسلوب أفرزه واقع موضوعي واقع المستعمرات وأشباهها وهو كذلك أسلوب يتطابق مع القوى الذاتية الناشئة والتى لا يمكن لها أن تنمو وتتعزز إلا من خلال هذا الأسلوب .
ونحن إذ نسترشد بتجربة الحركة الشيوعية فى هذا الميدان وما يحدث فى البيرو حاليا عن طريق الحزب الشيوعي وجناحه المسلح الدرب المضيئ فإننا لا ندعي كما يفعل التصفويون المندسون والبعثيون المتمركسون أن شكل حرب الشعب سيأخذ بالضرورة شكل المسيرة الكبرى من المحيط إلى الخليج.
إن الشيوعيين يؤمنون بالصراع الطبقي ويبنون تحاليلهم على هذا الأساس والصراع الطبقي يؤدى حتما إلى العنف الثوري لمواجهة العنف الرجعي الذى يتخذ أشكالا متعددة مثل مصادرة الكلمة والحرمان والتجويع والقمع والتنكيل والغارات والمجازر والحروب الإمبريالية .
إن التجسيد الفعلي للعنف الثوري فى بلد مستعمر وشبه مستعمر وشبه إقطاعي هو قيام حرب الشعب بقيادة حزب الطبقة العاملة وليس هناك أي أسلوب آخر للتغيير بل ان الأوهام البرلمانية والتحول السلمي وسياسة الوفاق الطبقي والمواثيق التى تروجها القوى الإصلاحية وتمارسها فعليا تهدف فى الحقيقة إلى التداول على قمع الشعب وإبقائه يرزح تحت النير الإمبريالي والإضطهاد الإقطاعي.
إن الجماهير العربية فى فلسطين وفى عموم الوطن العربي فى حاجة أكيدة إلى الإتعاظ بالتجارب الظافرة وفهم أن مواجهة الكيان الصهيوني والاعداء الطبقيين والقوميين لن تتم بالحجارة فقط بل بخوض حرب الشعب ولذلك فعلى القوى الماركسية-اللينينية أن تبلور هذا الأسلوب وتدخل عمليا فى ممارسته. تعتبر حرب الشعب تجسيدا للصراع الطبقي والنضال الوطني وإحتداد لهما فى فترات المد إذ أن الكفاح المسلح هو ارقى أشكال الصراع الطبقي لكن من أجل أن يكون الكفاح المسلح فى خدمة مصالح الشعب الكادح عليه أن يخضع إلى خط حزب الطبقة العاملة المدافع الفعلي عن مصالح الشعب وأن تقع تعبئة الأمة بأكملها وأن يأخذ هذا الكفاح المسلح شكل حرب الشعب.
إن الكفاح المسلح هو إذن تطور موضوعي لدرجة تطور الصراع الطبقي والنضال الوطني لكن حرب الشعب فضلا عن هذا التطور الموضوعي وعن إحتداد الصراع بين الإمبريالية والإمبريالية الإشتراكية وعملائهما وبين الأمة العربية المضطهَدة فإنها تعكس التطور الذاتي للقوى الماركسية –اللينينية إذ أن حرب الشعب ليست حربا عادية ولا مجرد ورقة ضغط بل إنها إمتداد لسياسة القيادة البروليتارية وتجسيد للسلطة الديمقراطية الشعبية .هكذا إقترنت إذن حرب الشعب بالخط الماركسي-اللينيني وما تزال مرتبطة به لأن ذلك يعنى إرساء المناطق الحمراء جنين السلطة الديمقراطية الشعبية ويظل نجاح حرب الشعب والتقدم نحو تحرير المناطق رهين القيادة البروليتارية.
إنه فى منتهى الأهمية التأكيد على القيادة البروليتارية أي قيادة الخط الماركسي –اللينيني لحرب الشعب. وذلك فى مواجهة الطروحات المنحرفة كالطرح الخوجي الدغمائي والبعثي المتمركس والحيادي المتفسخ تلك الطروحات التى إلتقت مكوناتها لضرب الخط الوطني من الداخل وتشويه حرب الشعب . فحرب الشعب تعنى :
1- الإنضواء تحت راية البروليتاريا المتسلحة ببرنامج الثورة الوطنية الديمقراطية ،
2- دعم تحالف العمال والفلاحين من جهة وباقى الفئات الشعبية من جهة ثانية و ذلك ب:
أ- توعية العمال بالدور القيادي ودفعهم نحو كسب الحليف الإستراتيجي الفلاحين الفقراء القوة الأساسية لبناء الجيش الشعبي المنشود
ب- التوجه إلى الريف والتمركز فيه كشيوعيين بغية تنظيم صفوف جماهير الفلاحين وإرساء الفرق المتحركة نواتات الجيش الشعبي وإن هذا التوجه لا ينفى البتة إهمال المدينة ولقد بينت التجارب السابقة وحتى تجربة الكفاح المسلح فى الوطن العربي إنه فى نفس الوقت الذى كانت فيه المقاومة تنصب الكمائن وتنظم عمليات الهجوم ضد العدو فى الأرياف والقرى كانت المدن فى فلسطين تنتفض فى مسيرات وتدخل فى إضرابات عادة ما تتحول إلى مظاهرات عنيفة... إلخ .
3- تحول هذا الأسلوب إلى أداة رئيسية فى عملية الدعاية والتحريض والتنظيم أي إخضاع الأدوات الأخرى إلى هذا الأسلوب وجعل الجريدة وكل التحركات تعد إلى حرب الشعب و تتجه نحو دعمها وتوطيدها.
وبإيجاز فإن ضرورة حرب الشعب تنبع من خصوصية المستعمرات وأشباهما ومن أهمية الأرياف والفلاحين والمكانة التى يحتلونها فى عملية الإنتاج وعلى القوى الماركسية-اللينينية أن تعيد الإعتبار لهذا الأسلوب وأن تمسك بخصوصياته و تبدع فى تطبيقه حسب تطور الصراع الطبقي.
ب- حرب الشعب و بناء السلطة الجديدة :
لقد تمكنت الجماهير المنتفضة فى الضفة والقطاع من تعزيز أشكال العمل الجماعي وكل أنواع التعاون فى مواجهة الإعتداء فتكونت اللجان المتعددة وحاول الشعب المنتفض أخذ مصيره بيده من خلال أشكال تنظيمية يطغى عليها الطالبع العفوي . بيد أن حرب الشعب أرقى أشكال الصراع الطبقي تنطلق من هذه الأشكال لتدفع بها نحو تكوين السوفياتات لجان العمال والفلاحين وتدربها على تسيير شؤون القرية أو مجموعة القرى وفق برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية وبذلك تمارس الجماهير السلطة التى يعمل الأعداء على إبعادها عنها وترسخ قناعاتها وتطور تجربتها فى مواجهة أعدائها من جهة وفى الإرتقاء بالبديل الثوري من جهة ثانية وذلك فى إتجاه إرساء المناطق الحمراء.
إن المناطق الحمراء نتاج لصراع عنيف تكتسب من خلاله الجماهير بقيادة حزب الطبقة العاملة تجربة على كل المستويات تؤهلها إلى إدارة شؤونها وتطبيق البرنامج العملي وتمثل المناطق التى يمكن إفتكاكها بغض النظر عن المدة درجة متطورة من مراحل حرب الشعب تكون الجماهير قد مارست سلطتها فى مناسبات عدة وبتقطع طبعا.
وتكون قد تعرفت على طبيعة أعدائها وتبلورت لها عمليا الملامح الكبرى للمجتمع الجديد وهي بالتالي مؤهلة عند إفتكاك السلطة على أي شبر كان من تأميم مصالح الأعداء وتطبيق شعار الأرض لمن يفلحها وإنتخاب لجان العمال والفلاحين وتوفير الحريات للشعب الذى يمارس سلطته من خلال لجان منتخبة تمثله حق تمثيل وتخضع إلى رقابته.
فهل حدث شيئ من هذا القبيل فى الضفة والقطاع ؟ إن ذلك لن يحدث بمعزل عن القيادة الماركسية-اللينينية ولذلك تبقى الإنتفاضة عرضة لكل إمكانيات الإحتواء كما أن الوصول إلى هذه الدرجة من التطور حيث تصبح فيها الجماهير سيدة الموقف لا من خلال تحركات عفوية بل عبر برمجة مضبوطة وآفاق واضحة يفترض تحضيرا مسبقا لكن القيادات الحالية رغم تجربتها الثرية فى المجال العسكري لم تدرب الجماهير على ممارسة السلطة بل إنها لم تعمل على فضح الأعداء وذلك نظرا لطبيعتها كما ذكرنا آنفا.
وعلى عكس ما تقوم به القيادات الفلسطينية فقد توجه الحزب الشيوعي فى البيرو إلى تدريب الجماهير على أخذ السلطة وإسترجاع ما إفتكه منه أعداؤه رغم محدودية إمكانياته العسكرية بالمقارنة مع الفصائل الفلسطينية الحالية .
لقد تسلح الحزب الشيوعي ببرنامج الثورة الوطنية الديمقراطية وإعتمد حرب الشعب كأسلوب أساسي للتحرير فتمكن الحزب بفضل خطه السياسي الصائب من التمييز الدقيق بين العدو والصديق وكشف مواقع العدو ورموزه وجر الجماهير بفضل النضال اليومي إعتمادا على أسلوب " أضرب وأهرب" إلى المزيد من إرباكه وكشف طبيعته. إن إندلاع الكفاح المسلح كشف القناع عن الجبهات الإصلاحية التى وقفت إلى جانب النظام ورفعت شعار "إنقاذ التجربة الديمقراطية الحديثة ونبذ العنف والتحذير من خطورة رجوع حكم الجنرالات...إلخ"
بينما عملت القيادات الفلسطينية كل ما فى وسعها للتصدى لمثل هذا الفرز الطبقي وإنطلاقا من مصالحها أوهمت الجماهير فى أكثر من مرة بإمكانية التعايش مع الأعداء الطبقيين والقوميين لقد بينت التجربة أن حرب الشعب يجب أن تكون شعبية بأتم معنى الكلمة أي بالإعتماد على الجماهير وعلى طاقاتها لا على الدعم المالي للأنظمة وصفقات الأسلحة فالجماهير قادرة على إفتكاك أسلحة العدو وعلى إسترجاع أموالها المسلوبة وعرق جبينها ويكمن دور القيادة الماركسية –اللينينية فى توعية الجماهير بحتمية تحقيق مطالبها المشروعة وتدريبها على إفتكاكها والتبيان بالملموس أن القضاء على نظام الإستغلال ممكن وليس حلما طوباويا وقد عمل الحزب الشيوعي فى البيرو فى هذا الإتجاه ولم ينتظر تأشيرة قارسيا لتربية الجماهير وممارسة حقه فى الدعاية والتحريض والتنظيم .
وهكذا تحل الفرق المسلحة بقرية ما ,بعد أخذ كل التدابير وشل تحركات العدو فتعقد الإجتماعات فى الساحات العمومية وتشرف على إنتخاب لجان العمال والفلاحين التى تعوض السلطة المحلية وتحاكم كل من أجرم فى حق الشعب وتوزع الغذاء والأموال على المعوزين وترجع الأراضي إلى مستحقيها وبإيجاز تدرب الجماهير على إدارة شؤونها والحفاظ على مصالحها من خلال دعم حرب الشعب وتوسيع صفوف الجيش الشعبي وحتى فى صورة سقوط هذا الموقع فى يد العدو وهذا ما يحدث غالبا لأن المسألة مسألة صراع ولأن حرب الشعب هي حرب طويلة الأمد فإن الجماهير رغم التضحيات التى ستقدمها تتقدم حتما نحو إفتكاك مواقع جديدة وإسترجاع مواقع مفقودة وهكذا دواليك حتى إنتصاب منطقة حمراء صامدة.
بيد أن القيادات الفلسطينية رغم سيطرتها فى وقت ما على بعض المناطق فى الأردن وفى لبنان فهي لم تفعل شيئا من هذا القبيل بل إنها تتصدى إلى أن تصبح الجماهير سيدة الموقف وتخشى إنفلات الأمور من أيديها وبروز قيادة جذرية تسقط عنها ورقة التوت المتسترة بها . وإذا ما شعرت هذه القيادات بخطر زحف الجماهير وإصرارها على التحرير فهي لا تتورع قصد إنتزاع مكاسب الشعب وإفتكاك حقه فى ممارسة سلطته وسلب ثمار نضالاته عن الإستنجاد بهذا النظام وذاك أو حتى "بالقوى الأممية" التابعة لمنظمة الأمم المتحدة .
وهنا يكمن الخطر الذى يهدد الإنتفاضة إذ فى حين تقدم الجماهير يوميا لوحات بطولية تكتبها بدم أبنائها تتحرك القيادات فى زيارات مكوكية من عاصمة إلى أخرى من أجل إيجاد الحل الإستسلامي المناسب وقطف ثمار الإنتفاضة وتوظيفها من أجل فرض المؤتمر الدولي وتوصيات المعسكرين الإمبرياليين المقدمة فى شكل قرارات الأنظمة العربية.
ولذلك فمن واجب القوى الماركسية-اللينينية والوطنية الصامدة التصدى إلى نهج التسوية والعمل على توسيع الطرح الوطني الديمقراطي والدخول فى ممارسته فعليا وفق خطط مدروسة تخرج هذه القوى من الواقع الهامشي الحالي .
VI / مهام القوى الماركسية - اللينينية الماوية :
إن القوى الماركسية –اللينينية الماوية فى حاجة إلى مشروع برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية وهو مشروع يهم كل الاقطار العربية وليس مشروعا فلسطينيا أو قطريا وهو مشروع ثوري وليس إستسلاميا أو إصلاحيا وهو مشروع صدام مع الإمبريالية والإمبريالية الإشتراكية وحلفائهما وليس مشروع وفاق أو تهاون معهما وهو بإيجاز مشروع ثورة إجتماعية يطرح حتمية المجتمع الجديد ،المجتمع الديمقراطي الشعبي المتحول إلى الإشتراكية فالشيوعية وهو مشروع المرحلة الحالية ونقيض الوضع السائد و ليس مشروع تأجيل الصراع الطبقي والنضال الوطني .
إننا كشيوعيين نطمح أن يتحول برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية إلى أداة عمل يومية ونعمل على أن يصبح هذا البرنامج برنامجا جماهيريا فى جوهره وعلى القوى الماركسية-اللينينية والقوى الوطنية أن تعيد الإعتبار إلى المهام الوطنية الديمقراطية التى تحاول القوى الرجعية والإنتهازية إحتواءها وتشويهها وتجريدها من طابعها الطبقي والوطني.
فالشيوعيون الماويون يريدون القضاء على التواجد الإمبريالي وعلى المدافعين عنه لأنه لا حديث عن إقتصاد وطني بدون هزم الإمبريالية وعملائها ولا يمكن إنجاز الإصلاح الزراعي وتطوير الزراعة وتوجهها نحو التصنيع بالإعتماد على الصناعة المحلية بدون القضاء على الإمبريالية والإقطاع كما لا يمكن توفير الحرية الفعلية للشعب والقضاء على الأمراض الإجتماعية إلا بالتخلص من النير الإمبريالي والإضطهاد الإقطاعي . وبالتخلص من هذه الهيمنة يمكن التقدم فى توحيد الشعب العربي وحسم المسألة القومية .
إن القوى الفعلية القادرة على تحرير فلسطين والشعب العربي عموما هي القوى التى وعت بضرورة هذا البرنامج وبالمحتوى الفعلي للمهام الوطنية الديمقراطية ولا يمكن لهذه القوى أن تتحول إلى أدوات منفذة لهذا البرنامج إلا بالتقدم فى بلورته كأداة عمل يومية وفى إنجازه من خلال خطط كفاحية واضحة تنقذ الجماهير من خلال المشاركة فى الصراع الطبقي والنضال الوطني من تأثير الفكر الإصلاحي وترتقى بتجربتها إلى حد طرح القطيعة والتصادم المعلن مع الإمبريالية والإمبريالية الإشتراكية وعملائهما المحليين
إن وجود هذا البرنامج لا يعنى إبقاءه على الرف أو ممارسة عكسه أو تصفيته كما يفعل الطرح القومجي اليميني المتمركس بل إن إيجاده مقترن ببناء نواتات الحزب الماركسي-اللينيني فى الوطن العربي فى إتجاه التحول من خلال الصراع اليومي إلى قطب وإلى أداة فعلية قادرة على التأثير فى الصراع الطبقي والنضال الوطني وقيادتهما لاحقا.
إن بناء هذه النواتات على أسس ماركسية-لينينية-ماوية هو الضامن الوحيد لتأسيس حزب الطبقة العاملة فى الوطن العربي وهو أساس بناء الجبهة الوطنية الديمقراطية والجيش الشعبي.
ولا يمكن لهذه الأدوات أن تنمو وتتعزز بمعزل عن برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية كما لا يمكن للبرنامج أن ينفذ إلى الجماهير وأن يتحول إلى سلاح بدون هذه الأدوات وفضلا عن كل ذلك فإن مدى التقدم فى بلورة البديل الثوري يبقى رهين قدرة هذه النواتات على إيجاد الخطط الكفاحية الملائمة وجر الجماهير إلى تبنى جوهر البرنامج وإعلان الحرب فى وجه الأعداء.
لكن واقع القوى الماركسية-اللينينية فى الوطن العربي ما زال متخلفا عن الظروف الموضوعية المتفجرة فى بعض المناطق ونظرا إلى الظروف الموضوعية والذاتية التى مرت بها فهي لم تتخلص نهائيا من التأثير الإصلاحي الذى أعاق بناءها على أساس إستراتيجيا الثورة الوطنية الديمقراطية .
أ- خطورة التأثير الإصلاحي و حتمية محاربته :
ترجع جذور الفكر الإصلاحي رئيسيا إلى النكسات التى عرفتها الحركات الشيوعية العالمية فقد نتج عن تحول الإتحاد السوفياتي ( أول بلد إنتصرت فيه الإشتراكية ) إلى بلد إمبريالي بروز التحريفية الخروتشوفية وتفرعاتها كما إنتهت نظرية العوالم الثلاثة بإغتصاب السلطة فى الصين وتركيز طغمة تينغ التحريفية وساهعمت فى إنتهاج الأطروحات اليمينية وخاصة تشويه المحتوى الوطني للنضال سواء بتسليم القيادة للبرجوازية الوطنية أو دعم الطبقات الحاكمة وتنظير إلى "وطنية بعض الأنظمة" أما إرتداد حزب العمل الألباني فقد أفضى من خلال طرحه الدغمائي التحريفي إلى إنتعاش الترتسكية الجديدة الدائرة فى الحقيقة فى فلك التحريفية.
لقد إنعكست هذه النكسات سلبا على الحركة الماركسية-اللينينية والحركة الثورية عموما وظلت أخطاء الحركة ونواقصها مرتبطة بصفة مباشرة أو غير مباشرة بهذه النكسات مما جعل الحركة الماركسية-اللينينية تدخل فى إعادة البناء بدون التخلص الجذري من بعض الرواسب .
ولذلك فإن القوى الماركسية –اللينينية لا يمكن لها أن تنمو إلا على أنقاض الإصلاحية وخاصة منها التحريفية التى ما تزال مندسة فى العديد من حركات التحرر الوطني من خلال الجبهات والأحزاب المسماة باطلا شيوعية .
لقد أدت هذه الرواسب مع إختلاطها بأخطاء ونواقص القوى الماركسية –اللينينية ذاتها إلى طمس المهام الوطنية الديمقراطية عمليا فوقع إهمال المحور الوطني وأصبح التحرك فى إطار إقليمي ضيق ولم تجسد المهام الوطنية الديمقراطية فى إتجاه دعم تحالف العمال والفلاحين وطرح المسألة الزراعية المسألة القومية .
إن إهمال الأهداف الإستراتيجية وتوخى "تكتيكات خاطئة" أدت ببعض القوى إلى إعتبار البلد رأسماليا فركزت نشاطها رئيسيا فى المدن وراهنت على الإضرابات والنقابات وتصرفت وكأنها بصدد الإعداد للإنتفاضة هذا فضلا عن جعل محور الحريات العامة محورا رئيسيا وربط مهمة بناء الحزب بإفتكاك الحريات السياسية وإيهام الجماهير بإمكانية النضال الديمقراطي فى ظل أنظمة عميلة.
وهكذا فقد سقطت بعض القوى فى الإقتصادوية وتذيلت إلى قوى غريبة عن مصالح الطبقة العاملة وهمشت بفعل هذه الإنحرافات التحول إلى منظمة كفاحية وأجلت عملية بناء حزب الطبقة العاملة وساهمت فى تواصل العمل الحلقي الذى أعاق نموها التنظيمي وعرقل عملية توسع الطرح الوطني الديمقراطي ونفاذه إلى الجماهير الواسعة.
إن الإنتهازية اليمينية وتحديدا التحريفية ما زالت تمثل الخطر الرئيسي على نمو القوى الماركسية-اللينينية وإن التأكيد على أن التحريفية خطر رئيسي يجب ألا يثنينا عن مكافحة التروتسكية التى رغم مظاهرها الثورجية فهي تصب عمليا فى مستنقع التحريفية وتنضم إلى صف الثورة المضادة.
ب- الأفق المسدود للبديل البرجوازي الوطني :
لقد أرتبطت المسالة القومية فى المستعمرات وأشباهها بالثورة الإشتراكية وذلك منذ إنتصار ثورة أكتوبر 1917 وبات حل المسألة وتوحيد الأمم المضطهَدة والمجزأة وتحريرها من نير الإمبريالية وعملائها المحليين جزء من الثورة الإشتراكية العالمية ومن هنا تحولت المسألة القومية من مسألة خاصة داخلية إلى مسألة عامة وعالمية وإرتبط حل المسألة القومية فى المستعمرات وأشباهها بقضية تحرير الإنسان لا فقط من الإضطهاد القومي بل كذلك من الإستغلال الطبقي وإرتبط حلها نهائيا بمصالح الطبقة العاملة المنظمة فى حزبها الماركسي-اللينيني والمتحالفة مع جماهير الفلاحين وباقي الفئات الشعبية وذلك لأن قيادة الحركة الوطنية قد إنتقلت فى عهدنا إلى البروليتاريا نهائيا وللبروليتاريا مفهمومها الخاص لتطور المجتمع البشري وهو مفهوم مبني على أساس التحليل الطبقي .
" وإن نظرة البروليتاريا إلى العالم هي الأممية لا القومية وفى النضال الثوري يؤيد الحزب البروليتاري القومية التقدمية ويعارض القومية الرجعية ويجب عليه دائما أن يرسم خطا فاصلا واضحا بين نفسه وبين القومية البرجوازية ولا ينبغى له أبدا أن يقع أسيرها" ( "إقتراح حول الخط العام للحركة الشيوعية العالمية " ص 16 ، بيكين 1963) .
إن موقف الشيوعيين واضح لا غبار عليه لكن مواقف التحريفية من جهة والتروتسكية من جهة ثانية وكذلك إهمال المسألة من قبل القوى الماركسية-اللينينية وبقاؤها فى الأفق الإقليمي الضيق كل هذه العوامل ساهمت فى طمس الطرح الطبقي للمسألة القومية من جهة وتمكين البرجوازية الوطنية من مواصلة دورها القيادي الذى ولى عهده من جهة ثانية .
إن جرائم التحريفيين والتروتسكيين الذين إستهانوا بالنضال الوطني وأساؤوا فهم المسألة القومية قد مكنوا القوى الإجتماعية العميلة للإمبريالية من المزايدة بتلك القضية وركوبها وعزل الطبقة العاملة وأخذ زمام المبادرة السياسية منها كما أن غياب الموقف الماركسي-اللينيني من المسألة جعل النضال الوطني عرضة للنكبات المتتالية لا يخرج فى أحسن الحالات عن الأفق البرجوازي المسدود.
وأمام هذه الأوضاع إستغل الإنحراف القومجي اليميني الصراعات الدائرة حول المسألة القومية وذهب إلى إعتبار العامل القومي مساويا للعامل الإجتماعي وحصر هذا الأخير فى الهوية القومية وأصبح إنتماؤنا القومي هو هويتنا الإجتماعية وبذلك نفى إنطباق قوانين التطور الإجتماعي علينا ونفي المضمون الطبقي للمسألة القومية أي نفى الصراع الطبقي داخل الأمة وذلك يعنى عمليا تجنيد الجماهير وتعبئتها فى إطار الثورة البرجوازية التى ولى عهدها بلا رجعة وبالتالى سلب الثورة الوطنية الديمقراطية طابعها الطبقي وسد الباب أمام التحول إلى الإشتراكية فالشيوعية.
" لقد بينت التجربة فى المستعمرات وأشباهها أن العناصر البرجوازية الصغيرة تأتي إلى الحزب الشيوعي لأنها ترى فيه العدو الحازم للإمبريالية لكنها لا تفهم دائما وبما فيه الكفاية أن الحزب الشيوعي ليس حزبا يناضل ضد الإستغلال الإمبريالي والإضطهاد القومي فقط بل إنه حزب يناضل بصفته حزب البروليتاريا ضد كل أنواع الإستغلال" ولذلك "يجب على أحزابنا الناشئة فى المستعمرات أن تتخلص من رواسب الإيديولوجية القومية البرجوازية الصغيرة فى خضم الصراع ومن خلال عملية بناء الحزب لتهتدي إلى الطريق البلشفي" ( المؤتمر السادس للإممية الثالثة) .
إن صعود الطبقة العاملة إذن وقيادتها للنضال الوطني هما اللذان يعطيان البعد الإشتراكي لهذا النضال الذى سيفضى مثلما قال الرفيق ستالين " إلى أمة إشتراكية أكثر توحدا من كل الأمم البرجوازية وذات طابع شعبي أكثر إكتمالا من كل الأمم البرجوازية " لكن بعض المندسين حاولوا تمرير خطهم القومجي اليميني بالإعتماد على الدور التقدمي الذى تلعبه البرجوازية الوطنية فى فترات معينة وأوهموا البعض بأن المسألة القومية تقدمية فى المطلق بغض النظر عن الطبقة التى تقوم بتجسيدها العملي أي أنهم نسفوا كل ما أتت به ثورة أكتوبر من تحولات جذرية وذلك من أجل إعادة الإعتبار للدور القيادي للفصائل الوطنية على حساب الحزب الشيوعي الماركسي-اللينيني وقدموا البرجوازية الوطنية تقدمية فى المطلق وطمسوا طابعها المتذبذب ليتخلصوا إلى أنها حليف قار حتى وإن هاجمت الشيوعيين ومنعتهم من حرية تنظيم الجماهير وهكذا تصبح بعض الأنظمة وطنية لمشاركة البرجوازية الوطنية فيها وينظر هؤلاء التصفويون إلى حزب الجبهة ويضربون نهائيا الحزب الماركسي –اللينيني كطليعة الطبقة العاملة وكقائد الجبهة والجيش ومن هنا يأتي كذلك طرحهم لحزب شيوعي بغير المفهوم الشيوعي.
إن الشيوعيين يقدرون حق التقدير الدور التقدمي الذى يمكن أن تلعبه الفصائل الوطنية ويدعون علنا إلى ضرورة تأييد البروليتاريا لحركة التحرر الوطني للشعوب المضطهَدة لكن كل ذلك :" لا يعنى بالطبع أن على البروليتاريا تأييد كل حركة وطنية دائما وفى كل الحالات المعينة والملموسة إنما المقصود هو تأييد تلك الحركات الوطنية المتجهة إلى إضعاف الإستعمار إلى القضاء عليه لا إلى تقوية دعائمه والمحافظة عليه فقد تحدث حالات تدخل فيها الحركات الوطنية فى بعض البلدان المضطهَدة فى نزاع مع مصالح تطور الحركة البروليتارية و من المسلّم به فى مثل هذه الحالات أن لا مجال للكلام عن أي تأييد من جانب البروليتاريا" ( ص 97 –المسألة الوطنية – ستالين) .
ج- إنه من الضروري إذن فهم الأسباب الموضوعية والذاتية الكامنة وراء ضعف القوى الماركسية –اللينينية من جهة والعمل على تجاوز الوضع الهامشي من جهة ثانية ولن تتم عملية التجاوز هذه إلا على أساس المحاور التالية :
أ- محاربة التأثيرات الإصلاحية وخاصة منها تأثير التحريفية.
ب- إسترجاع الهوية الشيوعية الفعلية والتباين مع الطرح "البرجوازي الوطني" وخاصة مع الانظمة العربية المسماة زيفا وطنية .
ج- تبنى برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية والتقدم فى بناء النواتات الماركسية-اللينينية على أساسه.
فالمطلوب إذن هو :
1/ خوض الصراع حول البرنامج وجعله أداة عمل يومية وربط هذا الصراع بالصراع الطبقي والنضال الوطني اليوميين.
2/ ضبط خطط كفاحية واضحة تحكم بلورة البرنامج كبديل ملموس وتساهم فى دعم المنظمات الماركسية-اللينينية وترسى أسس التنسيق بين أهم القوى على درب تأسيس الحزب الماركسي-اللينيني فى أهم الاقطار العربية وتولى هذه الخطط كل الإهتمام إلى مسألة التخلص من الإصلاحية على المستوى الإيديولوجي والسياسي والتنظيمي وتتجه نحو إرساء أسس التحالف بين العمال والفلاحين بتوخى الأساليب الكفاحية كأسلوب رئيسي وتوظيف كل الأنشطة فى دعم هذا الأسلوب إعدادا لمرحلة انطلاق اول رصاصة برولتارية.
وتتم عملية التخلص من الإصلاحية وكسب جماهير الفلاحين فى علاقة وثيقة بالنضال ضد الأعداء المفضوحين وضد الإصلاحية المندسة والإنتهازية الدائرة فى فلكها ويتمحور النضال ضد الإمبريالية وعملائها حول جوهر البرنامج أي إعادة الإعتبار للمفهوم الوطني من جهة والديمقراطي من جهة ثانية وتعتبر هذه المحاور الرئيسية قاسما مشتركا بين القوى الماركسية-اللينينية التى تعتمدها فى صياغة الخطة المناسبة لوضعها الذاتي خاصة لأن التطور اللامتكافئ للصراع الطبقي وإختلاف الأوضاع الذاتية كمّا ونوعا فيما بين الأقطار وخاصة غياب الحزب الماركسية-اللينينية الموحد حاليا ، وهو أداة منفذة للصراع الطبقي ، إن كل ذلك يفرض أشكالا متنوعة تنضوى كلها تحت أحكام إستعمال البرنامج فى الصراع اليومي والتقدم فى البناء على أساس إستراتيجي.
ويترجم ذلك فى النشاط اليومي بحشد القوى المعادية للإمبريالية والإمبريالية الإشتراكية وعملائهما وتجنيد الطبقات الشعبية والمنظمات الجماهيرية ودفعها نحو التصادم مع الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية وإسقاط مخططاتها على المستوى السياسي والإقتصادي والإجتماعي من جهة والتقدم فى جعل البديل الوطني الديمقراطي بديلا جماهيريا تدافع عنه الجماهير بقوة السلاح.
إن جماهير الإنتفاضة ما إنفكت تؤكد صحة المطالب الواردة فى البرنامج كما سبق للشعب العربي أن عبر من خلال نضالاته عن تطلعاته إلى مجتمع جديد مجتمع ديمقراطي شعبي تقام فيه سلطة العمال والفلاحين وباقى الطبقات الشعبية.
ومن أجل صيانة الجماهير فى فلسطين من النكبات وحتى تقطف بنفسها ثمار نضالاتها لا بد من إيجاد النواة الماركسية-اللينينية المبنية على أساس برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية ولا يمكن لهذه النواة أن تنمو و تتعزز إلا من خلال إعادة الإعتبار لبرنامج التحرير ومواجهة برنامج التسوية وهي مهمة مشتركة لكافة القوى الماركسية-اللينينية والوطنية عموما فى الوطن العربي.
ويتم ذلك ب:
1- بتجنيد الجماهير العربية فى إتجاه محاصرة قيادة م. ت.ف.الحالية وفضح برامجها المرحلية والقرارات التى إتخذتها فى المجالس الوطنية المتعارضة مع الميثاق.
2- طرح إعادة النظر فى برنامج المنظمة وتركيبتها الطبقية بما يتماشى وطموحات الشعب العربي وفى إتجاه تبنى البديل الوطني الديمقراطي .
3- دفع الجماهير المنتفضة نحو ممارسة حرب الشعب كأسلوب أساسي للتحرير وتصدر القوى الماركسية-اللينينية هذه الممارسة لرسم الطريق الوحيد نحو التحرر.
إن هذه المحاور تظل التوجهات العامة التى لا بد من إتباعها فى إعادة بناء الحركة الماركسية –اللينينية وحركة التحرر الوطني عموما وهي توجهات تراعي الثوابت الشيوعية من جهة و طبيعة المجتمع العربي من جهة ثانية وتظل خاضعة إلى تعديلات وفق طاقات الماركسية –اللينينية وحسب تطور حركة الجماهير وهي مقترحات ندعو إلى تعميقها وبلورتها وذلك من خلال إحكام العمل قطريا وعربيا دون السقوط فى التصفوية أو الإقليمية ./.
(آب/ أوت 1988)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق